الفصل الخمسون (فراق)

ابدأ من البداية
                                    

تنهد "نور" بعد أن استمع لأقوال الجالس أمامه ثم قال:
قبل كده لما قولتلك تبلغ وتبعد عن كل حاجة اتضايقت، أنا كنت فاهم اللي أنت بتعمله، عايز تفضل شوكة في ضهره، طول الوقت واقفله وبتبوظ خططه، حتى ملك خدتها منه يعني اللي عمل علشانها كل ده هو عايش كل يوم بحسرته إنها مع حد تاني، لكن ده مكانش هينفع يا عيسى وأنا ساعتها حذرتك منه
بان حرصه عليه في نبرته وهو يتابع:
كل حاجة في حياتك أولى بالوقت اللي ضاع مع شاكر، احنا كنا بنشتغل على إن طاقة الغضب اللي جواك مش هي اللي تتحكم فيك، أنت اللي تسوقها على الأقل علشان نفسك، وعلشان منوصلش للنقطة اللي احنا فيها دي

قاطعه "عيسى" يوضح ما لم يستطع البوح به من قبل لزوجته:
وأنا عملت ده، أنا قبل كل ده ما يحصل ، قولت لملك إني هبعد عن كل حاجة، أنا لما جيت عيادتك كان علشان ملك قبل ما يكون علشاني، علشان ماتسببش لحظة في إني أبقى واجعها، لما فكرت في حياة هادية ارتاح فيها بعيد عن كل حاجة كان علشانها قبل نفسي، أنا مكانش يفرق معايا أي استقرار أصلا قبلها، وده مش فضل مني عليها ده حقها، أنا مع ملك حسيت بعيسى اللي اتحرمت منه سنين،
وزاد وجعه وهو يقول بألم:
مقدرتش أقولها إني خذلتها، حتى مقدرتش أقولها إنه كان غصب عني، لما شوفته يومها حسيت إني شايف فريد بيروح قصادي تاني، لما شوفت الكلب على إيد بشير، مبقتش داري بأي حاجة إلا إني جوايا كتير أوي عايز يطلع، نسيت كل حاجة إلا إني أعمل اللي عملته علشان أخلص ونفضها بقى، أنا حتى دلوقتي معرفش هو عايش ولا ميت بس أنا حاسس إنه عايش
ابتلع غصة مريرة في حلقه وهتف بحزن:
أنا زعلان من نفسي إني خلفت وعدي معاها غصب عني، وزعلان منها علشان حسيت في لحظة إنها خايفة عليها هي بس، مش عايزة تجرب مرارة إنها تخسر حد تاني، ومش مهم أنا حاسس بإيه، المهم عيسى ميعملش كذا علشان ملك تفضل كويسة، لأنه لو عمل كده ملك مش هتبقى كويسة، أنا مش قادر ومش عايز افكر في حاجة، هما حتى مش سامحين ليا أعرف حاجة، قوم روح يا "نور".
أنهى جلستهما بقوله الأخير الذي بان فيه مدى تعبه وأوجاعه، وحدثه " نور" بهدوء:
أنا هتكلم مع الدكتور بتاعك هنا، وهكتبلك دوا، ياريت تنتظم عليه الفترة دي حتى لو هيخليك تنام كتير، أو يهمدك
استقام واقفًا وربت على كتفه وهو يتابع:
ردود الأفعال الباردة أو المبالغ فيها دواك اللي كنت بتاخده بيساهم فيها بنسبة كبيرة، وده زي ما قولتلك من عيوبه، لو حسيت انك مش قادر خد نص الجرعة من الجديد مش كلها، و متفكرش في حاجة حتى لو ردة فعلك مش مناسبة للي حاصل، ارتاح بس، وألف سلامة عليك.
قال جملته الأخيرة بابتسامة قبل أن يرحل ويتركه هائما على وجهه، يتقلب بين أوجاعه وأفكاره ولا يرحمه أحد.

★***★***★***★***★***★***★***★***★***★

_ ردت يا مريم؟
كان هذا سؤال "هادية" سألته بلهفة وهي تدخل إلى غرفة ابنتها الصغرى، انتظرت الإجابة على أحر من الجمر وبالفعل أرضت ابنتها فضولها قائلة:
ردت بس حساها مش كويسة، مخبية حاجة، وبعدين يا ماما أنا مش فاهمة إصرار الحاج نصران إن محدش يروح المستشفى،
حرام كده، وأكيد هي محتاجة حد جنبها

وريث آل نصران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن