ابتلاءه رحمه

Start from the beginning
                                    

الكل كان شايفني مرحة ودمي خفيف، والحقيقة كان للأكل دور كبير هنا، وغالبا اصحابي منهم اللي شايفني واحده مش شاعره بالها بأي حاجة في الدنيا وعايشة في اللالالاند وتفكيرها كله في الاكل وبس، ومنهم اللي كانوا قالبنها فلسفة وبيطبقوا عليا نظرية إن البنات بتطلع غلها وكبتها وضيقتها وحزنها وأي حاجة ليها علاقة بالهم والغم والاكتئاب بإني بآكل وبس..
وطبعا الرأيين كانوا غلط، انا لا دي ولا دي، بس حقيقي الأكل كان بالنسبالي متعة وشغف والأدهش بقى إني ماليش في وقفة المطبخ اصلا يعني بحب آكل وبس 😃
بصي هقولك، شوفتي انتِ الناس اللي بتفضل تمدح وتتغنى بالقهوة وعشقهم ليها، ولا الناس اللي بتفضل تقول القراءة غذاء الروح وبلابلابلا
أنا بقى الأكل بالنسبالي كان غذاء مش بس للروح هو للمعده وللعين وللودن كمان مجرد بس السمع عن سيرة الأكل بلاقي عنيا طلعت قلوب ومعدتي حست بالدفا.. شيفاني ببالغ ؟! ابدا والله انا فعلا مش قادرة اوصلك باردو حبي للأكل كان واصل لأي درجة، وع فكره كنت شيفاها نعمة كبيرة من ربنا عليا خاصة وإني زي م قولتلك باكل أي حاجة مش شرط حاجة مكلفة أو غالية..
حاسة لا أنا متأكدة اني اخدت القصة لمسار تاني وقلبناها مطبخ 🙈
بس الأكل كان دوره في حياتي اكبر من أي حاجة تانية يُعتبر ف تخيلي مثلا بتكلم عن حبي للقراءة يمكن تعذريني وقتها بما إن اللي عرفته عنك إنك بتعشقي القراءه،
ارجع لقِصتي تاني ولحياتي واللي اتقلبت فجأة 180 درجة بوفاة والدتي المفاجئ!!
صعب عليا اقول الكلام دا بس فعليا مفيش حد فينا حس بأهمية سماع صوت أمي في الدنيا إلا بعد ما سابتها خالص..

مقدرش أقول اني كنت مقربة منها أوي، بس بعد زواج أختي الكبيرة قربنا كتير من بعض، أو دا اللي اكتشفته بعد م اتوفت!
اكتشفت إني تلقائي كنت أول م ادخل م باب البيت بلاقي نفسي بنادي عليها حتى لو مش عاوزه منها حاجة، بس هو فعل تلقائي مني وكنت بضحك لما ترد عليا ف اقولها مش عاوزه حاجة بس برخم عليكِ، متتخيليش كسرة القلب اللي حسيت بيها أول يوم اخرج من البيت فيه بعد وفاتها ومجرد م دخلت البيت لقيت نفسي تلقائي بنادي عليها، ولما مسمعتش صوتها حسيت بكسر وغصة في قلبي محدش يتخيلها وبكيت عليها أكتر من بكائي وقت وفاتها لأني ساعتها بس حسيت بقيمة نفس وصوت أمي في الدنيا.
تصدقي ان حتى والدي اللي كنت شايفاه قلبه قاسي جدا ومفيش حاجه تلين قلبه أول مره اشوفه بيبكي في حياته كان وقت وفاة والدتي خاصة انها زي م قولتلك اتوفت فجأة كانت عادتها بتصحى قبل الفجر بشوية تصلي وتقول أذكار وبعد شويه تصحينا وتصحي والدي نستعد لصلاة الفجر، وفي اليوم دا وبعد م صحينا للفجر دخل والدي للمكان اللي هي متعوده تصلي فيه خاصة انه فضل ينادي عليها كتير لقاها قاعده ع سجادة الصلاه والمصحف ع رجليها وسانده ع الكرسي اللي جانبها، افتكرها غفيت شويه راح يهزها علشان تصحى اكتشف وفاتها وطلعنا كلنا نجري ع صوته وهو بينادي عليها وبيقولها متروحيش وتسيبيني لوحدي!!
وقتها مش بس كان أول مره اشوف دموع والدي، لا كمان اتأكدت من مقولة ان الراجل طفل صغير، حسيت وقتها انه ولد صغير بيبكي أمه اللي مشيت وسابته،
ومن وقتها وكلنا انكسرنا، وفاتها كسرتنا وهدتنا كلنا، بيتنا بقى اللي يدخله يحس انه داخل مقبرة الناس اللي فيها أموات ومفيش فيهم أي حياة،
والدي بعد وفاتها قفل ع نفسه فتره مكانش بيكلم حد نهائي وكانت المره الوحيده باردو اللي اشوفه فيها بيعلي صوته ع عمتي لما كانت بتستهزأ بحالته، قالها اللي ماتت دي مش بس كانت مراتي دي كانت أمي والست اللي شالتني فوق دماغها سنين عمرها اللي قضته معايا ومهما كنت اعمل معاها عمرها م رفعت عنيها فيا ولا نيمتني ليله واحده وانا شايل منها..
أمي اللي لما قسمنا اللي هي كانت بتعمله علينا كلنا فشلنا فشل ذريع وكنا حاسين ان في حاجة ناقصة، أمي مش بس دورها كان طبخ وغسل ومسح ومكواه، دي كانت حرفيا شايلانا كلنا وفاتحه قلبها للكل،
حسينا وقتها بأهمية الرنه اللي كانت بتيجي ع الموب منها واحنا بره البيت وكنا نفضل نتأفف من رناتها ونرد عليها بكل بجاحة اننا اكيد مش هنطير ولا هنتخطف، بعد وفاتها حسينا فعلا باليتم وبقينا نبص ع موبايلنا ونترجاه يرن ونلاقي اسمها منور ع شاشته، بس للأسف اكتشافنا كل دا بعد ما راحت!!
ولأول مره تحصل في حياتي ان حاجه تمنعني عن اكتر متعة ليا في الحياة واتمنعت عن الأكل، وتخيلي إن رغم كدا زاد وزني ؟!

قصص واقعية (لهدير ابراهيم)Where stories live. Discover now