🌼الفصل الرابع والخمسون🌼

7K 207 59
                                    

صباح الفل والياسمين 💙
جمعة مباركة عليكم يارب

منتظره نجمات كتير ******* على الفصل

*قبل خمسة أيام*

توقفت السيارة الخاصة التي استأجرها من  المطار  أمام بوابة المشفى، حيث كان صفوت في انتظاره عند وصوله، أشار له عندما لمحه وهو يتقدم منه :
"حمدلله على السلامة"
سأله لاهثًا وهو يصعد درج المشفى الخارجي درجتين  درجتين دون توقف كأنه يسابق الهواء حتى يطير إليها:
"عاملة إيه دلوقتي؟ طمني عليها ياصفوت"
دلفا معًا إلى المصعد، ضغط صفوت زِر الطابق الثالث :
"الحمدلله أحسن من إمبارح، هي نايمة دلوقتي بسبب المهدئات اللي اخدتها في المحاليل"
أمسك رأسه و تراجع للخلف وهو يهتف بقلق :
"محاليل و مهدئات إيه اللى بيحصل ده، ليه يا ليليان ليه ؟"
نظر اليه صفوت بشفقة قائلا بنبرة حزينة :
"الدكتور اضطر يعلق لها محاليل لأنها ضعيفة جدًا و
كان لازم مهدئات محديش عارف الحالة اللي هتكون عليها لما تفوق"
غادرا المصعد و صفوت يكمل :
"من كرم ربنا عليها الحمدلله إنها كانت شاربة عصير برتقان قبل ما تاخد الحبوب، الدكتور قال إن العصير هو اللي قلل بشكل سريع جدا مفعول الأقراص اللي أخدتها"
توقف سراج فجأة أمام صفوت و سأله بعينين حمراء تملأها الدموع :
"عملت كده ليه؟ ليه بالبساطة دي هانت عليها روحها عشان تفرط فيها بشكل ده؟"
ناظره صفوت بإشفاق على حالته البائسة وأجابه بنبرة يتخللها الحزن :
"اليأس و الحب يعملوا أكتر من كده، إنت سبتها أكتر من ثلاثة شهور من غير ما تسأل عنها أو ترد عليها أو..."
قاطعه صارخًا وهو يدفعه بقوة في صدره :
"يعني أنا السبب؟ أنا السبب!! إتكلم ياصفوت"
ربت صفوت فوق كتفه يهمهم بهدوء :
"إهدى يا سراج، إنت محتاج تِهدى علشان تقدر تقف جنبها هي محتاجة لك، اطمن عليها الأول و بعدين روح البيت ارتاح شوية"
ضرب فوق جبهته مرات متتالية بقوة منهارًا ببطء حتى وصل للأرض أمام أعين المارة رافضًا التحرك:
"مش هرتاح غير لما أسمع صوتها، أشوفها قعدة قدام مني و أطمن عليها"
جثي صفوت القرفصاء على عقبيه أمام هذا المحطم البائس و إبتسم في وجهه الحزين الممتلئ بالدموع يُهادنه :
"إن شاء الله هتقوم بالسلامة و تقعد معاها و تحلوا الخلاف اللي مابينكم بهدوء"
ساعده على الوقوف وحثه :
"قوم اغسل وشك و استجمع نفسك علشان تطمن عليها، هتشوفها من ورا الازاز ده لحد ما تفوق"
همس وهو يبتلع غصة مؤلمة :
"يعني مش هقدر أدخلها"
هز صفوت رأسه بنفي :
"لا مش هينفع للأسف.. هي في العناية والدكتور مانع أي زيارات لحد ما تصحى"
أطلق سراج العنان لأنفاسه الملتاعة ثم غمغم بنظرات يشع منها القهر و الحزن :
"إنت عندك حق أنا السبب، أنا اللي وصلتها لكده، لي لي أنا بحبها ياصفوت، بحبها كان غصب عني"
أغمض عينيه مؤكدًا له :
"عارف.. وهي كمان بتحبك.. دلوقتي هو أكتر وقت لازم تكون جنبها فيه، تصحى من محنتها تشوفك جنب منها ايدك في ايدها، أدخل اغسل وشك لحد ما أجبلك قهوة مع حاجة تأكلها، أنا واثق إنك ماكلتش أي حاجة من وقت ما عرفت"
صاح قائلا وهو يمسح دموع عينيه :
"مش عايز آكل ولا أشرب عايز بس أشوفها بخير وقتها هيكون ليا نفس لكل حاجة"
ربت صفوت فوق ظهره يدعمه بكل قوته :
"بإذن الله أزمة و هتعدي وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم"
غمغم سراج :
"ونعم بالله، أنا هروح أغسل وشي"
حينما عاد ماشيًا ببطئ وهو بوجه شاحب و رأس مبلل بالماء توجه مباشرة نحو غرفة العناية و هناك وقعت عيناه على السيدة العاملة لديها تجلس بجانب صفوت في صمت..... فأومأ برأسه يحيها دون صوت، ثم استدار نحو نافذة الغرفة الزجاجية التي ترقد من خلفها حبيبته النائمة في سلام فوق فراش أبيض باهت اللون لا يفرق عن لونها الشاحب كالأموات، و رغم ذلك تبدو في عينيه أجمل الجميلات :
"ليليان حبيبتي أنا هنا جنبك، افتحي عيونك عشان خاطري، أنا آسف حبيبتي، أسف إني إتخليت عنك و سبتك وحدك ماكنش بإيدي، كل اللي حصل بينا كان أكبر مني ومنك، أنا أسف"
بعد أكثر من ساعتين ظل فيهما سراج واقفًا لا يتحرك أمام نافذة الغرفة، مالت أم محمد على صفوت الذي يحتسي القهوة السوداء المرة حتى يتغلب على نُعاس عينيه تسأله بخفوت :
"وبعدين يا أستاذ صفوت هو الأستاذ سراج هيفضل يا كبدي واقف على حيله كده؟ ده ياعيني بقاله أكتر من ساعتين واقف متخشب قدام الأوضة"
مسح صفوت وجهه متنهدًا بإرهاق :
"خليه براحته ياست أم محمد، هو مش هيرتاح غير لما لي لي تفوق و يطمن عليها بنفسه"
دمدمت السيدة متحسرة تمصمص شفتيها :
"ياعيني عليكم يا بني كان مكتوب لكم فين ده كله؟ الله لا يسامحه أبدا اللي كان السبب أهو راح عند اللي خلقه بقا مافيش فايدة من الكلام"
أدار صفوت وجهه نحوها بقوة يسألها باستغراب :
"هو مين ده اللي راح عند اللي خلقه؟"
عقدت السيدة حاجبيها هاتفة من بين أسنانها بصوت خافت مغتاظ :
"الله يرحمه بقى المنيل على عينه جوز الشؤم، جوزها  شاكر ولا شاكل أنا أعرف إسمه بقا، هو ده اسم"
همس صفوت بدهشة :
"مش وقت مشكلة الأسامي، قصدك شامل جوز لي لي مات!! امتى و ازاي؟"
قالت وهي ترفع طرف وشاحها فوق كتفها :
"من شهرين ولا تلاته كده و أكتر والله مانا فاكرة المهم أن جالها الخبر ع التلفون، و كانت ياحبة عيني بتعيط لا تعرف منه فرحانة ولا منه زعلانة، كأنها في اليوم ده نزل عليها سهم الله وشها جاب ألوان وفضلت قعده ساكته  مطرحها تقولش صنم يابني ومن وقتها وحالها اتشقلب أكتر، ده غير أنها ماكنتش عارفة حاجة عن أستاذ سراج والهم بقا همين"
ابتلع صفوت ريقه و أصابعه تتخلل خصلات شعره بلا استيعاب، و أثناء اللحظات الصادمة التي يعيشها بينه وبين حاله، اقترب سراج منهما قائلا بصوت متعب :
"صفوت روح إنت ارتاح أنا موجود ولو سمحت وصل الست أم محمد في طريقك عشان لازم ترتاح هي كمان بقالها يومين هنا"
رفضت أم محمد قائلة لسراج مبعثر الهيئة و المشاعر:
"لا يا أستاذ سراج أنا هفضل هنا معاكم لحد الست ما تقوم بالسلامة يارب وأطمن عليها أنا كمان يابني"
أخذ نفسًا عميقًا وجلس فوق المقعد مقابلهما يدفن رأسه بين ذراعيه دون تعقيب، فهو لا يتحمل ألم رأسه الشديد.. نظر صفوت نحوه ثم نهض بالراحة :
"يلا ياست أم محمد كفاية عليكي كده، رَوَحي ارتاحي و تعالي بكرة ان شاء الله، القعده هنا مش هتفيد بحاجه
هي نايمه أصلا"
أومأت السيدة برأسها تنهض مع صفوت الذي قبضت يده فوق كتف سراج الجالس في صمت :
"هروح أرتاح ساعتين و أجيلك بسرعة، محتاج أجبلك حاجة و أنا جاي من البيت"
نظر الى ملابسه المجعدة بشدة و التي لم يبدلها منذ  أخبره صفوت نهار أمس على الهاتف بما حدث، توجهه مسرعًا إلى المطار دون أي تفكير في شيء غيرها، فقط جواز سفره هو الشيء الوحيد المهم الذي كان يحتاجه الأن في تلك الساعات الطويلة التي تفصله عن رؤيتها و الاطمئنان عليها، وعن طريق خاصية الحجز الإلكتروني عبر الإنترنت قام بحجز تذكرة الطيران للعودة إلى وطنه وحبيبته :
"خد راحتك... أنا مش هتنقل من هنا، بس وإنت جاي لو سمحت هاتلي معاك هدوم نظيفة، عشان أغير"
"حاضر، اهدا لي لي هتكون كويسة بإذن الله"
تحرك صفوت وخلفه أم محمد التي توقفت أمام سراج و ربتت فوق كتفه متمتمة بالدعاء :
"ربنا يطمن قلبك يابني ويهدي سركم يارب"
رفع سراج عينيه إليها مبتسمًا مؤمنًا :
"اللهم آمين يارب العالمين، شكرًا ياست أم محمد"
*في المساء*
عاد صفوت بعد أن أخذ قسط من الراحة و أعد بعض الوجبات السريعة بأهتمام، ليأتي بها مع حقيبة تحتوي على ملابس نظيفة لسراج الذي مازال يجلس في مكانه ينتظر حبيبته أن تفتح عينيها :
"السلام عليكم ورحمة الله، إيه الأخبار؟ لسه نايمه"
رد سراج بإقتضاب :
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لسه زي ما هي الدكتور قالي إنها هتفوق خلال ساعة من دلوقتي وأهو أديني مستني"
اقترب ببطء من الواجهة الزجاجية العريضة و أمعن النظر إليها لوقتٍ طويل حتى شعر بصفوت يقف جانبه ليقول ووجهه يبتسم بأمل :
"عندي خبر حلو هيفرحك عايز أقولك عليه "
تنهد سراج قائلا دون روح وهو لا ينظر نحوه :
"مافيش أي خبر أو كلام ممكن يفرحني غير إني أشوف لي لي بخير"
هتف صفوت بتأكيد :
"بس أنا واثق بقا إن الخبر ده بالذات هيفرحك، ع الأقل هيديك أمل كبير في تطور علاقتكم إنت و لي لي"
تلك المرة إلتفت نحوه سراج بإهتمام، و ابتسم وهو يرفع ذراعه ليضعه فوق كتفه صفوت ليقول  :
"عارف ياصفوت ساعات كتير بحسدك والله و بأتمنى أكون زيك عندي كمية الطاقة الإيجابية و الأمل بالحياة دي، ماشاء الله عليك رغم حاجات كتير سلبية مريت بيها بحياتك إلا إنك لسة عندك أمل في كل حاجه"
ضحك صفوت بمرح وقال :
"الحمدلله على كل حال، هنعمل إيه بس ما احنا لو سٍبنا نفسنا للهموم يبقى مش هنخلص ابدا و هنتعب أرواحنا ونفضل طول عمرنا عايشين وإحنا شايلين هم بكره، ربنا موجود ياعم عيحلها من عنده"
قال سراج مبتسمًا :
"الحمد لله على كل حال، هه قولي إيه الخبر الحلو بقى اللى واثق انه هيفرحني"
رفع صفوت حاجبه ورد :
"قبل ما قولك عايزك توعدني إنك هتاكل من الأكل اللي تعبت نفسي و وقفت عملته لحضرتك عشان عارف إنك مش بتحب تاكل من بره"
اتسعت إبتسامة سراج تلك المرة وهو يهز رأسه قائلا :
"و ساعات كمان بحسد نفسي عليك.. تصدق عندي كده احساس إنك واخد دور ماما الله يرحمها في حياتي مش بتفوت كبيرة ولا صغيرة طبعًا بعد ماما سهيلة"
رفع كتفه يمزاحه :
"خلاص اعتبرني زي خالتي ليلى الله يرحمها و ماما سهيلة وعمي مالك كمان رحمة الله عليه، يعني أبوك و أمك وتِسمع كلامي بقا"
قطب سراج حاجبيه رافعًا كفيه :
"لا كده كتير أنا أكبر منك يعني المفروض أنا اللي أبقى مهتم بيك و ناعي همك مش العكس"
صمت صفوت للحظة و بعدها قال بحزن خفي خلف إبتسامة مترددة :
"مش هتفرق وعلى فكره إنت و بابا أكتر اتنين بيهتموا بيا، ع الأقل بتهتموا بيا وقت اللزوم، سراج أنا عمري ما هنسى أبدًا وقفتك جنبي في أيام الإصلاحية، في الوقت اللي كل حد من العيلة اتبرئ مني حتى أقرب الناس ليا، كل حد منهم منع إبنه عني و خاف على بنته مني قالوا ده دخل اصلاحية وبقى صاحب سوابق، إنت كنت بتنزل من لندن و تيجي لحد عندي تزورني و تدعمني، وتفضل تقولي إنت لازم تذاكر و تدرس وتدخل امتحان السنة، عمرك ما شوفتني أبدًا بعين الناس اللي قالوا عني مجرم، يبقى مش عايزني دلوقتي اخاد بالي منك
ده كلام بردك"
زفر بقوة وأغمض عينيه بقوة ثم فتحهما مغمغًا :
"شوفت هنخرج عن الموضوع المهم، هتاكل عشان أقول ولا إيه؟"
أومأ سراج برأسه وعاد بوجهه ينظر إلى حبيبته :
"خلاص تمام هاكل.. بس الأول خليني آخد دش و أغير الهدوم اللي عليا ديه عشان حاسس نفسي على وشك التعفن و ريحتي كريهة، كويس جدًا إنك حجزت جناح عشان أقدر ادخل الحمام.. هاااه قولي الخبر بقا"
غمز صفوت بطرف عينيه قائلا :
"هقولك، شامل جوز ليليان اتوفى من كام شهر بس للأسف في حادثة، انضرب رصا*صة في بيته في لندن"
فغر فمه غير مصدقًا وعيناه اتسع بؤبؤها ببطء، لينزع نظارته الطبيبة عن عينيه التي أخذ يضغط فوقهما بكل رفق وهو يقول بتقطع :
"ما..ت إز..ااااي مم..مين اللي قالك؟"
أجابه صفوت محاولا استيعاب ذهوله :
"الست أم محمد هي اللي قالتلي بنفسها، أنا بقا قولت أتأكد الكلام ده صح ولا غلط دخلت على أخبار الصحف في لندن و عرفت إنه مات مقتو*ل جوه بيته برصاصة و من أكتر من تلت شهور"
أدار سراج وجهه نحو جسد لي لي المسجي فوق فراش العناية، ثم عاد من جديد يتظر لصفوت :
"علشان كده كانت بتتصل بيا و تبعتلي رسايل كتير جدا مفكرتش افتح وحده منهم حتى، فكرت أنها عايزه تهرب من جديد خصوصًا بعد تهديده ليا قدام عيونها"
أغمض عينيه للحظات و عنقه يتحرك بصعوبة ثم استدار و ابتعد عن النافذة يجر قدميه متجهًا للمقعدة
بينما كان ذهنه مشتت هدر بحروف متقطعة كعادته حين يغضب :
"غب..ي غغغب..ي كاا..نت مح..تا..جني فك..رة بكل
انا..نية اخ..ت قرا..ر غب..ي"
تكلم صفوت قائلا بنبرة هادئة تبعث بالتفاؤل وهو يضغط فوق كفه المقبوض حول معصمه :
"خلاص اللي حصل حصل واللي فات فات مالوش اي لزوم تلوم نفسك بشكل ده، جه الوقت اللى تقف فيه جنبها تعوضها و تعوض نفسك عن السنين اللي فاتت و ضاعت منكم بسبب أبوها و بسبب جوزها الندل ده
سراج أنت عملت كده عشان بتحبها، فكر ازاي تعوضها
و تعوض نفسك"
أوما رأسه بابتسامة متسعة تحمل بريق الأمل الذي كان قد فقده منذ سنوات :
"يعني لي لي بَقت حُرة، خلاص بقت حرة، مافيش أي مانع بينا، مبقاش فيه حاجه تقدر يبعد عن بعض "
ضم صفوت شفتيه وهمس :
" مبقاش فيه خلاص"
عاد يهز رأسه وقلبه يرتجف وهو يردد في همس :
"إن شاء الله، هعوضها و أعوض نفسي عن بعدنا عن بعض طول السنين ديه كلها، كفاية كده، إحنا اتعذبنا بما فيه الكفاية"
رفع رأسه لصفوت الذي بدأ على ملامحه الشرود وقال
وهو يقف :
"تصدق أنا جوعت جدا يا صفوت، هدخل الأوضة آخد دش و أجيلك بسرعة خليك هنا مع لي لي، خليك هنا جنبها علشان تشوفنا حوالين منها لما تفوق بإذن الله"
تذكر دائمًا أنك أنت وحدك الذي لن أستبدلك حتى وإن أخطأت سأسامحك ثم أحبك مرة أخرى.
                               ****
أخيرًا فتحت عينيها ووجدته بجانبها يمسك بكفها، رفعه نحو فمه ولثمه برقة هامسًا بشفاهه الساخنة وهو يبتسم :
"حمدلله على السلامة حبيبتي"
مدت يدها الآخرى لتمسك بكفه الذي أطبق تلقائيًا على أصابعها و قالت بخفوت:
"سراج إنت هنا"
تبسم و العبرات الساخنة تلسع مقلتيه قائلا لها:
"كده توجعي قلبي عليكي حبيبتي، كده تموتيني و أنا عايش، ليه لي لي؟ والله أنا ماستحقش دمعة واحدة من عيونك"
هزت رأسها و ابتسمت رغم أن الابتسامة لم تصل إلى عينيها المتعبتين الناعستين وهمست بتعب :
"تستحق,, سراج الدين مالك، انت تستحق كتير جدًا"
لثم كفها بشدة حتى انفرجت شفتيه و تذوقت طعم بشرتها الشاحبة المسكرة متمتمًا:
"يااااه سراج الدين مالك عارفة من قد إيه ماقولتيش اسمي كامل كده"
أدارت وجهها للجهة الأخرى هامسة وهي تبكي بضعف مؤلم :
"من يوم ما بقيت لغيرك و بِعِدت عني"
لمس برقة كتفها الظاهر من شق رداء المشفى يحرك إصبعه فوق عظمة كتفها البارزة كما لو أنها أرادت أن تنمو و تتحول لأجنحة ! تنهد يهمس بصوته الهادئ:
"مافيش بُعد تاني يا لي لي، من هنا و رايح في سراج و ليليان وبس"
كيف لا تسامحه وقد ذاقت حبه؟!! حب رجل لن يتكرر، رجل وقعت فيه منذ زمن بعيد بكل جوارحها، حبه لا يضاهيه أي شعور آخر في الحياة، لم تقوَّ على الكلام وهي تسمعه يهمس بجانب أذنها :
"بحبك يا ليليان، بحبك و عمري ما حبيت غيرك إنتِ اتمنيت أعيش معاكي بقية حياتي، أجيب منك ولادي أساميهم تبقى مرتبطة باسمي و اسمك ، حتى بعد ما بقيتي لغيري فضلت أتمناكي انتِ وبس"
اهتز جسدها برجفة بسبب بكائها الضعيف،تحاول أن تكتم كل شهقة مؤلمة تخرج من بين شفتيها المضمومتين.
سألها وهو يمسح دموعها برفق :
"اوعي تفتكري إني هسامحك على اللي عملتيه ده، حسابي معاكي بعدين لما تبقي في بيتي"
همهمت وهي تَرمُقه بذهول :
"بيتك!!! "
أومأ برأسه مجيبًا:
"أيوه بيتي، إحنا هنتجوز يا لي لي"
ازداد ذهولها بل تحول إلى صدمة عميقة تُطِل من عينيها الصافيتين مرددة :
"نتجوز! سراج أنا متجو......"
قاطعها قائلا وهو ينظر إليها متحديًا وكأنه قرر نهاية فراقهما :
"لي لي أنا عرفت، شامل مات، اتق*تل كنتي بتتصلي بيا
عشان تقوليلي صح؟"
تنفست بسرعة كأنها تركض في أرض واسعة لا نهاية لها، ثم أخذت تنقل عينيها بين ملامح وجهه الذائبة و بين يده التي تمسك بيدها بقوة لتُجيبه غاضبة :
"و مارديتش عليا، بعدت عني، شهور كتير وأنا بحاول أكلمك أقولك محتاجاك، وبعتلك رسايل ماكنتش حتى بتشوفها، ومن قبل ما أعرف إنه مات كنت بحاول أتواصل معاك علشان تقف جنبي"
نزع نظارته ووضعها فوق الطاولة بجانبه وضغط فوق عينيه مرددًا بنبرة متقاطعة :
"ماااا قدرتش أشوفه جن..بك بعد ماقو..لتي..لي إنه ..إنه.. إنه.. خلا..ص هيط..لقك فجأة ألااااقيه وااااق..ف قدامنا"
أمسكت كفه البارد بين يديها الناعمتين تدعمه حينما شعرت بتوتره و تقطع كلماته كما يفعل دائمًا عندما يغضب أو يحزن أو يضعف :
"سراج كفاية، كفاية أرجوك"
أخذ يمسح وجهه والدموع تطرف عينيه :
"حس..يت انننن في أمل نكوووون لبعض، قل..بي رجع مر..ة تاااانية ين..بض، بسس هو رج..ع عش..ان يهد..م الام..ل ده"
ضغط فوق كفها وهو يسحبها الى صدره ليطلق العنان لدموعه المكبوتة منذ أن تركها في هذا اليوم برفقة هذا الحقير، هاربًا منها ومن نفسِه ومن كل هذا العالم الذي حوله :
"خلينا نتجوز لي لي، نتجوز حالاً، نتجوز هنا"
همهمت باكية وهي تضمه إليها بكل قوتها الواهية و أناملها الضعيفة تتشبث بظهره :
"مش هينفع، مش هينفع نتجوز، مش هينفع يا سراج"
أبعدها عنه ناظرًا لها بتساؤل صامت وهو يضم وجهها النحيل ذا البشرة الشاحبة المشدودة فوق عظام بارزة رقيقة، و هاتان الشفتان الباهتتين، و العينان المسحوبتان يتواريين خلف ضباب دموع الخوف.. بلع ريقه وهو يسألها تلك المرة بصوت مسموع :
"ليه.. ليه مش هينفع يا لي لي؟"
قلبت شفتيها تبكي بخوف:
"مش عايزة أكون السبب في أي حاجة وحشة تحصلك يا سراج، خايفة عليك منهم"
هز رأسه وهو لا يفهم:
"خايفة عليا من مين؟ اتكلمي.. لي لي ماتخافيش أنا هنا جنبك"
مررت ظهر يدها على جانب وجهه وذقنه الناعمة :
"اللي قتلوا شامل؟ هددوني إنهم هيقتلوك إنت كمان لو ماخدوش الألماس، عشان كده ماكنش قدامي حل غير إني أموت نفسي علشان أقدر أحميك منهم"
قطب حاجبيه مرددًا :
"الألماس إيه؟ ومين الناس دول وعايزين منك إيه؟ قوليلي على كل حاجة يا ليليان "
أغمضت لي لي عينيها بشدة قائلة بإستسلام لقدرها الذي جمعهما معًا من جديد:
"هقولك كل حاجة؟"
هدأت أنفاسها المضطربه بعد أن انتهت من قص كل شيء على سراج الذي استمع لها بإنصات بدايةً من زيارة شامل المفاجئة لها بذلك اليوم و طلبه الألماس الذي يخص صفقته الأخيرة مع والدها و تهديده لها، ثم معرفتها بعدها بأيام قليلة بمق*تله على يد رجال المافيا الذين يتعاون معهم..
وبعد مق*تل شامل تلقت إتصال من رجل يدعي إكس قدم لها واجب العزاء، وقد تبين من لكنته الإنجليزية أنه روسي الموطن، ثم تفاجئت به بعدها يحدثها بأمر الألماس طالبًا منها العثور عليه وتسليمه اليهم بأقرب وقت وتوالت المكالمات وأصبحت نبرته يشوبها التهديد المباشر بقتل حبيبها سراج...
قالت لي لي وهي تخفض وجهها :
"علشان كده مش هينفع نتجوز، سراج لازم أبعدك عن أي خطر"
رفع وجهها يهمس أمام شفتيها وهو يبتسم :
"الخطر هو بُعدي عنك، من اللحظة دي، من دلوقتي انتِ بقيتي مسئولة مني لي لي، وأنا اللي هتصرف مع الناس دول"
تمتمت لي لي بخوف :
"أنا مش عارفة مكان الألماس، هو فين ولا مع مين؟ يعني في خطر عليك"
رد بعنف :
"وعليكي انتي كمان يعني فاكرة لما تقولي لهم ان مافيش اي علاقة تربطنا ببعض وإنك ماتعرفيش فين مكان الزفت ده هما هيبعدوا عنك بسهولة، مستحيل طبعًا"
جلس بجانبها على الفراش و أمسك بيدها وقال بكل تصميم عزم عليه:
"حمايتك بقت مسئوليتي، من هنا و رايح مش هخليكي تتعرضي لأي أذى، وعلشان كده لازم نتجوز بسرعة وأنا هعرف أتصرف معاهم"
هزت رأسها وهي تتشبث بيده قائله بخوف :
"أنا خايفة عليك يا سراج"
هز رأسه وهو يحتضن يديها قائلا بحب :
"ماتخافيش حبيبتي، ماتخافيش من أي حاجة، أنا جنبك مش هسمح لأي حد يلمس شعرة منك أبدًا"
تركها سراج حتى ترتدي ملابسها و تستعد و خرج من الغرفة ليتصل بصفوت الذي كان يجلس بمقهى المشفى ينتظره قائلا له بحماس :
"صفوت أنا عايز مأذون الليلة، و كمان عايز عمي الحاج ولدك يكون شاهد على العقد"
ضحك صفوت قائلا بارتياح :
"ألف مبروك يا سراج"
فتحت عينيها الناعستين بإرهاق وظلت لبرهة تفكر وهي تستوعب وضعها الجديد، لقد أصبحت زوجته بعد سنوات الشقاء و ألم الفراق..
حدقت في ظهره المستقيم ووقفته المهيبة بالشرفة شاردًا ككل صباح في أمواج البحر المتلاطمة...
راهنت نفسها أنه سيشعر بها الآن دون أن يراها و يلتفت نحوها مبتسمًا تلك الابتسامة الهادئة كصوته، يضع كفيه في جيبي سرواله قائلا:
"صباح الخير"
ها هي قد تكسب الرهان من جديد... همست وهي تعدل قبة قميص نومها الذهبي:
"صباح النور..... حبيبي"
تمتم سراج وهو يقترب منها بعربة الإفطار و ينظر في وجهها المشرق مبتسمًا بدفء :
"الفطار وصل"
ردت برقة تذيب صخور البحر التي تلاطمها الأمواج:
"عايزة نسكافيه؟"
رفع حاجبيه يطقطق من بين شفتيه وناولها بيضة مسلوقة مع قطعة من التوست المحمص :
"مافيش نسكافيه إلا بعد ما تخلصي فطارك وتشربي عصيرك وتاخذي أدويتك كلها، بعدها أوعدك هشربك أحلى نسكافيه"
ضمت شفتيها وهي تأخذ ما بيده تسأله :
"في أتينيوس؟"
ضحك قائلا وهو يدهن الجبن فوق قطعة من التوست ويقضمها :
"لسه فاكرة ؟"
أومأت برأسها في رقة :
"طبعًا فاكرة.. مرة جينا اسكندرية بعد حفلتك في الأوبرا علشان نفطر فول و فلافل و نشرب قهوة في أتينيوس، يومها قولتلي الاسكندرانية يقولوا فلافل مش طعمية"
اتسعت عيناه باندهاش وهتف:
"واااااو ذاكرتك قوية، ماشاء الله، وبعدين؟"
حدقت في عينيه المبتسمتين خلف زجاج نظارته وأكملت:
"كنت مبهورة بجمال اسكندرية في الشتاء و المطر، كان أحلى يوم و كانت أول مرة أشوف بلد حبيبي، قولتلك خلينا نقضي اليوم هنا دخلنا سينما الشارع كان فيلم..."
أكمل وهو ينظر بعينيها ذائبًا عشقًا :
"فيلم رومانسي The Best of Me رواية من روايات نيكولاس سباركس، و عيطي لما البطل مات"
لمعت بعينيها دمعة أسى :
"افتكرت إن ممكن نهاية الفيلم تكون نهاية مختلفة عن الرواية بس للآسف مات داوسون"
قال سراج وهو ينظر لها بنوع من الاعتراض :
"بس أنا شايف إن النهاية كانت مناسبة جدًا خصوصاً إن أماندا كانت زوجة و أم"
وضعت كوب العصير فوق الصينية و هتفت بعناد :
" وليه أصلا نيكولاس سباركس فرق مابينهم من الأول؟ ليه خلاهم يبعدوا عن بعضهم؟ ليه بعد 15 سنه يجمعهم تاني!! عشان يعذبهم؟ علشان تشهد أماندا على موت داوسون و تتعذب الباقي من عمرها؟"
خلع سراج نظارته يضغط فوق عينيه وقال مشاكسًا :
"انتِ لسه مصممة إن النهاية وحشة؟"
أومأت بتصميم :
"زفت، لسه مصممة على رأيي، وعلى فكرة كانت دي نقطة الخلاف مابينا لما قرأنا الرواية و كمان بعد ما شوفنا الفيلم"
زفر بحنق :
"يظهر إن نقطة الخلاف هتفضل مستمرة، أنا شايف ان النهاية عادلة جدًا، ابن أماندا الوحيد كان على وشك الموت لما قلبه اتضرر في الحادثة، ولولا موت داوسون ماكنش ابنها عاش"
هبت من فوق السرير و تخاصرت هاتفة :
"إيه الفايدة إن قلب حبيبها يتحط مكان قلب ابنها؟"
هز رأسه ونهرها بغضب هادئ :
"هو أنقذ إبنها من الموت وفي نفس الوقت قلبه هيكون دايمًا قريب منها، دي النهاية الطبيعية لي لي"
هزت رأسها رافضة :
"نوووو.. النهاية الطبيعية إنهم يكونوا لبعض بعد الفراق، كده كده أماندا ماكنتش مرتاحة مع جوزها وكانت بتفكر في الانفصال، بس نيكولاس كالعادة بيفرق العشاق"
وقطبت حاجبيها وهتفت بغيظ:
"وإنت لسه مصمم انها نهاية طبيعية؟"
أومأ برأسه:
"وهفضل مصمم"
تصاعدت أنفاسها بينما تخضب وجهها باللون الأحمر، وضعت خصلة شاردة من شعرها بعنف خلف أذنها وتمتمت :
"خلاص بلاش نقاش في الرواية و الفيلم دول بليز"
رفع ذراعيه مسلمًا :
"أوك، بس إنتِ اللي فتحتي موضوع النقاش مش أنا، كنا بنتكلم عن يوم اسكندرية فجأة اتحول الكلام الى فراق داوسون و أماندا"
نظر لبعضهما البعض ثم انفجرا بالضحك معًا، فقالت لي لي من بين ضحاكاتمها :
"يومها اتخانقنا كده تمام"
قال وهو يرتدي نظارته :
"في مطعم السمك و طول الرحلة من اسكندرية لحد القاهرة في القطر"
أشار نحو عربة الإفطار برأسه قائلا :
"تعالي كملي فطارك لحد ما آخد شاور عشان ننزل"
رفعت كتفيها :
"شبعت الحمد لله"
أمسك مربع من التوست كان قد دهنه بالزبد و مربي التوت الأسود أثناء حديثهما الشيق عن الفيلم وناوله لها :
"طيب كلي ده عشان خاطري"
هزت كتفها هامسة :
"مش قادرة خلاص شبعت خالص"
توقف أمامها مائًلا عليها وطبع قبلة رقيقة فوق شفتها المقلوبة قبل أن يدس طرف الخبر داخل فمها :
"عشان خاطري"
أومأت رأسها دون كلام ثم تركها سراج و ذهب ليتحمم.....
ظلت ليليان تنظر في أثره وهي تمرر انأملها ببطء فوق شفتها بشرود، تفكر بأن سراج لم يقترب منها ولم يلمسها حتى الآن كزوجة.
جلسا في أكثر الأماكن قربًا إلى قلبهما، سراج يشرب قهوته الفرنسية مستمتعًا بهواء البحر، و لي لي تحتسي النسكافيه بنكهة البندق مع تشيز كيك الفستق وهي تتلذذ بطعمها الرائع، ‘لتفت نحوها سراج بوجهه ينوي سؤالها عن مكالمة هذا الإكس رجل المافيا لكنه تراجع عندما رآها ، و أنها في حالة الاستمتاع و شعور باللذة بكل شيء حولها مع الهواء المنعش:
"احمم لي لي"
نظرت إليه مبتسمة:
"نعم حبيبي"
هل مازال ينتابه الإحساس بأن الزهور تتفتح داخل قلبه عندما تناديه حبيبي؟! نعم مازال يعود لهذا الشاب الخجول الذي غرق في عرقه و خجله عندما جاءت نحوه فتاة في العشرين من عمرها تعترف له دون تردد وهي تنظر في عينيه قائله :
"I LOVE YOU, YOU ARE AWESOME"
تلك الجميلة التي تحضر كل حفلاته و تذهب خلفه جميع دول أوربا، وتصفق له بحرارة و حماس وعندما يفتح عينيه المغمضتين أثناء عزفه يجدها أول من تلاحق عينيه، حتى تعود عليها و باتت عينيه تبحث عنها في جميع حفلاته...
"سراج كنت عايز تقول حاجة؟"
تنحنح يجلي صوته :
"احممم أه كنت عايز أقولك إننا هنرجع القاهرة بكرة إن شاء الله، عشان عندي محاضرات في المعهد من يوم السبت، أنا عارف إنها أجازة صغيرة بس أوعدك....."
"من غير وعود، كفاية إننا هنرجع على البيت مع بعض وهنكون مع بعض دايمًا حبيبي"
قال وهو يُقَبِل كفها المعلق بكفه:
"هنكون مع بعض دايمًا إن شاء الله، أاه لي لي على فكره إحنا هننزل على البيت عندك، علشان أنا صممت إن صفوت يفضل في شقتي القديمة، هو كان عايز يمشي بس أنا رفضت و بشدة"
وافقته بحماس قوي :
"برافو سراج انك صممت إنه يفضل، صفوت بجد إنسان رائع و محترم مش هنسى أبدًا وجوده جنبي في المستشفى، غير إن عمو باباه راجل طيب جدًا"
ابتسم برضا وقال باهتمام :
"هي فترة مؤقتة لحد ما أدور على شقة تانية قريبة من وسط البلد و...."
قاطعته رافضة :
"ليه يا سراج تدور؟! شقتي موجودة و قريبة جدًا جدًا من وسط البلد وكمان فيه فيلا التجمع"
هز رأسه بهدوء رافضًا :
"مش هينفع لي لي.. لازم المكان اللي هنعيش فيه مع بعض يكون أنا اللي جايبه بفلوسي، دي الأصول حبي"
وقبل أن تتكلم كان هاتفه يدق و كان صفوت الذي ألقى التحية على سراج ثم قال :
"سراج أنا عارف انكم راجعين بكرة ان شاء الله، عشان كده نظفت الشقة كويس وهمشي الليلة منها"
زفر سراج قائلا بضيق :
"أنا قولتلك إنت مش هتمشي من الشقة، اعتبرها شقة العزوبية ياسيدي، و كمان العفش اللي فيها مش هيناسب لي لي، ده كله عفش عُزاب"
تمتم صفوت برفض :
"مش هينفع.. سراج أنا كمان مش هينفع أعيش هنا لوحدي و كمان..."
فتح نافذة المطبخ المطلة على نافذة مطبخ الشقة المقابلة لتلتقي عيناه بعينيها التي حدجته بغضب:
"وكمان مش عايز أبقى لوحدي"
استغرب سراج سكوته ثم كلامه البطيء كأنه يطحن الحروف أسفل ضروسه :
"صفوت حتى لو مشيت الشقة هتبقى مقفولة.. على فكرة إحنا أسبوع و مسافرين على لندن بس أخلص شغلي في المعهد و الأوبرا و هاخد اجازة طويلة، يعني أنا مصمم"
حاول صفوت الكلام معترضًا :
"وأنا...."
قاطعه سراج :
"وإنت هتسمع الكلام و هتقول لماما سهيلة إني راجع بكره ان شاء الله وعامل ليها مفاجأة"
تنهد صفوت وأجابه :
"تمام هقولها.. على فكرة هي سألت على لي لي قولتلها إنها بخير حتى الست أم محمد كلمتني وقولتلها إنها كويسة ولما ترجع هتتصل بيها،أنا ماجبتش سيرة جوازك إنت و لي لي لأي حد ولا حتى ماما و روفيدة"
تذكر سراج روفيدة و انتابه الحزن عليها، مازالت الفتاة تُعلق عليه آمالها برغم أنه لم يمنحها أي وعود، يجب أن يخبر خالته فبالأخير هي في مقام والدته.
"تمام يا صفوت خالتي أنا هزرها و أقولها بس يارب تقدر
ظروفي و ماتزعلش منك و من عمي "
التوت شفتاه بسخرية وهي يرفع حاجبه محدقًا فيها بغضب :
"ماتشغلش بالك.. ماما بتزعل مني بسبب أو من غير سبب، يعني هي في حالة زعل دائم مني"

في العشق والهوي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن