{78} Part : {الأخير {16

1.1K 85 21
                                    

'' الـسفينة ..💛 ''

الفصل السادس عشر ( الأخير )

نحن في هذه الدنيا غرباء ،عابرو سبيل ،فدارنا مؤقتة لا نعيش فيها إلا سنين معدودة ،فلا يمكن لعاقل أن يبيع آخرته ويشتري دنيا زائلة ،مهما بلغ نعيمها ،فالدنيا لا تصفو لأحد أبدًا ،ولا تستقر على حال .
لكن الله يُمهل العاصي ..يُعطيه فرص كثيرة ..ثم يُعاقبه ،وأشد عقوبة يُعاقَب بها العاصي هى قسوة قلب وغفلتِه حتى عن العقوبة .
قال ابن الجوزي : أعظم المعاقبة ألّا يشعر المُعاقَب بالعقوبة ،وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة ،كالفَرَحِ بالمال الحرام ،والتمكن من الذنوب .

نعم إن الله يستر عبادِه ،لكن قد يكون هذا الستر استدراجًا من الله ،وقد منحك فرصًا كثيرة للتوبة ولم تفعل ،وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ .

ولكن ...

عُرف الرحمن بالرحمة
ليس عبثًا أن يفتتح الله كتابه باسميْ : الرحمن الرحيم .
لذا قد لا يعجل الله للعاصي بالعقوبة لأمور كثيرة ..
منها أنّ الله عز وجل عفو يحب العفو ،وحليم يُمهل ولكنه لا يُهمل ،وأن الله يحب توبة عباده ،فلا يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ..

إن الله يُحب توبة العِباد ''

'' عمّ القصر بالصراخ على ما فقد ،ثلاثة شباب في ليلة ! ،بل في لحظة ،دوت صرخات سليمان كل القصر ،خسِر ثلاثة من أبنائه بلحظة واحدة ،لا يصدق هذه الخسارة ،لا يستوعب مطلقًا ،أي عقاب هذا ؟ ،تحمّل سليمان حتى ذهب ليرى يونس ،جلس سليمان أمام يونس بجانب نوح ،هذا الذي لا يحتمله سليمان ،أن يرى أحد أبنائه ميت ،أمسك سليمان رأس يونس ورفعه ليحتضنه وهو يبكي بقوة ،خسِر صغيره ،صغيره الذي لم يحمل بقلبه ذرة كره أو شر أو ضغينة لأحد ! ،صغيره الذي عانى كثيرًا بسبب والده ،هذا ماخشيَ منه سليمان طوال حياته ،فعل مافعل ليحمي أولاده ..والآن يونس مات ،وخالد وحمزة ،ومِن من ؟ من شاهين ! .تذكر سليمان حينَ كان جالسًا هو ويونس أمام قبر فاروق ،حينَ كان يقنعه بأن يذهب للقاهرة معه ،تذكر حديث يونس له ''

- بطّل تضحك على نفسك يافاروق بيه ..دنيتكوا ايه اللي اتولدتوا لقيتوها اكدة ؟ ،وفين عقولكوا ؟ ..والمسيحي اللي بيتولِد مسيحي كِيف بيآمِن بعد اكدة ؟ ،والمسلم اللي بيتولد مسلم كيف بيلحِد ؟ ،العاصي كيف بيتوب ؟ ،والتايب كيف من تاني بيرجع ويكون عاصي ؟ ،كيف بيزيد الايمان في قلب المؤمن وكيف بيقل ؟ ..دِي شماعة يافاروق بيه ،بتعلّق عليها أفعالَك ..وسليمان ماكنش هيتوب حتى لو هدى كانت عايشة لحد دلوك ،الصادِق في توبته هيتوب حتى لو السما وِقعت عالارض ،هيتوب حتى لو مات كل اهله ..وحتى لو عاش كل حبايبه ،دا الموت بيصحي فينا التقوى

اسكربتات هالة أحمد Where stories live. Discover now