البارت الثالث والأربعون

526 14 6
                                    

البارت الثالث والأربعون
أسوار العشق
بقلمى فاتن على

🌹🌹🌹🌹🌹🌹

هكذا هي الحياة وتلك هي الأقدار ليس لها أمان
تتغير أقدارنا في لحظة واحدة لترسم أقدارنا لوحة لتفاصيل حياتنا لنغير أحداثها بين عشية وضحاها لتنقلب الدموع لضحكات والحزن لسعادة والسعادة لحزن فلا مأمن للأقدار

عند سلمى
عقب ذلك اللقاء الذي مزق روحها لملمت ما تبقي من أشلائها وأنوثتها باحثة عن ذاتها لتستجمع شجاعتها وتتخذ ذلك القرار المؤجل منذ فترة طويلة
تعد حقيبتها وترحل تاركة ذلك المنزل الذي تجتاحه البرودة ويغلب عليه طابع البؤس الذي عانت منه الكثير فقد غرتها بريق الجواهر لتكتشف أنها قشرة خارجية لتخفي خلفها صدأ الحديد
توجهت إلي منزل والدتها لتجر خيباتها خلفها لتقابلها والدتها بالصراخ واللوم لشعورها بهون الأمر عليها مبررة ذلك أنها تستمتع بذلك المال ولكن ما فائدة ذلك المال بدون حياة فلقد رحل يوسف ومعه الحياة لتقف عارية اليوم أمام نفسها بتلك الحقيقة التي رفضت الإعتراف بها عندما تخلت عنه لتذوق هي من نفس الكأس فتلك الدنيا تدور ليسقي كل ساق من نفس كأسه
تلتقط هاتفها باحثة عن رقم شادى لترسل له رسالة
« أنا سبت البيت ولو سمحت طلقنى... وده آخر قرار ليا»
يقرأ شادى تلك الرسالة علي الفور لتتضارب به المشاعر ما بين الفرح للخلاص من ذلك الرابط وتأنيب الضمير فهى بالنهاية إبنة عمه يحاول الإتصال بها لأكثر من مرة دون إجابة ليتلقي منها أخرى رساله أخرى أن قرارها لا رجعة فيه ليشعر أن تلك الرسالة وكأنها مسكنا لعذاب ضميره ليبعث لها برسالة أخرى بأنه سيلبي طلبها مع حصولها علي جميع حقوقها
       ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند مصطفى
يشعر مصطفي وكأنه في دوامة من الندم التي تحدف به في طريق الضياع فقد خسر عمره كاملا بل خسر الأهم إنها رضي والده لينجرف خلف تلك القصص من خيال والدته
في تلك اللحظة قرر أن يفيق وكأن دعوات والده له بتلك الهداية قد تقبلها الله اليوم
قرر مصطفي اليوم الإقلاع عن تلك السموم التي أذهبت عقله وأن يبدأ حياة جديدة وأولي خطواتها هي البحث عن شقيقته ليحميها ويعوضها عن تلك السنوات التي تجرعت بها مرار القسوة
بالفعل توجه إلي إحدى مراكز علاج الإدمان لتكون الخطوة التالية هي البحث عن حور لتكون تلك أصعب المهمات له فقد فقدت ثقتها في جميع من حولها ولكنه سيجاهد حتي تصدقه ليكون طريقه الوحيد لوصوله إلي حور صديقتها فرح
في نفس الوقت تنقشع تلك السحابة التي علي عينيه ليرى الأمور بشكل مختلف الآن لتختلف نظرته للحياة ليرى سمر بعين أخرى داعيا الله ألا تكون تلك الخدعة الكبرى
            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند حور
تقطع حور تلك النظرات التي تخفي خلفها بداية قصة جديدة تتمني أن تكتمل ولكن كيف ومتي تتركها للأقدار
تودعها فرح لتغادر ليدلف في نفس التوقيت محمد يلقي التحية علي حور لتردها حور مرحبة بتلك الزيارة
لكنها تلاحظ إرتباكه وتردده لتسأله عن الأمر وبعد تلك المقدمات الكثيرة الغير مترابطة والتي يقطعها بالطبع بكاء أطفالها يخبرها محمد بأمر ذلك المكتب مما أثار دهشته هو صمودها وگأنها تعلم سابقا بذلك الأمر
بالفعل حور تخبره بعلمها بالأمر وكانت هي صاحبة تلك الفكرة بأن يقوم حسن بكتابة المكتب بإسمه
يحاول محمد أن يرد الحق لأصحابه ليتنازل لها عن ذلك المكتب ليقابل كلماته تلك بالرفض الشديد من حور فتلك كانت هدية من أخيه لا يصح أن تستردها
حاول محمد معها ليقابل ذلك بالإصرار علي موقفها
يستسلم محمد لإصرارها كما يعدها بأن يقوم بفتح المكتب وتشغيله
يطلب منها محمد أن تطالب بإرثها في المنزل فذلك حق أطفالها
تأخذ حور نفس عميق وكأنها تحاول أن تهدأ من تلك الثورة التي تدور بداخلها لتبتلع تلك الغصة المتكونه في حلقها تحمل مرارة تلك الأيام الماضية لتقول بحزن
- أنا كنت عاوزة حق ولادى في الطيبة والحنية والدفا...كنت عاوزة حقهم في عيلة تبقي لهم سند ونفس يدفيهم وقلب يطبطب عليهم وإيد تمسح يتمهم... إنما الفلوس دى آخر حاجة ممكن الواحد يحارب عشانها
يتطلع محمد لها بعض الوقت يشعر بكلماتها ولكنه لا يوافقها الرأي بذلك حقها وحق أطفالها ولكن لا مجال للجدال الآن
يتطلع محمد إلي أطفالها متذكرا طلب إيناس لرؤيتها للأطفال ولكن يدب في قلبه بعض الريبة ليقلع عن الفكرة
             ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند مصطفى
تدور به الأيام ليمر بأصعب فترات بحياته يتحمل الألم الشديد في سبيل أن يقلع عن تلك السموم والتي كانت تذهب بعقله
يستطيع مصطفى إجتياز تلك الفترة بعزيمة وهمة عالية  تحت دهشة سمر فقد تحول إلي شخص آخر أصبح يحاسبها علي كل خطوة تخطوها كما أنه أصبح أب لآدم بكل ما تحمله الكلمة من معني
لتكون الخطوة التالية هي البحث عن حور شقيقته ليعلم أن الطريق إليها هي صديقتها فرح
يا الله ليتك يا أبي جؤدت تلك الحقيقة أمامى منذ زمن لأرتمى تحت قدميك أطلب منك السماح وأحتضن حور فلم تعاني مما أصابها ولكنه القدر
يقف مصطفي علي ناصية الشارع الذي تقطن به فرح منتظرا عودتها من الجامعة وعندما رآها أقبل عليها
تندهش فرح من وجوده ولكنها ولأول مرة لا تخشاه لشعورها أنه اليوم به شئ مختلف حتي عيناه تشعر أنها تمتلئ بالدفء والحزن عكس سابقتها فقد كانت ممتلئة بالرعب والكره
يلقي عليها مصطفي الاحية بهدوء لتردها فرح بحزر لتتفاجأ به يطلب عنوان حور
تتطلع له قليلا لا تعلم ماذا تفعل ولكن مصطفي لا يتركها في حيرتها كثيرا ليقسم لها أنه قد تغير ويود فقط تكفير ذنوبه وطلب السماح من أخته الوحيدة
تشعر فرح بصدقه لتعطيه العنوان
يهرول مصطفي متوجها إلي أخته لعل ذلك يكون شفيعا عند والده ليسامحه.
                ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند سلمى
منذ طلاقها لا تغادر غرفتها تلك ومما يزيد أزمتها تلك حديث والدتها الدائم ولومها علي غبائها وتركها لذلك الكنز وخاصة وأنها قد تنازلت عن جميع حقوقها عقب الطلاق
تفتح خزانتها لتقوم بإخراج تلك الذكريات الخاصة بيوسف لتشعر بحنينها إليه لتعترف أنه الوحيد القادر علي منحها تلك السعادة
تفتح ذلك الألبوم الخاص بصورهم لتعيش تلك الذكريات لتفيق علي تلك العبرات النادمة علي ما فعلته معه
               ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند حور
تجلس حور وسط أطفالها الذين يلهون حولها بينما هي مندمجة في تلك الكتب التي أمامها فقد إقترب موعد إختباراتها ( حور قدمت ثانوية عامة) 
تستمع إلي تلك الطرقات علي الباب لتنهض سريعا بإبتسامة ظنا منها أن صاحبة تلك الطرقات هي السيدة عزيزة
تفتح الباب لتختفي إبتسامتها علي الفور وتسقط تلك الأوراق من يدها وسريعا تلقي نظرة علي أطفالها تريد الصراخ ولكن من الصدمة تبحث عن صوتها فلا تجده
يشعر مصطفى بطعنات تصيب قلبه فكل ذلك الرعب تكنه حور له يحاول الإقتراب منها لتبتعد حور برعب ونظراتها حائرة
يدلف مصطفي للداخل مغلقا الباب ليزداد الرعب في عيون حور ولكنه يحاول طمئنتها ليربت علي كتفها ليلمس إرتجافه جسدها
تتفاجأ حور بمصطفي يبكى مثل الأطفال ليطلق إعتزراته من بين شهقاته طالبا منها السماح لترتمي هي دون إرادتها بين أحضانه وتبكى فهي تشعر بصدق مشاعره لتذوق حور لأول مرة في حياتها ذلك الحضن الأخوى
            ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنتهت إختبارات نهاية العام لتلتقط حور أنفاسها قليلا وتشعر بالسعادة فلقد حققت أكبر أهدافها التي كتبته في تلك الورقة
مما زاد سعادتها هي تلك النقود التي حصلت عليها من الشركة كأرباح سنوية لتقرر دعوة كل من السيدة عزيزة والحاج علي وصديقتها فرح علي نزهة تغير من مزاجهم
قامت حور بدعوة أخيها التي توطدت العلاقة بينهم في الفترة الأخيرة لكنه إعتزر بحجة العمل
في الواقع كان يتمني أن يصطحبها في تلك النزهة لولا تلك الخلافات الناشبة بينه وبين سمر في الفترة الماضية والتي من أهم أسبابها عودته لحور
إصطحبتهم حور لحديقة الحيوان التي قضوا بها وقتا ممتعا مما يزيد بهجتهم ذلك النقاء الداخلي الذي يغلف قلب كل منهم
ينتهي اليوم لتغلب عليه الضحكات والمرح وتلك الذكريات التي يرويها كل من السيدة عزيزة والحاج علي عن حياتهم وماضيهم وأطفالهم
في نهاية اليوم تتلفي حور مكالمة هاتفية من محمد الذي يقوم بالإطمئنان عليها
عقب الإنتهاء من محادثتها تلاحظ تلك النظرات التي تخصها بها فرح لتسألها عن سبب تلك النظرات لتخبرها فرح بمرح
- عارفة لو مكانشي محمد أصغر منك كنت قولتلك إتجوزيه فعلا مختلف جدا عن إخواته وكمان بيحب الأولاد
تتطلع لها حور قليلا بصمت ثم تطلق ضحكة لها مما يثير فضول فرح عن سبب إطلاقها تلك الضحكات لتخبرها حور أن محمد يكبرها بعامين ولكن الأهم أن حور قلبها قد أغلق منذ تلك اللحظة التي تعرفت فيها علي عصام لتتجرع منه الآلام
في تلك اللحظات تمر عليها تلك الأشهر القليلة التي قضتها مع عصام بآلامها لتدمع عيناها لتتفاجأ بفرح تزيل تلك الدموع معتزرة عن حديثها الذي تسبب في إستعادة تلك الذكريات المؤلمة ولكن حور لم تكن في حاجة لذلك الحديث بل هي لم تنساها خاصة تلك الليلة الأخيرة التي إعترف بها عصام بجريمته
تطلق حور إبتسامتها عكس ما تعانيه من نزيف دامى بالقلب ليستعدوا للعودة
             ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند مصطفي
إقترب مصطفي من التعافي تماما حتي إنه أقلع عن التدخين أيضا ليصفه الطبيب بأنه مثال للتحدى ليستطيع أن يقلع عن السموم والتدخين في وقت واحد وبتلك الإرادة القوية
لكنه اليوم يشعر ببعض الإعياء فجسده كما قال له الطبيب يعيد بناؤه مرة أخرى فيؤدى ذلك إلي بعض الإنتكاسات ليشعر أنه منهك لا يقوى علي العمل ليقرر الإستئذان من مالك تلك الورشة الذي يسمح له علي الفور بالمغادرة ملتمسا له العذر
يعود مصطفي للمنزل ليدلف ليقابله السكون بالرغم من أنه منع سمر من العمل لا يقوى علي التفكير أو البحث ليرتمي علي إحدى المقاعد مغمض العينين ليشد إنتباهة تلك الأصوات القادمة من غرفة نومه إنه صوت ذكورى فيخمن أنه أحد اللصوص ليتوجه إلي المطبخ ليجلب سكينا معه ويسير بحذر حتي الباب يتيقن من الصوت ليجده صوت رجل ويبدو أنه في وضع حميمي مع إمرأة ليصعق إن تلك المرأة هي سمر والتي يسمعها بأذنه تسبه وتلعنه وهي بين أحضان ذلك الرجل
يفتح باب الغرفة فجأة متحولا إلي ثور هائج ومما يزيد هياجة ذلك المشهد الذي رأي فيه زوجته عارية بين أحضان عشيقها الذي لا يقل عنها عريا لتتعرى باقي الحقيقة أمام عينيه
لا يدرى بنفسه ألا ودم الإثنان يتساقط من علي تلك السكين التي بيده

       « يتبع»

أسوار العشق Where stories live. Discover now