٣٦ | السقوط والنهوض.

19.5K 2.3K 2K
                                    


"في الجنوب."

أخذت وقتي في الاستيعاب، وأصابعي تكورت حول ذراعه بقوة أكثر، أخذت دقائق في ربط هذه الكلمات التي نطقها لسانه مع كل الأفكار التي قفزت من عقلي.

تركت الصدمة تضرب تعابير وجهي لدقيقة و الهول ثم فعلت، استوعبت، ارتخت عيناي للأرض وتركت ذراعه ببطء.

"هذا يفسر الكثير." همست وهو بدى متفاجئاً. أخذت نفس أصم، أحاول السيطرة على ردة فعلي؛ مثل مئة ذكرى أجتمعت في آن واحد واقتحمت عقلي، كل ذكرياتي معه ظهرت أمامي من جديد، ذكرياتي معه ومع أقرانه. نولان، أغسطس. أخذ هذا سببًا وتفسيرًا لكل تلك المرات التي تصرفوا فيها بلا منطقية معي، بكراهية مبهمة، بطرق لا تفسير لها. وكل الضباب الذي حولهم بدأ ينقشع شيئاً فشيئاً.

ألهذا السبب هو يعارض الانفصال ويكرهني؟ بعيدا عن كون الانفصال جريمة شنيعة لكنه وشقيقه أخذوا هذه المعارضة لمرحلة أخرى تماما. رفعت أصبعين لصدغي، أفرك المنطقة بين حاجباي أثر الصداع المؤلم، والذي أتى دوره لأن عجلات عقلي بدأت تلتف وتدور، تربط العديد من الأمور مع بعضها البعض.

"هذا مرهق." تمتمت، "ألن تخبرني بالباقي؟" رفعت رأسي له.

عقد حاجبيه، ونفى. "لا اظن، لكن اعدك عندما نعود للقاعدة." بلعت ريقي و أرجعت رأسي للوراء. عقلي كان في حالة نشوة مغرقة للروح، نشوة الدمار الداخلي، نشوة الضياع التام، نشوة الاختناق. وكأنني إن فكرت أكثر، إن أضفت معلومة أخرى له فسينكسر كالزجاج لأن المكان فقط مزدحم للغاية.

"حسنا أيها الجنوبي." نهضت أسير في الغرفة، أترك الموضوع، "كن عند كلمتك حينما نعود." سمعته ينهض ورائي. "ألن تقولي شيء؟" استدرت أستند على الطاولة العريضة.

"مثل ماذا؟" اقترب حاجباه اللذان اصبحا فاتحان للغاية أثر الأضواء الخافتة. وبقي صامتًا. رأيت الأسئلة الكثيرة القابعة وراء عينيه وهي تتشكل بصخب ترمي طيفاً داكناً عليهما.

"رأيت وشم شقيقك." كسرت الصمت، وتساؤلاته. بؤبؤ عينيه ٱتسع قليلًا قبل أن يعود طبيعي، وكما اعتقدت قبلًا هو قادر على السيطرة على نفسه وردات فعله، إخفاء حقيقة من يكون.

تركت الطاولة وسرت ناحيته. "لن يرى العالم السلام." رددت الكلمات على لساني، لا أكسر تواصلي البصري معه. وأعين ادريان اخترقت كل إنش من وجهي إلى أن وقفت أمامه.

"أعرف أن لكم دخل بطريقة ما بما يحصل من فوضى في المملكة، أعرف أنكم تنوون لأمر غير قانوني، وأعرف أنني سأعرف كل شيء. و أعتقد أن جزء مني كان يشك في معرفتك الشديدة للجنوب."

عقد ذراعيه. "أنا قائد عسكري، وسبق و أن تم تكليفي في مهام في الجنوب لذا من الطبيعي ان تكون لدي معرفة قوية، ولا تعرفين أنت ربما عشت في الجنوب بسبب مهامي." تكلم، وطرف شفتي ارتفع لأنه تكلم بلكنة جنوبية؛ كانت مثل آخر مرة سمعته يتحدث بها، حيث بدت حينما تسمعها الأذن متقنة، صحيحة، وقوية، لكن المرء يستطيع لمح نبرات الصوت ومخارج الحروف و اختلافها الطفيف للغاية عن الجنوبيين.

غراب | Crow حيث تعيش القصص. اكتشف الآن