الفصل الثامن والثلاثون (الشرطة في منزله)

Mulai dari awal
                                    

_ إجابته صعبة أوي يا طاهر.
قالتها بمرارة شديدة زرعت الخوف في روحه من القادم ولكنه أصر على إكمال ما بدأه بقوله:
مش مهم، أنا عايز أسمعها.
لا مفر، وضعها في مأزق، ولن تستطيع الهرب، تعلم طاهر جيدا لن يصدق أي هراء، ينبغي عليها الآن التفوه بما يقبله عقله وإلا وقعت في فخ جديد وهو اتهامها بالكذب، ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تتحدث بألم:
أخويا عمل غلطة كبيرة زمان، كبيرة أوي حاولت أمنعه عنها بس عملها من ورايا، وبعد ما عملها اضطريت اداري عليه، خوفت علشان هو أخويا وكمان خوفت اتاخد بذنبه وأنا معملتش حاجة، زي ما أنت بتخاف على اخواتك بالظبط.

بهت وجه ابنها وهو يسأل ويتمنى ألا تكون الإجابة ضربة في مقتل:
عمل إيه؟
سحبت نفس عميق قبل أن تحاول إثارة عاطفته بقولها:
الكلام ده ميطلعش برانا احنا الاتنين، محدش من اخواتك يعرف علشان خاطري يا "طاهر".
هز رأسه معطيا تصريح بأن الحديث لن يعرفه أحد، وعلى الرغم من ذلك شعرت بانسحاب الأنفاس وقبضة مقيتة في فؤادها وهي تقول:
منصور ضحك عليه ووعده بحاجات كتير لو خلص على أم عيسى.
ذاهلا يطالعها بغير تصديق، كانت نظراته موجعة لها، إنه الشعور الأقسى على الإطلاق وهي تخبره بشيء هكذا وأكملت وعبراتها في سباق تقص عليه البقية، سمع استرسالها وما إن انتهت حتى سأل بابتسامة تنكر ما قيل:
ده مش بجد صح؟

_ كان غصب عني.
قالتها بحسرة رد عليها هو بنفور:
يعني إيه غصب عنك، في واحد معاشش العيشة اللي أنا واخواته عيشناها بسببك أنتِ يا ماما؟... أنا مش مصدق.

تناولت كفيه وهي تهتف بقهر:
والله العظيم حاولت أعوضه، حاولت أخليه يرجع كتير وهو صغير، قدامك وقدام ربنا عاملت فريد وحبيته أكتر ما حبيت عيالي اللي مخلفاهم، عملت كل حاجة في السنين اللي فاتت تخليني أكفر عن غلطتي دي، حط نفسك مكاني يا طاهر لحظة وخليك منصف.

_ أنا مش قادر أقول أي حاجة.
قالها بعينين حادتين واستقام واقفا فهرولت تمسك ذراعه وهي تقول بلوعة:
طاهر لا استنى... استنى نكمل كلام.
أبعد ذراعها وتابع طريقه فلحقت به، كان " عيسى" صاعدا إلى الأعلى حين لمحهما هكذا على الدرج فسأل باستغراب:
في إيه؟
لم ترد قول أي شيء حتى لا ينفعل طاهر وينتبه بقية من في المنزل، فقط مسكت بذراع ابنها من جديد:
علشان خاطري اصبر.
حرر ذراعه منها وتابع خطواته على الرغم من صوتها المتلهف لأي حرف منه:
طب قولي رايح فين.

_ في ستين داهية.
قالها بانفعال وما إن وصل إلى الأسفل حتى مسك عيسى بذراعه قائلا:
في إيه يا طاهر مش كده، تعالى نقعد نتكلم.
هذه اللحظة تحديدا الانكسار الذي لمحه عيسى في عينيه لم ير مثله عند طاهر أبدا إلا الآن، وكأن طاهر يحمل نفسه آثام أهل الأرض جميعا، تكونت الدموع في مقلتيه مما أصاب عيسى بالصدمة، ما الذي حل بأخيه لتصبح حالته هكذا وقبل أن يسأل كان طاهر اندفع نحو الخارج كالصاروخ ولم يفلح معه ملاحقة عيسى أبدا، لم يذهب ناحية سيارته ليتبعه بل عاد إلى الداخل لها يسألها بغلظة بعد أن جذبها إلى غرفة المكتب الخاصة بوالده:
عملتيه إيه...
قبل أن يكمل تمسكت هي بذراعه طالبة بنحيب وقد بان التوسل في نبرتها:
بالله عليك شوفه راح فين وروحله، طاهر عرف، قوله يرجع وأنا هعملك كل اللي أنت عايزه،
قطع حديثها شهقتها إثر البكاء وهي تكمل:
لو عايزني امشي من البيت ده خالص همشي بس اتكلم معاه، قوله أي حاجة.

وريث آل نصران Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang