غراب | Crow

Od itsowhatdoit

2.5M 261K 347K

جازمين ستيلارد كانت غراب. لكنها لم تكن أي غراب، كانت مميزة بكونها جازمين اولًا ومن العائلة العسكرية العتيقة... Více

تنويه
غراب
اجنحة الدمار.
مدخل | حدث غير مألوف.
٢ | حادثة مقبرة كروفورد.
٣ | نتيجة التقديم.
٤ | الشجاعة.
٥ | التمرين الاول.
٦ | تقاطع الدماء.
٧ | سوار القاتل.
٨ | انذار الغراب.
٩ | قد اكون السلام.
١٠ | برودة.
الخنجر والاربعة.
١١ | چين.
١٢ | ارسولا لاغارد.
١٣ | خيوط العنكبوت.
١٤ | الاجنحة السوداء.
١٥ | دماء ستيلارد.
١٦ | الوشاح الاسود.
١٧ | الاكابرس.
١٨ | ايقاع.
١٩ | بحيرة فلور.
٢٠ | شيطان.
٢١ | سكوربين.
٢٢ | ادوار القديسين والملوك.
٢٣ | ثلاثة غربان وحجر.
٢٤ | الافضل للنهاية.
٢٥ | تهويدة.
٢٦ | جازمين ستيلارد.
٢٧ | قربان للاسوء.
٢٨ | شيطان.
٢٩ | اعصار.
٣٠ | الوشم والقصيدة.
٣١ | اول الضحايا.
٣٢ | رايفن.
٣٣ | كمين ايغيس.
٣٤ | الغربان الجنوبية.
٣٥ | السهم المحارب.
٣٦ | السقوط والنهوض.
٣٧ | ضمادات ورصاص.
٣٨ | رجفة، رجفتان.
٣٩ | استراتيجية الالهاء.
٤٠ | ما وراء الجبال.
٤١ | ارينا.
٤٢ | قاتل ارثر.
٤٣ | ديكارسيس.
٤٤ | الفن المدمر، الفن العنيف، الفن الشرس.
٤٥ | طعم مر.
٤٦ | رفيقة جيدة.
٤٧ | لعنة الهاء.
٤٨ | اصل الشياطين.
٤٩ | المجد.
٥٠ | ماسك نواه الشفرات.
٥١ | وان كانوا الجنود يخافون، فمن سيحمي العالم؟
٥٣ | فكر مثل العدو.
٥٤ | الاسلحة، الجيش، الادرينالين.
٥٥ | قائد السنة الرابعة.
٥٦ | القسم الرابع لجيش الغربان.
٥٧ | ما هو لون ازرقي؟
٥٨ | جيمي بلايز.
٥٩ | ظلال وخيوط زرقاء.
٦٠ | نصل الحرب.
٦١ | اجنحة من دون غراب.
٦٢ | عناق الاجنحة.
٦٣ | الطلب الميت.
٦٤ | انها سخرية القدر، مجددًا.
٦٥ | حديث القبور والعظام..وتخيلات الفتيان والفتيات.
٦٦ | بلاكسان.
٦٧ | اميرة الحرب.
٦٨ | خدوش هازل.
٦٩ | منحدر مأساوي.
٧٠ | المخطط.
٧١ | يرتدي اكثر من وجهين في العلن ويضحك على الجميع.
٧٢ | المعاناة المشتركة.
٧٣ | جناح.
٧٤ | رقصة حفل التخرج.
٧٥ | جسر الغربان.
٧٦ | قوة الحب والصداقة.
٧٧ | في وسط الوحوش نُبنى.
٧٨ | «قطع من الثلج، اشلاء من الثلج.»
٧٩ | مثل الجنوب والكوخ.
٨٠ | الجنوب والجيش والادرينالين.
٨١ | سلبيات وايجابيات.
٨٢ | كلمات جايدن.
٨٣ | خدوش ادريان.
٨٤ | بوابات انتقال عبر المكان.
٨٥ | مخلوقات الليل.
٨٦ | مجرد تغيير..
٨٧ | الابن المكسور.
٨٨ | رسالة من الاجنحة.

٥٢ | السقوط الاخير.

18.5K 2.1K 1.3K
Od itsowhatdoit


_ادريان سليندر.

حينما قلت انني اريد ان اصبح جنديا وان أصل الى مكانة أبي واصبح مثل فيلكس ستيلارد ، لم اكن أقصد ان اتحول الى هذا النوع من الجنود.

الجنود الذين يولدون من النار،
ليست النار المادية التي نعرفها ،
انما النار الغير مرئية.

هذه الخاطرة مرت في عقلي. ولم أرى سوى الظلام لثانية.

ثم ارتفعت اجفاني. واحسست بالالم في كل جسدي.

والعالم كان مقلوب عقبا على رأسًا.

سمعت صوت أنفاسي المضطربة والمحتدجة اولا، الهلعة، صدري ارتفع مع أخذي شهقات كبيرة مسموعة من الهواء ومن ثم انخفض بسرعة كبيرة مع زفري لها.

الحركة هذه جعلت ألم شنيع يحترق في جانب خصري وبطني بحد ذاتها كانت ترتفع وتنخفض وليس فقط قفصي الصدري، دليلا على ان رئتاي تحارب بقوة من أجل الصمود.

"اه." ارجعت رأسي للوراء بانتحابة متألمة وتشويش، وقبضت فكي امسك ببطني لاشعر بملمس خشن، صلب.

عقدت حاجبي احاول استمداد القوة للحراك لكنني عندما حاولت ذلك استوعبت انني كنت مثبت على الارض بشدة والضغط على اجنحتي الملتصقة بالارض كان يؤلمني اكثر.

رفعت رأسي ونظرت الى بطني، اصابعي ارتعشت بشكل تلقائي لانني رأيت الصورة الاولى للعالم هذا بعد ان استيقظت، صخرة كبيرة كانت ساقطة على خصري، تطرحني وتثبتني ارضا.

"ا.-." ارجعت رأسي للوراء افقد طاقتي واشهق للهواء مرة أخرى لان الصخرة على جانب معدتي ضغطت ضد رئتاي، تجعلهما يتقلصان فأصبح التنفس مؤلم، صدر صغير خافت من فمي، رئتاي احترقت واجنحتي- نظرت الى محيطي، ارمش حتى تتوضح رؤيتي الضبابية وابلع ريقي الذي كان جاف؛ اغراض غرفة المعيشة مبعثرة ومكسورة اسفل كومات من الانقاض، رائحة الدخان تملأ المنزل والارضية رطبة بالماء الذي تتبعته حتى سمعته يتسرب من الحمام والمغسلة في المطبخ. هذا منزلي.

نظرت الى انابيب الماء ويبدو انها انكسرت فبدأ الماء يتسرب من كل مكان ويغرق الارضية لدرجة انني لم اشعر بكيف ان ملابسي كلها مبللة الا الان،احسست بنسیم ریاح بارد على بشرتي فرفعت رأسي للسقف وعندئذ افترقت شفتاي اليابسة.

لان السقف نصفه كان مهدوم، مأكول، وكأن زلزال وقع.

السماء السوداء قابلتني بدلًا من سقف منزلي.

سعلت بحدة من رائحة الدخان التي استنشقتها، اضع انفي في مرفقي. "ادريان!" ألتفت رأسي الى الصوت الانثوي المألوف.

"ادريان هل انت هنا!" ارتفع الهتاف وامسكت بالصخرة احاول دفعها.

"انا هنا!" صحت بالمقابل.

"ايفي انا هنا!" هتفت بصوت اعلى، هيئتها ظهرت من الممر لتتجمد مكانها لثانية بصدمة وهي تنظر ألي.

"يا للهول، ادريان!" ركضت نحوي ترفع يدها الى فمها ، خلفها ركض ازيكا يتبعها ، يحاولان الوصول الي من فوق الحطام على الارض.

"ما الذي حدث؟" قلت اشعر بمخالبي تخرج من قوة الألم في رئتاي. كانت تتقلص بألم شديد ومن ثم تنتفخ وكأنها ستنفجر من بطني.

"محطة البانزين انفجرت." قال ازيكا يجثو هو وايفي عند بطني."وهذا أدى الى انفجارات اخرى دمرت المنطقة."

"ماذا .." نظرت بينهما بحيرة وخوف، اعرف ما يعنيه هذا. نظرت ايفي الى جسدي نظرة شاملة سريعة تمسحه.

"حسنا ، حسنا ، انت بخير، عد معي، عند الثلاثة."امسكت بالصخرة من طرف وازيكا امسك الصخرة من طرف ثاني وانا من طرف ثالث.

"واحد.." نظرت ايفي لي بأعين قلقة وامسكت بصرها ابحث عن المزيد، عن الجواب الحقيقي لسؤالي.

وعيناها لمعت بغصة بلعتها. "اثنان."

"این اغسطس؟" سألت، صوتي خرج بضعف، بلعت وحلقي كان مرّ وجاف.

"ذهب لجلب ايفريست من متجر الالكترونيات." قال ازيكا ، زرقاوتيه الواسعة كانت مثبتة علي ايضا، خصلات شعره الفضية كانت متوهجة اكثر من خاصتي في وسط عتمة هذا المكان.

"ثلاثة!" استمددت القوة من غرابي واجنحتي حتى شعرت بأسناني توشك على الانكسار من شدة صكها ، دفعت الصخرة معهم بكل قوتي وشعرت بعروق رقبتي وجبيني توشك على الانفجار مثل رئتاي. وبعد ثواني، دفعنا الصخرة عن بطني للجانب، سقط راسي للوراء بنفس راحة وبصعوبة.

"يع!" قال ازيكا ينظر لي بغثيان ووجه مشمئز، يكمش انفه.

خفضت عيناي الى ما ينظر له، جرح صغير ولكن عميق مملوء بالدماء في خصري.

"انتظر." ايفي وضعت اصابعها على الجرح واغمضت عيناها ثم تمتمت بخفوت بضعة كلمات، سرعان ما سارت على طول الجرح برودة خفيفة وحكة خافتة ناتجة عن الالتئام السريع.

"البنايات تتهدم وتسقط، علينا الخروج من هذه المدينة بسرعة." قالت تمسك بيدي وتساعدني على النهوض.

"لحظة-این نولان؟" سألت انظر في ارجاء المكان بقلق، أربت التراب عني، اتذكر انه اخبرني قبل ان يسقط السقف علي انه سيأتي الى هنا بعد دقائق.

"لا اعرف! ازيكا اعطني يدك، ادريان لا تحلق، هناك مروحيات عسكرية في السماء والنيران مشتعلة والبنايات قد تسقط عليك وتدمر اجنحتك. بيتركس قال ان نلتقيه في شارع بيرنيت بأسرع وقت."

"نولان!" هتفت اركض معهما من خلال ممرات المنزل التي صدمتني لانها كلها كانت مدمرة، محترقة، مكسرة، وعندما دفعت ايفي باب المنزل للخارج توقفت بصدمة وافترقت شفتاي برعب.

الشارع..

الشارع كان جحيم.

المنازل التي قضيت معظم حياتي معها كانت مولعة بالنيران، وبعضها مهدومة، التراب الهائج والدخان الخانق الابيض ملأ الشارع الذي كان فارغ من الناس تماما ، الدخان ارتفع للافق ورفع معه ألسنة النيران وفتات الرماد.

"انهم يدمرون المدينة." همست من بين شفتاي باستيعاب.
"انهم يدمرون المدينة الصامدة الاخيرة في الجنوب."

"اعرف، هذا سيكون سقوط المدينة الاخيرة من الجنوب، سيقولون ان الجنوبيين هم من دمروها."   ايفي قالت تنظر الى المنازل بأنفطار قلب وتحمل ازيكا ، تتشبث به بقوة وتحتضنه، خائفة من ان يحطمونه هو الآخر، حاسة شمي التقطت رائحة غاز، رائحة غاز شديدة وقوية قادمة من جانبنا الايسر لتتوسع حدقتاي.

"ايفي احذري!" جررت كتفها بهلع وسرعة اسمع قلبي يوشك على ان يخرج من صدري، خفضتنا معا للاسفل والتفت اجنحتي حولهما وفي تلك الثانية تماما انفجرت نوافذ المنزل الذي بجوارنا انفجار عنيف ملتهب وضخم، حيث كانت ايفي واقفة بالضبط وقريبة، اجنحتها ألتفت حول ازيكا
باحكام شديد وبالمقابل لم استوعب الا وان اجنحتي المتألمة انا ايضا التفت حولهما.

رفعت رأسها وشعرها تبعثر حول وجهها ، عيناها حملا لونا من اللون الفضي الحاد لاستوعب انها وضعت درعا حاميا حولنا بواسطة سحرها لم تتمكن النيران من اختراقه.

"علينا التحرك الآن، المكان خطر للغاية وسيزداد خطورة في بضعة دقائق." قالت تنهض بقلق وهلع.  "ادريان!" هتفت حتى ألحق بها لكنني بقيت انظر الى المنزل الذي انفجرت من ابوابه ونوافذه كومة نيران جمرية، تحرق بطريقها الاشجار والحديقة ومن ثم السيارة المركونة امامه.

"ادریان!"

"علي ايجاد نولان ايفي! اذهبي! سألتقي بك هناك!"

"ادريان لا تتحدث الهراء معي-

"لقد اخبرني انه سيذهب الى منزل والديه قبل ان يأتي الى هنا! هو بحاجة لمساعدتي ان لم يكن قد أتى! سنلتقيك في شارع بيرنيت! اوعدك اخرجي ازيكا من هنا!" هتفت ارجع بخطواتي لداخل المنزل، أسمعها تشتم ومن ثم تركض الى الجهة المعاكسة.

"من الافضل لك ان تعود الليلة على قيد الحياة ادريان!" هتفت بصوت مرتفع وزمجرة عالية.

صوت رض خافت وانكسار صدر من اسفل اقدامي التي كانت تسير على الانقاض، دهست حذائي عليها بلا اكتراث.
"نولان!" هتفت اعاود مسح المكان بنظرة سريعة فقط للاحتياط ان كان اسفل الحطام لكنني اتذكر ما حدث قبل ان يسقط السقف فوقي. انفصلنا عند باب المنزل، هو قرر الذهاب الى منزل والديه لاخراجهما وانا قررت الدخول لجلب اغراضي.

سقطت عيناي على حقيبتي التي وقعت من يدي قبل فقداني للوعي، التقطتها فورا من الارض وركضت اصعد السلم الى غرفتي، لا اخفف من سرعتي لانني اسمع انفجارات الانابيب بالشارع تزداد مع كل دقيقة.

تجمع الدخان في الطابق الثاني بشكل أكبر، بشكل مكثف، دخان لاسع للاعين ومملوء بثائي اوكسيد الكاربون، حركت يدي في الهواء حتى أتمكن من الرؤية ووضعت انفي في مرفقي أسعل بقوة، فتحت الحقيبة واخرجت بسرعة وشاح لففته حول الجزء السفلي من وجهي.

دفعت باب غرفتي ولم يفتح فركلته بقوة.

"نولا—" انقطعت الحروف امام منظر غرفتي.

سقطت يدي التي تمسك بالحقيبة الى جانبي بصدمة، قلبي غاص في داخلي وانكمشت بطني. نصف السقف كان قد سقط على سريري، يحطمه تماما ويسحقه للارض، مكتبي وخزانتي تحولا الى اشلاء خشبية مبعثرة حول الحجارة، التراب لا يسمح لي برؤيه البقية لكنني رأيت كيبلات حاسوبي ونقاط الكهرباء تصدر شرارة بسبب انابيب الماء المكسورة.

نظرت الى جدران غرفتي المتأكلة من دون سقف،مدمرة؛ ملصقات مغنيين الروك الذين يمسكون بالقيتارات الكهربائية تشققت ولم يتبقى منها سوى لمحات طفيفة، ملصقات للجنود والجيش، والعلم الكبير للمملكة باللونين الاسود والازرق كان مازال معلق فوق السرير.

وملصق كبير لفيلكس ستيلارد.

مفاصل يدي ألتفت في قبضة حول حقيبتي.

نظرت الى الوضعية العسكرية التي كان يقف بها بجانب الطائرة العسكرية، ابتسامته المشرقة، زيه الرسمي للتحليق والاسطول الجوي، قبعته، وسومه على اكتافه، وجرعة من الغضب اقتحمت جسدي، ضغطت شفتاي اتقدم واصعد فوق الانقاض الى السرير والى الملصق، امسك بطرفه ومن ثم انزعه بكل عنف عن الحائط.

جزء مني، جزء مدفون مني كان مازال لديه امل بأن يكون فيلكس يمارس مزحة مريضة، مزحة عسكرية قاسية من نوع ما مع أبي واغسطس وانا ، ان يكون ليس ما هو عليه، ان لا تكون حقيقته مثل تلك التي رأيتها وسمعتها في اجتماعه مع اغسطس وابي.

لكنها كذلك.

وهذا جعل شيء في داخلي ينهزم.

نظرت الى الملصق في يدي لثانية، الى تقاسيم وجه فيلكس ووسومه التي كنت أنام وانا أنظر لها وأتخيل كيف كسبها واستيقظ حتى أحصل عليها بنفس الطريقة. تكورت اصابعي بحقد وببطء حول الملصق ومن ثم رميته على الارض بغضب، اشعر بأنيابي تخرج."اللعنة عليكم!" دهست الصورة بقوة وبسخط جعل كامل بدني يرتعش.

"اللعنة!" سخونة أكلت رقبتي، تدفعني للرغبة في لف اصابعي حول حنجرة احدهم. انفاسي تصادمت وجسدي ارتعش من الغضب."اللعنة عليكم.

" همست ارجع للخلف واتعثر، اقحم اصابعي في شعري واشده للوراء.

"اللعنة عليكم.." قلت من بين انفاس مسروقة، تكاد تخرج، ثم جثوت الى ادراج مكتبي المحطمة وحشرت منها بعض اغراضي المهمة والتي مازالت سليمة في الحقيبة بسرعة، احاول التنفس لكن كأن هناك شيء يغرس مخالبه في داخل صدري ببطء،وكأن سكين بطرف حاد كانت تمزق الجلد وتدخل الى أعماقي ببطء، وبالمقابل كان هناك شيء آخر يمزقني للخروج، يجعلني اريد تمزيق قفصي الصدري بنفسي حتى أخرجه.

مخالب من داخل جلدي ومخالب من خارج بشرتي.

مخالب من الغضب، من الكراهية، من شيء في داخلي كان يدفع ويصد للخروج، نظرت الى مخالبي السوداء التي خرجت ببطء واحسست بأجنحتي تتمدد خلف ظهري بينما ألمني فكي من شدة ضغطي عليه ولم يكن ذلك كافي، شيء تجمع في حنجرتي، يشعرني بغصة ليست حزينة ولا متألمة أنما غصة ملتهبة، وكأن اشواك مشتعلة بالنيران استقرت هناك، بطني انقلبت والفرقعات اللاسعة على رقبتي ازدادت تستفز اعصابي، ترقص على جلدي وتضحك علي، على غبائي، على غبائي الشديد.

على الانكسار الذي احسست به بسبب قدوتي. هذا هو الشعور. وكأن هناك فرقعات كهربائية تفرقع على جلدي، في كل مرة تفرقع تلسع بشرتي، وهذه اللسعة هي بمثابة ضحكة ساخرة ولاذعة تنغرس في عقلي وتخبرني انني احمق.

مخالب من الكراهية والاحباط والغضب خرمشت رقبتي، اكتافي وظهري، تجعلني اريد ان—— اغمضت عيناي. اغمضت عيناي احرك رقبتي لليمين واليسار للتخلص من الشعور، ارمي صندوق اغراضي الصغير والمهم في الحقيبة احاول ان اكون هادىء قدر الامكان لكنني لم اتمكن من الاستمرار ، سحبت الدرج اللعين وضربته بالارض بقوة ادمر ما تبقى منه، ازمجر وارص على اسناني اريد كسرها حتى هي، دهست الدرج الثاني بقدمي وانقسم الى نصفين، ركلت وضربت الحاسوب بيداي المقبوضة لانني اردت الشعور بشيء يشفي ما بداخلي من غليان، يطفىء هذه السخونة التي ارتفعت من رقبتي الى اذاني.

"يا اولاد الحثالة!" ركلت الحاسوب الذي كان محطم اساسا وكل ما جاء امام قدمي. اشعر بالحرقة في كامل عروقي، شراينني، بالقهر،
بالغضب.

بالغباء والالم
.
شرارة برتقالية مرتفعة وكبيرة فرقعت من داخل الحاسوب ونقطة الكهرباء، انخفضت للاسفل فورا وانفجر الحاسوب يجر معه كل الكيبلات وانابيب التدفئة داخل الحائط، موجة من النار انفجرت في الغرفة وعندما رفعت رأسي رأيتها تتجمع في السقف وتخرج للاعلى وكأنها تمتلك اجنحة خاصة بها.

دوی صوت انفجار ثاني هز الشارع اهتزازاً عنيفاً، جعلني اجثو للاحتماء وأجنحتي انبثقت حول جسدي فورا ، اغمضت عيناي بقوة اشعر بالاهتزاز يمر عبر جدران المنزل وعظامي كلها.

هذا كان منزل نولان. المنزل الثاني الذي بجانب منزلنا.

التقطت الحقيبة وركضت للخارج، انزل السلم ،
توقفت لجزء من الثانية بأنفاس ثقيلة لان الطريق الذي جئت منه اصبح مملوء بالنيران، استدرت وتوجهت الى الباب الخلفي ارجع بضعة اقدام للوراء عنه ومن ثم اركله بقوة لانه كان مغلق بسبب ضغط الحريق، انكسر وهذا خفف من الضغط مما جعلني اتمكن من فتحه.

الشارع الخلفي كان اسوء من الامامي.

كل الدخان والرائحة الخانقة تجمعت هنا فتمكن من الدخول الى رئتاي من خلال الوشاح، سعلت ارتدي حقيبتي وابدأ بالركض الى الشارع الثالث من هنا، حيث منزل جدة نولان، حيث يوجد الان والده وزوجة والده.

مررت من بين الازقة المعتمة، اقدامي تدهس اثناء ركضي على برك صغيرة لا اعرف ان كانت ماء او بانزين او شيء ثاني. "نولان!" هو كان يعيش مع والده وزوجة والده بجانب منزلنا ، ولكن اهله ذهبوا الى منزل جدته لان اليوم هو تاريخ وفاة جده. لم يكن ينوي الذهاب، لكن عندما سمعنا بأن هناك خطر ذهب فورا الى هناك.

حذائي ذات العنق الطويل تم شحذها بالارض عندما اخذت منعطف سريع ورأيت بناية على يميني توشك ان تسقط، حاولت ايقاف جسدي من التقدم وتعثرت على الارض، الحجارة سقطت من فوقي ونهضت اتعثر واركض بعجلة في الاتجاه المعاكس، ادخل شارع ثاني لكن ظل البناية ريثما تسقط خيم فوقي مما اخبرني انها خلفي تماما وانا في نطاق سقوطها.

التراب الهائج والهواء المندفع من سقوطها سبقني وحاوطني، يؤلم رئتاي الحارة، دفعت طاقتي الى اقدامي وذراعاي ادفع بنفسي للامام، اشعر انني اتحدى الزمن، جسدي تصبب بالعرق ولمحت بطرف عيني زقاق فرميت جسدي بداخله فورا اسمع ارتطام المبنى بالارض بعنف.

الزقاق امتلأ بالتراب الكثيف وسعلت بقوة، اخرج اجنحتي وأحلق اخرج منه، لكنني قبل ان اخرج تماما توقفت لثانية انظر الى المبنى الذي ملأ الشارع؛ كان مدرسة.

مدرستي.

انهم يدمرونها. المدينة الصامدة الاخيرة في الجنوب.

هذه هي المدينة الجنوبية الوحيدة التي مازالت تحتفظ بحضارتها، بثقافتها وتطورها ، والان..هم دمروها. أنهوا أخر قطرة أمل في الجنوب. بلعت المرارة ونزلت للاسفل، ادخل اجنحتي واكمل طريقي.

الامور فجأة بدأت واقعية للغاية.

الالم الذي شعرنا به الامس المرتبط مع رابط امي المفقودة-لففت اصابعي ارفض ذلك الاحتمال.

لن يقتلوها فقط لانها حاولت كشف أمرهم للنقابة الطبية والقانون، أليس كذلك؟ ما اقترحوه بخصوص ازيكا – هي فعلت ذلك من اجل ازيكا. ومن ثم أختفت في اليوم التالي. تماما.

عرفنا انها تم اختطافها ولهذا ابي قضى الاسبوع الذي مر من دون نوم، يبذل كل جهده وكل ما يمتلكه من وسائط ونفوذ بالمملكة حتى يجدها. ولهذا تم اغتياله، لهذا السبب هو الآن فاقد الوعي وتايرا تعالجه خارج الجنوب، لانه تم اغتياله خارج الجنوب.

ظننت ان الالم في الرابط العائلي هو بسبب اصابة أبي لكن الآن- لا. هم لن يقتلوها.

اصابعي ألتفت بقوة حتى انغرست مخالبي في
راحة يدي وسقطت الدماء.

"نولان!" هتفت ادخل شارع منزل جدته، عيناي سقطت على بناية الشقق التي تسكن فيها السيدة أناكين وضغطت شفتاي بسبب المنظر، نصف الجزء العلوي من البناية كان مهدوم، مفتوح على الهواء والشقق الداخلية مكشوفة على الشارع.

ركضت ادفع باب البناية وادخل، رفعت يدي امام وجهي بسبب كومة الدخان التي هجمت علي من الداخل بأضعاف هذه المرة، الرؤية اصبحت شبه معدومة ومظلمة وقدمي غاصت في بركة ماء فجأة.

نظرت للاسفل، الماء كان قد أغرق المكان، ارتفع وهذا يعني انه ليس فقط منزلي الذي غرق، انه ليس صدفة ان انابيب الماء في منزلي تدمرت. تصلبت اكتافي. وافترقت شفتاي بأستيعاب صدمني.

الامر ليس صدفة ان الانابيب في منزلي انكسرت.

هم استخدموا انابيب الغاز والتدفئة والماء لاسقاط المدينة.

ان هذه الانفجارات- ليست بسبب انفجار محطة البانزين الرئيسية، محطة البانزين هي فقط حجة للتلفاز والاعلام.

"نولان!" المصاعد كانت معطلة فأخذت السلالم، اركض للطابق السادس حيث شقة جدته.

"ارجوك كن على قيد الحياة." تمتمت اسفل انفاسي احاول الصمود وسط الافكار التي هجمت علي، حتى توقفت في الطابق الثالث- عندما قابلتني جثة شاحبة على الارض.

لقد رأيت جثث من قبل، اموات، عندما كنت ازور أمي احيانا في المستشفى التي تعمل فيها فكان طريقي يتصادف مع حالات طواريء بلا أمل. لكن هذا .. - اشحت ببصري، ابلع ريقي وأكمل طريقي. ما الذي فعله الجنوبيين حتى يستحقون شيء مثل هذا؟

"نولان!" اكملت حتى الطابق الخامس، حينما اصطدمت فجأة بجسد نولان الذي اندفع من شقة مهدومة بأنفاس هائجة ايضا، الاصطدام كان قوي لاننا كلانا كنا نركض فإندفعنا عن بعضنا البعض بقوة ولولا أنني امسكت بذراعه لكنت قد فقدت توازني وسقطت، نظرت في وجهه بصدمة وانقلبت معدتي.

لان وجهه كان ملطخ بالدماء وعيناه-مرعوبة، مفجوعة.

"ا-ادریان. ساعدني. س-س-ساعدني لايجاد منشار." صوته ارتعش، اصابعه التي امسكت ذراعي ارتجفت وحلقه كان ازرق اللون.

"ما الذي يحصل؟ نولان-علينا الخروج- هل هذه الدماء لك؟" لكنه لم يكن يستمع ألي حتى، نظر الى الشقة ورائي وركض يدخل بها ، يقلب الاغراض وكأنه حقا لا يرى.

"منشار! شيء حاد! لماذا لا يوجد شيء لعين حاد في هذا المبنى
اللعين الذي بلا فائدة!" هتف بغضب يضرب الاغراض بقدمه ويقلبها.

"نولان لماذا تريد منشار لعين!" هتفت عليه، غضبي ينفجر انا الآخر.

نولان لم يمتلك الوقت للاجابة لان المبنى أهتز.

اهتز وظننت لوهلة ان زلزال وقع. جسدي مال للجانب وانسحب نحو السلم فأمسكت بالدرابزين فورا اتشبث به، نولان لم يتمسك بالباب انما نظر للاعلى بهلع وركض- هذا الصعلوك ركض للاعلى والمبنى يهتز.

"نولان هل نسيت عقلك في مؤخرتك!"تركت الدرابزين ولحقت به اصعد السلم، بصعوبة.

حاولت السيطرة على توازني الا انني توقفت اتمسك بالدرابزين مرة أخرى لسلم الطابق الخامس لانني لاحظت ان الجاذبية بدل ان تسحبني وتشدني للاسفل كانت تضغط علي للجانب،تدفعني للجانب. قطبت حاجبي انظر في ارجاء المكان بشفاه افترقت، ثم استوعبت برعب.

لم يكن هناك زلزال، والمبنى لم يكن يهتز، انما كان يميل.

لان المبنى كان يسقط.

"نولان! علينا الخروج حالًا!" هتفت أهرع خلفه لكن جسدي تصلب في مكانه عندما وصلت للطابق السادس، وكأن صاعقة ضربتني.

توقفت امام باب شقة أهل نولان وجسدي تحول الى حجارة، الشعر في رقبتي انتصب وقلبي ارتفع الى حلقي الذي جف، جف تماما ، بلعت بغصة أحاول ان لا أظهر ردة فعلي الشاحبة امام نولان لكن- الشقة لم تكن مدمرة، انما تم خسفها تماما ، السقف وكل الجدران اختفت، انهدمت، وجزء من الارضية ايضا تم شفطه للاسفل.

هل مات والده؟ جدته؟ زوجة والده؟
كنت اقف عند الباب وبدلا من ان ارى منزل كنت انظر مباشرة الى الجانب الآخر من الشارع، والرياح كانت تعصف وتصدر حفيف خافت بسبب ارتفاعنا.

نظري انخفض ببطء من الشارع الى حيث تقدم نولان، عند حافة الارضية المدمرة، لدرجة انه اخذ نولان خطوة واحدة أخرى للامام سيسقط، اقدامي تحركت فورا ومددت يدي حتى اسحبه من قميصه الفضفاض للوراء لكن أصابعي واقدامي تجمدوا بمنتصف الطريق.

عيناي انخفضت للاسفل، عند حافة ارض الشقة.

حيث استلقى جسد رجل مألوف، مملوء بالدماء والوشوم، نصفهالعلوي يخرج من الحافة ونصفه السفلي اسفل صخرة من السقف-لكن ليس هذا مافي الامر، جف حلقي بصدمة سحبت كل قطرة دماء في جسدي، لدرجة انني حقا شعرت بقطع خشبية تخترق حنجرتي من تيبس عظامي ودمي.

الصخرة، الانقاض، كانت فوق السيد أناكين تماما ، في نفس الوضعية التي كانت فوقي قبل دقائق؛ الفرق الوحيد هو ان حديدة ضخمة خرجت من الصخرة واخترقت بطنه ثم انغرست في الارض اسفله، تثبته تماما.

"ادريان ساعدني!" انتحب نولان بهلع، نظرت الى الحديدة التي خرجت من جسد السيد أناكين وانغرست في الارض، جزء كبير منها اخترق الارضية-جزء لا يمكن سحبه الا بواسطة قطع الحديدة من فوق ومن ثم رفع الصخرة ومن ثم قطع الحديدة من الشقة التي اسفل هذه حتى نتمكن من سحب جسده.

ولم يكن هناك وقت.

"ادریان!" زمجر نولان بأعين توهجت، وانياب خرجت، يحاول دفع الصخرة، أجنحته انبثقت بعروق زرقاء تدل على خوفه الشديد، رغبته في انقاذ والده. لكن نولان لم يكن يرى الحقيقة.

"نولان." صك السيد أناكين من بين اسنانه. "توقف." صوته المتألم رغم ضخامة جسده، رغم كل وشومه التي ملأت رقبته، ذراعيه وجزء من وجهه افاقتني من صدمتني وجعلتني اركض الى جانب نولان أجثو وادفع معه الصخرة بكل ما امتلكت من قوة.

السيد أناكين صرخ بألم. "توقف! فقط توقف يا ولد! استمع ألي مرة واحدة في حياتك!" هتف بصوته العالي يجمد نولان الذي اصبح خالي من اللون. مهما حاولنا رفعها لم يكن شيء يتحرك أنش واحد.

"لن أنجو." قال بهدوء، يتنفس بصعوبة. السيد أناكين كان يمتلك جسد صحي، بسبب ممارسته الرياضة دائما، بسبب الوشوم، بسبب العضلات لكن الآن..

"لا." نولان زمجر بغضب شدید، عقدت حاجبي، أشعر بأهتزاز المبنى من جديد، ميلانه. انه يفقد توازنه ببطء شديد.

صوت تصدعات انتشرت وخفضنا ثلاثتنا رؤؤسنا للاسفل، حيث أنفطرت الارض وتصدعت اسفلنا.
"سأسقط. وعليكم الخروج من هنا." قال بصعوبة يغمض عيناه.

"لن نفعل، هل تستمتع ألي ايها الوغد!" جره نولان من ياقة عنقه.

وهذا جعل السيد أناكين يزمجر نحو نولان ويشده من ياقة قميصه هو الآخر، يسحبه حتى التصق وجهه بخاصته. "استمع ألي يا ولد، هذه الحديدة تثبتني تماما ، لن انجو الا بمعجزة، ولن أقتلكم معي لهذا اذهبوا." نولان ضغط فكه بمرارة، وعقد حاجبيه بسخط شديد ، بينما. أسفل عيناه أحمر بشدة. "لا." أصر لتزداد قبضة اصابع والده حول
قماش قميصه، مما جعل نولان يمسك بيده لتخفيف الضغط.

"اذهب وأنجو نولان. أياك ان تموت." هذا جعل أعين نولان تلمع بدموع زجاجية. "لا." قال بأصرار ممزوج بصوت مختنق هذه المرة.

هنا كان عندما أنتقل بصر السيد أناكين ألي.
وعرفت، من نظرته عرفت ما طلب مني قبل ان يقوله.

"أمسكه جيدا ، وأخرجه من هنا." التصدعات ازدادت اسفلنا ، الارض تشققت بصوت مسموع ومخيف، نهضت فورا وسحبت نولان من ذراعه للوراء، لكنه رفض وتشبث بالصخرة يحاول دفعها بكل ما أتى من قوة.

"نولان ارجوك!" الانشقاق الاكبر مر من اسفل اقدامي ثم اسفل نولان حتى انكسر بصوت مسموع تحت السيد أناكين لنتجمد كلنا.

"لا.." همس نولان. وعرفت، عرفت ما سيحصل.

لهذا السبب ركضت نحو نولان وانتشلته من قميصه، أسحبه بكل ما أوتيت من قوة للوراء واتشبث به، الارضية التي اسفل السيد أناكين انقسمت، وفي طرفة عين سقط السيد أناكين هو وقطعة من الارض للاسفل، نولان صرخ بقوة يركض خلفه لكنني تمسكت به بقوة اسحبه للوراء، احاول ان اسيطر عليه وأشعر بالدم يجف في عروقي. ثم استوعبت. نظرت من فوق كتف نولان للمرة الاخيرة الى والده وهو يسقط وتوسعت حدقتاي.

"نولان لا تنظر!"
لقد فات الاوان على ذلك.

لان رأس السيد أناكين ارتطم بالارض اولا، ينفجر هناك وينكسر، انكتمت انفاسي بشهقة صامتة لم تخرج، تيبست عظامي من المنظر، رجفة مرت على طول بدني الذي اصبح صنم.

وألتهمتني موجة من الضعف الذي جعل ركبتاي ترتجف وتوشك ان تخذلني، السيد أناكين- الشخص الذي أراه كل صباح يخرج للعمل عندما اغادر للثانوية، والد نولان الذي يتشاجر معه نولان دائما ، الشخص الذي يعيش بجانب منزلي وأراه في كل شارع، مطعم، حادث، مهرجان بالمنطقة، رب العائلة التي تناولت معها فطورا احيانا منذ ان بدأت اسير على اقدامي وانا اترنح. والد نولان.

اصابعي المرتعشة ارتفعت ببطء من كومة القماش المقبوضة في يدي لانني سحبت بواسطتها نولان الى عيناه اخفي عنهما المنظر، أغلقت انا اجفاني ايضا. "لا تنظر." الا انه كان جامد، متصلب، وعيناه لم ترمش حتى اسفل اصابعي.

كان جامد.

والارضية اسفلنا بدأت تتصدع تصدعات مشابهة للتي اسقطت السيد أناكين. "نولان علينا الرحيل." نظرت في ارجاء المكان استجمع الشقة مدمرة تماما ونولان لم يذكر جدته او زوجة ابيه.

"نولان علينا ايجاد جدتك و-" لم يرد ، لم يتحرك أنش واحد.

"نولان.."
." اعدت بصري الى والده، اشعر بالطعام يرتفع الى حلقي وحرقة الغثيان الى فمي.

شق كبير أنفطر اسفلنا ، يصدر صوتا مسموعا ، نولان لن يتحرك، كان لا يتنفس حتى. ولن يتحرك.
لهذا السبب أمسكت بمعصمه وركضت. "اللعنة." جررته خلفي كالجثة الميتة، ولم نعبر عشر خطوات حتى سمعنا انهدام المكان الذي كنا نقف فيه، نولان كان يركض لانني اجره لكنه لم يبدو وكأنه واعي.

تنفست بصعوبة وسمعت خفقان دقات قلبي، الشقق بدأت تنهدم، خرجت اشعر بالحرارة في كامل جسدي ونزلت من السلالم التي اصبح نصفها مملوء بالانقاض لهذا اضطررنا الى ان نبطيء من وتيرتنا لثواني فقط حتى نسير فوقها بحذر من دون ان نسقط، ثم عادت سرعتنا ، سرعة شديدة، لان السقوف فوقنا بدأت تهتز وترتجف، التراب بدأ يسقط من الاعلى مع الاثاث الذي كان يقع برطمات مرتفعة وينكسر الى أجزاء عديدة.

لقد مات.

لقد سقط وتهشم رأسه.

رمشت احاول ابعاد الصورة، احاول ان اركز على طريقي.

تهشم رأسه وكأنه لا شيء، وكأنه بطيخة سقطت وانفجرت، فرقعت جمجمته وكأنها لا شيء، بهذه السهولة وحسب.

حرقة حامضة ارتفعت الى حنجرتي، صورة مخه الذي أنفجر والدماء..اسرعت بقوة حينما وصلنا للطابق الاخير، اسحب نولان خلفي من بين الماء الذي ارتفع الى ركبنا، التيار قوي ومعاكس ولهذا السير كان صعب، حرصت على ان لا اترك نولان يفلت من بين يداي والا انتهى أمره.

"نولان اريدك ان تجيبني، هل جدتك هنا؟ زوجة ابيك؟" لا رد، لم يكن هنا حتى.

"نولان!" هتفت.

"لقد وجدت نصف أجسادهما فقط..النصف الثاني كان مقطوع اسفل الانقاض." انفتحت عيناي بصدمة.

قبضت اصابعي حول معصمه بقوة أكثر
.
تحدث وعيناه ليست طبيعية، تحدث وهو ينظر الى نقطة غير مرئية، وكأن عقله ليس هنا ابدا ، لسانه ثقيل، وجهه شاحب وأصفر، حلقه ازرق.

جلبت نظري الى الباب وركلته للخارج، جررت نولان وبدأنا نركض قبل ان تنهدم كل الشقق على رؤوسنا.

المبنى الذي كنا فيه لم يكن بذلك السوء حتى، واجهتنا عشرات المباني والمنازل الاخرى التي اما تنهدم اما تنفجر فكنا ننعطف يمينا ويسارا باستمرار -انا كنت انعطف واجر نولان خلفي والا هو ما كان يتحرك خطوة واحدة، بدى مثل جثة اسحبها خلفي، كتلة من اللحم الثقيل بلا روح.

شعرت بالثقل الذي سقط عليه من مكاني، الامر انعكس على جسده.

اوشكنا على الخروج من هذا الحي عندما انفجر المنزل الذي بجانبنا فانخفضت اسحبه معي للاسفل، النيران صرخت والتهمت كل شيء، انفجرت في الشوارع وتصاعدت بأضعاف وأضعاف الى ان احسست انني اركض في طريق الجحيم، أجسادنا تعرقت ضد الرياح الباردة، النيران الحمراء والبرتقالية انعكست على بشرتنا وأعيننا.

أرواحنا زارت الجحيم.

رطبت شفتاي، اتجاهل المنازل التي تحترق من حولي، ادفع قوتي وما كمن في داخلي من طاقة للنجاة والخروج من هنا ، دقات قلبي تضاعفت واصابعي التي تعرقت امسكت بنولان أقوى.

رياح قوية هبت مع صوت مروحة عسكرية مرتفع،
رفعت رأسي للاعلى ورأيت طائرة سوداء خاصة.

كنا مكشوفين تماما في وسط الشارع، يستطيعون رؤيتنا بسهولة ولا اعرف من يكونون او ماذا يريدون او ماذا سيفعلون لكنني لم اعد اثق بأي شيء يتعلق بنظام هذه المملكة بعد الآن.

نظرت حولي وبحثت عن أي شيء لا يحترق او يوشك على الانهيار، جررت نولان الى زقاق مظلم بين مطعم ومبنى مرتفع بعجلة، دخلنا وتوقفنا نتنفس بصعوبة، تركت معصم نولان ووضعت وجهي بين يداي ارجع رأسي للوراء بتعب، اسحب كميات ضخمة من الهواء لان رئتاي توشك على ان تنفجر.

نولان انحنى بظهره فجأة للاسفل، وتقيء كل ما تناوله اليوم.

اللعنة.
تراجعت للوراء خطوة عنه، أعطيه مساحته.

صوت الطائرة اصبح قريب وقوي، عصف بالرياح التي أطفأت بعض النيران المشتعلة وجعلت الدخان ينتشر بأضعاف، شعري ووشاحي اصبحا يطيران، رفعت رأسي للاعلى اضع يدي امام وجهي من الهواء واضواء الطائرة، انظر للمروحة تحط بالقرب من سطح مبنى "من..من هؤلاء؟" نولان تفوه بصعوبة بعد ان مرر بعنف كم قميصه  على فمه يمسحه، وجهه شاحب، شفتاه زرقاء وعروقه بارزة.

"لا اعرف.." قلت انظر للحراس الذين نزلوا من المروحة.

"هل هم تابعين لايغيس؟" كانوا يحملون الاسلحة، زيهم اسود.

الجيش.

"نعم." تصلبت اكتافي عندما نزل من المروحة رجل أسمر مألوف،  بمعطف اسود طويل، القديس.

ان تحدث فيلكس مع اغسطس وابي، فأن القديس اخذ مهمة التحدث ألي. قبضت اصابعي، اتذكر تهديداته المبطنة المرة الفائتة التي رفضت فيها عرضه.

ان أنضم لهم في مشروع فيلكس وأجلب معي ازيكا، ان اصبح جزء مساهم في مشروع الانفصال فيعطوني ما اريد؛ تدريبات في افضل القاعدات، مناصب تصل للسماء، سمعة وسلطة وقوة سياسية وعسكرية، ان اصبح واحد منهم.

قلت له لا.

رحل من دون ان يتفوه بكلمة.

ضغطت فكي، أراه يحلق حتى نزل امامي، صداع رأسي النصفي اصبح قاتل، العرق تصبب من جسدي وملابسي، وجهي تلطخ بالدخان وأقدامي حرقتني، والقديس، انه آخر ما احتاجه الان حقا.

قوته الطاغية انتشرت عبر المكان، تزيد من كثافة الهواء الحار وسخونة النيران، عيناه كانت مثبتة علي من نهاية الشارع حتى جاء ووقف امامي، مع ابتسامة صغيرة أردت مسحها من على وجهه بلكمه.

نولان استدار له مازال ينحني للارض، يمسك بركبتاه ويستفرغ.

"وجهك يثير غثياني." أخبره، ينظر له بنظرة حاقدة من اسفل رموشه  وشعره الذي تعرق، القديس فقط ألقي نظرة عليه.

"ادریان."

كرهت هذا ، كرهت اسمي على لسانه، مقت وجوده.

اغمضت عيناي امسك نفسي، احاول ان اجعل انفاسي الثقيلة واعصابي تهدأ لكن اصوات الاحتراق، الانهدام، والانفجار كلها اصبحت أوضح بالنسبة لي، رفعت اجفاني له.

"ما الذي تريده؟" تحدثت بجفاء.

"اهلا يا ادريان."

"ما الذي تريده؟" كررت السؤال بنفس النبرة الجافة، ارمقه.

"انت." قال مع ابتسامة مريضة، باردة.

"وازيكا."

"ايها القذر!" انفجر نولان، ينقض عليه بعنف وسحبته فورا ارجعه للوراء أوقفه.

لا فائدة من العراك.

احسست بالغضب يتفاقم في داخلي، يتفرقع على جلدي مثل مفرقاتالسماء ولكنني بلعته، مثل تلك الصعقات الكهربائية الصغيرة التيلسعت جلدي قبل دقائق لكن هذه المرة طالبت ان أغرسها في عنقه.

لكن ما الفائدة؟

لديه حراس، لديه جيش، أي حركة اقوم بها الان سوف تؤذينا بدل ان تنفعنا.

"هل تتوقع حقا ان أقبل عرضك بعد كل هذا ؟" اشرت
بعيناي للمكان، صوتي الجاف لم يخفى منه البغض.

"وما الذي فعلناه؟ نحن فقط ننهض—"

"أنتم دمرتم الجنوب." قلت من بين اسناني أخرسه، اترك نولانواتحرك خطوة بأتجاهه. "انتم حرقتم آخر ذرة حضارة موجودة هناوتريدني ان أنضم الى قذارتك الناهضة اللعينة؟ أي جرأة تمتلك حتى تأتي الى هنا مرة اخرى ايها الوغد؟" هو لم يبدو متأثرًا بكلامي، حافظ على تلك الابتسامة والظهر المستقيم، يعقد ذراعيه من الامام.

"انت مازلت ولد يا ادريان." هززت رأسي بسخرية.

عدل اكتافه. "ستعرف عندما تكبر ان هناك خسائر عظيمة تكمن في كسب الجوائز العظيمة، ان هناك خسائر وثمن يجب ان يدفع من اجل التطور، الارتفاع والارتقاء. هذا المشروع العسكري، سيجعل ويثبت ان مملكة الغربان ليست فقط الاقوى عسكريا مرة اخرى لكنه سينهض بها الى مستوى ثاني من التطور والحضارة مختلف تماما
عن اي شيء رأيته او سمعت به او تخيلته، لا تنظر لي وكأنني أفعل شيء فظيع لان هذا هو قانون الحياة، يجب ان تضحي بشيء حتى تحصل على شيء اكب-"

"لا احد يريد جائزتك اللعينة!" هتفت.

"لا احد يريد جائزتكم اللعينة وتطوركم سواكم! هل انت ترى ما يحدثهنا حتى؟ انظر حولك! انظر الى ما فعلتموه! أنتم تبنون مستقبل على حطام الحاضر!"

كنت فقط ولد.

كنت حقا مجرد ولد ، مراهق غاضب.

شددت شعري اشعر بارتعاش انفاسي. "انظر حولك." همست..لم اكن اعرف ان العالم قد يكون ليس فقط قذر أنما أسوء من القذارة نفسها.

"لقد دمرتم كل شيء، انت تحلم بأن اخطو الى جانبك خطوة واحدة."تبعثرت الحروف بهمسة من بين شفتاي، أشعر بمرارة الواقع على لساني.

"أنتم تبنون مستقبل لعين على جثث الجنوبيين، على احلامهم،منازلهم، وطنهم، حياتهم."

كان هذا قبل ان يتم ذبحي.

كان هذا قبل ان يتم ذبح الولد. عندما كان ادريان مراهق غاضب،عندما كان يهتف ويغضب ويلوم ويخبر القديس اللعين ان ينظر حوله.

اصابعي شدت شعري أكثر ودرت حول نفسي، انظر الى الدمار. العظيم، التراب الهائج، الاحجار التي تسقط، النيران البرتقالية، الشوارع المحطمة، ومن ثم جلبت بصري الى القديس مرة أخرى.

أردت ايذاءه بشدة، الا ان اليأس الذي في داخلي والمنطقية جعلاني اتوقف، الحراس حوله كثيرين وهو من يمتلك السلطة هنا.

ولو فعلت حركة واحدة قد تسوء الامور بشدة.

بالاخص انه لا يحتاجني كثيرا ، انا لا امتلك اكابرس قوي مثل ازيكا ، لا استطيع ان اتحكم بالحاجز كله، لا امتلك الطاقة الكافية لذلك. كما ان نولان بجانبي، اعرف ان القديس لن يتردد في قتله.

"اسمع ادريان—" تحرك خطوة واثقة الى الامام، يرفع يده الى زر معطفه الثقيل ويفتحه وهذا جعل جسدي يتجمد وكأنني في القطب الشمالي وليس في وسط ألسنة النيران.

عقدت حاجبي بعدم فهم، أنظر الى اصابعه حيث اللمعة الفضية.

لمعة فضية، من خاتم فضي.

"دعني اساعدك الآن واخرجك من هنا ادريان، مع صديقك.'
نظرة اخرى الى نولان وكأنه لا شيء.

"وانضم لنا ، صدقني، عالمك كله سيتغير. نحن لا نريد ايذائك، هذا الامر ليس شخصي، كل ما نريده هو المنفعة العامة للمملكة." نولان اطلق نفس ساخر. "المنفعة، اجل صحيح، مؤخرتي افضل."

ثم اكمل. "سأكون ملعونا لو كان كلامك هذا صادق. كل ما تريدونه أنتم هو السلطة، وليس للمملكة حتى، انتم تريدون امساك السلطة بين ايديكم. لماذا لا تتعاقدون مع شركات أخرى خارج نطاق الغربان والصقور؟ لانكم مرضى مملوئين بالرغبة للسلطة والقوة وانا متأكد من انكم ستنحرون حتى رقاب بعضكم البعض في اقرب فرصة."

خاتم مألوف.

"لا اظن انني وجهت كلامي كلامي لك سيد..؟"

"سيد سأغرس أنيابي في حنجرتك واقتلعها بأسناني." زمجر نولان

خاتم فضي مزخرف، مصنوع بخط أزرق رفيع حقا ، يلتف حوله؛ رفيع لدرجة انه يكاد ان يرى بالعين المجردة، مثل شعره، لكنني سأتمكن من رؤيته وتميزه من وفي اي مكان؛ خط ازرق داكن جدا وبراق، مصنوع من حجر كريم كريستالي، حجر نادر يضخم حواس الغراب الذي يرتديه.

صاعقة مرت عبر بدني.

"هذا." رفعت عيناي له. "هذا خاتم روان." نغزات كهربائية سارت
على رقبتي، تهمس لي باحتمالية ما يعنيه هذا ، مثل اشباح مهسهسة اذني

"امي ارتدت هذا الخاتم آخر مرة رأيتها ، قبل اسبوع، قبل ان
تختفي." رفع القديس حاجباه.

"اوه حقا؟" مد معصمه امامه، ينظر ليده ويرفع كم معطفه قليلًا، يحرك الاصبع الذي يرتدي الخاتم.

هذا خاتم روان.

امي

سقطت ذراعي الى جانبي، جسدي تحول الى تمثال ثقيل وانا أسمع انفطار العالم. عالمي، الجنوب، الرياح، ايا ما كان قد انفطر فقد رن في عقلي.

او ربما لم يفطر شيء، لانه لم يكن انكسار، كان صوت انشقاق.

الالم الشديد الذي شعرنا به الامس مع رابطة امي، الفراغ الشديد، شعور الالم الذي كان مثل الموت.

جف حلقي وتراجعت خطوة للوراء بأستيعاب. "انت.." حاولت ان امسك الحروف لكنني لم اشعر بشيء ولم اعرف شيء سوى الغثيان الذي هجم على بطني فجأة، الغثيان والمرارة والانك انشقاق العالم او داخلي او كلاهما. لا اعرف.
ما اعرف هو ان هناك شيء انفطر، ومن ثم انشق، ومن هذا الشرخ الذي تكون أنبثق شيء ملتهب، تسرب، هرب.

ثم جاء الغضب.

غضب بحت وخالص.

غضب غير مجرى حياتي، سخط قتل شيء في داخلي في تلك اللحظة، ، عدى انه لم يقتل-انما حرق؛ لانني احسست بالحرارة الساخنة تلتهب صدري وتعدم ايا ما كان هناك، تطهر اي شعور عاطفي وتغمرني بالغضب، الغضب الشديد والغضب فقط.

موجة حارقة من النيران انفجرت في عقلي، نزفت ونزلت الى كل صدري وألتهمته، تنتشر في عروقي بدل الدماء، تجعل رقبتي حارة، حرارة تسربت مني.

لقد قتلوها.

هم قتلوها.

مثلما قتلوا الجنوب.

لهذا السبب ابي الان فاقد الوعي وتايرا تعالجه، لان ألم قتلها وانكسار روابطنا كان صعب عليه، هل اغسطس يشك بالامر -  ولم يخبرني؟ "

"أنتم قتلتوها." بحركة سريعة وبلمحة بصر، أصبحت جزءا من هذا الدمار الذي حولي، تحولت الى لسان من ألسنة اللهيب التي حرقت الجنوب.

لم اشعر سوى بأصابعي تلتف في قبضة نيران، شرارة زرقاء تنبثق من مفاصلي وتلتهب حول يدي وانا اسدد لكمة عنيفة الى وجهه، ادير وجنته للجانب الثاني واسمع صوت الالتحام القوي، ومن ثم صوت انکسار اسنانه، فكه، لم اعرف بالضبط لكنني لم اتوقف، جررته من ياقه معطفه وارجعت قبضتي للوراء مرة أخرى وسددت لكمة أقوى من
التي قبلها تدمرت مفاصلي بسببها.

"ايها المريض لقد قتلتها وجئت الى هنا بكل جرأة."

صككت من بين اسناني، حراسه رفعوا أسلحتهم اتجاهي لكنه رفع اصابعه يوقفهم عن الاطلاق.

هذا مؤسف.

لانني لم أكن سأتركه.

"ايها الوغد القذر." قلت من بين اسناني اجره من جديد واسدد لكمات متتالية نحو وجهه؛ أشعر بجلدي يلتهب وبأسناني تنطبق فوق بعضها البعض، بأنيابي تخرج وتجعلني أكشر عنهما وبمخالبي  تبرز، بحرقة تقود كل هذه الاشياء التي خرجت مني وبشيء يدفعها للخروج والخدش اكثر.

لكنني لم ارد اخماد النيران التي تحولت لها مثلما اعتقد هو، لم ارد التنفيس عن غضبي، اردت التهام شيء في داخل هذه النيران، اردت رمي المزيد من البانزين لها حتى تشتعل وتحرق كل شيء حولي.

عيناي لمعت متوهجة توهجا احسست به مختلف، أزرق لكن ليس توهج الغربان الطبيعي، وكأن شرارة نيران زرقاء اتقدت فيهما.

"توقف." أمر
.
توقفت.

شددت قبضتي حول ياقة عنقه
ثم بصقت في وجهه.

ومن ثم ضربت وجهه مرة أخرى اسدد الضربة هذه المرة الى عينه.

هذا كان نقطة التحول بيننا ، دخلنا في شجار عنيف ورفع قبضته وسدد لكمات قوية نحو وجنتي، لكمات مملوءة بالقوة العتيقة والطاقة الطاغية التي صدتني للوراء. تعثرت للخلف وتذوقت طعم المعدن الخاص بالدماء ينتشر في فمي، مررت لساني على الجرح الذي تكون داخل وجنتي وعلى أنيابي انظر له ثم بصقت كومة منه على الارض.

"يا ابن الساقطة." تجهم وجه نولان وانقض عليه يدخل في عراك جسدي معه. عيناي توهجت اكثر، وحركت اصابعي في الهواء.

فخرجت مخالبي السوداء بأكملها، القديس لكم نولان ومن ثم خفض رأسه للاسفل وركل بطنه بلمح البصر، يسدد ركلة اخرى الى ذقنه جعلت الدماء تنفجر من انفه، ثم هو ركل بطنه ودفعه يسقط للارض رغم ان نولان لف ذراعيه هو خصر القديس وحاول المقاومة.

تقدمت انا بدل نولان وأعدت الهجوم، أحاول هذه المرة ان أغرس مخالبي واجرها في اي جزء من جسده، عندما امسكت بذراعه وغرست مخالبي بها ، هو أوشك على ان يغرس مخالبه في رقبتي لولا ان نولان ركض وغرس مخالبه في فخذ القديس، يسحب الخاتم من اصابعه ويركل ركبته من الخلف يسقطه لثانية، يرمي الخاتم ألي في الهواء، هفوة واحدة صدرت من القديس ثم عاد أقوى من قبل.

جادا وعابسا وكأننا خيبنا ظنه بما نفعله. وكأنه كان يسمح لنا باللعب كالاولاد ولا يفعل شيء، لاننا اولاد.

نظر ألي من جديد، يفتح الزر الثاني من معطفه، يهندم نفسه رغم انه كان متزن ونحن اللذين كنا نلهث كالكلاب البائسة.

"المستقبل سيعوض عن الحاضر." أطبقت فكي واغمضت عيناي، دمائي اصبحت تغلي بشكل مخيف، لم يكن الامر بشكل متدرج حتى انما وكأن فجأة احدهم سكب في عروقي سائل ساخن.

"هل تعتقد ان صنع اسلحة ومركبات عسكرية سيعوض عن الجنوب؟ الجنوب." عرفت انه لا يكترث لامي، انه لا يكترث لشيء.

ولكن الجنوب؟
بلعت خيط المرارة الذي شرخ قلبي.

انه اكبر جزء من هذه المملكة، انه أعظم جزء من هذه المملكة المريضة.

هو محطم ومدمر منذ سنوات صحيح، لكن هذه المدينة مازالت قائمة وصامدة.

أو كانت صامدة حتى الآن.

"انت لن تحصل على شيء مني، ليس مني وليس من عائلة سليندر.  ليس الآن وليس ابدا. وهذا وعد." هذا انهى الامور بيننا.

القديس نظر ألي لدقيقة بصمت، ربما ينتظرني ان اتراجع عن كلامي، او ربما كان يتفحص دقة وعدي في تقاسيم وجهي.

ايا ما رأه عندما استقرت عيناه على خاصتي، جعله يأخذ خطوة للوراء. "اطلقوا سراحهم." أمر، عيناه مازالت مثبتة علي، بخيبة أمل
.
ثم هو استدار بهدوء وخرج مع حراسه من الزقاق. تبادلت انا ونولان النظرات بتشويش، هل هذا هو كل مافي الامر؟ كان ينوي احتجازنا؟ او هل كان يحتجزنا اساسا؟

نظرت الى الحراس واين كانوا يقفون، لم ارى شيء يدل على انهم كانوا يحتجزوننا ، زفرت بثقل ورفعت وشاحي اثبته على وجهي جيدا.

"علينا الخروج." أخبرت نولان أرمق بقلق القديس الذي غادر الى الطائرة.

"هذا لا يمكن ان يكون كل شيء." همست أغرق في افكاري، امرر اصابعي على فمي الذي نزف الدماء ووجنتي المجروحة، لا يمكن ان  يكون قد جاء الى هنا فقط حتى يقول هذه الكلمتين ويرحل.

فيلكس لن يفعل هذا.

انا لن افعل هذا.

اي قائد عسكري او سياسي او مريض مثله لن يفعل هذا ، هم لن يستسلمون بهذه بسهولة وحسب.

"لدي شعور سيء." قلت لنولان، امسح المكان.

وكنت محق.

ارتفع الشعر على رقبتي وافترقت شفتاي عندما رأيت وانا اضيق عيناي حول المكان وأمسحه على بعد خمسة بنايات أجساد ضخمة متحولة تركض على أربعة اطراف، أسنان حادة مكشرة، ذيل جارح، فراء مثل الذئب والاسد -نايروس.

"انهم نايروس." نولان قال بصدمة.

"لقد اطلقوا سراح النايروس علينا ادريان!" ضرب كتفي يخبرني ان اركض لكنني بقيت مشلول ومصدوم، واعي على احساس الخاتم بين اصابعي، واعي على حقيقة انهم قتلوا روان.

هل قتلها نايروس؟

"ادریان!" هتف نولان وسحب يدي يركض، يجرني معه.

صعد فوق الانقاض بخطوات سريعة، تعثرت خلفه على الاحجار التي تجمعت في بداية الزقاق ولكنه قبض اصابعه حول معصمي يسندني للصعود.
اربعة مخلوقات نايروس قفزوا على الجانبين يحاصروننابزمجرات مسموعة، زمجرات جائعة.

استيقظ عقلي. "نولان، هناك." اشرت الى مجموعة اخشاب محطمة من احدى المنازل التي انهدمت واصبحت حطام.

"حسنا-" زمجرة النايروس الاول الذي قفز ورائنا قاطعت كلامهوجعلتنا نركض بسرعة الى المنزل.
"اللعنة!" النايروس الثاني قفز الى يساري.

"لننفصل! انت خذ المنعطف الايمن وانا الايسر! هذا سوف يشتتهم!"هتف نولان يترك معصمي ويبدأ بالانعطاف، يجعل اثنان من النايروس يركضان خلفه بينما الاثنان الاخران..على

جانبي. على جانبي بالضبط.

ثم انفصلا واحد على يساري والثاني على يميني.

المخلوق الذي على يميني زمجر زمجرة وحشية ذبذباتها هزت جسدي، قلبي قرع الطبول والادرينالين انفجر في جسمي بحرارة ورعب. قضم فكه مرتين يجعلني اسمع الصوت الصادر من انقباض صفوف اسنانه، وكأنه يخبرني ان هذا هو الصوت الذي سيصدر عندما يقضم رأسي، عندما يقتلني هنا اليوم.

عيناي حرقتني، رمشت اللسعة وزمجرت استمر برمي جسدي للامام، احاول ان استمد القوة، احاول ان ادفع نفسي للامام، اراقب النايروس اللذان كانا يبعدان ثلاثة اقدام عني، احذر من النيران الملتهبة ومن المباني التي تسقط والسيارات التي تنفجر، احاول ان اتنفس واساعد رئتاي التي كانت تاخذ انفاس ضئيلة.

وانا اشق طريقي عبر الجحيم، كان هناك سؤال واحد فقط انبثق فيعقلي، ريثما انظر للامام وحسب واشعر بالدموع تنزل ساخنة على وشاحي.

سؤال تم حفره في عظامي للابد ، منذ تلك اللحظة ختم روحي.

هل سأنجو؟

هل سأنجو؟

هل سأخرج من هذا المأزق؟

كيف سأنجو؟

كيف سأنجو والمخلوقات كانت تحفر مخالب اطرافها الاربعة بالارض، سريعة جدا وقريبة مني لدرجة انها مسائلة دقائق حتى تضعف قدماي ويتم التهامي.

استطعت الشعور بذلك الجوع الذي تسرب منهما، بالاسنان الحادة المشحوذة وهي تنقبض، تتذوق طعمي على لسانها ، بالانفاس الثقيلة الصادرة من انوفهم، بالهالة المفترسة التي توشك على اختراق هالتي وتطرحني ارضا، تقطع جسدي الى اشلاء واجزاء.

وسأشعر بكل خدش-شعرت بكل قضمة سيقضمونها من جسدي،سوف يفككون جسدي بأسنانهم بكل وحشية على الارض ويتقاسمونه، يتشاجرون عليه فينقسم نصفين عندما يجرون اطرافه.

وسأشعر بكل ذلك الالم.

كما ربما شعرت امي به.

رمشت الدموع الحارة، أرى بطرف عيني النايروس يوشك ان يصل ألي، بلعت الطعم المر الذي ارتفع الى حنجرتي مرة أخرى، اشعر بضيق صدري وانكماش بطني، علي النجاة، علي ذلك.

حتى وان انكسرت كل عظامي، علي النجاة.

علي النجاة.

علي النجاة حتى وان دفعتني الارض الى حفرة الجحيم، علي فقط ان اشق طريقي بمخالبي وانيابي للخروج. علي ذلك. لا استطيع الموت الان. ليس بهذه الطريقة. ليس وانا مازلت لم ارى شيء من الحياة، من احلامي، ليس وانا لم ألمس من يفترض بي ان اكون بعد.

صككت انيابي، حرقة مألوفة عادت الى صدري وقلبي، سخط كريه وحقد لاسع انتشر في عروقي، صورة والدتي وهي تبعثر شعري قبل اسبوع على الفطور، مسرعة برداءها الابيض تركض الى الخارج بسبب طنين جهاز النداء خاصتها مرت امامي كالطيف، علي النجاة.

نظرت بطرف عيني الى النايروس الذي على يساري، الى المنازل المدمرة، أحصل على فكرة للخروج من هذا المأزق، احسست بتردد لثانية قبل ان ينبسط فكي في كراهية قذرة. سأجرب.

قد تنقذني.

وقد تقطعني اربا اربا بين فكهم.

لكنني لن اموت من دون المقاومة. لن اسقط من دون قتال.
عندما مررت من احدى المنازل الملتهبة انخفضت آمد ذراعي والتقط خشبة بسرعة من الحطام، اقدامي تزحلقت للجانب على الارضية بسبب سرعة ركضي لكنني تمكنت من التوقف والاستدارة فورا بالخشبة التي بدت مثل رمح.

ولانني عرفت حركة النايروس التالية لففت اصابعي بقوة حول الخشبة ورفعتها للاعلى بصدر ارتفع وانخفض، أضعها امامي، وبأنفاس مسموعة اغمضت عيناي استعد لايا ما كان سيأتي بوجهي من ألم. قبل ان تمر ثانية حتى شعرت بصفعة ساخنة ضد وجهي ظننت انها صفعة ألم قضم نصف رأسي اولا لكنني مازلت احسست بالرياح
ضد بشرتي، بزخة من حرارة الدماء الساخنة.

فتحت عيناي.
لم تكن قطرات ولا رذاذ ، كانت صفعة دماء سائلة وحارة، حية للغاية، مثل الماء المتدفق انفجرت الدماء من بطن النايروس نحو وجهي وذراعي وملابسي، المخلوق اصدر صوتا وحشيًا منتحبا ومتألما ، هذا اعطاني بضعة ثواني حتى انزع الخشبة من بطنه وادافع عن نفسي ضد المخلوق الثاني، سقط على الارض بانتحابة متألمة بينما الثاني
هجم علي بشراسة.
اصابعي ارتعشت حول الخشبة رغم انني امسكها بقوة حولت اطرافي الى بيضاء، الدماء-انها دافئة، دافئة للغاية على بشرتي، حية، لطخت شعري ووجهي وملابسي ولولا وشاحي لكانت قد دخلت الى فمي.

نظرت الى النايروس الثاني وتوهجت عيناي باللون الازرق، بحقد استسغت جزيئات طعمه على لساني، متقد وحي مثل هذه الدماء التي علي، حقد بدى وكأنه صنع من نفسه كائنا ثانيا بداخلي واصبحت له افكاره المستقلة فالتهمني وجعلني اريد التهام العالم، مخالبي السوداء خدشت الخشبة وهي تتكور حولها. لقد دمروا كل شيء.
لقد دمروا امي. لقد دمروا ابي بتدمير رفيقته. لقد دمروا
عائلتي. لقد دمروا الجنوب. لقد دمروا الجنوبيين كلهم.

هم حاولوا النهوض من خلال تدميرنا.

من سيمتلك الجرأة الآن للومي ان دمرت بعضهم؟

انا فقط اردت فعلها بوحشية اشرس من اي وحش سبق وان سار على الارض.

مخالبي لم تخرج من تلقاء نفسها، الرغبة الدفينة التي انبثقت في داخلي لغرسها في شيء-اي شيء أخرجتها ، اردت شق قفصي الصدري، تشريح جلدي، وأخراج هذا الكائن الوحشي الذي ولد في داخلي.

اردت فعل اي شيء لاشباعه.

ابي-ابي فعل شيء ما.

اعرف انه فعل، اعرف هذا جيدا.

لان الالم الرهيب الذي ضرب الرابط مع امي، تبدد فجأة بعد دقائق من انبثاقه، وكأن شيء في داخلي تورم وتقيح وهاج، ثم جاء احدهم ومسده ووضع عليه مرهم.

رابط امي انكسر، لكن احدهم خفف هذا الالم بطريقة ما.

وبعد ذلك بخمس ساعات فقد جاسبر، ابي، الوعي تماما.

هو فعل شيء، لا اعرف ان اخفى الالم عني، ان جذب انتباه غرابي نحوه ونحو الرابط معه بطريقة ما حتى لا اركز كل انتباهي على الرابط مع امي لكنه فعل رغم انه فقد رفيقته والالم بالنسبة له كان على الاغلب مدمرا .

شعرت بها اولا قبل ان أراها ، تلك الحرقات الساخنة التي انسكبت في  عروقي .

وكأنني كنت اضع قدماي في دلو من الماء البارد، اتجمد، وفجأة  تبدلت حرارة الجانب الايسر من الماء الى دافىء، الشعور كان مماثل.

عدى انه ليس الجانب الايسر من الدلو انما هي كانت عروقي.

وليس درجة حرارة دافئة انما ساخنة لم اكترث ان كانت ستتسبب بأذابة جلدي. ايا ما ولد في داخلي، كنت سأشبعه.

لهذا لم افكر عندما رفعت الخشبة وغرستها في جمجمة المخلوق.

ولهذا لم افكر عندما دفعته نحو الارض ونزعت عنه الخشبة، هو حرك اطرافه بألم شديد واصدر صوت منتحب، الدماء من رأسه نزفت كالنافورة ورقد على الشارع ينتظر الخلايا ان تلتئم.

لكنني رميت الخشبة جانبا.

وقبل ان يتمكن الجرح من ان يلتئم، دهست جمجمته بحذائي .

ثم دهستها مرارا وتكرارا

دهستها مثل حيوان مسعور حتى طحنت عظامه مع مخه ووجهه،حتى غرقت قدمي في الدماء، حتى انبسط رأسه مع الارض، حتى محيت شيء اسمه رأس لهذا الكائن من الوجود.

سمعت فرقعة وانكسار عظام جمجمته، سمعت صوت المخ والخلايا وانا اغوص بقدمي بها ، ولم اكترث.

استدرت للنايروس الثاني الذي التئم جرح بطنه ونهض، ينظر لرفيقه بنظرة متفاجئة تحولت الى وحشية اتجاهي.

التقطت الخشبة، اعرف ما سأفعل به جيدا.

بدلا من ان اقاومه ركضت الى الجانب الثاني من الشارع، في الشارع الخلفي الذي كانت النفايات فيه تحترق، حيث رائحة البانزين كانت تتسرب منذ فترة وعلى الاغلب قبل مجيئي بوقت طويل.

وقفت امام احدى السيارات التي أصدرت رائحة بانزين نفاثة ايضا ، وامسكت بالخشبة ابلع ريقي الجاف، واعي تماما على كون ان انفجار هذه السيارة هو مسائلة ثواني فقط وانني اقف بجانبها.

النايروس قفز في الهواء نحوي، يفتح فمه لالتهام رأسي بشراسة مماثلة، انخفضت بجسدي فورا للاسفل، اسقط للارض وانقلب بعيدا عن السيارة وانهض راكضا، سمعت ارتطام جسد النايروس بالسيارة- ومن ثم انفجارها.

لم اتوقف.

لكنني رأيت اشلاء جسد المخلوق تتطاير مع انفجار ألسنة النيران وقطع السيارة.

لم اشعر بالذنب، شيء في داخلي شبع لثواني، ثم ازداد جوعه للمزيد. اردت امساك القديس وفعل شيء مشابهه له. اردت امساك فيلكس وحرقه بنفسي.

لكنني شعرت بالخوف، بنبضات قلبي التي قرعت وكأنها طبول حرب، بقشعريرة جسدي وارتعاشي، بجفاف حلقي وتيبس عظامي، الخوف والصدمة مما فعلته للتو.

الدماء مازالت دافئة، مملوءة بالحياة.

وكنت مازالت ولد مراهق.

احيانا ، اتساءل ان كانت هذه ليست دماء النايروس وان كانت هذه النيران ليست نيران الجنوب، اتساءل ان كانت هذه الدماء هي دماء الولد المقتول، الذي قتل في تلك الليلة، ان كانت تلك النيران هي الام والرحم التي ولد منهما من جديد.

"ادريان!" صوت أنثوي كسر صخب الدمار، أخرجني من ذهني وجعلني اتراجع خطوة للوراء عن النايروس المسحوق بالارض، ارفع بصري عنه الى مصدر الصوت.

امي ماتت في ذلك اليوم.

واصبح الجنوب والدتي التي ولدتني من جديد.

"ادریان." ارتعشت اصابع روز التي ارتفعت الى فمها.

وجهها كان محمر وملطخ بالدخان الاسود، شعرها الاشقر مجعد حول رأسها تجعيدات قوية، بشرتها السمراء الفاتحة لمعت تعكس النيران، عيناها الزرقاء كانت واسعة ومرعوبة، حول معصم يدها الاخرى ألتفت اصابع والدها الذي نظر لي بصدمة.

روز.

كانت هذه هي اول سخرية من القدر.

روز من الثانوية التي انهدمت قبل دقائق، الفتاة التي كان يفترض ان أسألها ان كانت ترغب في ان تذهب معي للحفل المدرسي نهاية هذا الشهر.  الفتاة التي كنت امتلك مشاعر أعجاب نحوها لمدة سنةونصف.

"ادريان؟ هل انت بخير!" هتف والدها وركضوا اتجاهي، امسك بكتفي بأعين هلعة ونظر الى جسدي، انفاسه هو الآخر مسموعة، تعابيره وملامحه مفجوعة تماما.

اومات اتنفس وامسك بذراعه ايضا، ارجعنا عن النيران التي انفجرت وانظر حول المكان بقلق من ان يقفز نايروس ثالث.

"ما الذي تفعله هنا وحدك يا ولد؟ اين اغسطس ووالدك؟! المكان خطر!" اومأت روز بوجة قلق ايضا ، تقطب حاجبيها ورأيت لمعة زجاجية في عيناها. اذا لم يروني اقتل.

"لقد كنا نحاول اخراج جدتي من مبنى المدرسة عندما-" حركت يديها كعادتها عندما تتوتر او ترتبك وتتحدث ومن ثم هزت رأسها، تخبرني ان السيدة غوين، جدتها ونائبة المدير، لم تنجو.

قبضت اصابعي. "انا اسف.."

"علينا فقط الخروج من هنا. المكان يتدمر." قال والد روز يمسك بيدها ، يجرني معهما للركض.

وبقيت صامت، أركض معه وسط العاصفة النارية.

حتى اجتمعنا مع نولان مرة أخرى، عندما خرج من احدى الشوارع وخلفه نايروس بينما الثاني..-نولان كان مملوء بالدماء، ولم تكن دماءه. تبادلنا النظرات ونظرنا الى الدماء على بعضنا البعض وعرفنا ما الذي حدث.

النايروس الذي جاء خلفه كان سهل قتله، كل شيء كان ينهدم ويسحق آيا ما كان اسفله، يبسطه مع الارض مهما كان واستخدمت، جعلتهم يستخدمون، هذا لصالحنا.

"علينا الذهاب الى شارع بيرنيت، اغسطس ينتظرنا هناك، سيخرجنا بسهولة." اخبرت والد روز وروز التي اومأت، جسدها الطويل الذي كان الامس يرتدي زي المشجعات ارتعش، وجهها قلق ولكنها روز، فتاة ذكية وتمسك زمام القوة معظم الاحيان لهذا بدت متماسكة وصامدة رغم هلعها الذي كان واضح بالنسبة لي بسبب ا لغة جسدها.

لغة جسدنا كلنا مهما حاولنا اخفاء هلعنا.

هي ووالدها سعلوا بقوة اثناء الطريق مما جعلنا نتوقف، نشق قميص والدها الذي كان فوق قميص ثاني من دون اكمام ونصنع منه اوشحة لهما حتى أكملنا طريقنا الى ان رأينا سيارة جيب عالية تتوجه نحونا بسرعة جعلت التراب خلفها يهيج، وبيتركس يهتف علينا ان نركض وتركبها قبل فوات الاوان.

Pokračovat ve čtení

Mohlo by se ti líbit

33.9K 1.1K 32
*اسم الرواية* __ "انتِ _حبك_كنه_الحكم_السعودي" ________ I am very pleased with you. يصيبني السرور معك بطريقة مفرطه. بدايتي: التاريخ:16/2/2023فبراير ي...
483K 60.1K 14
حين التقاها أول مرة مات شخص ما.. حين تزوجها نشب حريق يومها.. حين خفق قلبه من أجلها سقط نجم من السماء حرفيا.. . . قصة قصيرة مكتملة بأجواء صيفية شيف...
557K 49.7K 11
في كل فيلم مكسيكي هناك ضجة تحدث في حفلات الزفاف تجعل المُشاهد يتحرك في مقعده عدة مرات من حماس ما يجري..خصوصا عندما يختطف البطل حبيبته من زفافها في مش...
2.5K 570 15
[مُـكتمِلة] في أَرضِ الثلجِ والنّـار، تنسَى أنّك مازِلت في أورُوبا. " ستَكونِين ٱيسلَـندا لِي! " " وستُعانقُني كالأَطلسي " " سأَفعل، من الجِـهات ال...