اسكربتات هالة أحمد

By Delirium182

282K 17.1K 937

بصوا حبيت اعمل حاجة جديدة ف انا هنا هجمع الاسكربتات اللي الكاتبة هالة أحمد كتبتهم و هنزلهم هنا و اشمعنا هال... More

{1}
{2}
{3}
{4}
{5}
{6}
{7}
{8}
{9}
{10}
{11}
{12}
{13}
{14}
{15}
{16}
{17}
{18}
{19}
{20}
{21}
{22}
{23}
{24}
{25}
{26}
{27}
{28}
{29}
{30}
{31}
{32}
{33}
{34}
{35}
{36}
{37}
{38}
{39}
{40}
{41}
{42}
{43}
{44}
{45}
{46}
{47}
{48}
{49}
{50}
{51}
{52}
{53}
{54}
{55}
{56}
{57}
{58}
{59}
{60}
{61}
{62}
{63}
{64}
{65}
{66}
{67}
{68}
{69}
{70}
{71}
{72}
{73}
{74}
{75}
{76}
{77}
{78} Part : 1
{78} Part : 2
{78} Part : 3
{78} Part : 5
{78} Part : 6
{78} Part : 7
{78} Part : 8
{78} Part : 9
{78} Part : 10
{78} Part : 11
{78} Part : 12
{78} Part : 13
{78} Part : 14
{78} Part : 15
{78} Part : {الأخير {16
{79}
{80}
{81}
{82}
{83}
{84}
{85}
{86}

{78} Part : 4

681 67 9
By Delirium182

'' السـفينة ..💛''

الفصل الرابع

'' حينَ أبلغ الأمن فاروق عن إسم الضيف المنتظره بالخارج انتفض من مكانه وأمرهم أن يُدخلوه .
دخل حمزة القصر ،كان قصرًا كبيرًا وضخمًا لم يتوقعه حمزة بهذا الحجم ،وحديقته أيضًا كبيرة ..كانت مريم جالسة وحدها على الأرجوحة ،شاردة بكل ماحدث حولهم بالفترة الأخيرة ،إندهشت عندما رأت حمزة يدخل القصر وينظر إليه بدهشة ،فنادته ''

- إنتَ يا أستاذ

'' وقف حمزة ونظر لها ،يبدو أنه لم يرَها ،نهضت من على الأرجوحة وذهبت له ،وقفت أمامه وسألته ''

- مين حضرتك ؟ وازاي دخلت القصر ؟
= أني جاي اقابِل فاروق بيه
- طب عرّفني بيك
= أني حمزة

'' نظرت إليه بصدمة شديدة ،أما هو كان متعجبًا من صدمتها وتوّقع أنها تعرفه ،لكن سؤالها أوضح له أنه أخطأ في توقعه ''

- حمزة مين ؟
= حمزة فاروق الديب ، ممكن اقابل فاروق الديب ولّا لسة في أسئلة تانية

'' تسمّرت مكانها دونَ حركة ،لم تستوعب ماقاله الآن ..هو إبن عمها فاروق ؟ ،كيف ؟ ،هل خدعهم عمهم طيلة هذه السنين ،وأيضًا يبدو أنّ حمزة أكبر من يوسف أخيها ،إذًا عمهم كان متجوز قبل زواج أبيها بأمها ..حين طالت دهشة مريم غادر حمزة من أمامها ودخل القصر ،أما هى بعد مغادرته وبعد استيعابها من يكون حمزة هرولت إلى أشقائها تُخبرهم بما سمعته .
أوصل أحد أفراد الأمن حمزة إلى مكتب فاروق ،الذي هو بالأصل مكتب سليمان ..ثم غادر فرد الأمن وتركهما .وقف حمزة أمام باب المكتب دون حراك ،يشعر بمشاعر متخبّطة .
وقف فاروق حينَ رآه ،كانت أنفاسه مضطربة ..لكن بالنهاية ابتسم له وقال ''

- تعالى ..تعالى يا حمزة

'' دخل حمزة المكتب بخطواتٍ بطيئة ،حتى أصبح أمام فاروق ''

- أقعد يا حمزة ..أقعد

'' جلس حمزة على الكرسي أمامه ،ثوانٍ عمّ السكون بينهما حتى قطعه حمزة قائلًا ''

= ماكنتِش فاكر ان اَني اللي هجيلَك في الاخر ،بس اني مش هطوّل عليك ،عم سعيد له حق عليك ..ووجب تردّهوله

'' نظر إليه بحنينٍ وشوقٍ عارم ،ودّ له احتضنه بشدة ..لكنه يعلم أنّ ولدِه لن يسمح له ،ومعه كل الحق بذلِك ''

- ماله سعيد ؟
= في المِستشفى ومحتاجين فلوس عشان هيعمل عملية
- كام ؟
= عشر تلاف جنيه

'' أومأ فاروق برأسه وقال له ''

- حاضر ..لكن أنا ماليش فلوس هنا ،دا بيت أخويا ..فيا إما تيجي معايا الڤيلا بتاعتي أديهوملَك ،يا اكتِبلَك شيك
= يبقى شيك
- حاضر

'' أخرج فاروق من جيبه دفتر شيكات وكتب لحمزة أكثر من المبلغ الذي يحتاجه ،كتب له مائة ألف ! ،ثم ناوله الشيك ..مدّ حمزة يده وأخذه منه ،وحينَ رأى المبلغ أرجعه لفاروق مرةً أخرى وقال ''

= دِه مش طلبي ،أني مش محتاج اكتر من عشر تلاف
- ليه ؟ أكيد هتحتاج اكتر من كدة ..خلّيهم معاك
= إن شاء الله مش هحتاج اكتر من اكدِة ،ويارب ماحتاجش ليك انتَ بالذات ..لولا تعب ابوي ماكنتِش جيت

'' ابتلع فاروق غصةً في حلقه وشعر بالحزن الشديد من حديث حمزة ،وقال ''

- وفي النهاية جيت ..وجيت تطلب حقك وانا بدّيلَك جزء صغير من حقك
= لاه ! ،أني مش جاي اطلب حقي ،أني ماليش حق عِنديك ..أني جاي اطلب حق ابوي ..عم سعيد
- طيب اعتبر دا حقه

'' إبتسم حمزة بسخرية وقال ''

= حقه مايتقدّرش بمال يافاروق بيه ،كفاية ربّى ولد غير ولده وقعد طول عمره من غير جواز عشانه ،أني مش طالِب غير عشر تلاف جنيه ..يا تديهوملي يا امشي

'' أومأ له فاروق برأسه ،وكتب له ما يريد ..كان حمزة ينظر إليه بمشاعر مختلطة ،خليطٌ من الحزن والضيق والإرتباكِ والحسرة ،هل هذا حقًا والده ؟ ،هل هكذا يكون اللقاء الأول بينِهما ؟ ،لم يبكي أباه عندما رآه ،لم يحتضنه ،لم يحاول تبرير تركه له طِيلة هذه السنوات ،لم يخبره ما جرى بالماضي ،لم يخبره أنه يحبه ! ..فقط يعامله كمحتاجٍ يريد مال وهذا هو المال ،بدت عليه ملامح الغضب والضيق حينَ خمّن أن فاروق ينظر إليه نظرة المحتاج ''

- إتفضل المبلغ اللي انتَ عايزه

'' مدّ فاروق يده بالشيك ،لكن حمزة ظلّ ينظر للشيك بتردد ..وبلحظةٍ أخذ قراره وقرر الرحيل دون أن يأخذ منه شئ ! ،نظر فاروق عليه وهو يرحل دون أن يمنعه أو يحاول التمسك بيه ،لكن حينَ اختفى من أمامه اغرورقت عيناه بالدموع وأخذ يبكي ويتحسر بهدوء .غلبت حمزة دموعه أيضًا وهو يخرج من القصر وابتسم بسخرية ،إنّه حتى لم يحاول أن يمنعه عن الرحيل ،لم يطلب منه البقاء ..لم يتمنى حمزة أبدًا لقاء أبيه ،لكن قابله عدة مراتٍ في مخيلته ،في كل مرة كان يحتضنه فاروق ويبكي وهو بحضنه وخلق حمزة له مبرراتٍ كثيرة قد تكون سبب بعده عنه طيلة هذه السنوات ! .لكن حينَ قابله في الواقع حطم أباه كافة التوقعات وكافة المبررات ،فقط ما رآه هو الجفاء ..لذلك ندم حمزة على مجيئه وطلبه السخيف هذا ،كان الأفضل له أن يطرق كل الأبواب بحثًا عن المال ،إلّا باب فاروق ..باب أبيه ! .
كان يوسف ومريم وآسيا يتابعون حمزة بأعينهم من نافذة غرفة يوسف وهو يرحل خارج القصر ،لكن لم يتبيّن لهم ملامحه ،حينَ اختفى عن أنظارهم دخلوا جميعًا وأغلقوا النافذة ،استند يوسف على عكازه حتى ذهب إلى الفراش وجلس عليه ،وبجانبه أختيْه ،قال يوسف بدهشة ''

- يعني عمي طلع متجوز ومخلف ! ،وحمزة اللي بابا قال إسمه طلع إبنه ؟!
= آسيا : أنا مش مصدقة بجد ،حاسة ان انا بحلم
= مريم : عَندِك حق ،إحنا كل اللي بيحصلّنا دا ولا الأحلام
- يوسف : أيوة بس ..لو عمي فاروق طِلع متجوز ومخلف وابنه اسمه حمزة ،اللي هو نفس الإسم اللي بابا قاله قبل ما يموت ،ليه يظهر دلوقتي ؟ مش غريبة شوية ؟ ..يظهر في الوقت اللي احنا عايزين نعرف فيه مين حمزة ؟
= آسيا : والله يا يوسف هى كل حاجة بتحصل غريبة ..بس مش يمكن هو كمان ماكنش عارف ان ابوه يبقى فاروق الديب فكان جاي يقابله ؟ ،أكيد امال جاي ليه ؟
- يوسف : ممكن
= مريم : طب ورحمة دي ..تبقى بنت عمو فاروق هى كمان وأخت حمزة ؟
= آسيا : أكيد
- يوسف : أيوة بس فيه حاجة غلط ،ليه بابا قبل ما يموت يقول أسامي ولاد اخوه ومايقولش اسامي ولاده هو ؟
= آسيا : من الواضح كدة يا يوسف ان عمو فاروق عارف كويس مين اخواتنا ،وجايز ماحدش كان يعرف ان عمو فاروق متجوز ومخلف ولا حتى بابا يعرف ،بس جايز بابا كان عارف وماقلش لعمو انه عارف مادام هو عايز يخبّي ،عشان كدة بابا ماكنش محتاج انّه يوصّي على ولاده ،وقال إسم حمزة ورحمة عشان يقول لعمو فاروق انه كان عارِف وبيقوله بطريقة غير مباشرة انه يعتِرف بيهم مثلًا
- يوسف : براڤو يا آسيا دا أقرب حاجة للي حصل
= مريم : طيب والأرقام اللي بابا قال عليها دي تبقى إيه ؟ ،ومين اللي قتله ؟ ،ومين ضرب عليه نار قبل كدة وقتل ماما ؟ ،وليه مابندخّلش البوليس في كل حاجة بتحصلّنا ؟

'' تنهد يوسف بضيقٍ وتوتر ،يعلم أنّ سبب هذا هى تجارة أبيه وعمه ،لذا لا يُدخلان الشرطة بمشاكلهما ويتصرفانِ بأي مشكلة بنحوٍ طبيعي ! ،يعلم يوسف أنّ الأيام المقبلة ليست مبشرة بالخير ! ،فكل المفاجآتِ السيئة تقترِب وستعيشُ هذه العائلة مرحلة صعبة وسيئة ،لذا يجب أن يظل بالبيت ،يجب عليه أن يكون بجانب أختيْه .ردت آسيا على سؤال أختها ''

= آسيا : كل اللي هيجاوب على أسئلِتنا دي عمو فاروق مافيش غيره
= مريم : خلاص تعالوا ننزل نقعد معاه ونسأله

'' قطع حديثهم رنين هاتف يوسف ،أخرجه من جيب بنطاله ورأى إسم المتصل ''

- جه عالسيرة اهو ،عمكوا بيتصل
= مريم : طب رد

'' رد عليه يوسف ''

- أيوة يا عمي
= أيوة يا يوسف بقولك ايه ،أنا مشيت من البيت وطالِع على المطار دلوقتي ،سايبلكوا الحرس في البيت وانتَ خلّي بالك من اخواتَك
- باستغراب : رايح فين يا عمي ؟
= الاقصر ،بس مش هتأخر يومين بالكتير وهرجع
- طب احنا كان المفروض نتكلم مع بعض ،فيه حاجات كتير عايز اعرفها وافهمها
= مانا رايح عشان افهّمك واعرّفك كل حاجة يا يوسف ،أنا رايح اجيب اخواتَك ...مع السلامة دلوقتي

'' أغلق يوسف الهاتف مع عمه وهو يشعر بالدهشة ،بهذه السرعة يجلب إخوته ؟ ،إذن من هم إخوته ؟ ،وبهذه السهولة سيأتون معه ؟ ''

'' إستيقظت شادية بالمستشفى ،كانت تشعر بالتعب الشديد في كل أنحاء جسدها ،ظلت تنظرُ حولها ثوانٍ حتى استوعبت أين هى ،شعرت بالصدمة حينَ تذكرت أنّ سيارة صدمتها وهى تعبر الطريق ،وضعت يدها على بطنها بتلقائية وشعرت بالخوف ..دلفت الغرفة ممرضة ،وحينَ رأتها قد استعادت وعيها ،استدارت خارجةً لكي تجلب الطبيب ،لكن أوقفتها شادية ..ذهبت إليها الممرضة وسألتها ''

- نعم ،محتاجة حاجة ؟ ..حاسة بحاجة ؟
= أنا ..أنا كنت حامل ولا لأ ؟
- أيوة كنتِ حامل ،لكن ربنا يعوّض عليكِ ..الحادثة كانت جامدة برده ،هروح اناديلِك الدكتور

'' خرجت الممرضة من الغرفة وتركت شادية تبكي وتتحسر على تفريطها في حملِها ،لقد حمّلت نفسها أمر فقدانه ،دقائق قليلة وأتى الطبيب وكشف عليها ..ورأت شادية يحيى وهو ينظر إليها من خلف النافذة ،رأت بعينيه الخوف واللهفة عليها ،فالتفتت إلى الجهة الأخرى ،لم تتحمّل أن تنظر بعينيه وهى السبب بضياع حلمهما معًا .حينَ انتهى الطبيب من الكشف عليها خرج من غرفتها وتحدث مع يحيى وطمأنه أنها أصبحت بخير وسمح له الطبيب بأن يدخل إليها .دخل يحيى مهرولًا عليها ،قبّل جبينها ويديها وعينيه تحكي فرحته بعودتها إليه من جديد ''

- حمدالله على سلامتِك يا شادية ،ألف حمدالله على السلامة ..الحمد لله ،أنا قلبي كان هيقف من الخوف عليكِ

'' لم ترد عليه ،فقط تبكي ..مدّ يحيى أنامله ومسح دموعها وقال ''

- ماتعيطيش بتعيطي ليه بس إنتِ بقيتِ كويسة خلاص وكلها يومين ولّا حاجة وتطلعي من المستشفى ،الدكتور قالي كدة
= حقك عليا

'' تعجّب يحيى مما قالته ،فسألها ''

- حق ايه بس اللي بتتكلمي عنه ؟
= الحمل راح ،أنا آسفة

'' وارتفع صوت نحيبها في البكاء ،ربتَ يحيى على يديها وجاهد حتى يبتسم وقال ''

- مين قال انك كنتِ حامل ؟ ماكنش فيه حمل أصلًا لسة ربنا ماأردش يا شادية
= ماتضحكش عليا ،الممرضة قالتلي انّي كنت حامل

'' تنهد يحيى بحزن وابتسم وقال لها ''

- إنتِ بالدنيا وما فيها ،وانا لو خيروني بين العيال وبينِك مش هتردّد لحظة واختارِك ،هعمل ايه بالعيال من غيرِك يا شادية ؟ ،وانا مش عايز عيال غير منّك وعشانِك ..وزي ربنا مارزقنا مرة ،إن شاء الله هيرزقنا تاني ،تفائلي بقا كل اللي يجيبه ربنا خير ..مش دا دايمًا كلامِك ليا ؟ ،وبعدين انا مش زعلان ..دا انا فرحتي ماتسعش الدنيا انهاردة انك فوقتِ وقومتيلي بالسلامة

'' ابتسمت بينَ دموعها ،لطالما تشعر بحُب الله لها لانّه زوّجها يحيى ،لم تكُن لها يومًا عائلة ..ورزقها الله في ليلةٍ وضحاها بيحيى ،عوّضها الله عن كل ما فقدته بشخصٍ أتى لها بالدنيا ووضعها تحت قدميها ،وشعرت أنها في حياتها كلها لم تفقِد شيئًا ..
أما يحيى فكل كلمةٍ قالها لشادية هى حقيقة ،نابعة من أعماق قلبه ..لكن هذا لا ينفي شعوره بالحزن وشعوره أن كل ظروف الحياة تتهيأ لتُصبح ضده ،وأنّ كل شئ من حوله يجرّه لكي يعود كما كان ،ولم يدرِ يحيى أنّ كل مايحدث من حوله هو ابتلاء عليه أن يصبر كي ينال مراده بالنهاية ،إختبار صعب ..بالصبر سيجتازه ..
ظل يحيى جالسًا بجانب زوجته حتى غفلت ونامت ،فذهب ليغلِق ستار النافذة حتى لا يزعجها الضوء ،فلمح عجوزًا يحمل آلةً يتغنى بها بكلمات شعر وكأنها موجهة له ''

- إنتَ اللي محتاج ربك وانتَ اللي له عايز
ومافيش حد صِبر عالبَلا إلا وكان فايز
ما نال اللي ناله إلّا بالصبر أيوب
ويوسف مارجعش غير بصبر يعقوب
نجا لوط بالصبر لما اتقفّلت كل ناحية
وصبْر زكريا هو اللي رزقه بيَحيى
بالصبر تنول مرادك يا صاحب الأماني
بس قبل ماتنول لازم في الَاوّل تعاني

'' تنهد يحيى بعد سماعه هذه الكلمات ،ودعا الله ألا يمّل هذا الصبر .
أما عن فاروق فقط وصل إلى الأقصر قبل وصول حمزة المستقل القطار ،وسأل فاروق عن المستشفى الذي يكمن بها سعيد ،وذهب لكي يراه .
بنفسِ الوقت كان يونس يجلس مع أبيه الذي ازداد عليه المرض بسبب حزنه على وفاة سليمان ،كانَ إبراهيم جالسًا في غرفته ..على فراشه ،ويونس يجلس بجواره على الفراش ..حينَ ازداد عليه المرض شعر إبراهيم بقربِ أجله لذلك قرر أن يقصّ على يونس الحقيقة ،جلس معه يونس وسمع ما قاله إبراهيم بوجهٍ تملؤه تعابير الصدمة وعدم الاستيعاب ! ،كان يُجزِم أنه يحلم وأن هذا كله خيال ،عقله الباطن هو الذي يصوّر له هذا المشهد وهذه الكلمات ،بكى إبراهيم وهو يقص عليه أنه بالحقيقة ليس ولدِه ،كان إبراهيم يشعر بالاختناق بسبب هذا السر الذي يخبئه بداخله ،وتمنى ألّا تأتي عليه هذه اللحظة أبدًا ،اللحظة التي سيعترف بها له أنه ليسَ أباه ،وأنه ليس ولده ''

- إنتَ بتهزر يابوي صُح ؟ ،يعني مش معقولة اللي بتقوله دِه
= ببكاء : ....
- لاه يابوي ماتعمِلش فيا اكدة حتى لو بالهزار ،سليمان مين وزفت مين اللي اني ابقى ولده ؟ ،دِه كلام مايدخلش نافوخي
= ببكاء : ....
- ماتسكتش يابوي عني اكدة ،ماتحرقش قلبي بيدّك وتسكت عشان خاطري اني يونس حبيبَك
= ببكاء : طول عمرك ولدي وحبيبي وهتفضل ولدي وحبيبي ،بس...
- مقاطعًا : بس ايه مابسّش اديك قولتها بعضمة لسانك اها ،أني ابقى ولدَك
= إنتَ صُح وَلدي اللي ربّيته وكبّرته ،وحبيته ..بس مش ولَدي اللي خلّفته ،اللي جابك للدِنيا سليمان !
- بضيق : يابوي ماتقولش اسمه ..أني مش ولَده ،أني مش ولد حد غيرك ،أني وِلد ابراهيم وفاطمة ،وشهادة ميلادي بتقول اكدة
= صُح ! ،إنت وِلد فاطمة ..وفاطمة ماتجوزتش حد غير سليمان ،أني يابني ماتجوزتِش في حياتي كلاتها ولا مرة ! ،لا فاطمة ولا غير فاطمة

'' ازدادت ضربات قلب يونس ،لا يُعقل ما يُقال ،لا يستعوبه ولا يقبله ..قصّ عليه إبراهيم القصة منذ البداية ،منذ هروب سليمان وأخيه من الاقصر ثم عادا وتزوج سليمان بحبيبته فاطمة ،ويونس يشعر بالصدمة من كل ما يسمعه ''

'' وصل فاروق المستشفى التي بها سعيد ،واستأذن الطبيب ودخل إليه الغرفة ..حينَ رآه سعيد جحظت عيناه ! ،لم يصدق سعيد أنه يراه بعد طيلة هذه السنوات ،وقف فاروق أمامه ينظر إليه بهدوء تام وكأنه يتأمل وجهه والتجاعيد التي خطّت عليه ،قطع سعيد هذا الصمت حين قال ''

- العمر جري يا فاروق بيه ،وجِتني اها عشان تاخد امانتَك اللي معاي بقالها فوق التلاتين سنة
= إزيك يا سعيد

'' اغرورقت عينيّ سعيد بالدموع وقال ''

- كنت كويس قبل ماتاجيني

'' إبتسم فاروق بهدوء وقال ''

= أنا جاي آخد حمزة صحيح زي ماتوقّعت انتَ ،بس هاخدك معاه ..هو عمره ماهيقبل يسيبَك
- باستغراب : كيف يعني هتاخدني معاه ؟

'' تنهد فاروق وتحدث بصرامة قائلًا ''

= يعني انا مش هسيب ابني ولا هسيب ولاد اخويا وهجمّعهم حتى لو بالقوة ! ،عيلة الديب لازم ترجع قوية وإيد واحدة عشان مايحصلش زي اللي حصل لسليمان ومراته من قبله ،لازم كلنا نعيش في مكان واحد ونبدأ نرجع لشغلنا من تاني ،لازم نتجمع كلنا ..كفاية فراق لحد كدة ،ومادام حمزة مش هيرجع معايا القصر غير بيك يبقى هتيجي معانا
- لاه يا بيه ،أني ..
= مقاطعًا : أنا مش باخد رأيك يا سعيد أنا بقولك اللي هيحصل وهتنفّذه ،كمّل جميلَك معايا للآخر ،وحاول تقنع حمزة بالذوق ..عشان ماضطرّش اقنعه بالعافية

'' ثم انحنى إليه قليلًا وربتَ على كتفه وقال ''

= تقوم بالسلامة ان شاء الله يا سعيد

'' ثم استدار وتركه وغادر الغرفة ،ابتلع سعيد غصة في حلقه وشعر بالخوف من حديث فاروق ،ولكن الخوف الأكبر من حمزة .
تركَ يونس والده بعدما سمع منه أسوء ماقد يسمعه في حياته ،خرج من البيت ،كانَ يمشي في الطريق هائمًا تائهًا يشعر أن ثقل الدنيا كله قابعًا في قلبه لا يتحرك ،ظل يمشي حتى وصل إلى المسجد ،كان قد اقترب موعد آذان المغرب دخل وتوضأ وظل يُصلي وهو يدعو الله أن يزيح هذا الهم من قلبه ،أن يكون كل ماقد سمعه من أبيه كابوسًا لا أكثر ،أو أنّ أباه أصبح يهلوث من المرض ! ،ظل يُصلي دون توقف حتى اجتمع الناس ونهض ليُصلي بهم .بعد الصلاة ظل جالسًا مكانه شاردًا بحاله ،لا يعلم كيف يتصرف الآن وماذا يفعل ..هل ينسى ماقد سمعه وكأن شيئًا لم يكن ،أم ينشر هذه الحقيقة ويواجه أهله الحقيقيّين ،إن الأمر صعب ..حتى مجرد التفكير به صعب ،قطع شروده همسات الناس من حوله فتعجب كثيرًا ،استدار إليهم وأصبح في مقابلتهم وسألهم ''

- فيه إيه يا جماعة مالكم ؟ قاعدين ليه مامشِتوش ؟

'' قال أحد الجالسين ''

= أهو قاعدين في بيت ربنا وبنشكيلوا الهم اللي بقينا فيه
- باستغراب : هَم ايه كفى الله الشر ؟

'' قال رجل آخر ''

= اتسرقنا يا يونس ،اللي اتسرقِت بهايمه ،واللي خير بيته واللي فلوسه
- باستغراب : اتسرقتوا ؟ ،مين اللي عمل اكدة ؟ وليه مابغلتوش المِركز ؟
= مابلغناش لاننا عارفين مين اللي عمل اكدة
- مين ؟
= مين غيره ،مؤمن

'' حينَ سمع يونس إسمه شعر بالغضب الشديد ،نهض من مكانه وعلى إثره نهض الناس أيضًا ،وقال بغضب ''

- يبقى تستاهلم اللي بقيتوا فيه ،تستاهلوا الهم والغم ..مادام ساكتين عشان خايفين مِنيه تبقوا تستاهلُم ،جايين تشكوا لربنا ليه ؟ ..ميتى قال ربنا نسكت على الظلم ؟ ،ميتى قال نسيب الظالم ماشي يفسد في الأرض كيف مابداله ؟ ،ميتى قال نخاف من راجل مابيخافش ربنا ؟ ،ماتفوقوا بقا ..بكرة مؤمن دِه ياخد منيكم بيتوتكم وعيالكم ومَرتاتكم وماحدش فيكوا هيعرف يفتح خاشمه ،فوقوا وماتخلّوهوش يتفرعن اكتر من اكدة ،بلاش تعملوا من مؤمن واحد تاني يبقى كيف سليمان ،يسرق لحد مايكبر ولما يكبر يدّيكم من خيره اللي من الحرام عشان يسد بيه خشمكم وانتوا تطيعوا ،واِن سَكتّوا على مؤمن كيف ماسَكتّوا على سليمان وقولتوله السمع والطاعة يبقى تستاهلم غضب ربنا اللي انتوا فيه

'' ثم استدار وولّاهم ظهره واغرورقت عيناه بالدموع وأكمل قائلًا ''

= يبقى تستاهلم تشوفوا من ربنا اللي هيشوفوا مؤمن وسليمان في الآخرة

'' أخذت دموعه تجري من مقلتيه دون توقف ،وبدأ الناس بالرحيل بعد سماع حديث يونس ،دقائق ظلّ فيهم يونس واقفًا مكانه بعد خروج الناس يحاول أن يُهدئ من نفسه ..واستدار لكي يخرج من المسجد ،لكنه وجد فاروق واقفًا أمام باب المسجد ينظر إليه بهدوء ،للحظةٍ ظن يونس أنّ هذا سليمان وارتعدت أوصاله للحظات ،ثم استعاد وعيه وعلِم أنّ هذا أخاه فاروق ،خلع فاروق حذائه ودخل المسجد ،ووقف قبالته وقال ''

- إزيك يا يونس

'' إبتسم يونس بسخرية ونظرَ له للحظاتٍ قبل أن يقول ''

= كيفَك انتَ يا ..يا عمي

'' أومأ فاروق رأسه عدة مراتٍ بهدوء وقال ''

- إبراهيم حكالَك ؟
= وياريته ما حكى
- مسيرَك في يوم كنت هتعرف ،وجه اليوم اهو يابن اخويا

'' امتعض وجه يونس لما قاله ''

= أَني عِرفت صُح بس ولا كَنّي عِرفت ،ولا هيجد جديد
- إزاي يعني ؟
= يعني اني يونس وِلد الشيخ ابراهيم ،ماليش صالِح بعيلة الديابة وهفضل طول عمري ماليش صالِح بيهم
- مش كل حاجة بتحصل على هوانا يا يونس
= يعني ايه ؟
- يعني يومين وهجيب باقي اخواتَك وساعتها هعلن قدام الناس انكوا ولاد سليمان الديب ،والناس كلها هتعرف ،وابراهيم مش هينكر
= أني هنكِر ،أني عمري ماهتِعرف بالحقيقة دي
- أديك قولتها اهو ..حقيقة ! ،يعني حتى لو أنكرتها قدام الناس فانتَ عارف بينك وبين نفسك انها حقيقة

'' كان يونس يشعر بالإحباط واليأس وقال لفاروق ''

= بُص يا فاروق بيه ،أني مش عايز منيكم حاجة ..مش عايز غير انكم تهمّلوني لحالي وبس
- إزاي نسيبَك وانتَ مننا ؟
= كيف ماسبتوني زمان ..
- الوضع اتغيّر ،وأعداء ابوك عرفوا خلاص مين ولاده ..لازم تيجي معايا وتعيش في القصر انتَ ومراتك ،هناك حماية ليكوا
= بسخرية : حماية ؟ ،مش القصر دِه اللي اتقتل فيه سليمان
- كل حاجة اتغيّرِت ولسة هتتغيّر ،واللي حصل لحد موت سليمان مش هيحصل زيّه بعد موته
= الله يرضى عنيك إبعدوا عني واكفوني شرّكم
- ليك وِرث يابني ..وليك اخوات
= أني وحيد ابوي وامي ،مش عايز وِرث ولا ليا اخوات

'' تنهد فاروق بضيق ثم قال ''

- أنا عارف انك لسة مصدوم ومخضوض وهسيبَك تاخد وقتك لحد ماتستوعب وتجهّز نفسك ،وهتيجي هتيجي يا يونس ..حتى لو بالقوة هتيجي

'' ثم استدار خارجًا من المسجد ،لكنه توقف فجأة واستدار ليونس مرةً أخرى وقال له ''

- على فكرة ..إنتَ مش وحيد ابوك وامك ،ليك أخ شقيق !

'' وخرج فاروق من المسجد وتركَ يونس في حيرة من أمره ..
رجع حمزة إلى الاقصر بوقتٍ متأخر ،فلم يستطِع الذهاب إلى المستشفى ،فرجع البيت ..استيقظَ مبكرًا ،وارتدى ملابسه ،وقبل خروجه من البيت دق أحد الباب ،فتح حمزة الباب فوجده عامر ،خرج حمزة وأغلق الباب وقال ''

- كويس انك جيت ،اني كنت هجيلَك عشان نروح نشوف ابوي

'' سارا في طريقهما سويًا ،فقال له عامر ''

= أبوك كان في المستشفى امبارح

'' ضحك حمزة بسخرية وقال له ''

- ماهو طبيعي يبقى في المستشفى ،هو كان يعني في رحلة قبل اكدة ؟
= بقولّك ابوك ياحمزة ،فاروق بيه

'' وقف حمزة وقال ''

- فاروق ؟ ،جه ازاي دِه وكيف وِصل قبلي ؟
= أكيد جاي بطيارة يعني
- وجه لابويا يعمل ايه ؟
= دفع مصاريف المستشفى ومصاريف العملية واتكلم مع عم سعيد شوية
- باستغراب : وقاله ايه ؟
= ماعرِفش

'' تنهد حمزة بضيق ،ثم أكملا هو وعامر طريقهما إلى المستشفى ..
وصل الإثنان إلى المستشفى ودخل عامر وحمزة لسعيد ،إطمئن عليه حمزة أولًا قبل أن يسأله عن سبب زيارة فاروق إليه ،قصّ عليهما سعيد كل ما حدث ،وحينَ انتهى من حديثه ظل حمزة جالسًا لم ينطق بشئ ،لكنه كان يشعر بالغضب الشديد ،يشعر بنيرانٍ تأكل قلبه ''

- دي غلطتي انّي روحتله ،في الآخر يجي ويهدّدك بدل ما يشيلَك على راسه
= مالكش صالِح بيا يا حمزة ركز في نفسك وقولّي هتعمل ايه ؟

'' نظر حمزة لأبيه للحظاتٍ قبل أن يسأله ''

- إنتَ مِتأكد ان هو ابوي ؟ ،صُح فاروق دِه ابوي ؟

'' ابتسم سعيد بسخرية وقال ''

= أبوك يا حمزة
- مش حاسس ،دِه راجل ماعندوش قلب ،مقابلته ليا ماكانِتش زي ماني مِتوقع ،كان المفروض هو اللي يكون مشتاق انه يشوفني مش اني ..ماشوفتِش دِه ،أني اللي غلطان ..أني اللي قلّيت من نفسي ومنّيك وروحتله ومديت يدي ،حقك عليا يابوي اِنّي عملت فيك اكدة
= أني قولتلّك قبل اكدة انك كدة كدة راجع ،سواء انتَ اللي روحت او هو اللي جِه ،وماتنساش يا حمزة في الاخر إِن دِه أبوك

'' أقبل عليه حمزة وأمسك بيدِ سعيد وقبّلها وقال له ''

- إنتَ ابوي وامي واخوي ..وحبيبي وماليش غيرك ،انتَ اللي ليا وباقيلي

'' إبتسم سعيد بحب لحمزة ،شعر وكأنه لم يُضيّع طيلة هذه السنواتِ هدرًا وهو يُربي ولدًا ليس ولده ،ربتَ سعيد على يدِ حمزة الممسكة بيده ..قطع هذه اللحظة الجميلة بينهما سؤال عامر لحمزة قائلًا له ''

- طب هتعمل ايه يا حمزة ؟ ،هتروح معاه ولا ايه ؟
= أروح مع مين ؟ ،أسيب حالي والبلد اللي عِشت واتربّيت فيها عشان خاطر ايه ولّا مين ؟ ،أني مش هتحرّك من اهني
- سعيد : بس يا وَلدي فاروق مش هيسيبَك ،هو كان بيتكلم جد ماكنش بيهزِر
= أعلى مافي خيله يركبه ،ولو يقدر على حاجة يعملها ..المهم دلوك انتَ يابوي تقوملِنا بالسلامة

'' إبتسم سعيد دون أن ينطِق ،لكن كان يشعر بالقلق الشديد ..
أما بالجبل ! ..بالتحديد عندَ مؤمن ،كانَ يجلس فوق صخرةٍ وبيده بندقية ،كانَ يشعر بالغضبِ الشديد ..وودّ لو يُطلق أحد رصاصاتِ بندقيّته على رأس يونس ويتخلّص منه .قد أخبره أحدٌ من رجاله بما قاله يونس بالمسجد ..وبعض من الرجال الذين سرقهم مؤمن ذهبوا إلى قسم الشرطة وقدّموا بلاغاتٍ بمؤمن ! ،قال صابر أحد رجال مؤمن ''

- وبعدين يا ريس مؤمن ،هنسيبوا يونس طايح فينا اكدة ؟
= هنعمل ايه يعني يا صابر ؟
- نعمل كَتير يا ريس ..نقتله !
= ماقدَرش ،سليمان بيه الله يرحمه وصاني ماقتِلوش قبل مايموت
- أديك قولتها اهاا ،قبل مايموت ..دلوَك هو مات ومابقاش موجود ،ولا بقاله عازة اننا نسمع لوصيته
= لاه ياصابر ،الراجل دِه له جمايل كتير عليا ..واني لا يمكن ارفضله طلب حتى لو مات هنفذ كل اللي طلبه مني ومش هقتل يونس
- خلاص يا ريس مؤمن ،بلاش انتَ تقتله
= باستغراب : قصدك ايه ؟
- لو مش عايز انتَ تقتله عشان سليمان بيه قالّك اكدة يبقى اَقتله اَني ،أو حد من الرجالة يقتله

'' تنهد مؤمن بضيق ،ليس هذا مايريده ..لقد وعد سليمان بأنّه لن يقتله ،إذًا فلن يقتله ولن يسمح لأحدٍ من رجاله بأن يقتلوه ..نهض مؤمن من مكانه وظل يمشي ذهابًا وإيابًا يُفكر ماذا يفعل بيونس حتى يُخرسه ،إلى أن اهتدى لفكرة ستُريحه وينتقم منه ،وقف مؤمن وابتسمَ بخبثٍ ثم قال لصابر ''

= صُح اني قُلت لسليمان بيه انّي مش هقتِل يونس بس ماقولتِلوش انّي مش هقتل حد قريب منيه أو احاول حتى اأذيه

'' نهض صابر هو الآخر ونظر لمؤمن بعدم فِهم ،وسأله ''

- قصدك ايه ياريس ؟
= مش يونس دِه متجوّز ؟ ،خلاص ..نجيب مرَته ونشوف نعمل فيها ايه

'' بادله صابر الابتسام بخبث وضحكا الإثنان ،ثم قال مؤمن ''

= بكرة تكون مرَته عِندي ،سامعني يا صابر ؟
- أوامرك يا ريس مؤمن

'' أما عن فاروق ،فلا أحدَ يدري مايجول بخاطره وما ينوي فعله ..لم تكن تعلم كريمة أختِه لماذا رجع إلى الأقصر وماذا يفعل هنا ؟ ..حتى قرر أن يقتل فاروق فضولها ،ناداها إلى غرفته وأجلسها بجواره على الفراش وأخبرها ..كما أخبرها أنّه لديه ولد ..صُدمت كريمة حينما سمِعت منه هذا ؟ ،كيف ومتى ؟ ،ولما لم يُخبر أحدًا ؟ ''

- ليه يا فاروق ؟ ،ليه ماقولتِش لحد انك اتجوّزت وخلّفت ؟ ،دا احنا كنا بنبوسوا اِيديك عشان توافق تتجوز وفي الآخر تِعملها من ورانا وتتجوز وتخلف كمان ؟
= مالوش عازة الكلام دا دلوقتي يا كريمة اللي حصل حصل خلاص
- كيف يعني مالوش عازة ؟ ،أمال ايه ايه اللي ليه عازة ؟
= اللي له عازة انك تلمّي حاجاتِك انتِ وولادِك عشان هتيجوا تعيشوا معايا في القاهرة
- واني مش هسيب بيتي يا فاروق
= وانا بقولك اللي هيحصل يا كريمة ! ،أنا مش ناقص مناهدة الله يرضى عنك ..كفاية اللي هشوفه من ابني لسة وابن سليمان ،ولسة الباقي ..أنا مش هينفع افضل هنا كتير ،ولازم ارجع بيكوا كلكوا
- إتجوّزت مين يا فاروق ؟ وميتى ؟ ،وفين وَلدك ؟
= بتنهيدة : هتعرفي كل حاجة في وقتها ماتستعجليش
- مش عارفة اقولّك ايه ؟ ،سليمان ماهو اتجوز وكلنا كنا عارفين ..وخلّف وفات عياله واني وانتَ عارفين مين عياله وحافظين سرّه لحد دلوك ،إنتَ ماعملتِش اكدة ليه ؟ ،وكان سليمان خابِر ولّا اني بس اللي مش خابرة ؟
= بضيق : أنا ماقولتِش لحد على حاجة ،لا انتِ ولا سليمان ..بس هو كان عارِف وماعرفش عِرف منين ،وماتسألِنيش على أي حاجة دلوقتي يا كريمة عشان ماحدش هيعرف حاجة غير في وقتها ،وخلّصيني بقا وروحي جهّزي نفسِك عشان تمشي معايا

'' وقفت كريمة وقالت له ''

- واني مش هتنِقل من بيتي ،لا اني ولا عيالي

'' ثم تركته وغادرت الغرفة ..تنهّد فاروق بغضب وقال ''

= وبعدين بقا ،أنا مش فاضي لشغل العيال دَه

'' بعد ذلك نهض فاروق وارتدى ملابسه وقرّر أن يذهب إلى المستشفى الذي يكمن بها سعيد ،كان يودّ مقابلة حمزة .
وصل فاروق للمستشفى ،ووجد حمزة وصديقه يجلسانِ أمام غرفة سعيد ،نبّه عامر حمزة بأنّ أباه قادِم ،نظر إليه حمزة بصدمة ! ،لم يتوقع مجيئه إلى هنا مرةً أخرى ..وقف عامر حينَ اقترب فاروق منهما ،لكن حمزة ظلّ جالسًا ..وقف فاروق أمامهما وقال ''

- مساء الخير
= عامر : مساء الخير يا فاروق بيه ،اتفضل ارتاح
- لا شكرًا

'' نظر فاروق إلى حمزة الذي لم يرد عليه التحية وقال له ''

- إزيك يا حمزة

'' تنهد حمزة ونظر إليه وهو جالس وأجابه ''

= كويس
- ممكن نتكلم لوحدنا شوية ؟

'' حمحم عامر وقال ''

= طيب بالإذن اَني هشوف لو عم سعيد صِحي ومحتاج حاجة

'' وتركهم عامر ودلف إلى غرفة سعيد ..أما فاروق جلس بجوار حمزة ،ووضع قدمًا على قدمه الأخرى ،وقال دون أن ينظر لحمزة ''

- سعيد بلّغك باللي قولتهوله ؟

'' ضحك حمزة بسخرية ونظر إليه وقال ''

= والله كتّر خيرك انك هزّيت طولك من القاهرة للاقصر عشان تقول لابوي الكلمتين الخايبين دول
- خايبين ؟ ..ماشي ،المهم تسمعهم وتنفّذهم وتجهز نفسك بعد عملية سعيد هتسافر القاهرة انتَ وهو ،أو انا ممكن اسفّره بالطيارة لحد القاهرة ويبقى يعمل العملية هناك
= بسخرية : لا كتّر خيرَك لحد اكدة ،كفاية الفلوس اللي دفعتها ..واني هرجّعلَك الفلوس دي ،إحنا مش محتاجين منك فلوس يا فاروق بيه
- معنى كلامك انك مش جاي معايا ؟
= والله كلك مفهومية
- تمام

'' وقف فاروق وقال ''

- وانا ماكنتِش بهزر لما قولت لسعيد انك هتيجي معايا القاهرة بالذوق أو بالعافية ،ومادام الذوق ماجبش معاك نتيجة ،نبقى نشوف العافية هتعمل ايه ،مع السلامة

'' وذهب فاروق من أمامه ،لكن توقف فجأة حينَ سمع حمزة يقول ''

= هو انتَ مفكّر نفسك ايه ؟

'' استدار إليه فاروق بتعجّب ،ووقف حمزة في قبالته وقال بغضب ''

= مفكّر انك هتمشّيني على كيفَك ؟ هتحركني على مزاجك ..لاه يا فاروق بيه لاه ! ،مش بعد كل السنين دي هتيجي وتلاقيني في طوعَك ..أني ماعرِفكش ولا ليا صلة بيك ،ولا ليك كلمة عليا

'' إبتلع فاروق غصةً في حلقه رغم ثباتِ انفعاله ،وقال لحمزة ببرود ''

- أنا ابوك ! ..حتى لو أنكرت فانا ابوك ،وهتسمع كلامي
= بأمارة ايه ابوي ؟

'' ضحك حمزة بسخرية وأردف قائلًا ''

= دا انتَ أول مرة تشوفني فيها ماخدتنيش في حضنك ،ويمكن ماعرفتِنيش كمان ..ماشوفتِش الحب في عنيك ،حتى اني اللي جِتلَك مش انتَ ،دا الراجل اللي اني مش من صُلبه حبّني اكتر منيك ،ضيّع عمره عشاني في الوقت اللي انتَ فيه راميني وبتعيش حياتَك ،تبقى بأي أمارة ابوي ..ما هى مش باللي خلّف يا فاروق بيه

'' أومأ فاروق إليه قائلًا ''

- عندك حق ..مش باللي خلّف ،باللي ضحّى !
- صُح ..وانتَ ماضحّتش عشاني لحظة ،إنتَ يوم ماضحّيت ضحّيت بيا

'' هزّ فاروق رأسه نافيًا وقال ''

- إنتَ مش فاهم حاجة
= ولا عايز افهم ،ولا عايز اشوفَك من تاني ..حِل عنّا وسِبنا ،أني مش عايز اشوفَك تاني ،واني آسف انّي غلطت غلطة عمري وجيتلَك

'' بهدوءٍ قال فاروق كأنه لا يشعر بكلماتِ حمزة التي تُشبه السكاكين وتُغرَز بقلبه ''

- بعد عملية سعيد ،هتيجوا معايا ..أتمنى وقتها انّي الاقيك جاهز
= واني مش هاجي

'' هُنا فاروق لم يستطِع التحمل وأمسك حمزة من تلابيبه وقال ''

- إسمع يابني ! ،إوعى تفتكر عشان انتَ ابني هتلوِي دراعي ،لا عاش ولا كان اللي يلوي دراع فاروق الديب حتى لو كان انتَ ،حتى لو كان ابنه ..هتسمع كلامي ورجلَك فوق رقبتَك ،سامعني ولّا لأ ؟

'' إبتسم حمزة بسخرية ،إنه حقًا رجل جاف المشاعر ،كيفَ لهذه الطريقة أن تكون الأسلم لأبٍ لم يرى ولده منذ سنين طويلة ؟ ،قال حمزة ''

= أني قولتها لابوي وهقولهالَك انتَ كمان ..أني مش جاي معاك وأعلى ما في خيلَك اركبه
- كدة ؟ ،ماشي يا حمزة

'' ثم تركه بعنف وولّاه ظهره مغادرًا وهو يقول ''

= إستحمِل اللي هتشوفه مني ،وهتيجي ..إنتَ اللي هتجيلي وتقولّي انك راجع معايا

'' ظلّ ينظر إليه حمزة بكُره حتى اختفى من أمامه ،أما فاروق حينَ استدار وغادر من أمامه ،تجمعت الدموع بعينيه وتحسّر على ما تركه بداخل ولدِه ! ،جلس حمزة مرة أخرى وهو يزفر بغضبٍ شديد .خرج عامر من غرفة سعيد ،وظل يهدئه ''

'' في اليوم التالي ذهبت رقية زوجة يونس في الصباح إلى السوق ،لكن تأخرت كثيرًا وحلّ الليل ،ذهب يونس بنفسه إلى السوق ليبحث عنها لكن لم يجِدها ..ظل يسأل الناس عنها ،لكن لم يرَها أحد ..قلِق يونس جدًا عليها ،ظلّ يبحث عنها لساعاتٍ طويلة حتى فقد الأمل في أن يجدها ..فقرر العودة إلى البيت علّها تكون رجعت ،وفي طريق عودته رأى يونس رجلًا ملثمًا يقترب منه ! ،خاف قليلًا وسأله ''

- إنتَ مين ؟

'' وقف يونس مكانه واقترب الرجل منه وقال ''

= ماتخافش اني مش هأذيك

'' وأخرج ورقة من جيبِ عبائته ،أعطاها ليونس وبعدها هرول من أمامه ،تعجب يونس من هذه الحركة ،فتح الورقة وقرأ ما فيه ''

- مراتك عِندي ..مؤمن !

'' خُلع قلب يونس من مكانه ،وقف مكانه لا يعلم ماذا يفعل وكيف يتصرف ،وماذا يفعل بها مؤمن ورجاله الآن ؟ ،تخيّل كل الأحداث السيئة التي من الممكن أن تحدُث لزوجته ،لكن ماذا يفعل ..أيُخبر الشرطة ؟ لا يستطيع ..قد يقتل زوجته إذا فعلها ،فكّر قليلًا حتى اهتدى إلى فكرة جيدة ،وهرول سريعًا إلى بيتِ صديقه خالد ..
أما حمزة ظلّ طوال اليوم بجانب أبيه ،فاليوم عمليته ،ظل عامر بجواره حتى خرج سعيد من غرفة العمليات ،إطمئن عليه عامر ثم استأذن من حمزة وغادر للبيت ..ظل حمزة بجانب أبيه طوال اليوم ،حتى مُنعت عنه الزيارة ،فقرر الرحيل إلى بيته وفي الصباح سيعود لأبيه مجددًا ،لكن حينَ اقترب من البيت وجدَ شيئًا غريبًا يحدث ! ،كانت الناس تُهرول أمامه ..يبدو أن شيئًا غريبًا حدث ،أوقف حمزة رجلًا يهرول وسأله ''

- هو فيه إيه ،ايه اللي حصل ؟
= بيقولوا في راجل لُقيوه مضروب بالنار على أول الطريق
- يا ساتر يا رب مين الراجل دِه ؟
= ماخابرش ،كلنا رايحين نشوف

'' ذهب حمزة معهم ليعلم من هذا ،وحين اقترب من مكان الحادِث وَجد أهل البلدة جميعًا حوله ،حاول أن يتخلّل بين الناس ليرى من يكون هذا الشخص ،وحينَ اقترب منه حمزة حاول التحقق من هيئته ،وجده عامر ! ..صديقه ،مُلقى على الأرض والدماء تخرج من صدره ،صُعق مما رآه وصرخ باسمه بأعلى صوتٍ عنده ''

- عامر !

'' جلس جواره بخوف وحاول أن يجعله يفيق ،لكن لا فائدة ''

- هاتوا الاسعاف بسرعة

'' احتضن حمزة رفيقه بخوف ،وظلّ يدعوا الله أن يُنجيه ..وفجأة وجد حمزة رجلًا يجلس بجواره ،لم يعرفه حمزة ،اقترب الرجل من حمزة وهمس له بجانب أذنه ''

= شِد حيلك يا حمزة بيه ،فاروق بيه بيقولَك دي حاجة صغيرة من اللي يقدر يعملها ،وبيقولك المرة اللي جاية هيبقى عم سعيد

'' ونهض الراجل من جواره ورحل ! ،بكى حمزة بحرقة ،واحتضن عامر بشدة ،شعر بالخوف أن تكون هذه آخر مرةٍ يراه فيها أو يحتضنه ''

.....

'' في الماضي ''

'' رغم أنّ سليمان لم ينسى هدى لحظةً إلّا أنه كان يشعر بالسعادة مع زوجته فاطمة ،وأقرّ أنه يعيش معها أسعد لحظاتِ حياته ،خصيصًا مع وجود ولده الصغير يونس ،كان لا يُفارقه ..حتى أنه ينام بحضنه كل ليلة ،بلغ يونس من العمر ثلاث سنوات ووالدته فاطمة كانت على أعاتب ولادتها للمرة الثانية ،ورُزقت كريمة أخته بخالد بعد ولادة يونس بأيام ..يعني أنهما يبلغانِ من العمر ثلاث سنوات ،ونوارة قد غيّرت إسمها لثُريّا ،وقد اشترَت لها ماكينة خياطة وأصبحت تعمَل بالحلال كما كانت تتمنى ،كانت تعتقد أن السنوات ستُنسيها سليمان ،لكن لازالت تُحبه ويزيد الحب هذا كل يوم ،وتشعر بالسعادة حينَ يزورها ويطمئن عليها ،أما فاروق فلازال على قراره ،لن يتزوج ! ''

- يامّا حِلّي عني اني مش هتجوز
= ليه بس يا ولدي ؟ ،كل اللي في سنك اتجوز وخلّف ،أخوك اللي في سنك اتجوز وخلف ومرته هتجيبله العيل التاني كمان ايام ..إنتَ مش عايز ليه ؟
- اكدة ..هو اكدة
= الله يهديك يابني

'' كان هناك أصوات طبلٍ ومزمار بجانب البيت ،كان هذا يوم زفاف أحد جيرانهم ،جاءت فاطمة بكوبين من الشاي ووضعتهم أمام فاروق ووالدته وقالت لهما ''

- بيقولوا عروسة منصور حلوة قوي
= اِيوة اني سِمعت اكدة بردَك ،هيتجوز بنت عمه اللي كانت قاعدة في مصر ،بيقولوا دَكتورة يا بت يا فاطمة
- والله ماني عارفة يامّا
= فاروق بسخرية : منصور علّاف البهايم هيتجوز دكتورة ؟ اللي يعيش ياما يشوف
- طب اتجدعن انتَ ياخوي واحنا نشوفولَك أحسنها دَكتورة في البلد كلاتها
= أني بقول اقوم اشوف مصالحي احسن

'' وتركهما فاروق وخرج من البيت ،كان ذاهبًا للمخزن ..كان هناك عملية جديدة يُحضر لها ،كان هذا المخزن بأعلى الجبل ! ..وذهب فاروق إليه ،كان معه رجاله ..تحدث معهم وأبلغهم ماذا يفعلون حتى حلّ الليل عليهم ..غادر الرجال وتركوه وحده بالمخزن ،وهو ظلّ يجرب الأسلحة ويتأكد أنها تعمل .
بنفسِ الوقت كان فاطمة تصرخ من ألم بطنها ويبدو أنها ستلد اليوم ،رجع سليمان إلى البيت وجاءت أخته كريمة وزوجها أحمد ووالدة فاطمة ،جلسوا جميعًا ينتظرون المولود الجديد ،جلس يونس على قدم أبيه وسأله ''

- هى امي بتصرخ ليه ؟

'' إبتسم سليمان له وقال ''

= عشان بتجيبلَك أخ أو أخت يلعبوا معاك
- لاه أني مش بحب البنات أني بحب الولاد
= بابتسامة : خلاص ..قول يارب تجيب ولد
- يارب تجيب ولد

'' احتضنه سليمان وقبّل جبينه ،دقائق قليلة وسمعوا جميعًا صوت صراخ عالٍ ،كان الصراخ يأتي من بيت العريس ،خرجوا جميعًا يهرولون ..وتفاجئوا أن العروس قد هربَت مع السائق ! ،وأهل العريس يحملون الأسلحة ليبحثوا عن العروس والسائق ويقتلوهما .رجع سليمان وأهله للبيت حتى لا يتركوا فاطمة بمفردها ..وأخذوا جميعًا يضربون كفًا على كف بسبب ماحدث .
دقائق وسمعوا جميعًا صراخ المولود الجديد ،وقف سليمان فرحًا واحتضنه أحمد وكريمة ،ثوانٍ وخرجت والدته تُبشره ''

- مبروك ما جالَك يا ولدي
= الله يبارك فيكِ يامّا ..فاطمة زينة ؟
- زينة هى والمولود ،جابتلَك واد
= بابتسامة : الحمد لله على اللي يجيبه ربنا

'' دقائق وخرجت والدة فاطمة ومعها المولود وأعطته لسليمان ''

- يتربى في عزّك يا ولدي ،شيل

'' أخذه سليمان منها ورآه وقبل جبينه ،أمسكه يونس من عبائته وشدّها وقال ''

- عايز اشوفه يابوي ورّيهولي

'' نزل سليمان على الأرض وكشف وجه المولود ليراه يونس ،إبتسم يونس حينَ رآه وأقبل عليه وقبّل جبينه ،احتضنه سليمان وقبّل يونس من وِجنتِه ،قالت كريمة أخته ''

- هتسميه ايه يا سليمان ؟

'' نظر سليمان إليها ولم يجب ،تذكر أنه حين يُرزق بمولودٍ يأتيه راجح ليخبره بما يُسميه ..لكن راجح لم يأتي ،انتظر سليمان قليلًا علّه يسمع صوته لكن لم يأتي ،فنهض سليمان من على الأرض وذهب لشرفة البيت وطلّ منها على الشارع ،فوجد راجح ! ..كان راجح يجلس على الأرض مُستندًا على حائط بيتٍ في قِبالة بيت سليمان ،وينظر إليه ..كأنه يعلم أنه سيخرج للشرفة ،وأن سليمان يبحث عنه ،لذا فهو منتظره ،نظر إليه سليمان مطولًا حتى يقول شئ ،لكن راجح لم ينطق ،أشار سليمان برأسه على مولوده الجديد ،وأيضًا لم ينطق ،فقرر سليمان أن يخرج من البيت ويذهب إليه ..خرج وبيده المولود ولم يجب على أسئلة من يسألوه أين يذهب بالمولود ..ومعه يونس الذي يمسك بعبائته ،ذهب سليمان وجلس بجانب راجح على الأرض ،نظر راجح إليه وإلى المولود ،فقرّبه سليمان إليه ليراه وقال لراجح ''

- دِه ولدي
= ...
- أسميه ايه يا راجح ؟
= ...
- طب قول أي حاجة

'' نقل راجح بصره بين سليمان وبين ولده ،ثم وضع راجح يده على جبين المولود ،ولأول مرة يسمعه سليمان يتحدث بطبيعية دون غناء ،وقال راجح وهو ينظر للصغير ''

- ءامِن ياوَلدي ..ءامِن ،ماتفجُرش ،ماتُكفرش

'' نظر إليه سليمان بتعجب واستغراب ،قال يونس الصغير ''

= هو اسمه إيه يا بوي عشان اناديه لما احب العب معاه

'' نظر إليه سليمان ثوانٍ يفكر ،ثم نقل بصره إلى صغيره الذي يحمله وقال ''

- إسمه ؟ ..إسمه مؤمن يا يونس !

'' ظل فاروق طيلة الليل يُجرب الاسلحة ،حتى اقترب الفجر ..لكن تفاجأ حينَ سمع صوتًا غريبًا بالخارج ،تعجب فاروق وظنّ أنها الشرطة ،فأمسك بسلاحين بيده ،وببطئٍ شديد كان يخرج من المخزن ويستمع للصوت ''

- أنا خلاص مش قادرة تِعبت
= معلش يا هانم استحملي شوي ،إن شاء الله يكون المكان دِه كويس ونقدر نبات فيه الليلة

'' حينَ استمع فاروق إلى الأصوات وعلم أنها ليست الشرطة تنهد بارتياح ،وخرج من الجبل ..وأطلق رصاصة ،صرخت الفتاة على اثرها ووقف الرجل الذي معها ،نظر إليهما فاروق باستغراب وقال ''

- إنتوا مين ؟ ،وجايّين منين ؟ ،وكيف عرفتوا المكان دِه ؟

'' تحقق فاروق منهما جيدًا ،وجد أن الفتاة ترتدي فستان زفاف ،لكن غبار الجبل والتراب أذهبا اللون عنه ،قال الشاب الذي معها ''

= أبوس يدَك يا بيه انجِدنا
- مش لما اعرف انتوا مين وهربانين من ايه ؟
= يا بيه الهانم هربانة من أهلها وفرحها كان انهاردة ،كانوا عايزين يجوزوها لوِلد عمها بالغصب

'' أومأ فاروق إليه ،ثم نظر إليها وقال بسخرية ''

- إنتِ بقا الدكتورة ؟

'' صُدمت الفتاة لأنه يعرفها ،شعرت بالخوف من أن يكون يعرف أهلها ويُعيدها إليهم ،ويبدو أن فاروق قرأ ماتُفكر به ،فطمئنها قائلًا ''

- ماتخافيش اني مش هأذيكِ ولا هارجّعِك ليهم

'' ثم نزل إليهما ووقف قبالتهما ،ظل ينظر إليهما ،ثم نظر إلى الفتاة العروس وأطال النظر بها وقال في نفسه ''

- هو احنا يارب مكتوب علينا انا واخويا نخبّي الهربانين

'' نظر فاروق إلى الشاب وسأله ''

- إسمك ايه ؟
= أني إسمي سعيد ..وابقى السواق بتاع الهانم

'' أومأ فاروق برأسه له ،ثم نظر إليها وسألها ''

- وانتِ يا دكتورة اسمك ايه ؟

'' نظرت إليه وأجابت ''

= رحمة !

'' لا أُحلّل الإقتباس من دون الإسم ..🌻 ''

#هالة_أحمد

أن أن آاااااان
قولولي رأيكوا في مفاجآت انهاردة 😂
ورأيكوا في الفصل
ومتوقعين ايه في اللي جاي ؟

Continue Reading

You'll Also Like

110K 2.2K 102
سلام عليكم.. بعد غياب فقصة #أحببت_رجلا رجعت برواية جديدة تحت طلب ديالكم قصة جديدة احداث متنوعة نايضة غيرة وتشوييق عقد كوميديا دراما مواااقف... #جن...
10.6K 93 3
قصص gayجنسية قصيرة قصص حقيقية من الواقع
37.4K 1.9K 8
فتاة عراقية بليلة زفتها مع منغولي