الفصل التاسع عشر (ذنب لم تفعله)

Start from the beginning
                                    

رد على جملتها وهو مستمر في الاقتراب:
تفتكري تهديدك ده هيفرق مع واحد مش باقي على الدنيا.... أنا في لحظة عندي استعداد أحرق الكل والظاهر إنك هتكوني أولهم.

أخافها حقا، فتسابقت عبراتها وارتعدت وهي تدافع عن نفسها:
بس أنا معملتش حاجة، أنا مكنتش عايزة أذيها، بس لو معملتش كده كان هيأذيني.

وكأنها وجدت المفر فهتفت بلهفة آملة أن يتراجع:
أنا هقولك مين اللي طلب مني أعمل كده... وأوعدني يبقى حسابك معاه هو.

_صاوي.
قالها بنبرة قاتمة ليخبرها أن بطاقتها محروقة وفي لحظة كان ينتشل سلاحها من يدها التي لا تكف عن الارتعاش ويجذبها من مرفقها ناطقا باشمئزاز:
كارتك محروق.
فقد تعقله وسيطرته، أصبح لا يدري ما يفعله... يرى نفسه، ويرى ما هو قادم عليه ولكن لا يستطيع التوقف، صوب السلاح عليها فأغمضت عينيها بشدة خائفة ولم يمنعه مما يفعل إلا شقيقه الذي كان يراقب كل شيء وينتظر أن تقول الفتاة أي شيء يفهم عن طريقه ما يحدث ولكنه لم يجد إلا هذا الفعل المتهور فأسرع يُبِعد "عيسى" عنها ويردعه بقوله:
أنت بتعمل إيه؟
لا يملك جواب هو بالفعل لا يدري ماذا يفعل، تمكنت حالته منه ولم يقدر إلا على قول:
اقفل عليها لحد ما ارجعلها.

ابتعد تماما، وشرائط سوداء تتسارع في ذهنه، بداية تعارفه على قسمت، فترة انشغاله، تبدل أحوالها، إدمانها، إصابتها بالعجز، صاوي الذي لا يكف عن إلصاق عجزها به... وصل إلى غرفته وأغلق بابها عليه بعنف ثم صرخ عاليا، صرخة يبث فيها آلامه إلى العالم بأكمله... ولم تسلم الأشياء في الغرفة من نوبته الانفجارية فبدأ في تحطيم كل شيء يقع أمام عينيه، حتى شعر بقليل من الاسترخاء فجلس على الأرضية وعرفت الدموع طريقها لعينيه... لم يسمح لعبراته بأن تتحرر أكثر من ذلك، فتح باب غرفته فوجد "ملك" أمام وجهه كانت تقاسيمها منكمشة بحزن امتزج بخوفها عليه، كل من هنا ليس بخير ولكنها على يقين تام أن وجعه مضاعف، تخطاها وتوجه إلى غرفة شقيقته... حاوط الجميع بنظراته ثم قال:
أنا عايز "رفيدة" لوحدها.

استجابت "مريم" سريعا وتحركت نحو الخارج، في حين وقفت "سهام" أمامه ناطقة بانهيار:
أنت إيه اللي عرفك إن هالة بتعمل كده؟....
عارف لو كنت سبب في اللي حصل لبنتي ده ه..
سحبها من ذراعها وسط حديثها إلى خارج الغرفة معلقا على حديثها الذي بتره:
يلا مش ناقصين وجع دماغ.
أغلق الباب في وجهها وتوجه ناحية شقيقته التي انخرطت في نوبة بكاء شديدة، لا تدري ما يجري لها، جلس جوارها ومسح بحنو على خصلاتها وهو يحتضنها، كصغيرة يلاطفها ويراضيها حتى تسكن وبالفعل سكنت ورٱسها مستند على صدره ولكن خرج سؤالها بنبرة متألمة:
هو ايه معنى كلامك اللي قولته لهالة؟
أغمض عينيه بحزن شديد يعتصره واسترسلت هي:
أنا حاسة اني مش كويسة يا "عيسى"، وبشوف حاجات وحشة أوي وبعدين أكتشف إنها مش موجودة... هي الهلاوس دي ليه؟، هو أنا اتجننت؟

وريث آل نصران Where stories live. Discover now