نشوى وصالح

169 19 5
                                    

في احد ارياف البصرة قديما كان احد الشيوخ يملك اراضي كثيرة يعمل بها فلاحون مقابل اجور زهيدة وبعض ما يزرعون ومن النخيل لهم حصة من التمر

وكان هذا الشيخ لديه بنت جميلة جدا ومدللـه واسمها (نشوى)
وكان هناك شابا يعمل فلاحا في احد اراضي الشيخ وكان هذا الشاب فقير الحال يعيش مع وآلدته ولكنه في احد الأيام رآى نشوى فهام بها حبا وكان يكتم حبه لها
وفي احد الأيام طلب الشاب من امه ان تخطب له بنت الشيخ فتفاجئت الأم وقالت له: ياولدي لا تنظر لمن هم اعلئ منك فنحن فقراء ولا يمكن ان يقبل الشيخ بتزويجك لأبنته
قال لها: جربي يا امي عسا ان يغير الله شيئا لم نكن نتوقعه
وافقت الأم ولكن بتردد ذهبت الى الشيخ وطلبت ابنته لولدها
الشيخ لم يشأ ان يكسر المرأة ويخجلها برفضه فقال لها: حسنا ولكن لدي كلام مع ولدك يجب ان نتفق عليه فعادت الأم واخبرت ولدها فذهب الى الشيخ
فقال له الشيخ: ازوجك نشوى بشروط اولاً تذهب الى المقبرة في ليلة لا يطلع فيها القمر أي مظلمة جدا وتثبت وتداً على احد القبور وسط المقبرة ثم تعود لنراه في اليوم التالي لنتأكد
قال الشاب(صالح): سأفعل ان شاء الله
وبعد ايام عند اختفاء القمر اخذ صالح الوتد الذي اعطاه له الشيخ وذهب به الى المقبرة ليلا مشيا على قدميه وقد كان الطريق بعيد والظلام حالك ولكنه أصر على أن يثبت للشيخ شجاعته وبعد مدة من الزمن وصل الى المقبرة وهو يسمع أصوات غريبه واصوات حيوانات ولكنه لم يعبأ بذلك فوصل الى القبر الذي اشار اليه الشيخ فوضع الوتد وبدأ بطرقه بكل قوته حتى ثبت بقوة وعندما نهض ليرجع احس بشيء امسك بملابسه ولكنه لم يميزه بسبب الظلام فبدأ بجر نفسه بقوة لعله يفلت ولكنه لم يستطع فأخذ نفس عميق وهدأ قليلا ثم امعن النظر جيدا وبدأ يتحسس واذا به يجد نفسه قد ثبتّ الوتّد على ملابسه وهذا كان ما امسك به فأخرج خنجره وقطع طرف ثوبه ثم مضى راجعا الى قريته ولكن بدأ الفجر بالبزوغ وقد كان اتفاق الشيخ معه ان يذهب في الظلام ويعود في الظلام فأسرع صالح بالعودة ووصل قبل الصباح وذهب مباشرة الى منزله وطلب من امه ان تذهب للشيخ وتقول له انه قد نفذ طلبه
وفعلا ذهبت الأم للشيخ وحدثته بما فعل ابنها فقال الشيخ: علينا التأكد من أنه حقا ثبّت الوتّد على القبر فأرسل الشيخ بعض خدمه ليتحققوا من ذلكَ ورجعوا اليه بالخبر اليقين بأن الوتد موجود فعلا فحاول الشيخ التملص من شرطه ولكن كيف؟
فبعث خلف صالح وعندما حظر صالح سأله الشيخ هل فعلاً انت من ثبّت الوتد في الظلام دون ان تواجه مشكلة
اجاب صالح: وهل لديك شك يا شيخ
قال الشيخ نعم
صالح: اذهب بنفسك وتحقق من ذلك اذ اني ثبتّه فوق ملابسي بسبب الظلام الدامس
ولما ذهب الشيخ للمقبرة رأى قطعة القماش التي قطعت من ملابس صالح
فقال الشيخ: لقد خفت ياصالح
اجابه: نعم شيئا ما ولكني واجهت خوفي
قال الشيخ: انا اعتذر لا استطيع تزويجك لأبنتي لأنك تخاف
تضايق صالح ولكن لم يبدي ذلك للشيخ فقد عرف ان شرط الشيخ ماهو الا رفض منه لأنه فلاح فقير وهو شيخ ولكن البشر متساوون والأنسان يقاس بإخلاقه لا بماله فسكت صالح ورجع لأمه
وبعد أيام كانت نشوى تمشي في البستان فراق لها مكان جميل تحت نخلة ظليلة وجلست هناك تتأمل فأخذها النعاس ونامت واذا بحيّة تصعد على صدرها وهي نائمة فلما احست نشوى بثقل استيقظت لترى وجه الأفعى أمامها فصرخت صرخة قوية واغشي عليها من الخوف فجاء الناس على مصدر الصوت مسرعين فوجدوا نشوى مغمي عليها والافعى فوق صدرها فخافوا ان يحركوها فتلدغ نشوى فسمع صالح بذلك وجاء مسرعا ولما رأى الموقف جلب سعفة نخيل يابس واحرقه وبدأ يقربه للأفعى تارة وتارة يبعده فلما رأت الأفعى النار خافت وهربت فأسرعت النسوة نحو نشوى وحملنها الى بيتها
ولما عرف الشيخ بذلك بعث لصالح وشكره فقط ولكنه تجاهل مشاعر صالح نحو نشوى
وبعد تلك الحادثة سقط صالح طريح الفراش فقد اصابته الحمّى فخافت امه عليه كثيرا وذهبت الى الشيخ متوسلة به ليزوج نشوى لأبنها سكت الشيخ قليلا ثم دخلت نشوى التي سمعت الحديث وقالت لأبيها يبدو ان لي رأي في ذلك لعلي ارفض ولعلي اقبل قال ابيها: وماذا تقولين انتِ
اجابت نشوى: لا اعتقد ان صالح شابا يرفض لأنه شجاع وشهم واخلاقه ممتازة
قال الشيخ: ولكنه فقير فهل تستطيعين العيش معه
قالت: نعم
قال: حسنا انا ايضا نادم على ما فعلته به سابقا فهو نعم الرجل الذي يتكل عليه في المهمات الصعبة
ففرحت الأم كثيرا وذهبت تزف الخبر لأبنها ولما سمع بذلك بدأت صحته بالتحسن
ثم تزوجوا وعاشوا سعداء

 

حكايات اهلناWhere stories live. Discover now