وريث آل نصران

By fatem20032

17.8M 913K 184K

حينما يحاسبنا على الذنب أهل الذنب أنفسهم! قد كان يطمح في حياة هادئة، شاب اقتحم الحياة وفتح ذراعيه لها فلم يج... More

اقتباس أول (وريث آل نصران)
اقتباس من أحداث (وريث آل نصران)
الفصل الأول _ألقت نفسها_
الفصل الثاني وريث آل نصران (فريد)
الفصل الثالث(فقد نصفه)
الفصل الرابع (دخلت حدودهم)
الفصل الخامس "يُقال زوجته"
الفصل السادس (هل نتواجه؟)
وريث آل نصران
الفصل السابع (أنت في مأزق)
الفصل الثامن (لحظة...!)
الفصل التاسع (قوله مقبرة)
الفصل العاشر (زواج تحداه الصمت )
وريث آل نصران
الفصل الحادي عشر (أتت لتحرقها)
الفصل الثاني عشر (سلبها محتل)
الفصل الثالث عشر (القاتل معلوم)
الفصل الرابع عشر (ملك المفاجأة)
الفصل الخامس عشر (يلاحقها "عيسى"!)
الفصل السادس عشر (أنا هُنا)
الفصل السابع عشر (الحقيقة أثمن من الذهب)
الفصل الثامن عشر (بحور لا تُنسى أبدا)
وريث ال نصران
الفصل التاسع عشر "يمهد طريقه"
الفصل العشرون(يحتضن كفها)
الفصل الواحد والعشرون (أحدهم تجرأ)
الفصل الثاني والعشرون (قالت أوافق)
الفصل الثالث والعشرون (فريد يموت مجددا)
الفصل الرابع والعشرون (لم يقل "ملك")
الفصل الخامس والعشرون (مقابلة في منزل زوجها)
الفصل السادس والعشرون (كان يقصدها...لم تكن تتوهم)
الفصل السابع العشرون (أقبل اللقاء بلا هوية)
الفصل الثامن والعشرون (أنا الفاعل)
الفصل التاسع والعشرون (يقابل ماضيه)
الفصل الثلاثون (يعتذر)
اقتباس من وريث آل نصران
اقتباس 💙💙
وريث ال نصران
الفصل الواحد والثلاثون (يقفز خلفها)
وريث آل نصران
الفصل الثاني والثلاثون (اضطراب انفجاري)
الفصل الثالث والثلاثون (إنه في المنزل)
الفصل الرابع والثلاثون (السكين على عنقها)
الفصل الخامس والثلاثون (يبكي في أحضانها)
الفصل السادس والثلاثون (ألقها للمياه)
الفصل السابع والثلاثون (اضطراب انفجاري ولكن!)
بخصوص "وريث آل نصران"
الفصل الثامن والثلاثون (حرق)
الفصل التاسع والثلاثون (بوادر ليلة لا ننساها أبدا)
الفصل الأربعون، (نعم إنها الليلة)، _نهاية الجزء الأول_
وريث آل نصران
وريث آل نصران
الفصل الأول (شاكر يضربها) _الجزء الثاني_
الفصل الثاني والأربعون (المركز يريدهما معا)
الفصل الثالث والأربعون (أصاب وجهها)
الفصل الرابع والأربعون (طلبي هو عنقه)
الفصل الخامس والأربعون (خصلاتها بين يديه المقيتة)
وريث آل نصران 💙
استكمال الرواية ❤
الفصل السادس والأربعون (شلل)
الفصل السابع والأربعون (رفيدة)
الفصل الثامن والأربعون (آه يا أمي)
الفصل التاسع والأربعون (بادرت باحتضانه)
الفصل الخمسون (يمزق حقها)
الفصل الحادي والخمسون (ابقِ معي)
الفصل الثاني والخمسون (ترند)
الفصل الثالث والخمسون (الرهان على خوفها)
الفصل الرابع والخمسون (طاهر مطلوب)
الفصل الخامس والخمسون (عيونها أجبرته على قولها)
اعتذار
الفصل السادس والخمسون (انفجاره أمام الجميع)
الفصل السابع والخمسون (لقد تلف)
الفصل الثامن والخمسون (أخشى حبك)
الفصل التاسع والخمسون (والدتها حاجز منيع)
الفصل الستون (وقع في الفخ)
❤❤
الفصل الواحد وستون (تحت أنظار الجميع)
الفصل الثاني والستون (علمها الرماية فرمته)
الفصل الثالث والستون (لقد فقده)
الفصل الرابع والستون (صراخ)
اقتباس من الأحداث القادمة
الفصل الخامس والستون (أب داعم)
الفصل السادس والستون (اعتذر أخي ولكن أحببتها)
الفصل السابع والستون (ملحمة نارية)
الفصل الثامن والستون (عرف والده اضطرابه)
الفصل التاسع والستون (إنصاف)
الفصل السبعون (أبناؤك سد منيع)
الفصل الواحد والسبعون (نائم لدى ألد الأعداء)
اقتباس 💙
الفصل الثاني والسبعون (كارم ينتقم)
الفصل الثالث والسبعون (عشرون يوم)
الفصل الرابع والسبعون (يجبرها على القبول)
تنويه💙💙
الفصل الخامس والسبعون (ليلة دموية)، _نهاية الجزء الثاني_
وريث آل نصران
وريث آل نصران (اقتباس)
الفصل الأول (منافسة على الموت) (الجزء الثالث)
الفصل الثاني (تضع الحبوب في كوبه)
الفصل الثالث (هل معك صورة!)
الفصل الرابع (لقد ساومته بالحقيقة)
الفصل الخامس (مقاعد سيارته)
الفصل السادس (وقف ذاهلا)
الفصل السابع (صفعته؛ فنوى قتلها)
❤❤
الفصل الثامن (هل تختارك مجددا؟)
الفصل العاشر (هل هذا صرع؟)
الفصل الحادي عشر (نهادي باللحم)
تنويه
الفصل الثاني عشر _النصف الأول_ (رد اعتبار)
الفصل الثاني عشر _الجزء الثاني_ (مقابلة في المرحاض)
اقتباس💜
الفصل الثالث عشر (هناك ملك)
الفصل الرابع عشر (يثور على والده)
وريث آل نصران
الفصل الخامس عشر (لا يحرق النار إلا نفسها)
الفصل السادس عشر (فصل جديد في حياتهما)
الفصل السابع عشر (حبيبة والدها)
وريث آل نصران
الفصل الثامن عشر (وانكشفت الخدعة)
وريث آل نصران ❤
الفصل التاسع عشر (ذنب لم تفعله)
الفصل العشرون (مطمئنة لحنانه)
الفصل الواحد والعشرون (هل أنتِ غبية)
الفصل الثاني والعشرون (حرفة)
الفصل الثالث والعشرون (أنت مريض)
الفصل الرابع والعشرون (وقع في المصيدة)
الفصل الخامس والعشرون (لن أرحل وأتركه أيها العم)
مهم بخصوص الفصل🌸🌸
الفصل السادس والعشرون (ماذا لو وقعت في الحب الآن)
الفصل السابع والعشرون (معذرة، لا أريد)
الفصل السابع والعشرون _الجزء الثاني_، {هل تُعيد أمي}
💜💜
الفصل الثامن والعشرون (لا تفعلها لأجلي اجعلها من أجلك)
الفصل التاسع والعشرون (ماكينة حلاقة)
الفصل الثلاثون _الجزء الأول_ {صيد ثمين}
💜💜
الفصل الثلاثون (الجزء الثاني) {كارم}
اقتباس ❤❤
الفصل الواحد والثلاثون (حمار)
الفصل الثاني والثلاثون (و الخوف أقل)
الفصل الثالث والثلاثون (حقائق نارية)
الفصل الرابع والثلاثون (أعطاها ظهره)
تنويه
الفصل الخامس والثلاثون (يشجع المواهب)
الفصل السادس والثلاثون (أخي المجرم)
الفصل السابع والثلاثون (عندي الدليل)
الفصل الثامن والثلاثون (الشرطة في منزله)
الفصل التاسع والثلاثون (جرح في اسمه)
الفصل الأربعون (من يقتل الثاني أولا؟)
الفصل الواحد والأربعون (هل أحبها هي الآخرى حقا!)
الفصل الثاني والأربعون (أثبتها "طاهر" عليه)
تنويه💜
الفصل الثالث والأربعون (أمر إحالة للمحاكمة)
الفصل الرابع والأربعون (الجحيم ينتظر الظالمين)
الفصل الخامس والأربعون (تخلى عنها لأجل والده)
الفصل السادس والأربعون (يُسقى من الكأس نفسه)
الفصل السابع والأربعون (كل منهما يخدع الآخر)
الفصل الثامن والأربعون (أنا الخيار مئة وواحد)
الفصل التاسع والأربعون (بالتأكيد هذا كذب)
الفصل الخمسون (فراق)
الفصل الواحد والخمسون (قرار نهائي)
الفصل الثاني والخمسون (إن الهوى ذنبٌ) #رواية_وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
وريث آل نصران.💜
وريث آل نصران (اقتباس)
إنا لله و إنا إليه راجعون
الفصل الثالث والخمسون (ياليتنا ما كنا) "وريث آل نصران"
الفصل الرابع والخمسون ( الكل يخسر)
الفصل الخامس والخمسون (من جديد قسمت)
الفصل السادس والخمسون (شاكر يعترف!)
الفصل السابع والخمسون (يصارحها بردها)
الفصل الثامن والخمسون (جثة هامدة)
الفصل التاسع والخمسون (أولى خطوات النهاية)
وريث آل نصران✨
الفصل الستون (وأمام عَيْنيها البريئة أُهْزَمُ !؟)
رواية ورقي ❤️❤️❤️❤️
اقتباس
الفصل الواحد والستون (الفرص الذهبية) #رواية_وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
الفصل الثاني والستون {और कोई इलाज नहीं है सिवाय प्यार के}
الفصل الثالث والستون (هيلين طروادة)
الفصل الرابع والستون ج 1 (عبق روحها تحمله الفراشة)
الفصل الرابع والستون ج 2 (الحبيب أول من هزمها)

الفصل التاسع (ليست خائفة)

100K 6K 1K
By fatem20032

الفصل التاسع (ليست خائفة)
#وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
بسم الله الرحمن الرحيم

صباح الخير عليكم قبل أي شيء، أنا كنت من حوالي اسبوع نزلت بوست طلبت منكم اللي بيحب قلمي يعملي ڤوت في تصويت مسابقة دار إبداع علشان اتأهل للمرحلة التانية وفعلا ناس كتير مشكورة عملت وكنت في مركز متقدم لكن في حد تاني مكانش عاجبه كده فعمل بلاغات كتير على اسمي في التصويت لحد ما الفيس شال اسمي خالص من المسابقة بعد تعب كتير وأيام سعيت فيها أنا وكل اللي عملي ڤوت إن اسمي يفضل في الخمسة اللي في الأول علشان أتأهل للمرحلة التانية اللي هتبدأ كمان يومين
مش عارفة حقيقي ليه شخص يأذي حد معملهوش أي حاجة لمجرد إنه متضايق منه أو عايز مكانه، أو حتى عايز يشيله علشان الكاتبة بتاعته تكسب... أنا زعلت حقيقي إن بعد أيام من وجودي طلعت بسبب حاجة زي كده وده كان سبب إني مش موجودة ومش بنزل.... أنا عايزة أقول حاجة بس إنك تحب كاتبة ده مش مبرر يخليك تأذي كاتبة تانية على حسابها ... الناجح مبيأذيش حد لكن اللي بيأذي علشان ينجح بيجي يوم ويقع.
بعتذر لو طولت عليكم بس كنت حابة أوضح سبب غيابي وشكرا لكل حد كان بذل جهد علشان أفوز في التصويت ده وأنتقل للمرحلة التانية، وإن شاء الله ربنا يعوض بالأحسن
يلا نبدأ الفصل

صراعات متشابكة تظن دائما أنها ستنتهي وتنعم ولكنك كعادتك أحمق فهي لن تنتهي بهذه السهولة... لم تنتهي إلا بنهاية تليق بها، نهاية لا تُنسى أبدا.
لم يكن وضعها على ما يرام لدرجة أن ملابس خروجها ما زالت كما هي لم تبدلها قبل نومها، استيقظت "شهد" ولكن  الشرفة أخبرتها أن الشمس ربما في غفوة بعد، فالأجواء تبشر بطقس بارد، بحثت عن شقيقتها في الغرفة ولكنها لم تجدها، ابتسمت بحنان وهي تتذكر "ملك" التي لم تنم ليلة أمس وبقت جوارها هي و"مريم" حتى غفت... حمدت ربها على أن والدتها تركتها لتنام ليلة أمس، ولكنها تعلم أنه ينتظرها نقاش طويل اليوم... اعتدلت على الفراش ثم نظرت لما ترتديه، كان في عينيها حنين لا يُوصف، خلعت الجاكيت الخاص بطاهر والذي لا تعلم كيف ارتدته ولا تتذكر متى من الأساس، ابتسمت بحزن حين تسللت رائحة عطره لأنفها، انتفضت حين فُتح باب الغرفة فجأة، ولكنها سريعا ما نطقت:
ماما...
تجاهلتها "هادية" تماما فقط أخبرتها بآلية:
الفطار في المطبخ لو هتفطري، مريم في كليتها، وملك مش هنا، وأنا نازلة المحل.

انتفضت تاركة الفراش وأسرعت خلف والدتها طالبة منها برجاء شديد:
ماما ممكن تكلميني.

استدارت لها "هادية" وهي تقول موبخة:
هو أنتِ خليتي فيها ماما، ما أنتِ بتعملي اللي على كيفك... خليني ساكتة وسيبيني أنزل.

طلبت من والدتها بحزن:
طب علشان خاطري نتكلم..
قاطعتها "هادية" بسؤالها الهجومي:
عايزانا نتكلم؟... حاضر من عينيا
جلست على مقعد أمام طاولة الطعام وهي تسألها:
كنتِ فين امبارح يا شهد؟ ... وقبل ما تقوليلي كنت في الكافيه، الكلمتين دول خليهم لطاهر ياكل بيهم بعقلي حلاوة.

_ والله العظيم أنا كنت هناك فعلا، ومعرفش ايه اللي حصل.
صاحت "هادية" وهي تضرب على الطاولة أمامها:
أنتِ هتجننيني يا بنت حسن؟... عايزة تجيبي أجلي؟
نظرت "شهد" للأرضية وهي تقول:
بعد الشر عليكِ.

زفرت "هادية" بتعب ثم اقتربت من ابنتها، حاولت بكل الطرق أن تكون هادئة وهي تلقي على مسامعها:
اسمعي يا "شهد" دي اخر مره هتكلم معاكِ بالحسنى،
لو مش خايفة على نفسك خافي عليا وعلى اخواتك... يرضيكِ يتقال أمك مش عارفة تحكمك علشان مش معاها راجل؟

_ أنتِ أحسن من مية راجل...
هكذا ردت "شهد" مسرعة بما قاطعته هادية بإشارة من يدها متابعة:
مش بالكلام يا شهد، أنا ممكن أكون غلطت قبل كده... بس أنا تعبي كله فيكم متضيعيهوش علشان خاطري.
شعرت بالذنب حقا فمطت شفتيها بحزن وتجمعت الدموع في مقلتيها فاحتضنتها والدتها متحدثة برفق:
بصي لدراستك، ومتخليش نفسك تسوقك يا حبيبتي، أنا ربيتكم على الصح، و بطريقتك دي الصح هيتوه منك.

هزت "شهد" رأسها موافقة، فمسحت لها "هادية" دموعها وهي تقول لها:
افطري يلا، وشوفي هتذاكري ولا هتعملي ايه... لو مش هتذاكري انزلي اقعدي معايا على ما اختك ترجع.

كانت تريد الانفراد بها حتى تستطيع معرفة سبب ما حدث من شجار بين "طاهر" و"منصور" ، طلبت هذا منها واتجهت إلى الأسفل، توجهت بعدها "شهد" إلى غرفتها لتبديل ملابسها، توقفت ناحية الشرفة كانت تبكي بصمت وهي تتذكر المنظر حين نشب العراك بين "جابر" و"طاهر" ... في عراك مثل هذا رأت "فريد" يُقتل، تخيل فكرة خسارة "طاهر" هزتها.... رأت حقيبتها على الطاولة فاتجهت ناحيتها وأخرجت هاتفها لتقوم بإعادة شحنه، ما إن وصلته بالكهرباء حتى ألغت حظر رقم "طاهر" وترددت كثيرا ولكن حسمت أمرها وأرسلت:
صباح الخير يا أستاذ "طاهر"...
أنا مش عارفة أقول حاجة لأني لسه مش مجمعة اللي حصل، بس أنا بعتذر لحضرتك وسلامتك.
استيقظ قبل لحظات يعبث بهاتفه وقد أرهقه ألم رأسه، مسح على خصلات ابنه النائم بجواره ثم توقف حين لمح رسالتها فأسرع إليها والتي ما إن قرأ محتواها حتى رفع حاجبه محدثا نفسه بنبرة متكاسلة امتزجت بغيظه:
أستاذ!، وحضرتك كمان... يعني أرد عليها أقولها ايه دي، بعد كل ده باعتة كده!

انتظرت رده على أحر من الجمر ولكن وصلتها رسالة جعلت عينيها تجحظ:
والله يا أنسة شهد أنا بحاول ألاقي شتيمة مناسبة للموقف بس مش لاقي.

رمقت رسالته بغيظ ثم ردت برسمية:
ياريت يكون في تحفظ في التعامل بعد كده.

انكمش حاجبيه وهو يحرك رأسه ضاحكا بغير تصديق ورد عليها:
تحفظ ايه يا أم تحفظ، ده أنتِ عايزة تتروقي على عملتك السودا امبارح، وأنا عايز الجاكيت بتاعي اللي قلعتيهولي في انصاص الليالي وخلتيني نايم في السرير متكسر وفي الاخر باعتة تكلميني بطريقة أبلة الناظرة دي.

_ ايه قلعتهولك دي!، صغير أنت علشان اخد هدومك بالغصب ولا أكون أنا اللي اتجننت... من فضلك نقي ألفاظك وياريت تكون لغة الحوار أرقى من كده.
كانت هذه رسالتها التي رد عليها قائلا:
لغة حوار أرقى؟... هو أنتِ شهد متأكدة يعني؟... قوليلي بقى ليلة امبارح كنتِ شاربة برتقان،
ولا غيرتي الصنف.

رفعت حاجبيها شاهقة بصدمة، أتت لترد ولكنها تذكرت أنها لم تشرب بالمقهى حين كانت مع جابر سوى عصير البرتقال، ضغطت على شفتها السفلية بانزعاج شديد وأرادت إثارة غيظه لذلك أرسلت:
أسفة مش هقدر أكمل الحوار، المستوى ده من التدني أنا كان عندي أمنية في يوم من الأيام إني أقدر اتجنبه وهنفذها النهاردة بتجنب الحوار المتدني ده... بالنسبة لجاكيتك هبعتهولك وشكرا مرة تانية لحضرتك.

إلى هنا ولم يستطع "طاهر" فرد عليها:
أحسن اتجنبيني ده هيبقى يا سعدي يا هنايا،
هتبقي عملتيلي خدمة عمري...بس رجعي الجاكيت الأول.

_ناس تتمنى وحمير تتهنى.
كتبتها باشتعال وهو يوضح لها سعادته بتحقيق أمنيتها في تجنبه ورد هو عليها:
أهو ده بقى أصل التدني، أنتِ المنبع يا ماما، وجاية تقوليلي مستوى الحوار، والرقي وكلام ندوات المدرسة اللي مبيحضرهاش غير الدحيحة دي... اهو بعد جملتك الأخيرة دي كده رجعتي لطبيعتك، مع السلامة بقى يا أنسة متدنية.
ضحك وهو يغلق الهاتف وقد قصد إشعال غضبها وبالفعل نجح حيث صاحت لنفسها:
ده دواه ال Block... أنا اللي غبية علشان شيلته
جاء رد لذهنها فأسرعت ترسله له:
خير الرد على السفيه الصمت يا كابتن سفيه.
وضعت معه ملصق تعبيري به وجه يبتسم ابتسامة صفراء ثم أغلقت الهاتف هي الاخرى واتجهت للمرحاض وهي تشعر بالانتصار نوعا ما فإن كان هي متدنية كما نعتها فهو سفيه.
كلاهما أغلق هاتفه وانشغل بشيء اخر عن قصد ولكن في الدقيقة ذاتها لم يستطعا منع أنفسهما من الابتسام على ما حدث.

★***★***★***★***★***★***★***★

لا أحد سواه، هو وحيدا عند قبر والدته وشقيقه، تأكد "عيسى" من اهتمام الحارس بالمزروعات التي وضعها هو، ثم جلس منفردا أمام اللوحة الرخامية التي دُوِن عليها اسم والدته... تلألأت الدموع في عينيه وهو يتذكر النقاش المشتعل الذي دار بينه وبين والده قبل ساعة والذي انصرف بعده مغادرا المنزل،
شرد يتذكر ما حدث هو الآن يرى المشهد للمرة الثانية... يجلس أمام والده في مرسم شقيقه "حسن" وقد أصر نصران أن يتم الحديث هنا لا في المكتب
جلس "عيسى" على المقعد الخشبي الخاص بشقيقه أمام والده الذي بدا متعبا للغاية ولكن أخفى هذا التعب انفعاله وشوقه للحقيقة حيث سأل:
تعرف ايه عن موت أمك يا "عيسى"؟

_ ما تيجي يا بابا نأجل الكلام في الموضوع ده علشان أنت شكلك تعبان و...
قاطعه " نصران" بحدة وهو يخبره:
أنا زي الفل ولا تعبان ولا فيا حاجة... أنا عايز اسمعك.

صدرت عن "عيسى" تنهيدة متعبة تبعها بقوله:
أعرف اللي مدام سهام قالته... إلا لو كانت قالت حاجة غير الصدق.

وجه والده سؤاله بنظرات وجعته:
ايه هو الصدق يا عيسى، ايه هو الصدق اللي أبوك عاش عمره كله مختوم على قفاه وميعرفوش؟

نزلت دموع "عيسى" لم يحتمل أكثر حيث قال بألم:
الصدق هو إن أخوها قتل أمي، الصدق إني مستحملتش لما سمعته وانا عيل صغير بيقولها إنه موتها، مستحملتش لدرجة إن حتى نعمة إني اتكلم مبقتش قادر عليها بقت رفاهية مش ليا.
قصد تلك الفترة التي فقد فيها النطق بعد وفاة  والدته ولم يكن والده بناسي لها ليذكره وأكمل "عيسى" بنفس ألمه الذي وصل لوالده:
سمعته بودني وأنا نايم على سريرها وهو بيقولها انه هيقتلها... قالتلك ايه؟
ترك مقعده ليقف أمام مقعد والده صارخا:
قالتلك إنها زعقت معاه، قالتلك إنها ضربته، قالتلك حتى إنها طردته؟.... كل ده مكانش كفاية، خطوة واحدة بس منها كانت ممكن تمنع كل ده، لو كانت فضحته قصادك كانت رجله هتتقطع من هنا بجد وميعرفش يعمل حاجة.

تحفز "نصران" كليا لسماعه وهو يتابع مفجرا كل شيء:
أخوها كان كلب منصور، كان متفق معاه يسرق الورق اللي يثبت إن سهام ليها أرض، كان عايز يرجع هنا تاني... كان هياخد الورق وياخد اخته ويطلع على منصور علشان منصور يرجع البلد دي تاني، يرجع وهو صاحب مُلك بعد ما تبيعله.

انكمشت تقاسيم "نصران" بصدمة و"عيسى" يضيف بضحكة متهكمة:
أكيد طبعا قالتلك الكلام اللي بسمعه منها بقالي سنين، قالتلك إنها مكانتش موافقة، وإن أخوها كان طماع وكلب فلوس... أكيد طلعت نفسها ملاك نازل على الأرض بالغلط.

هز "عيسى" رأسه نافيا وهو يخبر والده وقد تلاحقت دموعه التي امتزجت بانفعاله الذي أبرز عروقه:
بس لا.... هي سكتت، وأنا سكتت مش مرة، أنا سكتت تلات مرات.
ذكر لوالده مرات سكوته كل مره بقهر أكبر:
مره وأنا عيل وكان غصب عني لما مبقتش قادر انطق بأي كلمة، ولولا "ميرڤت" كان زماني ميت لو فضلت هنا... الاحمرار في عينيه لا يوصف وهو يكمل بعد أن انحنى ليصبح جالسا أمام والده:
و مره لما قدرت انطق بس لاقيت "فريد" روحه فيها، لقيته بيقولها يا ماما، وبينام في حضنها... لقيتها ام اخواتي وأم "طاهر" اللي عمري ما اعتبرته غير أخويا ودي كان تاني مره اسكت، المرة دي سكتت علشانهم، لو غفراني ليها كان بسبب، السبب ده هما اخواتي اللي مش هيستحملوا عليها الهوا حتى دلوقتي وهما كبار وكل واحد فيهم مسؤول عن نفسه....
تجمعت الدموع في عيني "نصران" وابنه يهتف وقد قتل الألم روحه:
وتالت مره كانت من قريب مش بعيد... تالت مره لما جت تطلب مني اسامحها، وقالتلي إن أخوها طمعه ساقه، وإن منصور هو السبب... كانت فاكرة لما تقولي هسامحها، بس أنا مش هنسى امي، أنا سكتت علشان "طاهر" و"رفيدة" و"حسن" ، سكتت علشان "فريد" اللي نايم في تربته، فريد اللي مكانش بيستحمل عليها الهوا.

ابتسم "نصران" وهو يسأله:
وطفيت نارك وقتلت اللي قتل أمك صح؟

هز "عيسى" رأسه نافيا يصرح بما أشعل النيران بداخله:
لو سكتت عليها هي علشانهم، هو مكانش فيه حاجة تخليني اسكت عليه، بس هو فلت... أنا كنت كل دقيقة بفكر اوجعه ازاي، أخليه يتمنى إنه يرتاح ويموت وميلاقيش الراحة دي ازاي...بس جالي خبره ساعة الحادثة اللي مات فيها... عدل ربنا، منظر العربية ساعتها طفى نار كبيرة أوي جوايا ..
قاطعه "نصران" مهاجما:
بس هي قالت انك قولتلها إن الحادثة كانت من تدبيرك، إن اللي قتله أنت.

طالع والده بعينين بان الصدق فيهما، رأى فيهما النقاء وهو يقول:
قولتلها كده لما رجعت اقعد هنا بعد "فريد"... مكنتش قادر أشوفها كل يوم وأتعامل عادي، مكنتش قادر أصدق إنها جاية تطلب مني بكل بجاحة أسامحها وبتقولي إنت حقك جالك، أنت مشوفتش أخويا مات ازاي؟.... لقيت نفسي بقولها كده
صاح بوجع:
قولتلها كده علشان أحرق قلبها...علشان تدوق من اللي بدوقه كل يوم وأنا عارف إنها عمرها ما هتتوجع على أخوها ربع وجعي على أمي، قولتلها كده علشان تكرهني وتبعد عني....أنا عمري ما كنت وحش ولا اعرف أكره، هما اللي عملوا فيا كده وأنا راضي جدا عن اللي وصلتله ومش عايز أغيره، ابتلع ريقه وأغمض عينيه وبعد أن فتحهما تطلع بهما إلى والده الذي لمح فيهما تراكمات عصفت بابنه ولم تتركه وشأنه، لمح فيهما ابنه الصغير وخاصة حين سمع نبرته وهو يقول دامع العينين:
حتى لو حبت فريد، حتى لو عاشت عمرها كله تربيه وتعوضه لحد ما حبها وشاف فيها أمه، حبها أكتر ما حب أمه... حتى لو ربت عيالك وعاشت عمرها كله صايناك، حتى لو أنت بتحبها... أنا مش هقدر أتعامل معاها عادي، مش هقدر أسامحها... الحاجة الوحيدة اللي عملتها علشانك وعلشان اخواتي هي إني اسكتت واعتبرها مش موجودة ودي تمنها غالي أوي ومحدش بيدفعه غيري.

كانت حالة من الذهول مسيطرة على " نصران"، كل هذا القدر من الحقائق صفعه بما لن ينساه... دفن "عيسى" رأسه في صدر والده وعندها سمح لنفسه بالانهيار، طالعه "نصران" بأسى ورفع يده يمسح على خصلاته ولكن ابنه اعتدل يقول بوجه بهت الألم عليه:
أكبر عقاب ليها إنك عرفت، لكن مينفعش حد تاني يعرف، هيفضلوا دايما شايفني إني دمرت حياتهم وخربت البيت ده، محدش بيحب اللي يكره أمه حتى لو أمه فيها العبر، لو قولت كل حاجة ووقفنا نتحاسب أول ناس هياخدوا صفها هما "حسن" و"رفيدة" و"طاهر".... حياتهم هتبوظ، صعب أوي تلغبط حياة بنوها سنين في يوم وليلة، صعب يختاروا بيني وبين أمهم.... علشان هي زرعت فيهم، هي عملت حساب اليوم ده كويس أوي، وحتى لو قصرت بس زرعت جوا كل واحد منهم حتة تخليه مهما عملت يقول أمي بس...

اقتحمت جلستهم، لم تسمع أي شيء سوى حديث "عيسى" الأخير عن حب أخواته لها، طلبت من جديد... كان رجاء حار بعينين دامعتين:
وحاولت كتير، حاولت أخليك تتربى وسطهم، حاولت أعوضك، أنا مش وحشة يا "عيسى"... أنا خوفت على نفسي، كنت خايفة على بيتي ومستقبلي وابني، كنت خايفة كل حاجة تتهد علشان حبيت أبوك.

وقف لها " نصران" سائلا بحدة:
واقفة بتتصنطي؟
_ والله ما حصل أنا كنت جاية ليك وسمعته وهو بيتكلم عن اخواته... أبوس ايدك يا نصران ما تقولهم حاجة.
اقتربت من يده وهي تقول باكية بتوسل:
ابوس ايدك ما تهد اللي تعبت فيه سنين... أبوك من زمان قايل إن اللي تخلف مبتطلعش من البيت ده وأنا مش بس مخلفة منك، احنا عيالنا خلاص كبروا، مش بعد كل ده يا "نصران".

لم يستطع " عيسى" البقاء أكثر، ترك المرسم وفر من هنا، أخذ سيارته ورحل بها بعيدا... فاق من شروده ورفع إصبعه يمسح عن عينيه الدموع التي رافقها تنهيدته الحارة وألم لا حد له... ألم لا يوُصف.

★***★***★***★***★***★***★***★

أنهت "مريم" محاضراتها وتحركت لمغادرة القاعة وما إن غادرت وتحركت ناحية الممر الخارجي حتى وجدت "حسن" في وجهها يقول بمشاكسة:
لا مش معقول الصدف دي... أنا كده متراقب.

احتدت نظراتها وهي ترد عليه:
لا أنت كده مش لاقي حاجة تعملها.
اعترض طريقها وهو يقول بابتسامة:
طب مش أنتِ مروحة؟

هزت رأسها فتحرك ليقف جوارها قائلا:
أنا كمان مروح، يبقى يلا سوا بقى.

_ ايه يا "حسن" هتيجي بالليل ولا لا؟
كان هذا سؤال إحدى الفتايات المارة جوارهما وهذا جعل مريم تطالعه بغضب فصحح موقفه سريعا:
استني بس ده الدكتور كان طالب كل واحد يختار team ينفذ معاه الشغل، ودي من ضمن ال team.

سألته بابتسامة صفراء:
والله؟
لم تكد تكمل حتى هتف صديقه الذي مر من هذا الممر:
ابقى تعالى صالة البلياردو النهاردة
أسرع "حسن" يقول:
شوفتي بقى انك ظلماني؟
قال هذا قبل أن يتابع صديقه:
بس على 8 كده قبل ما مروة تيجي.

غادر وبقت "مريم" تطالع "حسن" باشتعال فقال مشيرا على صديقه:
اهو ده بقى من فئة اللي جه يكحلها عماها.

_ أنت عارف لو ما مشيتش من قدامي دلوقتي أنا هعمل ايه؟
رد ضاحكا بغير مبالاة:
هتعملي ايه يعني؟

حذرته وقد وصل غيظها منه للذروة:
امشي يا "حسن".

طلب منها برجاء:
طب بصي بس...
استدارت ناحية القاعة وما إن رأت واحدة حتى صاحت بنبرة عالية:
يا دكتور لو سمحتِ.
انتبهت لها سيدة تبدو في الخمسينات من عمرها وأسرعت " مريم" ناحيتها قائلة:
المحترم ده بيضايقني ومش عايز يخليني أمشي.

احتدت نظرات السيدة وتدلى فك "حسن" بذهول وخاصة حين سمع:
مش يخليكِ تمشي ازاي يعني،
هو احنا فين هنا...اتفضلي أنتِ وأنا هتصرف.
مرت "مريم" من جوار "حسن" ضاحكة بتشفي وهي تهمس:
البس بقى.

_ اه يا بنت ال...
قطع عبارته وهو يسمع الأمر الموجه له:
هات الكارنيه...
استغل فرصة أن إحداهن قطعت حديث السيدة وأتت تبلغها شيء وتحرك مسرعا في وسط من خرجوا من القاعة وهو يتوعد بغيظ لمريم بعد ما فعلته به.

★***★***★***★***★***★***★

يجلس "منصور" في مكتبه بعد أن اطمأن على ابنه الذي ذهب في سبات عميق، ما حدث شغل تفكيره ولم يقطع شروده سوى صوت "ميار" التي انضمت لجلسته واستأذنت بأدب:
أنا همشي بقى يا عمو... بابا مشي، وأنا عايزة اروح.

رد "منصور" على هذا بقوله:
خليكِ يا ميار مع بنت عمك كان يوم، كده كده كليتك هنا في اسكندرية تروحي وترجعي زي ما أنتِ عايزة.

ترددت ولكن حسمت أمرها وهي تسأله:
هو يا عمو جابر اتخانق مع طاهر علشان كده جه أخوه عمل المشكلة دي؟

هز "منصور" رأسه قائلا بانفعال:
ايوه بسبب المحروقة بنت "هادية".

ابتسمت بخبث قبل أن تقول متصنعة الأسى:
على فكرة يا عمو البنت دي معايا في الكلية...
أنا أسفة يعني بس ندى حكتلي عن المشكلة وإن جابر عايز يتجوزها.
بررت معرفتها بهذا السبب ثم تابعت:
بس على فكرة هي بنت مش تمام، بتتصرف تصرفات غربية، ودايما في منها شكاوي، تعرف يا عمو أنا عزمتها مرة على حفلة عيد ميلادي، فضلت تشرب وقامت بهدلت الدنيا وكان منظر وحش خالص.

رفع " منصور" حاجبه سائلا وهو يفكر:
تقصدي إن مشيها بطال؟

هزت رأسها نافية وهي ترد على سؤاله:
لا طبعا مقصدتش كده... بس هي بتاعة مشاكل.

في نفس التوقيت كان ابنه في الاعلى، يحدث أحدهما في الهاتف بحقد بعد أن تأكد من أنه في الغرفة بمفرده:
أيوا اسمع اللي بقولك عليه ويتنفذ بالحرف.
استمع له الطرف الاخر فتابع "جابر":
أنا عايز البلد كلها هنا عندنا، وهناك عند نصران تعرف إن شهد بنت حسن عبد الباسط ماشية معايا، عايزك تغرق البلد كلها هنا وهناك بإني مرافقها... وتقول اللي هقولك عليه ده كمان.
كانتا عيناه متقدتين بشر وحقد نبع مما حدث أمس، لذلك نوى أن يفعل ما هو ليس هين أبدا.

★***★***★***★***★***★***★***★

عاد إلى المنزل في نهاية المطاف بعد أن أفرغ قدر كبير من طاقة غضبه وحزنه، خشى كثيرا من مكروه يصيب والده بعد كل هذه الأحداث المتلاحقة، اتجه إلى غرفته حين لم يجده في الأسفل، دق
" عيسى" على الباب ولكنه سمع صوت والده من الداخل يقول بغضب:
أنا قولت مش عايز حد.

فتح الباب على الرغم من رفض والده وطلب منه برفق:
أنا راضي بأي حاجة هتقولها، راضي بحكمك... بس عايزك تهدى دلوقتي وترتاح، كده كتير.

قطع حديثه دخول إحداهن بكوب من القهوة، للمرة الأولى يراها عيسى عن هذا القرب، يعلم أن واحدة أتت لمساعدة "تيسير" ولكنه لم يصادفها، سألها وهو يرى ما تمسكه:
ده فنجان القهوة الكام؟

تطلعت له "هالة" وجاوبت:
التالت.

_ حطيه يا هالة هنا.
كان هذا أمر "نصران" الذي اعترض عليه "عيسى" بقوله:
خدي القهوة دي وامشي، الحاج ليه فنجان واحد في اليوم.... متتكررش تاني.
انصرفت من الغرفة ليهتف "نصران" بغلظة:
هتمشي كلامك عليا كمان؟
هز "عيسى" رأسه وهو يرد عليه:
اه لو في صحتك همشيه.

تقترب من موقع جلوس والده، تناول كفه يقبله وهو يقول بعينين صادقتين:
أنا طول عمري بفتخر إنك أبويا... خليك كويس علشاني، لو عايز تقدملي خدمة في الحياة خليك كويس .... قولتلك أنا راضي بحكمك، راضي بأي حاجة هتعملها علشان متأكد إنك صح، بس اركن كل حاجة النهارده وريح... قلبك مش هيستحمل كده،
جذب الدواء من على الطاولة سائلا بحزن:
أنت مخدتش دواك صح؟
عدم الرد جعله يدرك الإجابة لذا طلب برجاء:
لو ليا خاطر عندك خده.

تناوله منه "نصران" بالفعل وشرب خلفه الماء ... اللهفة في عينيه أجبرت "نصران" على الابتسام، رغم تعبه، رغم ذهوله بأنه عاش عمرا جاهلا حقائق كان من المفترض أن يكون أول من عرفها، لم تفارقه ابتسامته ليطمئن ابنه وهو يقول:
قلب أبوك حديد.

ضحك "عيسى" وهو يجيبه:
ما أنا عارف طالعلك.

_ روح شوف ملك وأنا هرتاح شوية ولما أقوم لينا كلام.
هز "عيسى" رأسه موافقا وبالفعل انصرف مغادرا غرفة والده بعد أن تيقن أنه نوعا ما أصبح بخير.... توجه إلى غرفته فوجد "ملك" تجلس على الأريكة أمام التلفاز تعبث في هاتفها بملل، تجاهلته تماما حتى ذهب ناحيتها.. جلس جوارها فاستدارت تعاتبه:
على فكرة أنا جيت علشانك يا "عيسى"، بس أنت اتكلمت مع باباك وبعدها مشيت، أنا شوفتك من الشباك وأنت بتركب عربيتك...
قاطعها سائلا:
هتقعدي هنا يعني لحد ما شقتنا فوق تخلص؟
توترت للغاية وكان هو ينتظر ردها على أحر من الجمر، حسمت أمرها سريعا وهي تخبره بابتسامة  حانية:
اه هقعد معاك.
حذرته مسرعة:
بس هروح لماما واخواتي برضو... اوعى تكون بتفكر تمنعني!

رد عليها بغيظ:
أمنعك؟... هو أنتِ في حد بيقدر يمنعك؟

الإجهاد ظاهر جليا عليه وخاصة أنها رأت في عينيه ما يخبر أن صاحبه مر بساعات لم تكن هينة أبدا.
لذا مسحت على وجهه مطمئنة:
كل حاجة هتكون كويسة يا " عيسى"  إن شاء الله.
ابتسم لها ورد عليها بما أسرها:
والله هو طول ما الواحد هيشوف الوش ده يبقى جاحد لو قال إن كل حاجة مش كويسة.

نظرت للأرضية تكتم ضحكتها فسألها بابتسامة عرفت أنها على وجهه قبل أن تراها:
بتضحكي ها؟

لم تنظر له حتى اقترب هو على حين غرة بوجهه منها أثناء رفعها لرأسها فاختفت الضحكة تماما من على وجهها وقد صدمتها فعلته... حدثها هو غامزا:
طلعت ظالمك ومبتضحكيش.

شعرت بانسحاب أنفاسها، في كل مرة تختبر معه مشاعر جديدة تخشى شيء ما، شيء خفف حدته هو بنبرته الممتنة:
ملك أنا مطلبتش منك تيجي بس أنتِ عملتي ده من نفسك رغم إنك ممكن تكوني نفسيا مش مستعدة، بس كون إنك عملتيه علشاني ده عندي كبير أوي.
حديثه أثر بها جعل عينيها تتحدث قبل أي شيء، العيون التي تتفنن دائما في أسره وتسلبه رغما عنه، أصبح اقترابه أكثر من قبل، خشت هي كثيرا وهي تراه يخبرها بابتسامة حانية:
متخافيش... لو قولتيلي دلوقتي اخرج هقوم أخرج بس متبقيش خايفة.

ابتلعت ريقها بتوتر، حديثه يطمأنها وحضرته تعطيها كل الأمان فكيف تسمح له أن يغيب، استمعت له ثانيا وهو يربت على كفها بيده:
مينفعش تخافي، أنا النهاردة حسيت إني بعيش إحساس مر أوي، شعور مفارقنيش من وأنا عيل كان كل يوم بيتجدد بس النهاردة كان مضاعف، كنت محتاجك جنبي... وجيتي.
حديثه جعلها تحتضنه تطمأنه أن كل شيء سيكون على ما يرام، تنهد بحزن وابتعدت هي بتقول له:
عايزاك تعرف إن أي شعور وحش بنحسه ممكن نتخطاه بناس بنحبهم بجد وحتى لو مش هنقدر نتخطاه ممكن نقلل وجعه بوجودنا جنبهم... وأنا بحبك بجد يا "عيسى".

ضحك وألقى على مسامعها ما ألقاه مسبقا، تلك الأبيات التي جعلت الحمرة تداهم وجهها... كانت نبرته توحي بحبه واستماتته من أجل هذا الحب:
يَقولونَ لَو قَبَّلتَهُ لَاِشتَفى الجَوى
أَيَطمَعُ في التَقبيلِ مَن يَعشَقُ البَدرا
أنهى جملته ومال مقبلا ثغرها وللمرة الأولى لا يشعر بخوفها وكأنها انتصرت على الخوف في هذه اللحظة وتاهت معه فقط... لم يفسد هذه اللحظات إلا صراخ
" سهام" في الخارج، ذلك الذي جعله ينتفض مبتعدا عن "ملك" ويتجمد مكانه .... أول ما بدر إلى ذهنه أن يكون والده به شيء، هذا أفقده القدرة على فعل أي شيء هذا أصابه بالشلل... وجعله يتمنى أن يفنى قبل أن يسمع أي قول من تلك التي لا ننساها أبدا لأنها لا تكون في صالحنا دائما.
ربما أقوال لا ننساها أبدا تحيينا
ولكن هناك أقوال لا تُنسى لا تتفنن إلا في قتلنا.

يُتبع
متنسوش تعملوا لايك وقولولي رأيكم 🌸

Continue Reading

You'll Also Like

1.1M 76.6K 31
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...
1.3K 65 5
يقولون إنه يجب على المرء أن يتحمل ما يمر به من صعاب ، ولكن إلى متى يتحمل ، وهل يجب عليه أن يتحمل وزر ذنب لم يقترفه ؟! ، ام يتحمل نظرات الناس ذات التف...
4.8K 305 19
أبرقت عيناه العميقتان بالدموع ثم أطرد بلهجة حانية : لو لم تكوني لي يومًا، ستكونين لي في الجنة الخالدة.
794 141 23
غموض وأسرار مخفيـة مع كل سر يُكشف يظهر سـر آخر أكثر غموضًا وأشد صدمة من قبله، قلوب أرهقها العشق وقلوب أخرى تتعرف على ابجادية الحُب وسط انتقام امتد لأ...