البارت الخامس والثلاثون

513 17 6
                                    

البارت الخامس والثلاثون
أسوار العشق
بقلمى فاتن على

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

حملت حور حمزة علي كتفها لتكتم أحزانها متوجهه إلي منزل أبيها للمرة الثانية ولكن تلك المرة تختلف كثيرا نعم لقد عادت أرملة مرة أخرى ولكنها ليست حزينة علي ذلك الفراق فقد تجرعت منه من العذاب ما يكفيها لسنوات.... فلتأخذ قسط من الراحة ثم تعاود تدبير أمورها
تصعد الدرج بتثاقل فهي لم تتناول شيئا منذ فترة طويلة لتشعر بالهزيان حتي وصلت إلي الباب لتفتح لها سمر التي تتهكم ببعض الكلمات عليها لتنعتها هي الأخرى بأنها كالبومة التي يموت زوجها قبل مضي العام
تدلف حور إلي الداخل دون أن تعيرها أي إهتمام فهي بحاجة إلي الراحة تدلف إلي والدها تجلس بجواره علي الفراش تشكو له ما مرت به وتروى له ما فعلته معها حماتها وإبنتها بينما هي علي تلك الحالة يدلف إليها مصطفي كالثور الهائج بعد تلك الشحنة من سمر ليسألها عن سبب عودتها لترد عليه في هدوء ولكنه لا يمهلها أن تستأنف حديثها ليقبض علي ساعدها بعنف ليقوم بطردها بالخارج فلا مكان لها ولأولادها في ذلك المنزل غير عابئ بصراخ والده وتوسلاته أن يتركها ليعطي لها إبنها ويخبرها أنها مثل والدتها تغتصب حقوق الآخرين بالماضي والدتها أخذت والده وتزوجته وأرغمته علي طلاق والدته لتكون النتيجة أنه حائر بين الإثنان والآن هي تريد أخذ تلك الشقة منه
لتقف حور أمامه كالنسر الجريح من الداخل لكنها تبدي أنها قوية فالضربات علمتها الصمود لتقول بتحدى
- إنت هتفضل طول عمرك عايش في كدبة من صنع هيام ومصدقها.... بابا طلق مامتك عشان لقاها في حضن عشيقها علي سريرة ومش محتاجة أقولك كانت بتعمل إيه..... إنت نفسك كدبة كبيرة كنت كويس مع عصام عشان السم اللي كان بيديهولك ودلوقتي خلاص بترمي لحمك بدال متكون سندى وتاخد حقي.... بس خلاص السموم دى كلت عقلك وخلتك حيوان
وهنا يفيق مصطفى على كلماتها لينهال عليها ضربا ويلقي بها علي الدرج لتسقط علي الدرج ويلقي بإبنها خلفها الذي يبكى ويصرخ عند ذلك المشهد المروع لوالدته يري قطرات من الدماء تحيطها وذلك الباب من خلفة يصفد بعنف وخلفه أصوات مرتفعة ما بين جده الذي لا يستطيع الحركة وخاله الذي يسب ويلعن بحور
يحاول أن يهبط الدرج ليصل إلي والدته ولكنه يخشي الوقوع فهو مازال يحبو ليجلس مكانه يبكى ويصرخ شعور صعب تحمله علي طفل في مثل عمره
لحظات وتجمع من حولها الجيران ليحملها أحدهم إلي الأسفل والأخرى تحمل طفلها الذي يصرخ تحاول تهدئته ولكنها لا تستطيع لتسير خلفهم ليتوجه الجميع إلي المستشفي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند شادى
عقب سماعه لتلك المحادثة يتوجه إلي لليان متخللي عن عمله اليوم فهي أغلي ما يملك يصل إلي منزل والدته ليدلف بالداخل ليجد فراش زوجته فارغ ليشعر بتلك الإنقباضة تعتصر قلبه يخشي بعدها بعد تلك الكلمات المسمومة ليطرق باب والدته ليجد لليان غافية بين أحضان والدته وعيناها منتفخة ليعلم أنها بكت لفترة طويلة
يعتزر من والدته ليأخذ مكانها متخذا لليان بين أحضانه لتخرج عقبها والدته تغلق الباب بهدوء
تستنشق لليان عبير زوجها لتفيق علي عطره الذي تغلغل إلي رئتيها لتفتح عيونها ببطء فتجده يتطلع إليها بإبتسامة تبادله إياها ولكن عيونها تلتمع بتلك الدموع
لا يستطيع شادى وقتها الحديث فحديث العين أبلغ ليقوم بتقبيل جبينها هبوطا إلي وجنتها ثم رقبتها ليعود من جديد إلي وجنتها ليمتلك شفتيها في قبلة عميقة يبث بها شوقة إليها وعشقه لها
يتركها بعد مدة لاهثا من فرط مشاعره ليرى أنفاسها المضطربة ليهمس بجوار أذنها
- أنا آسف يا أغلي حاجة عندى..... أنا آسف يا حبيبتي وروحي وعمرى ودنيتي...... إنتي حياتي اللي لا يمكن أقدر أعيش من غيرها.... إنتي عشقي اللي بيجرى حروف إسمك في دمى حتي من قبل ما أعرف إني بحبك... قلبي ده بينبض بإسمك ورافض دخول أي حد تاني غيرك إنتي وبس
تتوه لليان في كلماته ونبرته الحنون وذلك الدفء الذي يغلفه لتدس وجهها في عنقه تستنشق عبيره الذي يعيد لها النشاط فقد أدمنت وجوده
تخرج لليان من بين أحضانه تريد الحديث ولكنه يفهم مقصدها دون أن تتفوه ليرد عليها محتضنا وجهها بين كفيه
- والله كذب... أنا إتجوزتك عشان إنتي ساكنه هنا من زمان ( يشير علي قلبه) وعمرى ما فكرت في الموضوع كده... بدليل إننا قعدنا فترة من غير حمل عمرى ما فكرت فيه... وأنا جنبك عمرى ما فكرت غير فيكى وعمرى ما كنت عاوز غيرك وبس يا عمرى
تلك الكلمات الغير مرتبه قامت بتصديقها لليان لأنها تشعر أنها نابعة من القلب لتدخل إلي القلب مباشرة لتزرف الدمع تأثرا بذلك العشق الذي يحمله لها
يقوم شادى بمسح دموعها ومساعدتها حتي تعتدل في جلستها ليطلب منها أن تقوم بتبديل ثيابها فلن يذهب للعمل اليوم ليكون اليوم خاص بها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند مصطفي
عقب تفوه حور بتلك الكلمات وتلك الضربات التي تلقتها من مصطفي قامت مشاجرة بين مصطفي ووالده كل منهم يتحدث ولا يستمع للآخر حتي خارت قوى عادل فصمت لا يعلمون أذلك صمت من الهزيمة أم أنه غيبوبة فصحتك تلك الفترة هزيلة
يقف مصطفي في الشرفة ينفث سيجارته يتذكر كلمات حور وبعض الكلمات التي يتذكرها من والده ليشعر أنه بدوامه يريد أن يفيق فلا يستطيع هل كانت والدته بالفعل زوجة خائنة أم إن حور صنعت تلك الأكذوبة.... والده يؤكد كلمات حور إذن هو من عاش في أكذوبة لسنوات تولد منها كرهه لأبيه وزوجته وحور وكان ينتهز الفرص للإنتقام لوالدته..... والدته المزواجة هذا ما تذكره منها عندما عاتبها في ذلك أجابته أنها لا تستطيع أن تعيش بمفردها تخشي أن تموت
يا الله ما تلك الدوامة يريد الخروج منها.... فكر أن يذهب لوالدته يواجهها ولكنه خشي من الإجابة وكأنها شبح يطارده.... هرب من كل ذلك بتناول تلك الحبوب المخدرة مع تلك السيجارة المحشوة بتلك السموم ليهرب بذلك السم من واقع رافض تصديقه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المستشفي
تركد حور علي ذلك الفراش وجسدها موصل بالأجهزة لتفتح عينها بهدوء فتجد تلك الغرفة الخافتة الأنوار وأصوات الأجهزة بجوارها لتحاول تذكر ما حدث لتشعر بحركة بجوارها لتتطلع فتجده حمزة إبنها متمسك بذراعها صامت لا يتحرك به سوى أهدابه فقط لتعاود التطلع إلي الأمام تتذكر ما حدث لها باليومين السابقين بداية من إعتراف عصام لها ونهاية بضرب أخيها لها وطردها لتصبح بلا مأوى
تتساقط دموعها فقط في صمت حتي أنها لم تهتم أين هي لتظل ملامحها علي حالة الجمود تلك
تأتي سما تتطلع إليها بإبتسامة هادئة لتحمد الله علي سلامتها وتمسح دموعها برفق
تظل حور علي حالتها تلك دون حديث حتي ظنت سما أنها لا تنطق أو أنها فقدت الذاكرة
تتخللي حور عن صمتها لتتساءل بجمود عن ذلك المكان المتواجده به لتجيبها سما وهي تشعر بالشفقة عليها فتلك الحالة التي عليها ليست بالهينة كدمات منتشرة علي جسدها وتلك الحالة التي عليها إبنها شارد لا يمكنه الوصول إلي تلك الحالة في ذلك السن الصغير إلا بسبب كبير
هل كان السبب في تلك الحالة زوجها ولماذا تركها هكذا فهي لم ترى أحد يسأل عليها منذ مجيئها في تلك الحالة
إلتزمت سما الصمت فتلك الحالة التي عليها حور لا تحتمل الحديث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصباح
تدلف سما إلي الرعاية لتلقي تحية الصباح علي حور التي تبدو أفضل حالا من يومها السابق لترد عليها حور التحية بإبتسامة تقترب سما من حمزة تداعبه لكنها تلاحظ تشبث حمزة بوالدته كما تؤلمها نظرة الرعب تلك التي تراها في عينيه..... تخرج سما تلك الحلوى التي جلبتها من أجله ليأبي أن يأخذها منها لتعطيها لحور التي تأخذها وقد ترقرقت في عيناها الدموع
تقوم سما بعملها لتخبر حور أن تلك المرة الأولي التي تصادف حجز مربضة بالرعاية ومعها طفلها.... لا تعليق من حور لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله بداخلها الكثير ولكنها تفضل الصمت..... تتطلع سما لتلك الكدمات المنتشرة علي جسدها لتسألها بحذر عن المتسبب في تلك الكدمات هل هو زوجها
تحاول حور إبتلاع تلك الغصة المتكونة في حلقها لتخبرها أن زوجها قد مات منذ يومان
تصدر سما شهقة مكتومة لتشعر بالأسف علي تلك المسكينة وأطفالها لتجلس علي مقعد قريب منها وتتطلع إليها لتقول بحزن
- أنا آسفة يا حور.... بس اللي أقدر أقوله لكي إنك لازم تبقي قوية وتعدى عشان خاطر أولادك.....متستسلميش للحزن يا حور إبنك محتاجلك
وهنا تنهار مقاومة حور لتتساقط دموعها لتخبرها من بين شهقاتها أن الأمر أكبر وأعقد مما يتحمله بشر فكيف عليه أن تتخطاه
تشعر سما بأنها تحمل هما كبيرا ولكنها لا تريد الإفصاح عنه لتحترم ذلك ولكنها تريد مساعدتها لتقول لها
- كل حاجة بنحس إنها كبيرة ربنا عنده حلها إلجئي له وهو خير معين... ممكن تقولي إننا بقول كلام وخلاص بس والله لا أنا حاسة بيكى عشان جربت قبل كده كنت حاسة إن الدنيا كلها سودة وكنت ببعد عن أعز الناس عندى والحمد لله ربنا كان معايا وعديت ولما بفتكر الأيام دى بحس إن ربنا كريم أوى
وقبل أن تتحدث حور يدلف الطبيب ليفحص حور ويهنؤخا علي سلامتها ليكتب لها خروج الآن
يا الله لقد أصبحت هي وطفلها في الشارع بالفعل
لتحمل طفلها وتجلس به بإحدى الحدائق حتي حل الليل لا تعلم ما مصيرها ومصير إبنها وهي لا تحمل أي نقود حتي تطعمه بها لا تجد أمامها سوى الدعاء لتجد هاتفها ينير بتلك المكالمة التي ربما تكون نجدة لها
« يتبع»

أسوار العشق Where stories live. Discover now