🌱الفصل الثاني عشر🌱

1.9K 65 0
                                    

"ليس كل ما في القلب قابل للبوح هناك ما يولد ويموت ولا يفصح عنه"
*ببسمة هادئة توازي هدوء عينيه وملامحه وهالته كلها:
_عمى أنا اتكلمت مع دهب وشايف أنها موافقه بشكل مبدئي كان واضح من كلامها معايا.
*أرتاح قلبه من ثقل رهيب يجثم فوقه ويرق منامه لقد تم ما اراده بعد ارادة المولى عز وجل الخوف كان رفيق دروبه واحلامه من أن ترفض صغيرته
وليس باليد حيلة في غصبها علي مالاتريده..
_علي خيرة الله ياولدي.
_على خيرة الله.
*تمتم من خلفه عمار مبتسم الي ابنه الشهم الذي اكتسب تلك الصفة وبجدارة عن عمه وكبير العائلة.
*فقالت نيرة بنبرتها الهادئة وقلبها يرفرف فرحاً:
_بس لازم نسأل دهب تاني ونسمع موافقتها كلنا ولا ايه رائيكم..
*وافقتها سلمى بتأكيد:
_ايوه آمال لازمن نسألها حمزه بيجول وافجت بشكل مبدئى يعني ممكن لساتها تكون بتفكر ولا بتدلل.
*هز والدها برأسه وهو يستند فوق عصاه بهدوء:
_عيط علي خيتك ياعمر ياولدي.
*وخرج عمر مستجيب لأمر والده واصطحب دهب من كفها البارد وهو يقل لها بابتسامة رزينه كعادته:
_تعالي يادهب وياي.
*ودلفت لتجد نفسها محاصرة وسط الجميع وكل منهما يرمقها بنظرة خاصه...وجهها اصبح جمرة
مشتعلة وغاصت في خجلها الشديد ولكن صوت والدها الرخيم انقذها من غوص خجلها:
_تعالي يادهب اجعدي جاري.
*تحركت ببطء وجلست بجانب جدارها القوي الذي لايميل بينما هو ظل في جلسته ثابت مطمئن بوهج
يلمع بعينيه:
*تنحنح حمزه وقال لابنته التي تفرك كفها برتجاف:
_ولد عمك رايدك وأني وأمك موافجين وخواتك كماني منجيصشي غير أسمع موافجتك انتي...
*ابتلعت ريقها ورفعت عيناها تنظر الي أمها حتي تنقذها من خجلها الشديد..تفهمت نيرة سريعا نظرات صغيرتها المستغيثة فقالت برفق:
_دهب مش هتتكلم دلوقتي انا عارفه بنتي سبوني انا اقوم بالمهمة ديه واخد منها الرد بنفسي.
_معتكلميش عاد كيف أمك عمبتجول.
*سأل حمزه ابنته بوجه بشوش مبتسم وهو يضمها لصدره ويحتضنها...
*استكانت داخل صدر والدها وهزت رأسها مبتسمة بوعد وجواب قريب جداً...
****************
*ضاقت عيناه وهو يقرأ بعينان نارية تشتعل بحقد وغيرة مولعه أزدرد ريقه ومسح وجه بكفه الأسمر الخشن ودمدم:
_بجا اكديه ياروح الجلب.
*حك ذقنه بتفكير وهو يزفر ويضرب احجار الجبل بحذائه وهو صامت...هرول مطاوع ناحيته ودمدم وهو يلتقط أنفاسه:
_كل حاچه تمام ياجاسم بيه الچماعه استلموا الشغل وحملوه كماني ع العربيات تؤمر بحاچه تانية.
*ظل علي وضعه صامت..خانع قابع في الظلام تغطيه الظلال الرهيبة عيناه تقدحان بالشرارات الملتهبة ولسانه يتمتم ملتوياً كلسان افعي مشقوق
يفح غلاً:
_خلصوا عليهم جبل مايطلعوا في العمار.
*برقت عينا مطاوع وتمتم بقلق خافت:
_نخلص عليهم كيف ياجاسم بيه..دول ولد حرام وعرين جوي و....
*اسكته بغضب:
_نفذ اللي جولتلك عليه من غير ولا كلمه ياولد الهرمه مفيش حد واعر علي جاسم البكري اللي يجف جصاد مني اطحنه.
*أوما مطاوع برأسه يوافقه علي مايريده ولكن بغير رضا فهولاء الرجال خطيرين جدا ولكن غرور قاسم يعميه عن فعلته التي سوف تحرق الأخضر
باليابس:
_أمر جنابك يابيه.
_مطاوع.
*توقف مطاوع والتفت الي قاسم الذي هتف بغرور:
_بعد ماتخلصوا عليهم اخفوا رمتهم في الچبل واخفوا أيتها حاچه تدل عليهم معيزيش الدبان لازرج يعرفلهم طريج..
*هز مطاوع رأسه قائلا:
_والعربية بالي فيها هنعمل فيها ايه؟
*فكر قاسم لثوان والتوت شفتاه بابتسامة ماكرة ليقل:
_العربية أديها لرجالة الچبل اما اللي فيها حلال علينا.
*تحرك مطاوع سريعا لتنفيذ ما أمره به...اما قاسم فظل واقفاً يراقب من بعيد وماهي إلا دقائق معدوده وكان رجال الدواعش ملقون فوق الأرض وبحر من الدماء يسيل حولهم...ابتسم بشر شيطاني يتمثل فيه وركب سيارته وانطلق سريعا ليخرج من
ظلمات الجبل....
*وبطريق عودته كان عليه الاتصال بمن يهمه الأمر والذي كان ينتظره علي احر من الجمر داخل مكتبه وعندما دق هاتفه أجاب فايز سريعا باهتمام:
_قاسم اتاخرت عليا الرجاله استلموا.
*لاحت علي شفتاه ابتسامه خبيثة ورفع حاجبه بمكر ثم تشدق قائلا:
_اطمن يافايز بيه كل حاچه تمام الرجاله استلموا وخرجوا من الجبل تحت عيون رجالتي كماني.
_هايل ياقاسم..هايل.
*هتف فايز بانتصار فقد تمت العملية بنجاح وهذا ماكان ينتظره من رجل ماكر مثل قاسم...زفر قاسم
وقال بصوت خافت ينز بالضراوة والمكر:
_ليا عنديك طلب صغير محديش يجدر ينفذه غيرك انت يافايز بيه...لأني لو نفذته أني يمكن ازعلك مني و.....
*تنغصت ملامح فايز وشعر بالقلق من حديث قاسم المغلف بتهديد غير مباشر فقال بنبرة خشنة:
_طلب ايه اللي ممكن يزعل فايز فخري ياقاسم؟
*هتف قاسم بهدوء وهو ينفث دخان سيجارته من نافذه سيارته:
_چوز بتك ناوي ياخد مني حاچه مش بتاعته ملكي اني وبس.
_حمزه...ياخد منك ايه؟
*تمتم فايز بحيرة وهو يقطب حاجبيه العريضان حتي انتبه لما يخص زوجة ابنته فقال بالا اهتمام:
_اااه تقصد جوازه من بنت عمه...
*وأطلق ضحكة صاخبة مستعجرفة حرقت قاسم واشعلت فتيل غضبه:
_هو انت عينك من بنت حمزه الناجي ده انت مش تعلب وبس ده انت كمان دنجوان بصراحه البنت تستاهل جميلة فعلا.
*صرخ قاسم بغضب:
_فايز بيه كله الا دهب مش هيبجا انت وجوز بتك كفايه عليك نانا مرت اخوي.
*ارتسمت على وجهه اعتي علامات الغضب ليتمتم بتصلب:
_عايز ايه ياقاسم اتكلم من غير لف ودوران.
_عايزه يبعد عن طريج دهب.
*هتف قاسم من بين أسنانه:
*توحشت مقلتي فايز في الظلام الخافت وضرب فوق طاولة مكتبه بغضب:
_تقصد ايه بالتخريف ده عايزني اموت جوز بنتي انت اكيد اتجننت..حمزه مش هيتجوز من بنت عمه
وحتي لو اتجوزها هيطلقها لما بنتي تولد حفيدي...
انا مقدرش أرمل بنتي واحرمها من الإنسان اللي بتحبه عشان خاطرك.
*بصوت متحدي شديد اللهجة قال قاسم:
_ماانت لو معملتش اللي اني رايده هخلي بتك ارمله وكماني هايتم حفيدك...اسمعني زين يافايز بيه وطرطجلي ودانك اني لو عايز ولد الناجي يموت كنت خلصت عليه الليلة برصاصه من سلاح راجل من رجالتي بس إني عايز ابجا بعيد وفي الأمان ومعيزيش غير نجرصله ودنه وبس.
*قهقه فايز عالياً واشتعل اللهب في بؤبؤ عيناه كنيران متأججة لقد وضع له قاسم هذا الحيوان البرئ الشرس الفكره علي طبق من فضة قرصة
اذن بسيطة ربما تعيد زوج ابنته الي عقله بعدما تسبب بقهر اعز مايملك ابنته ندى:
_قول كده قرصت ودن وبس أنت عندك حق حمزه الناجي محتاج لكده عشان يبطل يزعل اسياده.
*عكف قاسم فمه متهكماً وهو يقل:
_يبجا متفاجين...اني ههملك انت المهمة ديه وانت سيد من يجرص الودن يافايز بيه.
***************
_انتي عايزه تجننينا يابنتي..تفكير وفرصة ايه اللي انتي عايزاهم دول هو كل عريس تطفشيه منك.
*وأكملت همس بعصبية مفرطة وهي تؤشر بوجه بناتها أمام زوجها المتخذ دور المتفرج والصامت عن الحديث:
_أنتم الاتنين زهقتوني في عيشتي وقرفتوني من تصرفاتكم الغلط.
*شحب وجه مهرة علي شحوبه وأصفراره واحنت وجهها خجلاً من أمها الغاضبه كالجحيم تعرف بأنها
السبب الأساسي وليس شقيقتها الكبري...ترتجف ان
يعرف والدها ويكشف فعلتها خوفاً ليس من عقابه ليت الأمر يقتصر علي العقاب إنما من غضبه ونقمه
عليها لن تتحمل تلك المرة ان يقذفها من قلبه أو يغضب عليها ويتركها تعاني الأمرين....
*فاطيما باتت خانعة قليلة الكلام تشعر بوهن يضرب ركبتيها تقاوم كي لاتبكي وتصرخ أنها تريده اكثر من أي شخص فهو امنياتها التي تمنتها وزهرة
حبها الصغيرة التي انبتت أوراقها داخل قلبها البرئ الذي لم يعشق قلبه ولم يستقبل بعده.....ولكن يبقي بينها وبينه غصة مؤلمة أسمها وداد مازالت عروشها تمتد داخله وتثبت بقوة حتي ان تزوجت منه وتم الأمر علي أكمل وجه ستظل هي الخاسره في تلك
المعركة الزوجية التي ربما تفشل في ليلتهم الأولى سوف يراها في ملامحها ويسمع صوتها في نبرتها ويعشقها في قلبها وربما يعاشرها في جسدها...
ما أصعب العشق الذي يزدهر بقلب طرف واحد:
*طفرت الدموع في عيونها ولكنها رمشت كي تمنع تدفقها ارتجفت شفتيها وكادت ان تخفض وجهها قبل أن يرفع والدها رأسه ويسألها برفق:
_فاطيما الناس جاين الجمعة الجايه أن شاء الله والنهارده الاثنين حبيبتي يعني فاضل أقل من أسبوع ومينفعش نقولهم وهما هنا في بيتنا اسفين
سبونا نفكر ونرد عليكم خاصه أن مفيش بينا الكلام ده.
*همست بملامح حائره متردده:
_بابا انا مرفضتش انا قولت فرصه علشان افكر بس يابابا لو سمحت ديه حياتي ولازم افكر واستخير ربنا
قبل ماخد اي قرار .
*رفعت همس عينيها للسماء وقالت بنفاذ صبر:
_قوليلي من دلوقتي ولا بلاش تقوليلي أنا قولي لابوكي انتي عايزه محمود ولا لاء قبل ماتيجي قدام الناس وتحرجينا وتحرجيهم زي ماعملتي مع اختك
وجوزها.
_همس لو سمحتي كفايه عصبيه واهدي شويه مش معقول اللي انتي بتعمليه ده فاطيما قالت بوضوح
هي مش رفضه وعايزه تفكر يعني البنت عندها قبول للموضوع.
*دمدم أدم بصوت هادئ مستريح لقرار ابنته الصائب...هزت همس رأسها وجلست أمام زوجها مسترخي الأعصاب وقالت هي الاخري بهدوء لا
يمت للثورة التي في داخلها والشرر الذي يتطاير في عيونها بصلة:
_لما نشوف اخرتها ايه؟ ع العموم قدامك لحد يوم الخميس الصبح ان شاء الله تيجي هنا وتقوليلنا
بكل صراحه عن رأيك علشان نتصرف مع الناس اللي جاين من بلد تانيه يخطبوكي لابنهم.
*وبسبابتها أشارت في وجه ابنتها المنخفض:
_أنا عارفه انتي بتفكري في إيه خليكي حطه جوه رأسك الناشفه ديه ان محمود لو لسه عايز وداد كان
عمره ماهياخد خطوه زي ديه ابدا.
*زفر ٱدم وردد:
_همس وبعدين خلصنا براحتها اللي فيه الخير ربنا هيقدمه أن شاء الله يلا يافاطيما يلا حبيبتي قومي
روحي علي شغلك..وانتي يامهرة اعملي حسابك من بكره هتنزلي محاضراتك و.....
*قاطعته همس بتصلب وهي ترمقها بعنف واضح:
_لا الزفته ديه مش هتخرج من هنا أبدا غير لما تتأدب وتحترم نفسها.
*بكت مهرة وقالت بصوت مقهور:
_أنا اسفه ياماما والله مش هعمل حاجه تزعلكم تاني ابدا بس خليني ارجع جامعتي.
*صاحت بها همس بصراخ مهول جعل أدم يقفز من مكانه وهو يزفر بخواء:
_قولت لا واتفضلي غوري من وشي.
_ماما اهدي شويه بالله عليكي.
*هتفت فاطيما ووقفت بجانب أمها تربت فوق كتفها برفق:
_أنا عايز اعرف ايه اللي بيحصل هنا في حاجه انتي تعرفيها ياهمس انا معرفهاش قوليلي بدل منا
عامل زي الأطرش في الزفة كده...فاطيما في ايه يابنتي قوليلي انتي.
*زغرت همس الي ابنتها التي تنطق بالحق حتي لو فوق عنقها خنجر مسموم وقالت بسخط:
_أنت شايف بعد اللي عملته فينا وفي ابن خالتها يبقي تستحق فرصة تانيه...لسه ياأدم لسه بدري علي نزولها الجامعة.
_أنا دخله اوضتي.
*هتفت مهرة ببكاء وهرولت الي غرفتها وظل أدم في مكانه يناظرهم بشك وهو لايصدق أو يستوعب
مايقال...فكر وأيقن بأن هناك أمر ما يبدو اخطر مما يتوقع تعرفه همس وأبنته ويخفياه عنه بالتأكيد اهتزت حدقتي عيناه واخذ يحرك أصابعه بحركه متوتره واخذ نفساً عميقاً وهو ينهض واقفاً:
_أنتي مخبيه عني حاجه وأشك ان فاطيما تعرفها لأنها لو تعرف مش هتخبي عني أنا متأكد من كده
فياريت تقوليلي ياهمس قبل ماعرف بنفسي كل حاجه ووقتها مش هيحصل كويس أنا خارج.
*وقفت همس أمامه وحاولت أقناعه بأن الأمر لايستحق وأنه هو الأمر ذاته ولم يجد أي جديد:
_أدم مفيش حاجه.
_أنا خارج ولما أرجع عايز اعرف كل حاجه منك.
*قال بغضب قاسي وهم خارجاً من المنزل بينما وقفت همس تمسك جبهتها بتعب وسالت دمعة غير ارادية من عينها فمسحتها ونظرت الي ابنتها
وقالت بحيرة:
_ابوكي لو عرف هتبقي مصيبة ربنا يستر...ادخل اجبها من شعرها واقتلها سبب المصايب ديه.
*تماسكت همس بفعل يدين ابنتها المتزنه الهادئة وهي تمسكها بحنو وتدمدم لها بصوتها الناعم ان
تهدئ من أجل والدها:
_ماما عشان خاطري اهدي شويه وبراحه علي مهرة كفايه الذنب اللي حاسه بيه.
*لوت همس شفتيها بابتسامة ساخرة وهي تقول باستهزاء:
_ذنب هي ديه عندها دم ولا تربية ديه مصيبة على راسنا وحد فينا هيموت بسببها.
_لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم بعد الشر عنكم ياماما انتي وبابا...هي ندمت و....
*قاطعتها همس وهي تبكي وقد انهارت قوها:
_اسكتي انتي متعرفيش حاجه الهانم معاها تليفون من ورانا وسمعتها وهي بتكلم الحقير اللي تعرفه وبتقوله مش عارفه تعمل ايه عشان تخرج وتشوفه.
*شهقت فاطيما بارتياع والتفتت برأسها تنظر لغرفة شقيقتها الصغري وهتفت بقلق:
_ديه اتجننت اكيد..وبعدين ياماما هتعملي معاها ايه.
*اغمضت همس عيونها وكادت ان تنهار لولا ذراعي فاطيما التي اوصلتها الي المقعد واجلستها:
_مش عارفه اعمل ايه!!!!
اقول لابوكي علي انهي مصيبة فيهم سرقتها للخاتم ولا كلامها مع الكلب
اللي تعرفه وبتقوله تتصرف ازاي علشان تشوفه خايفه لو عرف يحصله حاجه من قهرته.
*ضمت فاطيما شفتاها برقة وجثمت أمام امها تفرك كفيها وتقبلهما ثم همست بصوت متزن:
_مفيش مفر ياماما لازم بابا يعرف علشان هو الوحيد اللي ممكن يتصرف في الموضوع ده ومش عيزاكي تقلقي علي بابا حبيبي انا واثقة انه هيعرف
ازاي يتماسك وياخد القرار الصح.
_مقدرش اقوله...مقدرش.
*هتفت همس ببكاء...كادت فاطيما ان تقل شئ ما ولكن صوت والدها الساكن بنبرة غاضبة ردد قائلا:
_مفيش داعي تقولي حاجه..أنا سمعت كل اللي مش عايزه تقوليه.
*نهضت همس مفجوعة تقل:
_أاادم.
****************
*سألها الرجل الخمسيني بتوجس وهو يمرر لها كشوف المزارعين الذين يعملون لديها:
_جولتي أيه يابشمهندسه؟
*تطلعت الي كشوف المزارعين بضجر وزفرت وهي تنزع قبعة رأسها بضيق:
_هقول ايه غير انت السبب في كل اللي بيحصل ده يابو الخير انا نبهت عليك وقولتلك العدد مينقصش
واحد تقوم تقولي ناقص خمسه وخمسين مزارع ...
*ررد الرجل بصوت متعب من مناهدة الحديث مع السيدة الصغيره التي لاترحم فيما يخص العمل:
_يابشمهندسه دول اللي جدرت اتحصل عليهم الرجاله كلاتهم بيزرعوا ويجلعوا بارض البكرية والباجي زي مانتي خابرة بين ارض سلمان بيه و
ارض الناجوية....والناجوية أراضيهم كلاتها تحت إشراف الإصلاح الزراعي.
*صرخت بغيظ وهي تلقي بالكشوفات:
_يعني قاسم البكري مش هيجبها معايا لبر بيعاند معايا وبياخد مني رخصه المزارعين طيب ياقاسم
الكلب والله لوريك...
*وتبقي الانثي مهما امتلكت من قوة تظرها ضعيفة البنيان...شعرت بورطة فدمعت عيناها باليائس لتقل
بضعف امتلكها:
_هنعمل ايه يابو الخير انا ملتزمه بمواعيد تسليم واخده دفعه من التاجر وبالعدد ده لو اشتغلوا 24
ساعة كلهم مش هنلحق نسلم في المعاد وهيكون في شروط جزائية ووجع دماغ.
*ضرب الرجل كفيه ببعضهما بعض وقال وهو يتنهد بصوت عالى:
_لا اله الا الله إنى مخبرش انتي ركبه رأسك ليه ومعنده أكده يابت الناس فيها ايه لو تتحدتي مع حمزه بيه الناجي وتطلبي منه رچاله الراچل عمره
ما رد حد أبدا يبجا هيردك أنتي بردك.
*لوت شفتاها بنزق وهي تفرك فروة رأسها وقالت بتلكلك:
_بس أنا عمري ما طلبت من حد اي حاجه حتي خالي سلمان ازاي هطلب منهم؟
*هتف الرجل ببساطة شديدة ليساعدها علي تجاوز ازمتها:
_تاهت ولجيناها...اتحدتي ويا سلمان بيه وهو راح يتحدت مع البيه الكبير همي يابشمهندسه مفيش وجت.
*صمتت للحظة بفك متوتر وعينين قاتمتين ثم قالت أخيرا بصوت هادئ مضطرب من أمر ما يؤرقها:
_هتصل بخالي سلمان واشوف مفيش قدام مني غير كده.
*توقفت أمام باب السرايا الكبير مترددة لدقائق معدوده تمد كفها لتدق فوقه ثم تتراجع وتقبض كفها من جديد...ابتلعت ريقها وراسها تدور بريبة وكأن عيناها تبحث عن شئ ما لتردد بهمس:
_هي مقابلة وهتخلص..بسرعه..بسرعه.
*وفجأة انتفضت في مكانها تشهق عندما فتح باب السرايا وطل حسن من خلفه..ضاقت عيناه البنية
من خلف زجاج منظاره الطبي وسارع بقول:
_كابر..انتي كابر صح.
*اومات برأسها بترفع وكبرياء وقالت بنبرة واثقة كانت تفقدها منذ قليل:
_ايوه أنا...حمزه بيه موجود.
*رفع حسن حاجبه ولاحت على شفتاه شبح ابتسامه هادئه فتلك الفتاة لم تتغير بل أصبحت اكتر شراسه
وجموح...مطت شفتاها وقال بترفع:
_موجود؟
*مسح حسن أنفه وتحرك يبتعد عن باب السرايا قائلا:
_اتفضلي بابا علي وصول ان شاء الله.
*ثم قال بنبرة هادئة:
_اتفضلي اجعدي ثواني ماما هتيچي.
*جلست على اريكة الصالون الانيق وعيناها تدور في محجرها تنظر للسرايا العريقة التي لم تزورها من قبل انها حقاً رائعة...عادت لقواعدها سليمة وهي تدمدم بضيق:
_أنا مش فاهمه ايه اللي جابني هنا...اووف.
*مر وقت قصير لم يتعد العشر دقائق ونزلت نيرة من فوق الدرج بضحكتها الجميلة الهادئة وعندما اقتربت من كابر التي كانت تجلس بشموخ متكبر
هتفت وهي تفتح ذراعيها وتستقبلها بحنو:
_ايه رأيك فيها يابهية جميلة وظريفة ومؤدبة جدا.
*ضيقت بهية عيناها ونظرت لنيرة وهي تهز لها رأسها بتسائل:
_وه ايوه أكده اللي فى بالي صوح رايدها لواحد من الولد.
*وضعت نيرة اصابعها بين أسنانها وظلت تقف من بعيد تراقب كابر التي تتحدث مع زوجها بكل ثقة وترفع الفتاة تمتلك الشخصية والجمال والاحترام وهذه المواصفات تنطبق علي من تبحث عنها لاحد أولادوها...
*لوت بهية شفتيها وجلست لتكمل مابيدها من تنظيف أعواد الملوخية ورددت قائله:
_مش راح تعچب ولا واحد من الولد الصراحه بجا ياست الستات البنته ديه مسترجله أكده وشايفه حالها وكأن مفيش ع الارض غيرها..
*اغمضت نيرة عينيها والتفتت الي بهيه تقل لها بصوت خافت:
_وطي صوتك وبعدين ولا مسترجلة ولا حاجه دي زي القمر اذا كان هي ولا اختها ياريت اخدها لعمر ولا على بس انتي عندك حق ولادي دول مخهم في
حاجات تانيه...عايزه أفرح بواحد فيهم بقا يابهية.
*ربتت بهية فوق كفها وقالت مبتسمة:
_راح تفرحي بيهم ونشيل عيالهم...الا جوليلي هي چايه لهنيه لايه من مايته وهي بتچي لعندينا.
*تمتمت نيرة وهي تساعدها فيما تفعل:
_اكيد حاجه في الشغل لما نشوف...يلا بسرعه خلينا نخلص اللي ورانا.
*جلس أمامها بطلته المهيبة وقال بجدية تامه:
_تحت أمرك يابنيتي من الفجريه الرچاله هيكونوا في الأرض ان شاء الله.
*"رمشت بعينيها في ارتباك وخجل وهي تدرب نفسها على شكره وقالت مرتبكه لأنها لم تتعود على تلك الكلمات من قبل سواء الاعتذار أو الشكر:
_شكرا ياحمزه بيه علي مساعدتك ليا بجد م....
*قاطعها وهو يستند فوق عصاه ويناظرها بفخر على إنجازها كفتاه بمقتبل العمر تعمل بجهد:
_جولى ياخال كيف عم تنادي خالك سلمان انتي كيف دهب بتي...وبعدين الشكر مالوش عازه اني بعمل اللي عليا وبس.
*احنت رأسها تبتسم برقة...فقال سلمان وهو يرتشف قهوته بتأكيد:
_مش جولتلك ياكابر يابنيتي خالك حمزه مش راح يتأخر.
*قال حمزة بعد فترة من الصمت وشئ مابصدره يقلقه:
_جوليلي يابشمهندسة المكان اللي فيه التشوين امان.
*هزت رأسها بتأكيد:
_ايوه طبعا انا بشون فيه المحصول دايما بس طبعا مكنش بالكميات اللي هتتشون المرادي زي ماقولت لحضرتك المحصول السنه دي يعتبر الضعف تلت مرات الحمد لله.
*دب بعصاه الارضيه وقال دون مقدمات:
_خدي بالك ياكابر يابنيتي ولد البكري مالوش امان طالما حربك بالأول مش راح يسكت الواد دهو كيف السم نبت شيطاني.
*رفعت وجهها اليه مبتسمة تقل بثقة:
_اطمن حضرتك انا عامله حسابي كويس.
************
*أندفعت علا تهرول حينما لمحت على من بعيد يجلس علي احدي طاولات النادي يتناول طعامه مع أحد اصدقائه...
*رفع باسل صديقه راسه وقال لعلى بتحذير:
_علا جايه علينا يامعلم.
*لوى على شفتاه بضيق وقال وهو يعقد حاجبيه:
_اوووف علي وجع الدماغ مش هنخلص.
_كابتن على اخيرا ظهرت.
*توقف باسل وأشار الي صديقه المنحصر في زواية علا فؤاد مدللة النادي:
_اهلا علا.
_اهلا.
*اجابته بتكبر...فقال وهو يضم شفتاه:
_طيب ياعلى اشوفك بكره سلام.
_باسل استني طيب مش هنروح المشوار اللي اتفقنا عليه...بااااسل.
*اخذ على يهتف خلف صديقه باستغاثة ولكن الاخر ابتعد دون أن يلتفت إليه بينما غمغم على بخفوت:
_ندل.
*جلست أمامه وهتفت بغيظ:
_ممكن اعرف مش بترد عليا ليه؟
*اغمض على عينيه وهو يقول بصلابة خافته:
_يووو خلصنا ياعلا خلصنا فكك مني بقا.
*تشدقت علا بغضب وملات شفتها المكتنزة ضحكة بارده:
_فكك ببساطه كده واللي كان بينا وحبنا.
*مسح وجهه بضيق زافرً:
_بينا وحبنا ايه؟ علا مفيش حاجه بينا والله وكفايه بقا تطارديني في كل مكان عشان بجد بقيتي أوفر.
_على أنا بحبك.
*لم يستطع السيطره فقد أشعلت فتيل غضبه من جديد:
_حب ايه؟ علا فوقي انا مش بحبك احنا كنا مجرد أصحاب وخلاص كل واحد مننا راح لحاله.
*تشبثت بكفه وبكت لتلفت أنظار من حولهم وهي تترجاه باكية:
_على أنت وعدتني إنك تفضل معايا مش فاكر كلامك ووعدك ليا حبيبي.
*ضرب فوق الطاوله وهمهم من بين أسنانه بنفاذ صبر:
_أنا عمري ماوعدتك باي حاجه كل حاجه بينا كانت. واضحه وصريحه ياعلا ولو سمحتي كفايه فضايح.
_في وحده تانيه صح ياعلى مين بتحبك اكتر منى.
*هتفت بحاجبين معقودين بالغضب وعينان تشتعلان:
*تطلع فيها بنظرات مبهمة خاليه من اي مشاعر وهز راسه بضيق وهو يقل لها:
_ولا في وحده تانيه ولا تالته انا مش بتاع حب ياعلا وأعتقد اني كنت واضح معاكي من البدايه.
*تغضنت ملامحها بغضب لاحدود له ونظرت الي عينيه بوجوم وهمست:
_براحتك ياعلى خليك فاكر اني جيت لحد عندك واتحيلت عليك بس انت رفضت حبي والله لاتندم ياعلى.
*ناظرها على نظرة طويلة مندهشه ثم التفت حوله وشعر بالخجل ليقل بصوت خافت:
_فضحتني بت المجنونه.
**************************
_عمر أنت خارج.
*هتفت نيرة وهي تدلف لغرفة أبنها الذي كان يستعد للخروج..
*ابتسمت واقتربت من ولدها الوسيم وهي تتفحصه بإعجاب:
_ايه الشياكه دي.. حبيبي علي فين!! .
*قال عمر وهو يرتدي حذائه الأسود اللامع:
_عندي مجابلة شغل يا أمي.
*تذمرت نيرة وهي تقول لابنها برجاء:
_نفسي تكون مقابلة حاجه تانيه مش شغل شغل شغل ياحبيبي انت كل اللي بتعمله في حياتك شغل وبس نفسي افرح بيك ياعمر.
*وقف أمام المرأه يمشط شعره ونظر لأمه التي كانت تقف خلفه تناظره بعينان حنونه ليقل لها بهدوئه الذي اكتسبه من والده:
_أنا مش هتچوز دلوكت ياأمي في حسن و على افرحي بيهم هما الأول.
*نفخت نيرة وهي تعقد ذراعها فوق صدرها وهمت قائله بغضب رقيق:
_بتهرب من الكلام زي كل مره بس اعمل حسابك انا عايزه افرح بيك وأجوزك ومتقوليش اخواتي ع
الاقل انا عارفه حسن ناوي علي مين و على مش هرتاح غير لما اجوزه بعدك.
*التفت الي أمه التي بدت تلك المرة غاضبه خافت وجهها الصبوح تصبغ بالاحمرار فقال وهو يلثم كفها
ويحتضنها:
_طيب حجك عليا اعاود بس من بره ونتحدت في الموضوع ده.
*سحبت نيرة يدها وهي لاتقبل متابعه الحوار وهتفت بصرامه:
_أنت فاكرني عيله صغيره هتسكتني بكلمتين لما ترجع هتدخل اوضتك وتقفل عليك...
*فرك عمر كفيه وجلس بجانبها وبهدوء تسائل:
_متزعليش يا أمي وجوليلي عايزاني اعمل ايه.
_عايزاك تتجوز ياعمر.
*همست نيرة وهي تملس علي وجه.
_اتچوز...
_ايوه تتجوز عايزه افرح بيك زي محمود.
*قال عمر بعدم اهتمام الي أمه المتلهفة لزواجه:
_حسن يتجوز الأول هو مستعد اني بجا لا.
*ابتسمت نيرة واحتضنت وجه ابنها الوسيم وهي تقل بعينان دامعه:
_بس انت اول فرحتي...اول واحد في اخواتك نزل من بطني وشوفته عشان كده بشوفك دايما اكبرهم عموري فرحه قلبي.
*أمسك كفها وقبله وقال بهدوء:
_حاضر ياست الكل اديني وجت أفكر لأن في بنت يعني تجدري تجولي اني شايفها مناسبة ليا.
*هتفت نيرة بفرحة وهي تقفز من سعادتها:
_في وحده تعرفها ياعمر بجد...مين هي؟
_ايوه اعرفها.
*قال وهو،يبتلع ريقه ويهمس بخجل...رفعت نيرة وجهها مصدومه من تصريح ابنها المفاجي:
_مين ياعمر قولي عليها وانا من بكره اروح اخطبها من أهلها.
*بدت ملامحه متردده قليلا ليقل:
_مجدرش اخد اي خطوه غير لما اعرف هي كماني ريداني ولا لاه.
*حركت نيرة رأسها باستفسار وهمست:
_هي مين اعرفها.
_ايوه تعرفيها...بلسم.
*ضحكت نيرة تسأله بدهشة:
_بلسم مين؟
*نظر عمر إليها وهتف بتأكيد:
_بلسم اللي تجرب لعمي سلمان.
*رمشت نيرة بعينيها وابتلعت ريقها بصعوبة ثم رفعت وجهها الشاحب وقالت بفتور ميت:
_بلسم...؟؟؟

يتبع

صورة الغلاف (محمود سلمان)

في العشق والهوي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن