غراب | Crow

由 itsowhatdoit

2.5M 260K 347K

جازمين ستيلارد كانت غراب. لكنها لم تكن أي غراب، كانت مميزة بكونها جازمين اولًا ومن العائلة العسكرية العتيقة... 更多

تنويه
غراب
اجنحة الدمار.
مدخل | حدث غير مألوف.
٢ | حادثة مقبرة كروفورد.
٣ | نتيجة التقديم.
٤ | الشجاعة.
٥ | التمرين الاول.
٦ | تقاطع الدماء.
٧ | سوار القاتل.
٩ | قد اكون السلام.
١٠ | برودة.
الخنجر والاربعة.
١١ | چين.
١٢ | ارسولا لاغارد.
١٣ | خيوط العنكبوت.
١٤ | الاجنحة السوداء.
١٥ | دماء ستيلارد.
١٦ | الوشاح الاسود.
١٧ | الاكابرس.
١٨ | ايقاع.
١٩ | بحيرة فلور.
٢٠ | شيطان.
٢١ | سكوربين.
٢٢ | ادوار القديسين والملوك.
٢٣ | ثلاثة غربان وحجر.
٢٤ | الافضل للنهاية.
٢٥ | تهويدة.
٢٦ | جازمين ستيلارد.
٢٧ | قربان للاسوء.
٢٨ | شيطان.
٢٩ | اعصار.
٣٠ | الوشم والقصيدة.
٣١ | اول الضحايا.
٣٢ | رايفن.
٣٣ | كمين ايغيس.
٣٤ | الغربان الجنوبية.
٣٥ | السهم المحارب.
٣٦ | السقوط والنهوض.
٣٧ | ضمادات ورصاص.
٣٨ | رجفة، رجفتان.
٣٩ | استراتيجية الالهاء.
٤٠ | ما وراء الجبال.
٤١ | ارينا.
٤٢ | قاتل ارثر.
٤٣ | ديكارسيس.
٤٤ | الفن المدمر، الفن العنيف، الفن الشرس.
٤٥ | طعم مر.
٤٦ | رفيقة جيدة.
٤٧ | لعنة الهاء.
٤٨ | اصل الشياطين.
٤٩ | المجد.
٥٠ | ماسك نواه الشفرات.
٥١ | وان كانوا الجنود يخافون، فمن سيحمي العالم؟
٥٢ | السقوط الاخير.
٥٣ | فكر مثل العدو.
٥٤ | الاسلحة، الجيش، الادرينالين.
٥٥ | قائد السنة الرابعة.
٥٦ | القسم الرابع لجيش الغربان.
٥٧ | ما هو لون ازرقي؟
٥٨ | جيمي بلايز.
٥٩ | ظلال وخيوط زرقاء.
٦٠ | نصل الحرب.
٦١ | اجنحة من دون غراب.
٦٢ | عناق الاجنحة.
٦٣ | الطلب الميت.
٦٤ | انها سخرية القدر، مجددًا.
٦٥ | حديث القبور والعظام..وتخيلات الفتيان والفتيات.
٦٦ | بلاكسان.
٦٧ | اميرة الحرب.
٦٨ | خدوش هازل.
٦٩ | منحدر مأساوي.
٧٠ | المخطط.
٧١ | يرتدي اكثر من وجهين في العلن ويضحك على الجميع.
٧٢ | المعاناة المشتركة.
٧٣ | جناح.
٧٤ | رقصة حفل التخرج.
٧٥ | جسر الغربان.
٧٦ | قوة الحب والصداقة.
٧٧ | في وسط الوحوش نُبنى.
٧٨ | «قطع من الثلج، اشلاء من الثلج.»
٧٩ | مثل الجنوب والكوخ.
٨٠ | الجنوب والجيش والادرينالين.
٨١ | سلبيات وايجابيات.
٨٢ | كلمات جايدن.
٨٣ | خدوش ادريان.
٨٤ | بوابات انتقال عبر المكان.
٨٥ | مخلوقات الليل.
٨٦ | مجرد تغيير..
٨٧ | الابن المكسور.
٨٨ | رسالة من الاجنحة.

٨ | انذار الغراب.

20.8K 2.5K 807
由 itsowhatdoit

تدنيس للاموات، هذا ما كانوا يفعلونه.

الجميع كان في حالة صدمة قوية من الحادثة الفظيعة التي حدثت لدرجة اننا لم نكمل التدريب في ذلك اليوم، لم نستطع حتى وان رغبنا بذلك لان الاشمئزاز الذي كمن في نهاية معدتنا لم يسمح لنا.

العاصمة الان في حالة تأهب لاي هجوم ثالث.
"لم ارى متمردين مثل هؤلاء في حياتي، يبدو ان لا حدود لديهم." جيمي كان غاضبًا، ما فعلوه هو اسوء نوع من انواع الدناءة الرخيصة، تجاوز كل الحدود وشيء حقًا مخل للاخلاق والحياء.

مازلنا مذعورين، خائفين الا ان الاغلبية منا كانوا يشعرون بالاشمئزاز الشديد لدرجة ان الاسبوع الماضي في فترات الغداء لم نسمع صوت تلاحم ملعقة واحدة بالصحون. من يقوم بتعليق جثث جنود حديثي الموت واشخاص نبلاء فوق قصر فقط حتى يهدمه؟ فقط لاثبات وجهه نظر وتوصيل رسالة؟ واي رسالة؟ رسالة من قبل اكثر المتمردين تخلفًا.

"قصر من الجثث، هذا ما جسدوه اليوم." ديكو تكلم بخفوت. "كتبوا سابقًا في هجوم مقبرة كروفورد ان الخائنون لا يدفنون بيننا والان هم يستخدمون جثث من المقبرة فوق القصر عندما سقط وتمت كتابة عبارة لا يعيش الخائن بيننا على القصر وهذا يعني ان رسالتهم واحدة؛ وهي ان الخونة سيسقطون، هم من سيسقطوهم." فسر، صوته الهادىء مازال تشوبه رهبة بشاعة الهجوم لكن الجميع كان يحاول اخفاء ما يشعر به.

"هل يقصدون ان اصحاب هذه الجثث خونة؟" سأل فتى.

"نعم." اومأ ديكو. ثم اندلعت النظريات والاحتمالات وراء دوافع المخربين واظنه محق، هذه هي رسالتهم.

رسالة غبية ومتخلفة مثلهم.

القصر الملكي والعائلة الملكية ضحوا في السابق بالكثير للمملكة، كان سن بعض الجنود الذين تعلقت جثثهم لم يتجاوز سن الثلاثين حتى، كانوا من الابطال الشبان الذين ضحوا بحياتهم في سبيل المملكة!

"لو وقعت يدي على واحد منهم سأحرص على ان ينال اشد عقاب، اسوء العقاب." تمتمت، اقحم اصابعي في شعري بسخط وبتنهيدة ثقيلة لان قلبي مازال ينبض بنبضات عنيفة مرتعدة رغم مرور يومين على الامر لكن عقلي لم يستطع التوقف عن التفكير بضريح والداي، ماذا لو فعلوا شيء لهما؟ ماذا لو ينون على فعل شيء؟ نمى ثقل لا يوصف على كاهلي في اليومين الاخيرين بسبب هذا الهاجس.

قلبي غاص في صدري وكاد يسقط في جوفي حينما رأيت الجثث المعلقة واجبرت نفسي بقوة على التماسك وعدم الانهيار رغم انني شعرت بعقلي يصبح ضبابي ويتوقف لبرهة. حثث نفسي بصعوبة على ان انظر لوجه كل جثة زرقاء حتى اتاكد من ان شيء لم يمس جثمان والداي وحتى مع ذلك وتأكدي الخوف كان مازال متمسك بي لهذا اتصلت بالعم سَّد وبيتر حتى اطمئن من انهم حقًا بخير، من ان لا احد نبش قبرهما وسرق الجثمان او ما تبقى منه.

والشكر، لم يحصل شيء للقبرين.

ومع ذلك شعور عدم الراحة كان في مؤخرة عقلي ينعق بالاسوء؛ من الواضح ان لا حدود لديهم ولا خط مرسوم ومع ان ابي كان من القادة المخلصين والاقوياء في البلاد الا انني بحاجة الى شخص حتى يراقب القبر ويحمي اجسادهم، اغمضت عيناي ارجع رأسي للوراء بتعب.

"ومن ثم قفزنا من الطائرات محلقين بأجنحتنا وسط الاشتباك كما امر القائد ادريان. كان شعور لا يوصف رؤيه كل شيء يتفجر—لا اقول انه امر رائع لا انه مروع ما حصل بكل تأكيد لكن شعور اللاحاق بهم ومحاولة القبض على واحد منهم هو فقط عظيم. وبالاخص حينما اخرجنا المدنيون من القصر ومن تبقى على قيد الحياة شعرت بالاثارة والادرينالين! وبالاخص بالاخص عندما انقذنا ولي العهد، ولي العهد بنفسه." لقد رجعوا بعد اليوم الاول من الهجوم بينما القائدان بقوا هناك. بلعت ريقي ارفع اجفاني نحو ميكا، كرهت كلامها المتواصل عن المهمة.

حصلتِ على المهمة الاولى وعشتِ التجربة، ياي لسنا بحاجة لسماع ذلك كل ساعة لعينة. ضغطت شفتاي احاول الهدوء لان لا ذنب لها اساسًا. المستجدين هم من كانوا يطلقون الاسئلة عليها وعلى الذين تم اختيارهم في كل مرة يمر واحد منهم.

"شعره كان عبارة عن خصلات دائرية سوداء وكأنها نجم نادر غريب او حجر كريستالي اسود لامع من الفضاء." ميلاني قالت بنبرة حالمة ترمي جسدها على مقعد بجانبنا. حدقت بها ومسحت جسدها، ابحث عن سبب إختيارها للمهمة.

استطعت ملاحظة ان ميلاني فتاة امتلكت الجسد المناسب للاشتباك اثناء التدريبات. ومع ذلك، شعرت بالانزعاج انه لم يتم اختياري. انا امتلكت قدرة قتالية جيدة و—

"تبدين وكأنك ستقتلين احدهم." اخرجني من افكاري ومقارنة نفسي بميلاني وميكا جايدن.

"فقط اشعر بالسوء انه لم يتم اختياري." نطقت بالحقيقة وابتسامة ذهبية ارتسمت على ثغره.

"مازال يوجد لدينا وقت، شهور بمهمات مختلفة ووسوم اخرى. اعملي على السيطرة على ردات فعلكِ وغطرستكِ وقد تتمكين من سرقة احدى المقاعد في المهمة."

رفعت حاجبي. "غطرسة؟"

ارجع ظهره للخلف على المقعد يأخذ نفس. "تعلمين، لاحظت ان لديكِ اندفاع كبير من اجل ان تقبضي على عدوكِ لكن ليس لانكِ تريدين القبض عليه بل لانكِ تريدين ان تثبتِ نفسكِ افضل منه." قطبت حاجبي.
"وذلك سيء؟" ضحكة خافتة خرجت منه.

"أنتِ واثقة للغاية، ولهذا تقللين دومًا من قدرات خصمكِ وتندفعين ظنًا منك انكِ افضل منه، هذا قد يؤدي بكِ الى الهاوية في المهمة. لا يجب ان تقللي من شأن خصمك ابدًا."

"هذا ليس صحيح، انا فقط جيد-" توقفت عن التحدث عندما استوعبت ان كلامي يثبت وجهه نظره.

"رايتِ؟ هذا ما كنت اقصده؛ انتِ حالما تقبضين على عدوكِ تظنين انه تحت رحمتك وانه اضعف، ذلك شيء غير صحيح وعلى الاغلب سبب عدم اختيارك." عقدت ذراعاي، اذكر تدريباتي مع جيمي والبقية في اليومين السابقين. القائد قال هذا أيضًا.

ألتفت الى جايدن، اذًا انا لست الوحيدة التي تدرس زملائها.

"حسنًا فهمت ليس عليك شرحه بالتفصيل." اردفت لتخرج ضحكة اعلى منه.

"والان توقفِ عن عبوسكِ هذا، لن ينفعكِ العبوس او النظرات الثاقبة في شيء." تهكم يجعلني اقلب عيناي.
"كيف كانت المهمة؟" سألته بعد وهله ليأخذ وقته في الاجابة، نظر الى نقطة غير مرئية لثواني قبل ان يجيب.

"رائعة، مثلما تتوقعين واكثر لكن في الوقت ذاته..مروعة وشنيعة. كان محق القائد ادريان عندما قال انك ستمر بلحظات تجعلك تسأل نفسك هل اتخذت القرار الصحيح بانضمامك للجيش ام لا لان هذا اول ما فكرت به عندما خرجت من المروحة وقابلتني النيران والدخان والجثث المتعفنة المعلقة."

"وهل اتخذت القرار الصحيح؟" مزاجه تغير فورًا وابتسم.

"بكل تأكيد."

"عظيم."

لدي غطرسة يجب ان اتحكم بها ويجب علي ان لا اقلل من خصمي، ربما جايدن والقائد ادريان محقان—لا اظن انهما محقان لانني فهمت ان جيمي، وهو خصمي، جندي منافس وعلي الحذر منه لكن ان كان هذا ما يراه الحاصل على مكان في المهمة الاولى والقائد اذًا لنعمل على اصلاحه.

رفعت رأسي للسقف، اخذ شفتي السفلية بين اسناني، لتعود ومضات خاطفة لي من حادثة المقبرة ومن سقوط القصر الملكي والكوابيس التي بدأت تراودني ليلًا؛ عن سرقة جثمان والداي والتشبه بهما في العلن، معلقان على رمح.

تصلب فكي. لن اسمح، سأقوم بقتل كل من يتجرأ ويمس عائلتي بسوء، الاموات والاحياء من عائلتي.
"يقال ان المخربين من الجزء الجنوبي من المملكة، الخونة." فتى تحدث بملامح مشمئزة يجذب انتباهي.
"الجزء الجنوبي، المنطقة الشبة محظورة؟" سألت بفضول، اومأ بذقنه.

الجزء الجنوبي كان منطقة شبة مهجورة وغير مناسبة للعيش؛ منطقة وحوش بكل ما تحمله الكلمة من حرف، فيها غربان همجية ومتوحشة متمردة، متخلفة، وهي منطقة مملوءة بالاشعة والسموم.

"لكن الناس يعيشون هناك منذ سنوات ولم نسمع منهم اي تمرد او ثورة خارج منطقتهم، لا اظن ذلك." ميكا قالت. "كما ان عقولهم الهمجية لا تسمح لهم بصنع قنابل يدوية الصنع ومتفجرات من اغراض بسيطة، ذلك يتطلب ذكاء لا يملكونه." تحدثت بكراهية في طيات صوتها واحتقار جعلني ارفع حاجبي.

"لا، هم اذكياء. كيف تعتقدين انهم عاشوا كل هذه السنوات في منطقة مثل تلك؟" الجزء الجنوبي من المملكة كان مركز جرائم أيضًا، سرقة وقتل وتجارة الممنوعات اضافة الى بؤره الفقر والجهل ومهما حاولت المملكة مساعدتهم تمردوا عليها اكثر الى ان استسلمت وتركتهم في منطقتهم لكن لا اظن ان حتى هم قادرون على فعل امر بهذه الدناءة، كل التمردات التي افتعلوها في السابق اقتصرت على تكسير المتاجر وتخريبها، احتكرت في مناطقهم فقط ولم يخرجوا بعيدًا عنها.

"ميكا." قلت فنظرت لي. "مبارك لكِ، على اختيارك في المهمة." تحدثت بخفوت وعانقت جسدي من البرودة التي انتشرت في القاعة مع الاحداث الاخيرة.

او لانني بدأت ارتدي الملابس الرفيعة التي لا تعطي اي شعور بالدفىء لكنني لا استطيع النوم في ملابس ثقيلة.

ابتسمت هي بخفة ثم اخذتني في عناق جمد اطرافي.
"اه، لا استطيع الانتظار حتى نخرج معًا في مهمة." حبست انفاسي، من عناقها الذي ارسل لي برودة ومن شعوري بالذنب انني حقدت عليها وانزعجت من اختيارها، هي جيدة أيضًا وتستحق.

نظرت الى جايدن الذي عقد ذراعيه وقوس حاجبه، وكأنه يخبرني لقد اخبرتكِ، انتِ مخطئة بالاندفاع والانزعاج، ادرت عيناي ابعد ميكا عني.

"اين القائد بيتركس بكل الاحوال؟" سألت ابتعد قليلًا لانني غير معتادة على معانقة الاشخاص الذين تعرفت عليهم للتو وايضًا كي لا اشعر بالمزيد من الذنب؛ طلب ارماني منا ان نجتمع في القاعة لان القائد بيتركس والقائد اغسطس امروا بذلك، قائلًا انهما يريدان الاعلان عن شيء مهم ولهذا نحن هنا منذ ثلث ساعة على ما اظن بملابسنا الاعتيادية.

"ليست لدي ادنى فكرة." اجابت تتفحص الارجاء. الاسبوع الذي مضى تدربنا على يد القائد بيتركس لان قائدنا، القائد ادريان، كان قد بقى في القصر الملكي مع الجيش هو والقائد نولان.

"هل تعتقدون انه شيء يخص الهجوم؟" سأل احدهم. مر اسبوع تقريبًا على وجودي هنا، ويا له من اسبوع ملحمي.

كان القائد بيتركس هادىء جدًا اثناء التدريب لكن صارم للغاية، الا انه امتلك خبرة لا توصف ولا تضاهي بثمن، اقسم انه كل مرة يتنفس فيها اكتسب شيء جديد منه سواء معلومة عامة عن مخلوق ما او حركة قتالية او تقنية نادرة.

الاوراق التي من المفترض ان يختبرنا بها القائد ادريان تضاعفت واصبحت عبارة عن رزمة اخبرنا القائد بيتركس ان نواصل بحفظها وفهمها لحين عودة قائدنا، كانت تتحدث عن معلومات عشوائية عن الكثير من المخلوقات والامور؛ مثل انواع الاسلحة، مخلوقات نادرة ونقاط ضعفها وطريقة قتلها ونظام عملها الحيوي، بعض الشخصيات الاسطورية في تاريخ مملكتنا وانجازاتهم.

حفظت كل سطر وكل حرف وكل نقطة، مازلت مصممة على اثبات نفسي.

"انهم هنا! انهم هنا!" احد الجنود هتف يدخل القاعة وهو يركض يجذب انظارنا كلنا نحوه بعدم فهم وقلق.

"القائد ادريان ونولان هنا والاشاعات تقول انهم قبضوا على احد المتمردين وجلبوه الى القاعدة من اجل التحقيق معه!" هتف يجعل الجميع يركض معه الى النوافذ الضخمة، عيناي توسعت، تم القبض على واحد منهم؟

وجدت دقات قلبي ترتفع رويدًا رويدًا بارتباك، مسحت يداي التي تعرقت من حقيقة كون احدى تلك المخلوقات القذرة هنا وومضت امامي ذكريات حادثة المقبرة وألم انكسار جناحي ثم الجثث الزرقاء التي نظرت في وجه كل واحدة منها فانكمشت معدتي.

"هيا جاز."جايدن سحبني من ذراعي معه للنافذة.

صداع حاد انتشر فورًا في رأسي ونقاط صفراء ظهرت من حولي فورما حطت عيناي على القائدان اللذان خرجا من المركبة العسكرية يمسكون ب—
"هل هذه فتاة؟" سألت ارمش، اشعر وكأنني ارى اوهام.

"المتمرد الذي قبضوا عليه فتاة؟" سأل احدهم بصدمة.

اقتربت من النافذة اكثر، انظر لها، ملابسها كانت سوداء بالكامل وغريبة، واضحة انها مخصصة للهرب من دون عرقلة وللتمويه، شعرها قصير الى الاكتاف ومبعثر، وهناك وشاح اسود ساقط حول رقبتها بينما وجهها احتوى بعض الكدمات البنفسجية والجروح اضافة الى اللطخات السوداء نتيجة دخات الانفجارات.

كشرت شفتي استمع الى الاسئلة العديدة التي اندلعت بين المستجدين ريثما يحدقون خارج النافذة بذهول وكأنهم يشاهدون فضائي لكن ليس انا، لم اكن انظر لها وكأنها فضائية، نظرت لها وذكريات الحادثتان مرت امامي مع كوابيسي المتمحورة حول نبش قبر والداي والتلاعب بأجسادهما.

نظرت لها وكأنها قاتلة، عديمة اخلاق هي ومجموعتها البذيئة، وكأنها شخص يجب ان يقع اسفل يداي حتى اخرج كل ما في داخلي من غضب عليها، وكأنها شخص يجب ان يزج في السجن فورًا. كورت يداي، اتنفس الهواء الساخن من بين شفتاي.

"تبدو شابة يافعة وبكل تأكيد من الجزء الجنوبي، انهم يمتلكون هذا المظهر الجنوني والمختل." قال احد الجنود. مسحت هيئتها؛ شعرها اسود قصير يصل الى اكتافها، طولها متوسط وانيابها كانت مكشوفة بشراسة، ذراعيها مكبلة للوراء واقدامها مصفدة.

ملامحها كانت يافعة جدًا تدل على انها في العشرينات لكن لا استطيع المعرفة ان كانت فعلًا من الجزء الجنوبي. "كيف عرفت ذلك؟" سألت لا ازيح ناظري عنها، اشعر بالقشعريرة التي تمر على طول جسدي في كل مرة اتذكر الهجومين.

"انهم يمتلكون تلك النظرة الجنونية في اعينهم، تميزهم عن غيرهم." تلقائيًا بصري ارتفع الى عيناها وكان كلامه على حق، امتلكت نظرة شرسة متقدة وهي تطالع كل شيء من حولها، نظرة جنوبية.

"الرائحة نتنة هنا." نطقت ترمق المكان وتفاجىء الجميع، لا تبدو خائفة.

"اطبقيه." القائد نولان نبس وادريان شد ذراعيها يدفعها للامام يجعلها تتعثر قليلًا والان فقط حتى انتبهت انه هنا، فعلًا انتبهت له. بدى متعبًا، هو ونولان أيضًا.

وجوههما امتلكت بضعة كدمات وجروح بينما حواجبهما كانت معقودة بهالة من الغضب التي احتوت المكان ومع ذلك كانا يسيران بثقة وتسلط.

"يبدوان الان هما مثل البذور السيئة." احدهم سخر ولم اضحك، المزاج لم يكن مناسب لالقاء مزحة او الضحك كما انهما لا يبدوان مثل بذور سيئة، انهما يبدوان مثل محاربان عادا للتو من ارض المعركة، بالاخص مع ريش أجنحتهما الملطخ بالدماء الجاف.

"هل قتلا أحدًا؟" سألت فتاة بتوجس، وطالعتها ببعض من القلق مثلما فعل البقية، هل فعلًا قتلا احدهم؟
"جايدن هل—" تحدثت لكنه قاطعني قبل ان اكمل، يومأ بذقنه.

لقد قتلوا.

خفضت عيناي ببطء، ووجدتني اسأل نفسي، هل يستحقون القتل؟.

الاجابة كانت واضحة.

بكل تأكيد.

"أهلًا." اجسادنا جفلت واستدرنا فورًا باستقامة على سماع صوت القائد بيتركس يدخل القاعة مع القائد اغسطس الى جانبه. "الاخبار فعلًا تنتقل بسرعة." علق مع ابتسامه صغيرة يمرر بصره علينا ونحن نقف عند النوافذ، على الاغلب سمعنا نثرثر.

"أهلًا." اجسادنا جفلت على الصوت القوي الذي دخل القاعة واستدرنا فورًا باستقامة نحو القائد بيتركس الذي دخل مع القائد اغسطس الى جانبه.

"الاخبار فعلًا تنتقل بسرعة." علق مع ابتسامة صغيرة يرمي نظرة للنافذة ولنا ونحن ننظر من عندها ونثرثر.
"لان القاعدة قبضت على احد المتمردين، كما تعرفون، فأن اللجنة العسكرية قادمة الى هنا في غضون ساعات لذا اريد من الجميع ان يكون في القاعة الرئيسية بالزي الرسمي من دون اية اخطاء، حسنًا؟" امر وعرفت ان مجيء اللجنة يعني شيء مهم ان كانوا هم من اخبرونا بالامر.

"من الافضل ان يكون كل شيء منتظم، لا نريد اخفاقات في القاعدة او حماقة من قبل المستجدين وبالاخص في الوقت الحالي، سيتم الاعلان عن بضعة امور مهمة وعلى الجميع الالتزام بالقوانين بحذافيرها." نظر اغسطس في اعيننا، يؤكد على جدية كلام القائد بيتركس.

-

جلست في القاعة الرئيسية للطعام التي كانت مملوءة بالجنود الذين يرتدون الزي الرسمي بانتظام كما أمروا القادة.

الجنود كانوا يقابلون بعضهم البعض على الطاولات ويتحدثون عن الاحداث الاخيرة، يتسألون عن الاخبار التي سيتم اعلانها اليوم اضافة الى ما سيحدث مع المتمردة التي قبضوا عليها واهم خبر برأي الجميع؛ عودة القادة واختيارهم الجنود الليلة للوسوم والمهمة التالية.

"اظنهم سيعترفون اخيرًا ان هدفهم انقراضنا، لان اصابع البطاطس هذه سيئة بشكل لم اعهده ابدًا، حتى جدتي تعد طعامًا افضل من هذا." تذمر جيمي يبصق البطاطس خارج فمه في منديل ويشرب الماء بوجه منقرف.
"اجدها جيدة." تسأل جايدن يتناول البعض من صحن جيمي، يبحث عن الخلل فيها.

لعبت انا بحبات الجزر والبازلاء، احركهما حول صحني بشهية مسدودة وبرأس لا يتوقف عن توقع الاسوء وفرقعة الكثير من الاسئلة هنا وهناك. من هولاء؟ ما الذي يريدونه؟ وما قصدهم؟

"اظنهم سيعلنون مقاومتهم للحركة التي تحصل." قالت ميكا ريثما تتناول طعامها. "ربما سيختارون جنودًا منا حتى نذهب الى هناك مرة اخرى، مكان الهجوم."

انتصب عمودي فجأة وسرى قلق في داخلي، خائفة من ان يكون كلام جايدن صحيح وان لا يقع الاختيار علي هذه المرة.

"ذلك مستحيل، لم نتدرب الا لاسبوع واحد لن يخاطروا بنا—"وضع ارماني ذراعه على كتف جيمي يقطع حديثه وينخفض لمستواه، يستند على الطاولة بذراعه الاخرى.
"صدقوني سيخاطرون بكم قريبًا والحادثة هذه ستكون سهلة مثل عصر ليمونة مقارنة بالمهام المستقبلية الشرسة القادمة لكم، لا تقلقوا يا شباب، كلكم سيقع الدور عليكم وسيتم اختياركم." قطبت حاجبي بفضول.

"شرسة؟" سألت بخفوت انظر له.

"عصر ليمونة؟" سألت ميكا.

"شرسة، وستكونون انتم الليمون الذي سيعصر عندئذ." اخرجت نفس هازئ ارجع للوراء بمقعدي واترك الشوكة.
"هل يفترض بهذا ان يكون مطمئن لنا؟" سألت ميكا بشك.

الاجابة لم تأتيها لان الجندي الذي يقف عند الباب هتف بنبرة مرتفعة ورسمية. "هدوء!" يقطع الضوضاء تمامًا وينشر السكون حتى اصبح صوت سقوط ابرة مسموع في المكان. ضرب قدمه بالارض ورفع يده الى جبينه يؤدي التحية العسكرية بوجه خالٍ من الملامح، يعلن عن دخول اربعة اشخاص بنبرة هاتفة وعالية قوية وصلت الى بداية القاعة ونهايتها.

اللجنة العسكرية وصلت.

لم أشعر وكأنهم دخلوا بمفردهم انما دخلوا بالقوة معهم، بوسوم اجنحة كاملة على اكتافهم جعلت كل مستجد وجندي في القاعة ينهض ويؤدي التحية في الوقت نفسه لتهتز القاعة وجدرانها بأصواتنا.

اللجنة العسكرية التي تنفذ الاوامر المصدرة من قبل وزير الجيش؛ ومن ثم تعطي الاوامر هي بنفسها للفرق الثلاثة، البرية والجوية والبحرية، كانت اصل كل شيء. او ترتبط ارتباط وثيق بأصل كل شيء في الجيش.

"ها قد جاء الاوغاد، هذا سيكون ثقيل." تمتم القائد اغسطس الى بيتركس ريثما يمر من خلفي، يقف حيث يفترض به ان يقف عند المقدمة لاستقبال اللجنة، كتمت نفسٍ في صدري حتى لا ابدي ردة فعل مستغربة.

هل شتمهم للتو؟ وبالعلن؟

"سيد لينتوس، لوثر، ستيف وجيكس. انه لشرف عظيم لقائكم ومجيئكم الى القاعدة بأنفسكم." صافحهم القائد بيتركس بابتسامة خفيفة بينما اكتفى القائد اغسطس بمصافحة الايدي فقط من دون التحدث، تمت قيادتهم الى المكان المخصص لهم. وقع خطواتهم وهم يسيرون كان مسموع.

شعرت بالاسم يرن في عقلي، الاسم اعرفه وسمعته من قبل، نحن لم يكن مسموح لنا بالنظر لا يمين ولا يسار لكن ازدياد نبضات قلبي والنظرة السريعة التي استرقتها نحو صاحب الاسم جعلتني احول بصري نحوهم بتفاجؤ وصدمة. تصلب بدني.

انه جيكس.

من حلم الثانوية الغريب.

وقف هناك، بين القائدين الثلاث الكبار لتصفعني الذكرى حارقة وساخنة، الفتى ذاته من ذلك اليوم في الثانوية.

احتدمت انفاسي وشفتاي افترقت ارمش، لا اصدق ما اراه، اغمضت عيناي ارمش عدة مرات اكثر ثم اعدت النظر له حتى أتأكد من انني لا اهلوس نتيجة قله نومي او تأثير الهجومات علي.

لكنه كان حقيقي للغاية، يقف على بعد بضعة اقدام مني.

الفتى من الحلم.

—الذي لا اعتقد انه حلم بعد الان.

لم يلاحظني، ابتسم الى القائد بيتركس ابتسامة تكاد تكون هناك، واحدة رسمية بينما يحدثه القائد. سمعت تحرك دمائي الساخنة في أذني، انه ليس حلم.

لوهلة ظننت ان العالم يدور من حولي، والصداع المزعج عاد الى رأسي مع الهواء المنقط بالاصفر، افكار عديدة هاجمت عقلي بوحشية تنهشهُ الا ان اللحظة تلاشت فور دخول القائد ادريان ونولان بوجوةٍ بدت غير مستقرة وغاضبة، يجذبان ابصار الجميع ويسحبان الهواء من الغرفة.

رعشة باردة سرت في عظامي، من المعلومات التي اصبحت متكدسة في عقلي ومن ملامح القائدان، هل حقًا ما رأيته لم يكن حلم؟ الدماء التي كانت تلوث اجنحتهما اختفت كما فعلت كدمات الصباح.

"أهلًا بأبطالنا." القائد ستيف رحب بهما، كان رجل ببذلة عسكرية رسمية مثل بقية اعضاء اللجنة وبكتف يحمل الوسوم النادرة التي يمتلكها.

"سيدي." كلاهما نطقا يؤديان التحية العسكرية ثم تصافحوا جميعًا. الهواء تغير من حولي، اصبح مضغوط اكثر، مشحون بشيء لا اعرفه، ووجدت صعوبة في فهم ما الذي يحصل بالضبط.

عيناي عادت الى جيكس، انه هو، الشعر ذاته والاعين والصوت. وهو حقيقي.

حقيقي خرج من ذكرى حقيقية وليس حلم، كيف؟ وكيف يكون في اللجنة وضمن الحراس؟ يبدو يافع جدًا من بين الاعضاء، شاب، ما حصل في المدرسة كان—اغمضت عيناي اخذ لحظة صمت، اغلق افكاري
واتنفس الى داخل رئتاي ببطء.

لست بحاجة للهلع.

"ابطالنا، نفتخر بكم وبما حققتوه الاسبوع الماضي." مدحهم القائد لينتوس، الهدوء مازال يغزو القاعة، لا احد من الجنود يتجرأ ويتحرك انش واحد.

"انا متأكد من ان الاخبار انتشرت فور وصولها، واحب التأكيد على انها حقيقة. القائد نولان والقائد ادريان تمكنا من القبض على فرد من افراد المجموعة المتمردة التي ظهرت في الاونة الاخيرة." تكلم القائد بيتركس الذي كان بجانبه بقية قادتنا وبجانبهم قادة بقية السنوات وتسألت اين هو رئيس القاعدة؟ يفترض به ان يكون هنا هو وضباطه، يجب ان يتحدث مع اللجنة هو بدلًا من القائد بيتركس كما اننا لم نراه ولو مرة حتى الان.

نظرت الى القائد نولان، لم تكن هناك ابتسامة متغطرسة كما توقعت ان اجد، لم يكن هناك شيء بينما عندما نقلت انتباهي الى القائد ادريان قطبت حاجبي بفضول لانه كان صامت، يشاهد فقط ويستمع، عيناه لا تعطي اي دليل انه معنا الان. انه فقط ينظر ويومأ، يتظاهر انه يستمع لكنني رأيت بوضوح انه لا يفعل. عقله في مكان ثاني. كما انني لاحظت انقباض فكه الطفيف.

"بعد الاعلان، سنخضع المتمردة للاستجواب والتحقيق، علينا اكتشاف اصل هذه التحركات والحوادث المروعة؛ اريد ان اؤكد اليوم للشعب اننا سنأخذ حق كل من تم تدنيس اسمه." قال السيد لينتوس بصدق وانتباهي اصبح مرتكز عليه الان، اصبح مهتمة بمعرفة كيف سيعاقب الفتاة ومجموعتها.

هو تحرك للامام حيث كانت هناك خشبة عريضة ومرتفعة قليلًا عن الارض بسماعة وبضعة مقاعد بالخلف، انها خشبة اعلان وامامها تواجد العديد والعديد من الصحفيين الذين كانوا يلتقطون الصور باستمرار له وللجنة. تم وضع كاميرا تصوير رئيسية امام القادة الثلا—الاربعة؟ لا اظن ان جيكس واحد منهم، ذلك فقط مستحيل، كان يبدو يافع جدًا في البذلة العسكرية، لا يمكن ان يكون قائد او حارس.

الاعلان سيتم بثه في جميع انحاء المملكة.

"نحن هنا نقف اليوم، بشموخ وقوة، يا شعب مملكة كرو حتى نثبت شيء واحد فقط." تحدث القائد لينتوس امام السماعة، بأعين ذهبية خطرة وبشرة سمراء لامعة، يحدق في روح الكاميرا التي تصوره. يحدق في الشعب، يحرص جيدًا ان تصل له كلمته.

"حتى نثبت ان مملكة الغربان، هي مملكة متحدة وواحدة، ان تعرض فيها فرد للاذى نتعرض جميعًا للاذى معه، وهذا سواء كان حي ام ميت، لاننا واحد." الهدوء اصبح قاتل، مخيف، الهواء بنفسه سكن، الجميع يستمع الى شدة قوته، كلماته، نظراته.

"انا القائد لينتوس، من اللجنة العسكرية الناطقة نيابة عن قائد الجيش العام وبأسم قائد الجيش العام ايزيار دايماس، اعلن ان الجيش سيتولى التحقيق في شأن ما حدث من هجومات غير مبررة وغير اخلاقية، وان حق كل من تم تدنيس اسمه من ابطالنا العظماء سيتم استرداده.  واليوم، بعد مرور اسبوع، اعلن للشعب انه قد قبض قائدان القاعدة ديكا القائد نولان والقائد ادريان على احد المتمردين وسنبذل كل مافي وسعنا حتى نستجوبه ونعاقب المتسببين." الانظار-الكاميرات- اتجهت نحو القائدان.

لم يبدوا متفاجئين او اي شيء انما استمروا بوقفتهم الطبيعية، يعطون القائد لينتوس إيماءة ذقن خفيفة، ولكن يبدو ان هذا ليس كل شيء بالنسبة للقائد لينتوس حيث انه اومأ لهما بأبتسامة تكاد تكون هناك ورجع بضعة خطوات عن السماعة، اشارة لهما ان يأتيان ويتحدثان، يسلط عليهما الضوء.

القائد ادريان قبض فكه ريثما ينظر له يحاول اخفاء تعبير غاضب ومنزعج صلب لكنه تقدم ونظف حنجرته للتخلص من التعبير وصعد الخشبة يقف امام السماعة؛ هل لا يريد القاء خطاب؟ لان خطابه يفترض به ان يكون قوي وسيساعد الشعب كثيرًا ويرفع من معنوياته.

القائد لينتوس امتطت ابتسامته قليلًا له، وقد اكون اتخيل لكن هل اجبر لتوه القائد ادريان ان يصعد للضوء؟

"انا القائد ادريان سليندر." ابتدأ الحديث بالنظر للكاميرا.

"واؤكد للشعب ان الجيش العسكري يتعهد بأنزال العقاب على كل من مارس هذه الاعمال القذرة ضد مقبرة سانت كروفورد والقصر الملكي، كل من فعلها وكل من يفكر في فعلها وهذا وعد مني." وجدت شيء ما غريب في الطريقة التي اعلن فيها ان الجيش سيرد بحركة مضادة باضعاف، بلعت من دون سبب واغمضت عيناي للهدوء من جديد.

هل هم الصقور؟ ان كان جيكس—ان كان هو حقيقي فكل ما خضته هو حقيقي ايضًا، من الصقر الى الضربة على رأسي.

هل هذا فعلًا ما يحصل؟ هجوم مباغت من مملكة الصقور؟ هل لهذا السبب الحراس كانوا في الثانوية؟ وربما يستخدمون الصقور بعضٍ من قذارة الجزء الجنوبي من المملكة حتى يساعدوهم؟ اعرف ان مملكتهم تطل على حدود الجنوب، هل سندخل حرب معهم في المستقبل؟ حرب اهلية ربما؟ هل كانوا الحراس يبحثون عن جاسوس؟ ضغطت فكي، حثالة.

من الافضل ان يستجوبوهم حتى يعترفوا بكل جرائمهم، ثم يسجنوهم الى ان تصبح زنزانتهم حياتهم وقبرهم او الافضل؛ ان يحصلوا على اعدام امام العلن.

صوت القائد ادريان انتشلني فجأة من القوقعة التي ادخلت فيها نفسي، القوة التي احسست بها تنتشر في الغرفة وتخترق عظامي ايقظتني ونقلت بصري اليه.

"والغراب لا يخلف بوعده ان انذر بالعقاب لاحدهم." صوته كان غني بشيء مكبوت، شيء متقد في داخله، عيناه لمعت بذلك ووجهه كان مشتعل بشيء مخفي.

احتدت ملامح القائد اغسطس بينما القائد نولان للمرة الاولى ارتخت ملامحه، القائد لينتوس نظر الى القائد ادريان نظرة غامضة ثم ابتسم يخفيها، يومأ له.

احسست بشيء في الهواء، لكنني لم استطع قرأته.

"وبالتأكيد، لن يرف لنا جفن حتى نمسك من وراء كل هذا لذا يا شعب مملكة كرو، اطمئنوا لانكم في ايادي امنة ستبذل كل مافي جهدها لحمايتكم وابناءكم بكل الطرق." اكمل حديثه الذي كان يتم بثه لكامل المملكة ولكل روح صغيرة وكبيرة فيها.

لحظة هدوء قاتل مرت قبل ان يتحدث القائد لينتوس. "اظن، مثلما قال القائد ادريان، احذروا الغراب المنذر بالعقاب اكثر من المنذر بالموت."

هل هو ممكن ان يكون الهواء قد اختفى من الغرفة؟ لا اريد ان اكون في مكان المتمردين حاليًا او تلك الفتاة، لان الهواء لم يختفي فقط، انما استبدل بالغضب الخانق والحقد المكتوم.


-

تحدثوا وراء الاعلان كثيرًا، عن المملكة، عن الملكة وولي العهد، عن الشعب، عن انجازات القادة والتطورات في الجيش الى ان انتهى ما نستطيع ان نطلق عليه مؤتمر عسكري.

طوال هذه المدة كان في عقلي هدف واحد، الامساك بالمدعو جيكس والتحدث معه فور نهوضه من مقعده، كنت اراقبه وكنت متأكده من انه الشاب ذاته من الثانوية، صوته وعيناه وشعره الاسود كانوا اكثر ما دلني على ذلك.

عندما خرجت اللجنة تمامًا من القاعة تم السماح لنا اخيرًا بالخروج من وقفتنا والتنفس بأريحية لكنني لم امتلك الوقت الكافي لذلك لانني ركضت وراءهم بأسرع ما لدي.

اوشكت على الاقتراب منهم فور اقترابي من باب القاعة وتمكنت من رؤيه ظهر جيكس من بين كل الحراس الذين يتبعونهم، مددت ذراعي حتى امسك به واجذب انتباهه ولو لثانية الا ان جسد صلب ظهر أمامي فجأة من لا مكان وقطع طريقي يخفيهم عن ناظري، يصدمني ويرد جسدي للخلف بضعة خطوات.

"ما الذي تحاولين فعله بالضبط؟" بصري انتقل منهم الى الاعين العسلية الخاصة بالقائد اغسطس الذي كان عاقد حاجبيه، طوى ذراعيه على صدره يحدق بي بانتظار اجابة.

نقلت نظري من جديد الى فوق كتفه، اجسادهم تبتعد! اوشكت على البكاء واندفعت مجددًا نحوهم الا انه جرني للخلف من خلال الامساك بذراعي بقبضة مؤلمة قليلًا.

"قلت ما الذي تحاولين فعله؟" هذه المرة سأل نابسًا من بين اسنانه المنطبقة، والشرار يتطاير من عيناه، يظهر نظرات غير محببة اتجاهي. ما خطبه؟

"اعرفه، انه—احتاج للتحدث معه." اردفت بسرعة.

"وتظنين الطريقة الصحيحة هي فقط مقاطعتهم؟ سحب احد افراد اللجنة العسكرية؟ بصفتكِ ماذا؟ مستجد لا يعرف القوانين حتى؟" فتحت فمي للاجابة ثم أغلقته استوعب وانظر لهم، ثم فتحته من جديد لكنه قاطعني يثير الغضب في داخلي.

ستيلارد، هل يوجد لديكِ عقل حتى؟ ام انكِ مثل بقية—" تمت مقاطعته من قبل صوت القائد ادريان.

"اغسطس، يكفي." اغسطس حدق بي لبرهة، بأعين حملت نظرة مخفية اعرفها جيدًا، نظرة كراهية. ولا يستطيع اي احد الكذب علي واخباري ان عيناه لم تحمل نظرة اشمئزاز ايضًا مني.

"سأترك قائدك يتعامل معك على زلاتك هذه التي كانت قد اظهرت لهم انكِ تمتلكين قادة لا يستطيعون تعليمكِ ابسط القوانين حتى." استدار يرحل ويبتعد يتركني في حيرة شديدة من امري.

ما الذي حصل للتو؟.

"هل تمتلكين عقل ام حبة فستق؟" القائد نولان وبخ فورما فتح القائد ادريان فمه لمحادثتي، يقاطعه تمامًا ويقف امامي. "هل تعرفين ما الذي كان سيحصل لو اعترضتِ طريق واحد من اللجنة اثناء سيره؟ لا اعرف ما الذي سيعطونه هم كعقاب لكِ لكنني اعرف انني لن اسمح ببقائكِ هنا دقيقة واحدة لو فعلتيها." لساني انعقد، والان بعد ان اصبح امامي انتبهت ان حاجبه الايمن احتوى جرح واضح يلتئم كما فعل طرف شفته حيث توزع هناك لون قرمزي وبنفسجي طفيف وكذلك حول عينه.

"اعتذر سيدي." قلت فورًا لان سرعان ما ذكر امر الطرد لساني من مفرده تحرك وشكل الحروف والكلمات، عقلي مازال مشوش وضبابي من كل شيء يحدث.

"اعتذار واحد اخر وانتِ مطرودة، اذهبي الى غرفتكِ." القائد ادريان نطق بنفاذ صبر، وكأن ما يحصل الان هو اخر همومه.

"لكن سيد-" جادلت لان اعتذار واحد ليس عدل، هذا يعني خطأ واحد اخر وانا مطرودة! حتى وان كنت قد أخطأت—اعرف انني فعلت وحتى وان ازعجت شقيقه، هذا ما يفعله المستجدين لكن على الاقل من ثالث خطأ يتم طردهم! نحن مازلنا جدد.

"قلت الى غرفتك ايها الجندي!" اردف بصوت مرتفع حاد جعلني ألقي التحية واطبق فمي وفكي، بصوت جعل قلبي ينبض، وجهي اشتد في محاولة الحفاظ على ملامحي الرسمية.

ابن الفاسقة.

رطمت الباب بالحائط فور دخولي غرفتي المشتركة، اركل بقدمي حقيبتي التي بقرب سريري.

نفخت الهواء وشددت شعري وانا اتذكر المدعو جيكس، الضربة الحقيقية على رأسي، الحديث عن الصقر والمهمة، هجوم مقبرة كروفورد وهجوم القصر الملكي والجثث المعلقة ومن ثم الوعد الذي قطعه القائد ادريان.

الوعد الذي قطعه للعالم ولي، ان ينتقم من مَن كان السبب وان خطأ واحد اخر سيكلفني الطرد من القاعدة ديكا.

صرخت ارجع رأسي للوراء.

لا استطيع ان اخفق بعد الان.

繼續閱讀

You'll Also Like

2.3K 205 6
الشعور بالمعدن في رقبته و السائل الذي ينحدر على عنقه يبلل زيه المدرسي جعل عقله يصاب بزنّة توقّف الزمن. الألم الذي خالجه لن يفوق الصدمة لمباغتة أحدهم...
3.8K 185 7
مَن قَال أن الجَحيم مَوجود فَقط بَعد أن تَلقى أرْواحنا حَتفها؟ فَقد سَبقتُ الجَميع بِعيشي بَين بَراثينها الى أَن طَرحتني جَسدا بلَا رُوح. حَتى الجَ...
706K 43.6K 24
هذه الليالي باردة للغاية، مدفأتي مشتعلة و كتبي تتوسط الأرض، أفكاري تتأرجح بين الشيء و اللاشيء، أغراضك لا تزال في مكانها، مشاعري لك لم أخطط قط لنكرانه...
7.7K 604 6
« أيها الغريب. بسكويت - قصة قصيرة.