ج 45

607 49 19
                                    

خيبة الأمل من جهة و وجع مرضه من جهة كلها أوجاع ترقد في قلبه رافضة تركه و لو دقيقة. أدخل هاتفه في جيبه و توجه نحو سيارته ، لقد وعد (كايتلن) و والدته بأن يزورهما اليوم على الأفطار. كان الجو ما يزال غائما ولكنه أفضل مقارنة بالأمس. تنفس هواء الصباح البارد ، بالأمس وردته أخبار من مساعده (هانش) أن (ستيلا ستوم) في زنزانة قصر عائلته في (ميونيخ). " هذا يبدو شيئا من تدبير جدتي". هم لركوب مقعد السائق ولكن فجأة باغتته يد لتقبض معصمه فتفاداها بسرعة.

"لا يستطيع أحد مفاجئتك على ما يبدو، صباح الخير". نظرت نحوه بعيون لامعة و خدين محمرين بردا و خجلا، " بيتونيا .. ما الأمر؟". تلاشت الابتسامة من وجهها ، لقد أحست بخيبة من ردة فعله: أردت المجيء معك فقط.

"أنه أمر شخصي".

تراجعت خطوتين للخلف ، و قالت بنبرة مخنوقة: أمر شخصي!، لا يوجد بيننا أمور شخصية. ترجل لداخل السيارة و أسترسل بينما البرود على وجهه: قلت لك مئة مرة لا تربطي نفسك بي ، لست مهتما بك.

أدار محرك السيارة و غادر دون أن ينظر لوجهها الذي أحمر صدمةً ، لقد تعودت نوعا ما أسلوبه الجاف ، و لكنها ظنت أنه قد يتغير و أن بقاءه بهذا الاسلوب هو أمر مؤقت فسيميل قلبه لها يوما ، كيف لا و هي ترفض طلبات الشباب من الأسر الراقية كل يوم بسببه و هي أجمل بنات عائلة (شتيجن) النبيلة و التي سكنت المدينة منذ قرون . " أنت لي يا تشاد ، شئت أم أبيت".

تدفقت الدماء في وجهها لتظهر عروقها ، أحمرت عينيها و أنطلقت بسرعة يملكها أي جزار خلف سيارة (تشاد).

******

"و آخر طبق هو السلطة مع حبات الجبن المملح و زيت الزيتون "
كتفت (مارلين) ذراعيها و هي تشاهد (كايتلن) التي كانت تعد الطاولة بحماس مشكوك فيه. " هذه المرة تبدين سعيدة بمجيء تشاد!".

مسحت يديها على قميصا الأسود الذي كان يحمل بعض لطخات الطعام ،
" ماذا تعنين؟ لقد كنت هكذا المرة السابقة".

جلست (مارلين) على الأريكة المطلة على الشارع ، و قالت و قد كان ظاهرا في وجهها أنها تفكر في شيء ما: لقد راودني كابوس بالأمس، رأيت فيه والدك و هو يبعدك عني و يأخذك نحو غرفة ضخمة و البخار يفوح منها، و قد كان هناك الكثير من الصراخ الممتزج بالتوسلات".

وضعت يدها على قلبها و أكملت : رأيتك تبكين و تطلبين مساعدتي و لكن والدك رمى بك في تلك الغرفة حينها رأيت الباب. جلست (كايتلن) بجانب والدتها و هي تحتضن يد أمها بين يديها ، " أمي أنه مجرد كابوس". نفت (مارلين) برأسها: بدى حقيقيا ، و لكنني رأيت الباب يا عزيزتي لقد نقش فيه رمز عائلتنا ، بايتينيتو.

على الصمت جو غرفة الجلوس و التي استغلت (مارلين) نهايتها في وضع طاولة الطعام المحفوفة بستة كراسي اشترتهم بعد أن باعت إحدى لوحاتها المتميزة. التفتت بعد أن تحجرت أطرافها إثر سماعها لكابوس أمها نحو الباب ، يبدو أنه ( تشاد). ربتت على كتف أمها متصنعة الإبتسام و مشت متوجهة للباب ، بدى و كأن ذلك الكابوس كتحذير لـ( كايتلن). قبل أن تهم بفتح الباب جاءتها رسالة من ( كريس) يخبرها أن عليها أن تأتي لمنزل ( فين) و لكنها أجلت الرد إلى ما بعد رحيل ( تشاد).

فتحت الباب لتشاهده بوجهه الوسيم مع بعض اللحية التي نبتت بعشوائية في ذقنه و لكنه كان يحمل الضعف و علامات الأرق في وجهه كذلك. بلا وعي مدت يدها و مسحت خده ، " اتأكل حتى؟!". ضحك و أمسك يدها ليشدها و يحتضنها بقوة ، سمعته يتمتم بخفوت ، " حمدا لله على سلامتك، ظننت أنني فقدتك للأبد ذلك اليوم".  ابتعدت و هي تنظر له بامتنان : لقد كنت متأكدةً أنك أنت من أنقذني فقد سمعت صوتك و الآن هيا فالتدخل.

تنحت ليدخل وحينها لمح والدته و هي تقترب منه و تطوقه بذراعيها ، إلا أن الابتسامة قد أختفت من وجهها .
- تشاد تبدو مرهقا يا بني ، هل أنت مريض و أين هو جايد؟
- أمي ... دعيه يتناول الإفطار أولاً قبل أن تمطريه بهذه الاسئلة
التفتت نحوها لترد ( مارلين) : معك حق. أمسكت أبنها من ذراعه و قادته لمائدة الإفطار.

*****

وقفت على مقربة من المنزل الذي شاهدت ( تشاد) يدخله ، شعرت بحرارة تسري في جلدها هذا يعني شيئا واحداً، أمسكت هاتفها و أرسلت لوالدها ،" عثرت على المستشعر الخامس".

***

يتبع+ توقعاتكم

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن