أقتباس 🥀

2.1K 105 29
                                    

(من الفصل 53)

خرجت راكضه من المطبخ وهي تجفف يديها مقتربه من ذاك الجالس على مائدة الطعم يثور و يزوم بشدة من بين شفتيه المطبقتين :
"نعم، جيت اهو، في إيه مالك ياحمزة ؟"
نظر نحوها بحنق قائلا مثل صبي مراهق غاضب ينتظر من يراضيه :
"إيه دهوت ؟"
بدايًه حدقت فيه ثم حدقت إلى ما فوق المائدة قائله بهدوء :
"سلامة الشوف ده أكل"
دق بقبضة يديه المغلقة على الطاولة وهو ينظر لها وتنهد تنهيدة طويلة قبل أن يقل بسخرية :
"وكل وه شوف كيف كأني شايفة جدام مني جوالب أسمنت حوصلك إيه يانيرة، مآني خابر أنه وكل، و مسلوج كماني"
ضمت شفتيها هامسة ببراءة مزيفة تخفي خلفها الذي تفهم  مغزاه بوضوح :
"طيب في إيه بقا ما تأكل بالف هنا وشفا"
أخذ نفسًا عميق قبل أن يفرك كفيه ببعضهما البعض و مسح بهما فوق وجهه ذو اللحية الرمادية المرتبة يردد
بخفوت :
"لا حول ولا قوة الا بالله، نيرة إني مناجصش وچع جلب وين الوكل اللي طلبته منيكي، الويكة و....."
قاطعته قبل ان يكمل سرد قائمة الطعام التي طلبها منها وهي تفصص له صدر الدجاجه المسلوق وتضعه أمامه :
"مفيش ولا ويكة ولا مسقعة ولا مسبك هتاكل كله مسلوق و مشوي، نسبة الكولسترول في الدم عالية جدا ياحمزة ، ده غير سكرك العالي"
صاح بغضب و صوت منفعل :
"بجولك إيه ماتخلنيش اتعصب و تطلع زرابيني عليكي هه يحرچ الكولسترول ع السكر ع الكل كليله، اعمليلي الوكل و إياك تعصيني عاد نوبه تانيه"
نظرت له بحاحب مرفوع و تمتمت وهي تشير إلى طبق خضروات مطهو على البخار يتضمن البروكلي و الجزر
و الكوسة و البسلة الخضراء قائله :
"كل طبق الخضار ده مع الصدرين دول، أنا معملتلكش
شوربة خضار عشان متزهقش"
وعادت تقل وهي تزفر.. مما زاد غضبه :
"لازم تسمع كلام الدكتور"
فصرخ بها :
"الضاكتور، الضاكتور خلاص مبجاش ليا كلمه عليكي يا وكلة ناسك انتي، فاكرني شيبت و خوخت جدام منيكي ولا إيه ؟ لما اجول حاچه او أطلبها لازمن تتنفذ من غير ما تعرضيني"
اهدته بهدوئها أجمل ابتسامتها رقة و جمالاً على الرغم من صيحاته الغاضبة عليها و صوته الصارخ و ملامحه الحانقة شديدة الجمود، لتهمس وهي تسحب إحدى مقاعد الطاولة حتى تجلس بجانبه :
"كل الزعيق ده عشان خايفة عليك وعلى صحتك يابو عمر"
لمعت عيونه بغضب وشاح بوجه عنها يدمدم :
"إني صحتي بمب و الحمدلله"
ذابت فيه بنظرة واحده من عينيها لعينيه تستطيع الإحساس به بغضبه المكتوم، بتلك اللامعة المتكبرة و الحزينة داخل مقلتيه، بينهما رابط قوي خفي ينقل إليها كافة مشاعره من
القلب للقلب، زوجها الغالي الجسور و فارسها الأوحد على مر السنين الجبل الشامخ و القلب الشجاع حبيبها يتألم ويحزن في داخله رافضًا إظهار ضعفه أمام الجميع :
فتحت فمها السخي و رددت بحذر بصوتها الحنون :
"دايما ياحبيبي يارب صحتك بمب و بعافيه بس بردك لازم ناخذ بالاعتبار ان الوقاية خيًر من العلاج و أنت محتاج تاخد بالك شوية من صحتك خصوصاً في موضوع الاكل، أنا على عيني والله نفسي اطبخلك كل الأصناف اللي بتحبها بس كلها غلط عليك وعلى صحتك"
تمتم بحدة :
"العمر واحد و الرب واحد لا الوكل السمين ولا المسلوج راح يأخر ولا يجدم ساعتي كله بأمر الله"
أطلقت شهقة عاليه وهي تقول بحزن :
"ونعم بالله، الف بعد الشر عنك ياحبيبي، ربنا يبارك فيك وفي صحتك وعمرك، متقولش كده ياحمزة كل شوية بقا، لا حول ولا قوة الا بالله، يلا كل عشان تاخد ادويتك"
هتف بعناد :
"ماوكلش و ماوخدش علاچ ولا يحزنون، وهمليني في حالي، اندلي ع المطبخ روحي اعملي لعيالك المحمر و المشمر، و زغطي فيهم هما و إني انحرج"
زفرت مبتسمة متبرمة في وجهه الوسيم الذي ادعي الحزن و
الغضب منها ثم ظلت تهدهد له وهي تلمس بكل رقة ذقنه الشائكة :
"دقنك طولت اوي"
غامت مقلتاه بالحنان قائلا وهو يبعد اناملها الناعمة عن ذقنه :
"جولتلك مالكيش صالح بيا عاد، اني راح اجوم من اهنيه و
اهملك السرايا كلاتها بالي فيها"
وعلى الفور كاد ان ينهض لولا انها آمسكت بكفه الكبير بين
كفها النحيل لتمنعه وقلبت شفتها السفلى تقول بتردد :
"خلاص هعملك اكلة وحدة بس كل يومين"
برقت حدقتاه قائلا بخشونة :
"اباي علينا يومين كيف يعني ؟ نيرة انتي اتخبلتي ولا إيه شكلك اكديه عتخربي على حالك بيدك، ريداني اروح اتچوز من مرة تانيه تعملي كل اللي نفسي فيه جدام عيونك"
كتفت ذراعيها أمام صدرها وضحكت قائله باستهانة ناكرة بعينيها الجميلتين ما يدعيه :
"والله ولا تقدر ياحبيبي لو فكرت بس تعملها هتشوف مين
هي بت الناجي على حق، يتجوز قال؟ ليه هي سايبه جرب  كده تعملها ياواد عمي واتفرج أنا هعمل إيه"
ثم أكملت بتصلب :
"أنا بقا مش هرجع في كلامي هي أكلة وحده و بس و كل يومين"
اشاح بوجهه عنها مغمغًا :
"طب يوم و يوم"
هزت رأسها رافضة بتعنت... فقال بقلة حيلة وهو خاضعًا و مسلمًا لتلك الجميلة :
"أمري لله كل يومين، كل يومين"
اومأت رأسها هامسة برقة و غنج :
"ايوه كده بقا أسمع الكلام شوية ، أعملك ايه بقا بكره ان شاء الله"
هتف بلهفة دون تفكير :
"حمام بالفريك و طبج ويكة، ولا أجولك لع اني چاي على بالي طاجن سخينة السمك مع الرز الصياديه"
ارتخت أهدابها بشعور عارم بالحب العظيم الخالد لهذا الرجل المهيب و*حش عائلة الناجي و الوتد القوى لتلك العائلة الكبيرة، حبيبها الذي قد تحول بلمح البصر إلى رجل مكمًل يفوق كل الشباب شبابًا...

يتبع.......
أدمن/ لميس

في العشق والهوي Where stories live. Discover now