الفصل التاسع والأربعون (بالتأكيد هذا كذب)

Start from the beginning
                                    

وقبل أن ترد عليها دافعت شقيقتها:
ثانية كده، أنتِ بتتكلمي معاها كده ليه أصلا،
تنام وتصحى وقت ما تحب، بيت ده ولا مدرسة؟
جاوبتها سهام بابتسامة صفراء:
ياريت تخليكي في حالك.

_ مش لما تبقي في حالك أنتِ الأول يا أم جوزي.
طالعتها سهام باستنكار وأكملت شهد تحث شقيقتها:
نامي واصحي وقت ما تحبي، لو عايزة تطلعي تكملي للمغرب اطلعي.
أقوالها جعلت سهام تتخطاها وهي تدفعها عن قصد قائلة بضجر:
مش ممكن على التربية والوقاحة.
أثارت غضب شهد وقبل أن تفعل أي شيء ردعتها ملك:
سيبك منها، هي كده بحالات، ربنا يهدي.
ولم ينجح قول ملك في جعلها تسكن بل عبرت عن أمانيها بتحفز:
أنا الست دي لو حد سابني عليها هطلع
غيظي كله فيها، يعني يارب يوم ما أحب واحد تبقى أمه كده
ضحكت "ملك" بينما شقيقها تتابع:
يلا الحمد لله هعمل إيه يعني.
قطع حديثهما قدوم يزيد الذي رحب بشهد بسعادة:
بابا قالي إننا هنخرج النهارده سوا، أنتِ جاية تاخديني؟

_ لا أنا جاية أخد اختي في مشوار، الخروج لسه بالليل
صارحته بهذا وهي تحمله، ثم قبلت وجنتيه بحب فطلب منها:
طب العبي معايا الأول شوية وبعدين امشي.
لم تستطع إلا أن توافق، خرجت معه برفقة "ملك" إلى الحديقة، أحضر ألعابه وأهمهم الكرة، التي راح يقذفها لملك ثم لشهد، استمر لعبهم حتى وجه الكرة تجاه "شهد" فاصطدمت برأسها مما جعلها تتأوه عاليًا وتعالت ضحكات "ملك" فردت "شهد" عليهما:
والله ما هلعب معاكوا تاني، واحد يحدفها في دماغي، والتانية في بطني، أنا غلطانة إني جيت.
هرولا خلفها وهتف يزيد محاولا مراضتها:
استني بس.
وساندته "ملك" حين قالت:
اهو محدش عيل غيرك، استني بقى وبلاش كده.

قطع كل هذا قدوم أحدهم، دخل "باسم" بصحبة حارس البوابة، ليس ككل مرة، هذه المرة به شيء مريب، هناك في عينيه يكمن ربما حزن!
فكر سريعًا ثم سأل بهدوء:
هو طاهر هنا؟
هزت "شهد" رأسها نافية، وسألت "ملك" بقلق:
أنت بتسأل على طاهر ليه؟

تخطاهما حين سمع قول السيدة التي خرجت للتو:
خير حضرتك؟
كانت" سهام" وقد رأت من الشرفة قدوم هذا الغريب، طلب الانفراد بها أو بأحد أبنائها، فأخذته بعيدًا قليلا عنهم لتعلم ما الخطب:
خير حضرتك أنا والدة" طاهر"؟

ابتلع ريقه محاولًا التماسك وهو يستفسر:
هو انتوا عارفين "عيسى" فين؟

_ راح القاهرة، معرفش هيرجع النهارده ولا لا بس ممكن تقا..
قاطع حديثها يطلب منها:
طب كلميه كده.
راودها القلق حيال الأمر بأكمله بعد مقاطعته هذه فسألت بخوف:
هو في حاجة؟
كان من الصعب عليه إخبارها ولكن بمجرد أن قال ما عنده ضربت على صدرها بصدمة وصرخت في وجهه بغير تصديق:
أنت بتقول إيه؟... أنت جاي تهزر صح
أخرجت هاتفها وهي تجاهد للتحكم في ضربات قلبها السريعة وتتوعده:
أنا هتصل بيه وهخليه يرد عليك، ويعرفك إن السخافة دي تتعمل بينكم مش هنا
كانت تهاتف "عيسى" بقلب وجل وأتتها الصدمة التي سرقت أنفاسها هاتفه خارج نطاق الخدمة.
تكونت العبرات في عينيها وأشفق هو أثناء رؤيته لقناع شموخها الذي قابلته به قبل قليل يتبخر، بل إنها تتوسل الآن بدموع:
عيسى شاطر في السواقة، ده كان بيدخل سباقات وبيكسب فيها، أنت أكيد غلطان والله،
ثم ما إن تذكرت زوجها لطمت على وجهها هاتفة بانهيار:
أقول لأبوه إيه؟... ده يموت فيها
لم تكد تكمل حتى وجدت "ملك" من خلفهما تسأل بخوف:
في إيه يا طنط؟
ثم طالعت باسم تسأله وهي تكذب كل ظنونها:
هو عيسى كويس؟
لم يستطع أن يجاوبها، وكان هذا أكبر تأكيد لظنونها، ودعمه انهيار "سهام" التي كانت تبكي وتحاول جاهدة الاتصال به على الرغم من أن الإجابة ذاتها، تريد ملك قول أي شيء ولكن الصوت تم أسره داخلها، وكأن الأرض تميد بها، ولا يتردد في أذنها إلا آخر وعوده قبل رحيله بأن كل شيء سيمر، كل شيء سيصبح بخير، انضمت لهم شقيقتها وقبل أن تسأل سقطت" ملك" بين ذراعيها فاقدة للوعي، فاقدة لكل ما يجعلها تشعر أن سوء أصابه، هربت من الواقع، هربت من الكابوس القديم الذي يتكرر الآن أمام عينيها ولكنها كانت على يقين أنه ليس إلا هرب مؤقت.

وريث آل نصران Where stories live. Discover now