غراب | Crow

By itsowhatdoit

2.5M 263K 350K

تنضم المجنحة جازمين ستيلارد الى أقوى الجيوش في العالم، متبعة بذلك خطى عائلتها المعروفة والمهمة في المجال العس... More

تنويه
غراب
اجنحة الدمار.
مدخل | حدث غير مألوف.
٢ | حادثة مقبرة كروفورد.
٣ | نتيجة التقديم.
٤ | الشجاعة.
٥ | التمرين الاول.
٦ | تقاطع الدماء.
٧ | سوار القاتل.
٨ | انذار الغراب.
٩ | قد اكون السلام.
١٠ | برودة.
الخنجر والاربعة.
١١ | چين.
١٢ | ارسولا لاغارد.
١٣ | خيوط العنكبوت.
١٤ | الاجنحة السوداء.
١٥ | دماء ستيلارد.
١٦ | الوشاح الاسود.
١٧ | الاكابرس.
١٨ | ايقاع.
١٩ | بحيرة فلور.
٢٠ | شيطان.
٢١ | سكوربين.
٢٢ | ادوار القديسين والملوك.
٢٣ | ثلاثة غربان وحجر.
٢٤ | الافضل للنهاية.
٢٥ | تهويدة.
٢٦ | جازمين ستيلارد.
٢٧ | قربان للاسوء.
٢٨ | شيطان.
٢٩ | اعصار.
٣٠ | الوشم والقصيدة.
٣١ | اول الضحايا.
٣٢ | رايفن.
٣٣ | كمين ايغيس.
٣٤ | الغربان الجنوبية.
٣٦ | السقوط والنهوض.
٣٧ | ضمادات ورصاص.
٣٨ | رجفة، رجفتان.
٣٩ | استراتيجية الالهاء.
٤٠ | ما وراء الجبال.
٤١ | ارينا.
٤٢ | قاتل ارثر.
٤٣ | ديكارسيس.
٤٤ | الفن المدمر، الفن العنيف، الفن الشرس.
٤٥ | طعم مر.
٤٦ | رفيقة جيدة.
٤٧ | لعنة الهاء.
٤٨ | اصل الشياطين.
٤٩ | المجد.
٥٠ | ماسك نواه الشفرات.
٥١ | وان كانوا الجنود يخافون، فمن سيحمي العالم؟
٥٢ | السقوط الاخير.
٥٣ | فكر مثل العدو.
٥٤ | الاسلحة، الجيش، الادرينالين.
٥٥ | قائد السنة الرابعة.
٥٦ | القسم الرابع لجيش الغربان.
٥٧ | ما هو لون ازرقي؟
٥٨ | جيمي بلايز.
٥٩ | ظلال وخيوط زرقاء.
٦٠ | نصل الحرب.
٦١ | اجنحة من دون غراب.
٦٢ | عناق الاجنحة.
٦٣ | الطلب الميت.
٦٤ | انها سخرية القدر، مجددًا.
٦٥ | حديث القبور والعظام..وتخيلات الفتيان والفتيات.
٦٦ | بلاكسان.
٦٧ | اميرة الحرب.
٦٨ | خدوش هازل.
٦٩ | منحدر مأساوي.
٧٠ | المخطط.
٧١ | يرتدي اكثر من وجهين في العلن ويضحك على الجميع.
٧٢ | المعاناة المشتركة.
٧٣ | جناح.
٧٤ | رقصة حفل التخرج.
٧٥ | جسر الغربان.
٧٦ | قوة الحب والصداقة.
٧٧ | في وسط الوحوش نُبنى.
٧٨ | «قطع من الثلج، اشلاء من الثلج.»
٧٩ | مثل الجنوب والكوخ.
٨٠ | الجنوب والجيش والادرينالين.
٨١ | سلبيات وايجابيات.
٨٢ | كلمات جايدن.
٨٣ | خدوش ادريان.
٨٤ | بوابات انتقال عبر المكان.
٨٥ | مخلوقات الليل.
٨٦ | مجرد تغيير..
٨٧ | الابن المكسور.
٨٨ | رسالة من الاجنحة.

٣٥ | السهم المحارب.

23.6K 2.3K 1.8K
By itsowhatdoit


المنزل تَكَون مِن ثلاثة طوابق، بمساحة عريضة وحجم كبير، حديقة خلفية متوسطة الحجم وأمامية صغيرة،المنزل بدى مثلما تركته تمامًا لكن شعرت وكأن كل شيء مختلف،هل تغيرتُ أنا يا ترى؟

نزلت من الدراجة أخفض حقيبتي. وفورًا التقطت أذناي الحادة صوت خطوات خفيفة الظل وسريعة. خطوات ميزتها فخفضت نظري لأسفل الباب حيث يوجد مربع صغير.

"اشتقت الي أيها الشقي؟" همست تزامنًا مع خروج كتلة ذهبية من الفراء من هناك، نازلة السلالم الصغيرة بسرعة قصوى وقافزة علي انخفضت لمستواه اترك الحقيبة تسقط للأرض. "كيف حالك؟ هل مازلت ملك دراما؟" هو نبح  بقوة وأطرافه تسلقت جسدي فأعطيته العناق الذي يريده، نبح مرة أخرى بصوت اخترق أذناي وكأنه يخبرني انه مازال ملك للدراما.

"يبدو انك لم تتغير، اشتقت لك أيضًا." طبعت قبلة قوية على وجهه أدلك أسفل ذقنه وأمسح على ظهره فلعق وجهي يجعلني أصدر أصوات متفاجئة ثم لعق مجدداً ومجدداً بحماس مهما حاولت أن أبتعد الى أن أخرج مني ضحكة لأنه بلل وجهي بالكامل.

رفعت كمي ومسحت به ذقني، أنظر للمنزل مرة أخرى. كان هنالك علم أسود صغير معلق بالعامود عند عتبة الباب إشارة أن عائلتي، الى جانب بقية العوائل التي رأيتها تضع العلم نفسه في أثناء طريقي، تظهر الحداد لولي العهد الراحل.

أرجعت قلنسوتي للوراء. "هيا لندخل" همست لسيزار أتجاهل حقيقة أن موت ولي العهد-الملك المستقبلي لهذه الامة- قد يكون بسبب ارماند، بسبب ادریان، وشعور لا احبذه تكون في معدتي حينما راودتني تلك الخاطرة أن ادريان قد يقتل ولي العهد. هناك دوماً حدود لا نستطيع تجاوزها، وناثان رايڤن هو إحداها.

مئة، هو أخبرني أنه قتل ما يتجاوز المئة شخصا، هل أصبح ناثان مجرد رقم بالنسبة له الآن نفضت الأفكار من عقلي بهز رأسي، أنا هنا للراحة لأخذ قسط راحة من كل المشاكل ولإستعادة صحتي. لكنني أنا بحد ذاتي أعتبر مشكلة، وكل الأمور الأخرى ترتبط بي وتتفرع مني، فكيف يمكنني أن أخذ قسط راحة من نفسي؟

"اللعنة. " تمتمت أسفل أنفاسي.

أخذت نفس أحرص على دفع تلك الأفكار بعيدًا ، أحرص على أن أدفع كل فوضى الستة شهور الماضية بعيدًا حتى لا أقلق أحد، ثم دخلت دون أن أطرق لأجد المنزل فارغ، رفعت حاجبي بفضول على صوت الموسيقى القادم من الحديقة الخلفية.

"هل يقيمون حفلة؟" سألت سيزار الذي رد بنباح أعلى من الذي قبله ومن ثم عض بنطالي وجرني بإتجاه الحديقة، اذا هم هناك.

وقفت عند الأبواب الزجاجية المزدوجة المطلة على الحديقة استند عليها، أرى في الحديقة عددًا من الأشخاص الذين تعرفت عليهم يقيمون حفلة شواء أو عزاء؟ أملت رأسي.

أقارب لجوليا ولي، أناس من الحي أصدقاء تورما من الثانوية. طرف شفتي ارتفع بشكل تلقائي حينما رأيت تورما تؤدي في الخلف مع جوزفين واصدقائها رقصة السير على القمر.

من دون التفكير لوقت طويل عرفت سبب التجمع هذا ، انه عزاء لولي العهد وشرب كأس من أجله لكن تورما كانت مستمتعة وتضحك وعلى الأغلب هذا يعني أن جوليا أقامت التجمع حتى تغير الاجواء عليها. أنا متأكده من أنهم رأوني على التلفاز وأن ذلك اقلق تورما، ومع اقتراب الإنفصال لابد أن الأحاديث في الثانوية تنتشر مثل اللهيب، ولابد أن يقفز اسم أبي فيها بين حين وآخر ويعكر مزاجها. لذا عصفورين بحجر.

عقدت ذراعاي اشاهدهم، لم ينتبه أحد لوجودي بعد وكلهم كانوا مندمجين في أحاديثهم، راقبت تورما تضحك بقوة وهي تخطى، فيحاول أصدقائها تعليمها الطريقة الصحيحة للحركة، أحببت رؤيتها هكذا، من دون قيود تستمتع وتمرح.

حينما أراها على هذه أشعر بأنني فعلت شيئاً صحيحًا أخيراً أنني لم انحرف عن مسار الطريق، حينما أراها أرى نفسي فيها ، لو لم تأخذ حياتي منعطف آخر.

لأنني كلما فكرت انه كان من ممكن أن تعيش تورما بعد موتي جزء من الحالة التي عشتها أنا وما زلت أعيشها : انه كان من الممكن ان تتعرض لصدمة قوية تدمر وتقتل غرابها وهو على قيد الحياة أثر انكسار ثلاثة روابط وتحطم الرابط العائلي لهو أمر مدمر للنفس وخانق وحقيقة أنني منعت كل ذلك أنني حميتها .. يجعلني الأمر أشعر بشعور جيد إتجاه نفسي.

نحن لسنا بالضبط مخلوقات عاطفية جدًا مثل المستذئبين والتنانين لكننا نقدس روابطنا ، لا نهتم للجماعة بكثر ما نهتم للعائلة. نحتاجها للاستمرار للبقاء.

رابط العائلة هو رابط متحد ومشترك بين أفرادها متصل ومتشابك بشكل مقعد له زوايا وكل زاوية تمثل فردًا ، تكمل بعضها البعض. فعندما تفقد العائلة فردًا هذه الزاوية تتلاشى وتخلف فراغ مكانها ولكنها لا تتلاشى بهذه السهولة أبدًا. هي تنكسر، ومن ثم تكسرك معها.

أنت تشعر بأن هناك جسرًا روحيًا بينك وبين الشخص المعين، وعندما يموت مطرقة كبيرة ومؤلمة تصعق كامل كيانك وتنشر الألم مثل البرق في أطرافك، وهذا البرق يكون مثل المطرقة التي تطرق على الجسر بينكما حتى تسبب تصدعات وشقوق.

ومع ذلك فهو لن ينكسر تماما إنما سينفطر إلى أن تصل الشروخ إلى قلبك وعندئذ فقط بكل قسوة سيتم استئصال بداية تكون الرابط وأصله حيث أعماقك ليتم هدمه وقطعه ومن ثم سحبه للخارج ليغادر مع الشخص المتوفى.

وسيبقى فراغ كبير، غرباننا ستتوق وتنزف لأجل ملىء هذا الفراغ بأي طريقة ممكنة، هذه الزاوية المهجورة، ولا يمكن لأي رابط أن يعوض عن الرابط المفقود.

الدماء، العائلة. أنها ألم في المؤخره بقدر ما هي نعيم.

انا احتويت تورما حينما الواقع ضربني واستوعبت أنني الفرد الوحيد المتبقي لها، وأن الألم سيكون أضعاف بالنسبة لها بسبب صغر سنها وسن غرابها الذي لن يتحمل الفراغ ابدًا ولهذا حينما رأيتها تبكي بأحضان بيتر بعد خروجي من المشفى أحسست بالذنب.

ما الذي كنت افكر فيه؟ حرمانها من الرابطة الوحيدة المتبقية لديها؟ أي أنانية امتلكت ورابطنا العائلي كان متين قوي ودافي، مملوءة بالحب. وهذا جعل الأمور أصعب علي وعليها، مؤلم أكثر، لكنني احتويتها، في ذلك السن الذي يتشكل فيه المرء وينضج، حاولت قدر المستطاع أن يعوضها رابطي عن والداي رغم أن ذلك كان مستحيل لكنه نجح بمرور الوقت، هي بدأت تشفى وصغرها صب في صالحها حيث كان العالم كبير بالنسبة لها وسريع التشتيت، وشيئاً فشيئاً تلك الزوايا التي تم هجرها والكسور التي تكونت في قلبها يوما شفت واتحد رابطي مع خاصتها مكونا عائلة دائرة صغيرة.

أنا فخورة.

بيتر ساعد كثيرًا، وجوليا كذلك وأنا حاولت بشدة أن أحصل على ذاك الرابط منهما وفعلت بطريقة ما لكنه لم يكن كافي قط. لم يكن غني، لم يكن مباشر لم يكن من دمائي ذاتها رغم أنها قريبة، لم يكن المثل رمشت أبعد ذكرى الكلمات على الجدران وكيف أنها ذكرتني بذلك.

تورما كانت صغيرة، وهي أساسًا كانت مكسورة وبحاجة للحب. ولهذا لم يشفى رابطي كما فعل خاصتها. ولكنها كانت جزءاً كبيراً في عدم تهدمي حتى عندما تهدم عالمي من حولي وتحطم.

الأمور كانت من الممكن أن تكون أسوء لو فقدتهم كلهم، لو لم يكن لدي منزل أعود إليه أو ملجأ ابتسامة خفيفة تكونت على ثغري، لا أعرف ما الذي توقعوه أولئك الحقراء من الهجوم الذي افتعلوه لكنني لا أظنني حزينة كما يفترض بي أن أكون.

يؤلم، يؤلمني كثيرً..وأشعر بالخوف بالخذلان، بإنكسار شيء ثاني في داخلي وموت آخر، بالقلق والرغبة في البكاء والهروب، ولكنني أعرف في داخلي عميقا أنني لست كل تلك الأمور السيئة أنني لست متكونة من تلك الذكريات الشنيعة فقط.

"هذه أسوأ رقصة للسير على القمر " أردفت أتحرك عن الباب فانتقلت أبصارهم كلهم لي بدهشة متفاجئة، "جاز!" في ومضة عين خنقتني أذرع تورما في عناق جعلني أصدر التأوهات متألمة.

"أسفة آسفة " رجعت هي للوراء بعجلة لكنني ابتسمت وسحبتها الى عناقي مرة اخرى. "لابأس. " همست بخفوت "رأيت الاخبار، لم أتوقع مجيئك اليوم. " رددت بنفس النبرة. "أجل، ولا انا، لكننا فزنا بالقضية وتم اثبات براءتنا." قلت بصوت مرتفع لكل الأعين المتسائلة التي تنظر نحوي الآن.

عيناي حملت أعين سيد ودار بيننا حديث صامت، هو لم يعاود الإتصال بي أخبرني أنه سيبحث وأنه سيحاول ايجاد شيء، أشاح ببصره بعيدًا.

"ما خطب أصابعك؟" أمسكت يدي بعبوس طفيف تتفحصها، كنت قد أزلت الضمادة عن رسغي وأصابعي حتى لا أجعلهم يعتقدون أن اصاباتي جدية لكن هذا يعني أن الألوان البنفسجية المنتشرة على طول أصابعي ويدي أصبحت مكشوفة.

"تدريبات قاسية، وغرابي مازال لم يتحسن بعد لذا لا يستطيع شفاء جروحي البسيطة " بعثرت شعرها أحاول جعل نبرتي خفيفة، هي راقبتني لدقيقة تحاول التأكد من صحة كلامي قبل أن تنكسر ملامحها وتصدقني.

"هل أعطوكم إجازة لأجل وفاة ناثان؟"سألت تورما ريثما اعانق بقية العائلة "على ما يبدو." ظننت أن الإجازة من أجلنا لكن لا يبدو كذلك لأنها ثلاثة أيام فقط "الأمير ناثان ليس شقيقك تورما، احترميه قليلاً وضعي قبل اسمه لقب." وبخت جوليا تحتضنني بقوة تسأل عن حالي في القاعدة وعملية شفائي والمحكمة وإن كان نولان مازال وغد أم لا، أخبرتها أنه مازال وغد، بعدها جاء بيتر ثم سيد الذي عانقني ممتن أنني نجوت منهم.

"تبدين هزيلة، ما الذي فعلوه لك في المحكمة؟" جوليا سألت تقطب حاجبيها تمسك بذراعي وتتفحصها كما لو كانت تتفحص قطعة قماش في السوق.

"لست هزيلة، هذه..عضلات " رفعت عيناها الي وكأنها تحاول اكتشاف أعمق اسراري.

"عضلات مؤخرتي " تورما سخرت فرمقها بيتر محذرًا لسانها، مسحت جوليا على ذراعي بابتسامة دافئة تبعد نظراتها المتفحصة والقلقة أخرجت نفس راحة اعتقدت لبرهة انها صدقتني لكن ما قالته بعد ذلك جعلني أتنهد. "من الجيد أنني أعددت وطلبت طعام صيني، أنه المفضل لديك." هي تعرف أنني لا أتناول طعامي جيدًا، وستحشوني بكل ما يظهر أمامها.

الطاولة كانت عريضة وطويلة، فيها انواع كثيرة من الأطعمة ذات الرائحة الشهية التي جعلت بطني تصدر صوتا، الكل جلس يتخذ مقعدًا وأصابني صداع من كثر ما سألوني وحيوني لاحظت كيف اختلف تعاملهم معي عن آخر مرة كنت هنا هم الآن ينظرون لي كجندية رغم أنني لست كذلك بعد، ينظرون الي كشخص مهم وأعلى منهم، وبعضهم كان متوتر حتى.

اعجبني ذلك.

كنت قبل دخولي الجيش المراهقة جازمين أو الشابة في نظرهم، الآن هم يهابونني، أتساءل إن كانت هالتي قد تطورت أيضًا على مدى الشهور الماضية، إن كانت قوية وتخيفهم.

"لا، القاعدة لا تعرف أي شيء عن الهجوم، الجميع متفاجئ ومصدوم مما حدث بقدركم." أجبت بعض من حاول الحصول على أجوبة مني بإختصار جوليا وضعت أمامي صحن كبير، جمعت فيه قطعتين من شرائح اللحم المشوية بطاطا مسلوقة بشكل دائري ومحشوة بالجبن والخضروات، شعيرية صينية بصلصة أحببتها جدًا ، جزر وبازلاء وبجانب هذا الصحن واحد آخر بروبيان بحري.

رطبت حلقي أشعر بالجوع بعمق، وظننت أنني سأتناول هذا الطعام كله حينما قارنته بالطعام الذي يقدموه لنا في القاعدة، ولكنني فورما وضعت ملعقة في فمي انتشر طعم التراب والرمل يجعل معدتي تنقبض، لم ابعد الملعقة انما اجبرت نفسي على المضغ أعرف أنني بحاجة للغذاء، وأن أكون بصحة جيدة لو أردت الشفاء بسرعة والعودة للتدريبات، ولكنني أحسست وكأنني أمضغ البلاستيك، ولم يكن بسبب سوء الطبخ أو نوعه.لا، الطعام كان لذيذ ومملوءة بالنكهات، كان بسببي. كان بسبب الطعم المر في حلقي، في عظامي.

أترى أعراض عدم الانهيار ؟ ربما لا تذرف الدموع لكن كل جزء من جسدك سيذرفها بدلًا عنك بطريقته الخاصة الى أن يدمرك أحسست بجوليا تبتسم وهي تشاهدني أتناول  الطعام فرددت الإبتسامة لها. أبلع بصعوبة وأشرب كمية كبيرة بعدها من الماء.

عرفت ما الذي سيجعلني أشعر بخير، ما الذي سيرخي أعصابي وينسيني الطعم المقرف هذا الذي سيسمح لي بتناول بعض الطعام، وخلاياي توسلتني لتجرعه للشعور به يحرق حنجرتي ويلسع طريقه للأسفل. ولكنني لم أسمح لنفسي بسكب قطرة من النبيذ، مشكلة إدمان هي آخر ما أحتاجه في حياتي الآن.

لذا بدلًا سكبت لنفسي كأس كبير من العصير المانجو، ومع كل ملعقة شربت نصف كأس إلى أن أنهيت شريحة لحم وكرتين من البطاطا المحشوة أظن أن هذا سيدعم جسدي لليوم بما فيه الكفاية لأنني احسست بالطاقة تنتشر في وتسبب لي دوار طفيف أو ربما الدوار بسبب حقيقة أن معدتي انقلبت في داخلي غاضبة على خيانتي لها.

"هل تعلمون أنهم يقدمون السحالي والأفاعي للمستجدين؟" تورما اخبرت زملاء صفها تجعلني اضغط شفتاي حتى لا اضحك لأنها قالتها بطريقة درامية تستمتع بردات فعلهم المشمئزة، وهم صدقوها "كل يوم، في مرة من المرات قالت جاز أن الافعى كانت على قيد الحياة" انضمت لها جوزفين في الكذبة والرعب مللا وجوه المراهقين اليافعين.

"هل هذا صحيح؟" انتقلت أعينهم لي، نظرت الى تورما التي ابتسمت الي ببراءة بتعابير لا توحي بتاتا على الكذب، اومأت "صحيح " اندلعت التذمرات المشمئزة فتركوا طعامهم يضعون أيديهم على أفواههم بقرف يجذبون انتباه البالغين.

" فعلا؟" حركت كتفي لا أعطيهم إجابة صادقة " إنها ليست بذلك السوء، ضع بعض الملح عليها وسيبدو طعمها مثل الدجاج. " هم ضحكوا يعتقدون أنني أمزح، حتى رأوا تعابيري الخالية و استوعبوا أنني لا أفعل لتشحب وجوههم.

لا استطيع الكذب والقول أنني لم استمتع بردات فعلهم.

عمي سيد هو من وقف على المغسلة لتنظيف الصحون مع جوزفين وتورما بقيت -انا جالسة لأن الكل كان يناظرني وكأنني أحمل قنبلة مؤقتة سأرميها فيما قريب مثل ان ناثان رايڤن تعرض للقتل وقاتله في البيت المجاور.، ولأكون صادقة أحببت اللعب بهم وبما يتوقون لسماعه.

"جازمين، طلاب دفعتك يقيمون حفل لم شمل غدًا، لماذا لا تذهبين؟ من الجيد انك جئتِ اليوم حتى تستمتعي معهم." إمرأة كبيرة عرفتها بإسم كارلا اخبرتني وعقدت حاجباي بتشويش.

"حفل لم الشمل؟ لكن لم يمر على تخرجنا سوى.. ثمانية شهور؟" ألا يقيمون الحفلات هذه بعد ثمانية أو خمسة سنوات.

"حسناً، هم شباب الآن ويريدون الاستمتاع بوقتهم طالما هم عالقين هنا ، تعرفين بسبب الإجازات التي أعطوها للجميع. " وفجاة انتصب جسدي، حفل لم الشمل.

هو سيكون هناك.

"أين ستقام الحفلة؟" سألت. "لا أظن أنها في منزل أحد سمعت من ابنتي أنهم يريدون الخروج والسهر . " عرفت فوراً أين سيذهبون لا يوجد أفضل من نادي نيون للإستمتاع والسهر في هذه المنطقة، حفظت هذه المعلومة ونهضت استأذن أسير الى سيد اشرت لتور وجوزفين أنني سآخذ دورهما فلم يمانعا.

"أهلا." ابتسم لي، التقطت المنشفة وصحن. "أهلا."

"انتَ لم تعاود الإتصال بي. " أخبرته بنبرة خافتة بعد وهلة، ألومه. "اخبرتني أنك ستفعل." توقف وأغمض عيناه، تنهيدة تسربت منه "اعرف."

"لماذا؟" عقدت ذراعاي.

"لأنني لم أجد شيء ذو فائدة."

"ولم تفكر في إعلامي ذلك؟ بدلاً من أن ابقائي عالقة وأنتظر؟" عيناه لانت فجأة، وكأنه يشعر بالذنب" انتِ جازمين لن تبقي معلقة قط." بدأت اكره اسمي، والطريقة التي ينظرون بها نحوه.

"ولأنني مازلت ابحث." أضاف يفرك وجهه، وهو قرأ ملامحي التي لم تصدقه.

"حتى الأمس كنت مازلت ابحث." قال يستند على المغسلة ويترك الصحون نظرة مظلمة وثقيلة اعتلته.

"وما الذي حدث الامس؟" سألت بترقب.

"ولي العهد حدث." تكلم بثقل جديد، ينظر لي بنظرة لم أفهمها. صرخة مرتفعة جاءت من الحديقة وأرتفعت رؤوسنا بخوف قبل أن نرى أنها فقط جوفين تلعب بخرطوم الماء مع تور.

"ما رأيك لو تحدثنا غدًا؟ سيكون المنزل هادئ ومناسب اكثر." أردت الرفض

لكنه لم يعطني الفرصة.

انقضت الساعات من دون أن أشعر ، وفي نهاية اليوم وقفت بغرفتي أمام المرآة اتجرد من ملابسي بالكامل: أزيل الضمادات التي على ظهري ووجهي انكمش فورما رأيت الجروح..كانت فظيعة، وفي كل مكان.

مثل ما بدى مثل خدوش لكن عميقة ملأت الجزء الأيمن من ظهري، ومن ثم نزولا من هناك إلى خصري تواجدت كدمة ضخمة وواسعة كانت مسبقا عدة كدمات لكنها اندمجت ببعضها البعض أثر الأحداث التي لحقت بتحطم الطائرة، كانت سوداء وزرقاء أخفت لون بشرتي أسفلها.

وضعت ضمادات جديدة بصعوبة وبعد معاناة لبعض الوقت أصابعي كانت ترتعش حينما أنتهيت وزفرت نفس راحة أرمي على جسدي قميص طويل وسروال مريح.

"أدخل!" صحت مجيبة صوت النقر على الباب. "سنشاهد فيلم بعد قليل، هل ستأتين أم هل أنتِ بحاجة للراحة؟" سألتني تدخل الغرفة تتفحص جسدي باحثة عن إجابة سؤالها تحركت خطوتين لليسار، أخفي الضمادات القديمة ورائي.

"بالطبع."

"عظيم..وهل استطيع النوم بجانبك الليلة؟" فاجئتني بسؤالها المباغت لكنني أومأت "اكيد."

"تورما ، هل أنتِ متوترة." حركت كتفها وأخرجت نفس هازي. "ومن لا يكون متوتر في ظل هذه الظروف البائسة؟" أمسكت بالسترة على السرير، تمثل أنها تتفقدها بينما هي في الحقيقة تحاول أن تتفادى عيناي

"تور.. انظري لي."

"ماذا؟" نبرتها تبدلت إلى أخرى ثقيلة، ارتخت ملامحي واقتربت منها. "لابأس." أمسكت بيدها أسحبها لي" تعرفين أن كلامهم كلهم مزيف صحيـح."لم اسمع منها رد فتنهدت، ظننتها فهمت بحلول الان.

" أبي..والدنا، يا تورما لن يخطط لأمر شنيع مثل هذا أبداً."

"لا ادري."

"ولما ذلك؟"

" ضغطت لأن.. أنتِ تعرفين جيداً أنه كان شبه عبقري والعباقرة لا ثقة فيهم."شفتاي حزينة من أنها تفكر بهذه الطريقة، فهي تستحق أن تعرفه مثلما عرفته أنا أيضاً.

"ثقي بي أنا اذاً " همست لها ذراعيها ضغطت علي تشد على العناق قليلاً وقلبي سقط في معدتي كانت تتشبث بي.

"هل تعرفين لمن تعود هذه السترة."أخذتها الى السرير، التقط السترة واقدمها لها، هزت رأسها تتفحصها بفضول.

"احزري؟" رفعت حاجباً وأخذتها مني، تتفقد كل انش منها، أخذت وقتها في ذلك، وفقط حينما اعتقدت انها عرفت. "لك؟" سقطت ملامحي.

"ماذا ؟! كيف باستطاعتي المعرفة " تذمرت.

"انها لوالدتنا! ارسولا! الحروف مكتوبة هنا." أشرت للحروف الصغيرة في عنق السترة والمفاجأة اعترت تورما. "حقا؟ لماما ؟" أومأت مع ابتسامة.

"هذا يعني أن القصص عن كونها جامحة حقيقية." ضحكت ترفع السترة لتراها الآن بمنظور الاخر ثم فاجئتني أنا حينما ارتدتها لتبدو جيدة عليها لكن كبيرة.

"انها رائعة!" صاحت تقف أمام المرآة تتفقد نفسها يمينًا ويسارًا. "والدراجة التي أتيت بها لها أيضًا اسمها هيركان..وأبي اهداها لأمي."

"انتِ تمزحين." ركضت للنافذة تخرج رأسها ، تنظر للدراجة بدهشة. "اهداها دراجة أنه رائع لاعجب أنها أعجبت به وجاءت بك في السنة—" اسرعت ووضعت يدي على فمها ، سأمت من هذه التعليقات المتعلقة بأنني جئت لأنهما كانا .. متهورين.

"اسمها رائع، هيركين."

"لا، هيركان"

"الشيء ذاته." حركت كتفها فقلبت عيناي لأنني فعلت المثل استخدمت الإسمين.

"لكن فعلا السنة الثالثة ماما كانت..." ضغطت قبضتي على فمها لتضحك.

السنة الثالثة من التدريب؟ من يورط نفسه ويحمل في هذه السنة؟ ارسولا بالفعل كانت إمرأة مجنونة، هي تركت الدراسة في السنة الثالثة لأنها كانت حامل وحتى تعتني بي ثم عادت بعد أن أصبح عمري سنة.

ولأنها إمرأة ذكية درست السنتين المتبقيتين لها في سنة واحدة وتخرجت وقبلوا أن تدرسهم في سنة لأن أبي كان سيقتلهم لو لم يوافقوا ، حينما تخرجت معدلها كان أعلى من كل أولئك الذين معها وسمح لها بالعمل في مكانات مرموقة وتم أخذها من قبل قائدين وضباط عاليين في مهمات عظيمة، وفي بضعة سنوات أصبحت من أفضل الجنود.

"هل استطيع قيادتها؟" سألتني.

"بالطبع."

كنت شبه نائمة عيناي مغلقة براحة على كتفها، استمع الى نبضات قلبها المنتظمة وصوت انفاسي الهادي في سكون الليل كنا قد انتهينا من مشاهدة فيلم معًا. وغفوت أنا لتوي براحة قبل أن أشعر بالاختناق، قبل أن يتبدل الهواء بالكامل وتستيقظ حواسي.

لم يكن اختناق فعلي إنما مثل حكة غير مريحة تسلقت جلدي، وكأن خلايا جلدي استيقظت بغتة وأصبح لها وعيها الخاص لاستشعر وأنا مغمضة الأعين انغلاق جدران الغرفة علي ببطء، ومع كل نفس أخذه صرت أشعر بالهواء يقل من حولي أنه شيء غير مريح البتة، فرفعت عيناي مسرعة ليقابلني السقف في مكانه والجدران كذلك.

لم اتحرك، لم أفعل شيء، لأنني لم أستطع.

جسدي كان مشلول، وثقل على صدري خنقني، وكأن أحدهم وضع وسادة على وجهي يقطع انفاسي، كانت صعبة جدا.

بقيت أحدق بالسقف فقط كنت متأكده من أن لا فائدة من محاولة التحرك سيزداد هكذا سوءاً فقط. لكن مع مرور الثواني بدأت أرى الحروف تتشكل هناك، على السقف الذي بدى وكأنه يقترب مني، يسقط علي ويستعد لسحقي هلعت وحاولت التحرك إنما أطرافي مشلولة بالكامل شيء كان يقيد جسدي بالسرير رمشت بقوة أغلق عيناي الى أن تألمت ثم فتحتهما فاختفت الحروف وشهقة تسربت من فمي أدخلت بواسطتها لفحة هواء لرئتاي تزامناً من نهوضي، صدري هائج وانفاسي تضاربت، قطرات العرق تكونت على جبيني.

اقحمت أصابعي في شعري ارجعه للوراء حتى أحصل على المزيد من الهواء ولاحظت رجفة أصابعي القوية، وضعت وجهي بين يداي وارتجفت شفتي قبل أن أثب من السرير بسرعة واتوجه للنافذة التي فتحتها بسهولة في الظلام لأنني معتادة على ذلك.

الهواء البارد دخل واستقبلني يعطي للغرفة نسيم لطيف، نظرت من فوق كتفي لتور وكانت نائمة بعمق فالتقطت هاتفي من المنضدة وسماعاتي ثم خرجت أجلس على سطح منزلي.

استطعت سماع أنفاسي عالية وخائفة فأعطيتها بضعة دقائق حتى هدأت مع دقات قلبي التي كنت اسمعها في اذناي أشعر بحركتها هناك.

لم اكن من الأشخاص الذين يحبون الهدوء رغم انني هادئة واقضي معظم الوقت بمفردي..لم احبه، أنه يزيد الامور سوءاً فقط، لكنني لم اكن ايضًا من أولئك الذين تواسيهم الموسيقى والأغاني حينما استمع لأغنية تعبر عن ما أمر به لا أشعر بها تحررني إنما تقيدني في ذلك الإحساس الذي نتشاركه، الذي توصفه وتلمسه، هي فقط تقيدني هناك ولا تسمح لي بعبور الحدود التي رسمتها لا تسمح لي بالإبتعاد مثلما تفعل الرياح والسماء واصواتهما، لا تأخذ مني ما أريد التخلص منه، إلا أنني وضعت سماعاتي وفتحت تطبيق الاغاني انقر بعشوائية على أي لعنة تظهر.

فأنا لا أستطيع التحليق، وهذا ما كنت سأفعله الآن بالعادة.

قضمت شفتي بإحباط وسخط، أريد استعادة أجنحتي.

قلبت في هاتفي بأصابع متعرقة ثم فتحت تطبيق البحث وأصابعي بشكل تلقائي بحثت عن أي شيء ينسيني حقيقة أنني لا أستطيع التحليق الآن.

القطط المقاطع المضحكة النباتات الى أن كتبت سؤال لم أعي على نفسي وأنا أنقر حروفه، بقيت مصدومة حينما قرأته وترددت في ضغط بحث.

هل يمكن أن يزول مفعول حقنة القاعدة ديكا في السنة الأولى؟

كيف توصل عقلي لهذا السؤال وما الذي أدى بي إلى هذا الحال لا أدري ولكنني اندمجت بالبحث والقراءة سجلات قديمة لمستجدين ،تقاریر، احتمالات مكونات الحقنة وقبل أن أعرف عيناي حرقتني من شدة التركيز ومع ذلك، لا شيء. لم أجد شيء يثبت أن مفعول الحقنة يمكن أن يزول قبل موعدها، كل الصفحات أكدت أن ذلك مستحيل.

وعلى ما يبدو أن المستحيل الآن هو حياتي وكأنني أينما أدرت رأسي رأيت علامات استفهام تحوم حولي. اغمضت عيناي لبرهة اتنفس ثم عاودت البحث من جديد عن الأكابرس. وحاجباي اقتربا من بعضهما البعض ذكر أنها حالة شائعة بين الغربان ان يتخذ الغراب وضعية التهديد والتحذير بتوهج أجنحته. ولكن لم يتم ذكر توهج العروق والأعين، ولا إرتفاع درجة الحرارة ابداً.

افترقت شفتاي وأصابعي نقرت ونقرت ونقرت تبحث أحسست بنفسي أهلع من جديد لأن لا شيء إطلاقاً، لا شيء عن كوني أوشك على الإنصهار حينما أغضب، عن كون ادريان اذاب نصف ذلك الثلج، عن كون عروقنا اضاءت.

عن كوني تشاركت الذكريات معه.

أحسست بصداع وصخب في رأسي أثر المعلومات الكثيرة والصفحات اللانهائية والمقالات التي تفقدتها المعلومات حامت من حولي وضربتني في موجات تغرقني فيها ، وفي محاولة الربط فيما بينها والتوصل لسبب معقول لكل ما يحدث لجسدي لكن لا شيء، الى أن سمعت افكاري تصرخ حرفياً وتتشابك تجعلني أتوه فيما بينها فأغلقت الهاتف فورًا اخرسها بذعر.

هل كذب ادريان علي؟

اغمضت عيناي، ومثل الخدر انتشر في كامل ظهري عرفت أنني اشتاق للطيران وأن غرابي رغم أنه في سبات يشفى هو أيضًا يفتقد روتيننا السابق الجلوس هنا لساعة ومن ثم التحليق الى أن تبزغ الشمس.

"ستكون الأمور بخير كريو. " همست بخفوت "لابد من أن تصبح بخير في النهاية. " قلت بنبرة خفيفة. اكذب على نفسي حتى تقتنع.

زفرت بغيض، لقد سئمت، لقد سئمت كل هذا؛ الاستيقاظ لاهثة للهواء متألمه، الثقل والفراغ. امسكت بالهاتف مرة أخرى وطرحت سؤالاً ثاني، كيف يمكن أن يشفى المرء من صدمة ما ؟ وكان محرك البحث هذا سيعطيني حل الثمانية سنوات الماضية.

ظهرت الكثير من القوائم بالعديد من الأجوبة التي قلبت عيناي على مجرد تخيلي افعلها، أعني حقا؟ التأمل عند البحيرة و مواجهة مخاوفي الداخلية؟ سأكون محظوظة لو لم أجن لأنني تذكرت من مجرد المطالعة المرأة الجنوبية التي احترقت. أعرف نفسي، سأشعر بالخوف وسأتظاهر أنني لا أفعل، وأنها لا تزعجني وأنني تخطيتها ولا اكترث، وذلك سيؤدي الى دمار اكبر.

وهنا تمامًا كان حينما نهضت باستقامة، اتذكر طبيبتي النفسية من مركز إعادة التأهيل، ربما هي قادرة على مساعدتي الآن دخلت للمنزل بسرعة واصطدمت بعدة اشياء وأنا أنزل لمكتب بيتر حتى أحصل على الرقم.

لقد جننت، فقدت عقلي،انه رسمي. اتصلت بها.

الخط كان مغلق ولهذا بحثت عن رقمها الشخصي على الانترنت، وسيتفاجأ المرء من كمية المعلومات التي نستطيع الحصول عليها عن الشخص من فقط طرح الاسئلة الصحيحة، اتصلت بها ، ولم ترد إلا في الرنة الثالثة.

"مرحبا ؟ " صوت مألوف وشبه نائم رد ووجدت نفسي صامتة، ما الذي اقوله لها بالضبط؟ أنا لم أتحدث مع المرأة منذ أن كنت في الرابعة عشر.

"مرحبا ؟ هل يوجد أحد ؟"

"أريد الشفاء."

خانق جدًا أن تجد نفسك على حافة الإنهيار، في الساعة الواحدة ليلا، تتضرع للحلول التي لم تعتقد أنك ستفكر فيها يومًا. تائه، لا تعرف الى أين تمضي وعلى أي رقعة أنت بالضبط تقف، أنا لا أريد البقاء هكذا ، سئمت من كون كل ليلة تمضي تغلق اضلاعي علي أكثر وأكثر إلى أن تخنقني إلى أن تتكسر وتثقب رئتاي يومًا وتقتلني. وهذه الأمور قد تعايشت معها لفترة من الزمن لكنها الآن أصبحت نقاط ضعفي، واستخدموها ضدي.

كنت لا أخاف، أصبحت الآن مذعورة، لا اعرف الأمان بالضبط حتى مع قدرات نفسي مثلما كنتُ سابقا حيث لم اكن أهتم لأنني كنت متأكدة من أنني قادرة على الدفاع عن نفسي. الآن أصبحت أعرف أنني مكشوفة، وحتى القوة لن تحميني.

قلبي قرع خلف صدري، وسمعت دمائي تضخ في عروقي نابضة مملوءة الادرينالين لانني رددت بعد صعوبة ومقاومة مع نفسي، كان صعب علي. استدرت للنافذة حتى أحصل على بعض الهواء إلا أن النافذة كانت تطل على الحديقة، على حيث دفنت مذكراتي تمامًا ضاق صدري، وانكمشت معدتي فضغطت شفتاي.

"من معي؟ " هذه المرة صوتها أصبح مهتم وواعي، وسمعتها تتحرك، أظنها نهضت من سريرها. هل تتلقى مثل هذه المكالمات كثيرًا من مرضاها ؟ بدت مستعدة عيناي لم تترك الرقعة التي دفنت فيها المذكرة فلسعتني، الظلام زاد من حولي ببطء. والجدران اقتربت تصدر أصواتاً لا تحبني بلعت ريقي أرمش أهز رأسي نافضة خيالي.

"جازمين ستيلارد . " صوتي خرج هش، والغصة خنقت حنجرتي حتى ضعفت ركبتاي. تعرقت يدي فمسحتها . "تتذكريني؟" سألت بخفوت. قابلني السكوت الثانية قبل أن يأتي صوت رقيق. "وكيف أنساكما؟" ضغطت فكي. والعشاء ارتفع ففكرت في غلق الخط.

"مازلت أعاني في مسيرتي بسبب مخالفتكما للقوانين، انها وصمة لا أستطيع نسيانها بالضبط حينما تكون في ملفي." هي كانت مسؤولة عنا ورغم أننا كنا محترفان لكن تم امساكنا عدة مرات نهرب من المركز فقام المسؤولين بلومها.

"ما الذي قلتيه قبل قليل جازمين؟" سمعتها تفتح الضوء وتسحب درج، اظنها ترتدي نظاراتها. بقيت صامتة. وبلعت ريقي، هذا سخيف. هي لا تستطيع مساعدتي. عيناي ارتفعت الى الرقعة تلك مجدداً وأحسست وكأنني في الحمام مرة اخرى؛ تتم مهاجمتي من كل جهة والفرق الآن هو أن كل شيء غير حقيقي ونابع من خوفي فقط.

"أظن أن نظامي فاسد وأريد أن اصححه. " رغم أن كلماتي ساخرة نبرتي لم تكن كذلك.

"كيف؟" سألت هي وأحسست بعدم الراحة أكثر فشددت شعري للوراء.

"اسمعي--" أنفاسي بالفعل مضطربة وكأنني ركضت ماراثون "لا أعرف أنا أيضًا ما الخطب لكنني... انتِ أخبرتني ذلك اليوم أنك تستطيعين شفائي لو أردت. " ضغطت فكي اتذكر الذكرى. كانت المرة الأولى التي أراها فيها، حينما كانت جروح رسغي حديثة، هي بقيت صامتة لما يقارب الدقيقة.

"جازمين.. " أغمضت عيناي على نبرتها المتعاطفة واعتصرت معدتي. "لا. اقسم هذه النبرة لو استخدمتيها - لست.. أتعرفين ماذا؟ لقد أخطأت بالرقم، اعتذر على الاتصال بك. "

"لا لا لا!" صرخت توقفني. "لم اقصد --- لا، أعتذر..ما الذي يحدث معك؟" زفرت وانغلقت ملامحي، ما الذي يحدث معي؟ انا لا أعرف.

"لا ادري ولا أعرف سوى أنني سئمت.. سئمت.. سئمت."

"ممن بالضبط؟"

"من كل شيء!" صحت.

"أريد طريقة لايقاف كل هذا فقط لأنني سئمت. اشعر وكأنني اسقط نحو اعماق محيط لا نهاية له ولا أموت.  فقط أغرق. " حركت يداي وأنا اتحدث أعبر عن اضطرابي و احباطي واستغرابي "ارجوك اخبريني أن هذا طبیعي" همست اضغط على صدغي قلقة.

"انه ليس طبيعي. " سقطت تعابيري بانكسار.

" أنه أعجوبة."

"ماذا؟"

"أنه أعجوبة. هل انتِ جازمين فعلا؟" نبرتها ارتفعت

"ا.. نعم؟"

"هلا تشرحين لي أكثر عن مشاعرك حتى افهم؟" سؤالها جعل وجهي ينكمش لأنني لا أحبذ التحدث عن نفسي مع الآخرين، لأن الأمر فقط بلا فائدة، لا أحد يفهم ولا أحد يحاول أن يفهم وأنا أساسًا لست بحاجة لأحد حتى يفهمني، أنا فقط بحاجة لطريقة، الطرف خيط يخلصني.

"لابأس، خذي وقتك. " بقيت ساكتة.

"هل حصل معك شيء الآونة الأخيرة " سألت هي تحاول سحب الكلام مني. "نعم. " أجبت، اراقب الحفرة التي فقط أستطيع أنا أن أرى مكانها لانها دفنت والزمن جعلها تختفي أسفل التراب.

"تغییرات شاسعة وأمور جديدة، سمعت انك انضممت للتدريب للقاعدة ديكا؟" فكرت في الفترة الأخيرة، كل شيء كان جديد، مختلف علي. سواء مشاعري الغريبة الغاضبة أو كل من حاول وضع سكين على رقبتي.

"نعم" هي سكتت تنتظرني أن اتحدث.

"انا خائفة." همست بوجع استوعب حقيقة مشاعري

"ممن؟" لا أعرف لا أعرف تنفست بحدة.

"تعرفين كيف أن الكواكب من دون المدار الذي حولها ستكون فقط هائمة في الفضاء؟ تسافر عبر المجرات، بدون جاذبية تثبتها في مكانها ، بدون فصول ثابتة، بدون دورات ثابتة، كل صباح تستيقظ على شموس أخرى وأقمار ؟ وفي كل ساعة يتبدل طقسها ؟"

"نعم"

"احس..وكأنني مثلها . " أخذتُ نفس مرتعش ثم اكملت بصعوبة أشعر وكأنني أعوام في مشاعري، أقرأها للتو فقط. "سابقا كنت مؤمنة بما اعرفه، كنت مقتنعة وكنت أعرف كيف أتأقلم مع ما يحدث معي، كيف أقاوم وأنني على يقين، أنني أعرف كل ما يدور من حولي. كنت أعرف كل شيء ولا أريد شيء سوى الأشياء التي أعرفها من دون أن أفكر بمشاكلي، كانت لا تؤثر بي ولا أكترث لها، والآن الأمور تبدلت لا أعرف شيء ولا ما يحدث الآن لا أعرف شيء سوى أنني أريد التخلص من.. الرغبة في البكاء من دون أن أبكي فعليا . الآن كل مشاكلي تخنقني وأصبحت هي كل ما أعرفه، ازدادت وأصبحت تخيفني وتؤثر علي. " وهم يستخدموها ضدي ولا أريد ذلك.

"هل يبدو كلامي منطقي؟" سألتها بيأس.

"نعم، نعم هو كذلك."

"هل هو طبيعي؟"

"جازمين... هو طبيعي. انتِ تتحسنين يا للهول"

"هلا فسرتِ؟ " قلت بأنزعاج.

"لا يرى كل معالج نفسي مثل هذه الحالة يوميًا في حياته، أنتِ تتحسنين وهذا رائع. " هي أخدت نفس ونبرتها أصبحت رقيقة"أنتِ كان هناك تصنيفات عديدة للحالات المرضية جازمين. وخاصتك كانت صعبة. لم تكن محتدمة أو الأسوء. كانت نادرة، للغاية. وهذا اسوء من الاسوء، كانت من الحالات الميؤوس منها التي لا نستطيع معالجتها في أغلب حالاتها لأن صاحبها لا يريد، المساعدة؛ يكون المريض مكسور أو بلا أمل لا--ليس مكسور  لأننا نعالج ما هو موجود من شظايا إنما حينما يكون صاحبها .. فارغ. مستسلم مؤمن بفكرة وواثق أنه حتى لو شفى ستبقى الأمور على حالها، وانت كنت كذلك.

نحن لا نستطيع مساعدة شخص لا يريد المساعدة في أعماقه، فهناك حالات تكون مستعصية مثل الإكتئاب الحاد ولكننا نستطيع ان نجد أمل طفيف في روح المريض، مدفون عميقًا. وهذا الأمل الذي يكون بمثابة شعلة منطفئة هو أمر كافي لأخذ الخطوة. أنتِ لم تمتلكِ اي رغبة في التحسن، لم تفكري في التحسن لإنكِ كنتِ متشبعة في حالتك إلى أن خلقتك من جديد وعندها لا تستطيعين التخلص منها.

ولكن الآن أنتِ خضعت لبيئات مختلفة، لأنواع جديد من الضغوط، التقيت أناس جدد،وكل هذا ساهم في إعطائكِ لمسة من الواقع بعيدًا عما تؤمنين به وتعيشيه خذيه، مثل السبات أنتِ كنتِ في سبات جليدي والآن عصف بكِ الطقس إلى أن كسر جليدك وأراكِ ..- ايقظك. " لم أعرف كيف أرد على ذلك أو كيف يجب أن تكون ردة فعلي. لذلك التزمت الصمت مصدومة، مذهولة، خائفة، ومشوشة.

"أعرف أن الأمر مخيف وجديد لكن هذا جيد أن يسأم المرء من وضعه هو مشير جيد. ما حولك يجعلك تنضجين أنتِ تنضجين. الضغوط الجديدة في حياتك تدفعك للتخلص من الضغوط القديمة، تزعجك وتخرجك من موطن راحتك."

"هل تريدين فعلا الشفاء؟"

"نعم."
"هل تعرفين--- لحظة واحدة. مازلت أملك ملفك مازلت اتذكر. " سمعت ضوضاء من عندها تتذكرين "ماذا؟"

"كم كانت حالتك صعبة. "

"لا تحتاجين لتكرار ذلك تعلمين"

"ولكنني احتاج هذا رائع جازمين لا ينجو الكثيرون امثالك ! ما رأيك بأن نلتقي غدًا ؟ تعرفين المقهى المحلي صحيح؟ قابليني هناك الساعة الرابعة عصرًا."

"حسناً . " شعور عدم الراحة قبل كل انش من جلدي. أنه غريب، التحدث مع الآخرين.

"تعرفين أنا فخورة بكِ." همست فقط حينما ظننت أنها ستنهي المكالمة. "لا يوجد داعي لذلك أخبرتك انني اريد التخلص من الشعور السيء فقط، وهذا لا يعني مثلما تظنين الكثيرين يريدون ذلك. وبعضهم يجد طرق أخرى للتخلص منه. " هي فهمت قصدي.

"جازمين أنتِ لست اوغاسبيان " أغمضت عيناي. "ولا ذنب لكِ فيما حصل له. أنتما مختلفان." ضاق صدري وخفضت نظري للأرض."

"لكنني كان يجب أن أعرف " همست متألمة صوتي لأول مرة خرج شاكيا . أخذت لفحة قوية من الهواء. هذه الأمور لا أريد تذكرها حتى لكن أريد مسحها شعور الذنب تسلق ظهري وجعل رقبتي ترتجف في قشعريرة برد.

"أنه ليس ذنبك. " كررت هي وهذه المرة بنبرة حادة أكثر، مصرة. "أعرف." ارتخت عيناي و همست بخفوت "والطريق الذي أخذه اوغاسبيان ليس طريقك." نظرت إلى اظافري "أعرف " أجبت أشعر بلسعة في عيناي أعرف أنه ليس طريقي، عميقًا في داخلي أعرف أنني أريد العيش. فقط هذه الرغبة مدفونة أسفل الإنقاض اللانهائية من رأسي ارتفع مجددًا للشجرة في الظلام.

"ما رأيك لو التقينا غدًا؟"

"غدًا إذًا . " أغلقت الهاتف. تنفست في الظلام الساكن، اضاءة القمر خافتة فضية تطل علي تسألت أكرر كلامها في عقلي هل يا ترى هناك فرصة لي؟ صعدت للأعلى بخطوات متكاسلة وعدتُ إلى نفس المكان الذي نزلت منه خارج النافذة. هذه المرة أحسست بالبرد بعد خمس دقائق واستدرت للدخول لولا رنين هاتفي. توقفت أعتقد أنها الطبيبة مرة أخرى لكن الإسم جعلني أرفع حاجباي.

القائد ادريان

"ماذا تريد ؟" أجبت بجفاء. أنا فعلا لا اثق به.

"أحدهم متعصب."

"لست كذلك ، أنا فقط شخص طبيعي لا يتصل بالناس الساعةـــ" كنت انوي إهانته ولكن .. اه ــ "ماذا تريد ؟ " سألت بحدة أكثر منزعجة.

"استعدت أجنحتي." تفاجئت لدقيقة ثم استوعبت "مبارك؛ أي طريقة غير قانونية استخدمتها؟" كنت أعرف أن هناك طرق للشفاء لكن المملكة لا تسمح بها لأننا يجب أن نسمح لأنفسنا بالشفاء والإ ستحصل اضطرابات صحية. وهذا لا يعني أنهم لا يستخدمون السحر ، لا..هم يقدمون كل ما يقدرون عليه لكنهم لا يستعينون بالسحر بشكل كامل لأن السحر له ضرائب دومًا. التكنولوجيا كانت افضل طبيعية.

"واحدة تضمنت معالج " رفعت حاجبي بفضول المعالجون هما اشخاص ولدوا بقدرة إشفاء أنفسهم والآخرين ولكن على حد علمي هم يعيشون مع البشر وبكل تأكيد ليسوا غربان.

"دعني احزر خرجت خارج المملكة؟"

"دعني احزر خرجت خارج المملكة؟"

"لا" نبرته كانت مستمتعة.

"ميكا ساعدتك بسحرها؟"

"لا."

"انت تستمتع بهذا اليس كذلك؟"

"جدا." قلبت عيناي. وفجاة تصلبت. "المعالج داخل المملكة. " قلت. وحينما لم يرد عرفت انني على حق. انه غير مسموح لاي احد الدخول للمملكة من دون تصريح رسمي وهذا التصريح يعطى في حالات نادرة جدًا مثل حالات الرفقاء من الاصناف الاخرى، حالات الزيارات السياسية..الخ.

"المعالج..هنا بشكل غير قانوني؟"

"انتِ ذكية." بشكل تلقائي احسست بحرارة في وجنتاي، رغما عن ارادتي "ادري." اجبت، ونظفت حنجرتي.

"كيف أدخلته؟"

"انا؟ لماذا قد تعتقدين انني من أدخله؟"

"لانك ادخلت ميكا—"

"لم نكن نحن من ادخل ميكا." انعقد حاجباي. "حصلت على كابوس." قال بصوت منخفض ولم استطع ان افهم اذ ما كان يغير الموضوع ام انه فقط قرر الاعتراف لي الليلة بكل ما حدث له في اليوم.

"عمن كان؟"

"امور. لماذا انتِ مستيقظة؟"

"أمور." اجبت بنفس نبرته، واظنه قلب عيناه.

"هل تريدين استعادة اجنحتك؟ " سألني بترقب، هذه المرة بنبرة جادة.

"بنفس الطريقة التي استعدت فيها اجنحتك؟ لا شكرًا. اريد ان اشفى بشكل طبيعي، لست بحاجة لتدمير ظهري، السحر دومًا له عواقب وخيمة ولا اريد ان اعبث بصحتي."

"قدرة المعالج هي امر طبيعي تمامًا، وانه ليس سحر. هم فقط يمتلكون عقولاً ذكية، يستطيعون سماع اصغر الخلايا والتواصل معها. ومن ثم يأمرونها بأن تسرع في الشفاء."

"هذه تبدو مثل شعوذة، كيف يستطيع احدهم آن يأمر الخلايا ويتخلص من جروح اشهر؟ هذا ليس طبيعي." قلت مستمتعة بازعاجه.

"لیست شعوذة، ما رأيك بأن اتي لك؟ اظن ان بيننا فرق ساعة ونصف. والعلاج لن يدوم لاكثر من نصف ساعة." استقمت بظهري. "هل انت جاد؟ الان؟" كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.

"هل لديك شيء افضل لفعله؟ مثل النوم؟" بقيت ساكتة.

"اذًا سأتي بعد قليل."

"لا تفعل لن اتي معك."

"بالطبع." اغلق هو الخط . وبقيت ارمش في الهاتف، لا اعرف ما الذي حصل للتو.

                                -

ارتديت ملابس ثقيلة والسترة ووشاح حول رقبتي مع قلنسوة لانني شعرت بالبرد، وصحيح انني نويت عدم الذهاب معه؛ أساسًا لم اظن انه سيأتي لان ذلك فقط ضرب من الجنون لكن حينما سمعت صوت محرك دراجة قوي وسط ظلام غرفتي ارتفع رأسي بصدمة. الوغد كان يتحدث بصدق.

اغلقت النافذة ورائي باحكام وتورما كانت ليست نائمة فقط انما شبه ميتة بعد هذا اليوم الطويل؛ خرجت وتفقدت الصوت الذي اخترق هدوء الحي وشوب ظلامه، الصوت اقترب واقترب الى ان ظهرت امامي دراجة سوداء باضواء صفراء متوهجة-نيون- توقفت اسفلي. وعليها رفع ادريان القبعة من على رأسه. "أخبرتك انكِ لا تستطيعين النوم الليلة، ولا شيء افضل لديك." كان يبدو فخور جدًا بنفسه.

"انا لم استطع النوم ولكن من يقول انني سأذهب معك؟" عقدت ذراعاي اشاهده من الاعلى.

"ستأتين، لانكِ حقيرة تريد البروز. وبجروحك هذه لا تستطيعين الفوز في مسابقة للاطفال حتى، لن تستطيعين المشاركة بالتدريبات وعلى الاغلب سترسبين." ابتسامته ازدادت وعلى عكس ما توقعت، كلامه لم يغضبني. انما انخفضت اتمسك بالانبوب واتزحلق للاسفل كما فعلت مرات عديدة من قبل.

"انت محق." نفضت يداي بصوت مسموع ثم دسستها في جيوب السترة اسير اليه. "انا حقيرة بقدر ما انت وغد وكاذب." وقفت امامه مع ابتسامة مزيفة، وهذه المرة كنت بطوله بسبب الكعب الذي ارتديه فكنت بمحاذاة عيناه. ابتسامته أزدادت ولم يشعر بالاهانة. رمى لي خوذته وامسكتها قبل ان تضرب صدري.

"هيا." اشار لي برأسه للركوب وراءه يعيد تشغيل المحرك. "هل شعرت بالغيرة مني؟" علقت الخوذة بمكانها اصعد، أدار رأسه لي يرفع حاجبًا بتساؤل، ينظر للخوذة. "لا اشعر برغبة في ارتداءها الليلة." أخبرته.

"تثقين بي لهذه الدرجة؟" عاود النظر للامام يغلق خوذته الثانية التي اخرجها. "العكس." كان هذا كل ما قلته ولهذا تفاجئت حينما صدرت من اعماق صدره ضحكة خافتة.

"والغيرة؟ ممن؟"

"من دراجتي." ضحكته ارتفعت.

"وانت تبدو في مزاج جيد." رائحته كانت منعشة للغاية، انها المثل لكن المختلف فيها هذه المرة انها قوية وداعبت انفي، تخرج منه في موجات ثقيلة مبتهجة، جعلتني أستنشق عميقًا من دون ان اعي.

"لقد استعدت اجنحتي للتو، من لا يكون في مزاج جيد بعد ذلك؟" هو ضغط المكابح والدراجة في ثواني اندفعت تخترق الهواء وتجعله غاضبًا يضربنا من كل انش فينا. ورغم انني لا اخاف الدراجات، ولا احتاج لامساك شيء حينما اكون عليها لانني بالفعل معتادة بسبب العم سيد واصدقاءه لكنني أمسكت بسترة ادريان من الجانبين فاستشعرت تحرك عضلاته اسفل يداي. وحاولت رؤية ملامحه الا ان الخوذة لم تظهر شيء. تأثيري عليه يعجبني.

"تبدين مسترخية."

"انا معتادة، اصدقاء عمي وهو علموني ركوب الدراجات في سن يافع."

"أليس ذلك خطير؟ بالنسبة لطفلة؟"

"عمي كان محترف لذا لم يكن هناك داع للقلق. وهو دومًا حرص على ان اكون مرتدية عدة الامان. احببت ذلك، الامر كان ممتعًا." حركت كتفي.

"دعني احزر خرجت خارج المملكة؟"

"لا" نبرته كانت مستمتعة.

"ميكا ساعدتك بسحرها؟"

"لا."

"انت تستمتع بهذا اليس كذلك؟"

"جدا." قلبت عيناي. وفجاة تصلبت. "المعالج داخل المملكة. " قلت. وحينما لم يرد عرفت انني على حق. انه غير مسموح لاي احد الدخول للمملكة من دون تصريح رسمي وهذا التصريح يعطى في حالات نادرة جدًا مثل حالات الرفقاء من الاصناف الاخرى، حالات الزيارات السياسية..الخ.

"المعالج..هنا بشكل غير قانوني؟"

"انتِ ذكية." بشكل تلقائي احسست بحرارة في وجنتاي، رغما عن ارادتي "ادري." اجبت، ونظفت حنجرتي.

"كيف أدخلته؟"

"انا؟ لماذا قد تعتقدين انني من أدخله؟"

"لانك ادخلت ميكا—"

"لم نكن نحن من ادخل ميكا." انعقد حاجباي. "حصلت على كابوس." قال بصوت منخفض ولم استطع ان افهم اذ ما كان يغير الموضوع ام انه فقط قرر الاعتراف لي الليلة بكل ما حدث له في اليوم.

"عمن كان؟"

"امور. لماذا انتِ مستيقظة؟"

"أمور." اجبت بنفس نبرته، واظنه قلب عيناه.

"هل تريدين استعادة اجنحتك؟ " سألني بترقب، هذه المرة بنبرة جادة.

"بنفس الطريقة التي استعدت فيها اجنحتك؟ لا شكرًا. اريد ان اشفى بشكل طبيعي، لست بحاجة لتدمير ظهري، السحر دومًا له عواقب وخيمة ولا اريد ان اعبث بصحتي."

"قدرة المعالج هي امر طبيعي تمامًا، وانه ليس سحر. هم فقط يمتلكون عقولاً ذكية، يستطيعون سماع اصغر الخلايا والتواصل معها. ومن ثم يأمرونها بأن تسرع في الشفاء."

"هذه تبدو مثل شعوذة، كيف يستطيع احدهم آن يأمر الخلايا ويتخلص من جروح اشهر؟ هذا ليس طبيعي." قلت مستمتعة بازعاجه.

"لیست شعوذة، ما رأيك بأن اتي لك؟ اظن ان بيننا فرق ساعة ونصف. والعلاج لن يدوم لاكثر من نصف ساعة." استقمت بظهري. "هل انت جاد؟ الان؟" كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.

"هل لديك شيء افضل لفعله؟ مثل النوم؟" بقيت ساكتة.

"اذًا سأتي بعد قليل."

"لا تفعل لن اتي معك."

"بالطبع." اغلق هو الخط . وبقيت ارمش في الهاتف، لا اعرف ما الذي حصل للتو.

                                -

ارتديت ملابس ثقيلة والسترة ووشاح حول رقبتي مع قلنسوة لانني شعرت بالبرد، وصحيح انني نويت عدم الذهاب معه؛ أساسًا لم اظن انه سيأتي لان ذلك فقط ضرب من الجنون لكن حينما سمعت صوت محرك دراجة قوي وسط ظلام غرفتي ارتفع رأسي بصدمة. الوغد كان يتحدث بصدق.

اغلقت النافذة ورائي باحكام وتورما كانت ليست نائمة فقط انما شبه ميتة بعد هذا اليوم الطويل؛ خرجت وتفقدت الصوت الذي اخترق هدوء الحي وشوب ظلامه، الصوت اقترب واقترب الى ان ظهرت امامي دراجة سوداء باضواء صفراء متوهجة-نيون- توقفت اسفلي. وعليها رفع ادريان القبعة من على رأسه. "أخبرتك انكِ لا تستطيعين النوم الليلة، ولا شيء افضل لديك." كان يبدو فخور جدًا بنفسه.

"انا لم استطع النوم ولكن من يقول انني سأذهب معك؟" عقدت ذراعاي اشاهده من الاعلى.

"ستأتين، لانكِ حقيرة تريد البروز. وبجروحك هذه لا تستطيعين الفوز في مسابقة للاطفال حتى، لن تستطيعين المشاركة بالتدريبات وعلى الاغلب سترسبين." ابتسامته ازدادت وعلى عكس ما توقعت، كلامه لم يغضبني. انما انخفضت اتمسك بالانبوب واتزحلق للاسفل كما فعلت مرات عديدة من قبل.

"انت محق." نفضت يداي بصوت مسموع ثم دسستها في جيوب السترة اسير اليه. "انا حقيرة بقدر ما انت وغد وكاذب." وقفت امامه مع ابتسامة مزيفة، وهذه المرة كنت بطوله بسبب الكعب الذي ارتديه فكنت بمحاذاة عيناه. ابتسامته أزدادت ولم يشعر بالاهانة. رمى لي خوذته وامسكتها قبل ان تضرب صدري.

"هيا." اشار لي برأسه للركوب وراءه يعيد تشغيل المحرك. "هل شعرت بالغيرة مني؟" علقت الخوذة بمكانها اصعد، أدار رأسه لي يرفع حاجبًا بتساؤل، ينظر للخوذة. "لا اشعر برغبة في ارتداءها الليلة." أخبرته.

"تثقين بي لهذه الدرجة؟" عاود النظر للامام يغلق خوذته الثانية التي اخرجها. "العكس." كان هذا كل ما قلته ولهذا تفاجئت حينما صدرت من اعماق صدره ضحكة خافتة.

"والغيرة؟ ممن؟"

"من دراجتي." ضحكته ارتفعت.

"وانت تبدو في مزاج جيد." رائحته كانت منعشة للغاية، انها المثل لكن المختلف فيها هذه المرة انها قوية وداعبت انفي، تخرج منه في موجات ثقيلة مبتهجة، جعلتني أستنشق عميقًا من دون ان اعي.

"لقد استعدت اجنحتي للتو، من لا يكون في مزاج جيد بعد ذلك؟" هو ضغط المكابح والدراجة في ثواني اندفعت تخترق الهواء وتجعله غاضبًا يضربنا من كل انش فينا. ورغم انني لا اخاف الدراجات، ولا احتاج لامساك شيء حينما اكون عليها لانني بالفعل معتادة بسبب العم سيد واصدقاءه لكنني أمسكت بسترة ادريان من الجانبين فاستشعرت تحرك عضلاته اسفل يداي. وحاولت رؤية ملامحه الا ان الخوذة لم تظهر شيء. تأثيري عليه يعجبني.

"تبدين مسترخية."

"انا معتادة، اصدقاء عمي وهو علموني ركوب الدراجات في سن يافع."

"أليس ذلك خطير؟ بالنسبة لطفلة؟"

"عمي كان محترف لذا لم يكن هناك داع للقلق. وهو دومًا حرص على ان اكون مرتدية عدة الامان. احببت ذلك، الامر كان ممتعًا." حركت كتفي.

"هل وافق والديك؟" سأل باستغراب. "لا، غضبا. ولكنني مازلت فعلتها بالسر. وحينما..توفيا لم يكن ذلك يصعب." ضحك بخفة. والدراجة تمايلت لليمين واليسار، تجعل كل شيء ضبابي اثر سرعتها، تتفادى السيارات الواقفة بسرعة قصوى تجعل العالم يتداخل ببعضه البعض من حولنا. اكثر ما احببته حينما اقود الدراجات في الليل هو اضواء الشوارع التي تتحول الى خطوط متوهجة من حولي، تسابقني. وكأنني ادخل بعد اخر او في الفضاء احوم.

اظن ان هذا هو افضل ما في تجربة الدراجات النارية؛ كل شيء يتداخل الى ان يصبح واحدًا فقط، العالم كله يجتمع في خليط مندمج بشكل غريب وانت فقط..تخترقه، تسابقه، بخطر، بمتعة، بالادرينالين، بذبذبات المحرك الصاخبة التي تتغلل في عظامك. وبالاشخاص الذين يشتمونك حينما تخطف منهم. "ايها الاوغاد!" صاحت فتاة تسير على ممشى الجسر الذي دخلناه ومن سرعتنا وقربنا منها تطايرت ملابسها وسقطت اغراضها على الارض. ولكنني لم اهتم لانني رأيت بجانبها صديقتها تساعدها، ولانني احببت الجسر.

"هل سنخرج من ادولايا؟" سألته، الجسر كان يربط بين العاصمة وثلاثة فروع اخرى؛ فرعين لمناطق ضمن العاصمة وثالث للمدينة المجاورة.

"لا." الجسر كان عريض جدًا، ولكن ما يميز جسر ادولايا هو انه مرتفع فوق البحر، مرتفع للغاية لدرجة انني احسست بالجاذبية في معدتي. والهواء الاتي من اسفلنا، من البحر، كان كثير وقوي اضافة الى الاضواء المائلة للاصفر.
رفعت رأسي للسماء المظلمة المملوءة بالغيوم واخذت نفس عميق. البحر، السماء، الليل والنجوم، بين الارض والسماء. وكأنني احلق من جديد. اغمضت عيناي وتركت خصر ادريان، افتح شعري واثبت قدماي جيدًا، ثم نهضت ببطء.

الرياح بدت جائعة مثل عادتها، تذكرني بالحشرات الصغيرة التي تهجم بعنف على غذائها فورما يسقط، فهي هجمت على جسدي فورما نهضت واخذتني في لحاف من جزيئاتها تلمس وتحسس كل نقطة فيّ.

"جازمين؟" سأل ادريان بقلق.

"ادريان، هل تظن ان الرياح مفترسة؟"

"همم؟"

"هل تظن انها تفترس على اولئك الذين يسقطون ليلًا ويعطوها ارواحهم؟" هي حملت الكثير مما لا نراه، كنت متأكده من ذلك. انها اكبر بكثير مما نعتقده، من مجرد تفاعلات وطقس. اكثر بكثير.

"لا اعرف، ولكن ما اعرفه هو ان الاشخاص امثالنا ينتمون لها. بطريقة ما." لان المجنحين أحبوها، عشقوها. ولكن الاشخاص امثالنا، اعتبروها موطننا.

عقلي حلق الى ذكرى قديمة، حينما اخبرني اوغاسبيان ان الاشخاص البائسين يشتركون دومًا في امورهم. وانا وهو اشتركنا بالاغاني، فتحت عيناي وخفضت نظري الى ادريان. "هل تحب الرياح؟" تمنيت لو كانت إجابته مثل بقية الغربان؛ ومن لا يفعل؟، بالطبع احبها فأنا غراب، هل تمزحين؟ لا يوجد اجمل من الطيران ليلًا في وسط سماء مملوءة بالرياح.

"انها موطني." ارتخت عيناي و عاودت الجلوس انظر له، الف ذراعاي حوله بضغط خفيف، الرياح منزلي انا ايضًا. وهذا المرة، حتى مع الخوذة التي تخفيه، رأيت ادريان المراهق مجددًا؛ الذي كان يصرخ، ودموعه حرقت وجهه بغضب، الذي ركض بسرعة قصوى على الجسر، والذي عانق اغسطس ونبض قلبه خوفًا. وتسألت، ما هي قصة ادريان؟

"اقتربنا." قال يأخذ منعطف ما ان نزلنا الجسر. ورفعت حاجبي حينما رأيت انه يأخذ طريقًا صاخبًا، مملوءة بالسيارات التي تحمل أشخاصًا يرتدون ملابس سهرة، والاغاني مرتفعة مع الضحكات والاحاديث، وعندما رأيت الطابور الكبير عبست.

"ستأخذني الى نادي ليلي؟" اغلبهم بدوا شباب جامعيين، بأعمارنا. ورأيت انهم يستعدون للحصول على ليلة عظيمة للاستمتاع بما ان غدًا عطلة.

"ليس فعلًا لكننا سندخل. لماذا، تريدين الرقص؟" سخر عن قصد وضربت خوذته لتلسعني مفاصل اصابعي بألم كريهه بلعته. هو أوقف الدراجة وركنها عند موقف الدراجات، ونزلت اتفحص المكان. الموسيقى من النادي مسموعة والناس المصطفين اغلبهم حملوا زجاجات نبيذ فاخرة.

"هل انت من اولئك الذين يؤمنون ان المرء يستطيع التشافي بالاستماع للموسيقى؟" استهزأت، واخرج هواءً ساخرًا كضحكة يضغط على الدراجة حتى تثبت مكانها.

"اخبرتك اننا سنرى معالج، هيا."

"كيف سندخل؟" اشرت للصف الذي كان طوله يتجاوز لمنعطف الشارع المجاور، لو اردنا الدخول فعلينا الانتظار لنصف ساعة على الاقل. هو التقط يدي فجأة من جيب سترتي يفاجئني، يسحبني خلفه ريثما يقطع الصف الذي نظر لنا بفضول وانزعاج وغيرة؛ لاننا سندخل قبلهم.

"لدي معارف." اجاب يقف امام الحارس الضخم الخالي من الملامح، هو فورما رأی ادريان انكسرت تعابیره وافسح لادريان المجال للدخول لكنه حمل عيناه لي بتساؤل.

"انها معي." أجابه ادريان فاومأ له من دون اعتراض ورفع الحاجز الاحمر فدخلنا بهذه السهولة.

"اتسأل ما المعارف الاخرى التي تمتلكها." لمحت الى الكثير من الاشياء بتعليقي اللاسع قليلًا. هو لم يرد لان الصوت الذي اندفع نحونا فورما دخلنا كان مؤذي للاذان ومرتفع يرج في كل مكان. الاضواء المتعددة تومض بعنف ورأيت الناس يجن جنونها على حلبة الرقص في المنتصف.

كان النادي واسع، بشكل لا يوصف، ومملوء بالطاقة والحيوية والاشخاص الذين يقفزون بعشوائية مع ايقاع الموسيقى الممزوجة باحترافية، حتى مجموعات الاشخاص الجالسين على الارائك كانوا يرقصون وهم يشربون كؤوسهم. بدى مثل نادي فخم، يستطيع المرء ان يشرب فيه الى ان ينسى نفسه بين هؤلاء الغرباء وموجات الموسيقى. بلعت ريقي واشحت بصري، لا للشرب. واعرف انني اريد الخلاص لكنني لا استطيع الحصول عليه بمصيبة اخرى.

ادريان ضغط على يدي وكأنه استشعر افكاري. "ما الخطب؟" اقترب مني واخذ عيناي من الكؤوس العديدة التي يتجرعها الناس بحماس.

"ما الخطب؟ " سألت ببلاهة امثل انني لا افهم. زرقاوتيه لمعت وكأنها حجر كريستالي قاتم اسفل الاضواء الخافتة الاضاءة، ولم تكن باردة مثل هذه الاضواء، لمعت بحرارة. وتفقدت كل انش من وجهي كي يحصل على اجابة سؤاله بنفسه. ومن ثم بدل ناظريه بيني وبين الكؤوس. واعتقد انه فهم.

"لا بأس." اخبرني ثم ضغط على يدي. "هناك، في النهاية." اشار لسلم في نهاية المكان، وأخذنا الى هناك حتى وصلنا لباب متوهج بالكامل في الطابق الثاني، محفور عليه ابرة وشم. نظرت للباب باستغراب. وادريان دفعه فدخلنا لاندهش من ليس فقط جمال الداخل انما من الهواء الذي حمل طاقة مريحة للاعصاب جدًا.

كانت غرفة كبيرة، مملوءة بالالات المخصصة للوشوم؛ الالات والالوان والمقاعد العريضة التي بدت مثل الاسرة، وعلى الجدران صورًا لا تعد ولا تحصى من الاوراق ذات الرسومات المبهرة. اغلبها بالابيض والاسود وتلك القلة القليلة الملونة بدت بالتأكيد مذهلة ولابد ان صاحبها رسام محترف. اللون الذي خيم على الغرفة هو الاسود لكنها لم تكن خانقة البتة، بل العكس. كانت مريحة.

وهناك التقطت عيناي امراة ترتب زجاجات ملونة في صندوق على ما يبدو مثل منضدة عريضة وطويلة متصلة بالحائط على طول جدران الغرفة. شعرها البني مجعد بكسرات قوية وطويل يسقط لاسفل خصرها.

"اد." صدر صوتها الانثوي.

"ألا اتخلص منك ابدًا" استدارت لنا مع ابتسامة تستند على الطاولة وارتعش نفسي. عيناها حمراء قائمة، مثل فاكهة هايديس، وبشرتها سمراء لامعة. كانت جذابة جدًا. وارتدت قلادات كثيرة حول رقبتها ناعمة من خرز و أحجار مختلفة كما هو الحال مع خواتم اصابعها ابتسامتها أظهرت أنياب قصيرة جعلت جمالها الحاد يتوهج أكثر. بدت في الأربعين من عمرها، وفي الوقت ذاته.. العشرين.

معالجة.

عيناها انتقلت من ادريان لي. "هل هذه هي الفتاة؟" سألت تتحرك من مكانها، ومازلت في ذهول من أمري للتركيز على ذلك المعالجين بكل بساطة ممنوع تواجدهم في مملكتنا مثل أي كائن آخر. ولم أرى واحدًا من قبل. لكنني سمعت عنهم وعن قدراتهم، وعن شخصياتهم. انكمشت معدتي هم لا يقدمون قدراتهم مجانًا.

"الفتاة أتمنى انكِ سمعت أمور جيدة عني. " دسست يداي في جيب سترتي وتركت خاصة ادريان هي شبه اغلقت عيناها.

"ليس فعلا، دائرتي تكرهك. " ادرت وجهي لادريان، وشيء أخبرني انها ودائرتها يعتقدوني سيئة لذات السبب الذي كرهني ادريان أثره سابقا.

"خسارة لهم بالطبع. " قلت فضحكت هي بخفة لا أعرف ما الذي فكر فيه ادريان حينما جلبني لهنا، المعالجين أمثالها لا يقدمون قدراتهم مجانًا لبقية الكائنات ودومًا يطلبون شعرة من طائر مات قبل ملايين السنوات وسقط تحت مؤخرة الكوكب. وفي كلمات أخرى، دومًا يطلبون شيئاً يستحيل ايجاده.

راقبتها، هي كانت ترتدي ربطة رأس عريضة على جبهتها أيضًا، ترجع شعرها للوراء. أخذت كأس ماء عريض ورمت فيه مثل ما بدى مثل مسحوق بني أصابعها الطويلة فعلت ذلك بسلاسة وبطريقة جعلتني أريد فقط مشاهدتها تفعل ذلك طوال اليوم. كل شيء تفعله كان يبعث السلام بطريقة ما وجميل مغري للروح والاسترخاء.

" تايرا هي من أفضل فناني الوشوم في ادولايا ." أدريان تكلم، ولم أحتج لتفسير المعرفة لما هي الأفضل رسومها المعلقة دليل بحد ذاتها إضافة إلى هالتها التي تجعل زبائنها لا يشعرون بالتوتر.

هي خبطت المسحوق والماء بملعقة طويلة ثم تقدمت مني. "خذي. " نظرت لها بتساؤل "ألستِ هنا من أجل علاج اجنحتك؟" اومأت بتردد. "إذًا اشربي." وضعت الكأس بين يداي فنقلت عيناي لادريان أنا لا أثق بها ولا به.

هو فهم وأطلق نفس. ثم اقترب مني وأخذ الكأس، يرتشف منه بما فيه الكفاية لإخباري أنني لن أموت إن شربته أو أنه ليس مخدرًا لافقادي وعيي "كنت سأخبركِ بإسمه إلا أنه أطول من الأيام التي تملكها على قيد الحياة، هو مسحوق يستفز خلايا جسدك للتجاوب مع قدرات تايرا . " فسر، واضاءة الغرفة كانت دافئة لكن الجدران حملت اضاءة متوهجة خافتة زرقاء أيضًا وذلك انعكس على شعر أدريان الفضي وبشرته فأعطاه مظهرًا.

نظرت لتايرا ، وكانت قد أخرجت صندوق خشبي أسود، مملوء بأوراق شجر مختلفة الأشكال والألوان "تفضلي على الكرسي. " أشارت لي بإصبعها ، نظرت للكأس بتردد ثم لادريان قبل أن أزفر الهواء بحدة وأشربه كله. الطعم كان حامض كثيرا .

جلست على المقعد المستلقي وحينما استدارت هي لي مع صندوقها سقطت ملامحها ريثما تمسح هيئتي بعيناها عدة مرات. "ماذا؟"

" اخلعي سترتك. وقميصك وأي شي اسفلهما . " توسعت حدقتاي ولكنها بغتة امسكت بفكي بقبضة ثبتتني في مكاني، سرعان ما قلبي نبض وأصابعي ارتجفت حتى ادافع عن نفسي وابعدها لكنني بقيت ساكنة لأنها .. لم تبدو عليها حركات عدائية إلا ان شيء في داخلي كان مستيقظ للانقضاض عليها. حواسي كانت مستيقظة تتبع أصغر نفس لها .

قربت وجهها من خاصتي تمرر أصبعها على كل انش منه، تتفقده بعيناها بإهتمام شديد ثم نزل اصبعها الى رقبتي وصولاً إلى أسفل القميص حيث المنطقة التي اتصل فيها كتفي ورقبتي، ضغطت بقوة هناك فأصدرتُ صرخة خافتة ورجعت للوراء.

"سنحتاج للمزيد." قالت ترطب شفتيها وتستدير لإخراج صندوق ثاني فركت كتفي بألم. "ما خطبها " هسهست لادريان فأغمض عيناه يطمئنني ولكنني رأيت الابتسامة الجانبية التي يخفيها، الوغد يريد الضحك.

"اخلعي السترة." أمرت تسحب المنضدة لجانب الكرسي وتفرش عليها الأوراق ذات الرائحة المسروقة من الغابات. لم تكن أوراق جافة ابدًا.

"ما الذي ستفعلينه؟" خلعت السترة وعيناي تتبعها. "هي ستنقل جروحك الى هذه الأوراق لتمتص منها الصحة وتنقلها الى جسدك." ادريان فسر يستند عنده على الحائط ويقطب ذراعيه. هذا ما قصده بالتبديل سابقا.

"هل تستطيعين فعل ذلك مع الأحياء التبديل اقصد." اومأت مركزة على عملها

خلعت سترتي. "استطيع فعلها مع اي شيء فيه روح الاشخاص النباتات الحيوانات." أوشكت على خلع قميصي لولا استيعابي انني لا امتلك شيء أقدمه لها مقابل خدمتها. ومن الواضح انها لا تريد الأموال.

"ما الذي تريدينه مقابل خدمتك؟" عيناها ارتفعت فورًا إلى ادريان.

"تستطيعين أخذه إذا أردته، مقابل علاجي. لا أمانع. " تهكمت فأخرجت هي ضحكة مرتفعة "اوه عزيزتي .لا لقد عشت معه كفاية لأهرب منه. لكن ليس عليك القلق انتِ ادريان سبق وأن دفع لكليكما ." نظرت له فحرك كتفه بلا اكتراث عقدت حاجباي.

"انظر خلفك " قلت ففعل خلعت قميصي وما تحته. ثم وضعت القميص على جزئي العلوي أخفيه وأستدير لأعطي الإثنين ظهري المملوءة بالجروح. "تستطيع الالتفات الآن". ولان حواسي كانت يقظة سمعت قدميه تستدير مثلما سمعته يحبس نفسًا حينما سقطت نظراته الحارة على ظهري. أغمضت عيناي. أعرف أن الأمر سيء والكدمات تلونني وهو مصدوم.

"هذه جروح عميقة. " قال واستدرت له بعبوس "انفجر جدار الطائرة علي وحطم ظهري ما الذي كنت تتوقعه؟" نبست بحدة. ورأيت تعابيره التي أصبحت صلبة، قبض فكه. وقشعريرة مرت على جسدي حينما وضعت تايرا يدها على ظهري." ارجوك لا تدمري أجنحتي. " تمتمت ببعض القلق. وهي أخرجت قهقهة صغيرة.

"اوه عزيزتي حينما انتهي منك ستكونين كالطفل الذي خرجت أجنحته للتو. ولا خدش او شائبة." هي أخذت الأوراق وبدأت تصفطها على ظهري.

"هل تستطيعين فعل ذلك مع الغربان المشوهة ؟ " تذكرت المستجد حديث العهد ایراکس "لا يستطيع أحد التدخل بمشيئة الرب. نحن قادرون على معالجة أخطاء الأشخاص فقط. ركزت على كيفية أنها أشارت لجروحنا بالأخطاء.

"أخطاء؟" هي لم ترد إنما وضعت الورقة الأخيرة، كانت قد شكلت سطورًا منها على طول ظهري. "مستعدة؟" نظرت لادريان فأوماً لي يقترب ويقف إلى جانبي.

"اجل" استعددت لأي ألم بارح وأغلقت أجفاني بقوة حينما وضعت يدها في منتصف ظهري، متوقعة أن أشعر بإنقسام ظهري وعظامي لنصفين أو شيء من هذا القبيل لكن ايًا من ذلك لم يأتي إنما أحسست بمثل ما كان مياة باردة شبيه بالصقيع سكبت ببطء شديد في خلاياي وغزت ظهري تنتشر على طوله تتبع أصابع تايرا التي انخفضت للأسفل ثم ارتفعت إلى ان مرت على كل مكان مجرد من الخلف.

"هذا شعور مدغدغ." همست اغمض عيناي أشعر بالراحة في كل مرة أصابعها تمر فوق جرح أو عقدة. أنا لم اكتسب طاقة كما توقعت أن أفعل فورما أشفى إنما أحسست بأنني بخير فقط، أن داخلي أن كريو لا يقاوم بشدة من أجل التئام الجروح وشفائها، أن الطاقة التي كنا نبذلها في الشفاء عادت لأماكنها الصحيحة.

هي مررت أصابعها على كتفي وراقبتهم بإهتمام فتوسعت عيناي حينما رأيت الندبة على كتفي تتبدد ببطء إلى أن أصبحت البشرة هناك ناعمة وكان أحدًا لم يمسها قط. افترقت شفتاي ورفعت رأسي لها لتبتسم لي، ثم أدرتُ وجهي لادريان بتعجب.

"أعرف أنها مذهلة." أخبرني بابتسامة دافئة. تحسست فورًا المنطقة ولم يكن هناك أدنى أثر ناعمة وطرية بعد ان كانت خشنة وغير .. تايرا وضعت أصبعها أسفل ذقني ورفعت لها رأسي ثم مررت إصبعها الخنصر على طرف شفتي صعوداً إلى خدش خفيف للغاية لا يكاد يرى عند حاجبي. "مذهل. " قلت بنفس..مسروق.

بعد ربع ساعة تقريبا شبه انتهينا هي انتزعت الأوراق من على ظهري ومظهرها ضربني بنفس الدهشة كانت جافة ويابسة لدرجة أنها تكسرت إلى أجزاء صغيرة جدًا وتناثرت من يدي تايرا للهواء.

"أصابعك." امسكت بيدي ووضعت عليها ورقة عريضة خضراء. ثم هي مررت أصابعها عليها لكنها لم تلامسها قط. وأملت رأسي أشاهد الألوان في أصابعي تتراجع ببط، وتختفي وكان أحدهم يسحبها.

بينما في الجانب الآخر اخضرار الورقة كان يختفي أيضًا. وكانت تفقد حيويتها وتتحول ببطء إلى طبقة قاسية باهتة. حركت أصابعي ولم احس بالألم لا شيء. "عافية. " تايرا قالت تبعثر شعري ولم ارد عليها لانني مازلت أراقب أصابعي التي تتحرك، من دون كسور أو كدمات ملونة.

"انت .. لماذا لا تستخدم المملكة هذه الخاصية في المستشفيات؟ لماذا لم الحروب للجنودـــ" هشهشني أدريان فورًا بوضع قبضته على فمه. لكن الأوان كان قد فات فأغلق عيناه شاتمًا.

تايرا استدارت ببطء، وفورما تحدثت استوعبت خطئي. "تقصدين لماذا لا تستخدموننا كالخدم عندكم؟" نطقت بحدة خنجر قادر على قسمي لنصفين بنظراتها التي اخترقتني بلعت وابعدت يد ادريان "اعتذر. " قلت بخفوت. "لم اقصد اهانتك أو– وضع ادريان يده مرة اخرى على فمي فأغمضت عيناي شاتمه أنا هذه المرة، مستوعبة أنني زدت الطين بله.

" لابأس أنتم الغربان هكذا انانيين وجشعين تفكرون في أنفسكم فقط. ولكن جيد أننا نضعكم عند حدكم كل مرة." لم أرد عليها لأنها قدمت لي مساعدة كبيرة للتو.

"هذه الأوراق من أشجار نادرة للغاية، نبتت من لب الأرض. ولقد استهلكت منها الكثير لتوي لذا يا ادريان الدين انتهى. لا تريني وجهك مرة اخرى " اخبرته ترمي نثار الأوراق في القمامة.

"لا أستطيع أن أوعدك ذلك."

"ألا تستطيعين المعالجة بقدراتك فقط؟" سألت بفضول.

"استطيع ولكن لماذا قد أهدر طاقتي عليكم؟"

"نقطة جيدة."

"هل تريدون شيء آخر؟ ادريان هل تفكر في وشم؟" ادريان نفى برأسه لكنني تصلبت. وقبل أن أسيطر على نفسي نطقت" أنا اريد وشم." رأس ادریان التفت لي بتفاجؤ.

"ما الذي تريدين وشمه؟ لدي كتاب " هززت رأسي. "لو رسمته لك فهل تستطيعين وشمه؟ " قبل أن أتمكن من الاستيعاب الوشم تكون في عقلي وكل مشاعري هذه الليلة هي التي أمسكت القلم ورسمت الخطوط بسرعة وعجلة.

أردت الشفاء مثلما شفت تايرا جروحي وتمنيت لو أن ذلك سهل مثلما جعلته تايرا يبدو. ولكنه لن يكون سهلا ابدًا. أردت لروحي أن تشفى أن تتجاوز أن تتخطى وأردت شيء يذكرني بأنني لن اتوقف في مكاني، بأنني اتحسن بأنني امتلك الفرصة لأنني أفعل.

أنا لستُ اموري السيئة. أنا لستُ ذكرياتي السيئة أنا لستُ أخطائي السيئة. وامتلكت الرياح حتى تخبرني ذلك في كل مرة سقطت في كل مرة عانقتني واحتوتني. أردت وشم يذكرني بحبي للرياح بأنني سأواصل المحاربة بأنني لن أترك كوابيسي تقتلني.

لن اجعلها نقطة ضعفي.

أعطيتها الورقة ورفعت حاجبيها بانبهار. "هذا واحد مميز." ادریان تفقده وعيناه بقت مثبتة علي طوال فترة وشمه على أصابعي اليمني صعوداً الى رسغي ومن ثم التفات الى ذراعي حتى فوق مرفقي بقليل أستطعت ان أرى أنه كان يبدو مثالي. كما أردت تمامًا، وتايرا محترفة بالفعل لأن الألم لم يكن قوي أو شيء لا أستطيع تحمله. وبقيت اشاهد الابرة تطبع جلدي بوتيرة مسالمة لدرجة أنني أحسستُ بالخمول.

تايرا لفته بكيس شفاف وأخبرتني أن أنتظر ربع ساعة هنا حتى يثبت هي خرجت وتركتني مع ادريان الذي لم ينطق بكلمة حتى الآن.

"السهم المحارب." همس.

"انت..يبدو مثل اسم مناسب. " رفعت رأسي له أحرك ذراعي"فخورة بالوشم السهم؟" سألني وعيناه انخفضت إلى ذراعي.

استغربت في بادئ الأمر حول كيفية معرفته للمعنى وراء الوشم بهذه السهولة لكنني تذكرت أنه ادريان، وعلى الأغلب هذا الوشم يمثله هو ايضًا. اومأت. وجلس هو بجانبي على المقعد أنا كنت قد ارتديت قميصي ورفعت كمه إلى كتفي فلمس ادريان ذراعي يأخذها بحرص ينظر لي اولاً يستأذن فأعطيته إيماءة خفيفة، أوافق.

"كيف فكرتي فيه؟" أصابعه تتبعت الخطوط الرقيقة والناعمة للغاية التي انتشرت على ذراعي بشكل عمودي لكنها لم تكن خطوط مستقيمة بالضبط. إنما مائلة مثل أمواج الصحراء. وكأنها .. الكوابيس التي تدفعها الرياح بعيدا. وفي منتصفها تواجد سهم متوسط الحجم، ينطلق للأمام وسط كل هذه الفوضى

التي تحوله.

"السهم يرمز للمحارب. " همس ادريان مجددًا. يتتبع السهم، وكل لمسة تتركها اصابعه على بشرتي المكان أسفلها يتفجر بالصعقات الكهربائية الضئيلة. "وهذه الخطوط.." ارتفع رأسه لي وعيناه بدت مشتعلة، تخترقني وتنظر الى مايقبع وراء عيناي وكأنه يحاول الدخول لروحي . "الخطوط هي.. ما يؤذيك."

الخطوط هي شياطيني.

اومأت وغرق هو في تفاصيل المعنى.

"تايرا قالت أنها سبق وإن عاشت معك، هل هذا صحيح؟"

"نعم." هو ترك ذراعي واعدتها إلى مكانها لكنه الآن صب اهتمامه على أصابعي. "كيف تركت معالجة تعيش معك؟ كان من الممكن ان تزج في السجن ويسحبون رخصتك في الجيش." نفى برأسه يتنفس بحدة. "لم نعش في المنزل ذاته، كانت جيراني." ترك اصابعي. "زملائك سيشعرون بالغيرة."خفضت عيناي للوشم وحركت أصابعي"على الأقل سيخيف تلك المراهقة الجنوبية الآن." سخرت.

"هي ليست بذلك السوء تعرفين." أطلقت تنهيدة. "اوه فعلا؟" أمسكت عيناه بتحدي حتى يخبرني العكس، حتى يخبرني أن الساقطة الجنوبية التي شتمتني وشتمت والدتي وأخبرتني أن ينقطع نسلي هي ليست بذلك السوء. هو اومأ بذقنه، يتفهم وجهة نظري. "هذا ما ظننته أنا أيضًا."

"ولكن لا تستطيعين لومها، سمعة والدكِ ليست الأفضل هو صاحب الخطة التي ستكون بمثابة مجزرة للجنوب."

"هو ليس كذلك."

"وكيف تكونين متأكده؟" سألني هو بتحدي هذه المرة في عيناه لكن نبرته أثبتت العكس، كانت رقيقة. "أنا أعرفه ليس كأبي فقط إنما كقائد أيضًا." حركت كتفي أشيح بصري عن خاصته.

"ما هو الدين الذي تحدثت عنه تايرا؟" هو أرجع رأسه للوراء يسنده. "حصل شيء ما وساعدتها." رفعت حاجبي. "ألن تعطيني التفاصيل؟"

"لا."

أمسكت بذراعه. "بل ستفعل أنت تعرف أمورًا عني كثيرة وأنا لا أعرف شيء حقيقي عنك..سوى لون شعرك. رفعت نظري لشعره." ولماذا تريدين معرفة أمور عني؟ " تكلم بتحاذق يتحرك ويرفع حاجبه. ولبرهة فكرت في ردة فعله، لو عرف انني أعرف.

"انه عدل اخبرني." أقحم أصابعه في شعره بحركة كسولة "حسنا، كما تريدين لدى تايرا طفلين، عندئذ كانوا في سن يافع تقريبًا اندلع حريق قوي في الحي خاصتنا ومنزلها كان في خطر شديد، أطفالها. وهي لم تستطع فعل شيء. فأخرجتهم انا."

"لم اعتقد انكَ تأخذ دور بطل." ثنيت شفتاي بانبهار أسخر منه.

"ولما ذلك؟"

"لأن مما أرى أنت وغد فقط، ظننتهما إضافة للمئة و.. أنتَ تفهم قصدي."

"أوه حقا؟" سألني بتصنع فأومأت مؤكدة. "هل هما بخير؟"

"نعم، أخرجتهما في الوقت المناسب رغم أنه كان حريق جامح."

"يا لك من شهم." ربت على ذراعه اشعر بدوار طفيف وخمول على الأغلب تأثير مسحوق تایرا. "أين کنتم تعيشون؟" سألت بنية بريئة إلا أن التحول في ملامحه جعلني أستيقظ من جديد. قطبت حاجباي.

"این؟" أمسكت عيناه ولم أسمح له بأن يبعدهما. لأنني عرفت عرفت أن إجابته ستكون فيها شيء أنا أبحث عنه. ردة فعله هذه دليلًا. هو انغلقت تعابيره، ونظر لي نظرة لم افهمها. لم تكن باردة لكن حملت الصلابة واستوعبت ما هي، كانت نظرة توقع، وواحدة بدت وكأنه رفع فيها جدارًا لنفسه. هو ينتظر ردة فعلي على أجابته التي احسست بها تبدل الهواء من حولنا قبل أن ينطقها حتى.

"في الجنوب."

Continue Reading

You'll Also Like

2.4K 304 3
مجموعة من القصص القصيرة التي لاتنفع لأن تكونا كتابا لحالها لكنها تأبى الانسحاب إلى سلة المهملات
663K 32.5K 44
🌼"عندما يصبح الشرّ مغرياً أكثر من الخير ...يستطيع الظلام جذب حتى أكثر القلوبِ نقاوةً ".🌼 فتاة طيبة يوقعها القدر في قبضة شيطان هجين و لكنها تختار بإ...
643 90 6
ماذا لو انعطفت بكَ الطُّرق؟ . . ماذا لو.. لو أدَّت شوارعها لزاوية الجحيم؟ عند رُكنٍ سقط عليه إضاءة من عمود النعيم. . . "ما أنا سوى سجين قلعة شيدت أسو...
746K 76.2K 39
الثانوية، سخافة المراهقين، الحياة الاجتماعيّة المنخفضة والجلوس في الحجز لساعات. هذا ما تدور حوله الحياة، أو على الأقل حياتها هي. آليس هود فتاة الثان...