ج 23

898 50 11
                                    

تم نقل السيدة (ستوم) للمستشفى بعد أن سقطت مغمى عليها و غادر معها (يلموك) و الذي بدى حزينا تحيطه هالة من الألم و الندم. وقفت (كايتلن) تنظر لنهاية الطريق الذي غادرت فيه سيارة الإسعاف و قد كانت شاردة الذهن.

"مرت دقيقتان". التفتت لـ(كريس) الذي إنضم لها من حيث لا تدري فقد أختفى حين جاء رجال الإسعاف و ظنته قد غادر دون أن يقول شيئاً. "أين أختفيت؟". إبتسم و هو يتأملها و رد ساخراً: هل قلقتِ علي؟. زمت شفتيها بخجل رافعة حاجبها لتبين له أنها لا تشعر بالإحراج من سخافته. "لا لم أقلق، و لتجب فحسب".

(كريس): للأسف لقد رفعت آمالي إذا.
(كايتلن): كريسسسس.

قهقه ليضع يده على كتفها و كأنه يحاول جذب إنتباهها ثم أشار لرواق الضيق بين منزل (يلموك) و جيرانهم ، وقال: كنت أتخلص من الأدلة. ضيقت حاجبيها و هي تنظر لعينيه السواداويين و اللذان يذكرانها بعيون المستذئبين التي تظهر في الأفلام. "عن أية أدلة تتحدث؟!.

(كريس): الأدلة التي قد تدين يلموك في تعذيب أمه.

أقشعرت لكلامه ، فهي تعلم أن ما حل بالسيدة (ستوم) بسبب إبنها و لكنها ما تزال جاهلة بالسبب الذي جعله يتصرف هكذا، أو الشعور الغريب الذي حل بها و جعلها تتصرف كشخص منوم مغناطيسيا لتقوم بإحرق قلادة السيدة (ستوم). "لقد قالت والدته أنك تخلصت من أحد  أجزاء الختم ، هذا غريب فعلاً!".

حدقت فيه بعيون قلقه و ردت بنبرة مهزوزة: وددت أن اسألها و أفهم ما تعنيه و لكن سلامتها أولى ، سأزورها بعد أن تتعافى لأستفسر مقصدها. قبض على يدها ليقودها لتمشي و هو يقول: لنزرها معا إذا. سحبت يدها و هي ترمقه بإنزعاج : و لم علينا أن نفعل ذلك؟. إبتسم تلك الإبتسامة الساخرة مجددا و رد بهدوء و هو يدخل يديه في جيوبه: لأننا كنا معها حين إنهارت.

(كايتلن): همم، وجهة نظر.
(كريس): هيا ، سأوصلك لمنزلك.

*****

مشت نحو الباب بعد أن كانت تحاول إنهاء لوحتها (الناسك و الفاتنة) و التي يفترض بها بيعها لرجل الأعمال الذي لا تعرف إسمه إلى الآن فقد التقته في حفلة الشاي التي أقامتها صديقتها المقربة (غيردا مازورني)  وهي مالكة أحد أهم دور الأزياء في برلين. أحالت المقبض بسرعة خوفا من أن يكون هناك خطب ما، و لكن ما وقعت عليه عينيها هالها صدمة لدرجة أنها لم تتمالك نفسها. أرتخى كتفيها و تراجعت للوراء و هي تضع كفها على فمها المرتجف و تلك الدموع اللؤلؤية تنساب من عينيها الرماديتين الذابلتين. تقدم الشابين منها الأول كان يتفحص كل شبر منها بقلق بينما أخذها الآخر في حضنه و هو يقول: لقد مر وقت طويل يا أمي.

إبتعد عنها و هو يمسح دمعتها بينما ظل الآخر في نظراته المتفحصة، تأملت الشاب الذي يمسح دموعها و قالت بنبرة صوت باكية: جايد!!، هل .. هل أنا أحلم. أحتضن (جايد) وجهها بكفيه و هو يبتسم إبتسامة عذبة: لا يا عزيزتي ، في الحقيقة أخبرنا كايتلن بأننا سنأتي لزيارتكم اليوم. انسل متوجها للوحتها بينما كانت هي و (تشاد) في نقاش بالأعين، فها هو طفلها الأكبر يقف أمامها متجمدا و كأنه هو أيضا لا يصدق ما يحدث أمامه، تقدمت نحوه مسرعة لتحتضنه و هي تقاوم البكاء بينما أسند هو رأسه في صدرها بوجه يحمل الكثير من المشاعر المختلطة و المريبة في الآن ذاته ، حسنا هذا لم شمل لم تحسب حسابه أبداً.

(جايد): لقد أصبحت مبدعة يا أمي .

التفتت إليه و هو يشير للوحة لتبادله بإبتسامة تحمل في طياتها الألم و الخيبة. " علي ذلك يا بني، فأنا سأبيعها لأحد رجال الأعمال". تأمل (تشاد) وجهها و قال بانزعاج: تبيعين اللوحات؟.

رفعت يدها و هي تضحك بتصنع محاولة تلطيف الجو ، و قالت: أوه إنها الثامنة و الربع ، عادة تعود كايتلن في هذا الوقت. تقدمت نحو المطبخ إلا أن تفاجئها بوقوف (تشاد) السريع أمامها جعلها تقف متسمرة. " فالتجيبيني يا أمي ، أعلم أنك لا تبيعين لوحاتك إلا لتوفير المال ، و لكنك لا تحتاجين له الآن ف..

"كفى". قاطعته و الحنق مرتسم على وجهها الجميل. أرجعت خصلات من شعرها للوراء و أردفت: هذه مشكلتي أنا لذا لا تقلقا.

(جايد): لا نقلق؟، أمي نحن عائلة ، ثم ما الذي حدث لينتهي بك الأمر أنت و كايتلن هنا. تجاهلته و نادت على (مولي) و هي تقول: مولي جهزي أطباق اللازانيا فتشاد و جايد سينضمان لنا للعشاء. ثم أحالت رأسها نحوهما ، و قالت: أنا سعيدة بزيارتكما لذا كفى حفرا فيما حدث في الماضي. نظرا لها و هي تمر متوجهة لغرفة الجلوس و حينما همت بالجلوس نادت عليهما ليشاركاها.

******

يتبع....

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن