ج 38

655 44 12
                                    

وقف أمام الدرج الذي يقوده لطابق الثاني ، صوت الضحكات بدأت تتوضح إليه لقد كانت ضحكات طفلين و مما استوعبه عقله أنهما فتاة و فتى. ضيق عينيه يحاول استيعاب من هذين الزائرين في منزله . قال محدثا نفسه : أنت لن تعرف ما لم تذهب لترى بنفسك يا يلموك. وضع قدمه في الدرج و صعده بهدوء و رويه و كأنما يخاف أن يكسره. الضحكات كانت تعلو و تنخفض تارة ، لقد كان صوت الفتاة عاليا بينما ينهاها الفتى : صه ، ستكشفين أمرنا. تنفس ( يلموك) من فمه فقلبه بدأ ينبض بسرعه و يده ترتجف ، مدها ببطئ و فتح الباب بقوة ليشاهد أن لا أحد في الغرفة. جو المنزل كان غريبا ، هو يدرك انه ليس وحيدا ، ثمة شخص ما أو شيء بالأحرى يراقبه.

" أظهر نفسك ، هه أنا لست غبيا حتى لا أدرك وجودك أياً كنت". تلفت على جانبيه بسرعه فقد شعر بضيق في جو هذه الغرفة بالتحديد. ما تزال غرفة ( لولا) تجلب له الضيق و الحزن. فجأة سمع صوت الطفلين مجددا على الدرج يقفزان على الدرج ، و قد كانا يغنيان تلك الأغنية التي تبدو له مألوفه نوعا ما.

" البطل يقفز بطول سور الملك"
" يقفز و يقفز إلى أن يصل نحو القلعة"
"قلعة التنين عاليه عاليه عاليه"
" لكن البطل يقفز و يقفز ليصل للأميرة"

أمسك رأسه و صرخ بقوة : تبا ، يكفي هذا يكفي ، من هناك؟  مهلا أ.. ايعقل؟!. وضع يده على شعره البني المموج و أرجعه للوراء و هو يحاول ترتيب أفكاره ، أهناك من يحاول جعله يجن ، هذان الطفلان يبدوان كأنهما هو و شقيقته. خرج من الغرفة و عيونه موجهة مباشرة لدرج و كما توقع فلا أحد هناك.

" إما أنني بدأت أجن أو أن هناك من يعبث بذكرياتي". جلس على الدرج و هو ينظر بحزن لتلك الصورة التي تحوي تلك الذكرى التي لن ينساها ، صورة له مع والديه و شقيقته لولا التي كتنت تبلغ آنذاك ثلاث سنوات بينما كان هو في الخامسة و قد كانت نزهة ربيعية عند بحيرة وايت جون التي تقع في نهاية المدينة. مسح دموعه لكنه لم يستطع إمساك نفسه هذه المرة و إنهار يبكي بقوة و مرارة. " لماذا!! لما علي أن أمر بكل هذا ". فجأة سمع صوتا في الحمام ، كانت ضربات في حوض الاستحمام ، ضربات قوية و كأنما هناك شخص يقاوم الغرق ، الغرق!!. لماذا عساه يفكر في هذا الآن. جرى بسرعة نحو الحمام و فتحه بقوة لدرجة أن المنشقة المعلقة خلف الباب قد سقطت. كان الحوض خاليا من أي شيء حتى من وجود قطرة من الماء. تراجع للوراء و توسعت عيناه حين شاهد المرآة ، شخص ما قد كتب بالدم ، ( أنا أنتظرك في وايت جون يا يلموك).

من هذا الذي ينتظره هناك؟ ، ايعقل أنها والدته؟  أم أنها ( لولا)؟. أقترب من المرآة و تأمل الدم ، ما يزال حديثا. فجاة انغلق ضوء الحمام و سمع همسا مألوفا لـ( لولا) : أسرع يا أخي ، أسرع.

*******

أمسكت كيس الأغراض بإحكام و رفعت يدها لتضغط على الجرس و قبل أن يحدث ذلك داهمها ( يلموك) و هو يفتح الباب و قد بدى على عجلة من أمره ، تجاهلها و مر متجها لسيارة والدته إلا أن صوت ( كوزيت) أوقفه. " بحق الله أين أنت ذاهب في هذا الوقت ، الأرصاد تحذر بقدوم عاصفة".

التفت له و هو يرمي بجسده على المقعد : ليس لدي وقت لأضيعه يا كوزي ، لولا في خطر. فتحت فاهها بصدمة : ل..لولا!!! شقيقتك؟. اومأ برأسه و أدار محرك السيارة. " و لكنك تدرك أن لولا.. أنها". قاطعها وقال بغضب: لا ، أياك أن تجرؤين على قولها يا كوزيت ، لولا تنتظرني في وايت جون.

مشت مسرعة و فتحت بابه و حاولت شد قميصه ليخرج: أنت تتخيل يا عزيزي، أرجوك ترجل من السيارة ، وايت جون مكان خطر في هذه الأنواء. أبعد يدها بغضب و أنكس رأسه ليسنده على المقود: إذا كنت تحبينني فعلا يا كوزيت فعليك أن تصدقي ، لولا هناك إنها تنتظرني.

نظرت له بعيون متألمة و حزينة ، ما يفعله ( يلموك) خطر الذهاب في خضم العاصفة هو انتحار فعلي. فقدانه لعائلته جعلت منه شخصا منغلقا صعب المراس و لكن هل يخيل لها أن بدأ يجن ، لن تسمح بحدوث مكروه له فهو حبيبها بعد كل هذا. أومأت له برأسها و مشت لتركب بجانبه ، نظر لها بابتسامة تقدير و حرك السيارة نحو بحرية وايت جون.

توقعاتكم+ فوت💕

الختم ج١ | The Sealحيث تعيش القصص. اكتشف الآن