ج 36

714 54 12
                                    

كانت تلك الأضواء القرمزية تضيء البهو العملاق و المظلم الذي يقع أسفل إحدى القلاع التاريخية في ميونيخ الباردة . الصمت كان اللحن الوحيد الذي بإمكانك الاصغاء إليه كما أن رائحة الرطوبة التي تتناغم بطريقة تجعل رأسك يشعر بالدوار إن قضيت وقتا طويلا فيه. فتحت (رودني) عينيها بفزع و هي تتذكر تفاصيل الكابوس المزعج الذي شهدته ، فكل ما تذكره في كابوسها المزعج هو دخولها بعد سهرة ممتعة مع أصدقائها في السينما. دلفت لغرفتها في ساعة متأخرة من الليل، و كل ما تذكرها في الدقائق الأولى بعد أن استلقت على سريرها هو وقوف شخص في إحدى الزوايا المظلمة من الغرفة و بجانبه يجلس كائن لم تلمحه لا هو ولا الشخص الذي من الظاهر أنه كلن يمسح على رأس ذلك الكائن الذي بدى في جلسته كالكلب.

تجرعت (رودني) و هي تقوم من سريرها ببطء و تحاول البحث عن هاتفها دون أن تشيح ببصرها عن الشيئين اللذان يقفان  في غرفتها. سمعت صوت حشرجة قادمة من ذلك الكائن، تلتها صوت زعقات في أنحاء الغرفة لصديقتها ( كوري). أخيرا قبضت على هاتفها و قلبها ينبض بسرعة و قوة جاعلا عينيها المرهقتين تبدوان في حالة من التشويش.

ضغطت على زر الفلاش في هاتفها ليضيء وميض قوي منه نحو الشخصين فيظهر لها زاوية فارغة قد وضعت عليها مزهرية من الخزف المزين و فيه زهور الراعي التي تتوزع عليها. دعكت عينيها و هي تبتسم باستهزاء على نفسها ، لما ظنت فجأة أن هناك من قد يقتحم غرفتها ، لعلها أسرفت في الشرب. أغلقت الفلاش و التفتت للخلف قاصدة تشغيل الإنارة ، رفعت يدها لتضغط على زر النور لتشعر فجأة بأنفاس ساخنة تضرب عنقها لتليها قرصة غريبة في رقبتها بقوة.

سقطت على الأرض و هي تحاول تبين ذلك الذي قام بحقنها لتو بشيء ما ، إلا أنها لم تستطع فقدرتها على الأدراك خارت ، لقد حقنت بمخدر و تلك الظلال التي ظنت أنها رأتها تقترب منها الآن.

*****

تأمل (فين) و هو يعيد تضميد جرح (كايتلن) بعد أن أنتهى من (كريس) الذي ما زال غائبا عن الوعي. مسحت (كريستا) العرق المتصبب من جبهة (فين) ، وقالت بعد أن اعتذرت مئة مرة ل(كايتلن) : هل يؤلمك كثيراً.
(كايتلن): لن أكذب و أقول لا.
(كريستا): أنا آسفة جدا.
(كايتلن): توقفي عن لوم نفسك يا كريستا ، الخطأ ليس خطأك أنا من توقفت بسبب ذلك الأمر الغريب.

تقدم (بلاين) منهما: و ما هو ذلك الأمر الغريب؟. وضعت يدها على رقبتها المصابة: شعرت بألم غريب فجأة في قلبي حينما كنا أنا و كريستا نحاول الهرب من الجامعة، ثم تلى ذلك الألم صوت مزعج في عقلي و بعدها هجم علي ذلك المجنون الحقير. التفت (بلاين) نحو (فين) الذي توقف فجأة من تنظيف الأدوات الطبية ، و قال بنبرته المستهزئة: أنت تتخيلن فقط.
(كايتلن): أنا واثقة أنني لم أكن أتخيل يا بلاين.

(كريستا): ربما كانت مجرد هلاوس بسبب الجو الذي شهدتيه لأول مره. نظرت للأسفل و هي تدرك أن ذلك الوجع لا يمكن أن يكون بسبب هلاوس فقط ، لقد كان حقيقاً.

و بدون علم مسبق رن الجرس بقوة لتذهب (كريستا) مندفعة لتفتحه ليظهر في وجهها (كوزيت) و (يلموك) بوجهه الخالي من التعابير كالعادة. "كوزي أين ذهبتي ايتها التافهه" احتضنتها بقوة ثم أبعدتها تتأكد من أنها لم تصب بأذى، و أكملت: فلتدخلا. أغلقت الباب ليأتيها سؤال من (يلموك): كريس هنا!. أومأت برأسها وتردف: لقد حدث الكثير في غيابكما. أحال (يلموك) ظهره ليغادر نحو الغرفة التي يرقد فيها (آيس) و (كريس). و في اللحظة التي وطأت فيها قدم (يلموك) لداخل الغرفة فاجأته قبضه (بلاين) و أطبقت على رقبته. " أين كنت". شهقت (كوزيت) و هي تشاهد (بلاين) على وشك أن يفور على حبيبها. شدت (كوزيت) ذراع (بلاين):كفى دعه ، لقد كان محطما بسبب اختفاء والدته. صك (بلاين) على اسنانه : أبتعدي ، هذا الوغد يحتاج أن يفهم أن عليه أن يتخطى مشاعره لإنقاذ هذه المدينة الهالكة. و أكمل: هل تظن أن برحيلك ستعود والدتك أيه الغبي. تأملت وجه (يلموك) المصدوم لتتابع شدها و هي تصرخ فيه : تبا لك يا بلاين. كانت (كايتلن) ، (كريستا) و (فين) كالتماثيل المندهشة و هي تشاهد هذا المشهد الذي لا تراه كل يوم.
"بلاين دعه وشأنه، فقط لأنه لا يفكر مثلك لا يعني أن ما تفعله أنت صحيح". التفت (بلاين) نحو محدثته و التي كانت (كايتلن) التي قررت التدخل أخيرا بعد أن شاهدت الدموع في عيون (كوزيت). " مشكلتكم أنكم تريدون مني الانضمام لكم و أنت لستم حتى بمسمى فريق ، كل فرد منكم يلهو في عالم وحده بدون هدف مشترك". إبتسم (بلاين) و قال: عجباً ، أهذه أنت فعلاً. أقتربت منه و أمسكته من ياقة قميصه و شدته نحوها: إذا كنت تريد أن تقوم بشيء يقوم به أي قائد فلتتوقف عن شد الناس من ياقاتهم يا جاكسون.

يتبع..
فوت+ كومنت

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن