🌱الفصل السادس عشر🌱

2K 62 1
                                    


بعد اسبوع
_وووبعدين لحد دلوكت مفيش حس ولاخبر عن اللي عمل العامله ديه.
*قال حمزة العم متنهداً وهو يقف أمام غرفة العناية المركزة ينظر من خلف نافذتها الزجاجيه علي ابن شقيقه بل ابنه الأكبر الذي لم ينجبه من نسله...قطعة من روحه شبيه روحه وملامحه الأقرب الي قلبه حمزة النائم فوق فراش منذ اسبوع من وقوع حادث التعدي عليه.......
*عيناه تترغرغ بها الدموع يشعر بالضيق والخوف شئ ما يتسلل بداخله الشك الي قلبه نعم يبدو أنه حادث سرقة ولكن الشك يراوضه ويملاء قلبه:
*مسح عمار فوق وجهه المتعب ولحيته النامية بغزارة:
_مفيش اي جديد العربية زي ماانت عارف لاقوها متباعه في سوق العربيات والراجل اللي اشترها ادي اوصاف اللي باعها له وبيدور عليه...حسين متابع طبعا وقالي ان الراجل اللي باعها مالوش اي ملف في الداخليه يعني مش مسجل حتي حارس الجراچ ماشفش حد منهم لما ضربوه فوق رأسه...
_الضاكتور جال هيفضل ع الحال دهو كتير..
*تسائل حمزة بقهر ومازالت عيناه تراقب ابنه الروحي:
*اوما عمار براسه وزفر بضيق:
_كتلة الدم اللي علي المخ هي سبب الغيبوبة بيحاولوا يدوبوها بالأدوية والحقن ده غير باقي الاصابات اللي مش عارفين لحد دلوقتي تأثيرها ايه عليه...انا خايف ياخويا خايف ابني يروح مني في غمضة عين ومش قادر لحد دلوقتي استوعب ليه يعملوا فيه كده كانوا يقدروا ياخدوا كل حاجه منه من غير مايضربوه بالشكل ده....
*لم يعلق العم الحزين وظل علي وضعه صامت يفكر بقلب متألم ممزق هو أيضا غير مستوعب ما حدث بالتأكيد امر ما خفي وراء هذا الحادث....
*****
*دلفت سلمي الي الداخل وخلعت حجابها والقته باهمال وخلفها نيرة التي نظرت حولها وسألت والدتها التي فتحت لهم وانهالت عليهما بالأسئلة عن صحة حمزة:
_دهب لسه حبسه نفسها جوه الأوضة ومخرجتش.
*جلست سهيلة ونظرت لابنتها وهي تضم شفتيها بأسي:
_حاولت إخراجها بس فشلت حتي صينية الغدا زي ماهي في مكانها.
*ضربت نيرة فوق ساقيها بحيرة وهمت واقفه تردف بحيرة:
_البنت ديه هتجنني مش عايزه تتكلم ولاتقول مالها من ساعة ماعرفت اللي حصل وهي بشكل ده عياط وبس.
*اغمضت سلمي عيناها وهمست:
_خسيت النص ياجلبي من جهرتها امال ايه مش واد عمها وفي حكم خطيبها.
*أمسكت سهيلة بيدها تستوقفها:
_سبيها يانيرة هي هتخرج لوحدها.
*تمتمت نيرة بحيرة وعيناها تراقب الغرفة التي تمكث بها ابنتها:
_ع الاقل احطلها حاجه تاكلها ياماما هي هتفضل كده من غير اكل ولا شرب.
*تنهدت سلمي قائله لزوجة أخيها:
_همليها براحتها يانيرة البنته مصدومة من وجت اللي حوصل.
*وقفت نيرة محتارة بينهما لتقل بقلق:
_لا انا هدخل اطمن عليها واشوف مالها...
*ارتعد جسدها وتأججت قائله لنفيسة التي تحدثها ع الهاتف:
_أنا واثجة ان هو اللي عمل أكده في حمزه..
*هتفت نفيسة باستنكار:
_دهب ديه حادثة سرجة يعني جاسم البكري مالوش صالح بيها بلاها الأوهام اللي عم تدور جوات راسك ديه.
*صاحت بغضب:
_مش اوهام بجولك هو... هو يانفيسة وسواها أكده عشان تبين جدام الكل انها حادثة سرجة اني عارفه انه مش راح يهملني لحالي.
*نفخت نفيسة بضيق وتمتمت قائلة بتصميم:
_خلاص طالما أكده يبجا لازمن خالي يعرف منيكي بدل ماالمحروج دهو يعمل مصيبة جديدة تجع فوج رؤسنا كلاتنا.
*صاحت دهب غاضبة وهي تنهض من مكانها:
_إياك إياك يانفيسة يطلع من حنكك اي كلمه جولتهالك إياك والله ماعرفك تاني...اني معيزاش بابا أو حد من خواتي يتأذي.
*قالت نفيسة بغضب مقابل غضبها:
_بس دهو مش حل ابدا يادهب انتي اكديه بتضري حالك كيف راح تجفي له. خالي مش راح يتأذي ولا حد من خواتك ع الاجل يبجا عنديهم خبر بالي بيوحصل.
_بابا راح يجتله أو عمر ووجتها هما كمان راح ينجتلوا ومش هما وبس يمكن على و حسن كماني انتي معرفاش جاسم البكري زي ماني شوفت الشر والنار جوات عيونه وهو بيحذرني أو بمعني أصح بيهددني واهو جدام منيكي شوفتي اللي حوصل مع حمزه.
_دهب اني خايفة عليكي جوي هتعملي ايه في المصيبة اللي حططت فوج راسك ديه.
*همست نفيسة بخوف....أطرقت بوجهها وهي تشهق باكية بقوة وهتفت وسط بكائها:
_هعمل اللي يريح الكل ويريحني اني كماني من الخوف والجلج اللي اني فيه دهو..
*وبعد قليلا...دلفت نيرة الي غرفة ابنتها وهي تحمل صينية العشاء لتجد ابنتها تجلس فوق فراشها تضم ركبتيها الي صدرها وتهتز بتوتر وجهها كان منتفخ من البكاء عيناها الجميلتان ذابلتان من كثرة البكاء وجهها شاحب كالاموات ترتجف بشدة ابتسمت نيرة بهدوء واقتربت تضع ماتحمله
أمام ابنتها وملست فوق شعرها تهمس بحنو:
_حمزة هيبقي كويس متقلقيش وكفايه عياط عشان خاطر امك حبيبتك.
*لم تجيبها وظلت علي وضعها صامته...تنهدت ونظرت لها بحيرة تربت علي ساقيها المرتجفان:
_طيب قوليلي فيكي ايه؟!! ايه اللي مخوفك بشكل ده انا امك حبيبتك صحبتك اللي بتثقي فيها مش كده يادهب.
*رفعت عيناها الذابلتان الي امها وهمست بخوف:
_خايفه...خايفة حمزة يموت وانا اكون السبب.
*اتسعت عينان نيرة رعبا وهي تستمع الي ابنتها ثم قالت بكلمات متقطعة:
_حمزة..مش هيموت..وهيبقي بخير ان شاء الله.. وبعدين انتي السبب ليه ديه حادثة سرقة و....
*انتفضت دهب وارتمت فوق صدر امها تبكي مرتجفة واناملها تتشبث بفستانها وهي تهذي:
_ديه مش حادثة سرجة هو ياماما هو هددني انه هيموته وهيموت كل اللي بحبهم لو موفجتش اتجوزه...
*ارتعبت نيرة وابتلعت ريقها بخوف وشددت من احتضان ابنتها التي كانت ترتعش كأنها محمومه وهتفت بقلق:
_مين اللي هددك؟ تقصدي قاسم...قاسم البكري.
*ابتعدت عن امها ومسحت دموعها بظهر يديها وامسكت بيدها تعتصرهم بقوة وهي تردد:
_لا مش جاسم محديش هددني...محديش.
*نفضت نيرة يدها عن ابنتها وامسكت بوجهها الشاحب تضمه بين كفيها وتصيح فيها:
_محديش يقدر يهددك انتي بنت حمزه الناجي والكلب ده هيترمي في السجن انا هقول لابوكي وهو يتصرف معاه وإياك تنكري قدامه الكلام ده فاهمه...
*وتركتها نيرة لتذهب وتتحدث مع زوجها وتخبره ولكن دهب لم تسمح لها بالذهاب وقفزت أمامها وهي تمسك بسكين كان فوق طبق الفاكهة وقالت بعنف وهي تضعه فوق معصمها:
_لو بابا عارف أو حد من خواتي راح اجتل نفسي واريحكم مني.
*شهقت نيرة وصرخت فيها:
_دهب انتي اتجننتي سيبي السكينة ديه من ايدك...سبيها حالا.
_لا لا راح اموت حالي دلوكت جدام منك...
*وضغطت بحافت السكين الذي بدأ نصله يجرح معصمها رويدا رويدا...فصاحت نيرة وهي تغطي فمها خوفا من الصراخ:
_خلاص مش هتكلم مش هقول لابوكي حاجه بس عشان خاطري سيبي اللي في ايدك ده امك هتموت لو حصلك أو حصل لحد من اخواتك حاجه والله اموت.
*ابتلعت ريقها وظلت تنظر لأمها بهلع وهي تهز رأسها تقل:
_أني هتجوز جاسم البكري وانتي ياماما راح تساعديني وتجفي وياي...لو معيزاش تخسري حد فينا راح تساعديني.
_بس انتي كده مش بتنقذينا ابوكي مش هيوافق وممكن يقتلك هو بيده.
*ضحكت من بين دموعها قائله:
_الموت علي ايد بابا ارحم بكتير من جهرتي عليه وعلي خواتي وبردك راح اموت من غيرهم....يعني في كل الحالات راح اموت.
*******
*عادت فاطيما الي المنزل بعد يوم عمل وهي شديدة الإرهاق ألقت التحية علي والدتها ووالدها واستأذنت منهم حتي تذهب الي غرفتها ولكن امها استوقفتها تسألها:
_فاطيما...
_نعم ياماما..
*نظرت همس الي زوجها الذي يتفحص أوراق العمل وغمزت له فأشار برأسه لها رافضاً ولكنها لم تهتم وقالت لها:
_محمود اتصل بيكي.
*اغمضت فاطيما عينيها للحظة قبل ان تقل هامسة:
_يتصل بيا ليه؟
*ضربت همس كفيها وقالت بغيظ:
_هو ايه اللي يتصل بيكي ليه مش انتم متفقين علي كده يابنتي وقولتي قدام الكل هنا انك عايزه تتكلمي معاه قبل ماتوفقي أو ترفضي...
*اكملت همس بغيظ من بين أسنانها:
_واحرجتينا قدام الناس.
*تنهدت فاطيما وقالت بهدوء:
_ماما انا مقولتش حاجه تسبب لكم الاحراج انا قولت نتكلم مع بعض قبل ماقول رأيي واظن ده من حقي...بابا.
*واستنجدت بوالدها الذي خلع نظارته الطبية ورفع عيناه يناظر كلاهما وهز راسه موافقًا ابنته:
_طبعا حقك يابنتي...همس بلاش تضغطي عليها خلصنا.
*هتفت همس بضيق:
_لا مخلصناش سمية كلمتني وسألتني وانا قولتلها ربنا يقدم اللي فيه الخير علي اساس ان بنتك تعقل وتحط عقلها جوه رأسها وعلي اساس انها هتكلم مع محمود.
*زفرت فاطيما بضيق مختنقة:
_يعني ياماما عايزاني انا اتصل بيه واقوله هنتكلم مع بعض امتي...اكيد يعني هستني لما هو يكلمني ويطلب مني كده واظن الوقت مش مناسب خالص عشان يكلمني حمزه يعتبر ابن خاله وصحبه يعني مستحيل يكلمني دلوقتي.
_فاطيما روحي اوضتك انتي شوفي هتعملي ايه ياحبيبتي .
*أمرها والدها لتذهب هي ويبقي آدم أمام زوجته الغابة النافرة من تصرفات ابنتها الغير لائقة من وقت زيارة عائلة محمود لطلب يدها ورفضها الارتباط الا بعد التحدث مع محمود وهي تشعر بالاستياء منها....
*امسك آدم بيد زوجته وقال لها برفق ان تجلس أمامه لتجلس وهي مازالت تشتاط غاضبا:
_همس براحه علي فاطيما انتي عارفه كويس انها مش هتوافق علي محمود بسهولة ديه خاصة انها عارفه حكايته مع خطيبته وأنه كان بيحبها...
_بس يا آدم محصلش نصيب بينهم معقول محمود هيفكر يرتبط بوحده تانيه حتي لو مش فاطيفا وهو لسه بيحب وداد مستحيل طبعا.
*قالت همس مبررة...فابتسم آدم الذي يعرف حق المعرفة أمنية زوجته في ان تري سعادة بناتها وربت علي كفها يقل:
_طبعا مستحيل محمود شاب متربي عاقل وعارف كويس هو بيعمل ايه بس ده امر واقع فاطيما كمان عاقلة وعايزه تتكلم مع الإنسان اللي هتعيش معاه عمرها كله ان شاء الله وعايزه تحط نقط ع الحروف وده مش غلط ولا احراج بالعكس انا شايفه منتهي العقل منها وواثق كويس في بنتي
هي مش عايزه تظلم نفسها ولا تظلم غيرها....
*ارتفع حاجبي همس بدهشة وهي تنظر اليه بعينين واسعتين متألمتين:
_يعني انت موافقها ع الكلام ده.
*رفع كتفه مبتسم:
_ايوه طبعا انا مع بنتي في اي قرار تاخده وموافق كمان.
*لوت شفتها تهمس:
_طبعا هي هتجيبه من بره...
_بتقولي حاجه..
*سالها آدم بنفس المكر....فقالت وهي تهز رأسها بعنف:
_مش يمكن كلمها وهي.....
*قاطعها آدم بنبرة قاسية:
_فاطيما متكذبيش وانتي متأكده من كده وبعدين انتي مش شايفه الظروف اللي هما فيها حمزه في العنايه ومش عارفين هيفوق امتي من غيبوبته اللي هو فيها ربنا يعفي عنه يعني مفيش اي مجال للكلام....حتي موضوع أيوب ومهرة كمان اتأجل.
*رفعت رأسها وهتفت بصوت مهتز عصبي وحاد:
_مهرة وايوب... معرفش انت ازاي تطلب من أيوب حاجه زي كده انت عارف ان روجي من وقت ماعرفت وهي مش بتكلمني عدل...
_حقها طبعا مش بنتك رفضت ابنها وهانته.
*دمدم آدم بضيق....نظرت له باستغراب وارتسم الضيق والحنق علي ملامحها بشكل ملحوظ تقل:
_ولما انت عارف كده تروح تطلب من أيوب انه يتجوز مهرة ليه يا آدم يكون في علمك الجوازة ديه ممكن تفرق بيني وبين اختي..
*اوما راسه نافيا وردد بهدوء:
_متقلقيش مفيش حاجه من ديه هتحصل ان شاء الله وعملت كده ليه عشان بنتك محتاجة راجل راجل زي أيوب يعرف ازاي يحافظ عليها وفي نفس الوقت يربيها التربية اللي انا وانتي فشلنا فيها...
_بس يا آدم....
*حاولت همس الاعتراض...لكنه نهض من مكانه واقفا ينهي النقاش بحدة:
_خلاص اقفلي علي الكلام ده وقومي اجهزي عشان نروح المستشفي نطمن علي حمزه...
*ومن خلف باب غرفتها المفتوح قليلا ارتجفت شفتي مهرة بشدة وهي تكتم شهقة بكاء خافتة لتهمس بصوت خافت مختنق:
_أنت بتظلمني يابابا والله بتظلمني.
*********
*توضئت فاطيما واستعدت لصلاة العشاء وعندما انتهت من صلاتها جلست كعادتها تقراء القرآن الكريم حتي رن هاتفها فصدقت واجابت علي هاتفها لتتفاجي بصوته التي تعرفه عن ظهر قلب:
_السلام عليكم ورحمة الله...
*ترددت قليلا قبل ان تجيبه:
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
*تنحنح يجلي صوته وهمس بأسمها ولم ينسي منحها اللقب الذي اعتاد عليه:
_أنسة فاطيما أنا محمود.
*همست بضعف ومقلتيها الواسعتين تستجدي من الله القوة وهدجت بانفاس متعثرة:
_اهلا وسهلا استاذ محمود اتفضل.
*شعر بتلبكها في الرد فقال دون مقدمات لينهي الاتصال بأسرع وقت ممكن:
_بكره ان شاء الله انا هاجي اطمن علي حمزه وجولت فرصه عشان نتحدت انا وانتي زي ماطلبتي.
*بتردد واضطراب همست:
_أن شاء الله تشرف في انتظارك انا هبلغ بابا و...
*قاطعها يقل:
_آنسة فاطيما اني شايف اننا نتكلم مع بعضنا في مكان عام اجصد في اي مكان بره البيت يعني بعد اذنك وأذن والدك طبعا.
*ازدردت لعابها بصعوبة وظلل الخجل نظراتها المهتزة وأخذت نفساً مشحونا بالتوتر لتقل:
_وليه مش نتكلم في البيت...قصدي تتفضل عندنا و...
*صمتت..فشعر بتوترها وخجلها الذي تحاول اخفائه فقال وهو يبتسم ابتسامه خفيفة ممتلئة بالثقة:
_اللي تشوفيه مناسب اني تحت امرك بس كنت شايف اننا نتحدت بره البيت يعني منعآ للاحراج معيزيش ادخل البيت عنديكم من غير اي صفة رسمية.
*رعشه مرت علي طول عمودها الفقري عندما استمعت لما قاله فالتصقت بالحائط وهمست بتردد:
_موافقة بس ماما هتكون معايا يعني زي ماقولت مفيش اي ارتباط رسمي بينا علشان....اقصد.
*توسعت ابتسامته تلك المرة وهو يشعر بخجلها وترددها فأعفاها من خجلها يقل بهدوء:
_اللي تشوفيه حددي المكان المناسب وان شاء الله بكره هتصل بيكي واعرف منك المكان والوجت...
*وانتظر ردها لكنها التزمت الصمت مرة اخري فقال متنهداً:
_تصبحي علي خير..
*فاجابت بهمس:
_وانت من اهل الخير.
********
*نداها حسن بقلق:
_نفيسة مالك سرحانه في ايه؟
*صمتت صمت أظهر حيرتها وتاثرها...فامسك بكفها وقبله:
_في حاچه مخبيها عني صوح.
*همست نفيسة بضيق دون أن تنظر اليه:
_ما..مفيش بالي مشغول علي دهب بس.
*سالها بقلق وهو يلتفت لها براسه:
_مالها دهب!! فيها ايه؟
*فركت نفيسة جبهتها بتوتر وتلبكت يبدو أنها أثارت قلق حسن علي شقيقته وتذكرت دهب وهي تحذرها بغضب:
_إياك يانفيسة تتحدتي مع حسن عن أيتها حاجه اي كلام
راح يعمل مشاكل كتير واخواتي راح يتأذو..
*أوقف حسن سيارته علي جانب الطريق وصاح في نفيسة شاردة الذهن:
_نفيسة بجولك مالها دهب...في ايه مخبياه عني.
*ملست علي جانب وجهه وضحكت ضحكتها الطفولية وقالت ببشاشة ترسمها فوق ملامحها الحزينة:
_عادي حبيبي جلجانة علي دهب نفس جلجك عليها تمام مش اختي وصحبتي انت عارف من يوم اللي حوصل لحمزة وهي جفلة علي نفسيها و حزينة.
*نظر إليها بشك وأكد عليها قائلا:
_كانك بتضحكي عليا جوليلي يانفيسة لو في أيتها حاجه عارفاها ومخبيها عني.
*هزت رأسها ايجابا وابتسامتها تزداد حلاوة فمد يده واخذ يلامس خدها وهي همست:
_مفيش صدجني لو عارفه أيتها حاچه اكيد هجولك ومش هخبي عليك.
*أدار محرك سيارته وتحرك وقال وهو ينظر للطريق المؤدي الي عملها:
_أني مسافر كمان يومين رايح لندن.
_لندن ليه؟ وهتجعد جد ايه.
*سألته بدهشة...فابتسم ونظر إليها بطرف عيناه:
_اجاوب ولا لساتك هتسالي تاني!!
*رددت وهي تحرك حاجبيها بمداعبة:
_لا جاوب.
*كان قد وصل الي مقر عملها وتوقف بالقرب منه والتفت إليها يمسك كفها برفق يداعب أصابعها الناعمة:
_عندي مؤتمر طبي هناك مهم جدا ولازمن احضره وهجعد حوالي اسبوع.
*همست بحزن وعيناها تدمعان واصابعها تطبق فوق أصابعه بقوة:
_اسبوع بحاله مش راح اشوفك فيه مش كتير عليا جوي.
*نظر حوله بحذر ورفع كفها يلثمه من جديد وعيناه تنهم ملامحها بنظراته العاشقة وقال بصوته المحب:
_ياريت كان بيدي كنت اخدتك وياي اي مكان رجلي تخطي فيه بس اوعدك بعد أكده هتكوني معايا في كل مكان اروح فيه.
*سألته وقد لاح بعض الخجل في نبرتها:
_تجصد ايه بهاجي معاك في اي مكان تروحه جد أكده بجيت متجدرش تستغني عني.
*وضحكت برقة...فاخرج صوته اجشا وهو يقرب منها وينظر الي عينيها الجميلتين:
_مجدرش حتي اتخيل لحظة وحده من غيرك انتي جوات جلبي يانفيسة كبرت علي حبك زي ماكبرت علي حب امي وابويا واخواتي...لما ببعد عنك بحس نفسي ضايع معرفش افكر في أيتها حاجه غير فيكي وبس.
*دهشتها صراحته التي يبوح بها هكذا للمرة الاولي لتساله بتشتت:
_هتفضل جنبي علي طول.
*اجابها برقة يخصها بها وحدها:
_دايما ان شاء الله.
*واقترب اكثر يلتقط قبلة ناعمة من فوق خدها المتورد لتشهق تبعده عنها وهي تلكم صدره برقة:
_هتيجي تاخدني بعد الظهر ولا اروح لحالي في تاكسي.
*عبس بحاجبيه العريضان:
_لا طبعا اني هعدي عليكي إياك تروحي لحالك ان شاء الله مش هتاخر عليكي.
*هزت رأسها وخرجت من السيارة تودعه ومن بعيد كان هاني رئيسها بالقسم يراقب المشهد العاطفي ويسحق أسنانه غاضباً فهذا الحقير الذي تستقل سيارته لم ينساه ابدا ولم ينسي الإهانة التي وجهها له أمام الجميع وامامها هي بالذات:
*صعدت نفيسة الدرج وهي سعيدة ضحكتها تملأ وجهها ابتسامتها منيرة مشعة بالحيوية يكاد من فرحتها ان ينمو لها جناحين وتطير بهما وتحلق في سماء سعادتها...ارتطمت فجاة بجسد صلب لتسقط حقيبتها ونظارتها الشمسية عن وجهها:
_اسفة جدا...
*تمتمت وهي ترفع وجهها...فابتسم وهو ينحني ويلتقط اشيائها يقدمها لها:
_أنا اللي اسف...صباح الخير آنسة نفيسة.
*بتلك الابتسامة المشعة استقبلت صباحه ببشاشة ناعمة:
_صباح النور استاذ هاني...اخبار حضرتك ايه؟
*هز راسه لها وقال برقة:
_الحمد لله...جايه بدري عن معادك ربع ساعة تقريبا لسه عمال النظافة شغالين في القسم تخيلي مش عارف ازاي اتاخرو بشكل ده.
*هزت اكتافها وهتفت ببساطه:
_غريبة اول مرة تحصل علي كل حال مش مشكلة انا هروح الكافتيريا أجيب جهوة تحب....
*قاطعها سريعا وكأنه كان علي اهب الاستعداد لذلك:
_أنا كمان كنت رايح الكافتيريا اجيب قهوة يبقي نروح نشربها مع بعض.
*مطت شفتيها واضطربت قليلا حتي انها كادت ان تعتذر له ولكنه لم يمنحها الفرصة للاعتذار واستغل هو الفرصة التي اختلقها قائلا بمرح:
_متقلقيش انا عزمك.
*ضحكت وقالت برقة:
_لا ابدا بس...
_مفيش بس اتفضلي قدام مني انا رئيسك وبأمرك.
*هتف وهو يؤشر لها بيده ان تتقدمه...فأشارت برأسها وقالت بخجل:
_تمام..
********
*استمرت في النظر الي الامام وهي مستندة الي ظهر مقعدها ممسكة بكوب القهوة بين أصابعها المطليه بلون احمر قاني تلتزم الصمت تريد إنهاء كوب قهوتها سريعا حتى أنها كانت ترتشفها برغم سخونتها...بينما كان يجلس هاني ينظر لها بأعجاب شديد يظهر في مقلتيه الخضراء:
_خطيبك...
_افندم...
*هتفت بأندهاش وهي تضع كوب القهوة فوق الطاولة ابتسم وقال بصوت اجش:
_اقصد الشاب اللي اتخانق معايا قبل كده وكان عايز يضربني واضح طبعا انه بيحبك جدا وبيغير عليكي.
*قالت نفيسة بخجل وهي تبتسم:
_هو عصبي ومكنش يجصد انه....
*قاطعها هاني وقال بلطف يصطنعه:
_لا عادي انا بقدر الحب والمحبين..مجوبتنيش هو خطيبك.
*اومات برأسها وهمست بخجل:
_تجدر تجول في حكم المخطوبين انا وحسن مخطوبين لبعض من زمان.
_غريبة وليه لحد دلوقتي متخ....
*قاطعته نفيسة وهي تهم واقفة وتحمل حقيبة يدها:
_الربع ساعة فاتت من زمان...شكرا ع الجهوة عن اذنك.
*ذهبت نفيسة وتركته جالس ومازال يبتسم بهدوء حتى تحولت تلك الابتسامة الي تكشيرة قاسية نفخ و حرك راسه يمينا ويسارا وهو يدمدم:
_حسن....حسن الناجي.
**********
*رد حسن علي هاتفه مبتسم:
_وحشتني اوي.
*ثم ضحك ضحكة عالية وقال بعدها باشتياق الي محدثته:
_هانت كلها يومين واشوفك واخدك في حضني زي زمان لامتقلقيش انا جاي وحدي...
*صمت للحظات يستمع إليها ثم قال بهدوء:
_متجلجيش لما اجي هتعرفي كل حاجه اني جولتلهم اني عندي مؤتمر طبي يعني محديش عارف السبب اللي جاي عشانه اهم حاجه انتي جهزتي كل شئ.
*تنفس بارتياح وأكمل:
_تمام اكديه يبجي كل شئ جاهز يومين ان شاء الله وهكون عنديكي.
*ثم اكمل حديثه ببعض المرح والبشاشة وأغلق بعدها الهاتف ليلتفت الي عمله وهو يشعر ببعض القلق لما هو مقدم عليه....نهض من خلف مكتبه وارتدي معطفه الطبي وخرج ليبدء مروره اليومي علي المرضي وهو يدعو الله أن تمر تلك الأيام القادمة علي خير...
********
*وبالمشفي...وقف أيوب أمام غرفة العناية التي يرقد بها شقيقه وهو مهموم حزين ينتظر ان يستيقظ شقيقه الأكبر من غيبوبته التي طالت...وضع راسه فوق الزجاج الفاصل بينه وبين شقيقه وهو يتنفس بضيق وتعب يجثم فوق
صدره...
_أيوب..
*همست من خلفه...فعرفها من صوتها دون أن يلتفت لها وفي اقل من لحظات اشتعلت مشاعره واحتقن صدره اكثر بالكثير من المشاعر المختلطه الكره والحب والانتقام والتسامح نيران تشعله من ناحيتها لم يستطع اخمادها:
*لذا التفت لها وقال بصوت اجش حاد:
_نعم...عايزه ايه!!
*عضت مهرة شفتيها لتقول بفتور مقابل لفتوره:
_مش عايزه حاجه انا جيت اطمن عليك...ان شاء الله حمزه هيقوم بسلامه ويبقي كويس.
*هز راسه ومسح وجهه المرهق وقال ببرود:
_أن شاء الله شكرا.
*ظلت واقفة أمامه صامته مرتبكة مترددة فيما تريد قوله تفرك كفيها وتحني رأسها لاتجرا أن ترفع عينيها وتنظر الي عينيه...وظل هو واقفاً متجمداً كالصخر مستندا ع الحائط خلفه ينتظرها ان تتحدث بما تريد قوله:
_أيوب كنت عايزه أسألك انت لسه مصمم اننا نتجوز.
*ارتفعت زواية شفتيه وقال رافعا حاجبه بسخرية:
_اااه كان لازم افهم انك جايه لحد هنا عشان تسأليني انا لسه مصمم اتجوزك ولا لاه مش عشان تسألي عن حمزه.
*عضت علي شفتيها اكثر حتي كادت أن تدميها وهي تقول متجاهلة سخريته منها:
_أنت غلطان انا جايه اطمن علي حمزه وعليك قبل أي حاجه من اللي في دماغك ديه...ولو سألتك دلوقتي عن موضوع جوازك مني فعشان مش عايزه أظلمك...
*ضحك بتهكم يقل:
_تظلميني ازاي يعني؟
*رفعت عيناها في عينيه المشتعلين وهتفت بنبرة باكية:
_أنا جرحتك قدام الكل وظلمتك وعارفه انك مبقتيش تحبني وبقيت انا اكتر انسانه بتكرهها وعارفه كمان ان بابا طلب منك انك تتجوزني يعني ديه مش رغبتك ديه رغبة بابا فأنت كده بتظلم نفسك لمجرد انك بتحترم بابا وبتحبه وبتنفذ طلبه.
*ضحك أيوب عاليا بطريقة جعلتها ترتجف وقال بجفاء لامرح فيه وهو ينحني ويهمس بجانب اذانيها:
_انتي فاكره انها رغبة عمي آدم وبس...لكن احب اطمنك واطمن قلبك اللي مش عايز يظلمني ان ديه رغبتي وجدا وانا شايفها فرصة عظيمة وجت لحد عندي ومستحيل افوتها علشان كده عايزك تطمني ع الآخر.
*بهتت ملامحها وارتجفت شفتيها وشعرت بخوف شديد من ملامحه الصلبة الغاضبة التي توحي بشئ خطير لتقل:
_ليه عايز تتجوزيني!! مش معقول يكون حب طبعا اعتقد بعد رفضي ليك قدام الكل مستحيل تكون لسه....
*قاطعها بغضب وكأنها ضغطت علي جرحه الذي مازال ينزف:
_اكون لسه بحبك صح...لا طبعا الحب ده في الروايات اللي كنت بقراها عشانك بس دلوقتي مبقاش موجود ولا حتي بحس بيه انا حبي لعيلتي وبس....لكن انتي هتكوني في حياتي مجرد محطة لازم اعدي عليها بس الفرق اني هنزل في المحطه ديه واعيش فيها واعمل كل حاجه انا عايزها وبعدين....
*ابتلعت ريقها ودمدمت برعشة:
_وبعدين....؟
*هز كتفه دون مبالاه والتفت يضع كفيه في جيوب سرواله:
_وبعد ماحس اني عشت فيها وعملت كل اللي انا عايزه اكيد هزهق واركب واكمل طريقي مش هنزل محطات اي محطه تانية لأنك انتي المحطه الاولي والاخيرة في حياتي كلها...
_افهم من كده انك عايز تذلني وتنتقم مني صح.
*صاحت بغضب وهي تمسك بذراعه محاوله ان يلتفت لها ولكنه لم يلتفت وظل ينظر الي شقيقه النائم وسط اجهزه تحيط به:
_أيوب رد عليا عايز تنتقم مني وتذلني...بس انا مش هسمح بكده وهقول لبابا اللي وثق فيك وقرر يسلمك بنته هقوله علي اللي بيدور في دماغك.
*اشتدت ملامحه وقست بشدة وهو يتذكر مافعلته به من اهانة كسرته وحطمت قلبه الي أشلاء...قلبه العاصي الذي مازال يحن لها ويعشقها ليت الأمر بيده لكان بدل هذا القلب بآخر صلب لايعشق ولايحن:
_قولي اللي انتي عايزاه اأكدلك ان ابوكي هيصمم اكتر وهيقولي تعالي اتجوزها حالاً....مهرة اعملي حسابك بس حمزه يفوق واطمن عليه وقبل سفري هتكوني ملكي وتحت أمري.
_مش هيحصل...فاهم....مش هيحصل.
*رددت بغيظ وهي تضربه بقبضة يدها في ظهره والتفتت لتذهب وهي تستشيط غيظاً....فصاح ليوقفها ساخرا:
_نسيت اقولك متحوليش تلجئي للندل اللي فاكره انه بيحبك وممكن يساعدك لانه اساسا دلوقتي مع غيرك مع صحبتك انتيمتك مي للأسف كانوا بيشتغلوكي عشان مزاجهم...شوفتي قد ايه انتي رخيصة عنده.
*مسحت دموعها وركضت سريعا قبل ان تصرخ بالبكاء أمامه لتصطدم بشقيقتها فاطيما التي كانت تبحث عنها:
******
*نظرت همس حولها وسألت نيرة التي تجلس بجانبها:
_فين روجي مش باينه.
*قالت نيرة بهدوء:
_باعتها ع البيت مع عمار بقاله فتره مش بينام وتعب جدا مصدقنا الدكتور طمنا علي حمزه وقال انه قدامه ساعات ان شاء الله ويفوق من الغيبوبة.
*تمتمت همس:
_الحمد لله انه هيقوم بسلامه...والحمد لله ان روجي مش هنا كانت زمانها دلوقتي سمعتني كلام مالوش داعي.
*ابتسمت نيرة تسالها:
_ليه عشان موضوع جواز أيوب ومهرة وانتي ذنبك ايه أيوب عايز يتجوز بنت خالته الولد بيحبها.
*صاحت همس بقهر:
_أنا مش عايزه الجوازه ديه يانيرة مش عايزه مشاكل بس اعمل ايه في آدم ودماغه الناشفه بيقولي أيوب أحق بيها من اي حد تاني بس روجي بقا شايفه ان بنتي متستحقش ابنها.
*تنهدت نيرة وربتت علي كتف صديقتها لتواسيها:
_مهرة بنت جميلة ومؤدبه وكلنا بنغلط روجي كمان في شبابها غلطت وان شاء الله مع مرور الوقت هتتقبل الوضع وكل حاجه هتبقي تمام المهم انتي اهدي...وايه اخبار موضوع فاطيما.
*ضحكت همس وهتفت بسعاده:
_رايحين نقابل محمود دلوقتي عشان يتكلموا مع بعض بس الهانم بنتي صممت اكون معاهم عشان كده جبت مهرة معانا قولت اقعد معاها بدل مافضل قاعده وسطهم كده.
*هزت نيرة برأسها وهتفت بفرحه تنتابها من أجل محمود و فاطيما العزيزان علي قلبها:
_أن شاء الله ربنا يتمم علي خير وتبقي الفرحه فرحتين فرحه محمود و فاطيما وفرحه مهرة وايوب.
*احتضنتها همس تردد:
_يارب...عقبال ماتفرحي بادهب وأخواتها...امال فين دهب مش بشوفها هي كويسة.
*امتقعت ملامح نيرة بحزن متمتمة بشفاه شاحبة:
_كويسة الحمد لله.

في العشق والهوي Where stories live. Discover now