٨١ | سلبيات وايجابيات.

40.2K 3.8K 2.9K
                                    

جازمين

وقفت عند أحدى النوافذ في الغرفة، أنظر الى الحراس الجنوبيين وسط الثلج الذي يتساقط في ندف بيضاء، لينكون كان يقود الفرقة بالخارج. رأيته يشير بأصابعه أكثر من مرة يتحدث بلغة الاشارة مع البقية..رغم انني لا اعتقد انها لغة الاشارة الحقيقية لانها كانت حركات فقط فهموها هم، قد تكون أشارات ارتجالية عادية او شفرة فيما بينهم، بكل الاحوال وجدت الاسترخاء في مشاهدتهم وهم يمسحون المنطقة.

هناك فقط جمال مميز في مشاهدة مشاهد مثل هذه، فأن لم أكن في وسطها، أفضل مشاهدتها، الطريقة التي يركز بها كل حارس، الطريقة التي يتواصلون فيما بينهم بتكاتف، سرعة بديهتهم، حواسهم، طريقة تأقلمهم، أنهم مثل حلقة خاصة من الصعب كسرها ومن الصعب ان يدخل فيها أحد. فالمدني لن يفهم شيء لو أنضم لهم.

سمعت صوت باب الغرفة يفتح بخفة ومن ثم يغلق بنفس الرقة، من رائحة الصابون المنعش والملح الطفيف في الهواء الذي حمل لطخات من النعناع، عرفت أنه ادريان، رائحته منعشة هكذا.

جاء ووقف الى جانبي، يستند على النافذة من الجهة الاخرى، يتفقد ما أنظر له. المدفاة جعلت الغرفة دافئة للغاية في الوقت الذي استحممت فيه رغم ان الثلج طغى على النوافذ والرياح الباردة عوت تبشر بليلة طويلة وباردة في الخارج، استمعت الى صوت أنفاسنا الهادئة.

وجوده لم يجعلني متصلبة او حذرة مثل قبل، أعني لم أكن حذرة حذرة سابقًا لكن كان هناك دائمًا شيء في نهاية رأسي يربط لساني ويمنعه من ان يُفلت كلمة ما تعتبر زلة، لكن بعد ما أعترفت به قبل ساعة أحسست الان براحة، أكتافي مرتخية، لا توجد قيود حول لساني..او حركتي، نظراتي.

«تبدين مسترخية.» جاء صوته جميلًا، هادئًا، قطعة من هذا الهدوء المريح، يناسب السكون والثلج والمدفاة. ألقيت نحوه نظرة، عقد ذراعيه على صدره، بقميص أحمر وبجاما سوداء، شعره مبعثر ورطب، رائحة صابون منعشة تتسرب منه، اجنحته ظاهرة خلفه بشكل جميل تناقض اللون الاحمر.

«الحمام الحار وهذه المدفاة جعلوا عقلي يهدأ.» قلت بخفوت، اشعر بالهدوء بداخلي حقًا، قد يكون الحمام الحار والمدفاة سبب من اسباب استرخاء جسدي لكن السبب الحقيقي..هو تكلمي، تعبيري عن ما في داخلي على ما أظن.

لان عقلي لم يكن بهذا الهدوء من قبل ابدًا، فقط..هدوء..لا فوضى، لا قلق، لا قيود، لا جدران، لا خوف..فقد أشاهد الحراس وتكاتفهم الجميل من دون اي افكار أخرى.

فهمت الان ما الذي قصدته طبيبتي النفسية عندما قالت انني يجب آن أتحدث عن مشاعري مع شخص أثق به، انني يجب ان اقول افكاري لاي شخص، لطبيب، صديق، عم. الامر يساعد حقًا، في بعض الحالات.

وفي حالات اخرى مثل سابقي التحدث فقط يجعل الامور اكبر، مخيفة اكثر، ان تم التحدث بها مع الشخص الخطأ، يجب ان يكون من تتحدث معه..أكبر من مخاوفك وافكارك، على ما اعتقد.

غراب | Crow Where stories live. Discover now