الفصل الستون (وقع في الفخ)

Start from the beginning
                                    

كانت ستجاوب على سؤاله ولكنها تجمدت حين سمعت ابن شقيقتها يهتف بغضب:
هو انت مش هتخرس بقى،
وتتكتم ومتسمعناش حسك ده.

هو اعتاد منه على الدفاع لكنه لم يعتد منه على مبادرة الهجوم ابدا مما جعله يسأله متوعدا:
أنت بتكلم مين كده ؟

ظن أنه سيتراجع ولكن الإجابة أتت بتبجح أكثر وهو يقول له:
في مين واقف قدامي غيرك، ولا اتعميت كمان ومش شايف اني ببصلك... ده ايه القرف ده.

رأت "ميرڤت" في "كارم" الشر وهو يقترب منه فهرولت ناحيته للفصل بينهما وحاولت جذب "عيسى" معها إلى الغرفة، لكنه أبعدها عنه ولم يستجب لخالته كما تعود دائما بل صاح:
سيبيني، أنا مش هخاف من اللي أنتِ متجوزاه ده، تعالى وريني هتعمل ايه.

قالها بتحدي ثم بدأ في الدمار، في تكسير كل شيء يقابله وهو يصرخ مكررا:
لو تقدر تعمل حاجه تعالى وريني واعملها.
كانت حركاته انفعالية، عدوانية بصورة كبيرة جعلت "ميرڤت" تبكي وهي لا تستطيع السيطرة عليه، طالت يده الكوب الزجاجي فقذفه قاصدا زوج خالته ولكنه تفاداه بصعوبة، تفادى الكوب مصدوما، مدهوشا، ولأول مره يرى "عيسى" في عين زوج خالته نظرات الخوف منه، بدلا من نظرات استنكاره لدفاعه عن نفسه أمامه، لأول مره يشعر أنه ينفث عن غضبه بصورة أرضته كثيرا.... حين أتاه الاسترخاء تبعه شعور أنه لم يكن هو في اللحظات السابقة، فلقد افتعل شجار، شعر بشيء يدفعه لذلك، وكأنه بركان وقد حان وقته ولكنه على الرغم من ذلك كان راضيا جدا عن النتيجة راضيا حتى مع إدراكه أن ما حدث لم يكن طبيعي أبدا.

فاق من شروده على صوتها تتابع بنبرة بها الكثير من التريث وهي تربت على كتفه بهدوء:
"عيسى" الدكتور فاهم شغله، يا عم أنا معاك أنت مفيش حاجه خالص... بس كلنا بيجي علينا وقت ونحس إننا مضغوطين أوي وده بيخلينا نبقى منفعلين طول الوقت و بيأثر على علاقتنا باللي حوالينا، فبنحتاج نروح لدكتور علشان نتخلص من الضغط ده، روح واعتبر انك بتتخلص من الضغط والأعباء اللي عليك من بعد وفاة "فريد" الله يرحمه.

الاضطراب الذي تحكي عنه هذا هو ينكر وجوده، وحتى لو أنه معترف به فهو أول انتصاراته، هذه الأفعال الخارجة عن إرادته جعلته يرى في عين "كارم" الخوف منه، ولن يقبل أن يقال أنه أصبح مريض نفسي بسبب "كارم" أو بسبب أي أحد... يراه شرف هم أحقر من أن ينالوه.
حاول الهدوء حتى لا يحدث خالته بطريقة غير لائقة وهو يعلم حالتها الصحية، وأتى بها إلى هنا خصيصا حتى تتحسن، يدرك أنها تخاف عليه وتريده أفضل وهذا سبب حديثها؛ فدفعه هذا إلى تقبيل رأسها فظنت أنه وافق على حديثها ولكنه قال بابتسامة هادئة قبل أن يغادر الغرفة:
ارتاحي انتِ أنا كنت جاي اطمن عليكِ،
بالنسبة للدكتور بقى فمتقلقيش عليا، أنا يومين وهسافر أي مكان أغير جو وأخف من الضغوط اللي عليا شوية.

تصريح غير مباشر بأنه لن يذهب لأطباء، تبعه إغلاقه للباب، بقت تطالع أثره بحزن شديد وهي تفكر في حل... شيء تستطيع فعله والأهم أن تكون نتيجته ذات قيمة، نتيجة تصلح معه.

وريث آل نصران Where stories live. Discover now