ج 12

1K 58 10
                                    

الجو كان معتدلا و لكنه محمل في بعض الأحيان برياح باردة قادمة من مدينة هاتفيلد التي تبدو متجمدة في معظم الأوقات من السنة. أدار مقبض الباب بعنف لينسل داخلا و عيونه تفحص المكان عن وجودها ، فقد أقسم لنفسه لو أنها تحركت شبرا من المكان الذي ربطها فيه ، فإنه سينهال عليها بالضرب. وقف في منتصف الممر ينظر لباب غرفتها ، هو فعلا لا يريد خوض نقاش مملؤ بالصراخ معها ، لانه يعرف أنه سينتهي ببكائها و توسلها له بأن يرحمها لانها تحبه.

فتح الباب ببطئ لتقع عينه عليها ، ماتزال على سريرها مربوطة بإحكام ، شعرها البني مبعثر ليعطيها منظر المجانين ، و جهها الرقيق يحمل كدمات متفرقة هو و جسدها الضعيف بينما عيونها الرمادية مبللة كقطعة منديل في دلو ماء. نظرت له بخوف لتعض شفتها الجافة لينساب منها بضع قطرات من الدم.

"ي...لموك ، ب...بن..بني كيف..ف، كان". قاطعها بقوة بأن تخرس ، جلس على حافة السرير و عيونه البنية تفترسها حقداً، "أنا لست إبنك يا ستيلا فتوقفي عن مناداتي هكذا". لو لم يكن قلبها مفطورا بما فيه الكفاية لآلمتها كلماته هذه ، و لكنها موجوعة و مقهورة بما فيه الكفاية. قالت بصوتها المهزوز: أنت إبني ، فلذة كبدي أعجبك هذا أما لا. ضيق محجريه ليقرب وجهه ناحيتها و يقول بصوت حاد : أشش ، ماذا قلتِ الآن؟. نظرت ليديه لتظهر عروقه بشكل واضح ثم تمدد أصابعه لتصبح حادة كسكين مسنون.

قرب أصابعه المخيفة ناحيتها و همس بنبرة مخيفه جعلت (ستيلا) المسكينه ترتجف فزعا ، فهي تعرف أنها ستتلقي الآن بضع ضربات من هذه اليد المرعبة.

*******
"كايتلن العشاء جاهز". بضع طرقات من ( مولي) جعلتها ترد بتململ: سأنزل حالا. رفعت رأسها بألم ، لقد داهمها الصداع هذه المره مجددا. وقفت تنظر لوجهها المرهق ، كحل عينها إنساب جاعلا من شكلها كالباندا. أمسكت بالمناديل المزيلة للمكياح و بدأت بمسحه بسرعه و عقلها يدير شريط اللقاء بشقيقها مرارا و تكراراً. لن تسامحهما على ما حدث إطلاقا، هجرها هي و والدتها يعني أنهما فقدا ثقتها للأبد.

إنتهت لتنزل و عقلها يسرح في عالم آخر ، حتى أنها كادت تفقد توازنها في الدرج. " كايتلن عزيزتي أنظري جيدا حين تنزلين الدرج ، لا نريد إصابات". أزاحت الكرسي لتجلس عليه و هي تتأمل صحن اللازانيا، وقالت: حاضر. استمعت لأحاديث والدتها و (مولي) و زوجها ( أوليفر). أمها كانت تتحدث عن خطواتها الأخيرة في إنهاء أول لوحة لها ، بينما الزوجان يهنئانها و يحثانها لتواصل عملها.

"أمي .. لدي سؤال لك". وجهت (مارلين) عيونها التي تشعرك بالمودة نحو (كايتلن) ، و ردت: بالطبع عزيزتي، ماذا هناك؟. عقدت أصابعها : ماذا لو ظهر تشاد و جايد في حياتك مجددا ؟، ماذا لو ظهر أبي مجدداً؟ م... ماهي ردة فعلك، هل ستتقبلين وجودهم أم أنك نفيتهم من حياتك كما فعلت أنا.

لا شعوريا وضعت يدها على قلبها و ضيقت بصرها ، وقالت: لما نفيتهم يا آنسة ما ذنب شقيقيك و والدك ، ثم ما هذا السؤال الغريب. قامت من مقعدها بإنفعال: فالتجيبي فقط. صكت (مارلين) على أسنانها بضيق: لا ذنب لهم بما فعلته جدتك يا كايتلن طردها لنا و معاملتها السيئة ، ليس و كأن والدك أو شقيقيك هما من طلب منها فعل ذلك ، لذا لا يحق لك أن تقولي ذلك.

كتفت ذراعيها فشخص مثل ( كايتلن) من الصعب إقناعه حين يكون متمسكا بقرار ما. " أمي ، أنت تتصرفين كطفلة ساذجة ، و إنني أدرك أنك تسمعين إشاعات الناس حول أبي و هجره لك و عن عشيقته الساقطه ، دعيني أخبرك شيئا آخر لقد رأيت إبنيك الحبيبين هنا ، و هما ينعمان بحياة مثالية ، ليس و كأن لهما أما قلقة عليهما. أغلقت ( مارلين) أذنيها و قالت بصوت عالي منفعل و دموعها تنساب : كفى ، فالتتوقفي. ثم ذهبت تجري لمرسمها و بكاءها هو الصوت الوحيد في المنزل.

يتبع....

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن