اقتباس (من الفصل 49)

2.5K 91 13
                                    

لا تخف من عقل امرأة تقرأ، لا تخف من عقل امرأة تعرف ما تجوع له وما تحتاج..
تصفف علاقاتها كما تصفف الكتب وتحفظ الأسرار كما تحفظ الرسائل. امرأة تفضل النوم على كتاب أكثر من نومها على الوسائد؛ تفهم تماماً بأن الأحلام على وجه الكتب ليست أحلاماً..
إنما استطلاع على ما قد يجيء في المستقبل، أما أحلام الوسائد لا تشبه إلا رسما جميلا لكنه على وجه ماء..
امرأة  تقرأ؛ يعني أنها امرأة متحولة لا تجيد الروتين لكنها تجيد القفز، لياقتها تساعدك على تخطي هذا العالم المزعج والسكن في هدوئها..
امرأة تقرأ؛ امرأة تربط الأماكن بالجمل التي أضحكتها كثيراً أو أبكتها كثيراً، امرأة لا تنسى، تتعامل مع من حولها وكأنهم نباتاتها اللاتي تنتظرن سقايتها..
امرأة كهذه لا تعترف بالذبول ولا بالنهاية أبدأ حتى الموت تراه فاصلاً سيكون بعده لقاء طويل....

رنين صفارة طويلة هادئة هدهدت بظلمة الليل العتم جعلت وداد تنتبه و تطوى صفحات كتابها الذي كانت تقرأ فيه بعد ان وضعت فاصل بين صفحاته القديمة و بخطوات مترددة توجهت نحو النافذة لتفتح ابوابها الخشبية العتيقة ببطئ وتمد رأسها تنظر...
رفع صفوت يده يلوح لها وهو يبتسم ابتسامة عريضة
لاحت فوق شفتيه وهو يقول بصوت خافت:
"أخيراً صحيتي، ديه العصافير اللي ع الشجر صحيت"
رفعت وداد يدها تلوح له هي أيضآ وهي تبتسم برقه قائله له بصوت أقل خفوت من صوته لكنه وصل اليه كنغمة هادئة:
"مكنتش نايمة كنت بقرأ في كتاب، حمدلله ع السلامة كنت مختفي فين؟ "
جلس صفوت عند حافة النافذة العريضة وتناول كوب قهوته السوداء يشرب منه وهو يقول:
"الله يسلمك انا ياستي كنت في دهب سفرت كام يوم مع صحابي اغير جو"
ثم مائل بجسده مما جعل وداد تشهق خائفة تردد بلهفة:
"خلي بالك هتقع"
سألها والابتسامة العريضة لاتفارق شفتيه:
"خايفة عليا؟"
مرت لحظات طويلة قبل أن تجيبه قائله بلا اهتمام:
"لا طبعا، بس ماحبش يطلعلي عفريتك تحت شباك
اوضتي"
تلك المرة اطلق صفوت ضحكة عالية جلجلة في الفضاء حولهم ثم أوما برأسه يسألها من جديد:
"رجعتي من البلد امتي؟"
قالت وهي تكتف ذراعيها و تسند ظهرها للخلف:
"من كام يوم، بالمناسبة ليكم شويه حاجات عندنا في التلاجة الصبح ابقى خدهم من بدرية"
فرك صفوت كفيه ببعضهما يهتف بحماس:
"ايه فطير مشلتت وعسل وكلام كبير كده"
ثم تطبطب فوق بطنه، و هزت وداد رأسها بنعم وهي تبتسم و اكملت:
"وبط وحمام ومش شوية حاجات من صنع ايد امي"
قال بصوت خفيض وهو يحدق في وجهها الناعم الذي يمنحه الآن نوع من السلام دون سبب يذكر:
"تسلم ايدها و ايد بنتها اللي تعبت نفسها و افتكرتنا احنا الغلابة"
هتفت سريعاً دون تفكير وكأنها تلغي تلك الفكرة من عقله بالانكار:
"أنا ماليش دعوة ديه ماما سهيلة اللي افتكرتك أنت و سراج، اااه بالمناسبة هو فين كان معاك في دهب"
قطب حاجبيه قائلا بنزق:
"صريحة اوي ماشاء الله"
ثم اجابها سؤالها عن سراج:
"لا سراج في باريس هيرجع على يوم السبت"
حركت وداد كتفها تهمس:
"يرجع بسلامة"
ثم تفاجئت بسؤاله الذي لا تعرف له اجابة:
"انبسطي في البلد؟ شكلك مبسوطة وشك منور كده و متغذي، كلبظتي"
ابتسمت لكنها لم تجيبه فوراً و فكرت للحظات بماذا تجيبه أهي حقًا كانت سعيدة!!
بزيارة بلدتها و رؤية أفراد عائلتها الحبيبة جميعآ.. ام أنها كانت تشعر طوال الوقت بالتعاسة والغضب، تبكي تارة و تضحك تارة وكأنها أصيبت بالسيكو*باتية شعور لا يمكنها وصفه إطلاقاً، كالذي يخرج من بين نير*ان حارقة مندلعة ثم يعود ليغوص داخل مياه باردة...
تجيبه بأن رؤيتها لحبيبها وهو سعيد يضحك ارهقتها بشدة اوجعتها، المتها، محمود كان يبتسم كشخص لم يعرف طعم الإبتسامة من قبل وهو برفقة عدو*تها..... نعم فاطيما برهان هي عدو*تها اللدودة التى سوف تظل تكرها إلى الأبد.

#يتبع

#يتبع

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
في العشق والهوي Where stories live. Discover now