'' كريم أخويا الكبير  ، عنده 35 سنة ..وأنا عندي 23 سنة ، إحنا إخوات من أم واحدة بس مش من أب واحد ، والِد كريم إتوفي وهو صغير جدًا كان عنده حوالي 5 سنين ، كريم مولود وهو عنده مشكلة في الكِلي ..وكل مابيكبر كل مالمشكلة بتزيد ، والدته اللي هي والدتي برده كانت بتكشف عليه دايمًا في مستشفي اللي هي بالصدفة تبقي مستشفي أبويا ، قابلها وحبها وإتجوزها ..من أول ماوعيت علي الدنيا وأنا حاسس إن كريم دا أبويا مش أخويا ..عمرنا ماتخانقنا ، عمره ماعامِلني بجفا لحظة ، خلاني أحبه أكتر من روحي ..لدرجة إني ممكن أعمل أي حاجة في الدنيا في سبيل إنه يبقي كويس ومرتاح ، ويمكن مرض كريم وتفكيري إنه ممكن يموت في لحظة خلاني أحبه واخاف عليه أكتر ..كريم قعد عمره كله يتعالج بسبب كليته ، لحد ماجاله فشل كلوي ..وقعد يتعالج بغسيل الكِلي فترة كبيرة جدًا لحد مابقي عنده 19 سنة ..بس للآسف بسبب الغسيل الكلوي دا بقا يعاني من فقر الدم ! ، ودا خلّي الجهد المبذول من عضلة القلب يزيد وقلّل من كمية الدم والأكسجين المتجهين للقلب ..الدكتور حذرنا من إن ممكن عضلات القلب تتكاثف تدريجيًا لحد مايجيله تضخم في القلب ، وفي الحالة دي القلب مش هيبقي قادر علي ضخ الدم وبالتالي هيؤدي للوفاة ..عشان كدة ماكنش قدامهم غير الحل التاني ، وهو إنهم يلاقوا حد يتبرع بكِليته لكريم وتكون سليمة ، وبكدا تكون كِلية واحدة قادرة تقوم بوظيفة كليتين ويخلص من العناء دا ، بس دا برده كان صعب لان عضلة القلب ممكن ماتستحملش ..وعمومًا عملية زرع الكِلي بتبقي صعبة وخطيرة سواء علي المريض أو المتبرع ، لكن مافيش حل تاني ..
في الوقت دا أنا ماكنتش كبير وواعي كفاية عشان أستوعب حجم المصيبة اللي ممكن كانت تحصل وقتها ، بس اللي فاكره كويس بكاء أمي ونحيبها ودعاها في كل وقت إنهم يلاقوا متبرع ، وأبويا اللي كان بيدوّر علي أي حد يتبرع ..لدرجة إنه عمل تحاليل عشان هو اللي يتبرعله بكليته بس التحاليل طلعت مش متطابقة ، وفي يوم وليلة ..في وسط بكاء أمي وتعب كريم اللي بقت المستشفي بيته التاني ، وأيويا اللي وِصل بيه الحال إنه ماكنش بينام أصلًا ..دخل الدكتور المعالج أوضة كريم في المستشفي وبشّر أمي بأنه لقي متبرع والتحاليل طلعت متطابقة وإنهم هيدخلوا العمليات بكرة ..
الجدير بالذكر إن المتبرع رفض إنه يقابل أمي أو أبويا وماحدش شافه غير وهو داخل العمليات مع كريم ، وحتي لما الحمد لله العملية نجحت والاتنين طلعوا كويسين بفضل الله ..وأبويا وأمي طلبوا يقابلوه عشان يشكروه لكن هو رفض رفْض قاطِع ، رفض حتي يكشف إسمه قدامهم ، والدكتور إحترم رغبته ورفض يقول إسمه قدامهم ، الراجل دا علّم كريم درس كبير جدًا وهو إزاي حد يتبرع بجزء من جسمه بسهولة كدة وبدون أي مقابل مادي ! ، واكتفي بس بالمقابل اللي ربنا هيعوضه بيه ..ومن يومها كريم مابطلش يساعد الناس ، كان دايمًا بيقولي الفلوس ماقدرتش تساعدني بس علي الأقل تقدر تساعد ناس كتير أوي ، وعمره ماعتبر مساعدته للناس صدقة أو مساعدة بالعكس ! ، كان دايمًا بيعتبره حق من حقوق الناس عليه ..مساعدته للناس خدت وقت كبير من عمره ، دا لو ماكانتش خدت عمره كله ..
مِن حوالي سنتين كدة ماما إتوفت ، وقرر كريم يرجع بيت والده القديم ويقعد فيه رغم محايلاتي أنا وبابا إنه يفضل قاعد معانا لكنه رفض وماحدش قدر يقنعه ، كنت بسأل عليه دايمًا وبروح أزوره كتير ولما اتخرجت قررت أروح أشتغل معاه في شركته عشان أفضل جمبه ، لحد ماحصل اللي ماكنش لا عالبال ولا عالخاطر ..كِلية المتبرع وقفت عن العمل وجاله فشل كلوي من تاني ، ومن تاني بقا يعمل غسيل كِلي وزادت الأدوية بجانب أدوية القلب اللي بياخدها ، ولان كريم كل مايكبر كل ماتحمله للغسيل الكلوي والمجهود اللي بيعمله بيبقي أصعب كنا محتاجين متبرع في أقرب وقت ، لان عضلة قلبه مش هتستحمل  ومحتاج لتاني مرة متبرع ! ، وبرده فيه خطر ، الصدمة كانت شديدة أوي عليا لما سمعت الخبر ، خصوصًا إنه بقا يتعب كتير وبقيت أنا دلوقتي مستوعب حجم اللي بيحصلّه ، قررت أروح أعيش معاه وأفضّله علي أي حاجة وعلي أي حد واكون معاه وهو كمان محتاج أكون معاه لانه مش بيقدر يمشي كويس وبيحتاج أسنده كتير ، واكون معاه في كل وقت ..حتي الشركة بنروح سوا ونرجع سوا مع إنه المفروض مايتحركش كتير ، بس هو بيزهق من قعدة البيت ، وأتمني يلاقي متبرع في أقرب وقت ، أتمني ..''
'' رجع كريم من برا ودخل أوضته ، دخلت المطبخ وحضرّت لينا العَشا ودخلتله عشان نتعشي سوا ، وقعدنا نتكلم ..''

اسكربتات هالة أحمد Where stories live. Discover now