ج 30

906 56 12
                                    

الجو كان مكتظا بالصراخ و النحيب ، السماء تلبدت بالغيوم السوداء و الرياح الباردة تعطف في الأرجاء. وقفت (كريستا) تنظر بقلق للمر الذي يقود نحو الحرم الجامعي و منه إلى مدخل كلية الآداب. "فالتتصلي ببلاين أو آيس". التفتت نحو (ڤين) و ردت و عينيها تتأملان وجهه الجاد، وقالت: إنها لا يردان و لكنني سأحاول مرة أخرى. قبضت على هاتفها بيد مرتجفة و هي تتخيل ما قد يحدث لـ(آيس) أو (كايتلن) ، لو حدث مكروه لهما فهي بالتأكيد لن تسامح نفسها.

جربت المرة الأولى و الثانية لتتبعها الثالثة و لكن لا رد ، قبضت على هاتفها بغضب و يأس و نظرت إلى (ڤين) الذي كان يمسك خريطته الغريبة تلك و يقلب في الهواء بإصبعه عليها ، و قد كان يستخدمها حين يريد أن يقتفي أثر أحد. " ڤين ، إنه لا يرد". رفع عينيه عن خريطته ليشاهد وجهها و هو يشع بالخيبة بينما تنهمر دموعها على خديها و هي تضغط مرارا و تكرارا على زر الأتصال.

"تبا ، ما هي مشكلة بلاين، لما لا يرد". فجأة لم تشعر بذراعي (ڤين) إلا و هو يحيطها بهما ليحتضنها مخففاً و هو يقول: فالتثقي بي هذه المره يا كريستا. رفعت رأسها نحوه بضيق و أردفت : لن أسامح نفسي لو حدث شيء لأصدقائي. مسح على شعرها بلطف: لا لن يحدث ، و الآن فالتتبعيني.

مشى متوجها نحو الحرم بخطوات حذرة و خلفه (كريستا) مباشرة. التفت نحوها وقال بصوت خافت: الخريطة تبين لي أن كايتلن و يلموك و كوزيت ليسوا في الجامعة بينما بلاين و آيس ما يزالان هنا. اومأت له برأسها ليردف: علينا أولا أن نعثر على بلاين و آيس مفهوم. زمت فمها و قالت بتردد: ح..حسنا.

قبض بقوة على يدها و عيونه السوداء تشع بالجدية و الحزم : مهما حدث إبقي قريبة مني. أغمضت عينيها بقوة ثم اومأت له برأسها إيجاباً. لن تنكر هذا و لكنها أحبت حين بدأ  يتصرف هكذا كأب خائف كالأيام التي عهدته عليها ، لذا فهي مذعنة الآن لـ(ڤين) أو زوج والدتها المتوفاة.

كانت الجامعة تعج بالمصابين الذين قاوموا لأجل أن ينجوا و بعض المستشعرين بينما هناك أثر لجزار واحد ، هكذا قالت (كريستا) لـ (ڤين). أخرج خريطته و بدأ بالبحث محاولا إقتفاء أثر (بلاين) و (آيس) إلى أن عثر عليهما ، التفت إلى (كريستا) و التي كانت تنظر للخريطة محاولة هي البحث كذلك عنهما.
(ڤين): هيا.
(كريستا): إلى أين أعثرت عليهما!؟.
(ڤين) : نعم إنهما في المكتبة.
(كريستا): المكتبة !، و لكنني لم ألحظ شيئا فيها!.

إبتسم لها و أردف: هذه خريطتي أنا يا كريستا ، أنا فقط من له الحق في أن أقتفي إلا إذا أعطيت أحدا الأذن بذلك ليستخدمها معي. أرجعت شعرها الأشقر للخلف و هي تقول بتذمر ممزوج بالغنج: ماذا عني مثلا. شاهدته يرمقها بحده وقال: أرى في عينيك التهور وليست مستعدا لأن أطلق العنان لك. نظرت أمامها بضيق: المكتبة على اليسار و أنا لست متهورة.

********

وضعه على إحدى الزوايا التي تتوارى عن الأنظار ، نظر إلى جرح صديقه بملامح غاضبة و حانقة. فالنزيف الذي أصيب به (آيس) في فخذه بدى غائرا و يحتاج عناية طبية بأقصى سرعة ممكنة. "إذهب لإنقاذ كايتلن، فأنا أعلم أنك تشتعل من الداخل لذلك". رفع (بلاين) حاجبه باستهزاء و رد: لا تتحدث بما لا تفقه و لا تكن غبيا ، علي الذهاب بك لـ(ڤين).

ضحك (آيس) و ضحكاته يتخللها الوجع ولكنه أسترسل: أنا مستشعر أيه المهبول لذا أنا أعرف أن...
قاطعه (بلاين) حين وضع يده على فمه و هو ينظر لناحية الباب بحده، ففهم (آيس) أن أحد ما قد دخل المكتبة. تحولت يد (بلاين) لشيء أسود حاد في نهاياته و مشى بحذر ناحية الخطوات التي دلفت المكتبة و كان على وشك تسديد ضربة قد ترسل متلقيها للموت إلا أن توقف حين شاهد علامات الفزع على (كريستا) و أمامها يقف (ڤين) مندهشا. "ظننت أنكما من أولئك المسوخ".

تقدمت (كريستا) منه و قالت و القلق ظاهر على عينيها: أين آيس. و قد كانت ممسكة بياقة قميصة الرمادي إلا أنه أبعد قبضتيها و قال بغضب: تبا يا كريستا، لقد وكلتك أن تخرجي كايتلن من الجامعة أهذا صعب . أرخت يديها بصدمة فهو محق ، هذا أقل ما كان بإمكانها فعله و ها قد فشلت فيه. تقدم (ڤين) و قال محدثا (بلاين): كفى يا بلاين، كايتلن ليست هنا و كذلك يلموك و كوزيت ، ألديك فكرة عن مكانهم. نفى (بلاين) برأسه و لكنه قال: إسمع  ، لقد فقد آيس الكثير من الدم هل يمكنك أن تتدبر أمره بينما أذهب أنا للبحث عن كايتلن.

اومأ (ڤين) برأسه ليتجاوزهما (بلاين)  مسرعا ناحية الباب بينما ذهبت (كريستا) تجري لتقع عينيها على (آيس) و هو على وشك أن يغمى عليه بسبب النزيف. وضعت يدها على فمها فقلبها كان يدق بسرعة، التفتت نحو (ڤين) و قالت بيأس: أنه ينزف بشدة يا ڤين. إقتربت منه و هي تمسح على خده و دموعها تنهار : آيس أيه الغبي فلتبقى معي. إرتجف جفنيه و لكنه لم يفتحهما بل قال بوهن: ك.. كريستا ، أنت هنا أخيراً. شاهدته يبتسم لها بألم إلا أن (ڤين) تقدم  و حمله بين ذراعيه و نظر لـ (كريستا) التي تبكي على حال (آيس) و قال: عليك تأمين الطريق لي يا كريستا سنذهب لعيادتي مفهوم. أخرجت المسدس الذي كان يحمله (ڤين) و تقدمته بينما هو يمشى خلفها حاملا (آيس) الفاقد للوعي.

*******

جرى بسرعة كالمجنون يبحث في كل مكان قد تكون فيه (كايتلن) ، تبا لما يحدث هذا الآن و ماذا لو أن مكروها أصابها ، هو بالتأكيد لن يسامح نفسه. كان يجري بسرعة أي جزار ، و هذا يعني أن الأنسان العادي سيشعر فقط بهبوب ريح غريبة بجانبه و لكن تلك الريح هيا مرور جزار بجانبه ، فسرعة الجزارين فائقة و مهولة.

وصل ناحية برج الإرستقراطيين السود ليرتطم فجأة بشخص مما سبب سقوطه لي ذلك الشخص ، نظر (بلاين) في وجه ذلك الجسم الذي سبب إرتطامه ليتبين له أنه (كريس). "قم فإن نفسي يكاد يتوقف. قام (بلاين) و وجهه يحمل ملامح الحيرة بينما عقله من الداخل مشوش. "ألن تمد يدك لي لتساعدني بعد أن أسقطني".  أحال (بلاين) وجهه لناحية الأخرى : أنت من سقط علي. قام (كريس) و هو ينفض الثلج عنه ، وقال: تبحث عن كايتلن صح. ظهرت ملامح الدهشة على (بلاين) و تقدم من محدثة ليقبض على قميصة بغضب: كيف تعرف؟ ، مهلا لعلكم أنتم من إختطفها. أبعده (كريس) و الضيق يتجلى على وجهه: عثرت على بقع دماء تعود لهما في الجامعة مما راودني الخوف في أن تكون في حال يرثى لها الآن ، و لكنها ليست في قصرنا صدقني فقد بحثت عنها هناك . إنهار (بلاين) على الأرض و هو يتذكر كلمة بقع الدم.

يتبع

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن