٤٩ | المجد.

15.4K 2K 1.1K
                                    


الفَصل 49 : المَجد .

جلست اسفل المياه الساخنة لوقت طويل.

ربما طوال الليل، بينما نام بقية الجنود مرهقين بقيت انا في الحمام، تحت الماء الساخن. ربما حاولت ان اثبت ان ادریان على خطأ، ربما حاولت ان اثبت شيء لنفسي، ايًا ما كان لم اتمكن من اثباته.

لان بعد نصف ساعة حولت الماء الى البارد وشعرت بالراحة التي انتشرت في داخلي، وكأن احدهم سكب دلو ثلج على نيران مشتعلة داخلي، بشرتي انطفأت وافكاري هدأت، انخفضت، بضجتها وفوضويتها التي اوشكت على الخروج من عقلي الى هذا العالم بسبب سخونة الماء.

هذا جعلني ابكي بقوة.

ومهما ضغطت ضد فمي، مهما تمسكت بالمغسلة ولففت اصابعي حولها ريثما تهتز اكتافي وانا اجهش بالبكاء، مهما وضعت وجهي بين يداي وشددت شعري، لم اكن قادرة على التوقف.

جزء بداخلي انكسر، زر التوقف، لا استطيع ردع شهقاتي مهما حاولت، لا تقنية ولا طريقة اعرفها نجحت، الشعور كان مخيف وهو يحطمني وكل جزء دفاعي مني، هزني بعنف شديد وجعل جسدي يرتعش هنا.

احسست وكأنني كنت انزف، ولكنني بدلًا من اخراج الدماء دموعي كانت هي ما تسقط مني، من داخلي، هي ما تنسلخ من قطعة متقرحة متألمة في داخلي.

كنت في العراء التام. وقفت عارية امام مرأة الحمام، انظر الى جسدي الذي يتوهج، الى وجهي الذي كان محمر لانني كنت اكتم انفاسي وبكائي، ولم اكن عارية جسديا فقط انما كل جدار من حولي سقط، لم امتلك أي طريقة لحماية نفسي بها من قسوة هذا الامر علي.

لم اعرف كيف احمي نفسي.

كيف اخدع عقلي؟ كيف اخدع الحياة؟ لقد ضربني بعنف، سحبني من مكاني الامن الى الشارع حيث ابرحني ضربا. "يا الهي." وضعت يدي على قلبي، اغمض عيناي واجهش بالبكاء، انحني بظهري على المغسلة واحاول تجرع الالم، اشعر بالغصات المؤلمة التي تتكون في جسدي وترتفع.

الالم كان لا يحتمل وكان يخرج بطريقة اخافتني، كان يخرج مني بموجات وجرعات جعلت جسدي يهتز ويسقط للارض، لم اقدر على الوقوف كثيرا، لدرجة انني الآن جلست اسفل الماء البارد وحسب، عيناي محمرة وفارغة من الدموع، حنجرتي جافة، والفجر بزغ.

الجنود بدأوا يدخلون واحد تلو الآخر ويكثرون في الحمام مع الساعة الرابعة فجرا ومن ثم المكان امتلأ بالفتيات قبل ان تنخفض اعدادهن.

"القائد نولان يقول ان من لا يأتي قبل الساعة الخامسة سيجره من الحمام عاريا بنفسه!" ركضت فتاة الى الحمام تهتف بهلع، الكل تبعثر بعد هذا بخوف، البعض منهم خرجوا بشعر مبلل والبعض تزحلق في طريق الخروج.

نهضت اشعر بجسدي عبارة عن كتلة جامدة، نشفته بالمنشفة مع شعري وارتديت قميص اسود نظيف وجديد مع بنطال، جروحي شفت ولم يتبقى سوى آثار خفيفة، نظرت الى نفسي في المرأة ورأيت الهالات الحمراء اسفل عيناي، انزلت شعري الرطب حول وجهي وتركته مفتوح على ظهري واكتافي عكس عادتي.

غراب | Crow حيث تعيش القصص. اكتشف الآن