الفصل الثامن عشر (وانكشفت الخدعة)

Start from the beginning
                                    

تركهما وغادر بانفعال جلي وما إن رحل حتى طالع "نصران" عيسى وبدا التساؤل في عينيه فقال "عيسى" وهو يرفع كفيه ببراءة:
قبل ما تفتح التحقيق... أنا معرفش حاجة عن "ندى".

_ مش مرتاحلك... بس هصدقك.
كان هذا قول "نصران" قبل أن يتوجه لدخول المنزل وتبعه "عيسى" الذي أخذ يفكر في قصة الهرب هذه، لقد طلبت منه المساعدة كثيرا لتتحرر من "جابر" ولا يفهم حتى الآن ما هو السبب الذي يمنعها من الطلاق... ليست في حاجة إلى أحد لما لا تستطيع ولما هربت... كلها أسئلة تدافعت إلى عقله وأثارت فضوله بسبب حلقة ما مفقودة وللأسف لا يعلمها.

*************************************************

لا تصدق "ندى" حقا أنها استطاعت فعلها، لا تصدق أنها وأخيرا تحررت من قبضة "جابر"، لم تعلم يومها إلى أين تذهب، كانت على يقين أن والد زوجها لن يقوم بعمل محضر سرقة لمصالحه المتبادلة مع عمها "ثروت" ولكنها قررت الاختباء عدة أيام حتى ترى ما ستنتهي إليه الأمور.... فكرت في الاستعانة بعيسى ولكنه أول من سيشك به زوجها فاتخذت القرار بالذهاب لمن لن يأتي بعقل أحد، كان الطريق من الإسكندرية إلى القاهرة مرهقا بشدة بالنسبة لها، أمنيتها الوحيدة الآن غرفة دافئة وفراش يحتويها حتى تسترخي تماما، وصلت إلى وجهتها وأمام الباب أصابها التردد، وكأن عقلها يحثها على التراجع، أغمضت عينيها بشدة وحاولت اكتساب الشجاعة وهي تدق الباب، كعادته يعيش في مكان وكأنه منعزل عن البشر، وكأن الطريق حول المنزل لا يوجد به سوى سيارته، بعد الفجر بدقائق بالتأكيد يتسأل الآن من يدق الباب عليه، ولم يستغرق الأمر أكثر حيث فتح صاحب المنزل الباب، وبدا على عينيه نومه وقد فتحهما بصعوبة ليرى من أمامه ولكنه لم يبذل مجهود أكثر حيث أنهما فتحا على وسعهما ما إن لمحاها ورفع هو حاجبيه ناطقا بغير تصديق:
ندى!
تشعر بالحرج الشديد ولا تعلم ماذا تقول ولكن ليس أمامها سواه لذلك صارحته بعينين دامعتين:
"باسم" أنا هربانة من "جابر"، بص أنا عندي مشاكل كتير...وملقتش حد أروحله غيرك.
نظراتها المستجدية دفعته لقول:
طب ادخلي يا "ندى"... اتفضلي تعالي.

نزلت دموعها وما إن دخلت وجلست على الأريكة حتى وضعت كفيها على وجهها تبكي بحرقة، أحضر لها المياه سريعا وقرب منها علبة المناديل الورقية وهو يرى شهقاتها المتتالية فقال برفق:
اشربي يا ندى واهدي... علشان نعرف نتكلم.

تناولت كوب المياه وشربت حتى ارتوت، ثم جذبت منديلا تمسح دموعها وهي تعتذر:
أنا أسفة مكانش قصدي أزعجك... ومكنتش هجيلك أصلا لو لقيت حد غيرك.
_ وش كده! ... طب قوليها بطريقة أحسن شوية، راعي مشاعري يا شيخة.
قالها ممازحا فابتسمت، تيقن من أنها هدأت بعض الشيء فسألها:
إيه بقى اللى حصل؟

تنهدت قبل أن تخبره بنبرة ترجو مساعدته:
أنا هحكيلك... علشان لو تقدر تساعدني.
بدأت في السرد وأنصت هو لها تماما وهي تقول:
أنت عارف طبعا إني متجوزة "جابر منصور"، أنا والله عملت كل اللي أقدر عليه علشان العلاقة دي تنجح بس كانت عمالة تبوظ أكتر وأكتر، "جابر" علاقاته كتير، مفتكرش عدى يوم واحد من بعد أول سنة في جوازنا مخانيش فيه، وكل يوم كانت الدنيا بتبوظ أكتر لحد ما باظت خالص...
قاطعها سائلا بسخرية:
باظت خالص لما عيسى نصران استقر في اسكندرية وبقيتي تشوفيه كتير صح؟

وريث آل نصران Where stories live. Discover now