لست هوارية
ايه عبده النجار
٣١
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كان يميل يسارًا، ليميل هكذا يسارًا، ركل قدميه، ليركل قدميه هكذا، كانت تخرج من المطبخ حاملة صينية بها الكثير من المسليات، وضعتها اعلي المنضدة وهي تتابع بدر بإبتسامة لتردف بضحكة حاولت اخفائها:
-انت بتعمل ايه يابدر…
رمقها سريعًا وهو يلتقط بعض حبات الحمص من الطبق ليردف بسرعة وهو يتابع حركات بطل الفيلم بالتلفاز:
-بعمل زي البطل ياسمس..
قهقت بشدة لتردف بهدوء:
-ومين قلك اني عوزاك تتعلم الحاجات دي، خطرة ياحبيبي عليك..
بدا علي وجه الإحباط، ثم زفر الهواء بقوة بحركة طفولية ليقول:
-سمس انا عاوز اتعلم العب اللعبة دي..
هتفت في حنق وهي تمسك ريموت التلفاز، ضغطت علي زر لـ تبتعد عن تلك القناة لتقول:
-لا يابدر محتتعلمش الحاجات دي ومفيش افلام اكشن من هنا ورايح..
كان عابسًا كعبوث طفلًا اخّذت منه دميته، ضم ركبتيه الي صدره يعانقهم بساعديه، لا حظت هي غضبه الطفولي لتردف هامسه بعتاب:
-افهم من اكده انك زعلان مني..
ذم شفتية للإسفل ثم رمقها بغضب ليهز رأسه متفقـًا علي سؤالها..
ابتسمت برفق، ثم ازالتهم بسرعة في محاولة لإبداء وجهها جادًا لتقول:
-خلاص مدام انت مخاصمني ايه حيقعدني في بيتك انا امشي احسن..
حدجها بنظرات نارية كطفل تهدده والدته بالرحيل وتركه ان لم يجلس هادئًا، دفن رأسه علي قدميه المضمومة، رمقته هي بحزن داعبت شعره الكثيف، رفعها هو بهدوء، ثم اقتربت قليلا منه هتفت تعانقه معاتبة له لتقول وهو بين احضانها:
-انا خايفة عليك دي لعبة خطرة وانت مع….
انعقد لسانها عن الحديث لم يستطيع قلبها بالتفوه بها، ربتت علي شعره لتقول بأسف:
-عشان خاطري اسمع حديدي انا معرفاش انت ليه بتحب تتفرج علي الافلام الاكشن مين علمهالك دي..
تعالي صوت جرس الباب ليعلن عن وصول ضيف، نظرت الي ساعة الحائط لتجدها اقتربت من الساعة التاسعة مساءً، استقامت بعدما ابعدته عن احضانه لتردف بهدوء:
-حفتح ورجعالك..
هز رأسه بهدوء، استقامت هي تفتح الباب لتتفاجئ به يقف، وقبل ان تأذن له بالدخول كان قد دفع شمس برفق ليدلف يجلس علي مقعد بجوار بدر ليقول:
-كيفك يابدر..
بدر بهدوء:
-الحمدلله..
كانت تقف كما هي تمسك بحافة الباب، اغلقته بهدوء، ارتدت قناع القوة ثم اتجهت حيث جلوسه وهي تشمر اكمال جلبابها الفضفاف جلست بجانب بدر لتردف بهدوء:
-بدر اطلع فوق…
"لا"
قالها بعند وهو يطالع التلفاز
رمقته بدهشة لتقول وهي تجز علي اسنانها تهمس بجانب اذانه:
-لو مطلعتش دلوقيت حروح مع اخوي…
ذم شفتيه بغضب ليستقيم وهو يفرق جلبابه براحة قبضته متجهها اللي الدرج ليتمتم بكلمات سمعتها هي فقط:
-كل سوية حمسي حمسي اوف..
ابتسمت برفق سرعان ما اخفتها عندما تذكرت وجود جاد لتردف وهي ترمقه بحنق:
-خير ياجاد
قهقه بشدة علي اسلوبها الجديد في الحديث معه ليردف وهو يعقد حاجبيه بغضب:
-اتغيرتي قوي ياشمس، ايه حصلك عاد..
حدجته بنظرات ذات مغذي لتقول:
-بنتعلم منك ياخوي..
رف عينيه ببطء ثم مال بجزعه قليلا للامام باتجاهها ليقول بتحذير:
-مضيتي الورقة طبعا ياشمس، هاتيها…
مدت يديها، لتخرج ورقة ممزقة لاربع قطع، من المنضدة الذهبية الموضوع اعلاها شاشة العرض لتشير اليه تردف بقوة:
-اهي ياخوي اتفضل…
اتسعت سوداويته بغضب وهو يرمق تمزق الورقة ليقول:
-كأنك اجننتي ياشمس، فكراني حكست ولا ولاد عمك حيسكتوا…
" يا بجاحتكم "
قالتها وهي تستقيم عن مقعدها وعسليتها تشع نارا، لتكمل بقية حديثها:
-انتو ايه، هي دي فلوسكم ده مال واد عمكم مالكم بيه مكفكاش ١٠سنين من موت ابوي وانت بتنهب في ورثه بحجة انك بتصرف علي علاجه وانت مكنتش بتعالجه اصلا، حرام عليك بس خلاص من النهارده محدش حياخد فلوس جوزي..
"جوزي"
رددها خلفها، ليردف وابتسامة خبث تعتلي ثغريه:
-جوزك المخبل ده، عليا ياشمس كأنك لمعت الفلوس في عنيكي..
" اخرس "
قالتها بغضب لتقول:
-انت فاكرني زيك اياك مش انا االي اكل مال اليتيم ياخوي ياكبير…
جزب عصاه ثم دبها بغضب ليتجه الي الباب وقبل ان يصفعه بغضب هتف يقول:
-ماشي ياشمس….
كورت ساعديها اعلي صدريها تطالع رحيله الغاضب وحاجبيها الغزيران يتقوسان بقوة….
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان ينام علي فراشه عاري الجسد، تضع كفها المهتز اعلي كتفيه تتحس جروحه المغطاه بشاش ملطخ ببعض الدماء، عبراتها تهطل بغزارة تحجب عنها الرؤية، فركت جفنيها ببطي تزيلهما، لتردف بصوت متهدج وهي تلامس كتفيه المصاب:
-مدثر فوق لا تتكرني..
لم تسمع منه اجابة فهو بعالم غير العالم، اطاحت برأسها المؤلم بوهن اعلي فراشه لتردف بحزن:
-ما تتكرني..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غرفة صغيرة ضعيفة الإضاءة، كان يجلس هزاع علي احد المقاعد مكتف اليدين، عاد فيصل سؤاله للمرة الثالثة بغضب عله يجيب ليقول:
-انطق ياهزاع، ليش سويت هادا الفعلة، ودير بالك لا تكذب، الرجال مسكوك متلبس انطق ليش انا ما ودي ااذيك ويش سوالك الرجال…
رمقه بخوف ثم بلع ريقه بصعوبة ليقول:
ما الي زنب ياشيخ، هوا يلي طلب مني
غيث بغضب:
-من انطق...
ــــــــــــــــــــــ اللهم صلي علي النبي ـــــــــــــــــــــــــــ
استيقظ من نومه علي ذلك عامل القطار وهو يربت علي كتفيه برفق ليقول بتأدب:
-حضرتك يافندم نازل محطة قنا مش كده..
هز رأسه بالموافقة وهو يتحسس رقبته الملتوية اثر نومته علي المقعد ليقول:
-ايوة، وصلنا…
قال بتأكيد لحديثه:
-القطر هيوقف كمان ٥دقايق انا قلت اصحي حضرتك، هروح اطلعلك الشنطة من الامانات..
رمقه بهدوء ثم رفع معصمه يتفقد ساعته ليردف بهمس:
-ياه الساعة ٤الفجر ياتري هلاقي مواصلات دلوقتي توصلني للعنوان اللي معايا..
وقف القطار علي رصيف محطة قنا، ليمد عمار قبضته يجذب حقيبته من يد العامل بالقطار ليمد قبضته داخل جيب بنطاله الجينز لـ يخرج ورقة قيمة الخمسين جنيهات ليعطيها له يردف بهدوء:
-شكرا..
العامل بأدب:
-شكرا يافندم حمدالله علي السلامة..
" الله يسلمك "
قالها وهو يدير وجهه يقف امام تلك اليافطة، نظر يمينا ويسارا يحاول معرفة باب الخروج، لمحه فاتجه اليه ليخرج من المحطة، انه شتاء الصعيد كان يرتدي قميصا ابيض فوق ملابسه الداخلية وبلوفر نبيتي وفوقهما جاكت ازرق ليضيف جمالا واناقة له، كان يظن ان الجو قارس البرودة مثل اجواء القاهرة، ولكنه تفاجي بجو دافئ لا ينكر وجود بعض الهواء الطلق ولكن مسلي حقا تلك النسمات تداعب لحيته وشعره الكسيف، ابتسم برفق، ثم تابع يخرج من المحطة في طريقه للبحث عن مواصلة ترشده الي هذا العنوان...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يجلس بغضب داخل غرفة محمود ومصطفي، منذ اصابتها وهو يحتل سرير محمود والذي تنازل عنه لخاله عن طيب خاطر والمكوث بجانب شقيقه، ففراشه يكفي جسدهما الضئيل عكس خليل الذي بالكاد يكفي جسده، كان يشابك انامله داخل بعضهما ذهنه شارد بعالم اخر، عالم ورد وما تصر دوما اليه فلقد اكتفي من زنها بالرحيل حيث اهلها، فاق من شروده علي صوت مشاجرة بينهما، عقد حاجبيه وهو يرمقهم بغضب ليقول:
-في ايه ياد منك ليه بتتخانقوا ليه..
محمود بهدوء:
-احنا بنلعب كشتينه ياخال، والواد مصطفي بيخم وربنا كسبته ومش عاوز يجيب الرهان…
رمق ما يضعونه اعلي فراشهم ليردف بغضب صارم:
-انتو بتلعبوا قمار..
مصطفي بتوتر:
-قمار ايه بس ياخال دي كوتشينه..
طالع الورقة قيمة ١٠٠جنيه ليردف بصوت اجش عنيف بشدة:
-ومن امتي الكوشتينه ياروح امك علي الفلوس
استقام من اعلي فراشه وزرقاويته تشع غضبا، ارتعب جسدهما رعبا فهم يعلمون غضب ذلك الرجل، اذا غضب يصيح بعنف ولا مانع من حصولهم علي بعض الصفعات واللكمات والركلات ان توافرت، اردف بعبوث ليقول:
-بتتراهنوا وقلبين بيت ابويا وامي الطاهرين الحاجين بيت الله بيت قمار وربنا ما انا سايبكم..
ركض محمود سريعا الي الباب يخرج برعب هروبا من قبضة خاله فهو يعلمها جيدا فلطالما عاش طوال عقده الاول علي قبضته المدوية اسفل رأسه، اما الاخر فحدج اخيه بغضب، فذلك الندل الوضيع هرب بجسده ليتركه تحت براثين ذلك الوحش الهائج، وضع خليل قبضته بعنف اعلي كتفيه ليجذبها مصطفي سريعا يقبلها ليردف بتوسل:
-ابوس ايدك ياخال والله اللي تأمر بيه هنفذ بس ايدك المبروكة دي متعلمش علي وشي…
ضيق زرقاويته بعبوث، ثم قال بهدوء:
-ولما انتو بتخافوا كده متتعدلوا بدل معدلكم.
مصطفي برعب:
-اتعدلت وربنا..
خليل بغضب:
-اتعلمت الحاجات دي فين..
مصطفي بهدوء:
-الواد بكر اللي معايا علمهالي..
خليل بغيظ:
-يبقي سيب الشغل ده احسنلك..
اتسعت عينيه ليردف بجدية:
-اسيب ايه ياخال دنا بقبضت……
اتسعت زرقاويته عندما سمع ذلك الرقم ليردف بجدية:
-انت بتتكلم بجد بتاخد المبلغ ده..
مصطفي بتأكيد:
-اه وربنا..
رمقه بهدوء ليقول:
-طيب متاخدني معاك بدل منا قاعد كده عاوز اجمع فلوس عمليه ورد..
مط شفتيه ليردف ببلاها:
-ليه انت فاكر ان عملية مراتك هتلمها بالمبلغ ده انت محتاج طريقة تانية خالص..
هتف في حنق ليقول:
-انطق ياد طريقة ايه دي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهي من اكمال عشائه بهدوء، رجع بجزعه العلوي يحتل مقعده ليردف برضا:
-الحمدلله شبعت.
رمقته بابتسامة لتردف بحنان أم:
-كل زين ياولدي عشان متجوعش وانت في القطر انا عرفاك مبتعرفش تاكل وانت علي سفر.
اردف بهدوء:
-لا اكلت زين يااما حقوم احضر شنطتي يدوب ساعتين علي معاد القطر..
اومأت رأسها بالموافقة، ليستقيم عمرو يدلف الي غرفته بينما نظرت الي تلك الصغيرة لتقول بهمس:
-نور مش حتحضري لجوزك الشنطة ولا ايه
رمقتها نور بنظرات طفولية لتقول يعينين مكحلة:
-حاضر ياخاله…
استقامت تتقدم الي غرفته، لتردف بهدوء تفتح الباب بدون طرقه، رمقها بـ لامبالاه فور دخولها ليكمل ما كان يفعله يضع بعض الملابس الثقيلة داخل الحقيبة، اقتربت منه تمسك بحقيبته لتقول بهدوء:
-احضرهالك..
تعمد تجاهل النظر لها ليردف بجمود:
-لا شكرا انا حعملها لحالي روحي انتي نامي..
ذمت شفتيها بحزن، لترمقه قليلا قبل ان تتجه بغضب الي باب الغرفة، بينما نظر هو الي الباب بغضب عندما صفعته بشدة معلنة عن غضبها….
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شمر اكمام جلبابه الزيتوني، ليبدأ في تناول عشائه بنهم، فلقد استشعر النصر اليوم بمقابلته لشمس فغدًا سينفذ خطته، كان شارد بينما لم ينتبه لذلك الجالس امامه علي السفرة يتابعه بهدوء، اما هي فكانت تجلس تأكل بحزن، هتف بحدة وهو يطالع شقيقه ليقول:
-انت رحت لشمس ليه ياجاد..
ترك ما بيده ثم لعق انامله ليردفة بحدة:
-ايه هو ممنوع اسأل علي خيتي..
رفع جانب شفتيه ليردف بشبه ابتسامة:
-خيتك، بقولك ايه خلينا واضحين احسن انت من ميته بتسأل علي شمس ولا تهمك في حاجة واصل انا عارف وانت عارف انت يهمك ايه..
زفربحدة ثم نهض بعيدا ليقول بتذمر:
خليك في حالك وفي مراتك ياناصر احسنلك…
قالها بغضب ثم استدار يصعد الدرج بسرعة، هز قبضته اعلي السفرة بطريقة توحي بالعصبية ونفاذ الصبر، رمقته هي بهدوء وقلبها يتقطع علي حاله، رفعت قبضتها بعدما فرقتهما بشدة لتلامس قبضته المهتزة، اتسعت عينيه بذهول وهو يراها تضع قبضتها اعلي قبضته، كانت تضعها وهي تطأطا رأسها ارضًا خجلًا لم تري النيران المشتعلة به اثر لمستها، زفر بحدة ثم نهض من مقعده وهو ينفض قبضته عنها، ثم صعد الدرج، اما هي فلقد انتفض جسدها اثر وقوفه المفاجئ، كانت تجلس مكانها تطالعه وهو يرحل عنها وحاحبيها مرفوعان بدهشة..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقفت السيارة امام منزل بدر، ليردف السائق بهدوء:
-وصلنا يااستاذ..
تطلع عمار من نافذة السيارة الاجرة ليردف بتسأل:
-هو ده البيت اللي في العنوان يسطا..
السواق بهدوء:
-ايوه يااستاذ، الاجرة لو سمحت..
استقل من السيارة ثم مد قبضته بداخل جيبه، اشار الي السواق بالمال ليقول بابتسامة:
-خلي الباقي عشانك…
بادله السائق الابتسامة ليضغط علي موقد السيارة مغادرا، بينما وقف هو يطالع ذلك المنزل من الخارج، انه فخم للغاية يشبه القصور تماما ولكن بتراث صعيدي جعل به بعض النقوش الصعيدية الشهيرة، ابتسم برفق يسرع الخطي وقلبه يتسارع برؤية اخيه فلقد طال الفراق كثيرا، وقف علي اعتاب الباب، يدقه برفق ثم انتظر قليلا ليدقه مرة اخري، استدار برأسه الي الخلف يتفقد الحديقة الواسعة والورود المنتشرة بها، وما ان سمع صوت الباب التفت وهو يرسم ابتسامته العذبة علي محياه ليطالع تلك الجميلة ببلاها وهي تتسع عيناها علي اخريهما ترمقه بدهشة كبيرة لا يعلم سببها سرعان ما اغلقت عسليتها الفاتحة ليرتطم جسدها بالارض فاقدة الوعي….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نفس تعليق بيتكرر، ان بدر هيطلع عاقل مش معاق لان مفيش معاق بيتصرف كده، لا ياجماعة هو معاق فعلا والمعاقين بيحسوا زينا هما معاقين ذهنيا مش معاقين بقلبهم بيحسوا زينا مفيش حاجة بتقول ان الاعاقة بتصيب القلب، يمكن ده الشي الوحيد اللي بيفضل زي مهو...