الفصل الرابع والخمسون ( الكل يخسر)

Start from the beginning
                                    

وصل لأوج انفجاره، أصبح يتفوه بكلمات سيندم عليها حين يعود لوعيه، ولكن الندم لم يمنع نوبته أن تدفعه يقول بابتسامة:
لو كل الخساير زي خسارتك فأنا متقبلها عادي، وأنتِ أكتر خسارة أنا سعيد بيها يا ملك... أنتِ جبانة والجبان اللي زيك يستاهل كل اللي يحصله
ولو خايفة على نفسك فعلا دلوقتي، امشي اطلعي برا.
لم تتردد لحظة واحدة في أن تصفعه، وكأن عينيها شرارتين، فعلتها دون ذرة تفكير واحدة بل وفي أكثر الأوقات الخاطئة، في وقت نوبته الأكثر عنفًا لتعلنها بكل قوتها أنه دقت طبول الحرب بينهما

كانت فعلتها خاطئة، في هذا التوقيت تحديدًا، وبانت نتائجها حين دفعها، سقطت على الأرضية سقوطًا مؤلما جاهدت لتقوم منه سريعًا، وخشت على نفسها من ردة فعله القادمة فأتت لتهرول للخارج ولكن منعتها يده، حاولت التملص منه وهي تحذره محاولة استجماع قوتها:
ابعد عني، لو مبعدت...

بتر عبارتها بصراخه:
اسكتي
أغمضت عينيها بذعر، وهي تجاهد في الابتعاد عنه، وكأنها لم تتذكر إلا الآن فقط، أن في حالته هذه كان عليها تجنبه وليس صفعه، وخاصة حين تابع هو:
جاية تاخدي "قسمت" كوبري ؟
تناول هاتفه بعنف من على الطاولة وفتحه على قائمة المكالمات الفائتة لترى عدد المكالمات التي لم يرد عليها، كلها واردة من "قسمت"، وضعه أمام وجهها لترى وحين أبت النظر، صدم الهاتف بوجهها في حركة عدوانية وهو يقول:
ما تبصي.

تأوهت إثر اصطدام الهاتف بوجهها وخشت على نفسها أن تبقى لحظة إضافية واحدة، بينما هو تردد في أذنه جملته حين تلقى من " سهام" صفعة كهذه وكان رده بأن حاصر عنقها بسكين وهو يقول:
لا وبتمدي ايدك عليا كمان.

أسقط الواقفة أمامه على الأريكة قبل أن تفر، وتابع:
عملتها واحدة قبلك، وكانت السكينة على رقبتها في لحظتها

طالعته بإستنكار لكل حرف يتفوه به، كل ما تطوله يداه في هذه اللحظة يقوم بتكسيره، بداية من المقعد المجاور للأريكة والذي ركله بقدمه، حتى المزهرية التي تهشمت على الأرضية، كان الدور على زجاجة مشروبه المفضل والتي فتحها قبل قدومها بلحظات وبدون تردد سكب محتواها دفعة واحدة عليها، شهقت  بغير تصديق، وهي ترى إثر المشروب على ملابسها، وتشعر به على وجهها، كانت البداية ضربه لها بالهاتف في وجهها، والآن سكب المشروب وتبعهما جملته والتي بان في عينيه أنه قاصدًا كل حرفٍ فيها:
عايزاني أردك، حاضر أنا هردك دلوقتي.

لم تنتظر أكثر، ومسرعة انتهزت اللحظة التي غفلها،
و هرولت ناحية أقرب غرفة مفتوحة بعدما علمت أن خيار باب الخروج صعب لإغلاقه إياه، دخلت الغرفة وأغلقت بابها مسرعة، استندت بكامل ثقلها على الباب في محاولة لمنعه من فتحه إن أراد، كانت حقيبتها في الخارج ففقدت حتى محاولة مهاتفة " نصران" الذي أتت معه إلى هنا، أخبرتها شقيقتها أن "طاهر" علم مكان "عيسى" وسيذهب له، طلبت مرافقته إلى هناك، ظن "نصران" أنها محاولة منها لإصلاح ما أفسداه، فاصطحبها معه هو وابنه، وعند وصولهم طلبت منه أن تتحدث معه أولا بمفردها، لم يعترض حين رأى إصرارها، ولكن لو علم بما سيحدث في الأعلى لما تركها أبدًا، كان هذا يقينها الآن، انتظرت لحظات ثم استرقت السمع فلم تعد تسمع أي صوت في الخارج، انتهت نوبته، هذا أول ما أتى إلى رأسها، بالتأكيد هو الآن في حالة الاسترخاء وتذكر أفعاله قبل دقائق، مرحلة الندم على ما فعله بلا وعي منه، تلت الدقائق دقائق اخرى، بقت في الداخل ولكن صارت أكثر هدوءا، سمعت دقات على الباب، طالعت الباب بحذر، حتى سمعته يقول مطمئنا:
افتحي يا ملك، متخافيش.

وريث آل نصران Where stories live. Discover now