وريث آل نصران

By fatem20032

17.6M 907K 183K

حينما يحاسبنا على الذنب أهل الذنب أنفسهم! قد كان يطمح في حياة هادئة، شاب اقتحم الحياة وفتح ذراعيه لها فلم يج... More

اقتباس أول (وريث آل نصران)
اقتباس من أحداث (وريث آل نصران)
الفصل الأول _ألقت نفسها_
الفصل الثاني وريث آل نصران (فريد)
الفصل الثالث(فقد نصفه)
الفصل الرابع (دخلت حدودهم)
الفصل الخامس "يُقال زوجته"
الفصل السادس (هل نتواجه؟)
وريث آل نصران
الفصل السابع (أنت في مأزق)
الفصل الثامن (لحظة...!)
الفصل التاسع (قوله مقبرة)
الفصل العاشر (زواج تحداه الصمت )
وريث آل نصران
الفصل الحادي عشر (أتت لتحرقها)
الفصل الثاني عشر (سلبها محتل)
الفصل الثالث عشر (القاتل معلوم)
الفصل الرابع عشر (ملك المفاجأة)
الفصل الخامس عشر (يلاحقها "عيسى"!)
الفصل السادس عشر (أنا هُنا)
الفصل السابع عشر (الحقيقة أثمن من الذهب)
الفصل الثامن عشر (بحور لا تُنسى أبدا)
وريث ال نصران
الفصل التاسع عشر "يمهد طريقه"
الفصل العشرون(يحتضن كفها)
الفصل الواحد والعشرون (أحدهم تجرأ)
الفصل الثاني والعشرون (قالت أوافق)
الفصل الثالث والعشرون (فريد يموت مجددا)
الفصل الرابع والعشرون (لم يقل "ملك")
الفصل الخامس والعشرون (مقابلة في منزل زوجها)
الفصل السادس والعشرون (كان يقصدها...لم تكن تتوهم)
الفصل السابع العشرون (أقبل اللقاء بلا هوية)
الفصل الثامن والعشرون (أنا الفاعل)
الفصل التاسع والعشرون (يقابل ماضيه)
الفصل الثلاثون (يعتذر)
اقتباس من وريث آل نصران
اقتباس 💙💙
وريث ال نصران
الفصل الواحد والثلاثون (يقفز خلفها)
وريث آل نصران
الفصل الثاني والثلاثون (اضطراب انفجاري)
الفصل الثالث والثلاثون (إنه في المنزل)
الفصل الرابع والثلاثون (السكين على عنقها)
الفصل الخامس والثلاثون (يبكي في أحضانها)
الفصل السادس والثلاثون (ألقها للمياه)
الفصل السابع والثلاثون (اضطراب انفجاري ولكن!)
بخصوص "وريث آل نصران"
الفصل الثامن والثلاثون (حرق)
الفصل التاسع والثلاثون (بوادر ليلة لا ننساها أبدا)
الفصل الأربعون، (نعم إنها الليلة)، _نهاية الجزء الأول_
وريث آل نصران
وريث آل نصران
الفصل الأول (شاكر يضربها) _الجزء الثاني_
الفصل الثاني والأربعون (المركز يريدهما معا)
الفصل الثالث والأربعون (أصاب وجهها)
الفصل الرابع والأربعون (طلبي هو عنقه)
الفصل الخامس والأربعون (خصلاتها بين يديه المقيتة)
وريث آل نصران 💙
استكمال الرواية ❤
الفصل السادس والأربعون (شلل)
الفصل السابع والأربعون (رفيدة)
الفصل الثامن والأربعون (آه يا أمي)
الفصل التاسع والأربعون (بادرت باحتضانه)
الفصل الخمسون (يمزق حقها)
الفصل الحادي والخمسون (ابقِ معي)
الفصل الثاني والخمسون (ترند)
الفصل الثالث والخمسون (الرهان على خوفها)
الفصل الرابع والخمسون (طاهر مطلوب)
الفصل الخامس والخمسون (عيونها أجبرته على قولها)
اعتذار
الفصل السادس والخمسون (انفجاره أمام الجميع)
الفصل السابع والخمسون (لقد تلف)
الفصل الثامن والخمسون (أخشى حبك)
الفصل التاسع والخمسون (والدتها حاجز منيع)
الفصل الستون (وقع في الفخ)
❤❤
الفصل الواحد وستون (تحت أنظار الجميع)
الفصل الثاني والستون (علمها الرماية فرمته)
الفصل الثالث والستون (لقد فقده)
الفصل الرابع والستون (صراخ)
اقتباس من الأحداث القادمة
الفصل الخامس والستون (أب داعم)
الفصل السادس والستون (اعتذر أخي ولكن أحببتها)
الفصل السابع والستون (ملحمة نارية)
الفصل الثامن والستون (عرف والده اضطرابه)
الفصل التاسع والستون (إنصاف)
الفصل السبعون (أبناؤك سد منيع)
الفصل الواحد والسبعون (نائم لدى ألد الأعداء)
اقتباس 💙
الفصل الثاني والسبعون (كارم ينتقم)
الفصل الثالث والسبعون (عشرون يوم)
الفصل الرابع والسبعون (يجبرها على القبول)
تنويه💙💙
الفصل الخامس والسبعون (ليلة دموية)، _نهاية الجزء الثاني_
وريث آل نصران
وريث آل نصران (اقتباس)
الفصل الأول (منافسة على الموت) (الجزء الثالث)
الفصل الثاني (تضع الحبوب في كوبه)
الفصل الثالث (هل معك صورة!)
الفصل الرابع (لقد ساومته بالحقيقة)
الفصل الخامس (مقاعد سيارته)
الفصل السادس (وقف ذاهلا)
الفصل السابع (صفعته؛ فنوى قتلها)
❤❤
الفصل الثامن (هل تختارك مجددا؟)
الفصل التاسع (ليست خائفة)
الفصل العاشر (هل هذا صرع؟)
الفصل الحادي عشر (نهادي باللحم)
تنويه
الفصل الثاني عشر _النصف الأول_ (رد اعتبار)
الفصل الثاني عشر _الجزء الثاني_ (مقابلة في المرحاض)
اقتباس💜
الفصل الثالث عشر (هناك ملك)
الفصل الرابع عشر (يثور على والده)
وريث آل نصران
الفصل الخامس عشر (لا يحرق النار إلا نفسها)
الفصل السادس عشر (فصل جديد في حياتهما)
الفصل السابع عشر (حبيبة والدها)
وريث آل نصران
الفصل الثامن عشر (وانكشفت الخدعة)
وريث آل نصران ❤
الفصل التاسع عشر (ذنب لم تفعله)
الفصل العشرون (مطمئنة لحنانه)
الفصل الواحد والعشرون (هل أنتِ غبية)
الفصل الثاني والعشرون (حرفة)
الفصل الثالث والعشرون (أنت مريض)
الفصل الرابع والعشرون (وقع في المصيدة)
الفصل الخامس والعشرون (لن أرحل وأتركه أيها العم)
مهم بخصوص الفصل🌸🌸
الفصل السادس والعشرون (ماذا لو وقعت في الحب الآن)
الفصل السابع والعشرون (معذرة، لا أريد)
الفصل السابع والعشرون _الجزء الثاني_، {هل تُعيد أمي}
💜💜
الفصل الثامن والعشرون (لا تفعلها لأجلي اجعلها من أجلك)
الفصل التاسع والعشرون (ماكينة حلاقة)
الفصل الثلاثون _الجزء الأول_ {صيد ثمين}
💜💜
الفصل الثلاثون (الجزء الثاني) {كارم}
اقتباس ❤❤
الفصل الواحد والثلاثون (حمار)
الفصل الثاني والثلاثون (و الخوف أقل)
الفصل الثالث والثلاثون (حقائق نارية)
الفصل الرابع والثلاثون (أعطاها ظهره)
تنويه
الفصل الخامس والثلاثون (يشجع المواهب)
الفصل السادس والثلاثون (أخي المجرم)
الفصل السابع والثلاثون (عندي الدليل)
الفصل الثامن والثلاثون (الشرطة في منزله)
الفصل التاسع والثلاثون (جرح في اسمه)
الفصل الواحد والأربعون (هل أحبها هي الآخرى حقا!)
الفصل الثاني والأربعون (أثبتها "طاهر" عليه)
تنويه💜
الفصل الثالث والأربعون (أمر إحالة للمحاكمة)
الفصل الرابع والأربعون (الجحيم ينتظر الظالمين)
الفصل الخامس والأربعون (تخلى عنها لأجل والده)
الفصل السادس والأربعون (يُسقى من الكأس نفسه)
الفصل السابع والأربعون (كل منهما يخدع الآخر)
الفصل الثامن والأربعون (أنا الخيار مئة وواحد)
الفصل التاسع والأربعون (بالتأكيد هذا كذب)
الفصل الخمسون (فراق)
الفصل الواحد والخمسون (قرار نهائي)
الفصل الثاني والخمسون (إن الهوى ذنبٌ) #رواية_وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
وريث آل نصران.💜
وريث آل نصران (اقتباس)
إنا لله و إنا إليه راجعون
الفصل الثالث والخمسون (ياليتنا ما كنا) "وريث آل نصران"
الفصل الرابع والخمسون ( الكل يخسر)
الفصل الخامس والخمسون (من جديد قسمت)
الفصل السادس والخمسون (شاكر يعترف!)
الفصل السابع والخمسون (يصارحها بردها)
الفصل الثامن والخمسون (جثة هامدة)
الفصل التاسع والخمسون (أولى خطوات النهاية)
وريث آل نصران✨
الفصل الستون (وأمام عَيْنيها البريئة أُهْزَمُ !؟)
رواية ورقي ❤️❤️❤️❤️
اقتباس
الفصل الواحد والستون (الفرص الذهبية) #رواية_وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
الفصل الثاني والستون {और कोई इलाज नहीं है सिवाय प्यार के}
الفصل الثالث والستون (هيلين طروادة)
الفصل الرابع والستون ج 1 (عبق روحها تحمله الفراشة)
الفصل الرابع والستون ج 2 (الحبيب أول من هزمها)

الفصل الأربعون (من يقتل الثاني أولا؟)

113K 7K 2.2K
By fatem20032


الفصل الأربعون (من يقتل الثاني أولا؟)
#رواية_وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
بسم الله الرحمن الرحيم

من يراك يحسبك قرأت حقا، ولكن منذ متى والرؤية دون حديث تفيد، ما إن تحدثت حتى أظهرت لنا إلى أي مدى تصل سطحيتك...كنت أظنك مثقفا و اكتشفت أنك لست سوى أحمق وأنني حمار كبير.

★***★***★***★***★***★***★

صلاة الفجر، أجوائها الهادئة، وهذه النسمات المنعشة التي تعم الأجواء في توقيت الفجر خصيصا وكأنها تربت مطمئنة كل ذي هم.
انتهى "نصران" من قضاء الصلاة في المسجد، و جلس بهدوء في إحدى الزوايا يقرأ القرآن حتى انتهى مما أراد قرائته فأسند رأسه على الحائط وأغمض عينيه بهدوء حتى شعر بأحدهم يجلس جواره.
فتح عينيه يطالعه وجده "طاهر"، لم يبادر بالحديث، ظل على صمته، لم يتحدث معه طاهر فيما عرفه أبدا، ولم يرضخ لطلبه بالعودة إلى المنزل بدلا من المكوث في منزل " سهام" القديم، حتى حين ذهبوا إلى النيابة للإدلاء بما لديهم، أنهى طاهر المطلوب منه ورحل بصمت إلى معزله من جديد.

تنهد بهدوء وبادر بالحديث بدلا من "نصران" سائلا:
مبتتكلمش معايا ليه؟... أنت مقاطعني؟، كنت بتصلي وتجيلي نقعد سوا، النهارده صليت وقعدت لوحدك.

_ وهتكلم معاك في إيه؟
سأله "نصران" بنبرة معاتبة رد عليها "طاهر" بتعب:
في أي حاجة، في اللي عرفته مثلا.
وأمام الجواب احتدت نظرات الجالس أمامه قبل أن يوجه سؤاله:
وهو أنت لما عرفته رجعتلي وجيت اتكلمت معايا فيه ولا مشيت وسيبت البيت من غير ما ترجعلي، حتى لما كلمتك و قولتلك تعالى وهنتكلم مجيتش.

برر "طاهر" موقفه وقد أرهقه الوضع بأكمله وبان هذا في كلماته:
بابا أرجوك افمهني، مكنتش هقدر اتكلم في أي حاجة، اللي أنا عرفته مكانش سهل... أنا حتى لحد دلوقتي مش قادر أجمعه في دماغي.
وأضاف بألم نبع من فؤاده المعذب:
فجأة لقيت نفسي واقف ما بين أمي وعيسى، وبشوف بكل وضوح للمرة الأولى في حياتي حقيقة إن عيسى اتظلم، وأمي أغلى إنسانة في حياتي سبب في جزء من الظلم ده، كنت المفروض أعمل إيه.... بالله عليك قولي أنت.

اعتدل نصران في جلسته قبل أن يرد على حديث "طاهر" محاولا استدعاء كامل الهدوء في حواره معه:
وقعت في نفس موقفك ده من فترة قليلة، كان رد فعلي إيه؟... سيبتلكم البيت ومشيت؟، أنت مش عايش لوحدك علشان تختار متواجهش، أنت متعلق في رقبتك ابنك، وده يخلي واجب عليك تفكر مية مره قبل أي قرار

_ كنت محتاج وقت أقدر استوعب اللي عرفته، وقت لوحدي تماما، حتى لو حضرتك شايف إن عزلتي غلط بس أنا شايفها حقي وحتى لو هي غلط فهو غلط منع غلط أكبر علشان لو مكنتش قعدت مع نفسي أكيد كان هيحصل كارثة.
صرح بأسبابه أمام أبيه المترقب لسماعها ثم استكمل بحزن:
أنا مش عايزك تبقى زعلان مني، بس أنا كنت تعبان أوي يا بابا من اللي عرفته
نظر في عينيه وسأله بوجع:
فاهمني صح؟
لم يستطع "نصران" أن يقسو عليه أكثر، احتضنه وربت على ظهره ناطقا بسخرية:
مش هبقى فاهم أكتر واحد في عيالي شبهي.
ابتسم "طاهر" ومال على كفه مقبلا واعتدل وهو يسمع والده يقول برفق:
ارجع بقى البيت علشان خاطر أبوك.

_ هرجع مع "حسن".
بان في نبرة طاهر الرجاء بأن يوافق والده وخاصة بعد أن علم ما حدث من شقيقه وطرد والده له، لم يستجب نصران لطلبه بل قال بحزم:
حسن لا، لما يبقى يتربى ابقى ارجعه.

فزاد " طاهر" من إلحاحه بقوله:
علشان خاطري، احنا كمان محتاجين نبقى موجودين كلنا خصوصا بعد الظروف اللي احنا فيها، أنا مش متطمن لفتح القضية ومش مرتاح للي بيحصل ده، بابا عيسى لو كمل كده هيضيع مستقبله وبدل ما راح واحد هيبقوا الاتنين.... هيخلصوا على بعض، شاكر ده أنا شوفت في عينه كمية غل مشوفتهاش في حياتي.

يعلم نصران أن كل حرف يتفوه به طاهر صحيح وأضاف طاهر المزيد:
أنا من أول ما ظهر واتأكدنا إنه هو اللي عملها كنت شايف إنه نبلغ ومقولتش ده، بعدها جت الليلة اللي مهدي اتضرب فيها بالنار في فرح بنته، والبلد عندهم كلها بقت بتقول إن احنا اللي عملناها وكان المقصود شاكر وجت في أبوه وخلاص روح قصاد روح.... واحنا مسكتناش وكنا هنتصرف بس أنت اللي قولتلنا محدش يعمل حاجة وأنا فاهم إنك مكنتش عايز تقوم النار بين الناس علشان ميتقالش إنك جورت وخدت حق ابنك مرتين ونفتح حنفية دم متتقفلش علشان أكيد منصور كان هيصطاد في الماية العكرة وهيقول إن دم شاكر هو اللي هيجيبه بما إنه كبير البلد، واحنا اللي جينا عليه.... أنا فاهم كل حاجة بس فعلا مبقاش ينفع الوضع يفضل كده
ووضح أكثر لوالده يسرد عليه مخاوفه:
عيسى عايز يفضل واقف لشاكر زي الشوكة في ضهره، كل ما يعمل حاجة يهدها على دماغه، وده هيفتح مجال إن شاكر يدبرله حاجة، محدش بيبقى كسبان علطول، ولو قدرنا على شاكر ليلة فرحه وفرجنا بلده كلها عليه وهو مرمي في السوق، عيسى مش هيقدر دايما إنه يطلع فايز... اسمع كلامي علشان خاطري، تعالى نقول كل اللي نعرفه في النيابة ونثبتها عليه، وصدقني كده برضو حق فريد هيجي.... دي الطريقة الوحيدة اللي نقدر نمنع بيها عيسى عن اللي بيعمله ده، أنت تنكر إنك أنت نفسك يا بابا بقيت خايف عليه؟

لا ينكر والده هذا، يوم أن ساومته "كوثر" أن تخبره بقاتل زوجته مقابل العفو عن ابنها كان أحد أسباب موافقته هو الخوف الذي اجتاحه على باقي أبناءه خاصة بعد أفعال "عيسى" الغير مدروسة، تذكر ثورة ابنه حين طالبه بالابتعاد عن "شاكر" الثورة التي تبعها قرار أنه سيبتعد إن ابتعد الطرف الآخر، يعرف ابنه على علم بغريمه جيدا وكان على يقين من غدر "شاكر" الذي غدر مجددا بالفعل ضاربا بالميثاق الذي عقدته والدته مع نصران عرض الحائط، فاق من شروده على صوت "طاهر":
مش هينفع نسيب عيسى يخلص حق فريد من شاكر بالطريقة دي، هيفضل وراه وكل ما يتقدم خطوة عيسى هيبقى عايز يهدها عليه لحد ما يجيب اخره منه وساعتها هيبقى حد فيهم بيخلص على التاني، وحتى لو ده محصلش عيسى كده هيبقى بيضيع حياته في إنه يسود حياة شاكر ومش هيبقى فاضي أصلا إنه يعيش حياته هو.

مسح " نصران" على وجهه بتعب قبل أن يهتف بحيرة:
لو قولت لاخوك الكلام ده مش هيرضى بيه ومش هيسمعه، أنا لما جربت قبل كده أقوله يبعد كان رد فعله متخيلتهوش.
تذكر اليوم حين هدد ابنه بقتل نفسه ولكن هذا لم يمنع طاهر من قول:
سيبه أنا هتكلم معاه، علشان هي لازم يبقاله نهاية، الاتنين مش هينفع يبقوا موجودين قصاد بعض وأنا حاليا الصراحة شايف أنسب حل إننا نسلم شاكر، علشان حتى لو عيسى هو اللي خلص عليه، الحكاية اتشمت عند البوليس وموته مش هيعدي بالساهل كده، وهيجيب حوارات ووجع دماغ مش هيخلصوا.

_ ولو سلمناه وطلع منها؟
طرح "نصران" السؤال على ابنه الذي جاوب بصدق:
يبقى حق فريد في رقبتي أنا، أنا المره الأولى سكتت لما لقيت عيسى بيقول إنه محدش ليه دعوة ومنه ليه، لكن دلوقتي أنا شايف حياة أخويا بتروح وهو بيجري ورا شاكر فمش هقدر أسكت، وشاكر ده كمان مش سهل ومبيسبش فرصة إلا ويحاول يبين للكل إن الحق معاه...حاول تفهمني، فكر فيها لحد بكرا ونتكلم تاني.
هز نصران رأسه موافقا بهدوء ثم سأل:
هترجع معايا البيت دلوقتي صح؟
ضحك طاهر وأكد له أنه سينفذ طلبه ويعود حتى ولو كان هذا عكس رغبته الداخلية بألا يعود على الأقل مؤقتا.

★***★***★***★***★***★***★***★

كانت في غرفتها، يأبى النوم أن يرافقها، مسحت "رفيدة" على خصلات الصغير النائم جوارها بحنان، وهي تتذكر أحداث اليوم خاصة مقابلتها معه، أتى إلى والدها ولم يكن متواجد، وحين لمحها في الحديقة تلعب مع "يزيد" نادى بحرج:
"رفيدة".
ارتبكت بشدة حين وصل صوته إلى مسامعها، استدارت له وتركت ابن شقيقها يلهو بالكرة، وتوجهت هي ناحيته.... لم يكن يعلم ماذا يقول، فرك أصابعه بتوتر قبل أن يقول:
مردتيش على آخر كلام قولناه ليه؟

وكأن مس أصابها فانتفضت تردد بحرج:
قولنا إيه أنا مقولتش حاجة.
بدت له وكأنها تدفع تهمة نكراء عنها، فابتسم على هيئتها وصحح:
طيب يا ستي أنا اللي قولت... قولت إني بحبك.
سحبت نفس عميق، وأبعدت عينيها عنه وقد شعرت أن السخونة أوشكت على الفتك بوجهها إثر الخجل ودفعه هذا للسؤال:
أنتِ كويسة؟
هزت رأسها فسأل:
طب موافقة ولا إيه.... لو اتقدمت هتوافقي؟.

_مش عارفة.
قالتها بحيرة جعلته يتنهد بهدوء قبل أن يصارحها بما لديه بمشاعر صادقة:
بصي يا " رفيدة" أنا عندي كتير عايز أقولهولك، بس أنا مش هقدر أقول حاجة منه إلا لما علاقتي بيكي تبقى رسمي قدام الحاج... أنا بس عايز أقولك كام حاجة علشان مبقاش ضحكت عليكي أو وعدتك بحاجة أنا مش قدها

أنصتت له، ورفعت عينيها تطالعه أخيرا فسمعته وهو يقول:
أنا ظروفي حاليا متخلينيش أعيشك العيشة اللي أنتِ عايشاها هنا، أنا ظروفي مش وحشة على فكرة هي مناسباني جدا، لكن أنا مدرك إنها ممكن متبقاش مناسباكي

_مش مهم.
قالتها برعونة مسرعة ثم تداركت ما قالت فكست الحمرة وجهها بينما ضحك هو سائلا بتسلية:
ما أنتِ واقعة أهو، امال إيه مش عارفة بتاعة من شوية دي؟
لم ترد ولم يرد أن يتسبب في حرجها أكثر فقال بابتسامة:
طب خلاص متزعليش، اسمعيني بس للآخر
نظرت له فأخبرها:
أنا لو خطبتك دلوقتي، مش هقدر اتجوز قبل سنتين على الأقل أكون اتطمنت فيهم إني هقدر أوفرلك حياة قريبة شوية من اللي أنتِ عايشاها... وزي ما قولتلك أنا ظروفي الحمد لله كويسة واقدر ابني بيها بيت مع حد تبقى بالنسباله الظروف دي كويسة برضو، بس أنا بحبك وهضغط نفسي علشانك لو وافقتي علشان مبقاش بشيلك فوق طاقتك...
وقبل أن ترد طالبها برجاء و ابتسامة حانية:
متقوليش اه أو لا دلوقتي، فكري الأول علشان لو قولتي اه دلوقتي هيبقى اندفاع مش أكتر، فكري وشوفي هتقدري تستنيني سنتين ولا لا، وكمان فكري في الوضع كله ولو حسيتي انك موافقة هجيب امي ونيجي.

هزت رأسها موافقة ولكن قطع حوارهما صوت أتى من الخلف:
رفيدة.
لم تكن سوى والدتها التي أتت تطالع وقوفهما معا باستغراب قبل أن تقول:
خير يا عز في حاجة؟

_لا أنا كنت جاي للحاج بس ملقتهوش... همشي أنا بقى.
لم ينطل الأمر عليها ولكن ودعته بقولها:
ماشي أنا لما يرجع إن شاء الله هبلغه.
ما إن غادر تماما استدارت ترمق ابنتها بشك قبل أن تسألها:
في إيه؟
قررت المجازفة وجس نبض والدتها بسؤالها:
ماما إيه رأيك في "عز"؟

تيقنت شكوك " سهام" فجاوبت بهدوء فأوضاعها الآن لا تتحمل أي صراعات، خاصة علاقتها المتوترة مع ابنها والتي تحاول إصلاحها:
عز إنسان كويس وشهم ووقف جنبنا في أزمتك، ومتربي على إيد الحاج، لكن الأهم من رأيي هو إن كل إنسان لازم يختار الشخص المناسب لمستواه علشان ميحصلش فجوة، يعني مثلا مثلا ده افتراض مش أكتر، لو اتجوزتيه هيبقى معاه يديكي كل شهر مصروف قد اللي بتاخديه مني؟
بهت وجه "رفيدة" وحاولت مقاطعة والدتها وهي تدافع:
لا يا ماما مقصدش كده، أنا بسألك عن رأيك بس فيه
ولكن والدتها أكملت دون استجابة لها:
المصروف اللي أنا بديهولك كل شهر وبابا ميعرفش عنه حاجة لأنه مفكر إنك بتاخدي ربعه بس، الفلوس دي ممكن يبقى نصها بس هو مرتب "عز" اللي هيفتح بيه بيت ويصرف منها عليكي وعلى أمه.... هتقدري تعيشي العيشة دي؟

وأمام صمت ابنتها ربتت على كتفها بابتسامة مضيفة:
الإنسان اللي بيحكم قلبه بس ويلغي عقله بيضيع، عز مش مناسب ليكي يا "رفيدة" وده لو عايزة رأيي أنا مش بفرض عليكي حاجة يا حبيبتي طبعا.

تهربت "رفيدة" من الحديث هاتفة بابتسامة مرتبكة:
أنتِ كبرتي الموضوع أوي يا ماما، أنا مكانش قصدي كده أصلا، كان مجرد سؤال.
قالت هذا واستأذنت لترحل ولكن رحلت بأحلام تهوى إلى سابع أرض وقلب مُحبط بعد أن كان مفعم بالأمل منذ لحظات مع "عز".
فاقت من شرودها، وتأففت بانزعاج على الفراش حتى احتضنها " يزيد" فابتسمت بحنان و احتضنته هي الآخرى وأغمضت عينيها في محاولة جديدة للنوم وهجر التفكير الذي أوشك على الفتك برأسها.

★***★***★***★***★***★***★***★

وكأن المقابلة هذه تمكنت ولو قليل من إخماد ثورته العارمة، مقابلته مع "ملك" بل مباغتته لها وخاصة وأنها هنا في القاهرة، فلم تكلفه عناء السفر لها، بل أتت بنفسها إلى حيث استطاع التخطيط للانفراد بها، وصل إلى منزل والد زوجته الذي يقبع به هذه الفترة، وما إن دخل حتى وجد "ثروت" الجالس في الردهة يستقيم واقفا وهو يسأله:
كنت فين؟

_ بشم هوا.
قالها "شاكر" ببساطة ولم يتوقع الرد الذي كان:
وهربت من الحرس ليه؟
ابتسم "شاكر" ومسح على أنفه قبل أن يصحح له:
قصدك اللي معاليك ممشيه ورايا علشان يراقبني؟... لا أنا مهربتش منه ولا حاجة هو اللي عبيط.

ضرب ثروت بخفة على كتفه مواجها بحدة:
العبيط هو اللي مياخدش حذره، و يحاول يورط نفسه في مصايب، ومهما أحاول أعليه وأخليه يليق بالمكان اللي بقى فيه، يوطي هو نفسه.

أبدى "شاكر" استغرابه وبدا هذا حين ضيق عينيه سائلا:
إيه الكلام ده؟

جلس "ثروت" على مقعده موضحا للواقف أمامه:
اسمع يا "شاكر" أنت لما جيت قبل ما تتجوز بنتي، وقولتي على حكايتك مع بنات عمك وفريد ابن عيلة نصران اللي قتلته دفاع عن نفسك زي ما حكيت وجبت الدلايل على كلامك، أنا كان عندي احتمال من اتنين.
أنصت "شاكر" وهو يسمعه يضيف:
إما إنك صادق، أو كذاب و علشان أنا راجل بقدر اللي قدامي استنيتك تثبت حسن نيتك.

وهنا رد "شاكر" مدافعا عن نفسه:
طب ما أنا أثبتها، وبيري تشهد بالكلام ده، أنا كتبت اللي ورايا واللي قدامي لبيريهان

قاطعه "ثروت" مصرحا بعزة:
وده مش فضل منك، ده حقها، أنت مش متجوز أي واحدة، أنت متجوز "بيريهان ثروت الأسيوطي"، العيلة اللي أنت يوم ما جيت تتقدم لبنتي قولتلي إن أكبر شرف هيبقى حصلك في حياتك هو إنك ناسبتها.

_ زي أرض أبويا اللي على مدخل البلد عندنا اللي قولت عليها مشروع العمر بالنسبالك، وأنا كتبت اللي أملكه منها لبيري، مع إنك عارف يا باشا إن اللي يفرط في أرضه عندنا زيه زي اللي يفرط في أهل بيته، ووعدتك كمان إني هحاول أرجع اللي بنت عمي كتبته لابن نصران وتبقى كلها ليك.

استقام " ثروت" واقفا وتوجه ناحيته قائلا بهدوء كمن خلفه عاصفة:
أتمنى أكون فاهم غلط، ومتكونش بتقارن بيري بالأرض.

نفى "شاكر" عن نفسه تهمة كهذه:
محصلش، أنا برد بس على كلام معاليك اللي مش عارف سببه أصلا

_ سببه إني وافقت أغامر بمكانتي واسمي وأوافق على جوازك من بيري، اللي متأكد إنها بتحبك واللي مكنتش عايزها تفشل تاني بعد أكتر من علاقة مرت بيها وفشلت فيهم كلهم لحد ما بقت تتعالج نفسيا، وافقت عليك مع إن في احتمال إنك تطلع كذاب وإنك مقتلتش دفاع نفسك ولا حاجة، في احتمال إن رواية الطرف التاني تبقى صح، ومع ذلك وافقت وبكبرك أهو، فتحت شركة وبقى عندك بيزنس بتاعك وكونت معارف وناس مكنتش تحلم تعدي من قدامهم وكل ده على حسي، خليتك بشكل ما أقوى من أهل الواد اللي قتل ابنهم.

ضحك "شاكر" عاليا، قبل أن يلقي على مسامع ثروت:
طول عمري بكره الاتهام، الظن بالسوء ده بشع يا حمايا، يعني أنا لو حد جه قالي نص كلمة عليك مش هصدقه، وممكن أنا مثلا دلوقتي أقولك إنك بتكبرني ويتخليني أقوى من ابن نصران زي ما قولت علشان أنت اشتريت عداوته يوم ما رفض يبيعلك أرضي اللي بنت عمي كتبتها ليه، اشتريت عداوته لما قالك لا، بس أنا عمري ما أقول كده علشان ده ظن سوء، وحد الله بيني وبينه.

_ مش سهل أنت يا "شاكر".
قالها ثروت وقد ارتسمت ابتسامة جانبية على وجهه ورد عليها شاكر:
وأنت يا حمايا عارف من أول يوم إن أنا مش سهل، بس أنا مش كداب، ومفيش كلمة واحدة من اللي حكيتها لبيري أو ليك كانت كذب، أنا بحب بيري مش هقولك أكتر ما أنت بتحبها، بس هقولك إنها بالنسبالي في كفة وباقي الناس في كفة.

ربت " ثروت" بهدوء على صدره قائلا بعينين يحذرا الواقف أمامه:
وأنا هصدقك، وهقف جنبك علشان بنتي، ومصلحتك من مصلحتها، بس لو في يوم بنتي أو أنا اتأكدنا اكتشفنا إنك بتلاوع، هحطك أنت ومصلحتك تحت رجلي.

ألقى "ثروت" على مسامعه تعليماته منبها:
بيري معاها ندى فوق، مش عايزها تعرف حاجة عن كلامنا ده،
حاجة كمان، الأيام الجاية المحامي هيجيلك وهتقعد معاه علشان نشوف كل الاحتمالات اللي ممكن تحصل وندور على حل، وابعد الفترة دي تماما عن محيط علا اختك، لو قابلتها صدفة في الشارع سيبها وامشي... فاهمني يا "شاكر"؟

هز "شاكر" رأسه موافقا ثم غادر من أمامه تماما، صعد إلى غرفة أمه أولا، كانت مستيقظة، أشرق وجهها ما إن رأته واقترب هو يجلس على الفراش جوارها، عم الصمت حتى قالت:
هى علا مش هترجع؟

_ عايزاها ترجع بعد اللي عملته علشان اجيب أجلها مش كده؟
انقبض فؤادها وأسرعت تعترض على قوله بلوعة:
لا يا شاكر لا، علا دي غلبانة وهبلة، الشياطين دول هما اللي لعبوا في دماغها...
تمسكت بذراعه وهي تطالبه برجاء:
علشان خاطر أمك عندك ما تعملها حاجة يا شاكر، وبعدين ما انا كدبتهالك قدام وكيل النيابة لما قالت إن أنا الوحيدة اللي كنت موجودة لما قصيت شعرها، هي هتفوق وترجع... دي اختك يا حبيبي ملكوش غير بعض

ابتسم ساخرا بينما أكملت هي:
ترجع بس وجوزها لمحسن، وهي أول ما هتخلفلها حتة عيل هتتشغل ومش هتسمع ليها حس تاني.

_ وهي راضية بمحسن؟، عينيها فارغة زي بنت عمها.
قال قوله بمرارة جعلت والدته تسرع في الرد:
لا يا حبيب أمك أنت هتقارن نفسك بمحسن، محسن ده عادي اختك ترفضه، بس هنتكلم معاها ونعقلها، إنما أنت متترفضش، هي كانت تطول بنت هادية تبقى مراتك، ده أنت خسارة في أهلها كلهم، ربنا عوضك يا حبيبي بست ستها الأحسن منها.

أراد أن يصرح أمام والدته:
بس أنا عايزها هي.
ولكن ردعه فؤاده عن النطق بها، وقال بدلا منها:
بيريهان كويسة بس أبوها خانقني وعايز أشوفله صرفة الأيام الجاية، بس من غير ما ياخد باله.

كانت زوجته واقفة على الباب، سمعت ما تفوه به قبل أن تدق، فانكمش حاجبيها بريبة على حديثه عن والدها، دقت الباب ودخلت بعدها فرسمت والدته ابتسامة قبل أن تغادرهما، سمع سؤال زوجته الفاتر على عكس عادتها:
جيت امتى ؟
_ مالك في إيه؟
سألها باستغراب فردت عليه صراحة:
أنا كنت رايحة اخبط على الباب، بس سمعتك بتقول إن بابا خانقك، وعايز تشوفله صرفة... إيه الكلام ده؟
الاتهام في نبرتها لم يخف عليه، فابتسم اضطراريا قبل أن يقول بمزاح:
طب بالراحة علشان خوفت.
لم تبادله مزاحه وانتظرت تفسيره الذي أتى سريعا:
عمال يقولي ندى فوق مع بيري، سيبهم مع بعض، بلاش تاخد بيري وتخرجوا الأيام دي، بلاش تعمل، ومية بلاش وكأننا هنتحبس في البيت علشان القضية، فكنت بفكر اخدك ونروح أي مكان يومين ونبقى لوحدنا بس، إيه رأيك؟

أعطته ابتسامة كموافقة، ولكن داخلها لم يقتنع بما قال، شعرت وكأن هناك أزمة بينه وبين والدها وخاصة وهي تعرف جيدا تعليمات والدها بإبعادها عن أي شيء يثير ضيقها، فقررت البحث بنفسها وراء الموضوع.

★***★***★***★***★***★***★

كانت محطمة تماما، وأدرك هو هذا حين واجهته صعوبة إعادة البناء، كانت ممددة على الفراش، تطالع الضمادة على جرحها بحزن حتى أتى هو، جلس جوارها وأعطاها كوب من عصير الليمون قائلا برفق:
اشربي ده.
تناولته منه بيد لا يفارقها الارتعاش، فحاوط كفها طالبا:
اهدي.
بدأت في تناول العصير الذي ساهم بشكل ما في إنعاشها، يكاد فضوله يقتله يريد أن يعرف ما حدث، وأرضت هي فضوله هذا حين بدأت بقول:
جه هنا، صحيت لقيته قاعد على الكرسي اللي هناك ده.
أشارت على المقعد بمقت وتسابقت عبراتها وهي تسترسل:
كنت فاكراه أنت، أول ما شوفته حسيت الدنيا ضلمت،
مقدرتش أعمل أي حاجة، حاولت أجري مسكني، حتى لما حاولت اجيب كوباية الحق بيها نفسي مسكها مني، هي نفسها اللي كسرها وعورني بيها كده.
زاد نحيبها وتعالت شهقاتها وهي تسأل بقهر:
هو أنا فعلا السبب يا عيسى؟... أنا اللي ظلمته وظلمت فريد وظلمتك؟
زاد وجعها وانتفض جسدها رافضا شيء كهذا وهي تسأل:
أنا اللي وجعت كل دول؟... طب ازاي وأنا حاسة إني موجوعة أوي، أنا مش السبب صح؟
احتضنها ومسح على خصلاتها مؤكدا بحزن يعتصره على حالتها وغضب يجتاحه على ما حدث:
لا يا ملك أنتِ مش السبب...
قاطعته مضيفة:
قالي إيه الفرق بيني وبين عيسى علشان اختارتيه وأنا لا؟
مطت شفتيها، وابتلعت غصة مريرة في حلقها قبل أن تسترسل:
الدنيا بتبقى ضلمة أوي وهو موجود بتبقى برد وكأنه بيسرق نفسي، لكن أنت طول ما أنت موجود الدنيا منورة، أنا مش بحس بالدفا غير معاك... فرق السما والأرض.
لمعت عيناه بدموع تنذر بنزولها تأثرا بحالتها، قبل رأسها وهو يعتذر محملا نفسه الوزر:
حقك عليا يا ملك، حقك عليا أنا الغلطان إني خرجت وسيبتك..
مسح عبراتها وهو يعدها:
مش هيحصل تاني.
نامت على صدره وأخذ هو يربت على خصلاتها بلطف وذهنه لا يتوقف عن التفكير، معرفته بمكانهما هنا، يعني أنه هناك من كان يتتبع خطواته بداية من خروجه من قريته حتى قدومه إلى هنا، أحد يخبره بالتفاصيل، أما عن دخوله للمكان في هذا الليل القاتم فلن يصعب عليه... ظل عقله يدور، حتى شعر بثقل زوجته فتيقن من نومها، أراحها على الفراش بحرص قبل أن يتركه ويتجه ليقف أمام البوابة حتى لا يزعجه صوتها، هاتف "طاهر" وما إن رد حتى قال:
طاهر تعالى القاهرة عايزك وهات حسن.

_ حصل إيه؟
لم يرض عيسى فضول شقيقه الذي سأل هذا السؤال بل تابع:
وشوف مين فاضي في شهد ومريم ينفع يجي معاك، وهاته... أنا مش عارف اتكلم دلوقتي معلش يا طاهر، المهم بس متتأخرش عليا عايزك الصبح معايا.

أنهى الحديث معه وقرر أن صاحب المكالمة التالية سيكون صديقه الذي ما إن رد سأله عيسى بحدة:
أنت مجتش المعرض طول اليوم ليه؟

_ ما قولتلك يا عيسى، مش هاجي النهاردة تعبان.
فرد عليه بغضب:
تعبان من اللف يا عيني، تجيلي دلوقتي، وده لو مش عايز تخسرني خالص يا بشير.

أدرك "بشير" أن هناك كارثة فسأل بقلق:
في إيه يا عيسى هو المعرض حصله حاجة؟
وكان الجواب:
أنا مستنيك في المعرض، لما تبقى تيجي.

أغلق هاتفه بعد هذه المكالمة تماما، وكان مدركا بأن حالته تسوء، بأن طاقة غضبه تتملك منه شيء فشيء الآن، بل أنها تريد أن تسود حتى لا يبقى منه سواها.

★***★***★***★***★***★***★***★

مساء يوم جديد انتظره على أحر من الجمر، كان جالسا في سيارته، يدخن بشراهة، لفافة تلو الآخرى، حتى أتى التوقيت الذي أراده، فتح هاتفه وطلب رقمها، كرر اتصاله بإلحاح حتى أتى الرد:
ألو.
_ ألو يا "ندى"... أنا " عيسى" .
لم تكن لتصدق أبدا، كيف "عيسى"، شعرت بالارتباك وكأن كل إنش في جسدها يعصف بها، حتى القدرة على الرد فقدتها ولم تمتلكها إلا حين سمعت صوته مجددا:
سمعاني يا " ندى".
ابتلعت ريقها بتوتر قبل أن ترد:
ازيك يا "عيسى" عامل إيه؟
رد باختصار:
بخير الحمد لله... كنت عايز منك طلب

_ مني أنا؟
سألت باستغراب فرد بهدوء:
اه منك... وياريت فعلا تنفذيه
وقبل أن تسأل حتى ما الطلب هتفت:
اعملك اللي أنت عايزه طبعا يا "عيسى".

ابتسم قبل أن يعلق على جوابها بقوله:
مش لما تسألي الأول الطلب إيه؟

تناول من مشروب الشاي خاصته، وهو يضع احتمال شبه مؤكد لقدرته على تنفيذ ما أراده، مر بعد اتصاله هذا ساعتان تقريبا، أصبحت الواحدة بعد منتصف الليل، كانت " ندى" في السيارة جوار "شاكر" تعتذر للمرة التي لا تعلم عددها قائلة:
أنا أسفة يا شاكر، بس السواق مش موجود وأنا خوفت انزل لوحدي، والبنت دي صاحبتي جدا وواقفة في الشارع ده لوحدها، جوزها المريض نزلها من غير فلوس، حتى هدومها مش مناسبة، مش عارفة ازاي عمل كده الحقير.

ثرثرة أصابته بصداع نصفي، وكان داخله يتحدث لنفسه بتهكم:
على أساس مكنتيش هربانة من جوزك في نص الليل، لازم تشحططي اللي خلفوني، وتصدعيني بحوارات الهوانم أصحابك.
بينما في الواقع رسم ابتسامة قائلا:
ولا يهمك يا ندى طبعا... عينيا ليكي.
بدأت تشعر بالتوتر ولكن استعادت حديث عيسى الذي طمأنها وأكد لها بأنه أمر بسيط ولكن لم تكن تعلم أنه يبيع لها الوهم.

_ اللوكيشن اللي صاحبتك باعتاه ده في حتة مقطوعة أوي... جوزها ده باين عليه راجل أي كلام.
ضحكت على قوله بارتباك، قبل أن تجد سيارة أحدهم يقطع عليهما الطريق في هذا المكان النائي والذي هجره المارة، وسكنه كل كلب لا يجد له مأوى، طالعت ما يحدث بذعر وهتف هو بضجر:
مين الحمار ده بقى على اخر الليل.
بمجرد نزوله من السيارة، نزل ثلاثة لا يعرفهم قبضوا عليه أمامها فصرخت بذعر، بينما أصابته هو حالة من الهياج وهو لا يقدر على الإفلات منهم، أدخلوه السيارة معهم عنوة، وأتت هي لتفعل أي شيء مستغيثة بواسطة هاتفها فتوجه نحوها أحدهم وأخذه منها قبل أن يقبض على ذراعها لتسير معه رغم اعتراضها.
لم يقض "شاكر" في السيارة معهم وقت طويل، أدرك أن وراء جراءة ما يحدث هذا غريمه، أنزلوه من السيارة وتركوه، سلبوا منه هاتفه قبل أن يتركوه بمفرده، لم يمر سوى دقائق حتى رأى "عيسى" فضحك وهو يقول بسخرية:
كنت عارف إنه أنت... بس تصدق ملعوبة.
لم يرد "عيسى" كان يطالعه فقط وكأنه يحفظ ملامحه وقال "شاكر" مضيفا:
أنا كنت متوقع ردة فعل تانية خالص بصراحة، بس أنت فاجئتني
ابتسم عيسى وتركه يقول كل ما في جعبته واسترسل "شاكر" بالفعل:
ياريتني كنت اتأخرت شوية وأنا عندها، اهو على الأقل كنت شوفتك، وكنت مليت عيني شوية كمان بجمالها في الاسود.
قصد ذلك الرداء الاسود الذي كانت ترتديه ولم يكن يعلم أن جملته هذه لن تجلب إلا الألوان القاتمة، بدا عيسى وكأنه شخص آخر، كتلة من الغضب بها أثر باهت لشخص، بمجرد أن أكمل "شاكر" جملته كان نصل السلاح الأبيض يلمع أمام عينيه والواقف أمامه يخبره:
الاسود ده أمك هتلبسه عليك الصبح.
وركله بعنف وقام "شاكر" بعينين ملأهما الشر وقد نوى "عيسى" أن تكون الليلة الأخيرة لشاكر حتى ولو كانت آخر ليلة له أيضا هو الآخر.

بينما في ناحية اخرى، استيقظت ملك أخيرا من نومها، طرب فؤادها وشعرت بالألفة حين التقطت أذنها صوت إحدى شقيقتيها، انكمش حاجبيها باستغراب حين لاحظت الكتابة على ذراعها، فتحت عينيها التي كانت تأبى إثر النوم، وتسارعت أنفاسها وهي تقرأ:
بحبك وأسف لو كانت دي اخر مرة تسمعيها مني،
لو مرجعتش عايزك تعرفي إني كنت بتمنى إن لحظة موتي أخر حاجة أشوفها تبقى عينك.
شخص بصرها وانقبض فؤادها، وشعرت بأن الخطر يحاوطها، أسرعت تحاول الاتصال به وسقط الهاتف إثر ارتعاد كفها بينما على الناحية الآخرى تمكن عيسى من أن يطوله أخيرا، أصابه بسلاحه الأبيض في المنطقة ذاتها التي جرح فيها "ملك"، تأوه " شاكر" عاليا ولكن لم يمنعه هذا من استكمال الدفاع باستماتة، حاول سحبه منه وهو يتوعد:
ده أنت اللي هيتلبس عليك أسود الصبح يا ابن نصران.
و كلاهما صرح بنيته، اتفقا من لا يتفقا على أن نية كل منهما في هذه اللحظة تحديدا هو الخلاص من الآخر، النية هي القتل والنتيجة لا تُحسم في أي مباراة إلا بعد إطلاق صافرة النهاية ولكن النهاية في هذه المباراة لا يعلنها الحكم، بل يعلنها الفائز...
يعلنها من يقتل الثاني أولا!
وكذلك كلما حسبنا أننا قرأنا الدنيا حقا، تبهرنا بأفعالها لنرى أنفسنا وهي تواجه هذه الأفعال بكل رعونة من جديد فنعلم حينها أننا ما زالنا لم نعرفها بعد، أننا حمقى وحين ظن أحدنا أن نفسه قرأت الدنيا وعرفت خباياها حقا...
كان صاحب الظن هذا أكبر حمار عرفته البشرية.

يُتبع💙
متنسوش تعملوا ڤوت للفصل، وتقولولي رأيكم... بحبكم جدا وادعولي الله يكرمكم نتيجتي تطلع وانجح واطلع الاولى علشان خايفة اوي وأعصابي بايظة وعايزة أعيط منها😂❤✨

Continue Reading

You'll Also Like

1.7K 295 26
تحرك للأمام بصدمه وعندها اتضحت له الرؤيه اكثر. شق ضخم طولي من بدايه صدرها حتى منتصف بطنها يقطعه شق اخر عرضي. الدماء متحجره على وجهها من ناحيه عينيه...
287K 16.1K 59
.. بدأت 2023/5/23 ..انتهت 2024/5/5 الأخوة هم اليد القوية عندما تتهاوى بنا الايام..!! Brothers are the strong hand when the days fall apart..!! #ال...
5.3K 866 34
في الطبيعي نجد أن البطله او البطل يحاولون اصلاح النصف الآخر و اخلاىٔه من ما به من اخطاء، لكن ماذا سيحدث أن كان الاثنان بهما أخطاء؟؟هل سيتشاركان معاً...
265K 13.6K 69
سَنلتقي .. رُبما يكون لقاءً بارداً تكتمُ فيه غيرتك وأمسكُ فيه لِساني عن اُحبّك ستنظر اليّ ، وسأنظر للجميع عداك .