الفصل الخامس والأربعون (تخلى عنها لأجل والده)

Start from the beginning
                                    

بان الفرح على وجهها وهي تسأل بسعادة:
بجد؟
هز رأسه مؤكدًا، واسترسلت هي تقص عليه كيف ابتاعتها من أول مرتب تقاضته، والذي ظنت أنه بعد كل الأخطاء التي كان يستخرجها لها لن يتبقى منه شيء، ولكن كانت سعادتها لا توصف حين أخبرها بأنها كبداية أدت جيدا، ظلت تتحدث حتى انتهت إلى نقطة:
متعرفش كنت مبسوطة ازاي وأنا بجيبها، إحساس حلو لما تبقى بتجيب الحاجة بمجهودك كده
وفتحت حقيبتها وأخرجت منها كتاب صغير قدمته له مضيفة بفرح:
وجبت ده ليك.
السعادة في عينيها هذه جعلته يبتسم، وينتعش فؤاده فرحًا، أوقف السيارة في مكان مناسب وتناوله منها، توسط غلاف الكتاب من الخارج اسمه بلون أسود ثم فتحه ليجد به العديد من الأوراق التي يحب الكتابة عليها ولصقها على الجدران، والكثير من الطوابع البريدية المغرم بها، وأوراق متفرقة من جرائد قديمة فاتسعت ابتسامته، وصور لسيارات قديمة وحديثة، وأثناء تفحصه له بشغف سألته بلهفة للجواب:
عجبك؟ ... أنا عملته عند بنت بتعمل حاجات Handmade علشان أعرف أحطلك جواه كل الحاجات اللي بتحبها.
أغلقه ومسح على اسمه ومازالت ابتسامته تزين ثغره ثم طالعها قائلا:
تعرفي إن دي أحسن حاجة جاتلي في حياتي؟

_بجد؟
كانت ضحكتها الواسعة تعبر عن فرحتها وهز هو رأسه مؤكدا ثم عاد يطالع الدفتر من جديد بتأثر مضيفًا:
هو الأحسن منها نفسها، إنها جت منك أنتِ.
ثم ربت على كتفها مؤكدًا بفخر ضاعف ثقتها:
وأنا بجد فرحان بالكام خطوة اللي خدتيهم دول، فاكر أول مره قولتلك تشتغلي وخوفك من إنك تبقي مسؤولة عن حاجة، وإنك هتفشلي، لكن نجحتي أهو، صحيح بتطلعي عيني وغلطاتك كتير بس نجحتي،
وأشار ضاحكا على الساعة والدفتر بيده:
وادي فلوسك اهي
ثم مسح على وجنتها مرددًا بحنان:
وفرحتك اللي قولتيلي عنها من شوية علشان حاسة إنك اتقدمتي خطوة، وإحساس إنك جايبة ده بمجهودك وحماسك بيه، ده أكبر عندي من أي حاجة تانية.
أنهى حديثه وعاد لقيادة سيارته من جديد وهو يعلق مازحا على الأوراق المتواجدة بالدفتر وسيستطيع تثبيتها على الحائط:
فلتسعدي أيتها الجدران... "عيسى" قادم.
ضحكت على قوله وأكمل هو طريقه إلى وجهتهما التي لا تعرفها حتى الآن.

        ★***★***★***★***★***★***★**★

قررت الاستجابة بعد تفكير فيما قالته والدتها، كل ما قالته صحيح، هي غير قادرة على مواجهة مشكلتها معها هي قبل الآخرين، انتظرت "شهد" حتى تم السماح لها بالدخول إلى المعالج، بدا عليها التوتر وهي تجلس وتقول:
مساء الخير.
رد عليها وخفف حدة الأجواء بقوله المازح:
لا إيه التوتر ده، أول حاجة أي حد بيدخل هنا لازم يعملها إنه يبقى هادي، مش متوتر وعايز يقوم يجري.

طالعت الباب بالفعل وكأنها تفكر جديا في التراجع فحثها برفق:
اهدي أنا بهزر معاكي
طالعته بهدوء وأكمل هو:
محتاج أسمع منك، كل اللي عايزة تقوليه ومكنتيش بتقدري تقوليه قبل كده قوليه، اعتبري إنك بتواجهي نفسك وفرغي كل اللي جواكي.

وريث آل نصران Where stories live. Discover now