ج 66

360 36 22
                                    

ǁتبقى على مائدة الدماء ، يوم و ستة عشر ساعةǁ

وصلت للمستشفى بعد عناء طويل ، ففيه اِستقلت حافلتين للوصول و لكنها في الآن ذاته لم  تلاحظ أنها قضت عشرين نصف ساعة في الطريق. عقلها كان مشغولا تارةً بما إكتشفته جديدا عن الختم و تارة أخرى تفكر بـ(تشاد). مشت مسرعة حيث غرفة (تشاد) و حين كادت تلامس يدخا مقبض الباب لتسحبه لاحظت من خلال الزجاج الموجود في مقدمته أنه هناك من كان يجلس بجانبه (تشاد) و يبدى أنهما منغمسين في الحديث. تبين لها بعد أن حدقت مطولا أنه (ڤارال)، قفزت مبتعدة عن الباب ؛ آخر شخص تمنت أن يكون موجودا هو (فارال) ، فهي ليست مستعدة لنظراته التي تدب تأنيب الضمير و القلق في قلبها.

إختبئت في إحدى الممرات المطلة على غرفة (تشاد) و هي ترقب بتلهف مغادرته. لا بأس إن انتظرت ساعات هنا المهم أن لا تلتقي به.

"رين طفلتي"

التفتت (رين) خلفها لتشاهد صورة ضبابية لوالدتها و هي تنظر نحوها بعيون مجوفة و وجه مخيف. أخذت نفساً طويلا محاولة لم شتات نفسها و أفكارها.
"ما الذي جاء بك؟"
إقتربت والدتها منها لتستشعر (رينيه) موجة باردة قادمة نحوها جعلت جلدها يقشعر. وقالت: جاء بي!! لا يا عزيزتي لقد كنت دائما معك و مع كوزيت و والدكما..."
قاطعته بغضب: كفى ، مللنا من هرائك هذا لقد تخليت هنا لأجل أكاذيب لا نحتاج لها.
جرى صمت لا يتجاوز الثانيه بينهما لتقول أمها: ليست أكاذيب فذلك اليوم سيأتي ، أنه يوم مهيب لقد ألهمني سيد الختم ذلك هو سيسبب دمارا هائلا هنا و أنا بتضحيتي هذه سأضمن نجاة عائلتنا يا حبيبتي و لكنني أحتاج كذلك تضحيتكم أنتم الثلاثة لنجتمع معا مجدداً مثل...

وقبل أن تكمل كلامها شاهدت ابنتها تحمل حقيبتها و تمشى مسرعة و هي تقول : في أحلامك الواهية فقط.

مشت مسرعة و هي تردد في عقلها ألا تستمع لما قالته والدتها إلا أنها و في غمضة عين دهشت لنفسها و ذراعي (ڤارال) تسندانها من أن تقع. شهقت واضعة يدها على قلبها و عيونها مفتوحة ناظرةً لوجهه الذي بدى عليه الاستغراب.
"هل أنتِ بخير!؟"
داهنت الإبتسام : نعم إنني كذلك.
أدخل كفيه في جيوب بنطاله: يبدو و كأنك شاهدت أمك.
بذهول حدقت فيه: كيف عرفت!؟.
"لأنك لا تهربين مهرولة بهذه السرعة إلا حين تلمحينني أو تلمحين والدتك".
أنزلت بصرها للأسفل فهي حرفيا لم تعرف كيف تصرف نفسها في هذا الموقف المحرج إلا أنها لحظته يربت على رأسها و يقول: لا بأس .. اعتني بنفسك. ليغادر و عيونها ملصقة في هيئته المهيبة و هو يعبر مغادراً.
***
أنتظرت وصول (كريس) و قلبها مضطرب النبض، كيف لا و في عقلها تقفز فكرة مجنونة عن ماهية والدتها.
أيعقل؟ أيعقل أنها كما تظن، لا فهذا  محال و يكاد يكون من ضرب الخيال. مسحت دموعها التي بللت كمها بالكامل ، أي كان ما تظنه فذلك الرجل (فلاديمير) يعرف شيئا ما ، قلبها يحدثها بذلك.
بعد خمس دقائق كان (كريس) يقف منتظرا إياها عند مدخل المنزل و خلفه سيارته الرمادية من طراز فورد. مشت مسرعة نحوه لترتمي في حضنه باكية و الحيرة و الذهول ترتسم في وجهه إثر ذلك.
"كايتلن ما الأمر يا عزيزتي؟"
"إنني خائفة على أمي يا كريس"
"ماذا تقصدين!"
رفعت رأسها له : فقط فلنذهب لهذا العنوان أرجوك.
***
كان الجو خانقا لها ، لقد شعرت بالدم يجري في خديها خجلا و هي تجلس و أمام ناظريها ذلك الشاب الذي تحبه بجنون. هو لم ينطق بشيء بعد أن ذهل بدخولها أما هي فقد ألقت التحية و سألته بكل استحياء عن صحته ليجيبها بأقصر كلمة بدت لها في التاريخ. "جيد"، أما الآن فهي تجهل بما يجب أن تقوله و لكن فجأة قفزت في عقلها والدته و لا تعلم كيف و لكنها قالت بكل ثقة.
"والدتك في خطر"
التفت لها بعجب: ماذا!
"أعلم أن ما سأقوله يبدو ضربا من الخيال و لكنني التقيت بوالدتك و استشعرت هالة غريبة منها و بعد أن بحثت في الأمر تبين لي..."

سكتت حين شاهدته قد قرب وجهه المذهول و المنصت لها بكل ما تعنيه الكلمة. "أكملي يا رينيه". أخذت نفسا ، و أردفت لكلامها السابق: إن أمك من المحتمل أن تكون جزءا من الختم.
أرخى كتفيه كمن وقع عليه خبرٌ مهول ، و قد كان كذلك حرفيا فكيف سيتعامل مع الأمر لو كان كلامها صحيحاً.
"تشاد"
نظر لها بصعوبة و قد كانت قد قربت وجهها نحوه و قالت بإبتسامة: أنا لست متأكدة بعد لذا..
"لا تكذبي"
زمت شفتيها بضيق حين قال: تبدين لك أنك واثقة مئة بالمئة لا تحاولي أن تكذبي علي فقط لتشعرينني بالإطمئنان ، لا أريد ذلك.

فركت يديها بتوتر لتفاجئ بيده تقبض على يدها، ذعرت و نظرة له بعيون مفتوحة و قلبها ينبض لدرجة أنها خافت أن يسمعه. قال بنبرة هادئة: شكرا لإخباري.
أومأت برأسها فعقلها كان مشوشا و وجهها كان أحمراً، قامت لتغادر فسمعته يقول: أمغادرة بهذه السرعة!. و لكنها مجددا لم ترد بل تابعت مشيها فقد حذفت الكلمات و طرق الرد من عقلها.
***
"هذا هو العنوان"
هزت رأسها إيجاباً و نزلت لينزل معها ممسكا بيدها مسانداً. وقفا أمام الباب بعد رن الجرس ليخرج رجل أسمر البشرة ذا بنية ضخمه و نظر لهما بعيون فاحصة.
"هل السيد أرنوفيسكي موجود؟ أخبره أن إبنة مارلين بايتنيتو تريد مقابلته"
تنبه الرجل للاسم و إنزاح من عند المدخل ليشير لهما بالدخول: تفضلا لغرفة الضيوف سأنادي سيدي حالاً.
***
كانت الساعة العاشرة و النصف ، جلس (آيس) في مكتب والده و بجانبه يقف (بلاين) بترقب.
مد (آيس) قدميه: ما بك؟ هيا أجلس و أرح نفسك.
"أريح نفسي هل تظن بأن والدك سيعيرنا ملفات إختفاء الفتيات ببساطة؟"
"فالنأمل ذلك"
"نأمل! قلت أننا لن نخرج من مكتبه إلا و معنا المعلومات التي نريدها"
"حسنا حسنا.. و لكن لا أفهم لما لا نستجوب روبيرتو إذا كنت تشك في أنه هو وراء هذه الجرائم"
"لأنه إختفى أيه الذكي"
"أتساءل فيما يفكر فيه"
***

يتبع

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن