🌷 الفصل التاسع و الأربعون 🌷

4.6K 238 27
                                    

{الجزء الثانى من الفصل}

دوسي نجمة أيتها القارئة رجاءًا
التصويت مهم جداً لنفسية الكاتبة
****************

انهارت علا وترجت والدها بدموع تذرفها كالتماسيح:
"أول و آخر مرة يا دادي أرجوك هعمل كل اللي انت..."
قاطعها صوت والدها قائلا بلهجة آمرة:
"خلاص كفاية كدب مابقتش أصدق ياهانم أي كلمة بتوعديني بيها، زهقت من عمايلك وغلطاتك السخيفة وقلة أدبك، انتي بقيتي مصدر إزعاج ليا"
صرخت علا وأبخرة الغيظ متجمعة في صدرها تكز على أسنانها وتبكي بجنون:
"كل ده عشان شغلك مش عشاني طبعا"
ناظرها والدها وكل خلايا أعصابه تكاد تنفجر غيظًا منها
ومن غرورها وأشاح بيده في وجهها بغضب:
"أيوه عشان شغلي طبعا، شغلي اللي بصرف عليكي منه وعلى طلباتك اللي مش بتخلص، وبرغم كل اللي بعمله عشانك مافيش فايدة فيكي جيبالي دايما الكلام والمشاكل وقلة القيمة بعمايلك السودة"
ردت علا بقساوة وهي تضرب رأسها بالحائط بقوة وغل ككل مرة تحاول فيها تصنع الجنون والمرض النفسي الذي تلجأ إليه حين تشعر أنها في مزنق:
"أنا ماعملتش؟ أي حاجة، هو.. هو اللي بيقول كده عليا عشان رفضت أعمل معاه علاقة"
سحق والدها اسنانه وصفع وجهها بكل قوته وعيناه تقدحان بالشرارات الملتهبة ولسانه يتمتم بصوت يفح غلاً وقهرًا:
"اخرسي ياسافلة ياحقيرة، يعني كدابة وكمان..."
وبتر الكلمة التي لم يستطع لسانه نطقها وهز رأسه مهزومًا ومقهوًر وهو يجلس متعبًا في مكانه:
"أعمل فيكي إيه؟ قوليلي أعمل معاكي إيه تاني أكتر من اللي عملته، أموتك بإيدي و أخلص منك و من كل مشاكلك اللي هتجبلي العار وتحط رأسي في الطين"
كان والدها جالسًا أمامها يتألم بقلبه الذي يتمزق ما بين القسوة والخوف عليها، في حين كانت هي واقفة تفكر بجنون أنه مهما فعل لن ينجو من براثن مخالبها الحادة هو و زوجته.. أقسمت في نفسها بصوت شرس وهي تبتسم إبتسامة تقطر وعيداً بالف شر قدام لهما لامحال ثم تمتمت بصوت هادئ مثير للشفقة:
"اديني فرصة، فرصة واحدة دادي بس عشان أثبتلك فيها ان الكابتن اللي كل الناس شايفاه حد كبير ملتزم هو مجرد شخص حقير وواطي بيستغل معجباته بكل
وقاحة عشان يضحك على عقولهم"
برقت عينا والدها وقال محنقًا:
"يعني آدم برهان بيضحك عليا هو كمان الناس كلها اتفقت عليكي فجأة كده عشان انتى مثلا ملأك وهما أشرار، لو كان كلامك ده كله في حرف واحد بس صح وهو واحد واطي وبيستغلك زي مابتقولي ليه هيروح لعمه ويطلب منه أنه يتكلم معايا عشان أبعدك عنه بعد المشكلة اللي المنيلة على دماغك اللي عملتيها معاه، و في بيته كمان"
"كدااب أنا ماروحتش عنده، ولا حتى اعرف مكان بيته"
"انتي اللي كدابة وحقيرة وأنا معرفتش ارباكي"
أمسك بمقدمة رأسه وهو يشعر بأن الدماء تفور بها ثم
أضاف لهثًا:
"فكرت ان الدلع والدلال والفلوس واني محرمكيش من اي حاجه هي الطريقة اللي اقدر اعوضك بيها عن امك اللي سابتك ليا، بس طلعت اكبر غلطان انتي كان لازم تعيشي عيشة تانية خالص زيك زي بنات كتير غيرك بنات معندهمش ولا حتى نص اللي عندك و رغم كده عايشين راضيين ومتربيين، كان لازم تدوقي المر كله في كأسات علشان تعرفي ان الله حق"
نفثت من بين شفتيها نفسًا لاهباً ثم اغلقت عينيها وكأن الحديث كله برمته لايعنيها بالمرة تهتز في وقفتها ثم تنظر إلى اظافرها المدببة المطلية بعناية في استهتار جعل غضب والدها يتصاعد فقال بصوت خرج غامض حاد النبرة وهو يرمقها:
"بس على العموم ملحوقه أنا لسه عندي الوقت اللي اقدر اصلح فيه اللي فسدته فيكي بيدي ديه، انتي لازم تسافري ترجعي على لندن قبل ماتعملي اي مصيبة تانية ماقدرش أحلها، أنا وعدت الراجل إنك هتبعدي عن ابن أخوه و تغوري من هنا"
عكفت علا فمها متهكمه ويداها مشدودتان الى جانبيها
بينما اخذت اسنانها تصطك ببعضهما:
"انا مش هسافر، مش هسافر ولا اتحرك من هنا مهما حصل وبعدين اللي إسمه آدم برهان ده اللي حضرتك عامله الف حساب اوي كده، ميبقاش عمه ولا نيلة ده مجرد صاحب لابوه وشريك معاهم يعني أكيد بيكدب عشان مصالحه مع أبوه"
ضرب والدها فوق فخذه بقوة صارخًا فيها:
"هتسافري غصب عنك والجزمة فوق رقبتك فاهمة و كمان أنا ماليش دعوة آدم برهان يبقى عمه ولا خاله ولا حتى جوز خالته؟ أنا كل اللي يهمني إنك تسافري من مصر وتروحي نفس المكان اللي أنا بإيدي ديه طلعتك منه لما افتكرت انك بقيتي واحدة محترمة وعقلتي و مقدرة ظروفي وظروف شغلي بس أنا كنت غلطان في كل اللي عملته، جبت لنفسي مصايب أنا مش قدها"
رفعت ذقنها ثم استدارت إلى الحائط وقالت وهي تكز بأسنانها فوق شفتها السفلى حتى أدمتها من الغل:
"يعني خلاص حضرتك مصمم اني هسافر، هرجع تاني لأكتر مكان بكرهه في حياتي، خلاص أنا موافقة أسافر بس مارجعش المكان ده مرة تانية، خليني أروح أعيش في مانشستر مع مامي"
انعقد حاجبا والدها و رد بسخرية:
"مامي، أمك ياهانم مش عارفه أصلا انتي موجودة في إنجلترا ولا لاه، أمك اللي كل يوم مع بوي فريند جديد وناسية ان ليها بنت في سن عايز متابعة عايز تربية ديه حتى مش بتسأل عنك غير كل فين وفين، مش أمك ديه اللي رميتك ليا و راحت تجري ورا أحلامها الخايبة فوقي لنفسك علشان ماتتصدميش فيها اكتر من كده واسمعي الكلام اللي بقوله من غير أي إعتراض"
انتفضت من صراخ والدها الغاضب وتطلعت إليه وهي تهمس برجاء حتى لاينفذ تهديده القاسي بإبعادها الذي سيمنعها من الإستمرار في انتقامها:
"اديني فرصة واحدة بس، أوعدك مش هغلط ولا غلطة واحدة، هعمل كل اللي انت عايزه، هسمع الكلام وانفذ أوامرك كلها بالحرف"
قال بلهجة أكثر حزمًا:
"اديتك فرص كتير و وثقت فيكي بدل المرة ميت مرة وقولت مسيرها تعقل وتفوق لنفسها وتسبها من شلة الفسا*د الملمومة عليها ديه وبكره تفكر في نفسها وفي مستقبلها وتعرف ان شوية الحثالة دول هيدمروها ديه حتى سهر جرتي رجلها معاكي في القرف والاستهتار ولا انتي فاكرني نايم على وداني مغمض عيني مش عارف بتهببي ايه من ورايا بس خلاص الكيل طفح منك ومن عمايلك السودة"
ملأ القهر ملامح وجهها الناعمة كحية تتلون ممتزجًا بالغل والحقد الشديد وهي ترى نفسها تفشل فشلاً ذريع في اقناع والدها الذي ازداد عنادًا واصرارا وغضبًا في ابعادها او نفيها نفيًا كالذي يلفظ اكلة دسمة تؤلم معدته، كزت على شفتيها باستسلام شديد تهتف:
"أوك دادي هسافر زي ماحضرتك عايز، تمام هسافر و اتنفى بعيد عنك عشان ترتاح مني ومن مشاكلي اللي بتأثر عليك وعلى شغلك، هريحك مني زي ما ارتحت من مامي مش ده اللي حضرتك عايزه"
"علا اتكلمي بطريقة كويسة و ماتنسيش نفسك انتي وقفة قدام أبوكي، أبوكي اللي من غيره هتبقي زي أي كلب*ه مشردة مالهاش قيمة، و الهانم أمك اللي عايزه تروحي عندها وتعيشي معاها عشان تمشي على حل شعرك، ماكنتش عايزاكي أصلا كانت عايزة تحطك في دار رعاية مش مدرسة داخلية بدفع فيها كل سنه مبلغ وقدره، احمدي ربنا على اللي انتي فيه"
هتفت بصرخة قوية:
"خلاص عرفت والله اني عبء كبير عليك وعليها وعلي الدنيا كلها ومن غيرك كان زماني home less أووك داد المسج وصلت وفهمت إني لازم أسافر"
أشار اليها والدها بلا مبالاة، وهو لايهتم بتلك المهترهات والصعبنيات التي تجسدها بجدارة وكأنه لايعرفها جيدا ويكشف أمرها فدائما مايقولون في الأمثال الشعبية:
"اللي ربي خير من اللي اشتري"
وقف والدها على قدميه ليلتف حول مكتبه مقتربا من
ابنته التي تحاول إثارة استعطافه بدموع خداعة قائلا بتجهم:
"متحاوليش خلاص مبقتش اقتنع ولا بأكل من الكلام ده كله الدموع ديه ابقى وفريها لما تبقي تشكي لأمك مني، و اعملي حسابك ان خلاص سفرك هيكون بعد يومين جهزي نفسك وإياك ياعلا، إياك تعملي حاجه غلط خلال اليومين دول والله ماهرحمك المرا دي أنا بإيدي اللي هرميكي في الشارع رميت الكلاب هخليكي تندمي العمر كله إنك ماسمعتيش كلامي"
مطت شفتيها ببرود وهي ترفع حاجبها هامسة بطبقة
صوت هادئة يتخللها المكر:
"اطمن داد أنا مش غبية علشان أعمل حاجة فكسانة تخليك ترميني في الشارع"
دمدم والدها من بين شفتيه المطبقتين:
"إيه فكسانة و كلام الصيع ده، بس الحق مش عليكي الحق عليا أنا اللي رجعتك وسبتلك الحبل كده على الغارب ووثقت فيكي، بس كل الكلام ده انتهى من هنا ورايح هيبقى التعامل معاكي بحسابات تانية خالص"
كتفت ذراعيها وكأنها لا تهتم بكل مايقوله وسألته بلا إهتمام:
"حضرتك خلصت كلامك ولا لسه"
هز والدها رأسه عقدًا حاجببه بإستياء وهو يلوح لها بطول ذراعه:
"خلصت.. اتفضلي امشي من قدامي"
استدارت توليه ظهرها وقبل أن تتحرك نادها بصوت قاطع وقاسي، لتتوقف في مكانها دون أن تلتفت اليه:
"علا في اليومين اللي باقيين ليكي هنا في مصر مش عايزك تتحركي من البيت فاهمة"
ردت ببلادة بينما لا تزال بمكانها مشدوهة:
"اوك داد مش هتحرك"
وخرجت من غرفة والدها وهي تستشيط غضبًا برغم ملامحها المتبلدة التي ترسمها فوق صفح وجهها ثم أقسمت بصوت خافت وغاضب ومختل وهي تتحرك نحو غرفتها بخطوات متشنجة مغلولة أنها لن تخضع لأي شخصٍ كان حتى إذا كان هذا الشخص هو والدها
وظلت في غرفتها تتحرك بجنون ذهابًا و ايابًا وهي تفكر في طريقة تجعل والدها يتراجع عن قرار سفرها بالوقت الحالي ع الأقل حتى تقوم بتنفيذ كل مخططاتها التي تحيكها لعلي مررت أناملها بين خصلات شعرها بغل وهي تعض فوق شفتها حتى لا تصرخ من الغيظ ثم أمسكت هاتفها واتصلت على صديقتها سهر سريعاً..
أجابتها سهر بعد وقت بصوت ناعس:
"علا كلميني كمان شوية"
صرخت علا فيها بتحكم:
"سهر مش وقت نوم فوقي وتعاليلي البيت بسرعة"
تأففت سهر وجلست نص جلسة فوق الفراش وأخذت
تفرك شعرها المشعث وهي تقول:
"أنا كنت سهرانة معاكي امبارح لنص الليل وعايزة أنام
في ايه بس؟"
دمدمت علا بغل وهي تسحق الكلمات سحقًا بين أسنانها:
"مانتي لما تيجي هتعرفي في ايه من غير ما تسأليني أسئلتك الغبية ديه، يلا تعالي بسرعة"
همست سهر وهي تتثأب بكسل:
"سبيني أنااام"
ثم انتفضت على صرخة علا المغتاظة:
"سهرررر فوقي وتعاليلي البيت بسرعة فاهمة بسرعة"
"طيب طيب ساعة بالكتير وأكون عندك باي"
رمت علا الهاتف بقوة وهي تهدر بملامح حانقة:
"غبية، كأني نقصاكي انتي كمان ياحيوانه"
بعد ساعة كانت سهر تجلس مقابل علا تنظر إليها في صدمة وهي تجلس تارة و تتحرك تارة أخرى ثم تقفز في مكانها كحبة ذرة تتقافز داخل طنجرة ساخنة:
"أعمل إيه داد مصمم اني أسافر و أنا مستحيل أتحرك من هنا غير لما أخرب بيته، ادمره، واهد كل حاجه فوق دماغه، أسود عيشته سواد السنين، وأفضحه فضايح مالهاش أول ولا اخر في كل مكان، بس ازاي مش عارفه أنا المفروض أسافر بعد يومين"
رفعت سهر كتفها تقول:
"مش عارفة ياعلا، بس انتي لازم تسمعي كلام باباكي"
"انتي بتقولي ايه؟ انتي كمان"
هتفت علا واندفعت نحوها بخطوات سريعة:
"معنى كلامك ده اني أسافر وأنسى علي"
هزت سهر رأسها ببطء شديد وهي تخشى ردة فعل علا الجنونية قائله:
"خلاص بقا ياعلا انتي عملتيلوا أكتر من مشكلة عند بيته وفي النادي وفي المطعم، يعني أخدتي حقك منه أكتر من مرة، وكمان أنا نفسي أفهم حاجة اشمعنى يعني علي ده اللي معلق في دماغك كده؟ ده انتي مر عليكي كتير غيره والموضوع خلص في السريع"
تكلمت علا من بين أسنانها بنبرة غاضبة كالرصاص:
"أنا لسة ماعملتش فيه أي حاجة هو لسة شاف مني حاجه، وبعدين أنا مافيش حد يسبني ياماما لا علي ولا غيره، أنا علا اللي أسيب بمزاجي اي حد لما أزهق و أنا لسه مكنتش زهقت من علي، فهمتي"
"عشان حبتيه، عشان هو الوحيد اللي ماكنش لعبة في ايدك زي اللي قبله، قالك لا ياعلا، ممشاش وراكي في
كل مكان زي المجنون كان بيقولك لا على كل حاجه
غلط في حياتك"
صرخت علا بجنون كأن الشيطان قد مسها:
"اخرررررسي، اخرررررسي"
وأضافت بغضب وعيناها تشتعل بحريق لم يخمد:
"قصدك إيه، هه، اتكلمي قصدك أنا اللي كنت لعبة في ايده صح، انتي بتقولي كده عشان بتغيري مني، عشان انتي ولا حاجه، ولا حاجه من غير ياسهر"
هزت سهر رأسها نافية وهي تحدق فيها والدموع تلسع
مقلتيها بضعف:
"لا ياعلا ماقصديش اللي فهمتيه خلاص والتجريح ده كله مالوش اي لزوم، بس خدي بالك انه هو قالك من الأول ان علاقتكم مش جديه، وانكم مجرد أصدقاء بس حتى انه مالتزمش معاكي باي وعود ولا حتى كان زي غيره"
رفعت علا ذقنها قليلاً وبدت نظراتها أشد تحجرًا من ذي قبل ثم هتفت معقبه بنبرة جافة مرتبكة:
"مين قالك انه كان زي غيره ومحصلش ومعملش اللي في دماغك الرجالة كلهم زي بعض شوية كلا*ب"
قالت سهر برفق مؤكدة:
"انتي قولتيلي محصلش و الموضوع ده كان هيجننك علشان كنتي عايزة تمسكي عليه أي مصيبة و السلام"
اتسعت عيناها غضبًا وصرخت على صديقتها بنفاذ صبر كأنها تتهمها بالفشل الذريع:
"انتي جايه هنا علشان تأدبيني ده بدل ماتفكري معايا وتتنيلي تقوليلي أعمل ايه"
رفعت سهر كتفها تقول ببساطة:
"ماتعمليش أي حاجة.. اسمعي كلام باباكي و سافري وبلاش تعملي مشاكل أكتر من كده، واحمدي ربنا انها جت على قد كده انتي عارفة كويس علي يبقى مين و ابن مين وممكن هو وأهله يعملوا إيه"
بنبرة غرور و تكبر هتفت علا وهي تلوي شفتيها بنزق:
"هيعمل إيه يعني؟ الكابتن مايقدرش يعمل أي حاجه ممكن تعرض سمعته للفضايح"
كتفت سهر ذراعيها و رفعت حاجبيها تقول بوضوح:
"ومين قالك ان هو اللي هيعمل؟ وقتها أهله هما اللي هيعملوا انتي قابلتي والده من فترة وقولتيلي انه كان راجل يخوف"
كزت على شفتيها وحدقتيها تهتزان قليلا بقلق حين تذكرت والد علي، الرجل المهيب صاحب الطلة القوية التي تُرهب القلب وتعقد اللسان، لكن غرورها وتكبرها أبى عن الأستسلام قائله بكل تعنت:
"هو مستحيل يدخل حد من أهله في مشكلة زي ديه انتي نسيتي ان البيه متجوز وممكن أهل مراته يعملوا معاه مشاكل كبيرة"
للمرة الأخيرة حذرتها صديقتها بقلق:
"بلاش ياعلا اسمعي الكلام، اتقي شره وشر أهله، انتي كمان مش عارفة مراته ممكن يكون رد فعلها إيه هي و
أهلها دول صعايدة"
ضحكت تسألها بإستهانة:
"هتعمل ايه الجاهلة الفلاحة ديه كمان؟ أخرها تشكيه وتقول لأهلها على جوزها اللي بيخونها مع ست ستها ماتقلقيش انتي بس وبلاش تنقي فيها أنا عارفة كويس أنا بعمل ايه، المهم تساعديني انتي في اللى هعمله"
زفرت سهر بملل وهي تستسلم لها:
"هتعملي ايه؟ هتهربي من باباكي"
ضحكت علا ضحكة صاخبة متمردة وهي تضع أمامها حقيبة سفرها قائلة لها بسخريه:
"أهرب؟ وانتي فاكرة ان داد مش هيعرف مكاني لو فكرت أهرب اما انتي غبية بصحيح"
"أمال ناويه تعملي ايه فهميني، هتسمعي كلام اونكل فؤاد و تسافري؟"
سألتها بحيرة وهي تحدق في حقيبة السفر التي تملأها علا بملابسها بطريقة عشوائية:
"ساعديني انتي بس وحطي في الشنطة التانية شوية جزم على شوية شنط"
حركت سهر رأسها وهي تساعدها في وضع الملابس و الأحذية والشنط دون أن تسألها مجددًا على ماذا تنوي ثم لاحظت وقوف علا في منتصف الغرفة وتنظر حولها ثم وقعت عيناها على تمثال كبير من الرخام يقبع في زاوية الغرفة أشارت نحوه علا وهي تضحك قائله:
"هو ده؟"
ابتعدت سهر عنها والخوف يدب في قلبها تهمس:
"علا انتي هتعملي إيه؟"
أجابتها علا وهي تحدق في صديقتها التي ترتجف من الخوف بوجه شاحب ثم ضحكت:
"ماتخافيش كده مش هقتلك عشان أدخل السجن أنا هعمل كده"
وفجأة مدت علا ساقها للأمام و أغمضت عينيها بقوة وهي تضع طرف وسادة صغيرة في فمها ثم سريعًا و من دون تفكير أسقطت التمثال فوق وجه قدمها من الأمام ليصدر منها صرخة قوية مكتومة وكأنها تتمزق وفي نفس الوقت أخفت سهر وجهها بين كفيها وهي تصرخ:
"بتعملي ايه يا مجنونة هتكسري رجلك"
احمر وجه علا وسالت الدموع من عينيها بغزارة وهي تئن من شدة الألم الذي يمزق ساقها التي تشعر أنها تخدرت، لتقول باكية:
"لازم أعمل كده مرة تانية ساعديني"
صرخت سهر رافضة:
"ماقدرش أعمل كده، ماقدرش وش رجلك ياعلا شكله اتكسر.. انتي بتعملي ايه في نفسك كفاية جنان ياعلا كف......"
قاطعتها علا بصرخة أعلى وهي تعاود الكرة مرة أخرى
وترمي بالتمثال فوق وجه ساقها التي تلونت بالزرقان
وهي تصرخ صرخة هزت جدران المنزل:
"ااااااااااااااه رجلي لازم أعمل كده، اااااه"
ركضت الخادمة على صوت الصرخة ودلفت إلى الغرفة وهي مفزوعة لتتفاجئ بعلا تبكي بانهيار، ضربت فوق صدرها وهي تحدق في التمثال الرخامي الساقط فوق وجه قدمها:
"مالك ياست علا، يالهوي رجلك، التمثال وقع فوقها ازاي، ياخرابي"
هرولت الخادمة نحو علا التي ترتجف وتبكي من ألم ساقها لتزيح التمثال من فوقها قائله لسهر  الواقفة في مكانها متجمدة مثل التمثال الرخامي الذي كسرت به علا قدمها للتو:
"ساعديني ياست سهر خلينا نقعدها ع السرير"
تحركت سهر بآلية وهي لاتصدق أن علا كسرت قدمها بنفسها دون أن يرف لها جفن حتى تنفذ خطتها الماكرة
الشيطانية.. خرجت الخادمة تهرول من غرفة علا حتى تجلب لها الثلج لوضعه فوق الساق المتورمة بكدمات زرقاء صاحت علا تصرخ باكية بألم حقيقي، وقالت سهر بذهول:
"انتي كسرتي وش رجلك! ازاي تعملي كده في نفسك"
يالها من سيكوباتية نرجسية يتملكها جنون العظمة و الإنتقام بنفس ذات الوقت كانت تبكي وتضحك وهي تهمس لصديقتها من بين شفتيها المرتجفة:
"ااه رجلي، متأكدة انها اتكسرت"
"اتكسرت شكلها باين"
همست سهر وابتعدت تفسح المجال للخادمة التي بدأت في وضع غلاف الثلج وهي تهمهم:
"ياستار يارب، ازاي حصل كده"
لاتعرف سهر لماذا انتابها الخوف الشديد من صديقتها وشعرت بقشعريرة من القلق تمر بكل خلايا جسدها.. ربما خوفًا من علا التي تؤذي حالها حتى تشعر بلذة الإنتقام.. الإنتقام من شخص لم يبادلها في يومٍ ما حبها المزعوم و مشاعرها الغير حقيقية!!
التي تستطيع أذية نفسها بهذا الجحود و القوة دون شعور يسهل عليها أذية من حولها دون أن يرجف لها جفن أو ينبض لها قلب...
"" "" "" "" "" "" "" ""
بوجه شاحب وانفاس لاهثة دلف والدها إلى غرفتها بإحدى المستشفيات التخصصية القريبة من منزلهم وعلامات القلق والخوف تكسو ملامحه:
"علا انتي كويسة يابنتي؟"
"داد أنا آسفة"
همهمت علا وهي تبكي فوق صدر والدها الذي عانقها بحنو تحت أنظار الخادمة و سهر التي يغلف الوجوم محياها.. التفت الرجل نحو الخادمة و صديقة ابنته يسألهم بذهول:
"إيه اللي حصل؟"
تنهدت سهر بقلق وهي تشعر بنظرات علا تخترقها بحذر، لتجيبه الخادمة:
"الست علا وقعت التمثال فوق رجلها من غير ما تاخد
بالها، بس الحمدلله يابيه الدكتور طمنا على رجلها شرخ بسيط وشوية كدمات في وش الرجل"
اتسعت عينا والدها مذهوًلا وهو يحدق في قدم ابنته الملفوفة برباط جبسي حتى نصفها، ثم رفع عينيه من جديد نحو صديقة ابنته المقربة وابنة صديقه المقرب الذي فارق الحياة منذ سنوات يسألها:
"يعني ايه ماخدتش بالها ليه أصلا تشيل تمثال تقيل كده، سهر حصل ايه يابنتي"
ابتلعت سهر ريقها وبللت شفتيها بطرف لسانها ترفع عيناها تحدق في علا التي رفعت حاجبها بنظرة شرسة محذرة جعلت سهر ترتجف لتجيب بصوت خافت:
"أبدًا يا أونكل أنا و علا كنا بنحضر شنط السفر والأوضة
كانت محتاجة تترتب علا شالت التمثال عشان تحطه في أي مكان فجأة وقع على رجلها"
هتف والدها بعصبية:
"مش تاخدي بالك يابنتي؟ انتي هتفضلي لحد امتى مستهترة بالشكل ده وانتي يافهيمة كنتي فين؟"
هتفت الخادمة بخوف:
"والله كنت في المطبخ يابيه والست علا ماقالتليش أساعدها أنا سمعتها بتصرخ"
همست علا بنبرة متعبة مجهدة وهي تريح رأسها فوق الوسادة:
"دادة مالهاش ذنب داد أنا قولت أرتب أوضتي وسهر معايا، وكنا بنتكلم ونهزر وفجأة وقع من بين ايديا من غير ما آخد بالي الحمدلله"
ردد الأب بصوت هادئ يتخلله بعض الشك خاصًة بعد أن لاحظ نظرات صديقة ابنته المرتبكة وهي تحدق فيها من وقت لآخر:
"الحمدلله، الدكتور قال إيه؟"
قلبت علا شفتيها كطفلة مدللة دون أن تجيب والدها و تركت مهمة الرد إلى سهر التي قالت بابتسامة خافتة:
"قال شرخ بسيط بس لازم علا ترتاح أسبوعين ع الأقل في السرير ماتضغطش على رجلها خالص و ماتتحركش عشان الشرخ مايزدش وكتب لها على مسكنات و...."
قاطعها الرجل وهو يحك جانب وجهه و يلتفت يحدق في ابنته التي أغمضت عينيها:
"مفهوم ياسهر، يلا يابنتي اتفضلي روحي انتي كفاية عليكي كده عشان ماتتأخريش، و ياريت تسمعي كلام مامتك عشان اشتكتلي منك كذا مرة وهي حزينة من سهرك الكتير والجامعة اللي مش بتروحيها بانتظام و طبعا بنتي هي السبب، أنا وعدتها اني هتكلم معاكي بس ده مش وقته على كل حال نبقى نتكلم بعدين"
أومأت سهر برأسها طاعة لوالد صديقتها واقتربت من علا النصف نائمة بمكر وانحنت تقبل خدها هامسة لها بصوت مسموع:
"سلامتك ياعلا أنا هاجي بكره أطمن عليكي"
همهمت علا وهي تناظرها ببراءة مزيفة وعيناها تلمع بالانتصار كأنها تقل لها بنظراتها الماكرة:
'شوفتي عملت اللي في دماغي'
"هستناكي، ميرسي سهور تعبتك معايا"
راقب الأب الموقف بشك شديد حتى خرجت سهر من غرفة ابنته ثم الخادمة التي طلب منها العودة للمنزل و ظل واقفًا أمام سرير ابنته يحدق فيها بشرود مهمومًا وفي وجهها البريء كالملائكة...
وعندما طال الصمت فتحت علا عينيها ببطء شديد تناظر والدها الواقف أمامها ينظر لها في جمود:
"داد حضرتك ممكن تروح البيت ترتاح أنا...."
قاطعها والدها قائلا بغضب:
"انتي مهما عملتي مش هتقدري تضحكي عليا أبدًا ولا تلعبي معايا، لعبتك الحقيرة مكشوفة بس أنا هصدقها بمزاجي، وهقولك للمرة التالته اعملي حسابك أنا لسة مصمم على انك تسافري وبيقت مصمم دلوقتي أكتر من الأول، ماشي ياعلا.. ماااااشي، بكره تشوفي أنا ازاي هعرف أدبك و أمشيكي ع العجين ماتلخبطوش"
تحرك والدها ليخرج وعلا تناديه وهي ترفع رأسها:
"داد، داد انت فاكر اني عملت كده في نفسي عشان مسافرش، اووف معقول اعمل كده في نفسي"
أغلق والدها الباب بقوة دون أن يتوقف للحظة حتى يستمع إلى كذبتها المفضوحة وعندما اطمئنت لخروج والدها، انشقت شفتيها بضحكة ملتوية وهي تدمدم:
" المشكلة مش انت هتعمل إيه فيا داد، المهم أنا هعمل إيه فيه"
" "" "" "" "" "" "" "" "" ""
وصل صوت الجدال الدائر بحدة بين نفيسة و شقيقها الأصغر زين إلى سمية التي لطمت خدها و هدرت من بين أسنانها بغيظ وهي تنفض ما بيديها من ملابس و خرجت على عجل تهرول اليهما قبل أن يفيق والدهم من نومه على أصواتهم المزعجة:
"يحرج مطنكم إنتم الجوز يا ولاد سمية"
حدقت نفيسة في شقيقها الأصغر وهي تتخاصر قائلة له بنزق:
"رايح على وين؟ ان شاء الله "
رفع زين حاجبه قائلا بلا مبالاة:
"خارج هكون رايح فين يعني يا أذكى خواتك أتمشى في البيت بخلجات التمرين"
تمتمت بمزيد من الغضب ووجه حانق:
"ماني شايفة انك مدعوج خارج ده وجت خروچ و وجت تمرين، تكونش فاكر حالك بطل مصر في كمال الأجسام وبعدين أنت خابر الساعة كام"
هز زين رأسه يجيب بعد أن نظر في ساعة هاتفه:
"الساعة خمسة وعشرة فيها إيه؟"
"ياظرف دمك يابارد، أهل عريسي زمانتهم جايين وإنت واخد في وشك وطالع يابهيم، يابجرة"
ضم زين الذي يفوقها طولاً قبضة يده ليلكم الهواء أمام
وجه نفيسة التي ابتعدت عنه وهي تصرخ فيه:
"ياغبي رايد تلكمني في وشي يوم خطوبتي، كتك داج
الهبل"
في غضون ثوانٍ معدودة كانت سمية تدلف للغرفة وهي تدمدم بصوت خافت مغتاظة من كلاهما:
"في ايه يادحش منك ليها أبوكم ناعس في أوضته والله لو سمع صوتكم دهو لينزل يدور عليكم بالمداس منك ليها، حوصل إيه؟"
زفرت نفيسة وهي تكتف ذراعيها بتشنج:
"ولدك خارچ جال إيه رايح التمرين"
قالت سمية وهي تلوي شفتها لابنتها التي ربت لها العصب:
"مايندعج يخرج يروح التمرين ولا النيلة وانتي مالك؟"
رفع زين ذراعيه مستسلمًا وهو يقول:
"وشهد شاهد من أهلها، أمي الحلوة مش عتحاسبني كيف مانتي عتحاسبيني عشان اكديه آني رافض فكرة الچواز نهائي"
لكمته سمية بكوع ذراعها في منتصف بطنه بغيظ بقوة
ليصيح زين متوجع بتمثيل:
"چواز إيه اللي عتتحدت عنيه يامخبل إنت خد الثانوية العامة باللاول ياموكوس بدل مأنت مبلط فيها بجالك سنتين، كتك نيلة على خيبتك التجيلة، ياعرة عايلة ابو السعود"
"متشكرين ياغاليه"
همهم زين ضاحكًا ببرود:
والتفتت لنفيسة الغاضبة تنظر لها نظرة ثاقبة متنهدة من أعماقها:
"وانتي ياختي بدل مانتي واجفة اكديه كيف العمل الرضي روحي چهزي حالك، انتي يابت مالك رايحة جاية كيف نطاط الحيط كأن مافيش غيرك راح يتچوز"
بنفس الوقت خرجت فاطيما من المطبخ وهي تجفف يدها في منشفة صغيرة بعد أن انتهت هي وامتثال من إعداد طعام العشاء، لتقف بالقرب من نفيسة الحانقة تتابع ما يحدث بصمت وهي تبتسم برقة...
أشارت نفيسة نحو أخيها الواقف ببلادة يحمل حقيبة رياضية فوق ظهره ويرتدي ملابس النادي الرياضي:
"شايفة يافاطيما البيه خارج راح يندلى ع الجيم والنبي ده وجته، جولي حاجة"
همهمت فاطيما بصوت خافت وهي تزغر لزين:
"لا مش وقته الصراحة يازين الجماعة على وصول"
رفع زين حاجبيه يدمدم:
"وأنا مالي مايچيوا أنا لازمن أروح التمرين ويا الناجي و بعدين إنتوا ليه محسساني إن الناس اللي جايين غرب عنينا دول خطبينك لحسن من أيام الفراعنة"
ضحكت فاطيما وهي تضربه فوق كتفه بخفة، وهتفت سمية التي فاض كيلها منهما:
"جبر يلم العفش، إنتم الجوز منيكم لله عايزين تشلوني
منك ليها، راح تروح ويا الناچي اللي راح يحصلك مش مكسوف على دمك يابجرة، ياموكوس لما الناجي اللي اصغر منيك بسنتين يدخل وياك الكلية ده لو عديت منيها السنه ديه كماني"
زفر زين هامسًا لزوجة أخيه:
"محديش فاهمني"
رمقته فاطيما بطرف عينيها حتى يصمت وربتت فوق كتف سمية هامسة لها بحنو:
"بعد الشر عنك يارب ياماما لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، اقعدي انتي بس هنا ارتاحي شوية"
التوت شفتاها في تهكم وهي تجلس وأكملت سمية بنبرة مليئة بالغيظ:
"اجيب منين الراحة وأنا عندي دول كتهم الهم والغم هو أنا خلفت غير محمود ربنا يسعد جلبك ياولدي يا حبيبي ويرزجك بالذرية الصالحة"
تمتمت فاطيما خلفها بخفوت:
"آمين يارب العالمين"
جلس زين فوق يد الأريكة وكأن الحديث لايعنيه قائلا ببرود:
"بمناسبة الدعا عليا لافيني كفارة ذنوب خمسين جنيه
ولا أجولك ميه عشان داعيتي عليا كتير"
أعادت فاطيما كرة الضحك وهي تنظر لزين بحذر وفي المقابل هز هو رأسه لها هامسًا:
"ايه مش في كفارة ذنوب بردك"
قاطعته أمه بلهجة صارمة هادئه هدوئًا مريب:
"ميت جزمة على رأسك، مانت واخد مصروفك تالت و متلت غور من جدامي وماتعوجش عشان تبجا اهنيه جبل سبعة ونص"
ضربت نفيسة قدمها بالأرضية الصلبة نافخة بحنق:
"بردك هتهمليه يخرچ"
شعرت سمية أنها على وشك الانفجار من تسلط تلك الهبلة التي تريد من الجميع المكوث في المنزل تحت الإقامة الجبرية لحين وصول عائلة الناجي...
وجهت دفة الحديث لفاطيما الجالسة مقابلها:
"أجولك على حاجة انتي مش غريبة عنينا، الله يكون في عون ولدي حسن، البنتة ديه عجلها طاير من رأسها راح توريه الويل وسواد الليل، ويعين حماتها هي كماني عليها ولاونها واخده صفها على طول خليها تدوج بجا و تشرب من اللي آني شاربة منيه"
همهمت فاطيما في هدوء:
"هي فرحانة ياماما، وكمان خالتو نيرة بتحبها جدًا هي و كابر ونعمة الحما والله"
حدقت سمية في وجهها والتوت شفتاها في تعجب لترد سائلة:
"ونعمة الحما كأنك بترمي كلام مالوش عازة يامرت ابني"
هزت فاطيما رأسها ناكرة في دهشة:
"لا والله ماقصدتش حاجه ياماما أنا بس بقول...."
قاطعتها سمية بغضب مكبوت:
"ولا بتجولي ولا بتعيدي يامرت ابني كأنك جولتي اللي في خاطرك وخلاص"
ارتبكت فاطيما وهي تشعر بوجهها يحترق وهي فعًلا قد احترقت بالدماء الحارة التي لونت وجنتيها بشدة من الارتباك والخجل وهنا تدخلت نفيسة وهي تجذب زوجة أخيها من ذراعها ناظرة لأمها بلوم:
"تعالي وياي يافاطيما نطلع على فوج"
ثم لكمت أخيها المعترض هو الآخر على حديث أمه السام في صدره تهمس له:
"انت السبب يامدعوج"
وقف زين قائلا لأمه بهمس:
"بالراحة على فاطيما شوية كأنك حطاها في رأسك ياماما هي جالت إيه؟"
صاحت سمية عليه:
"امشي من جدامي لأحسن عفاريت الدنيا عتتنطط جدام مني، انجلع"
زفر زين وتحرك نحو باب المنزل ليقابل شقيقة الأكبر محمود وجهً لوجه قائلا له بهمس:
"أدخل إنذار أحمر"
سأله محمود وهو يقبض على ذراعه:
"مين ويا مين؟"
قال زين وهو يحرك رأسه بقلة حيلة مؤشير نحو امه:
"ماما ويا فاطيما"
اتسعت عينا محمود وهو يقول بصوت خفيض شرس:
"مافيش فايدة أنا جولتلها ماتجيش لاهنيه، ماشي انت
رايح على وين"
"التمرين مش راح أعوج، سلام"
توقف محمود قليلاً في مكانه يتنفس بإختناق شديد و كأن غضبه في هذه اللحظات قادر على إحراق المساحة الواقًف بها، يتساءل في نفسِه بحيرة تدمي قلبه و عقله لماذا والدته تصر دائمًا بكل قوتها و عزمها على إفساد حياته مع زوجته فاطيما الغالية...
"محمود واجف عنديك ليه ياولدي؟"
سأله والده بدهشة وهو يقف على آخر درجات السلم الداخلي.. دلف محمود وهو يغلق باب المنزل خلفه في صمت ثم اقترب منه وانحنى يقبل كفه قائلا بابتسامة واهية:
"كيفك ياحاچ"
ربت سلمان فوق كتفه بقوة يستمدها أحيانًا من ذاك الشبل:
"نحمده ونشكره على كل حال ياولدي، خلصت شغلك ويا الضاكتور"
أومأ محمود برأسه قائلا وهو يلمح والدته تقترب منهما في فرحة بقدومه:
"خلصنا بس هملت عمر ويا الضاكتور بيتحدت وياه في
شوية حاچات تخص العلاچ الچديد"
"أهلا ياحبيبي أهلا ياروح أمك"
احتضن محمود أمه وقبل جبهتها برفق قائلا:
"كيفك ياست الكل"
"بخير يانور عيني طول مانت بخير ياجلب أمك أخلي امتثال تحضرلك الوكل"
هز محمود رأسه رافضًا يسألها:
"لا يا أمي أكلت ويا عمر في المزرعة الحمدلله وينها فاطيما"
لوت سمية شفتيها وهي تشيح بوجهها وقد تحولت ملامحها لقناع جامد غير مقروء ثم قالت أخيرًا بصوت جاف:
"وينها فاطيما؟ داخل تسأل على مرتك من غير حتى ماتجول كلمتين على بعضيهم لأمك تطمن جلبها"
"سميييية"
هتف سلمان وهو يغمض عينيه بنفاذ صبر ثم أردف قائلا لابنه واجم الملامح:
"مرتك فوج يا ولدي ويا خيتك في أوضتها، اطلع لمرتك
ياحبيبي و ريح في أوضتك هبابة"
"عن اذنكم"
هتف محمود وصعد الدرج سريعًا بعدها دون أن ينظر إلى والدته ساخرة الملامح، لتنظر إلى زوجها بنظرة كلها استنكار و سخرية، ليغمغم سلمان بهدوء:
"وبعدهلك ياغالية لحد ميتى؟"
أجابته باستنكار:
"هو ايه اللي لحد ميتى يابو محمود"
سألها بإصرارٍ و صرامة:
"انتي خابرة جصدي إيه، بس راح أجاوبك على سؤالي
لحد ميتى هتفضلي حاطه مرت ولدك جوات رأسك و زعجة، حوصلك إيه ياسمية مش ديه فاطيما اللي انتي بنفسك اختارتيها لمحمود وبسبب رفضه وجعتي في أرضك"
لم ترد على الفور بل ظلت صامتة وهي تتأمل ملامحه الحانقة منها وقد شعرت في نبرته الفاترة و نظرة عينيه العتابتين بأنه يتهمها بالغيرة.. غريب أمره و أمر غيره ألا يحق لها الغيرة على إبنها البكري نور عينيها قلبها وكأن الجميع يلومونها على كل مشاعر الأمومة بداخلها...
"حاساها بتبعد ولدي عني، محمود اتغير معايا كأنه مابجاش ملهوف على الحديت معايا زي زمان، وكماني اتأخرت في حملها جوي جوي كابر المتجوزة بعدها بكام شهر حملت اهه وهي لساتها ماشلتش حتة عيل، كأنها مانعه حالها ولا يمكن....."
قاطعها سلمان بغضب حاد وهو يرفع كفه أمام وجهها بحدة:
"بزياداكي حديت ماسخ واجفلي خشمك يامرة، بلاش كلام عفش مالوش عازة عندينا اباي عليكي، ان بعض الظن إثم 'لا اله الا الله'
في إيه ياسمية حوصلك ايه، بجا فاطيما بت الناس اللي عتصلي الوجت بوجته وحافظه كتاب الله تمنع حالها عن الخلفة، ولو غابت حوصل ايه الدنيا اتهدت، ونفرض  ان ربنا ماكنش رايد انها تجيب عيال راح تعترضي على ارداة رب العالمين كماني"
دمدمت سمية وهي تحني وجهها:
"استغفر الله حاشى لله، بعد الشر ياخوي متفولش في وشي احب على يدك، بس جه في ظني اكديه"
"ظن عفش استغفري ربك عليه وادعيلها هي وولدك
ربنا يرزجهم بالذرية الصالحة الطيبة المتعافية، ياغالية
بتك داخلة على چواز و ياعالم الرزج فين بلاها تظلمي بت الناس وأنتي عنديكي زيها"
"وه و آني جولت إيه بس، آني بفضفض وياك على اللي في ضميري، ليه اكديه بس؟ آني طالعة اشوف بتك"
تأفف سلمان بضجر:
"طالعة تشوفي بتك ولا تشوفي ولدك ومرته و تصنتي عليهم، سمية أنا فاض بيا الكيل منيكي ومن عمايلك ويا فاطيما.. بت الناس أمانة في راجبينا قسمًا عظمًا لو زعلتيها آني اللي راح أجف في وچك فهمانه، فهماااانه"
انتفضت سمية ترتجف من غضبه وعينيه القدحتان بلهيب من الغضب، لتتنحنح تجلي صوتها المحشور في حلقها:
"فهمانه يابو محمود، فهمانة ياخوي، اسم الله عليك"
نظر لها وطيف ابتسامة ساخرة باتت تلازم شفتيه وهو
يقول بحدة:
"وبعدين ركزي ويا بتك المهروشة اللي عتتنطط كيف اليويو جوللها ماعايزش أشوف طرف خلجاتها غير لما أعيط عليها وتعجل اكديه لأحسن أجولهم مافيش بت اسمها نفيسة عندينا، ديه اسمها على اسم أمي الغالية الله يرحمها، أمي العاجلة الكاملة، ست الستات يطلع ليها حفيدة عجلها طاير لو كنت أعرف اكديه ماكنتش سميتها على اسم أمي والله "
عوجت سمية شفتيها بنزق تبرطم:
"كأن أمك السفيرة عزيزة اياك"
"بتبرطمي تجولي إيه ياولية عن أمي"
صرخ فيها سلمان.. فقالت وهي تومئ برأسها:
"بجول الله يرحمها ياخوي حماتي الغالية، حاضر راح أعيد و أزيد عليها اطمن ياحبيبي، أطمن ياروح جلبي"
وانحنت عليه تقبل كتفه في طاعة، وخلصها من براثن غضبه الثائر بوجهها كالحمم البركانية المشتعلة دخول ابنته خلود وأطفالها، أحفاده الذين ركضوا على جدهم ركضًا يرتمون بين أحضانه باشتياق، وقبلت خلود أبيها ثم سمية وهي تسألها مبتسمة:
"مالك ياسومة مكشرة ليه اكديه"
همست لها سمية وهي تحضنها:
"أبوكي كان عيديني حصة في اسم ستك"
كتمت خلود فمها حتى لا تضحك عاليًا قائلة لها بنفس
النبرة الخافتة:
"وه كله إلا ستي نفوسة خدي بالك، أمال وينها نفوسة
العروسة"
جذبتها سمية خلفها مستغلة انشغال زوجها بأحفاده
وصعدت بها إلى الدور العلوي قائله لها:
"تعالي نشوفها لأحسن كانت عتسأل عنك من النجمة وهي لا على حامي ولا على بارد"
"" "" "" "" "" "" "" ""
خلع قميصه القطني ثم ألقاه أرضًا وهو يدخل إلى دورة المياه تتبعه فاطيما وتسأله بلهفة:
"ممكن أعرف انت زعلان ليه مني؟"
وقف أمامها يخلع سرواله الجينز  بتمهل تحت أنظارها الخجولة التي مازالت حتى يومهما هذا تتحشى رؤيته حين يقوم بتبديل ملابسه:
"فاطيما أخرجي علشان رايد أتسبح"
هتفت بعناد رقيق:
"مش هخرج غير لما تقولي انت زعلان مني كل الزعل ده ليه؟ في حد يزعل من حبيبته؟"
لوى شفتيه مبتسمًا بثقل و عيناه الماكرتين ترمقها بشقاوة:
"براحتك أحب ما على جلبي تفضلي واجفة جدامي
و ادي الباجي اهه"
وخلع ماتبقى من ملابسه، فشهقت بخفوت وهي تشيح بوجهها عنه قائله بعتاب خافت:
"انت بتعمل إيه؟ محمود أنا بتكلم جد"
أجابها وهو يدخل إلى حوض الاستحمام ويقف أسفل رشاش الماء يتحمم:
"فاطيما ياتخرجي ياتبصيلي وتتحدتي معايا زي الخلج"
تشدقت فاطيما بغضب رقيق والتفتت نحوه تغمض عيناها وتدمدم:
"أهو ادورت قولي زعلان مني ليه"
"راح أجولك"
هتف وهو يحملها في غمضة عين قبل أن تبدي حبيبته أي إعتراض لتصيح بصوت خافت وهي تتعلق برقبته والماء يغرقها من رأسها إلى قدميها:
"يالهوي محمود إحنا مش في بيتنا، اخص عليك كده بردك مامتك تقول علينا إيه"
قضم محمود شفتيه بمكر وهو يلتهم عنقها بشفتيه فارتجفت فاطيما وأغمضت عينيها بقوة ليسألها:
"اشمعنى أمي يعني مش يمكن أبوي ولا نفيسة ليه أمي اللي جت على بالك؟"
هزت فاطيما رأسها بوجه متجهم و تمتمت بصوت بالكاد مسموع من تأثير قبلاته التي يوزعها على كامل وجهها وعنقها ونحرها الناعم بملمس الحرير:
"أنا دلوقتي اللي زعلانة منك أوعي كده انت وحش"
وضع محمود يده خلف أذنه قائلا بحاجبين معقودين:
"آني إيه جولي تاني اكديه، بذمتك آني وحش"
ضحكت وهي تحضنه:
"لا زي القمر، بس مجنون شوية، لا كتير"
"مچنون كماني ده انتي شلفطتيني ع الآخر، اكديه في عجاب أكبر"
وعلى غفلة منها احتضن خصرها بيد ليعتقله حتى لا تفلت منه، و بيده الأخرى ظل يملس فوق عنقها نزولاً
إلى صدرها الذي امتلأ قليلا و ازداد استدارة منذ أن اصبحت زوجته فشهقت بصوت عالي خجًلا من لمساته الجريئة معترضة:
"وبعدين معاك سبني عيب كده"
رفع محمود حاجبه هامسًا أمام شفتيها:
"مش راح أهملك غير لما تعرفي"
تلعثمت فاطيما تسأله:
"أعرف إيه؟"
تآوه محمود بابتسامة متعجرفة:
"ماعايزاش تعرفي آني زعلان منيكي ليه؟"
رفعت كتفها بدلال وهي تضربه فوق يده التي تتجرأ للوصول إلى ما يسعى إليه من أسفل صدريتها الحرير بمكر شديد:
"خلاص مش عايزة أعرف حاجة"
قال بعناد وهو يكمل مابدأه برغم معرفته أنها في فترة حيضها ولكنه استمر في ما يمكنه فعله دون أي قيود تمنعه:
"يبجا خلاص خليكي اكديه لحد ما أتسبح وانتي خابرة
زين آني باخذ وجتي لما عتسبح، خلي أمي تعرف إحنا عنعمل إيه؟"
رفعت فاطيما عيونها بذعر شديد ودمدمت وعيناها تتوسع بجمال خطف لبه:
"طيب خلاص قولي زعلان مني ليه بقا"
فك قيد خصرها أخيراً و التفت يواليها ظهره قائلا بأمر:
"افركيلي ظهري زين باللاول وآني راح أجولك"
تأففت مغلوبة على أمرها ثم أمسكت بلوفة خشنة خاصة به ووضعت فوقها صابون الاستحمام وأخذت تفرك ظهره بقوة مغتاظة.. فقال من بين أسنانه:
"وه عجولك أفركي ظهري مش جطعيه"
"ااااه حاضر، قول بقا"
"راح أجول"
صمت لوهلة يستمتع بنعومة وملمس اصابعها فوق ظهره ثم ناداها:
"فاطيما..."
ردت برقة:
"عيون فاطيما"
تنحنح يجلي صوته من التأثر الحميمي وهو يتحمل ما اتي به لنفسه فهو بيده من أشعل شهوته الرجوليه فيها
ليقل بصوته الاجش:
"مش آني جولتلك ونبهت عليكي ما ماتهمليش الدار وانتي تعبانة واتفجت واياكي على اكديه"
نفت برقة وهي مستمرة في فرك ظهره برقة ونعومة:
"قولتلي بس ماتفقناش، أنا قولتلك هرتاح شوية وبعد كده هاجي على هنا، وكمان أنا بعتلك رسالة أما لاقيت تليفونك مقفول"
التفت مرة أخرى نحوها وقال معترضًا:
"يعني نفذتي اللي جوات رأسك بعناد والرسالة كانت تجضيت واجب مش عارف أجولك إيه على كرمك"
ضربته فاطيما على صدره الصلب بخفة مبتسمة وهي تغمغم باستغراب:
"ماهو مش من الطبيعي يعني اني أسيب نفيسة في يوم زي ده وكمان من غير حلفان علشان احنا في مكان ماينفعش أحلف فيه، أنا كويسة جدًا هما كانوا شوية تعب وراحوا لما ارتاحت وأخدت مسكنات ماهو مش معقول كل ما أبقى تعبانه شوية تعمل كده"
هز رأسه قائلا:
"الموضوع مابجاش موضوع تعبك بتاع الصبحية"
ضاقت عيناها تسأله:
"أمال بقا موضوع إيه؟"
قال بجدية تختلف تمامًا عن مزاحه ولهفته عليها منذ قليل:
"الموضوع أنك تسمعي حديتي وتنفذيه من غير أي إعتراض، أجولك تبجي في الدار و ماتخرجيش منيها  يبجي لازمن تسمعي اللي عجوله وتنفذيه"
خرجت فاطيما من حوض الأستحمام تنفض فستانها
الملتصق علي جسدها و يحدد كل مفاتنها بوضوح تام تبعد خصلات شعرها المبتلة عن وجهها باغواء وتقول بصوت ناعم غير مستسلم:
"والمطلوب مني اني انفذ كلامك من غير إعتراض وأنا مغمضة عنيا وسده وداني ويبقى ماليش أي رأيي يعني أنت شايف إن هي ديه طريقة التفاهم مابينا"
ابتسم محمود بثقة وهو يطلب منها:
"ناوليني البشكير"
ناولته المنشفة بجبين مقطوب.. ليضيف وهو يجفف جسده:
"تنفيذ كلامي ده شئ مفروغ منه ياحبيبة جلبي، بس اني راچل احب الديمجراطية جوي ومتفاهم خصوصي مع مرتي، ولازمن يكون في نجاش بيناتنا فيه هات وخد وتفاهم و إحنا التنين نبجي موافجين بالتراضي"
خرج من دورة المياه وهي تمشي خلفه ثم حملت حقيبة الملابس التي أحضرتها معاها ووضعتها فوق السرير ثم أخرجت من داخلها طاقم كلاسيكي كامل سروال بيج غامق وقميص أبيض بالإضافة إلى ملابسه الداخلية، و وضعتهم فوق الفراش بترتيب و بجانبهم وضعت بخاخ مزيل العرق مع زجاجة العطر الخاصة به.. نظر نحو الفراش بتمعن قائلا وهو يبتسم:
"تسلم يدك ياست البنات"
"الله يسلمك"
تنهدت ثم أخرجت من الحقيبة ثوب ازرق محتشم مع وشاح ابيض منقرش بنقوش بيضاء و صفراء وملابس داخلية خاصة بها مع حفاضات:
"الحمدلله اني جبت معايا هدوم زيادة، والا كان زمان موقفي زي الزفت بسببك"
ابتسم وقال وهو يحرك حاجبيه:
"ونعم التفكير ابجي اعملي حسابك دايمآ في خلجات
زيادة وإحنا چايبن لاهنيه"
تخاصرت قائله:
"يعني خلاص اتفك الحظر عليا وهبقي اجي هنا اي وقت لما احب"
هز رأسه رافضًا يقول:
"لما احب اني"
ارتدت قناع الحزن وقلبت شفتيها وهي تحمل ملابسها
حتى تدلف إلى دورة المياه دون كلام:
"فطومة ياست البنات ايه حديتي مش لادد عليكي ولا ايه؟"
حصنت نفسها جيدا من نعومة صوته الاجش قبل ان تلتفت إليه بعيون واثقة جامدة خالية من اي انكسار ولكنها سرعان ما لانت نظراتها اتجاه عينيه الجميلتين الزرقاتين المحدقتين فيها بحب وهمست متنهده:
"يعني مش لادد اوي"
خبط فوق جبهته يسألها بدهشة مفتعلة:
"اباي يبجا أنت أكده يامحمود ياواد ابو السعود زعلت ست البنات كلاتهم جبر يلمك"
دمدمت سريعاً بلهفة وهي تقترب منه:
"بعد الشر عنك يارب متقولش كده على نفسك تاني بالله عليك وبعدين أنا مستحيل مهما حصل بينا ازعل منك، محمود حبيبي أنت مش بس جوزي أنت أخويا و صديقي والحمد لله ان في لغة تفاهم مابينا كبيرة إحنا مش محتاجين نفهم بعض بالكلام إحنا بنفهم بعض بالغة العيون وديه لغة اصدق من كل الكلام اللي في الدنيا، أنا فاهمة انت بتفكر في إيه كويس وحامل هم إيه"
ظل ينظر لها وهو متأثر بنبرة صوتها الناعم الحنون دافئ
الهمسات، يبتسم بهدوء بقلب منشرح للحياة معاها ومع كل تفاصيل شخصيتها التي يكتشف فيها مع كل يوًم جديد يمر في حياتهم الزوجية انها اكثر من رائعة واكثر من حنونة، واكثر منَ تتفهمه...
لتكمل وهي تمرر يدها على جانب وجهه بحنو:
"متقلقش من اللي شغال بالك، أنا بحب ماما سمية جدا ومقدرة وعارفه قد إيه هي بتحبك، وقد إيه أنت ابنها العزيز الغالي، وأنها كأم بيجي عليها وقت احيًان تحس ان في وحدة جت وخطفت منها إبنها البكري وبصراحة بقا انت أديت الموضوع اكبر من حجمه يا حبيبي"
ألقت نفسها بين ذراعيه ليقف محتارًا دون حراك ينظر لها مستغربًا من أخذها الأمور بتلك البساطة دون حزن أو غضب يذكر، يحق لها بالطبع لأن في كثير من الأوقات  تتعمد والدته الإساءة لها بشكل مستمر فيما يتعلق  بمسألة الإنجاب الذي تعتقد أنه قد تأخر كثيراً رغم أن زواجهما لم يمر عليه إلا بضعة أشهر، و لغرابة الوضع و الموقف فهي لم تشكو له والدته وتحملتها كأبنة لها و لولا أن قادته الصدفة البحتة لسماع الحديث الذي دار بينهما  لكان لايزال لايعرف عن الأمر شيئا...
دلفت فاطيما إلى دورة المياه واسترخى محمود فوق الفراش يفكر في جفاء أمه المفاجئ لزوجته دون سبب يتساءل ترى فاطيما على حق!! أيعقل أن تكون والدته حقًا تغار عليه من زوجته؟
فاطيما التي اختارتها أمه بنفسِها لتكون هي عروسًا له زوجة يكمل معها بقية حياته:
"محمود ولدي خيتك خلود اهنيه"
أخرجه من تفكيره العميق صوت والدته الحبيبة وهي تهتف من خلف باب غرفته وتطرق فوقه بإلحاح.. هز رأسه مبتسمًا وتوجه ليفتح الباب بعد أن ارتدي جلباب منزلي مريح لتقول سمية وهي تنظر إليه وكأنها تشتاق لرؤية وجهه الحبيب بلهفة:
"وينك ياحبيب جلب أمك خيتك عتسأل عنيك من وجت ما وصلت"
ومن خلفها أشارت خلود لشقيقها بأصبعها نافية ما تردده زوجة أبيها عن لسانها.. فسألها محمود بهدوء وهو يخرج ويغلق باب الغرفة خلفه:
"آني مش لسه شايفك من كام ساعة بس اباي لحجت اتوحشك يامو بلال؟"
ثم وضع يده فوق كتف شقيقته ليضمها لصدره أمام أعين سمية المتوترة.. لتقول خلود بضحكة واسعة:
"اتوحشتني نوبة تانية فيها إيه يعني؟ راح تكبر عليا يا واد ابوي، وينها فطومه؟"
"عتتسبح"
أجابها محمود وهو يرمق أمه من أسفل أهدابه الكثيفة والتي بدورها عوجت شفتيها تهمهم بصوت خافت:
"تسبح طيب"
ثم أضافت وهي تتركهم:
"طيب خليكم إنتم ويا بعضيكم أما أندلي اني اطل على المعدولة خيتكم  أشوفها چهزت ولا لساتها عتتدلل جدام المراية، عديها على خير يارب"
صمتا معًا ونظرت إليه خلود بتردد بينما محمود نظر إليها حانقًا بمرحه المعتاد فسألته خلود وهي تحرك حاجبيها:
"كَنْ سومة حاطه مرتك في راسها، أمك عتغار عليك من مرتك ياولد"
وضربته فوق صدره بخفة تكمل:
"مرتك هتسبح هي حبكت اهنيه"
ضحك محمود من تلميحات شقيقته وتعبيرات وجهها الماكرة ثم رفع ذراعيه مستسلمًا يغمغم:
"بريء أنا و مرتي ياباشا أجسم بالله، صفي النية هبابة يابت أبوي"
ضحكت خلود ضحكة عالية تقول:
"صافية ياخوي و زي الفل اللهم اخزيك ياشيطان"
وارتفعت ضحكاتهما وهما ينزلان فوق الدرج معًا حيث
يجلس والدهما الذي تعلو ضحكاته هو الآخر في صحبة أحفاده"
" "" "" "" "" "" "" "" ""
*في المساء*
ومن داخل غرفة استقبال الزائرين"الصالون"بمنزل سلمان و سمية، كانت عائلة الناجي جميعًا حاضرون يتحدثون في أجواء عائلية دافئة جمعت العائلتين، أصر حمزة الكبير بدوره على حضور أخيه بالرضاعة و صديق العمر مناع الذي يعتبر حسن ابن من أبنائه ونيرة وأمها التي حضرت صباحاً برفقة وداد التي تمنعت بالطبع عن الحضور لأسباب معروفة لدى الجميع...
والعمة سلمى وابنها حسين الطرف المزدوج بين كلا العائلتين.. أما شباب العائلة فتجموا بجانب بعضهما البعض عمر ومحمود وحسن نجم الليلة الذي جلس في مقعده بثبات ينتابه بعض الخجل برغم أنه معتاد دائمًا على التواجد بمنزل عمته سمية إلا أن هذه الليلة تعد ليلة مختلفة تمامًا بالنسبة له ،انه يجلس هنا الآن بصفته الخطيب والنسيب الجديد لتلك العائلة...
أما زين فكان يجلس داخل عالمه الخاص يتابع إحدى مباريات الدوري الانجليزي لفريق ليفربول حيث يقود صلاح فريقه إلى المكسب...
وخارج غرفة الصالون المكتظة بالعائلتين وقفت كل من نفيسة ودهب في زاوية بعيدة عن مرأى و مسمع فاطيما التي تتحدث مع كابر التي حضرت بالنيابة عن زوجها المتغيب عن الحدث العائلي:
"شايفة يادهب عتعمل إيه"
همست دهب بصوت خافت:
"خلاص مش وجت حديت على وداد دلوكت، ركزي انتي بس و اندلي على فوج كملي لبسك"
ضغطت نفيسة فوق شفتها بغيظ تهدر:
"ده بدل ماتيجي تجف جنبي الليلة، تجوم تجولي على التلفون لا مش هاچي عشان مطيجاش أطلع في مرت أخوكي"
ربتت دهب فوق كتفها حتى تبث لها بعض السكينة:
"انتي ماخبراش وداد يعني، هي لساتها مش متجبلة الموضوع"
تخاصرت نفيسة قائله بنزق:
"و راح تتجبل الضاكتورة ميتى إن شاء الله، المفروض ماتتحدتش من الأساس مش هي اللي هملت أخوي  ولا كانت رايده يعيش راهب ليها لحد ما الست تتكرم عليه، ااااخ لو أشوفها دلوكت جدام مني والنبي أچيبها من شعرها، مش كفايه بسببها الخالة بهية مجاتشي جبر يلمها"
أغمضت دهب عينيها وهي ترفع وجهها لأعلى هامسة:
"بعيد الشر عنيها، خلصنا بجا يانفيسة ليه محسساني انها ليلة دخلتك لسة الشبكة و الفرح"
زغدتها نفيسة بغضب:
"سدي خشمك ياحمامة السلام، وبعدين وينه چوزك وخالي عمار، وه انتم ماشيفنش اني جد المجام ياعيال الناجوية ولا إيه"
لطمت دهب خدها برفق تغمغم:
"انتي جد المجام و زيادة ياختي، بس جولنا وعيدنا ألف نوبة ان في ظروف، بجولك الدنيا ولعة بين عمي ومرته حمزة جالي أنه طلجها"
عضت نفيسة شفتها بغيظ شديد وكتفت ذراعيها أمام صدرها وكل جسدها النحيل يهتز برعشة:
"ياحظك الهباب يانفيسة طلاج و مشاكل في يوم طلب يدك كأنكم عتفولوا عليا، وهي الولية المعجربه مرت عمك حبكت تتخانج وتطلب الطلاج كتها ستين نيلة ولية بومة، هو حوصل إيه"
جرتها دهب فوق الدرج من ذراعها تصعد بها وهي تقول لها:
"تعالي باللاول اچهزي وأنا راح أحكيلك فوج، همي بجا جدام مني جبتيلي وچع الراس"

في العشق والهوي Where stories live. Discover now