الفصل السابع عشر (الحقيقة أثمن من الذهب)

93.2K 4.6K 814
                                    

الفصل السابع عشر ( الحقيقة أثمن من الذهب)
#رواية_وريث_آل_نصران
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الأبشع من الحرمان من نعمة ما...هو سماع أصحابها يتحاكوا كم هي ممتعة!
فأسوء شعور يمر على فاقد حنان الوالد هو سماع أحدهم يحكي عن بطولات أبيه في إسعاده.
وأكثر إحساس مؤلم يمكن أن تعيشه امرأة متزوجة برجل جهل معاني الاهتمام هو وجودها في محيط يتحدثن فيه النساء عن أزواجهن الذين يتفننوا في إسعادهن.

ربما تعتاد الروح على نقص الحنان، الأمان والحياة ولكن الأكيد أن الألم قاتل حين يتحدث أحدهم عن مدى جمال هذه النعم... ليس ألم قاتل فقط بل مميت،
مميت إلى حد لا حد له.

حل الصمت واتخذت النظرات مكانها لتصبح هي المسيطرة الوحيدة، نظراتها المستغيثة تطلب منه نجدتها، ونظرات "باسم" المتشفية وهو يتنحى بعيدا عنها بعد أن كرر المشهد القديم حينما رأى "عيسى" مع "رزان" .... أما "عيسى" فلم تكن نظراته مفهومة بالنسبة لها، بعد أن ابتعد عنها "باسم" وجلس على الأريكة واضعا الساق فوق الآخرى ينتظر ردة الفعل وجد "عيسى" يتحرك ناحيتها، قبض على كفها وحثها على السير بكلمة واحدة:
امشي.

كانت قبضته تعتصر كفها، ولكنها لم تشك فهذه الكلمة طمأنتها، جعلت الأمان يعرف طريقه لها بعد هذه اللحظات السوداء التي عاشتها هنا في هذا المكان.
خرجا من الغرفة معا، كانت تتلاشي النظر ناحية هذا المكان، أعطاها الأمل صبر على صوت الضجيج المزعج الصادر من هنا، وبالفعل أصبحوا خارج المكان بأكمله، أتت لتتحدث ولكنه منعها حين فتح باب سيارته لها قائلا:
ادخلي.

وافقت ودخلت وعينها تطالعه ، كانت دقات قلبه في حرب، عيناه تنذر بانفجار وشيك، قطع هو تفحصها حين قال قبل أن يغلق باب السيارة:
نص ساعة وراجع.

تركها واتجه إلى الملهى مجددا قاصدا غرفة "رزان"، ليست خطوات بل بركان أوشك على الثوران، و دقات قلب تتسارع، فتح الباب فاستقام " باسم" واقفا يقول بضحك:
كنت عارف إنك هترجع... أنا مش عايزك تفهم غلط، دي واحدة قابلتها في الشارع وركبت، ولسه عارف حالا إنها تخصك، لما أول ما شافتك قالت اسمك وأنت خدتها وخرجت .
تصنع البراءة متابعا:
Really, I'm so sorry
محصلش أي حاجة على فكرة، أنا كنت مجرد ببدي إعجابي بس...
قاطع حديثه لكمة عنيفة لم يتوقعها أبدا، فالأمر بينهم منذ قديم الأزل لم يصل إلى التشابك سوى مرة واحدة قديما.
لم يكن مدركا لما حدث وسمع "عيسى" صائحا:
دي لا.

أدرك أنه في معركة معه، فبدأ يصوب اللكمات هو الآخر، "عيسى" يتفادى تارة، وهو يتفادى الضربة تارة آخري.... نشب عراك عنيف ولكن الأكيد أن غضب غريمه هذا ليس طبيعي بالمرة، وكأنه يخرج طاقة مخزنة بغير احساس... مكن شروده هذا "عيسى" من ضربه الضربة الأخيرة والتي أسقطته على الأريكة خلفه وهو يسمعه يقول بنبرة طعمها بشراسته الزائدة عن الحد:
دي مش "رزان" و لا حاجة هتتسابق عليها معايا... اخر واحدة تفكر تدخلها في حسابات بيني وبينك.
أطاح بمحتويات الطاولة، وأخذ يلهث بعنف ... اقترب من الباب ليغادر فاستقام "باسم" واقفا وقد أصبح السائد في الغرفة هو الفوضوية.
التفت "عيسى" منبها قبل رحيله:
متخليش الماضي يهف عليك.

وريث آل نصران Where stories live. Discover now