غراب | Crow

By itsowhatdoit

2.5M 261K 348K

جازمين ستيلارد كانت غراب. لكنها لم تكن أي غراب، كانت مميزة بكونها جازمين اولًا ومن العائلة العسكرية العتيقة... More

تنويه
غراب
اجنحة الدمار.
مدخل | حدث غير مألوف.
٢ | حادثة مقبرة كروفورد.
٣ | نتيجة التقديم.
٤ | الشجاعة.
٥ | التمرين الاول.
٦ | تقاطع الدماء.
٧ | سوار القاتل.
٨ | انذار الغراب.
٩ | قد اكون السلام.
١٠ | برودة.
الخنجر والاربعة.
١١ | چين.
١٢ | ارسولا لاغارد.
١٣ | خيوط العنكبوت.
١٤ | الاجنحة السوداء.
١٥ | دماء ستيلارد.
١٦ | الوشاح الاسود.
١٧ | الاكابرس.
١٨ | ايقاع.
١٩ | بحيرة فلور.
٢٠ | شيطان.
٢١ | سكوربين.
٢٢ | ادوار القديسين والملوك.
٢٣ | ثلاثة غربان وحجر.
٢٤ | الافضل للنهاية.
٢٥ | تهويدة.
٢٦ | جازمين ستيلارد.
٢٧ | قربان للاسوء.
٢٨ | شيطان.
٢٩ | اعصار.
٣٠ | الوشم والقصيدة.
٣١ | اول الضحايا.
٣٢ | رايفن.
٣٣ | كمين ايغيس.
٣٤ | الغربان الجنوبية.
٣٥ | السهم المحارب.
٣٦ | السقوط والنهوض.
٣٧ | ضمادات ورصاص.
٣٨ | رجفة، رجفتان.
٣٩ | استراتيجية الالهاء.
٤٠ | ما وراء الجبال.
٤١ | ارينا.
٤٢ | قاتل ارثر.
٤٣ | ديكارسيس.
٤٤ | الفن المدمر، الفن العنيف، الفن الشرس.
٤٥ | طعم مر.
٤٦ | رفيقة جيدة.
٤٧ | لعنة الهاء.
٤٨ | اصل الشياطين.
٤٩ | المجد.
٥٠ | ماسك نواه الشفرات.
٥١ | وان كانوا الجنود يخافون، فمن سيحمي العالم؟
٥٢ | السقوط الاخير.
٥٣ | فكر مثل العدو.
٥٤ | الاسلحة، الجيش، الادرينالين.
٥٥ | قائد السنة الرابعة.
٥٦ | القسم الرابع لجيش الغربان.
٥٧ | ما هو لون ازرقي؟
٥٨ | جيمي بلايز.
٦٠ | نصل الحرب.
٦١ | اجنحة من دون غراب.
٦٢ | عناق الاجنحة.
٦٣ | الطلب الميت.
٦٤ | انها سخرية القدر، مجددًا.
٦٥ | حديث القبور والعظام..وتخيلات الفتيان والفتيات.
٦٦ | بلاكسان.
٦٧ | اميرة الحرب.
٦٨ | خدوش هازل.
٦٩ | منحدر مأساوي.
٧٠ | المخطط.
٧١ | يرتدي اكثر من وجهين في العلن ويضحك على الجميع.
٧٢ | المعاناة المشتركة.
٧٣ | جناح.
٧٤ | رقصة حفل التخرج.
٧٥ | جسر الغربان.
٧٦ | قوة الحب والصداقة.
٧٧ | في وسط الوحوش نُبنى.
٧٨ | «قطع من الثلج، اشلاء من الثلج.»
٧٩ | مثل الجنوب والكوخ.
٨٠ | الجنوب والجيش والادرينالين.
٨١ | سلبيات وايجابيات.
٨٢ | كلمات جايدن.
٨٣ | خدوش ادريان.
٨٤ | بوابات انتقال عبر المكان.
٨٥ | مخلوقات الليل.
٨٦ | مجرد تغيير..
٨٧ | الابن المكسور.
٨٨ | رسالة من الاجنحة.

٥٩ | ظلال وخيوط زرقاء.

29.5K 2.9K 3K
By itsowhatdoit


٥٩ | ظلال وخيوط زرقاء.

ظلال وخيوط زرقاء
تنعكس على وجهي ووجهك
تخبر مئة فكرة ومئة شيطان
على جلدنا وعيوننا
تنسج مئة شيء في مكان
ما تاخذه الرياح وتسرقه
ما تخبيه في طيات موجاتها
وتدفنه

ظلال وخيوط زرقاء
تقتحم ما تفرغه الرياح
من مكان

مئة فراشة
مئة لكمة
ومئة نبضة
ومئة رغبة

ربما رياح الليل والساعة الثالثة فجرًا ،
رياحنا الحزينة المؤنسة،
اصبحت خيوط وظلال
من الازرق خاصتنا

- الورقة الخامسة ماقبل الاخير،
دفتر الجندي الجنوبي،
وحديثًا، جدار ديكارسيس.

-

هذه المرة، لففت حول جسدي غطاء خفيف وجلست فوق سطح القاعدة البارد. مثل عادتي، بقيت اشاهد القاعدة وصخبها حتى انطفأت الاضواء وهدأت الضوضاء ونام الجميع. وعندئذ، رفعت ركبتاي الى صدري وعانقتهما ، افكر في كلام جيمي. رفعت شعري للاعلى في ذيل حصان ومع ذلك الهواء جعل الخصلات الطويلة تتطاير بفوضوية، ارضية المكان والقاعدة دُفنت اسفل طبقة من الفتات الابيض الناصع رغم ان العاملين كانوا يكشطون الثلج كل يوم، وضعت ذقني على ركبتاي احدق به وبجماله القوي لكن هادىء.

عائلة بلايز قد تكون هي من قتلت والداي.

طرفت عيناي والطبقة الزجاجية فيهما أختفت، ادخلت نفس خافت الى رئتاي، كيف ورط والداي نفسيهما في هذه الفوضى؟ هل حقًا هما السيئان هنا؟ الاشرار ؟ قلبي ألمني. ولقد سئمت من هذه الاسئلة.

راجعت الصندوق الاسود الذي كنت اسمعه كل ليلة في ذهني مثل شريط فيلم مفضل؛ في الصندوق، لقد اخبر احدهم ان هناك محركات احترقت وتعطلت. هل من الممكن ان هذه هي الطريقة التي قتلت بها عائلة بلايز عائلتي، عن طريق التلاعب بالمحركات؟ بما ان هذا تخصصها.

لم يكن سؤال، انا متأكدة من ان هذه هي الطريقة.

رفعت رأسي الى سماء الليل، انفاسي تسربت الى الهواء، لم يكن هناك نجوم ظاهرة الليلة وبدلًا كانت ندف الثلج تسقط في تيارات هوائية دائرية ملتوية. «ألن تعطياني اشارة؟ اي شيء يثبت انكما لستم كما يقال عنكما؟» همست بخفوت. «ما هي حقيقتكما؟»

الحرقة لسعت عيناي من أطرافهما والبرد لسع انفي فتكونت طبقة زجاجية أخرى على عيناي تشوش رؤيتي وتخنق حنجرتي، تصاعد في صدري شعور ضيق. كنت على وشك التقيؤ. اصطكت اسناني ومسحت عيناي.

«اليوم هو عيد ميلادي، ألم تحبوني يومًا؟» ان استمروا في المشروع حقًا، ان استمروا بالمشروع رغم بشاعة ما فعله بي.. ألهذا السبب هم احبوني كثيرًا وأكثر من اللزوم؟ لانهما يشعران بالذنب؟ هل كان كل شيء مزيف؟ شفقة؟ اغلقت عيناي بقوة. اسناني زجت ضد بعضها البعض.

استطيع أن أشعر بعقلي ينزلق الى اماكن مظلمة، واستطيع ان اسمع المخالب المظلمة تخرمش ابوابه، ابعدت بعنف الافكار السيئة رغم انها علقت في ذهني، لكنها لن تفيدني بشيء سوى تدميري اكثر الان.

«انتما حقيران.» قلت بنبرة اشتدت والحزن سقط من على كتفي.

ثم خفضت بصري الى القلادة السوداء بين اصابعي ومررت ابهامي على حروف اسمي، جازمين ستيلارد ، سأعتبر أن هذه هي هدية عيد ميلادي. شبح ابتسامة حزينة تعلق بطرف شفتي.

«عيد ميلاد سعيد جازمين.» قلت بخفوت ومن ثم ارجعت جسدي للوراء، استلقي على الغطاء الذي جلبته معي ووضعته فوق الخرسانة المتجمدة لسطح القاعدة.

على الاقل انا لست ميتة.

أعني في الثالثة عشر ظننت انني لن اصل الثامنة عشر فما بالك بالواحد والعشرين؟ انه انجاز.

رمشت نحو السماء وعقلي ذهب بي الى احداث حياتي منذ سن الثالثة عشر الى الآن.

يا للهول. انها ليست فصول حتى انما انقلابات تامة.

من والداي الى الدمار ومن ثم مركز اعادة التأهيل، ومن الشفاء قليلًا الى انتحار اوغاسبيان ومن اوغاسبيان الى محاولة الصمود والنجاح ثم الدمار مرة اخرى ومن هناك الى الاجتهاد بقوة رغم الانهيارات ثم الى اليوم الذي قبلت فيه في القاعدة..حيث انقلبت حياتي تمامًا وتغيرت الامور، من جلوسي على ذلك المقعد العام ورؤيتي الحافلة العسكرية تأتي من أجلي والنظرة الاولى مع الجنود الى جلوسي بجانب ديكو وتعرفي على ميكا وجايدن وجيمي ومن ثم القادة والقاعدة والمهام..حيث عاد قلبي ينبض.

يجب ان اعترف، فصل القاعدة هو الفصل المفضل عندي.

ابتسامة خفيفة ظهرت على شفتاي وانا اتذكر اليوم الاول لي، كيف كنت متحمسة وفخورة وانا اقف امام المرأة بملابسي الرسمية لا اعرف ما الذي سيحمله لي المستقبل، كنت اعرف ان هذا هو الخيار الصحيح، لكنني فقط لم اعرف انه سيجعلني على قيد الحياة الى هذه الدرجة.

افكاري رجعت بي الى جيمي..طوال هذه المدة هو زيف من يكون، كيف فعلها ياترى؟ كما هو واضح شخصيته وشخصية جيمي الذي كنا نعرفه مختلفتين ومتناقضتين تمامًا.

هل هو ممثل بارع ام ان هناك جزء من شخصيته هكذا؟ هل من المعقول ان كل احاديثه مع جايدن وصداقته مزيفة؟ علاقاته مع الجنود وحبه لهم وكلامه الذي كان يبعث الاطمئنان والاستمتاع؟ جايدن لو عرف سوف يحزن.

ولماذا هربت جدته وتركته؟ لماذا لا تترك الوثائق وحسب وتتخلى عنها؟ هي ليست جندية وليست وظيفتها ان تحفظ السلام ولكنها ايضًا بحفظها الوثائق تسمح بأن يموت الجنوبيين فمنطق جيمي وحجة جدته غبية؛ الوثائق مخبئة حتى لا يتأذى احد..الا ان في الحالتين هناك من سيتأذى.

لو ارادت حماية جيمي تستطيع تسليمها الى ايغيس بكل بساطة وعندئذ ستمحى كل الادلة ويستطيعون العيش بأمان..صحيح لا توجد ثقة في ايغيس ولكن الهروب بالوثائق هو نفس خطورة تسليمها.

وسواء احتفظت بها او اخرجتها للناس فبكل الاحوال هناك جانب سيتأذى، اما الجنوب اما السياسيون.

أغمضت عيناي بتعب، وهناك قائد مارس، لماذا هذه السهولة في الموافقة على طلبي؟ وهل يجب ان افكر مرة ثانية بشأن دخول المستودع؟ هل سيقطعوني الى قطع لو دخلت؟ ابتسمت بخفة؛ التيباكو وجدني قطع غذائية لذيذة.

«هذه الابتسامة..» سمعت صوت خافت فرفعت اجفاني، وقابلتني أعين زرقاء دافئة.

«ظننت انني سوف اجدكِ وسط نيران مشتعلة.» قال بخفوت ينظر في عيناي، مع شبح ابتسامة يتكون على شفتاه.

«ادریان؟» همست بأستغراب ارمش، وجهه كان مقلوب وهو منحني بظهره نحوي.

«هي واحدة من الاثنين؛ اما ان تسقط هذه الاحداث في دموع اما ان تشتعل في ألسنة نيران، والان لا اعرف هل الابتسامة شيء جيد أم سيء؟ لم اكن اتوقعها.» يدي كانت على بطني، وعندما انحنى بظهره اكثر يقترب من وجهي يتفحصه بعقدة بين حاجبيه شعرت بجسدي  ينضغط ضد خرسانة السطح اكثر.

بدى متوهجًا في وسط الظلام.

عم الصمت لثانية، تبادلنا النظرات ونحن في هذه الوضعية.  اجنحته الضخمة برزت من خلف ظهره، ومن هذه الزاوية رأيتها تنظر لي من فوق أكتافه.

«ما الذي تفعله هنا؟» همست، اعيد بصري من اجنحته الى عيناه.

كان يرتدي سترة جلدية وحقيبة ظهر مع قبعة تشبه التي اعطاني اياها، تلك السوداء المكتوب عليها 'كابتن.' باللون الاحمر، ارتداها بالمقلوب. كل ملابسه سوداء وبدى ممتزجًا مع ظلام الليل لولا عيناه الزرقاء التي مالت الى الرمادي بسبب عتمة المكان وايضًا شعره.

اخذ نفس واصدر صوت خفيف يتنهد، يخرج شفتاه بتساؤل، «اريد التحدث مع روح اكرهام والرياح.» رفع عيناه الى القاعدة وتظاهر انه ينظر الى الرياح وروح اكرهام في الافق.

«هل رأيتها؟ يقال انها تنجذب للساحرات بقلوب سوداء وخصلات شعر ليلية.» اعاد عيناه ألي فأطلقت نفس ساخر، اشعر بالغيض، فأبتسم هو لي ابتسامة سخيفة. رفعت يدي ودفعت كتفه. «لا تتحدث وانت الذي لمس روحك الشيطان.» رجع للوراء يستقيم ونهضت ثم دفعت قدمه ليتعثر، سحبت الغطاء حول اكتافي واعتدلت في جلستي.

اطلقت نفس ساخر أعيد تقريب ركبتاي من صدري. «لو فقط تأتي روح اكرهام، نصف مشاكلي ستنتهي.»

«قد تسرق منكِ روحك—بمعنى اخر تقتلك. » وضعت جانب وجهي على ركبتاي ونظرت له ابتسم بخفة. «مضحك.»

«هذا جيد.» تحرك وجاء الى جانبي. «على الاقل لم تقولي ان اخذ روحك سوف ينهي كل مشاكلك، هذا تطور ملحوظ.» انخفض وجلس بجانبي، ترك قدماه تتدلى للاسفل، وكتفه لامس كتفي.

ربما.

«كيف تشعرين؟» سأل بخفوت، عيناه ارتخت قليلًا.

«لقد مررت بمرحلة 'هذه الاحداث سقطت في دموع' ومن ثم دخلت مرحلة 'هذه الاحداث اشتعلت في ألسنة نيران' والان اكتشفت مرحلة جديدة لا اعرف معناها.» اعرف ما يقصد، هل انتِ بخير بعد الذي سمعتيه عن والديكِ؟

«اظنني لم اصل الى هذه المرحلة بعد، مازلت عالق في مرحلة ألسنة النيران.» قال يرفع حاجباه وضحكة خافتة صدرت من نهاية حلقي، هززت رأسي.

«لا اعرف.» قلت الصراحة اضع جانب وجهي على ركبتاي وانظر له. «الحياة مليئة بالهراء.»

عيناه تتبعت تفاصيل وجهي بشغف ورأيت اللمعة فيهما، وكأنه يبحث عن الحقيقة خلف كلماتي ونبرة صوتي في وجهي، يدرسني، احسست— رأيت نظراته تنزل على وجنتاي ومن ثم تنخفض الى شفتاي وطرفهما، ابتسامته الشبحية ارتسمت من جديد، واعتقد انه تفقد ان كنت قد بكيت ام لا، ثم تفقد ابتسامتي وان كانت مزيفة ام صادقة.

«اتفق بهذا معك.» أخيرًا قال، ينظر للأمام. «وهذه المرحلة الجديدة لم اصل لها بعد الصراحة، أي نصائح؟ تبدو مثل شيء ممتع يجب ان اجربه.» عقد حاجبيه وكأننا نتحدث بجدية عن شيء مهم او درس.

«انت تبحث عن روح اكرهام في هذه الساعة، اظنك في مرحلة ممتعة أيضًا.» هذه المرة انكسر تمثيله هو وضحك بخفة.

بعد دقائق مريحة من الصمت سألت.« ما الذي ستفعله بشأن جدة جيمي؟» ابتسامته انخفضت قليلًا وبلع.

«يجب ان نبحث في المكان الذي كانت تسكن فيه عن اي شيء قد يفيدنا وان كانت هناك دلائل تشير الى مكانها الان او اي شيء يدلنا علی اين كانت تنوي الذهاب، جيمي أعطانا بعض المعلومات وسنبدأ بالبحث على وفقها.»

«هل تعتقد انه يقول الحقيقة؟» امسك بصري وتبادلنا النظرات لبعض الثواني، كلانا نفكر في نفس الشيء، جيمي ممثل بارع فمن يقول ان هذه ليست كذبة أخرى منه؟

«لهذا السبب سوف اتحقق من الأمر بنفسي وأتأكد.» اجاب وصوته اصبح ثقيل بالمسؤولية.

«ما الذي تفعله هنا مع هذه الحقيبة؟» نظر من فوق كتفه للحقيبة ومن ثم قال بكل جدية. «حرق القاعدة لكنني رأيتكِ وتوقفت.» افترقت شفتاي بتزييف ورفعت يدي الى قلبي. «لم تحرق العالم من اجلي ايها البطل؟» ابتسامته عادت تظهر انياب اسنانه. «العكس، انا ذلك النوع من الابطال الذي يحرق العالم من أجلكِ.» ضحكت بخفة وقلبت عيناي، ثم لكمت كتفه بمفاصلي برقة.

اتجاهل كلامه.

«ما قاله جيمي يغير كل الامور صحيح؟» اوماً بذقنه وخفض عيناه الى الاسفل، حرك اكتافه للوراء ينفض ذلك الهم.

«الوثائق تلك تستطيع أن تنقذ الجنوب وازيكا وايدن لا شك في ذلك، سيتحول الامر الى مسألة عالمية طارئة لو اعلنتها للعالم وهناك احتمال ان بقية الممالك سوف تتدخل، لكن يجب ان يقتنع الشعب بها اول شيء. ريكان ذكي وقد يحول الامر كله الى صالحة بطريقة ما بالاخص ان الان معظم من هو مسؤول في المملكة يقف معه؛ يجب أن احصل عليها اولًا ومن ثم يجب ان اعلن عنها بطريقة تظهر الحقيقة، بطريقة تجعلهم يسمعون صوت الجنوب.» لم يكن هم الذي نفضه من على كتفه، كانت المسؤولية على عاتقه.

«هناك مقولة تقول؛ ان اخطر انواع العلوم هو العلم الذي يجمع ويشكل رأي عام كبير، لان عندئذ ذلك سيمكن اي شخص من حكم  واحتلال العالم، لا يهم ان كانت القضية سيئة أو جيدة، المهم هو الرأي العام.» شرح وفهمت مخاوفه عبر طيات نبرته الهادئة في وسط هذا الليل.

نظرت له ورأسي على ركبتاي، ليس هناك ضوء قمر او نجوم الا ان الظلال التي حاوطت المكان لم تشوش الرؤية فالنظر له كان سهل وواضح؛ عيناي بشكل تلقائي ذهبت الى رقبته، تفاحة ادم، وجلده هناك الذي اكتسب سمرة خفيفة جدًا عن النصف الاول من السنة، ومن ثم انخفضت الى اكتافه التي بدلت افكاري وتذكرت المسؤولية عليهما .

«انت غيرت رأي الكثير في أخر ثورة.» همست. «لن اقول لا يوجد داعي للخوف لان كل هذا عبارة عن مجازفة كبيرة وخطر لكن استطيع القول انك تستطيع فعلها، انت تستطيع اظهار الصورة الحقيقية لما يحدث.» نظر الى يداه ومن ثم ابتسم ألي.

«شكرًا لكِ جاز» همس، وحنجرتي ضعفت.

اغمضت عيناي احتفظ بصوته وطريقة نطقه اسمي في ذاكرتي. نبرته مألوفة ودافئة مثل الرياح.

حتى وان كانت رياح باردة.

«هل تعتقد انها هربت لانها لا تريد وقوع تلك الوثائق في يد احد حقًا؟ وهل تصدق أمر تركها لجيمي؟» لقد شككت في صحة هذا الكلام وعندما اصدر ادريان نفس هازىء تأكدت انني على حق.

هز رأسه ومرر لسانه على شفتاه، ياخذها بين اسنانه. «لا، هذا كلام هراء، هي مثل جيمي، لا تكترث حتى ولو احترقت المملكة.» عقدت جبيني.

استقمت بظهري. «كيف أنت متاكد من ذلك؟» ازدادت حدة الرياح حولنا.

«لانني اظن انها هربت بالوثائق حتى تحمي جيمي، تبعدهم عنه، الان هم بكل تأكيد سيلاحقونها ويتركون جيمي؛ لان هروبها يعني ان الوثائق معها هي ولهذا سوف يركزون عليها ويتجاهلون جيمي. تركها له يعني انها لا تهتم له ايضًا، هذا ما سوف يعتقدونه.» توسعت عيناي قليلًا، هو على حق.

لان لو جيمي كان معه شيء مهم او لو كان 'يكترث لاجل شيء مثل الوثائق.' لهرب مع جدته لحمايتها.

ولو كانت جدته تهتم بشأنه لاخذته معها.

لن تترك جيمي هكذا وحسب الا من اجل ابعادهم عنه وتمويههم انه غير مهم.

افترقت شفتاي بأستيعاب. «انها ذكية...» قلت بخفوت.

«الا ان هناك احتمال ثاني وهو انها مسألة وقت فقط حتى يستوعبوا انها كانت تحميه طوال سنوات حياته ويكتشفون الحقيقة، حقيقة انها تهتم من اجله، ولهذا كثفت الحراس حول غرفته.»

«بحجة ان القناصين او اولئك الهمج من مارس من الممكن ان يؤذوا جنديي وايضًا—» توقف، وكأنه منع نفسه من ان يكمل.

رفعت حاجبي. «الا تثق بي؟»

اترى يا ادریان؟ الكثير من المشاعر المتضاربة والكثير من الاحداث المتداخلة في وقت نحن نحتاج فيه الى ان نركز بدلًا من تعقيد الأمور أكثر بيننا من خلال العاطفة.

عيناه ارتفعت ألي فورًا. نظر لي وتمعن في تقاسيم وجهي. «بالطبع أثق بكِ.» الجملة هزت داخلي.

«لكنني استوعبت شيء، هم الان سوف يلاحقونها بكل تأكيد، لكنهم سوف يضعون عيونهم على جيمي ايضًا ويلعبون الالاعيبهم، وجيمي العين الوحيدة التي يجب ان تكون عليه هي عيني حتى احصل على ما اريد. يجب أن ابعدهم عنه باستراتيجية الهاء، يجب ان ارمي شيء ما لهم حتى يتركون جيمي ويركزون على جدته وحسب.» هذا ذكي.

«أليس هذا سيء، لان ان ركزوا عليها قد يجدوها قبلك؟»

«لن يفعلوا.»

«كيف تكون متاكد؟»

«لانها بقت مختبئة لسنوات من دون ان يكون لها أثر، تكرار ذلك لن يكون صعب، ربما أصعب من المرة السابقة لكنها تستطيع فعلها، اما نحن..سيكون معنا حفيدها، انه صلة تربطنا بها حتى لو دفنت نفسها تحت الارض.» هذا عبقري.

«ما الذي ستفعله للالهاء؟» عيناه عادت الى الافق واخذ نفس عميق جعل صدره يرتفع. «الوثائق لدى جيمي، الجيش الرابع لايغيس، انه الوقت المناسب للثورة ماقبل الثورة الاخيرة. »

نظر الى الافق وكأنه يرى الثورة هناك، ادرت وجهي الى ما ينظر له وحاولت ان ارى ما يراه.

«كيف ستكون الثورة الاخيرة؟» ارتفع طرف شفته فورًا ورسم ابتسامة خبيثة، مر بريق جنوبي عبر عيناه.

«اتعرفين المثل الذي يقول؛ الهدوء قبل العاصفة؟» اومأت بذقني.

«الثورة التي ما قبل الثورة الاخيرة النهائية عنوانها سيكون؛ الفوضى التي قبل العاصفة الاخيرة. لن يكون هناك هدوء قبل العاصفة الجنوبية، سوف احرص على ان يكون هناك اعاصير ودمار يسقطهم معظمهم في ضربة واحدة، وايضًا، اريد استخدام رصاصات ازیور.» قشعريرة مرت عبر بدني، قد تكون من صوته الذي كان مغلف في خبث وانتقام او قد تكون من برودة الهواء.

وكلنا نعرف ان برودة الهواء لا تؤثر بي.

«مازلت تمتلك رصاصتين صحيح؟»

«اجل، واحدة للقديس والثانية..» ادار راسه الي.

«الثانية؟»

«لكِ.»

هبط قلبي في بطني.

«ماذا؟» بلعت ريقي، اشعر بأطرافي وحنجرتي يتحجرون.

انفاسي اضطربت وفي وقت سابق كنت سأدرس المكان حولي في ومضات بصر للهجوم عليه او الدفاع عن نفسي لو امسك الحقيبة واخرج سلاح لايذائي الا ان اكتافي انخفضت قليلًا.

عندما بقيت صامتة انظر له بفجع نزع الحقيبة ووضعها بين قدميه المفتوحة وتتدلى من السطح، فتح سحابة الحقيبة وعقدت حاجبي بفضول.

اخرج علبة كارتونية متوسطة الحجم، صفراء اللون وفاتحة، ضيقت عيناي بفضول وتساؤل نحوها، احاول ان احزر ما هي او ما بداخلها حتى انتصب عمودي الفقري بالسر عندما وصلت أنفي رائحة حلوة ممزوجة برائحة بارود.

ارجع ادريان الحقيبة الى جانبه وامسك بالعلبة في حضنه ثم رفع الغطاء عنها يكشف عن ما بداخلها لتتوسع عيناي.

«عيد ميلاد سعید.»

رفع الكعكة البيضاء لي، بيضاء بالكامل مع قلوب بنفسجية صغيرة للغاية، وفي المنتصف..رصاصة ازيور زرقاء وطويلة تمركزت، مكسورة من الاعلى حيث كان البارود مرئي داخل الوعاء.

'عيد ميلاد واحد وعشرون سعيد جازمين!' كان مكتوب بكريم بنفسجي اللون وخط صغير تحت الرصاصة، ومع شموع ناعمة جدًا تصنع الرقم 'واحد وعشرون'.

هل يمزح معي؟ لقد وقع قلبي—

ألتفت اصابعي حول الغطاء وسحبته انهض من مكاني واندفع نحوه، اضع الغطاء فوق رأسه اخنقه. «هل تمزح معي ادريان!» ضحك بقوة ضحكة رنت في المكان.

«الكعكة! الكعكة سوف تسقط!» ضحكته الرجولية الرنانة ارتفعت أكثر.

«وكأنني اكترث! سوف ادفعك معها!» حاول ان يمسك بالكعكة بيد وابعاد الغطاء ويدي بيد أخرى لكنه لم يستطيع فوضعها جانبًا وامسك معصميّ بكلتا يداه، هز رأسه وابعد الغطاء عن وجهه، اسقطه في حضنه بيننا. قاومت وحركت يداي حتى افلتهما من قبضتيه لكن اصابعه التفت حول رسغيّ اكثر تثبتني.

«انت فظيع، انت تحتاج كتب تعليم التحدث لانك فظيع في التواصل.» رصيت من بين اسناني، وجهه اقترب من خاصتي والبرودة صعدت الى جسدي لانني كنت اقف على ركبتاي.

نظر في عيناي وخاصته لمعت. «الا تثقين بي؟» همس واحسست وكأن لفحات رياح الليل سرقت تلك الهمسة في طياتها واحتفظت بها في اغنياتها الابدية السرية.

خفق قلبي للمرة الاولى وانا انظر في زرقاوتيه الداكنة، لان للمرة الاولى شعرت بهذه اللحظة معه تنسج في طيات الرياح حقًا، وكأن الرياح تستنسخ هذا المشهد وتحفظه في داخلها، تستنسخ الاشياء التي خفق قلبي بسببها.

«ها جازمین؟» توسعت عيناي عندما سحبني فجأة ورجع للوراء، يستلقي بجسده على السطح ويسحب جسدي للسقوط على خاصته.

الا انني سيطرت على نفسي بسرعة ووضعت يداي على الجانب، يداه تبدلت من رسغيّ الى خصري، تلتف حوله من الجانبين، مثل قدماي حول خصره.

«مضحك.» قلت ورجعت للوراء استقيم بظهري لكن تم دفعي بقوة من الوراء نحوه، حيث انفتحت عيناي لانه رفع جناحه ولفه حول ظهري، يدفعني للاسفل بواسطة جناحه بالقرب من وجهه.

« هذه حركات لا—» دفعة اخرى بجناحه قاطعتني وجعلتني ازمجر وجعلته يضحك ضحكة شعرت بذبذباتها تمر عبر صدره وحنجرته، وضعت يداي على كتفاه حتى لا اسقط عليه بالكامل. «ادريان.» خرج الاسم بزمجرة.

مرة اخرى شعرت بعضلات بطنه الصلبة اسفلي. «لابأس.» قال بخفوت، ضحكته انخفضت الى ابتسامة خفيفة، نظر في تقاسيم وجهي ورفع اصابعه الى ذقني. «سأبقى حتى تثقين بي بالكامل.»

عقدت حاجبيّ واحسست بمرارة في حنجرتي. «هل هذا يعني انك سترحل عندما اثق بك؟» ابهامه توقف لثانية قبل ان ينخفض الى رقبتي، حيث النقطة بين كتفي وعظم الترقوة، ابهامه نزل هناك وفرك المكان بخفة، اصابعه الخشنة على جلدي ارسلت قشعريرة الى جوهر جسدي.

« استرخي، ولا تفكري في هذه الافكار. سأبقى الى جانبك حتى تثقين بي وبعد ان تثقي بي و —» صفعت يده بعيدًا أقطع كلامه لان رعشة صعقت بطني وجعلتها تنكمش. شعرت باسترخاء لانه فرك اكتافي لكن—هذا المكان—انه مكان وسم الرفقاء، وهو مرر ابهامه عليه ومسده بطريقة جعلتني ارى نقاط صفراء في اطراف عيني.

«لا احد يفكر في شيء.»

اردت النهوض لكن جناحه دفعني مرة اخرى يجعلني ازمجر واكشر عن انيابي بوجهه، تمسكت بالارض حتى لا اصطدم به ووضعت بيننا مسافة.

«انتِ تفكرين.» عيناه لاحقت عيناي حتى توقفت عن اشاحة بصري ونظرت له مباشرة.

اقتربت من وجهه ببطء لدرجة انني سمعت صوت انفاسه.

«ادریان...» همست بخفوت واعرف ان همستي ونظرتي فعلت شيء به لان تعبيره الساخر والممازح سقط يكشف حقيقته.

«نعم؟» خرجت خافتة من بين شفتاه.

اقتربت اكثر وسمعت احتداج انفاسه بطريقة. «ان لم تبعد جناحك عني سأمسكه واكسره.» قلت ببرود اسقط تعابيري ليخرج نفس ثقيل من صدره ونفس ساخر، ازاح بصره واصابعه احكمت اكثر حول خصري.

«غراب شرس انتِ، جنوبية بحتة.» اغمضت عيناي، سيفقدني عقلي. «ادریان.» صككت.

«اهدئي يا فتاة عيد الميلاد.» الرياح جعلت انفه يحمر وانفاسه بخار مرئي، شفتاه قرمزية، والقبعة خاصته سقطت من على رأسه، مثل قلادته التي خرجت من تحت القميص وتجمعت على رقبته.

تحديته وامسكت بصره ببرود، انتظره حتى ينهي هذا.

الا ان ما همس به لم أتوقعه.

«عید میلاد سعيد يا عدوتي.»

تبادلنا النظرات لثواني، همسها بخفوت لي فقط وبأبتسامة غير مرئية، مثل السعادة الطفيفة التي لمحتها في نبرته.

«عيد ميلاد واحد وعشرون سعيد جاز.»

سقط الصمت بيننا ولكنه لم يكن صمت غريب، انما هادىء، مريح، صمت لانني صُدمت، ولانه تمعن في ردة فعلي وتعابيري.

ارخى اجنحته ببطء من خلفي وخفضهما، بقيت مكاني متجمدة وليس تجمد بارد انما دافيء، انظر له. «هل تعرفين ما هو افضل شيء حدث في سنتك الماضية بالنسبة لي؟» راودني شعور ان الاجابة سوف تكون مثل اللكمة.

لانه طريقة نظره الى عيناي.. وكأنه ينظر الى روحي ويحدثها هي. انا.

نفيت برأسي بخفوت.

«اختفاء البرودة والفراغ من عيناكِ.» رفع اصابعه الى وجنتي، ابهامه ارتفع الى عيناي حيث الهالات اسفلهما ومرره بخفوت هناك.

«عيناكِ كانت باردة وفارغة، ليست برودة شخص قاسي لكن برودة مكان مهجور ومتبلد . وكأنكِ عبارة عن تمثال فارغ وبارد من الداخل والوقت الوحيد الذي كنت ارى فيه دفء كان وقت غضبك او وقت مهمة، ولم يكن دفء عادي حتى انما شرارة مصدرها لهيب ساخط.»

«أما الآن...» نهض بجزءه العلوي ويداه انخفضت الى ظهري من الوراء حتى لا اسقط. «أما الآن؟» قلت، اسيطر على نبضات قلبي حتى لا تفضح ما يدور في داخلي.

«أما الآن هناك الدفء الكافي ليس فقط للنجاة» الشرارة ولهيب الغضب كانت دفء النجاة.

«لكن للعيش.»

للعيش.

يا للهول

ارتخت اكتافي وعيناي، شعور دافئ غمرني من الداخل، ابتسامة خفيفة شبحية ظهرت على شفتي. هناك التواء صعد من صدري الى حنجرتي. التواء دافئ وحزين، التواء سعيد ومسالم. «شكرًا لك.» همست.

رجعت للوراء ببطء ونهضت اعود الى مكاني ووضعيتي القديمة، احاول ان اخرج من الحالة التي أدخلني بها ادريان. هو لمس انفه بطرف اصبعه واخذ نفس ومن ثم اخذ الكعكة يضعها بيننا، طوى قدم وترك اخرى تتدلى للأسفل من حافة السطح.

«متى اشتريتها؟ عندما عدنا من المستشفى لم تتوقف.» كنت هادئة لأنه هاجمني بكلامه.

«لقد خبزتها بنفسي.» اخرج سكين بلاستيكية وزجاجة شراب سوداء، كيف اعرف انه شراب؟ لأنه ممنوع شرب الكحول في القاعدة.

حبست دهشتي من أنه خبز هذه الكعكة بنفسه وتفقدت الكعكة مرة اخرى؛ كانت صغيرة بكريم ابيض يملأُها كلها وفوق الكريم قلوب بنفسجية صغيرة تم رسمها بكريم بنفسجي، رفعت بصري له، إنهُ لطيف.

«تذكرت يوم ميلادي؟»

«بالطبع فعلت.» وكأن ما سألته للتو كان هو أغبى شيء.

«انا اعرف ملعومات كل جنودي ولدي ذاكرة تصويرية.» قلبت عيناي، أظن أن بهذه المرحلة حتى هو صار يعرف هذا الهراء خاصته لا ينطبق علي، لكن لا بأس.

أظن أنه يحب فعل هذا، التلميح ومن ثم التظاهر أن لسانه قد زل.

لسان ادريان لا يزل وهو يعرف انني اعرف هذا.

لهذا انها مثل لعبة بيننا.

نظرت الى رصاصة ازيور وابتسمت. «إنها تبدو حقيقية للغاية.» توقف عن ما كان يفعله ونظر لي وكأنني اهنتُه.

هبط قلبي في بطني. «هل---ادريان هل كسرت رصاصة ازيور!» هتفت وضربت يدي فمي بعدم تصديق.

«اخبرني انك تمزح معي.» نهضت وقلبي قرع خلف صدري.

«ادريان!!!» الرعب قشعر اطرافي لدرجة انني قفزت من مكاني.

لكنه لم يبدو متأثر حتى، اخرج مقدحة معدنية من جيبه، «إنها حتى تكون شمعة دخولكِ حقبة الواحد والعشرين متقدة وتجلب لكِ سنوات جيدة، سنوات صاعقة كالبرق.» قال بثقة يشعل —البارود وبقية الشموع، يجلب جناحه من جهة ويمنع الرياح من أن تطفئ البارود والشموع.

لا استطيع النطق، اعتقد انني فقدت قدرة النطق.

«اهدئي جازمين.»

«اهدأ؟!!!.. يا للهول—لا استطيع التنفس..— -» انحنيت أمسك ركبتاي، قفصي الصدري انكمش بألم حاد.

هل هذه نوبة هلع؟ حزن؟ توسعت عيناه بصدمة ونهض فورًا يأتي الى جانبي، مجراي التنفسي تقلص— إنها رصاصة ازيور!

امسك كتفي وثم مد جناحه الاسود امامي يحجب عني رؤية الرصاصة.

«هل أنت احمق!» نهضت وهتفت في وجهه لتسقط يده فورًا على فمي. «اشش.» عقد حاجبيه وضغط ذراعه ضد ظهري من الخلف يدفعني نحوه. «صوتكِ مرتفع.» زرقاوتيه انخفضت الى خاصتي. «قد تجذبين لنا الارواح والاشخاص.» برودة خفيفة لمست شفتاي نظرت لاصابعه حيث خاتم روان كان.

صدري ارتفع وانخفض ضد خاصته. « ايتها البخيلة.» سقطت تعابيري واشحت بصري عنه بغضب. « بالنسبة لقائد من المفترض أن يكون يمتلك ذاكرة تصويرية انت لست ذكي.» خفض يده عن فمي ورجع للوراء، ادخل يده في جيب سترته ورفع ذقنه مع ابتسامة أظهرت اسنانه. «إنها ليست لكِ فقط بالمناسبة، إنها لي ايضًا.» هل يحاول تخفيف الصدمة علي؟ هل يظن أن هذا يبرر شناعة ما فعله؟

خفض نظره الى الكعكة ووعاء الرصاص المشتعل بلهيب ازرق قوي، «لقد سامحت احدهم، والآن لا يوجد داعي للاحتفاظ برصاصته، هذا يعني ان كل الحقد والألم سقط من روحي، لهذا انا كسرتها، احتفظت بها لفترة طويلة وكانت من أجل ذكرى مستقبلية سيئة، الآن اريدها ان يكون استخدامها إيجابي.»

«مَن؟»

«انتِ.»

خفضت عيناي الى الكعكة وارتخت حدة اضطراب انفاسي. «هل يفترض بهذا أن يجعلني اهدأ ادريان؟ لو قتلتني بها لكان افضل.»

«انظر لها! انظر لها وحسب.» انخفضت للأسفل اشعر بنفسي على وشك الانهيار، راقبت اللهيب الازرق وهو يشتعل بألسنة زرقاء جميلة جدًا. «كيف اعطاك قلبك؟ انت متحجر القلب، صدقًا ليس لديك قلب.»

«الذي يسمعك يقول انني قتلت طفل واشعلت عظامه.»

«ازيور هي طفلتنا.» زمجرت بغضب اكشر انيابي حتى استوعبت وتصلبت لثانية، هو ايضًا تجمد ونظر إلي.

«اقصد..نحن الجنود.» صححت بخفوت اعيد بصري الى الكعكة ليطلق ضحكة خفيفة.

جاء ووقف أمامي، اقدامه الطويلة قابلتني حتى جثى القرفصاء ونظر في وجهي مع ابتسامة. «تمني أمنية، على لهيب ازيور، بدلًا من نار الشموع العادية، لا يوجد افضل من هذا.» مستوى وجهه كان بمستوى خاصتي واللهيب الازرق انعكس على كلانا، ظِلال وخُيوط مِن الازرَق.

«عندما تصيغها هكذا...»

يكون الأمر مثير.

أمنية على لهيب ازيور.

ضحك مرة أخرى يعرف ما افكر به. «كنت افكر انك ضعيفة امام مثل هذه الأشياء بعد أن تتخلي عن بخلك.» اغمضت عيناي. «هل تريدني أن اقتلك ادريان؟»

«كيف ستقتليني؟ عن طريق السم؟ سهم؟» فتحت عيناي وهززت رأسي بعدم فهم ولا اريد ان افهم حتى.

لكنه لابد من أنه رأى الإعجاب في عيناي نحو الرصاصة والامنية على لهيبها لأنه حمل الكعكة ووضعها بيننا. «هيا،فتاة عيد الميلاد، اخبريني بأسوء وأفضل شيء حدث في هذه السنة ومن ثم تمني أمنية لسنتكِ الجديدة.» هذه هي عادة من عادات الغربان في أعياد الميلاد.

«افضل شيء هو دخولي القاعدة ديكا.» اومأ بابتسامة.

«واسوء شيء هو...»

«لا استطيع أن اختار.» دغدغة انتشرت في وجنتاي عندما استوعبت هذا. «انا حقًا لا استطيع الإختيار، هناك الكثير.» الدغدغة اصبحت ابتسامة تحولت إلى ضحكة خافتة.

هو ضحك ايضًا وهز رأسه. «حوليها الى شيء جيد اذًا، ما هو افضل -ثاني افضل- شيء حدث لكِ في السنة الماضية؟» بشكل تلقائي مرت عبر ذهني ذكرى سابقة، جعلت عيناي تلمع نحو ادريان، انها تلك المرة في الجنوب، عندما كان كل شيء جديد علي وكأنني طفل يستكشف العالم لأول، عندما غضبت بشدة في الحمام وارتعشت حتى جاء هو وتركني اتمسك بكتفه ومن ثم دلني على السطح حيث رائحة غابة ارديان الجنوبية انتشرت في الليل.

تلك الراحة التي احسست بها عندئذ..بعد سنوات من التبلد والتجمد والفراغ. رأيت عالم جديد لأول مرة واستكشفته، امسكت أسلحة وخرجت في مهمة، عرفت السلام في تلك الليلة بدلًا من الانهيار، الأجواء مع بقية..

«مهمتي الأُولى، مهمة الجنوب وكل ما حدث بها.» أظن أنه رأى اللمعة في عيناي لان ابتسامته استقرت على شفتاه واسعة وخفيفة،زرقاوتيه لمعت بالمثل، اظن ايضًا أنه يعرف ما افكر به.

«اختيار جيد.» اومأ بانبهار ورفع اصابعه الى قبعته التي ارتداها قبل قليل، خلعها ثم جلبها ووضعها على رأسي. «احب مهمة الجنوب أنا ايضًا عدوتي.» أظن أن قلبي تخطى نبضة او أن الرياح سرقت تلك النبضة وانا ارى الطريقة التي برقت واتقدت بها عيناه وهي علي.

«الآن حان وقت الامنية، اغمضي عينيكِ.» مرر اصبعه على طول انفي بنقرة سريعة يجعلني اغلق عيناي.

«احرصي على ان تكون أمنية جيدة.» ارشدني صوته في وسط الظلام.

اردت الكثير من الاشياء؛ النجاح، السعادة، الشغف، المهام، الادرينالين، عائلتي، الشفاء، ان تكون المملكة بخير في النهاية، ان يكونون الذين اهتم لهم بخير وأن يبقوا حولي.

لهذا لم استطع الإختيار ففتحت عيناي مرة أخرى. «لا اعرف..هناك الكثير من الاشياء التي أتمناها.»

ضحك ورجع ذقنه للوراء. «انتِ اسوء فتاة عيد ميلاد.»

«لأنني كنت ازيف الامنيات والأشياء السيئة سابقًا، لم اكن اهتم لها! الآن هذا حقيقي ولا ادري..» قلت بصراحة ارمي ذراعي في الهواء.

«همم..تمني الرياح.» همهم. «الرياح في تقاليد الغربان القديمين يقال انها سوف ترشدكِ دائمًا وانها رفيقك الوحيد لو لم تجد طريقك، تمنيها.»شرح بهدوء جعلني اسرح في كلماته وصوته. «يقال، ان معظم الغربان يتمنون أن تأخذهم الرياح بين خيوط موجاتها لأنه المكان الوحيد الآمن في هذه الحياة بالنسبة لهم، حيث توجد كل اللحظات الدافئة والخالدة والجيدة.»

«الرياح..هذا جميل.» اغلقت عيناي من جديد.

'أتَمنى أن تأخذَني الرِياح، أن تَكون كلَّ ايام حَياتي ولحظَاتي هي لحَظات تُحيط بها الريَاح وتستَنسخُها في مَوجاتها لتسكُن هذا العَالم إلى الأبَد.'

ابتسمت بخفوت ونفخت في الشموع والبارود.

سمعت صوت تصفيق منه ففتحت عيناي، البارود لم ينطفئ إنما اشتعل اكثر فابتسمت الى ادريان على هذا. «انفخي اكثر.» قال يشير بعيناه الى البارود.«لكن من بعيد.» قربت وجهي بمسافة ظننتها بعيدة لكنه اقترب ومد ذراعه يرجع كتفي قليلًا للوراء.

اومأ الآن. نفخت لكن لم يحدث شيء، اللعيب فقط ارتفع اكثر. «هل أنت متأكد من انها ستنطفئ؟» ارتفع طرف شفته بابتسامة واسعة وخصلات شعره سقطت على جبينه. «سيحدث شيء افضل لكن طريقة نفخك ليست كافية.» قرب وجهه من الشمعة— وعاء الرصاصة—

«لننفخها معًا، حتى يكون الهواء قوي.» اومأت وتبادلنا النظرات. «بعد ثلاثة.» قال وأومات له. اللهيب الذي كبر انعكس اكثر واكثر على وجهه ووجهي، شعرت بدفئه الشديد على بشرتي.

«لا تتحمسي وتقبلي وعاء الرصاصة الرصاصة او الشرارة.» لا يصدق...

«ألم تقولي انكِ تلعقين الاشياء التي تحبينها؟ وجب علي التحذير.»

«اجل عندما كنت طفلة!»

«وجب الحذر.» شرح بجدية مزيفة، صوته لمع بضحكة مكبوتة.

«سوف اتجاهل ما قلته للتو لانه عيد ميلادي، لنطفئ الرصاصة وحسب قبل أن—»

«قبل أن؟» رفع حاجبه بتحدي.

«لا تتحداني.»

«وأتعرف امر؟ اشعر انك لا تريد اطفاءها، ربما انت البخيل ولست انا، هل يؤلمك قلبك؟ وانت تشاهدها تحترق وتموت؟»

ضحك بزيف «هاها، مضحك. اقتربي ولا تلعقيها.» رطبت شفتي اخذ نفس عميق حتى لا ارميه من هنا.

«هيا، اقتربي.» انكسر تعبيره الى بسمة خفيفة، حركت جسدي واقتربت كما فعل هو حتى تلامست ركبتانا واصبحت الكعكة بيننا الشيء الوحيد الذي يفصلنا، سحبت نفس خفيف من الهواء استعد للنفخ. «مهما حدث، لا تغمضي عينيكِ.» حركت ذقني للجنب بتساؤل وابتسامة فضولية لكنه قرب وجهه واخذ النفس.

رفع اصبع
ثم الثاني

طوال الوقت عيناه كانت تمسك خاصتي.

ثم الثالث

عندما اخفض الثلاثة اومأ بذقنه ونفخنا كلانا في نفس الوقت في وعاء الرصاصة.

توقعت ان ينطقئ اللهيب لكنه ما حدث جعل عيناي تنتقل من خاصته الى الاعلى بشفاه افترقت، الدفء ضد بشرتي من الشرارة النارية ازداد فجأة والضوء الازرق توهج بشدة، اللهيب انفجر من نفخنا الى الاعلى يشق طريقه عبر الهواء بطول ذراع تقريبًا، وليس هذا فقط، انما اللهيب الناري الازرق اصدر قعقعة خفيفة فجرت شرارات وتيارات كهربائية صغيرة جدًا مثل البرق في داخل اللهيب ليبدو اللهيب مثل اعصار ازرق ببرق ورعد، مجموعة من الشرارات الكهربائية التي اتصلت ببعضها البعض وتحركت والتوت بصوت احتراق.

«رصاصة ازيور لا تنطفئ ابدًا.» جمالها...عيناي اصبحت واسعة تحاول أن تأخذ كل جمالها مرة واحدة، نظرت الى ادريان الذي كان ينظر لها ورأيت انعكاس صورة اللهيب في قزحيتاه وعلى بشرته ورقبته، ازرق ازرق ازرق.

ازرق دافئ مثل الذي في عيناي وعلى بشرته،

«إنها لا تموت إلا عندما تخرج الصعقات الكهربائية من داخلها.» اخذ نفس خافت ونفخ بهدوء في الوعاء فتطاير جزء من البارود في الهواء ليلتهمه اللهيب ولتنفجر مجموعة صعقات كهربائية اخرى بيننا وداخل اللهيب.

عيناي تتبعت اللهيب من الأسفل الى الأعلى، لونه، برقه، سرعة اشتعاله، رائحة البارود، الدفء الذي يسلطه على البشرة، لم ارى شيئًا بمثل هذا الجمال من قبل.

«إنه جميل للغاية.» همست بلا وعي.

«إنه كذلك.» همست وشعرت بنظراته علي.

بدلًا من اللهيب.

«تمني أمنية ومن ثم إطفاء نارها هو شيء كان يؤمن به الجنوبيين القدماء..» تحدث يخفض الكعكة ويضعها على جانبنا. «عندما يتمنى المرء أمنية، فإن نار الشموع تأخذها وعندما تنطفئ وتتحول الى دخان تأتي الرياح وتأخذ هذا الدخان الذي في داخله الامنية، فكلما كان اللهيب اكبر كلما تم حفظ الامنية اكثر وهي ترحل مع الرياح، رصاصة ازيور لا يتوقف نارها إلا بعد ربع ساعة وهذا يعني ان امنياتها لن تضيع ابدًا.» شرح بهدوء، ينظر الى اللهيب بينما انظر له أنا.

نبض قلبي ومع كل نبضة احسست به يغوص في داخلي اكثر، يغمرني قلبي، ادريان..

«واو..» قلت بصوت ضعف متعجبة من كل شيء. كل شيء يبدو خيالي. «هل تمنيت أمنية انت؟» سألت وأطلق نفس في ضحكة يهز رأسه. «بالتأكيد لا، لن ادخل امنيتي مع خاصتكِ، هذه الامنية لكِ، إن الرياح كلما اخذت أمنية واحدة كلما كان أفضل.» لكنني لم اشعر وكأن الرياح اخذت امنيتي.

ادار وجهه الى اللهيب الذي ما زال مشتعل ورموشه ضد وجنتاه طرفت بظلال، اللون الازرق انعكس عليه وعلى عيناه التي هامت في النار، خفق قلبي، خفق بقوة.

لا..لأن الرياح بدت وكأنها لم تأخذ النار إنما اخذت نبضات قلبي، ما يتم نسجه الآن وانا أنظر له في داخل نبضاتي.

«هل يمكن أن تأخذ الرياح شيء آخر؟» جلب عيناه إلي من اللهيب. «نعم..إن كان شيء افضل من الامنية.»

«مثل؟» قرب حاجبيه بابتسامة واصابعه تحركت حتى لمست خاصتي على ركبتيّ. «ما الذي تريدين معرفته؟» امسك اصابعي وجلبها بالقرب من اللهيب. «اشعري بالدفء.»

«لا اعرف..» اجبت انظر للكعكة. زحفت قليلًا اتقرب منها قليلًا واتمعن في الشرارات الكهربائية التي اصدرت أصوات هسهسة لاسعة، حركت اصابعي بخفة استمتع الدفء واشعته يدخل بينهم، لم يكن على اصابعي فقط إنما على وجهي وجسدي كله.

مثل نظرات ادريان.

«يمكن أن تُسرق الرياح هل تعرفين؟»

«همم؟» همهمت لا استطيع ابعاد عيني عن الشرارات.

«جربي النفخ، بقي القليل.» اقتربت ونفخت مرة اخرى لتشتعل.

«يمكن أن تسرق الرياح، تلك الاشياء التي يحكيها لها الغراب ليلًا وتأخذها في مواجتها، ذلك المكان الذي في داخل الغراب للأشياء السيئة التي تحب اخذها هي، يمكن أن يتم سرقته، من قبل ظِلال زرقاء، تطرد الاشياء السيئة وتسكن فيه، وهكذا تتم سرقة الرياح.»

توقفت مكاني عن النظر، استوعب كلامه والتفت له.

الرياح تأخذ الاشياء السيئة من داخلك لتحميك، وتربت عليك، لكن الظلال سرقت...نظرت له بصدمة.

الظلال سرقت تلك الاشياء السيئة من الرياح.

الاشياء التي تؤلمه، هذه الظلال الزرقاء اخذت مكانها.

وهذه الظلال الزرقاء تعني...إن كانت قد سرقت الرياح ومكان اشيائها فهذا يعني أنها تنسج اشياء ايضًا وتحفظ اشياء ايضًا في ذلك المكان، تزيل منه الاشياء السيئة وتضع..بدلت بصري الى اللهيب ثم الى انعكاس ظلاله الزرقاء على ادريان، علي، تضع هذه اللحظات مكانها.

لقَد سُرقت الريَاح.

هو يشعر بما اشعر به.

هذه اللحظات..ادريان..ما فعله..

ابتسامة خفيفة للغاية تكونت ببطء على شفتي. قلبي قرع بقوة واقتربت من الكعكة انفخ الوعاء بقوة ما تبقى من بارود ليشتعل بشدة ويلتهب بعنف، رفعت عيناي له ثم أدر وجهي له ووجدته ينظر إلي.

«لقد سرقت انا الرياح.» قلت.

لقد سرقت انا الرياح بدلًا من ان تسرق أمنية او شيء سيء.

عيناه توسعت شبه توسع طفيف على ردي، لم يتوقع هذا مني، لقد سرقت رياحه انا، مر بريق لامع عبر قزحيتاه. وهذا جعل حرارة خفيفة تنتشر بموجات راقصة على رقبتي ووجهي.

لم ابعد بصري عنه، لم اتجاهل كلامه، لم اتظاهر انني لا افهم ما يقوله.

ولم انكر.

وعندما رأيته يستوعب هذا فقط كان عندما ازحت بصري عنه الى الكعكة لان وجهي اصبح دافئ للغاية ولم يكن بسبب عنصر خارجي مثل نار اللهيب.

إنما بسبب قلبي الذي نسج ظلال زرقاء بين نبضاته تحمل هذه اللحظات.

«شكرًا لك ادريان، شكرًا لك كثيرًا.» قلت ولم استطع النظر له، انفاسي اضطربت وجسدي اصبح دافئ. ابتسامة تعلقت على شفتاي.

إلا أنه أخذني عناق، سحبني في أحضانه ولف ذراعيه حولي بينما دفن وجهه في عنقي.

«عيد ميلاد سعيد جازمين.» همس. ارتخت اكتافي التي تصلبت لاول ثانية ثم بادلته العناق الف ذراعي حوله واغمض عيناي، ادفن وجهي في عناقه.

«لدي هدية لكِ.»

«ان كانت رصاصة ازيور مكسورة—» هددت بمزح، ابتعد.

او بغير مزح.

نفى برأسه يسحب الحقيبة ويخرج منها شيء، علبة مربعة وصغيرة مغلفة بورق هدايا. «هذا مثير للاهتمام..» رفعت حاجبي اخذها منه وأبدأ بنزع الورق حتى ظهرت علبة مخملية باللون الاخضر الداكن.

نظرت له بشك.

«افتحيها هيا.»

فعلت وكان هناك..ادرت رأسي قليلًا..حتى احصل على زاوية افضل.

«هل هذه خواتم من الريش..البلاستك؟» املت رأسي بتشويش، كان هناك خاتمان، واحد اخضر والثاني ازرق.

اخرجت الازرق بفضول اتفحصه وشهقة خرجت من حلقي عندما فجأة خرج من الدائرة التي ظننت انها خاتم سهم ضوئي طويل، رفيع ومدبب الأطراف.

«إنها اسهم ضوئية..» قلت بصدمة اعيد بصري الى ادريان.

الاسهم الضوئية تصنع من الضوء، بطريقة سحرية لا اعرف كيف، لا تخطئ في التصويب ولا تنكسر وتخترق الجسد في لمحة بصر.

توهج السهم الذي في يدي وطويت شفتاي. «ادريان..هذه الهدية رائعة..»

«سأستخدمها لكسر جناحك لو فعلت شيء متهور مرة اخرى مثل كسر رصاصة ازيور.» هددت ارفع السهم نحوه.

«لدي شيء اخر، انه من عائلتك» ادخل اصابعه في جيب بنطاله وأخرج دبوس شعر صغير، على شكل غراب يمد اجنحته.

«عائلتي؟»

«نعم، لقد تحدثت معي تورما عبر الهاتف وطلبت الاذن حتى ترسل هدايا العائلة الى القاعدة اليوم.» وهو وافق. اخرج هدايا عائلتي وعيناي ارتخت نحوه.

حتى لا انهض واعانقه بشدة امسكت بالكعكة ورفعتها، عقد حاجبيه باستغراب واراهن انه لم يتوقع ان امسك بالكعكة والصقها في وجهه تمامًا.

«هذا لأنك أعطيت الملاحظات لجيمي.»

ضحكتي رنت في المكان بقوة، الكعكة التصقت بوجهه لثانية ثم نزلت للأسفل ببطء وسقطت في حضنه، بقي ساكن مكانة يستوعب ما حدث له ثم زمجر بقوة واخذ كومة من الكعك في قبضته توسعت عيناي برعب ونهضت للهروب لكنني لم اكن سريعة كفاية وثاني شيء اعرفه؛ لصق في وجهي كومة كعك اعمتني.


                            
ظلال وخيوط زرقاء
تنعكس على وجهي ووجهك
تخبر مئه فكره ومئة شيطان
على جلدنا وعيونها
تنسج مئة شيء في مكان
ما تأخذه الرياح وتسرقه
ما تخبيه في طبات موجاتها
وتدفنه

ظلال وخيوط زرقاء
تقتحم ما تفرغه الرياح
من مكان

مئة فراشة
مئة لكمة
ومئة نبضة
ومئة رغبة

ربما رياح الليل والساعة الثالثة فجرًا
رياحنا الحزينة المؤنسة،
اصبحت خيوط وظلال
من الازرق خاصتنا

لقد سرق السلام مرة
ولكن الان سرقت الرياح

انكسر الجليد والتمثيل
وتسربت تلك الظلال الزرقاء
الى وجودكِ

مثلما تسربتِ انتِ
الى وجودي.

- الورقة الخامسة ماقبل الاخير،
شخبطة الجندي الجنوبي
الإضافة السريعة.

Continue Reading

You'll Also Like

5.1K 1K 17
هـل جـربت يـومًـا أنْ تَسْـتَيْـقِـظ مـن نَـومِـك لـتجـد نـفـسـك سـرابًا ؟ ° قصة قصيرة ° مكتملة ✓ سيلينا ° إيريث بدأت وانتهت : 24/12/2020
648K 31.3K 43
🌼"عندما يصبح الشرّ مغرياً أكثر من الخير ...يستطيع الظلام جذب حتى أكثر القلوبِ نقاوةً ".🌼 فتاة طيبة يوقعها القدر في قبضة شيطان هجين و لكنها تختار بإ...
2.4K 304 3
مجموعة من القصص القصيرة التي لاتنفع لأن تكونا كتابا لحالها لكنها تأبى الانسحاب إلى سلة المهملات
1M 85.7K 76
هُو دَحرج مُقلتَيه نحوِي، لِيهمسَ ببضعِ أحرفٍ لَم تُدركهَا أُذنَاي. " إِن لَم تُجيبِي عَلى سُؤال اليَوم، تَعلمِين أنَّ جَريمَة أُخرَى سَتُزِين عَنوا...