🌸الفصل الخامس والخمسون🌸

3.5K 178 41
                                    

{الجزء الثاني من الفصل}
******'' '' ''

كانت في أشد حالاتها حماسًا و أكثرها توترًا حين ظهرت كابر من خلال بوابة الخروج تجول ببصرها عبر الملتفين حول البوابة في انتظار خروج القادمين...
"كابر..."
التفت نحو الصوت الأنثوي الرقيق الذي نادها بحماس ولمحت دهب تركض نحوها بابتسامة استقبال واسعة
جردتها من توترها نوعًا ما...
احتضنها قائله:
"الف حمدلله على السلامه حبيبتي نورتي مصر كلها"
ردت كابر وهي تحتضن دهب بقوة:
"الله يسلمك يادهب وحشاني جدا"
و تطلعت كابر في وجه دهب الشاحب الهزيل وسألتها :
"حمزة معاكي"
اومات دهب برأسها قائله وهي تُشير خلفها:
"جاي ورايا أصله اضطر يركن العربية بعيد شوية عن هنا بسبب الزحمة"
قالت كابر وهي تدفع عربة الحقيبة للأمام:
"تعبتوا نفسكم ليه، أنا كنت هقدر اوصل على العنوان
لوحدي"
لامتها دهب وهي توقفها وهي تحدق مبتسمة في بروز بطنها بشكل ملحوظ:
"بتقولي إيه، دي ماما أكدت عليا اكثر من خمس مرات
اني اوصل قبلك واقفلك هنا عند بوابة الوصول ونطمن
عليكي لحد ما تدخلي من باب الشقة كمان"
ضحكت كابر و قالت بحزن:
"كان نفسي اجي في ظروف أحسن من كده، طمنيني على أيوب عامل إيه دلوقتي؟"
دلكت دهب جبهتها تزفر بتعب شديد حل عليها أثر الأيام الماضية:
"الحمد لله يا كابر بقى احسن بكتير، ده كان تعبان جدا
بس الحمد لله ربنا عداها على خير و شفاه، ااه يا كابر لو
تشوفي حالة إيسال دي خسيت النص لا أكل ولا شرب كانت هتموت عليه"
تنهدت كابر بأسي على هذه المسكينة التي تهزمها كل الظروف:
"والله الكل لما عرف زعل عشانها، هما طريقة جوازهم
مكنتش مناسبة طبعا، بس في الآخر هما اتجوزوا بالحلال على سُنة الله ورسوله"
اقترب منهما حمزة و لاحظت كابر التغيير الكبير الذي طرأ على ملامحه الحزينة النحيلة، صافح كابر بقوة مبتسمًا في وجهها رغم كل الظروف، اخذ عربة الحقائب
و دفعها بينما تحركت دهب و كابر أمامه يتحدثا:
" أنا مكسوفة جدا من حمزة، بس كان لازم اجي واشوف علي قبل ما يسافر وكمان عشان عيد ميلاده"
لكن برغم خفوت صوتها إلا أنه قد وصل إلى حمزة الذي حمل الحقيبة ليضعها في حقيبة السيارة الخلفية
قائلا بصوت مرهق:
"بالعكس انتِ كويس جدا انك جيتي عشان كلنا نبقا
مع بعض، أيوب محتاج أنه يتحسن نفسيًا اكتر من أنه يتحسن جسديًا ولمتنا مع بعضنا هتكون مناسبة حلوة
عشان يخرج هو و إيسال من الفترة ديه"
أكدت دهب على كلماته بتمتمة مغتاظة:
"حمزة عنده حق أيوب محتاج أنه يغير نفسيته بسبب
اللي عملته ام..."
قاطعها حمزة بنظرة حازمة جعلتها تصمت:
"دهب وبعدين"
صممت دهب زافرة بضيق نفخ صدرها منِه، و أغلق هو بدوره حقيبة السيارة، بينما هي مطت له شفتيها
بأستياء، بسبب هذا الشعور المتبادل بينهما منذ علم منها بما حدث مع هذا الحقير قاسم...
فتح باب السيارة الخلفي لكابر ثم الأمامي إلى دهب التي همست في أذن كابر قبل أن تصعد إلى السيارة:
"كله من العقربة أمه"
اقتربوا من الوصول إلى المنزل وعندها هاتفت كابر زوجها علي فأجابها على الفور، و كان يتغلب عليه الحزن الشديد و القلق على ابن عمه ورفيق دربه
حتى ضحكته الجميلة التي كانت لا تفارق شفتيه أصبحت تخاصمه:
"الو.. ايوه حبي"
همست كابر بخجل:
"ازيك حبيبي، عامل ايه؟"
قال علي بنبرة مرحة كانت تفتقدها في صوته منذ ايام:
"كويس الحمدلله انا عند أيوب دلوقتي وفي مطحنة ما بينا على دور شطرنج"
ابتسمت كابر وهي تسأله باهتمام:
"أيوب احسن النهاردة"
هتف متنهدًا وكأنه كان حملًا ثقيلًا وانزاح:
"الحمدلله بقى بخير وبيسلم عليكي هو و إيسال"
ثم قطب حاجبيه يسألها:
"انتى فين؟ شكلك بره البيت"
ارتبكت كابر قليلاً وهي تنظر لدهب التي التفتت نحوها برأسها تغمغم:
"اه.. اه اممم خرجت مع بلسم نشتري شوية نواقص و
خلاص داخلين على البيت"
امتعض على لاويا شفتيه بحنق قائلا بنبرة حادة:
"ليه مقولتليش إنك خارجه زي ما بتعملي دايما، ازاي تخرجي أصلا من البيت من غير ما تقوليلي"
داعبت ابتسامة جذلي شفتيها وهي تزمهما حتى تكتم ضحكتها من غيرته الواضحة في نبرة صوته:
"قولت الموضوع مش مستاهل يعني اقولك ده هي ساعة واحدة"
هتف بحدة أكثر صلابة تلك المرة:
"مش مستاهل طيب متعملهاش تاني بعد كده حتى لو كنتي رايحه البيت الكبير مش نزله وسط البلد"
همست بطاعة تهز رأسها كأنه يراها:
"حاضر...اغلقت الهاتف مع علي الحانق وهي تضع يدها فوق صدرها قائلة بعد زفرة ارتياح:
"الحمدلله كنت هكشف نفسي، هو لسه عند أيوب و طمني عليه"
قال حمزة وهي ينظر لها عبر المرآة الامامية للسيارة:
"احنا خلاص وصلنا ان شاء الله يرجع يلاقيكى مستنياه"
صفقت دهب بحماس طفولي:
"هتبقى مفاجأة جميلة"
اومات كابر برأسها تبتسم باهتزاز ..انها خائفة من ردة فعله عندما يعلم أنها أتت بمفردها ربما يغضب منها..
نظرت بفضول و انبهار عندما توقفت سيارة حمزة أمام بوابة المجمع السكني الراقي رحب حارس الأمن بحمزة
الذي يعرفه ويعرف زوجته شقيقة الكابتن علي و التي تأتي إلى شقيقها من وقت لآخر و نظر إلى المرأة الأخرى التي تجلس بالخلف فقال حمزة لحارس الأمن بضحكة
بشوشة وهو يضع في كفه الذي صافحه ورقة نقدية:
"مدام كابتن علي"
اوما الحارس رأسه بترحيب حار للسيدة الجميلة:
"أهلا وسهلا يا فندم نورتي"
ابتسمت له كابر برقة... بينما قال حمزة للرجل بهمس:
"الكابتن مايعرفش.. خليه سر لحد مايعرف بنفسه"
ضحك الحارس بحبور:
"تمام يابشمهندش اتفضلوا"
ترجلت كابر من السيارة بعد أن ودعت حمزة و دهب التي غمزت لها بدورها، حمل الحارس الحقيبة وصعد مع كابر حتى باب المنزل الفخم يسألها:
"اي خدمة تانية ياهانم"
قالت كابر بسعادة تطفو فوق ملامحها الجميلة:
"متشكرة جدا"
تحرك الحارس وفتحت كابر باب شقتها التي لم تدخلها
من قبل بمفتاحها الثاني الاحتياطي التي تركه لها علي
أغلقت الباب وتوقفت مبهورة تنظر إلى بيتهما الرائع بشغف، كل شيء كان جميلًا يحيطه الروعة و النظام و
دخلت بهدوء تتجول مبتسمة في أنحاء المنزل الواسع
فتحت باب الشرفة الزجاجي المطل على حديقة رائعة الجمال ممتلئة بالصغار الذين يلعبون و ضحكت وهي تعانق بطنها قائله لصغيرتها التي تعرفت على جنسها بالأمس:
"شايفة الجينية الحلوة دي اللي كلها ألعاب انتي بس تيجي بالسلامه أن شاء الله هتنزلي تلعبي فيها وهيكون لكي أصحاب كتير حلوين زيك"
شعرت بنقرة رقيقة تداعب جدار بطنها الداخلي لتشعر بأن صغيرتها تتواصل معاها فقالت وهي تسند رأسها على حافة الجدار محدقة في الصغار:
"اممم عارفه إنك زعلانه مني عشان مقولتش لعمتك ولا لأي حد خالص إنك بنوته"
ازداد النقر فشعرت بدغدغة جعلتها تقهقه هامسة:
"ايوه لازم بابا هو أول واحد يعرف انك بنوته دي هديتي له في عيد ميلاده"
ثم قلبت شفتيها كطفلة حانقة تشعر بالغيرة:
"تعرفي ان بابا هو اللي قال انك بنت وأنا كنت بقول ولد، المفروض أنا اللي حامل فيكي و المفروض أنا اللي احس مش هو، مش مشكلة المهم إنك تيجي بالف سلامه"
تجولت في باقي المنزل الذي تنيره شمس المغيب و أشعلت كل الأضواء دلفت إلى غرفة النوم الأنيقة وهي
تنظر هناو هناك حتى لمحت ملابسه المبعثرة فوق الفراش و مقعد التسريحة المستدير حملت قميصه
الملقى بإهمال و أخذت تستنشق عبق رائحته المميزة
وقلبها يرفرف من الإشتياق إليه حتى رن الهاتف الذي تركته في حقيبتها بالخارج، هرولت سريعاً لتجيب على المتصل بألحاح وكانت كما توقعت حماتها الجميلة ثم
بدورها هاتفت بلسم لتطمئنها وبعدها أغلقت الهاتف حتى تستعد لاستقبال زوجها الحبيب...
************
أثناء عودتهما إلى المنزل طلبت دهب من حمزة الذي كان يقود في صمت أن يتوقف أمام إحدى الصيدليات
توقف حمزة يسألها بتوجس:
"عايزه ايه من الصيدلية"
"هنزل اجيب حاجات محتاجاها" قالت دهب بهدوء وهي تفتح الباب لتخرج:
ضيق عينيه محدقًا في خديها الناعمين بحمرة رقيقة و
قال وهو يمسك ذراعها:
"قوليلي عايزه إيه و أنا انزل اجيبه، ماتتعبيش نفسك"
"حمزة انا محتاجه حاجات كتير غسول و تونر و قطن
و.. وفوط صحية" قالت بضحكة ناعمة ثم ملست على خده برقة وغمزت بطرف عينيها "مش هتأخر عليك"
أوما رأسه يتابعها وهي تدخل إلى الصيدلية برشاقة و
أبتسم...
بعد دقائق خرجت دهب مسرعه وهى تحمل شنطة كبيرة ممتلئة بالأشياء يبدو أنها فعلا ابتاعت الكثير من احتياجاتها الخاصة "اتأخرت عليك؟"
"لا، اشتريتي كل الحاجات اللي كنتِ عايزها" سألها وهو ينظر في عينيها الزمرد اللامعة:
اومأت رأسها في صمت حينما رفعت له عينين بريئتين تجيبه
"حمزتي عايزة أكل آيس كريم"
"عيوني و قلبي لكي" قال بعشق مداعبًا خدها.
**********
"لا تكذبي إني رأيتكما معا، ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا، ما أهون الدمع الجسور إذا جرى، من عين كاذبة فأنكر وأدعى..
إني رأيتكما.. إني سمعتكما..
عيناك فى عينيه.. فى شفتيه.. فى كفيه.. فى قدميه
ويداك ضارعتان.. ترتعشان من لهف عليه
تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني بسوط من لهيب
بالهمس، بالآهات، بالنظرات، باللفتات، بالصمت الرهيب.
ويشب فى قلبي حريق ويضيع من قدمي الطريق
وتطل من رأسي الظنون تلومني، وتشد أذني.
فلطالما باركت كذبك كله ولعنت ظني.
ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك، ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك.
أأقول هانت؟.. أأقول خانت، أأقولها؟.. لو قلتها أشفي غليلي.. يا ويلتي..
لا، لن أقول أنا، فقولي..
تخجلي.. لاتفزعي مني.. فلست بثائر..

في العشق والهوي Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin