البارت الخامس والعشرون
رماد القمر
بقلمى فاتن على
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تجلس فى تلك الغرفة المظلمة والتى لم يكن ظلمتها أشد من ظلمة قلبها عيونها لا تكف عن البكاء حتى جف دمعها وأحيطت بتلك الهالات السوداء
عندما تقترب منها تظنها قد تخطت أعوام وأعوام فى عمرها
تجلس على الفراش ضامة قدميها واضعة رأسها بين قدميها تغيب فى دنيا أخرى تتذكر يوم وفاة عماد
لقد سمعت الخبر صدفة فى ذلك اليوم لتركض دون توقف لا تتوقف إلا أمام ذلك المشهد الذى أدمى قلبها وأفقدها القدرة على الحركة لتسقط على الأرض أمامه تمد بيدها إليه تهتف بإسمه بصراخ ورجاء حتى إنقطع صوتها وهى تهذى بكلمات تقطع نياط القلب
رحل الحبيب ومعه فرحة القلب... رحل ومعه الروح ليبقى الجسد ميتا بلا روح... رحل بدون أن يذوق للسعادة من طعم فلم يتحمل قلبه السعادة
رفعت نهى رأسها تأخذ نفسا عميقا ودموعها تغرق وجهها المكتسى بحمرة وعيون منتفخة لا يظهر منها غير إنتفاخة فقط تتطلع أمامها للفراغ لتردد فى نفسها بألم
-ليه كدن... ليه مشيت... إستكترت عليا الفرحة والا بتعاقبنى... حرام عليك.... أنا مش قادرة أكمل من غيرك... عماد إرجعلى... يارب يكون كابوس
******************
فى اللحظات التى تهدم بها حياة وتتمزق قلوب هناك حياة تبنى وقلوب ترتوى بعشق إفتقدته لسنوات
تم عقد قران كل من حسن ولبنى ليتطلع كل منهم للآخر بنظرات عاشقة يتلقون التهانى من العائلتين ليرحل الجميع
تقف لبنى فى المنتصف حائرة لا تعلم ما الذى يجب عليها فعله حتى يقترب منها حسن بعيون تلمع بالعشق مسلطة عليها
مد حسن يده ينزع حجابها ببطء متعمدا لمسها ليشعر، بإرتعاشة جسدها بين يديه
يقوم بفرد شعرها ليكون كشلالات الظلام التى تكسو ظهرها فتبدو وكأنها حورية من الجنة ليقترب منها لا إراديا حتى إلتصق بها ليشعر بحرارة جسدها اللين ليقوم بلف خصلة من شعرها حول يده ليقوم بإستنشاقها بإستمتاع
ترفع لبنى وجهها لتتقابل الأعين لتخفض عينها سريعا عقب رؤية عيناه مغشية بالرغبة
حاولت لبنى الحديث ولكن كان صوتها يخونها فى كل مرة لتنجح فى النهاية مرددة فى النهاية
- أحضرلك العشا
يطلق حسن ضحكاته الرجولية التى خطفت قلبها ليردد بإستنكار
- عشى.... ما أحنا كلنا كتير ايه اللى إتغير..... حان وقت العمل
يردد كلمته الأخيرة وهو ينحنى بجذعه ليقوم بحملها بين يديه لتصدر شهقة منها
يتطلع لها حسن بإبتسامة ماكرة مرددا بمرح
- إيه إحنا لسة بنسخن.... شكلك هتتعبينى
تطلق لبنى ضحكاتها وهى تلف ذراعية حول رقبته لتردد بمرح
- ايه ده فين الشيخ حسن المحترم
يقوم حسن برفعها لتصبح ملاصقة له ليردد بتأكيد
-لا ما أنا فعلا محترم ومؤدب إلا مع مراتى.... وبعدين إحنا هنقضيها رغى رغى... هيا بنا نعمل فى صمت
يدلف بها إلى غرفة النوم وليقوم بإغلاقها بقدمه
( يالا بينا نقفل باب الشقة ونمشى من سكات)
****************
تتكور فى فراشها متخذة وضع الجنين دموعها تسيل على وجنتيها بصمت لتغرق موضع رأسها تتطلع إلى الفراغ بلا هدف
يقوم خالد بفتح باب الغرفة ثم يدلف للداخل وهو يتطلع إليها بقلة حيلة يهز رأسه بيأس ليقف للحظات ثم يقترب منها بعد أخذ نفس عميق
يجلس خالد بجوارها على الفراش ليقوم بمسح دموعها تلك التى تذرفها بسخاء مرددا بألم
-كفاية بقى يا حبيبتى... تلات شهور وإنتى عالحالة دى.... تفتكرى إن عماد مبسوط بحالتك دى...أنا عارف إن علاقتك كانت قوية بيه.... وحزنك عليه مش هينتهى... بس لازم تقاومى عشان خاطر بنتك.... مسك بقت حالتها وحشة أوى وكمان مستواها بقى فى النازل
تعتدل يسرا فى جلستها وهى تتطلع له لتنفجر فجأة فى نوبة من للبكاء يقطع تياط قلبه مرددة بهستيرية
- مش قادرة يا خالد.... مش متخيلة حياتى من غير عماد... هكمل إزاى... هعيش إزاى... مش قادرة
هنا تنهار يسرا بين أحضان أخيها الذى دون شعور منه يذرف الدموع هو الآخر ففقدان أخيهم ليس بالسهل عليهم
******************
تغيرت ملامحها لتتبدل تلك الإشراقة التى كانت تمملأ وجهها لقسمات حزن وتتبدل الإبتسامة لدموع لا تنتهى وإن كفت دموع العين دموع القلب لا تتوقف
تقوم بفتح كتابها تتصفح ورقاته دون وعى فكل صفحة تذكرها به... ذلك الإنسان الذى كان يمثل لها الدنيا فقد رحل لترحل معه الدنيا
لم تعرف للكسرة من من معنى إلا حين فقده لتقوم بغلق كتابها والدخول فى نوبة جديدة من البكاء
تدلف راندا لتشعر بتقطع نياط قلبها عقب رؤيتها لتلك الهيأة التى عليها مسك لتقوم بتكوير يديها وأخذ نفس عميق ثم تتوجه إليها وتجلس بجوارها مرددة بحنان
-ولحد إمته يا مسك هتفضلى مزعلة بابا
تنتبه مسك لتلك الكلامات لتستطيع شد إنتباهها كاملا الى الحديث لتنتفض مسك وتلتفت بكامل جسدها إلى راندا مرددة بخوف
- أنا يا طنط مزعلة بابا.... هو فين بابا سابنى ومشى
تربت راندا على كتفها مرددة بحنان
- حبيبتى فعلا بابا مات لكن بيحس بينا... يعنى هو حاسس بوجعك وبيتألم لدموعك... والأهم إنه زعلان لتأخرك ده فى الدراسة... مسك بابا كان أكتر حاجة مفرحاه تفوقك ليه تحرميه من الفرحة دى
تمسح مسك دموعها لتشرد للحظات وكأنها تحاول إستيعاب تلك الكلمات مرددة بتساؤل
- يعنى بابا بيحس بيا وسامعنى وشايفنى.... طب أنا عاوزة أشوفه
تشعر راندا بالألم من أجل تلك الطفلة التى فقدت أمانها لتردد بتأكيد وهى تحتضن مسك
- لو بطلتى عياط وفوقتى كده ورجعتى لمستواكى فى الدراسة هيفرح جدا وهييجى يزورك كتير فى الحلم
تومئ مسك برأسها وهى شاردة لتمسح عقبها دموعها ثم تحتضن راندا لتعدها أن تعود إلى حياتها من أجل والدها
على لسان راندا عارفة المهمة مش سهلة كنت بدعى ربنا إنى أنجح والحمد لله نجحت.... عارفة إنها كانت متعلقة بعماد جدا والموضوع كان مفاجأة للكل وصدمة لينا كلنا شلت تفكيرنا حتى نسينا نواسى أهم إتنين فى حياته وكان ليهم الحياة
********************
تمر السنوات بألمها على البعض، والتحللى بالصبر على البعض، بينما هناك من كانت حياته سعيدة تسير على ما يرام بالرغم من بعض الصعوبات بها
- عادت ريهام لعملها مرة أخرى وقد تخرج أولادها أحدهم من كلية التربية والأخرى من كلية الآداب
-كانت الحياة بين خلود ووليد مستقرة كما كانت الأم المثالية للمار ما كان يؤرقها هى المحاولات الدائمة لأخت وليد فى صنع الأزمات ما بين لمار وخلود لتتمكن خلود فى كل مرة بإجتياز الأمر
- تخرجت لمار من كلية الهندسة وقد حصلت على بطولة الجمهورية لخمس مرات فى الجمباز لتعتزل فور إلتحاقها بالجامعة... بينما أخواتها إحداهم فى كلية الحقوق والآخر فى كلية الألسن
- أنجب أحمد إبنة أخرى ليكون لديه ولد وبنتان كما كانت مريم هى المتحكم الأول والأخير فى المنزل... توفت والدته وتطلقت أخته أمل لتشعر أنه ذنب يسرا وبالرغم من أنه قد شعوره بالذنب فى بعض اللحظات ولكنه لم يسعى ولو لمرة واحدة لإصلاح ما إقترفه من ذنب
- مازالت نرمين تمتلك تلك النظرة الحقودة ليسرا وكانت دائمة الخلاف مع مسك التى تفضل إجتنابها بالكامل تخرج إبنها آدم من معهد التكنولوجيا وإبنتها حصلت على ثانوية فنية لتستطيع زرع الكره فى قلوبهم والحقد من ناحية مسك ووالدتها
- كانت راندا تمتلك الروح الطيبة وكانت الداعم لمسك كما إرتبطت أبناؤها بمسك إرتباط قوية لتنشأ صداقة ما بين إبنتها الكبرى ومسك
- إستطاع خالد بتكوين مركز للتخاطب وتعديل السلوك وتنميته وقد ذاع صيته
- حافظت نهى على ذكرى عماد لتحتفظ بحزنها فى قلبها وتحتضن إبنها وتقوم بتربيته ليلتحق بكلية الهندسة فكان نعم الإبن البار بها كما تربطه بمسك رابطة صداقه قوية
- دفنت حزنها فى قلبها ليرتسم على وجهها إبتسامة باهتة حتى تستطيع التخطى بإبنتها إلى بر الأمان لترفض الزواج مرة أخرى رفضا قاطعا لتعمل بجد وإجتهاد لتترقى فى عملها لتصير مديرة المكتب
- حافظت على إجتهادها لتكون دائما فى المركز الأول لتستطيع أن تلتحق بكلية الطب والحصول على تقدي إمتياز فى كل سنواتها فهى فى السنة الخامسة
تربطها رابطة صداقة مع يونس بالرغم من موقفها العدائي لأى رجل فهى لن تستطيع نسيان أن والدها رفض وجودها لمجرد أنها أنثى... كما أنه لم يحاول أن يسأل عنها ولو لمرة واحدة كما أنه رفض دفع أى نقود إليها
هكذا تنتقل الحياة بأبطالنا إلى جيل جديد
يا ترى كل واحد فيهم هيعمل إيه فى حياته
تابعونى فى الفصول القادمة