الفصل الرابع والثلاثون (أعطاها ظهره)

Start from the beginning
                                    

باستهزاء شديد رد عليه الجالس أمامه:
ومين قالك إني جاي أفتح في القديم تاني؟... أنا جاي أنبهك أنت توعى لنفسك ومتفتحش فيه وتوعي ابنك معاك.
أدرك " منصور" أن محاولة "جابر" للإيقاع بحسن وصلت لنصران الذي أكمل بهدوء:
علشان أنا عيالي خط أحمر، ولو حد مس شعرة منهم عادي هقلبها خراب على الكل ولا هتفرق معايا، أنا جيت هنا علشان أعرفك إن مفيش حاجة بتستخبى، وكله مهما طال عليه الزمن بيوصلي، ولو أنت شايف إن غدرك بيا مبرره إننا مكناش لسه فضينا اللي بيننا وعادي أي حد يغدر بالتاني فهقولك إن وقتها كان اللي بيعمل حاجة التاني بيرد عليها، بس أنا ساعتها مردتش علشان مكنتش أعرف إنك استغليت تعبان عايش في بيتي وعن طريقه خلصت منها، وكده يبقى ليا عندك حق، وأنا علشان راجل كريم ردي هيبقى هين أوي على اللي عملته، أصل دم اللي ماتت دي بعيلتك كلها، بس زي ما قولت في الأول احنا مش هنفتح في الدم وسيرة الدم تاني.

تساءل منصور باستغراب:
امال إيه معنى انك هترد، ناوي على إيه يا "نصران"،
وليه مصمم تلبسهالي، ما يمكن اللي بلغك هو اللي عملها.

أتاه اتصال في اللحظة التي سمع نصران فيها يقول:
أنا وأنت عارفين إنك أنت اللي عاملها.
رد " منصور" على هاتفه بعد أن استرعى انتباهه وخاصة أن الاتصال من أحد الذين يعملوا بأرضه، بمجرد أن جاوب سمع:
معلش يا حاج تجيلنا شوية، أنا مش عارفة في إيه، دي تاني سنة تحصل معانا، الزرع في الأرض بيبوظ، والفلاحين بيقولوا إنه فيه حاجة بتاكل فيه.

كارثة فادحة، حدثت معه في العام الماضي، واستطاع الخروج منها ولكن لم ينج من الخسائر، وتكرارها هذا ليس إلا مصيبة كبيرة طالته، وستطول تعاملاته التجارية التي ربما تنقطع تماما بعدما تكرر الأمر للمرة الثانية، محصوله عالي الجودة سيشتهر بأنه الأسوء هذا في حالة أن لحقه من الأساس.
طالع "نصران" بنظرات مشتعلة وهو على يقين من أن له يد هذه المرة، وعرف "نصران" أن الأمر وصله فسأل متصنعا الاستغراب:
خير يا حاج؟
_ أنت اللي ورا اللي بيحصل في الأرض ؟
وأمام هذا السؤال ابتسم نصران وأشار على نفسه قائلا ببراءة:
أنا؟... يا شيخ حرام عليك ده أنا قاعد معاك أهو،
ثم تابع باستهزاء:
هو الزرع جراله حاجة السنادي كمان ولا إيه؟... لا مينفعش، لازم تاخد بالك من شغل الفلاحة أكتر من كده، أحسن كده تضرب في السوق يا حاج "منصور"... أنا بوعيك.
قال جملته الأخيرة ضاحكا، واستقام للمغادرة وهو يهتف:
أتمنى مشوفش غدر تاني يا " منصور" ده علشان خاطر الكل، و علشان اللي عملناه زمان ووقفنا بيه الدم متهدهوش أنت دلوقتي.
أنهى حديثه ولم يبق بالمكان ثانية آخرى، احتدت عينا "منصور" وقد كمن الشر داخلها، لقاء آخر مع "نصران" يجعله يتيقن من أن هذا الرجل داهية، داهية لا يمكن الاستخفاف بها أبدا.

★***★***★***★***★***★***★***★

أخبرها بأنهما سيعودا إلى الاسكندرية، ولكن حين أتى إلى المنزل قال:
أنا هنام شوية يا "ملك" وهقوم نمشي علطول.
أخبرها بها وهرول إلى الفراش، سريعا ما سلبه النوم حتى صباح اليوم التالي، كان يحتاج إلى هذا وبشدة، لا يعلم كم مر من الوقت وهو نائم، سمع صوت هاتفه الذي توقف بعد أن فتح عينيه بصعوبة، جذب الهاتف وهو مازال ممدد ليرى من هاتفه، أنزل قائمة الاشعارات يتطلع فيها بعينين ناعستين اتسعتا فجأة وهو يلمح إشعار رسالة على تطبيق المحادثات صاحبها يضع الصورة الشخصية مع "فريد"، انتفض " عيسى" معتدلا ولوهلة توقف كل شيء، ظن عقله في البداية أن "فريد" يراسله كما اعتاد، طالبا منه النزول إلى البلدة لأنه يفتقده، ولكن صفعته حقيقة أن شقيقه لم يعد متواجد، وأنها مجرد رسالة من واحد من أصدقاء "فريد"، مسح " عيسى" على رأسه بتعب وقد تكونت الدموع في عينيه، فتح الرسالة وقام بالرد برسالة صوتية بان فيها إثر نومه:
ازيك يا فادي، إيه يا عم مبقاش حد يشوفك.

وريث آل نصران Where stories live. Discover now