في العشق والهوي

By SaraElkhshab

351K 11.2K 2.3K

رواية/ غير مكتملة سلسلة عن العشق والهوي.. الجزء الثالت.. "إن القلوب رغم البعد تتصل" الرواية حصلت قبل اكتمله... More

المقدمة 🌱
💙الفصل الأول💙
💙الفصل الثاني💙
💙الفصل الثالث💙
💙الفصل الرابع💙
💓الفصل الخامس💓
💓الفصل السادس💓
💓الفصل السابع💓
💓الفصل الثامن💓
💓الفصل التاسع💓
🌱الفصل العاشر🌱
🌱الفصل الحادي عشر🌱
🌱الفصل الثاني عشر🌱
🌱الفصل الثالث عشر🌱
🌱الفصل الرابع عشر🌱
🌱الفصل الخامس عشر🌱
🌱الفصل السادس عشر🌱
🌷الفصل السابع عشر🌷
🌷الفصل الثامن عشر🌷
🤍الفصل التاسع عشر🤍
💙الفصل العشرون💙
❤️الفصل الواحد وعشرون❤️
💘الفصل الثاني والعشرون💘
💘الفصل الثالث والعشرون💘
🤍الفصل الرابع والعشرون🤍
❣️الفصل الخامس والعشرون❣️
🤍الفصل السادس والعشرون🤍
❣️الفصل السابع والعشرون❣️
💗الفصل الثامن والعشرون💗
🌷الفصل التاسع والعشرون🌷
🧡الفصل الثلاثون🧡
إعلان نوفيلا العيد 😘 🤗
❣️الفصل واحد وثلاثون❣️
الفصل الثاني والثلاثون ❣️
🌼الفصل الثلاث والثلاثون🌼
🌼الفصل الرابع والثلاثون🌼
🌼الفصل الخامس والثلاثون🌼
🌹الفصل السادس والثلاثون🌹
🌹الفصل السابع والثلاثون🌹
💞الفصل الثامن و الثلاثون💞
💞الفصل التاسع والثلاثون💞
💘الفصل الأربعون💘
🌼الفصل واحد والأربعون🌼
🌷الفصل الثاني والاربعون🌷
🌷الفصل الثالث والاربعون🌷
🌷الفصل الرابع والاربعون🌷
هام جدا 😎
🌷 الفصل الرابع و الأربعون🌷
🍀اقباس☘️
يا ألف أهلا 🤗
يا ألف أهلا 🤗
تنويه 📢
🥀الفصل الخامس والأربعون🥀
للتوثيق 😚
شوية تهيس😂
أقتباس من الفصل 46😘
هالوووو 🤗
اقتباس مدمر 🤨
🍀الفصل السادس والأربعون🍀
تنويه 📢
تنويه 📢
🍂الفصل السادس والأربعون🍂
أقتباس من الفصل 47 💞
🌿الفصل السابع والأربعون 🌿
سؤال؟؟
🌷 الفصل الثامن و الأربعون 🌷
💗مشهد إضافى💗
سؤال مهم؟؟؟
🍀الفصل الثامن والأربعون🍀
تنبيه هام 🎤
اقتباس (من الفصل 49)
🍀الفصل التاسع و الأربعين🍀
تنويه هام 📢
🌷 الفصل التاسع و الأربعون 🌷
دمااااار 🙉
🌷الفصل الخمسون🌷
هام للمتابعين....
أقتباس ❤️
إعتذار 🙏
🍁الفصل الواحد وخمسون🍁
🌷الفصل الثاني والخمسون🌷
أقتباس 🥀
احمممممم 😊
🥀الفصل الثالث والخمسون🥀
أقتباس لذوذ 🤗
🌸الفصل الخامس والخمسون🌸
لمحة من الفصل الجاي 💕
🌸الفصل الخامس والخمسون🌸
فلوج الفصل 56
أقتباس ❤️
🌺الفصل السادس والخمسون🌺
صباح الخير
أقتباس متقدم 🌼
💜الفصل السابع والخمسون💜
💜أقتباس الفصل 58💜
💖الفصل الثامن والخمسون💖
🌷 الفصل التاسع و الخمسون🌷
🍃أقتباس الفصل 60🍃
🍃الفصل الستون🍃
إلاعلان الأول للفصل 61 🤭
🌱الفصل الواحد وستون🌱 ج1
🌱الفصل الواحد وستون 🌱 ج2
عضوة جديدة ❤️
🌿الإعلان الأول الفصل 62🌿
🍀الإعلان الثاني من الفصل 62🍀

🌼الفصل الرابع والخمسون🌼

7.2K 209 59
By SaraElkhshab

صباح الفل والياسمين 💙
جمعة مباركة عليكم يارب

منتظره نجمات كتير ******* على الفصل

*قبل خمسة أيام*

توقفت السيارة الخاصة التي استأجرها من  المطار  أمام بوابة المشفى، حيث كان صفوت في انتظاره عند وصوله، أشار له عندما لمحه وهو يتقدم منه :
"حمدلله على السلامة"
سأله لاهثًا وهو يصعد درج المشفى الخارجي درجتين  درجتين دون توقف كأنه يسابق الهواء حتى يطير إليها:
"عاملة إيه دلوقتي؟ طمني عليها ياصفوت"
دلفا معًا إلى المصعد، ضغط صفوت زِر الطابق الثالث :
"الحمدلله أحسن من إمبارح، هي نايمة دلوقتي بسبب المهدئات اللي اخدتها في المحاليل"
أمسك رأسه و تراجع للخلف وهو يهتف بقلق :
"محاليل و مهدئات إيه اللى بيحصل ده، ليه يا ليليان ليه ؟"
نظر اليه صفوت بشفقة قائلا بنبرة حزينة :
"الدكتور اضطر يعلق لها محاليل لأنها ضعيفة جدًا و
كان لازم مهدئات محديش عارف الحالة اللي هتكون عليها لما تفوق"
غادرا المصعد و صفوت يكمل :
"من كرم ربنا عليها الحمدلله إنها كانت شاربة عصير برتقان قبل ما تاخد الحبوب، الدكتور قال إن العصير هو اللي قلل بشكل سريع جدا مفعول الأقراص اللي أخدتها"
توقف سراج فجأة أمام صفوت و سأله بعينين حمراء تملأها الدموع :
"عملت كده ليه؟ ليه بالبساطة دي هانت عليها روحها عشان تفرط فيها بشكل ده؟"
ناظره صفوت بإشفاق على حالته البائسة وأجابه بنبرة يتخللها الحزن :
"اليأس و الحب يعملوا أكتر من كده، إنت سبتها أكتر من ثلاثة شهور من غير ما تسأل عنها أو ترد عليها أو..."
قاطعه صارخًا وهو يدفعه بقوة في صدره :
"يعني أنا السبب؟ أنا السبب!! إتكلم ياصفوت"
ربت صفوت فوق كتفه يهمهم بهدوء :
"إهدى يا سراج، إنت محتاج تِهدى علشان تقدر تقف جنبها هي محتاجة لك، اطمن عليها الأول و بعدين روح البيت ارتاح شوية"
ضرب فوق جبهته مرات متتالية بقوة منهارًا ببطء حتى وصل للأرض أمام أعين المارة رافضًا التحرك:
"مش هرتاح غير لما أسمع صوتها، أشوفها قعدة قدام مني و أطمن عليها"
جثي صفوت القرفصاء على عقبيه أمام هذا المحطم البائس و إبتسم في وجهه الحزين الممتلئ بالدموع يُهادنه :
"إن شاء الله هتقوم بالسلامة و تقعد معاها و تحلوا الخلاف اللي مابينكم بهدوء"
ساعده على الوقوف وحثه :
"قوم اغسل وشك و استجمع نفسك علشان تطمن عليها، هتشوفها من ورا الازاز ده لحد ما تفوق"
همس وهو يبتلع غصة مؤلمة :
"يعني مش هقدر أدخلها"
هز صفوت رأسه بنفي :
"لا مش هينفع للأسف.. هي في العناية والدكتور مانع أي زيارات لحد ما تصحى"
أطلق سراج العنان لأنفاسه الملتاعة ثم غمغم بنظرات يشع منها القهر و الحزن :
"إنت عندك حق أنا السبب، أنا اللي وصلتها لكده، لي لي أنا بحبها ياصفوت، بحبها كان غصب عني"
أغمض عينيه مؤكدًا له :
"عارف.. وهي كمان بتحبك.. دلوقتي هو أكتر وقت لازم تكون جنبها فيه، تصحى من محنتها تشوفك جنب منها ايدك في ايدها، أدخل اغسل وشك لحد ما أجبلك قهوة مع حاجة تأكلها، أنا واثق إنك ماكلتش أي حاجة من وقت ما عرفت"
صاح قائلا وهو يمسح دموع عينيه :
"مش عايز آكل ولا أشرب عايز بس أشوفها بخير وقتها هيكون ليا نفس لكل حاجة"
ربت صفوت فوق ظهره يدعمه بكل قوته :
"بإذن الله أزمة و هتعدي وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم"
غمغم سراج :
"ونعم بالله، أنا هروح أغسل وشي"
حينما عاد ماشيًا ببطئ وهو بوجه شاحب و رأس مبلل بالماء توجه مباشرة نحو غرفة العناية و هناك وقعت عيناه على السيدة العاملة لديها تجلس بجانب صفوت في صمت..... فأومأ برأسه يحيها دون صوت، ثم استدار نحو نافذة الغرفة الزجاجية التي ترقد من خلفها حبيبته النائمة في سلام فوق فراش أبيض باهت اللون لا يفرق عن لونها الشاحب كالأموات، و رغم ذلك تبدو في عينيه أجمل الجميلات :
"ليليان حبيبتي أنا هنا جنبك، افتحي عيونك عشان خاطري، أنا آسف حبيبتي، أسف إني إتخليت عنك و سبتك وحدك ماكنش بإيدي، كل اللي حصل بينا كان أكبر مني ومنك، أنا أسف"
بعد أكثر من ساعتين ظل فيهما سراج واقفًا لا يتحرك أمام نافذة الغرفة، مالت أم محمد على صفوت الذي يحتسي القهوة السوداء المرة حتى يتغلب على نُعاس عينيه تسأله بخفوت :
"وبعدين يا أستاذ صفوت هو الأستاذ سراج هيفضل يا كبدي واقف على حيله كده؟ ده ياعيني بقاله أكتر من ساعتين واقف متخشب قدام الأوضة"
مسح صفوت وجهه متنهدًا بإرهاق :
"خليه براحته ياست أم محمد، هو مش هيرتاح غير لما لي لي تفوق و يطمن عليها بنفسه"
دمدمت السيدة متحسرة تمصمص شفتيها :
"ياعيني عليكم يا بني كان مكتوب لكم فين ده كله؟ الله لا يسامحه أبدا اللي كان السبب أهو راح عند اللي خلقه بقا مافيش فايدة من الكلام"
أدار صفوت وجهه نحوها بقوة يسألها باستغراب :
"هو مين ده اللي راح عند اللي خلقه؟"
عقدت السيدة حاجبيها هاتفة من بين أسنانها بصوت خافت مغتاظ :
"الله يرحمه بقى المنيل على عينه جوز الشؤم، جوزها  شاكر ولا شاكل أنا أعرف إسمه بقا، هو ده اسم"
همس صفوت بدهشة :
"مش وقت مشكلة الأسامي، قصدك شامل جوز لي لي مات!! امتى و ازاي؟"
قالت وهي ترفع طرف وشاحها فوق كتفها :
"من شهرين ولا تلاته كده و أكتر والله مانا فاكرة المهم أن جالها الخبر ع التلفون، و كانت ياحبة عيني بتعيط لا تعرف منه فرحانة ولا منه زعلانة، كأنها في اليوم ده نزل عليها سهم الله وشها جاب ألوان وفضلت قعده ساكته  مطرحها تقولش صنم يابني ومن وقتها وحالها اتشقلب أكتر، ده غير أنها ماكنتش عارفة حاجة عن أستاذ سراج والهم بقا همين"
ابتلع صفوت ريقه و أصابعه تتخلل خصلات شعره بلا استيعاب، و أثناء اللحظات الصادمة التي يعيشها بينه وبين حاله، اقترب سراج منهما قائلا بصوت متعب :
"صفوت روح إنت ارتاح أنا موجود ولو سمحت وصل الست أم محمد في طريقك عشان لازم ترتاح هي كمان بقالها يومين هنا"
رفضت أم محمد قائلة لسراج مبعثر الهيئة و المشاعر:
"لا يا أستاذ سراج أنا هفضل هنا معاكم لحد الست ما تقوم بالسلامة يارب وأطمن عليها أنا كمان يابني"
أخذ نفسًا عميقًا وجلس فوق المقعد مقابلهما يدفن رأسه بين ذراعيه دون تعقيب، فهو لا يتحمل ألم رأسه الشديد.. نظر صفوت نحوه ثم نهض بالراحة :
"يلا ياست أم محمد كفاية عليكي كده، رَوَحي ارتاحي و تعالي بكرة ان شاء الله، القعده هنا مش هتفيد بحاجه
هي نايمه أصلا"
أومأت السيدة برأسها تنهض مع صفوت الذي قبضت يده فوق كتف سراج الجالس في صمت :
"هروح أرتاح ساعتين و أجيلك بسرعة، محتاج أجبلك حاجة و أنا جاي من البيت"
نظر الى ملابسه المجعدة بشدة و التي لم يبدلها منذ  أخبره صفوت نهار أمس على الهاتف بما حدث، توجهه مسرعًا إلى المطار دون أي تفكير في شيء غيرها، فقط جواز سفره هو الشيء الوحيد المهم الذي كان يحتاجه الأن في تلك الساعات الطويلة التي تفصله عن رؤيتها و الاطمئنان عليها، وعن طريق خاصية الحجز الإلكتروني عبر الإنترنت قام بحجز تذكرة الطيران للعودة إلى وطنه وحبيبته :
"خد راحتك... أنا مش هتنقل من هنا، بس وإنت جاي لو سمحت هاتلي معاك هدوم نظيفة، عشان أغير"
"حاضر، اهدا لي لي هتكون كويسة بإذن الله"
تحرك صفوت وخلفه أم محمد التي توقفت أمام سراج و ربتت فوق كتفه متمتمة بالدعاء :
"ربنا يطمن قلبك يابني ويهدي سركم يارب"
رفع سراج عينيه إليها مبتسمًا مؤمنًا :
"اللهم آمين يارب العالمين، شكرًا ياست أم محمد"
*في المساء*
عاد صفوت بعد أن أخذ قسط من الراحة و أعد بعض الوجبات السريعة بأهتمام، ليأتي بها مع حقيبة تحتوي على ملابس نظيفة لسراج الذي مازال يجلس في مكانه ينتظر حبيبته أن تفتح عينيها :
"السلام عليكم ورحمة الله، إيه الأخبار؟ لسه نايمه"
رد سراج بإقتضاب :
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لسه زي ما هي الدكتور قالي إنها هتفوق خلال ساعة من دلوقتي وأهو أديني مستني"
اقترب ببطء من الواجهة الزجاجية العريضة و أمعن النظر إليها لوقتٍ طويل حتى شعر بصفوت يقف جانبه ليقول ووجهه يبتسم بأمل :
"عندي خبر حلو هيفرحك عايز أقولك عليه "
تنهد سراج قائلا دون روح وهو لا ينظر نحوه :
"مافيش أي خبر أو كلام ممكن يفرحني غير إني أشوف لي لي بخير"
هتف صفوت بتأكيد :
"بس أنا واثق بقا إن الخبر ده بالذات هيفرحك، ع الأقل هيديك أمل كبير في تطور علاقتكم إنت و لي لي"
تلك المرة إلتفت نحوه سراج بإهتمام، و ابتسم وهو يرفع ذراعه ليضعه فوق كتفه صفوت ليقول  :
"عارف ياصفوت ساعات كتير بحسدك والله و بأتمنى أكون زيك عندي كمية الطاقة الإيجابية و الأمل بالحياة دي، ماشاء الله عليك رغم حاجات كتير سلبية مريت بيها بحياتك إلا إنك لسة عندك أمل في كل حاجه"
ضحك صفوت بمرح وقال :
"الحمدلله على كل حال، هنعمل إيه بس ما احنا لو سٍبنا نفسنا للهموم يبقى مش هنخلص ابدا و هنتعب أرواحنا ونفضل طول عمرنا عايشين وإحنا شايلين هم بكره، ربنا موجود ياعم عيحلها من عنده"
قال سراج مبتسمًا :
"الحمد لله على كل حال، هه قولي إيه الخبر الحلو بقى اللى واثق انه هيفرحني"
رفع صفوت حاجبه ورد :
"قبل ما قولك عايزك توعدني إنك هتاكل من الأكل اللي تعبت نفسي و وقفت عملته لحضرتك عشان عارف إنك مش بتحب تاكل من بره"
اتسعت إبتسامة سراج تلك المرة وهو يهز رأسه قائلا :
"و ساعات كمان بحسد نفسي عليك.. تصدق عندي كده احساس إنك واخد دور ماما الله يرحمها في حياتي مش بتفوت كبيرة ولا صغيرة طبعًا بعد ماما سهيلة"
رفع كتفه يمزاحه :
"خلاص اعتبرني زي خالتي ليلى الله يرحمها و ماما سهيلة وعمي مالك كمان رحمة الله عليه، يعني أبوك و أمك وتِسمع كلامي بقا"
قطب سراج حاجبيه رافعًا كفيه :
"لا كده كتير أنا أكبر منك يعني المفروض أنا اللي أبقى مهتم بيك و ناعي همك مش العكس"
صمت صفوت للحظة و بعدها قال بحزن خفي خلف إبتسامة مترددة :
"مش هتفرق وعلى فكره إنت و بابا أكتر اتنين بيهتموا بيا، ع الأقل بتهتموا بيا وقت اللزوم، سراج أنا عمري ما هنسى أبدًا وقفتك جنبي في أيام الإصلاحية، في الوقت اللي كل حد من العيلة اتبرئ مني حتى أقرب الناس ليا، كل حد منهم منع إبنه عني و خاف على بنته مني قالوا ده دخل اصلاحية وبقى صاحب سوابق، إنت كنت بتنزل من لندن و تيجي لحد عندي تزورني و تدعمني، وتفضل تقولي إنت لازم تذاكر و تدرس وتدخل امتحان السنة، عمرك ما شوفتني أبدًا بعين الناس اللي قالوا عني مجرم، يبقى مش عايزني دلوقتي اخاد بالي منك
ده كلام بردك"
زفر بقوة وأغمض عينيه بقوة ثم فتحهما مغمغًا :
"شوفت هنخرج عن الموضوع المهم، هتاكل عشان أقول ولا إيه؟"
أومأ سراج برأسه وعاد بوجهه ينظر إلى حبيبته :
"خلاص تمام هاكل.. بس الأول خليني آخد دش و أغير الهدوم اللي عليا ديه عشان حاسس نفسي على وشك التعفن و ريحتي كريهة، كويس جدًا إنك حجزت جناح عشان أقدر ادخل الحمام.. هاااه قولي الخبر بقا"
غمز صفوت بطرف عينيه قائلا :
"هقولك، شامل جوز ليليان اتوفى من كام شهر بس للأسف في حادثة، انضرب رصا*صة في بيته في لندن"
فغر فمه غير مصدقًا وعيناه اتسع بؤبؤها ببطء، لينزع نظارته الطبيبة عن عينيه التي أخذ يضغط فوقهما بكل رفق وهو يقول بتقطع :
"ما..ت إز..ااااي مم..مين اللي قالك؟"
أجابه صفوت محاولا استيعاب ذهوله :
"الست أم محمد هي اللي قالتلي بنفسها، أنا بقا قولت أتأكد الكلام ده صح ولا غلط دخلت على أخبار الصحف في لندن و عرفت إنه مات مقتو*ل جوه بيته برصاصة و من أكتر من تلت شهور"
أدار سراج وجهه نحو جسد لي لي المسجي فوق فراش العناية، ثم عاد من جديد يتظر لصفوت :
"علشان كده كانت بتتصل بيا و تبعتلي رسايل كتير جدا مفكرتش افتح وحده منهم حتى، فكرت أنها عايزه تهرب من جديد خصوصًا بعد تهديده ليا قدام عيونها"
أغمض عينيه للحظات و عنقه يتحرك بصعوبة ثم استدار و ابتعد عن النافذة يجر قدميه متجهًا للمقعدة
بينما كان ذهنه مشتت هدر بحروف متقطعة كعادته حين يغضب :
"غب..ي غغغب..ي كاا..نت مح..تا..جني فك..رة بكل
انا..نية اخ..ت قرا..ر غب..ي"
تكلم صفوت قائلا بنبرة هادئة تبعث بالتفاؤل وهو يضغط فوق كفه المقبوض حول معصمه :
"خلاص اللي حصل حصل واللي فات فات مالوش اي لزوم تلوم نفسك بشكل ده، جه الوقت اللى تقف فيه جنبها تعوضها و تعوض نفسك عن السنين اللي فاتت و ضاعت منكم بسبب أبوها و بسبب جوزها الندل ده
سراج أنت عملت كده عشان بتحبها، فكر ازاي تعوضها
و تعوض نفسك"
أوما رأسه بابتسامة متسعة تحمل بريق الأمل الذي كان قد فقده منذ سنوات :
"يعني لي لي بَقت حُرة، خلاص بقت حرة، مافيش أي مانع بينا، مبقاش فيه حاجه تقدر يبعد عن بعض "
ضم صفوت شفتيه وهمس :
" مبقاش فيه خلاص"
عاد يهز رأسه وقلبه يرتجف وهو يردد في همس :
"إن شاء الله، هعوضها و أعوض نفسي عن بعدنا عن بعض طول السنين ديه كلها، كفاية كده، إحنا اتعذبنا بما فيه الكفاية"
رفع رأسه لصفوت الذي بدأ على ملامحه الشرود وقال
وهو يقف :
"تصدق أنا جوعت جدا يا صفوت، هدخل الأوضة آخد دش و أجيلك بسرعة خليك هنا مع لي لي، خليك هنا جنبها علشان تشوفنا حوالين منها لما تفوق بإذن الله"
تذكر دائمًا أنك أنت وحدك الذي لن أستبدلك حتى وإن أخطأت سأسامحك ثم أحبك مرة أخرى.
                               ****
أخيرًا فتحت عينيها ووجدته بجانبها يمسك بكفها، رفعه نحو فمه ولثمه برقة هامسًا بشفاهه الساخنة وهو يبتسم :
"حمدلله على السلامة حبيبتي"
مدت يدها الآخرى لتمسك بكفه الذي أطبق تلقائيًا على أصابعها و قالت بخفوت:
"سراج إنت هنا"
تبسم و العبرات الساخنة تلسع مقلتيه قائلا لها:
"كده توجعي قلبي عليكي حبيبتي، كده تموتيني و أنا عايش، ليه لي لي؟ والله أنا ماستحقش دمعة واحدة من عيونك"
هزت رأسها و ابتسمت رغم أن الابتسامة لم تصل إلى عينيها المتعبتين الناعستين وهمست بتعب :
"تستحق,, سراج الدين مالك، انت تستحق كتير جدًا"
لثم كفها بشدة حتى انفرجت شفتيه و تذوقت طعم بشرتها الشاحبة المسكرة متمتمًا:
"يااااه سراج الدين مالك عارفة من قد إيه ماقولتيش اسمي كامل كده"
أدارت وجهها للجهة الأخرى هامسة وهي تبكي بضعف مؤلم :
"من يوم ما بقيت لغيرك و بِعِدت عني"
لمس برقة كتفها الظاهر من شق رداء المشفى يحرك إصبعه فوق عظمة كتفها البارزة كما لو أنها أرادت أن تنمو و تتحول لأجنحة ! تنهد يهمس بصوته الهادئ:
"مافيش بُعد تاني يا لي لي، من هنا و رايح في سراج و ليليان وبس"
كيف لا تسامحه وقد ذاقت حبه؟!! حب رجل لن يتكرر، رجل وقعت فيه منذ زمن بعيد بكل جوارحها، حبه لا يضاهيه أي شعور آخر في الحياة، لم تقوَّ على الكلام وهي تسمعه يهمس بجانب أذنها :
"بحبك يا ليليان، بحبك و عمري ما حبيت غيرك إنتِ اتمنيت أعيش معاكي بقية حياتي، أجيب منك ولادي أساميهم تبقى مرتبطة باسمي و اسمك ، حتى بعد ما بقيتي لغيري فضلت أتمناكي انتِ وبس"
اهتز جسدها برجفة بسبب بكائها الضعيف،تحاول أن تكتم كل شهقة مؤلمة تخرج من بين شفتيها المضمومتين.
سألها وهو يمسح دموعها برفق :
"اوعي تفتكري إني هسامحك على اللي عملتيه ده، حسابي معاكي بعدين لما تبقي في بيتي"
همهمت وهي تَرمُقه بذهول :
"بيتك!!! "
أومأ برأسه مجيبًا:
"أيوه بيتي، إحنا هنتجوز يا لي لي"
ازداد ذهولها بل تحول إلى صدمة عميقة تُطِل من عينيها الصافيتين مرددة :
"نتجوز! سراج أنا متجو......"
قاطعها قائلا وهو ينظر إليها متحديًا وكأنه قرر نهاية فراقهما :
"لي لي أنا عرفت، شامل مات، اتق*تل كنتي بتتصلي بيا
عشان تقوليلي صح؟"
تنفست بسرعة كأنها تركض في أرض واسعة لا نهاية لها، ثم أخذت تنقل عينيها بين ملامح وجهه الذائبة و بين يده التي تمسك بيدها بقوة لتُجيبه غاضبة :
"و مارديتش عليا، بعدت عني، شهور كتير وأنا بحاول أكلمك أقولك محتاجاك، وبعتلك رسايل ماكنتش حتى بتشوفها، ومن قبل ما أعرف إنه مات كنت بحاول أتواصل معاك علشان تقف جنبي"
نزع نظارته ووضعها فوق الطاولة بجانبه وضغط فوق عينيه مرددًا بنبرة متقاطعة :
"ماااا قدرتش أشوفه جن..بك بعد ماقو..لتي..لي إنه ..إنه.. إنه.. خلا..ص هيط..لقك فجأة ألااااقيه وااااق..ف قدامنا"
أمسكت كفه البارد بين يديها الناعمتين تدعمه حينما شعرت بتوتره و تقطع كلماته كما يفعل دائمًا عندما يغضب أو يحزن أو يضعف :
"سراج كفاية، كفاية أرجوك"
أخذ يمسح وجهه والدموع تطرف عينيه :
"حس..يت انننن في أمل نكوووون لبعض، قل..بي رجع مر..ة تاااانية ين..بض، بسس هو رج..ع عش..ان يهد..م الام..ل ده"
ضغط فوق كفها وهو يسحبها الى صدره ليطلق العنان لدموعه المكبوتة منذ أن تركها في هذا اليوم برفقة هذا الحقير، هاربًا منها ومن نفسِه ومن كل هذا العالم الذي حوله :
"خلينا نتجوز لي لي، نتجوز حالاً، نتجوز هنا"
همهمت باكية وهي تضمه إليها بكل قوتها الواهية و أناملها الضعيفة تتشبث بظهره :
"مش هينفع، مش هينفع نتجوز، مش هينفع يا سراج"
أبعدها عنه ناظرًا لها بتساؤل صامت وهو يضم وجهها النحيل ذا البشرة الشاحبة المشدودة فوق عظام بارزة رقيقة، و هاتان الشفتان الباهتتين، و العينان المسحوبتان يتواريين خلف ضباب دموع الخوف.. بلع ريقه وهو يسألها تلك المرة بصوت مسموع :
"ليه.. ليه مش هينفع يا لي لي؟"
قلبت شفتيها تبكي بخوف:
"مش عايزة أكون السبب في أي حاجة وحشة تحصلك يا سراج، خايفة عليك منهم"
هز رأسه وهو لا يفهم:
"خايفة عليا من مين؟ اتكلمي.. لي لي ماتخافيش أنا هنا جنبك"
مررت ظهر يدها على جانب وجهه وذقنه الناعمة :
"اللي قتلوا شامل؟ هددوني إنهم هيقتلوك إنت كمان لو ماخدوش الألماس، عشان كده ماكنش قدامي حل غير إني أموت نفسي علشان أقدر أحميك منهم"
قطب حاجبيه مرددًا :
"الألماس إيه؟ ومين الناس دول وعايزين منك إيه؟ قوليلي على كل حاجة يا ليليان "
أغمضت لي لي عينيها بشدة قائلة بإستسلام لقدرها الذي جمعهما معًا من جديد:
"هقولك كل حاجة؟"
هدأت أنفاسها المضطربه بعد أن انتهت من قص كل شيء على سراج الذي استمع لها بإنصات بدايةً من زيارة شامل المفاجئة لها بذلك اليوم و طلبه الألماس الذي يخص صفقته الأخيرة مع والدها و تهديده لها، ثم معرفتها بعدها بأيام قليلة بمق*تله على يد رجال المافيا الذين يتعاون معهم..
وبعد مق*تل شامل تلقت إتصال من رجل يدعي إكس قدم لها واجب العزاء، وقد تبين من لكنته الإنجليزية أنه روسي الموطن، ثم تفاجئت به بعدها يحدثها بأمر الألماس طالبًا منها العثور عليه وتسليمه اليهم بأقرب وقت وتوالت المكالمات وأصبحت نبرته يشوبها التهديد المباشر بقتل حبيبها سراج...
قالت لي لي وهي تخفض وجهها :
"علشان كده مش هينفع نتجوز، سراج لازم أبعدك عن أي خطر"
رفع وجهها يهمس أمام شفتيها وهو يبتسم :
"الخطر هو بُعدي عنك، من اللحظة دي، من دلوقتي انتِ بقيتي مسئولة مني لي لي، وأنا اللي هتصرف مع الناس دول"
تمتمت لي لي بخوف :
"أنا مش عارفة مكان الألماس، هو فين ولا مع مين؟ يعني في خطر عليك"
رد بعنف :
"وعليكي انتي كمان يعني فاكرة لما تقولي لهم ان مافيش اي علاقة تربطنا ببعض وإنك ماتعرفيش فين مكان الزفت ده هما هيبعدوا عنك بسهولة، مستحيل طبعًا"
جلس بجانبها على الفراش و أمسك بيدها وقال بكل تصميم عزم عليه:
"حمايتك بقت مسئوليتي، من هنا و رايح مش هخليكي تتعرضي لأي أذى، وعلشان كده لازم نتجوز بسرعة وأنا هعرف أتصرف معاهم"
هزت رأسها وهي تتشبث بيده قائله بخوف :
"أنا خايفة عليك يا سراج"
هز رأسه وهو يحتضن يديها قائلا بحب :
"ماتخافيش حبيبتي، ماتخافيش من أي حاجة، أنا جنبك مش هسمح لأي حد يلمس شعرة منك أبدًا"
تركها سراج حتى ترتدي ملابسها و تستعد و خرج من الغرفة ليتصل بصفوت الذي كان يجلس بمقهى المشفى ينتظره قائلا له بحماس :
"صفوت أنا عايز مأذون الليلة، و كمان عايز عمي الحاج ولدك يكون شاهد على العقد"
ضحك صفوت قائلا بارتياح :
"ألف مبروك يا سراج"
فتحت عينيها الناعستين بإرهاق وظلت لبرهة تفكر وهي تستوعب وضعها الجديد، لقد أصبحت زوجته بعد سنوات الشقاء و ألم الفراق..
حدقت في ظهره المستقيم ووقفته المهيبة بالشرفة شاردًا ككل صباح في أمواج البحر المتلاطمة...
راهنت نفسها أنه سيشعر بها الآن دون أن يراها و يلتفت نحوها مبتسمًا تلك الابتسامة الهادئة كصوته، يضع كفيه في جيبي سرواله قائلا:
"صباح الخير"
ها هي قد تكسب الرهان من جديد... همست وهي تعدل قبة قميص نومها الذهبي:
"صباح النور..... حبيبي"
تمتم سراج وهو يقترب منها بعربة الإفطار و ينظر في وجهها المشرق مبتسمًا بدفء :
"الفطار وصل"
ردت برقة تذيب صخور البحر التي تلاطمها الأمواج:
"عايزة نسكافيه؟"
رفع حاجبيه يطقطق من بين شفتيه وناولها بيضة مسلوقة مع قطعة من التوست المحمص :
"مافيش نسكافيه إلا بعد ما تخلصي فطارك وتشربي عصيرك وتاخذي أدويتك كلها، بعدها أوعدك هشربك أحلى نسكافيه"
ضمت شفتيها وهي تأخذ ما بيده تسأله :
"في أتينيوس؟"
ضحك قائلا وهو يدهن الجبن فوق قطعة من التوست ويقضمها :
"لسه فاكرة ؟"
أومأت برأسها في رقة :
"طبعًا فاكرة.. مرة جينا اسكندرية بعد حفلتك في الأوبرا علشان نفطر فول و فلافل و نشرب قهوة في أتينيوس، يومها قولتلي الاسكندرانية يقولوا فلافل مش طعمية"
اتسعت عيناه باندهاش وهتف:
"واااااو ذاكرتك قوية، ماشاء الله، وبعدين؟"
حدقت في عينيه المبتسمتين خلف زجاج نظارته وأكملت:
"كنت مبهورة بجمال اسكندرية في الشتاء و المطر، كان أحلى يوم و كانت أول مرة أشوف بلد حبيبي، قولتلك خلينا نقضي اليوم هنا دخلنا سينما الشارع كان فيلم..."
أكمل وهو ينظر بعينيها ذائبًا عشقًا :
"فيلم رومانسي The Best of Me رواية من روايات نيكولاس سباركس، و عيطي لما البطل مات"
لمعت بعينيها دمعة أسى :
"افتكرت إن ممكن نهاية الفيلم تكون نهاية مختلفة عن الرواية بس للآسف مات داوسون"
قال سراج وهو ينظر لها بنوع من الاعتراض :
"بس أنا شايف إن النهاية كانت مناسبة جدًا خصوصاً إن أماندا كانت زوجة و أم"
وضعت كوب العصير فوق الصينية و هتفت بعناد :
" وليه أصلا نيكولاس سباركس فرق مابينهم من الأول؟ ليه خلاهم يبعدوا عن بعضهم؟ ليه بعد 15 سنه يجمعهم تاني!! عشان يعذبهم؟ علشان تشهد أماندا على موت داوسون و تتعذب الباقي من عمرها؟"
خلع سراج نظارته يضغط فوق عينيه وقال مشاكسًا :
"انتِ لسه مصممة إن النهاية وحشة؟"
أومأت بتصميم :
"زفت، لسه مصممة على رأيي، وعلى فكرة كانت دي نقطة الخلاف مابينا لما قرأنا الرواية و كمان بعد ما شوفنا الفيلم"
زفر بحنق :
"يظهر إن نقطة الخلاف هتفضل مستمرة، أنا شايف ان النهاية عادلة جدًا، ابن أماندا الوحيد كان على وشك الموت لما قلبه اتضرر في الحادثة، ولولا موت داوسون ماكنش ابنها عاش"
هبت من فوق السرير و تخاصرت هاتفة :
"إيه الفايدة إن قلب حبيبها يتحط مكان قلب ابنها؟"
هز رأسه ونهرها بغضب هادئ :
"هو أنقذ إبنها من الموت وفي نفس الوقت قلبه هيكون دايمًا قريب منها، دي النهاية الطبيعية لي لي"
هزت رأسها رافضة :
"نوووو.. النهاية الطبيعية إنهم يكونوا لبعض بعد الفراق، كده كده أماندا ماكنتش مرتاحة مع جوزها وكانت بتفكر في الانفصال، بس نيكولاس كالعادة بيفرق العشاق"
وقطبت حاجبيها وهتفت بغيظ:
"وإنت لسه مصمم انها نهاية طبيعية؟"
أومأ برأسه:
"وهفضل مصمم"
تصاعدت أنفاسها بينما تخضب وجهها باللون الأحمر، وضعت خصلة شاردة من شعرها بعنف خلف أذنها وتمتمت :
"خلاص بلاش نقاش في الرواية و الفيلم دول بليز"
رفع ذراعيه مسلمًا :
"أوك، بس إنتِ اللي فتحتي موضوع النقاش مش أنا، كنا بنتكلم عن يوم اسكندرية فجأة اتحول الكلام الى فراق داوسون و أماندا"
نظر لبعضهما البعض ثم انفجرا بالضحك معًا، فقالت لي لي من بين ضحاكاتمها :
"يومها اتخانقنا كده تمام"
قال وهو يرتدي نظارته :
"في مطعم السمك و طول الرحلة من اسكندرية لحد القاهرة في القطر"
أشار نحو عربة الإفطار برأسه قائلا :
"تعالي كملي فطارك لحد ما آخد شاور عشان ننزل"
رفعت كتفيها :
"شبعت الحمد لله"
أمسك مربع من التوست كان قد دهنه بالزبد و مربي التوت الأسود أثناء حديثهما الشيق عن الفيلم وناوله لها :
"طيب كلي ده عشان خاطري"
هزت كتفها هامسة :
"مش قادرة خلاص شبعت خالص"
توقف أمامها مائًلا عليها وطبع قبلة رقيقة فوق شفتها المقلوبة قبل أن يدس طرف الخبر داخل فمها :
"عشان خاطري"
أومأت رأسها دون كلام ثم تركها سراج و ذهب ليتحمم.....
ظلت ليليان تنظر في أثره وهي تمرر انأملها ببطء فوق شفتها بشرود، تفكر بأن سراج لم يقترب منها ولم يلمسها حتى الآن كزوجة.
جلسا في أكثر الأماكن قربًا إلى قلبهما، سراج يشرب قهوته الفرنسية مستمتعًا بهواء البحر، و لي لي تحتسي النسكافيه بنكهة البندق مع تشيز كيك الفستق وهي تتلذذ بطعمها الرائع، ‘لتفت نحوها سراج بوجهه ينوي سؤالها عن مكالمة هذا الإكس رجل المافيا لكنه تراجع عندما رآها ، و أنها في حالة الاستمتاع و شعور باللذة بكل شيء حولها مع الهواء المنعش:
"احمم لي لي"
نظرت إليه مبتسمة:
"نعم حبيبي"
هل مازال ينتابه الإحساس بأن الزهور تتفتح داخل قلبه عندما تناديه حبيبي؟! نعم مازال يعود لهذا الشاب الخجول الذي غرق في عرقه و خجله عندما جاءت نحوه فتاة في العشرين من عمرها تعترف له دون تردد وهي تنظر في عينيه قائله :
"I LOVE YOU, YOU ARE AWESOME"
تلك الجميلة التي تحضر كل حفلاته و تذهب خلفه جميع دول أوربا، وتصفق له بحرارة و حماس وعندما يفتح عينيه المغمضتين أثناء عزفه يجدها أول من تلاحق عينيه، حتى تعود عليها و باتت عينيه تبحث عنها في جميع حفلاته...
"سراج كنت عايز تقول حاجة؟"
تنحنح يجلي صوته :
"احممم أه كنت عايز أقولك إننا هنرجع القاهرة بكرة إن شاء الله، عشان عندي محاضرات في المعهد من يوم السبت، أنا عارف إنها أجازة صغيرة بس أوعدك....."
"من غير وعود، كفاية إننا هنرجع على البيت مع بعض وهنكون مع بعض دايمًا حبيبي"
قال وهو يُقَبِل كفها المعلق بكفه:
"هنكون مع بعض دايمًا إن شاء الله، أاه لي لي على فكره إحنا هننزل على البيت عندك، علشان أنا صممت إن صفوت يفضل في شقتي القديمة، هو كان عايز يمشي بس أنا رفضت و بشدة"
وافقته بحماس قوي :
"برافو سراج انك صممت إنه يفضل، صفوت بجد إنسان رائع و محترم مش هنسى أبدًا وجوده جنبي في المستشفى، غير إن عمو باباه راجل طيب جدًا"
ابتسم برضا وقال باهتمام :
"هي فترة مؤقتة لحد ما أدور على شقة تانية قريبة من وسط البلد و...."
قاطعته رافضة :
"ليه يا سراج تدور؟! شقتي موجودة و قريبة جدًا جدًا من وسط البلد وكمان فيه فيلا التجمع"
هز رأسه بهدوء رافضًا :
"مش هينفع لي لي.. لازم المكان اللي هنعيش فيه مع بعض يكون أنا اللي جايبه بفلوسي، دي الأصول حبي"
وقبل أن تتكلم كان هاتفه يدق و كان صفوت الذي ألقى التحية على سراج ثم قال :
"سراج أنا عارف انكم راجعين بكرة ان شاء الله، عشان كده نظفت الشقة كويس وهمشي الليلة منها"
زفر سراج قائلا بضيق :
"أنا قولتلك إنت مش هتمشي من الشقة، اعتبرها شقة العزوبية ياسيدي، و كمان العفش اللي فيها مش هيناسب لي لي، ده كله عفش عُزاب"
تمتم صفوت برفض :
"مش هينفع.. سراج أنا كمان مش هينفع أعيش هنا لوحدي و كمان..."
فتح نافذة المطبخ المطلة على نافذة مطبخ الشقة المقابلة لتلتقي عيناه بعينيها التي حدجته بغضب:
"وكمان مش عايز أبقى لوحدي"
استغرب سراج سكوته ثم كلامه البطيء كأنه يطحن الحروف أسفل ضروسه :
"صفوت حتى لو مشيت الشقة هتبقى مقفولة.. على فكرة إحنا أسبوع و مسافرين على لندن بس أخلص شغلي في المعهد و الأوبرا و هاخد اجازة طويلة، يعني أنا مصمم"
حاول صفوت الكلام معترضًا :
"وأنا...."
قاطعه سراج :
"وإنت هتسمع الكلام و هتقول لماما سهيلة إني راجع بكره ان شاء الله وعامل ليها مفاجأة"
تنهد صفوت وأجابه :
"تمام هقولها.. على فكرة هي سألت على لي لي قولتلها إنها بخير حتى الست أم محمد كلمتني وقولتلها إنها كويسة ولما ترجع هتتصل بيها،أنا ماجبتش سيرة جوازك إنت و لي لي لأي حد ولا حتى ماما و روفيدة"
تذكر سراج روفيدة و انتابه الحزن عليها، مازالت الفتاة تُعلق عليه آمالها برغم أنه لم يمنحها أي وعود، يجب أن يخبر خالته فبالأخير هي في مقام والدته.
"تمام يا صفوت خالتي أنا هزرها و أقولها بس يارب تقدر
ظروفي و ماتزعلش منك و من عمي "
التوت شفتاه بسخرية وهي يرفع حاجبه محدقًا فيها بغضب :
"ماتشغلش بالك.. ماما بتزعل مني بسبب أو من غير سبب، يعني هي في حالة زعل دائم مني"

                      ****************
أمام نافذة المطبخ المفتوحة على مِصرعيها وقفت وداد تقطع خضروات السلطة و عيناها معلقة على النافذة المغلقة المقابلة لها، تحركت بآلية وهي غير مدركة لحالة التوتر المصاحبة لها تتساءل في نفسها :
"هو فين؟! إيه الحشرية ديه يا وداد؟"
رفعت يدها تبعد خصلات شعرها المبعثرة بعيدًا عن عيناها التي طرفت تقل بغضب :
"ماشاء الله بقيتي نسخة من نفيسة، لا إنتِ عدتيها بمراحل.. أوف يعني"
فتحت النافذة بقوة جعلتها ترفع عينيها لتتقابل مع عينيه وهو يتحدث في الهاتف.. شهقت و اتسع بؤبؤها وهي تراه يقف أمامها عاري الصدر دمدمت بغضب :
"قليل الأدب مش متربي"
و استدارت عنه لتكمل تحضير وجبتها الصحية بعد عودتها من ممارسة الرياضة بالنادي، أخرجت صدر دجاجة مسلوق من الطنجرة وضعته في طبق، وعندما عادت إلى موقعها أمام النافذة لتكمل تقطيع خضروات السلطة كان قد اختفى...
أغلق الهاتف مع سراج وهو يراقبها تتجول أمام عينيه في المطبخ الواسع بعد أن اتسعت عيناها الجميلتين واحمر خديها، لم يرى احمرارهما لكن يثق أنهما الآن كجمرتين مشتعلتين.. إلتوت شفتيه مبتسمًا بعبث ثم بدأ في عمل طعامه.
توقف عن تفصيص فصوص الثوم حينما رن جرس الباب، وحين رفع رأسه تفاجأ بها تراقبه بفضول، لم يهتم بنظراتها القاسية و الحانقة كعادتها و كأنها تضع أسفل ضرسها فصًا من الحبهان، وجد نفسَه يغمز لها بطرف عينيه غمزة جعلتها تتلبك و ترتبك، و تبعد نظراتها على الفور، تحرك نحو الباب ليفتح وهو يتوقع أي شخص إلا شقيقته الآتية مثل القضاء :
"روفيدة !!"
نطق اسمها مستغربًا فجدحته روفيدة بنظراتها الباردة و الغير مبالية، و كأنه لا تكفيه الأخرى المزعجة بنظراتها المستفزة لتأتي شقيقته و تناظره بعداء غير مبرر! سألته وهي تكتف ذراعيها :
"إيه هتسبني وقفة عالباب كده كتير؟ مفيش اتفضلي!"
"ادخلي..."
سأل صفوت بلا إهتمام و استدار بجسده متوجًها نحو المطبخ وهي خلفه :
"إيه اللي جابك؟"
أخذ كنزته من فوق الكرسي ليرتديها ثم عاد إلى عمله في تفصيص الثوم، ولكن قبلها كان قد ألقى نظرة على الأخرى الشاردهة في شئٍ ما أمامها، مدت روفيدة رأسها تحدق فيما يفعله قائله بسخرية :
"شكلك مبسوط بالقعدة هنا"
قال دون أن يلتفت لها :
"مرتاح جدًا، اممم ماقولتليش إيه اللي جابك، يكونش خير يارب مثلا وحشتك؟"
زفرت قائلة بشكل مباشر :
"وحشتني ازاي أنا لسه شايفاك من يومين"
نظر إليها وهو يعقد حاجبيه كأنه يحاول الفهم لينفرج بعدها حاجبيه ويقول ساخرًا :
"ع الاقل اكذبي عليا، بلاش يبقى وشك مكشوف كده قدام أخوكي، داري إنك جايه لحد هنا تسألي على سراج"
انقلبت ملامحها كعاصفة هبت غاضبة :
"احترم نفسك و إنت بتكلم مع أختك بلاش ألفاظك السوقية ديه، ألفاظ ال....."
سكتت، فأكمل هو بهدوء :
"ألفاظ الإصلاحية سكتي ليه ما تكملي باقي كلمتك"
بنفس الوقت التي تعالت أصواتهما بنوع من الصياح الخافت نوعًا ما، كانت وداد قد انتبهت بأن هناك فتاة بجانبه.
فغرت فاها بحنق قليلاً وهي تخرج فورًا من المطبخ تردد بغضب :
"مين ديه كمان؟ الواطي الحيوان عامل فيها الشريف هي وصلت به الوقاحة و السفالة يجيب واحده لحد هنا كمان؟ و الهانم محجبة و محتشمة! لا كده كتير جدًا وحاجة مايتسكتش عليها أبدًا"
عادت إلى المطبخ وهي تحاول أن تتخفي بين أرجائه الواسعة بعيداً عن النافذة حتى لا يراها و يظن أنها تراقبه، وقفت خلف الباب الزجاجي للنافذة تحاول استراق النظرات أو سماع أي شيء وهي تخرج رأسها بين الحين و الآخر لتراقب ما يحدث في فضول غريب عليها.
تسألت وهي تقضم شفتها المرتجفة :
"هيعمل معاها إيه؟ يووو هتكون جايه شقة عازب ليه يعني تصلح الحنفية إن شاء لله، أكيد جاية للبيه عشان...."
عضت شفتها بغيظ شديد كاتمة أنفاسها من سوء افكارها.
تصلبت ملامح صفوت أكثر و ترك ما يفعله و أسند جزعه الطويل على الرخام البارد قائلا بصوت متشدد :
"سراج مش هنا، تعبتي نفسك وجيتي ع الفاضي، بس خدي بالك أنا مش هعدي مِجيتك لحد هنا كده بالساهل،و هشوف رأي بابا إيه في البجاحة بتاعتك ديه"
ازدردت لعابها قائلة بعناد :
"ماما عارفة وهي اللي طلبت مني آجي أطمن على سراج عشان مش بيرد عليها، فيها ايه؟"
هدر صفوت رغم هدوئه فجعلها تنتفض بمكانها :
"تقومي تيجي شقة واحد عازب عايش لوحده حتى لو كان ابن خالتك؟ كنتي متوقعه إني مش هنا، عيب على الحجاب اللي فوق راسك يا محترمة، يا متربية، بعدين ازاي ماما أصلا تطلب منك كده؟ ما هي بتكلمني كل يوم ماسألتنيش ليه أنا أسهل على سراج ولا أنا أخرس مش هعرف أرد عليها؟"
يبدو أن صوته المرتفع قد وصل للآخرى ولكن بكلمات غير مفسرة لم تتبينها جيدًا، مدت رأسها بحرص شديد من خلف الباب الزجاجي هامسة وهي تقطب حاجبيها:
"بيزعق معاها ليه؟ اختلفوا على حاجة ياترى"
هست روفيدة بعينين هادرتين يكتنفهما الغضب :
"أنا متربية و محترمة غصب عنك الحمدلله، و ماما و بابا بيثقوا فيا و بيفتخروا بيا دايمًا قدام كل المعارف و الناس، ع الأقل مش متخرجه من اصلاحية"
هز صفوت رأسه وهو يضحك ساخرًا منها مُشيرًا الى جانب رأسها :
"ما كفاية غرور بقا هو كل حوار معاكي لازم آخره يوصل لموضوع الإصلاحية، إيه حكايتك هتفضلي طول عمرك عندك عقدة من اللي حصل ليا بسببك؟"
لوت شفتيها ضاحكة تُشير على نفسها قائلة بسخرية :
"عقدة، ده أنا ؟ والله! و بعدين اللي حصلك ده ماكنش بسببي أنا، بلاش ترمي بلاك عليا، كل ده كان بسبب مشاكلك الكتير اللي كنت دايمًا بتعملها، كل حد تشوفه تبقا عايز تتخانق معاه وتعمل مشكلة وخلاص وترجع تقول كنت بحميكي"
هز صفوت رأسه صائحا بسخرية :
"يعني أنا كنت غلطان لما دافعت عنك وضيعت 3 سنين من عمري بسببك، المفروض كنت أسيبك لواحد قذر زي ده بيجرك في الشارع من إيدك قدام كل الناس، و أتفرج عليكي من بعيد وهو بيسرقك ولا يضربك ولا يعمل فيكي أي مصيبة؟"
ضرب فوق صدره ساحقًا فكيه بقسوة وهس من بين أنفاسه :
"حاميتك يومها منه و خبيت إني شوفتك معاه كذا مرة، كنت خايف عليكي من غضب بابا و ماما، كنت خايف على سمعتك و سُمعة أبويا الطيبة وسط الناس، و في التحقيق اعترفت على نفسي قولت إني اتخانقت معاه و عملتله عاهة مستديمة أما حاول يتعرضلك بسببي"
هز رأسه كاتمًا غيظه وغضبه منها ومن محاولة انكارها المستمر لما فعله من أجلها :
"جبتها في نفسي عشان خاطرك، عشان خاطر سمعتك، قولت إني أعرفه وأنا ولا أعرفه ولا عمري حتى اتكلمت معاه، وفضلت أقول أنه كان بيضايقك بسبب مشاكلي معاه"
عادت عيناه تشتعلان وأكمل بصوت أجش غاضب :
"وفي الآخر بقيت أنا بتاع مشاكل، أنا الصايع الوحش و بقيت بتعاير بدخول الإصلاحية"
تأففت روفيدة وكأنها لا تهتم بكل ما قاله :
"صفوت إنت فعلاً بقيت ممل جدًا.. في كل مرة نتكلم لازم تسمعني نفس الكلام بإستمرار، نفس الموال بتاع التضحية العظيمة اللي عملتها عشاني طبعًا، و عشان سمعتي بلا بلا بلا....و كأني أنا اللي طلبت منك تتخانق و توقع نفسك في مصيبة كبيرة، و راجع عايز تحط فشلك عليا و تحملني نتيجة رفضك في الكلية الحربية اللي كان نفسك تدخلها بسبب ملفك ،أنا بقى ذنبي إيه؟ "
أحنى رأسه يهمس بأسى :
"وأنا كمان كان ذنبي إيه؟ ياريت بعد كل ده بتتعاملي  معايا كويس، أنا حتى مش قادر أقولها"
شبكت أصابعها  ببعضهما البعض قائلة بتوتر خافت :
"ممكن أكون غلطت كتير أيام مراهقتي، و أكبر غلطة عملتها لما عرفت شخص وقح و عديم أخلاق زي ده، بس دايما العبرة بالنهايات ياصفوت أنا دلوقتي دكتوره و......"
قاطعها قائلا ببساطة وهو يضحك :
"انتِ ولا حاجة يا روفيدة، إيه يعني دكتورة.. طززز المهم الأخلاق، القلوب، النفوس، و أهم حاجة الكرامة، فاهمة يعني إيه كرامة؟"
أطبقت روفيدة جفونها بضيق وتمتمت من بين أسنانها هامسة بتصلب :
"وأنا بقا يا فيلسوف عصرك و زمانك ماعنديش كرامة عشان بسأل عند ابن خالتي و مهتمة بيه؟ إنت بقى اللي شايف نفسك عندك كرامة وإنت قاعد في بيته وعلى حسابه"
نظر لها صفوت طويلاً وهو يسند مرفقيه فوق الطاولة يتأمل غرورها و ثقتها الزائدة في نفسها التي ليست في محلها، نظراتها المتعالية، أسلوبها الجاف معه وهو أقرب شخص لديها، طموحها العالي الذي رسمته لنفسها على غير هدى..
إنه مشفق عليها إلى حد الحزن و القلق، مشفق على تلك الأحلام التي ستتحطم قريبًا على صخرة الواقع عندما تعرف أن سراج لم و لن يكون لها، أن الرجل الذي تسعى خلفه من البداية ليس إلا رجلاً خُلِقَ لامرأة واحدة وهي ليليان..
"اووف زهقت، أنا ماشية و لما يجي سراج ياريت تبقى تبلغه إن ماما بتحاول تكلمه، و إني جيت سألت عنه، و قوله إنك حتى ما فكرتش تقدملي كوباية ميه، سلام"
ضحك و أومأ برأسه لها في صمت و تحرك معها حتى أوصلها إلى باب الشقة، وقبل أن تخرج حدق بها وهو يسألها بنبرة اعتلاها الحزن :
"انتِ ليه مش بتحبيني يا روفيدة ؟"
ألقى سؤاله و صمتا معًا، فنظرت إليه بتردد، بينما نظر إليها حزينًا فتكلمت قائله بخفوت :
"مافيش أخت مش بتحب أخوها، بس في أب بيحب إبنه أكتر من بنته وبيفرق بينهم أحيانًا"
ارتفع حاجب صفوت مذهولاً منها وقبل أن يستوعب كلماتها كانت قد دخلت للمصعد و نزلت سريعًا.
"اللي بيحصل ده مايصحش على فكرة"
وصله صوت وداد رفيعًا مجلجلَا يطن في أذنيه كطنين ذبابة مزعجة تحوم حوله :
"نعم، خيرررر، هو إيه ده اللي مايصحش انتِ كمان؟"
سألها بقليل من الصبر الذي أوشك على النفاذ وهو يمرر عينيه عليها بدايةً من خف الثعلب الفرو الذي يبتلع بداخله قدميها مرورًا على جلبابها القطني الأصفر القصير الممتلئ برسومات الدباديب حتى رأسها الذي توقف عنده قليلاً، قطب حاجبيه قائلا وهو يحرك رأسه نحوها :
"إيه اللي قاعد فوق ده؟"
هزت رأسها بتساؤل صامت و رفعت يدها تلمس شعرها لتزم شفتيها حانقة، نزعت من شعرها تلك الرابطة الفرو ذات قرون الغزال، لينسدل شعرها أسود حريري كسحر أسر عينيه :
"مالكش دعوة و خلينا في الزفت اللي بتعمله، إنت عايز تبوظ سمعة العمارة"
خبط كفيه ببعضهما يدمدم :
"إيه حكاية السمعة النهاردة!! قصدك إيه ؟"
أبعدت خصلة كثيفة من شعرها بعنف بعيداً عن وجهها وكتفت ذراعيها أمام صدرها تسأله بتعالي :
"مين بقا الهانم اللي كانت مشرفة عندك و جايبها لحد هنا وسط الناس المحترمين؟"
و تبسمت إبتسامة يابسة ساخرة :
"لا و كمان محجبة ياعيني على الأخلاق الكريمة"
عقد حاجبيه بإستنكار غير مصدق ماتهذي به تلك المرة قائلا بغضب :
"شششش بلاش تخريف، دي أختي، اتكلمي عدل"
مالت بظهرها للخلف وهي لا تزال تكتف ذراعيها تقل :
"ياسلام أختك والله، الكلام ده تقوله لواحدة غبية مش ليا أنا يا محترم، وبعدين أنا بتكلم عدل أوي أوي الدور و الباقي بقى على العوج"
خبط على جانب رأسه قائلا بنفاذ صبر :
"بقولك إيه إنتِ كمان، شكل التهيؤات عندك اشتغلت وأنا مش ناقصك خالص ولا فيَّ دماغ أصلا لأي هري من هريك ده، اتفضلي يلا إمشي من غير مطرود من هنا روحي على بيتكم"
ودلف للداخل محاولاً إغلاق الباب في وجهها دون اعتبار لها، لكنها مدت يدها تمنعه بقوة و تحركت خطوة بلا وعي أو ملاحظة أنها أصبحت داخل شقته:
"عيب والله عيب عليك ع الأقل إحترم ماما سهيلة و أبلة ياسمين الست الفاضلة ناظرة المدرسة جارتك، إحترم الناس اللي معاك في نفس الدور"
لوح بكفه في وجهها :
"ااااااايه كل ده.. هو أنا حتقدم لها، مانا عارف كل حاجة عن أبلة ياسمين"
وعاد يتأفف ضاربًا كفيه ببعضهما البعض جالسًا على يد الأريكة يدلك ذقنه الحليقة بعنف:
"يابنت الحلال هو إنتِ شرطة حماية الدور؟ إنتِ مالك أصلا بيا أعمل إيه ولا أجيب مين؟ شاغلة بالك ليه بيا و بماما سهيلة و أبلة ياسمين ولا حتى بدرية؟ أنا قولتلك اللي عندي دي أختي روفيدة، أختي الوحيدة  وبعد إذنك طبعًا هي جاية تزور أخوها و ابن خالتها عادي بتحصل في أحسن العائلات"
تخاصرت تلك المرة وقالت وهي تضيق عينيها :
"و أنا إش عرفني بقى إنها أختك؟"
رفع كفيه ونزل بها فوق فخديه يخبطهما وهو مستاء :
"وأنا بقى المفروض أمسك ميكروفون عم حامد بتاع الخضار و أنادي في الشارع كله، و أقول للحاضر يعلن الغايب إن اللي جت عندي هي أختي و اسمها روفيدة عشان ترتاحي سيادتك، وبعدين تعالي هنا إنتِ مرقباني بقى و أخدة بالك كويس مين داخل عندي ومين طالع"
هزت رأسها نافية متمتمة بصوت متقطع :
"نعممم! وأنا هرقبك ليه ان شاء الله، أنا كنت وقفة في المطبخ صدفة مش أكتر وشوفتها معاك عادي يعني"
حدق فيها بعينين زائغتين حائرتين و اقترب منها وهو يبتسم مستغلأ تشوشها وأمسك بأكتفيها قائلا بأنفاس منهكة من جمالها:
"كدابة يا أستاذة إنتِ مهتمة بيا"
هزت وداد رأسها تنفي بهمس :
"لا مش كدابة ومش مهتمة"
هز صفوت رأسه وتمتم متسلياً :
"عيونك بتقول إنك بتكدبي، عايزة إيه مين تاني؟ قولي مش كان المفروض بعد كل اللي حصل ما بينا آخر مرة ماشوفش وشك تاني، أقوم ألقاكي مراقبة كل حاجة بعملها، مين جاي ومين رايح، خير أنا مدين لكِ بإيه على كل الإهتمام ده ؟"
نظرت في عينيه الرمادية الصافيه وكالمسحورة استنشقت نفسَا عميقَا مشبعَا برائحته الرجولية المؤثرة ثم قالت بصوت مبحوح :
"مش عايزة منك حاجة، ولا مهتمة بيك، ولا براقبك، ولا عايزة أشوف وشك، ولا حتى أسمع صوتك، ولا صدفة تجمعني بيك، بس كل الحكاية إني...."
غمغم بتوهان من جمال بؤبؤتيها :
"إنك إيه ؟"
أخفضت وجهها وهي تحاول السيطرة و الإبتعاد عن طغيان حضوره... لكنهُ لم يسمح لها قط بل زاد الأمر صعوبة عندما رفع ذقنها بأصابعه وهمس أمام شفتيها المنفرجة بشهية :
"على فكرة إنتِ جميلة أوي في لبس البيت"
تحشرجت أنفاسها، وإحتقنت وجنتيها بالحمرة القانية، إنها ترغب حقا في الإبتعاد عنه لكنها لا تستطيع جسدها كله كأنه مخدر، حاولت مرة و أخرى، حتى استطاعت أن تبتعد عنه أخيراً، دمدمت بإرتياب :
"انت ازاي تسمح لنفسك تقرب مني كده و تقولي الكلام دا؟ فاكرني واحدة من الهوانم اللي بييجوا عندك لحد هنا، ولا الست لي لي"
ترك كتفيها وهو يبتعد عنها نافخًا و مدمدمًا بحنق قوي أخافها قليلاً :
"والله حقيقي أنا زهقت، وداد مين دخل في دماغك إن لي لي تبقى حبيبتي؟ إنتِ ماشاءالله عليكي كل اللي بتعمليه تسمعي من هنا وتيجي زي القطر ترمي عليا اتهاماتك اللي بتخترعيها جوه راسك المتخلفة دي مع نفسك ، كل يوم حاجة شكل"
صاحت غاضبةً :
"أنا دماغي متخلفة، ولا إنت اللي عينك زايغة"
صرخ عليها بقوة ألجمتها و أربكتها:
"أيوه متخلفة.. مرة تقوليلي لي لي و مرة واحدة جايبها في الشقة، اوزني كلامك الغبي ده، اللي بتتكلمي عنها كده تبقى أختي و أنا مش هسمحلك تتكلمي عليها بالشكل ده، و كمان نفرض ان كلامك صح معقول يعني هجيب واحدة تقعد معايا أقل من نص ساعة؟ ليه قالولك عني إيه هتبوظي سمعتي بالشكل ده؟ ولا أكون جايبها نص ساعه تغسلي المواعين مثلا؟"
مطت شفتيها وقالت وهي تضيق حدقتيها :
"وأنا إيه عرفني إنها أختك؟ أنا شوفت واحدة عندك هنا وبس، خلاص ماكنش قصدي sorry"
قال من بين أسنانه :
"يبقى خلاص ماتدخليش مرة تانية لو سمحتي في أي حاجة تُخصني، خليكي في حالك"
جزت على فكيها متمتمه بعنجهية :
"لااا مش هخليني في حالي لازم لما أشوف أي غلط بيحصل حواليا، لازم أتدخل عشان أوقف الغلط اللي بيحصل ده"
ضحك بوسامة وهمهم :
"لا حول ولا قوة إلا بالله، ماشي إتدخلي براحتك لو ده هيريحك هو أنا أطول قمر زيك تدخل"
فتحت فمها.. فأضاف صفوت بحنو وهو يرمقها بشقاوة :
"ده أحب من على قلبي"
رمشت أهدابها و توهج وجهها مضطربة وهي تقول :
"أنا همشي؟ "
مالت عينيه نحو شفتيها المرتعشتين ليطلب منها بصوت أجش :
"واضح إنك اجازة النهاردة، إيه رأيك لو نخرج نشرب قهوة في أي مكان يعجبك؟"
هزت وداد رأسها الذي مازال مرفوعًا نحو وجهه رافضة عرضه بتردد واضح، حتى لمحت من أسفل قبة كنزته الواسعة آثار جرح قاطع عميق...
من اضطراب نظرات عينيها استشف صفوت بأنها تركز على جرح صدره القديم ، فوضح بصوت جامد :
"جرح قديم من وأنا عندي 15 سنة"
سألته بتأثر واضح على ملامحها الرقيقة :
"واضح إنه كان جرح كبير جدًا من إيه؟ حادثة"
عقد صفوت حاجبيه الكثين وهو يهز رأسه نافيًا :
"لا مش حادثة خناقة، ولد أكبر مني ضربني برقبة ازازة من هنا لهنا"
وحدد من فوق كنزته بخط يبدأ من كتفه الأيسر حتى منتصف صدره، مما جعل وداد تشهق متفاجئة بحزن وكأن ألمه قد وصل إليها :
"ايييييه مش ممكن، إيه الإجرام ده، ازاي يعمل فيك كده؟ اتقبض عليه ؟"
تمتم صفوت مبتسمًا على طفولتها الرقيقة رغم جحود احساسها أحيانًا :
"اممممم.. اتقبض عليه وعاش نص عمره في الإصلاحية و النص التاني دخل السج*ن لأنه خرج من الإصلاحية بعد السن القانوني و سرق"
تجعدت ملامحها وتغيرت فجأة لتنقلب إلى نظرات نفور وتعالي:
"إنت إيه اللي لمك على الأشكال ديه أصلا؟ اصلاحية !! ازاي تعرف واحد في اصلاحية مش غريبة"
مط شفتيه بسخرية و ابتسامته تتضاءل :
"إيه هي اللي غريبة؟"
ضحكت باستخفاف :
"غريبة إنك تعرف أشكال ضالة زي دول عاشوا حياتهم في اصلاحية وسط التشرد و الضياع"
إكفهرت ملامح صفوت واعتلى وجهه الإنزعاج ليبرطم بينه وبين حاله :
"مالك مستغرب ليه كده؟ كنت مستني منها إيه يعني؟"
رمقها بنظرات حارقة بالغضب وقال بجفاف :
"ياما في الحبس مظاليم، مش كل واحد دخل مكان زي ده متشرد أو صايع، حتى لو كده أكيد كان في ناس هما اللي وصلوه لده"
لم تلاحظ وداد تجهمه، و تمتمت مرتبكة وهي تبتسم بتحفظ :
"هممم.. يظهر الكلام أخدنا، أه سوري لو افتكرت إن في حاجة مش طبيعية بتحصل وفهمت غلط، أنا هدخل بقا، سلام"
"شرفتي، سلام"
هز رأسه بلا روح وعيناه تضيقان بينما بداخله نشبت النيران، كيف تناسى أن وداد مجسم آخر من الغرور و اللامبالاة! توقف على الباب يراقبها حتى دلفت إلى داخل الشقة و أشارت له ثم أغلقت بابها في هدوء..نهر نفسه:
" غبي.. لازم تعرف إنك مرفوض في كشف الهيئة من قبل حتى ما تقدم أوراقك، النتيجة كانت واضحة قدامك، يلا مش هتفرق كتير"
راقبته من عين الباب وهمست وهي تعض شفتها :
"مدخلش ليه؟ هو بيكلم نفسه؟ مجنون"
هزت جسدها المعلق فوق أطراف أصابعها تهمهم :
"مش هيطلب مني مرة تانية نخرج؟ هي كانت عزومة مراكبية يعني؟ أووف رفضت ليه طيب من الأول؟ فيها إيه لو كنت قولت ماشي، كنت سمعت كلام دهب"
أغلق الباب بقوة و اختفى من أمام عينيها، هبطت فوق قدميها و الإحباط يتملك منها، دارت حول نفسها ذهابًا و ايابًا، ثم توقفت مكانها، و زفرت بملل تسأل :
"هو ليه ماطلبش مني الخروج مرة كمان؟ هو ماصدق اني هزيت دماغي برفض؟"
توقفت أمام المرآة تُحدق بوجهها وشعرها وجسدها بتقييم و ابتسمت بهيام و دلال وهي تمسك خصلة من شعرها :
"قال اني جميلة"
أغمضت عينيها لثواني في شرود تستنشق عبق رائحته، و تذوب في رماد عينيه الرائعتين، و تستشعر كل لمساته الدافئة و احتوائه لها، لقد أصبحت في ورطة، إنه يتسلل داخلها ببطء، يتعمق بين خبايا عقلها، يتغلغل أسفل جلدها، يغزو شرايين قلبها، و يقتحم أسوارها العالية محطمًا أبوابها الحديدية.
"لماذا هو؟"
جلس فوق الأريكة في هدوء غير معتاده، وعاد برأسه إلى الخلف مغمضًا عينيه ليرى عيناها تشاكسه،وابتسامتها تُضعِف قواه، و تزلزل كيانه، تجعل منه رجلاً أحمق سقط بفخ العشق والهوى...
فتح عينيه بتكاسل حينما دق جرس الباب فقال وهو ينهض حتى يفتح :
"أحسن حل أسيب الباب مفتوح"
"وداد..."
شدت أطراف جسدها المتوتر، قبل أن تبتلع لعابها في بطء ملحوظ قائلة بعد جلي صوتها :
"احمم، ممكن، ممكن نشرب قهوة، هنا جنب البيب في كافيه"
رفع حاجبه و زاوية شفتيه قليلاً.. لتكمل ووجهها يزداد احمرار :
"ماما سهيلة في الجمعية و بدرية إجازة، ممكن نروح بس ماحديش يعرف ممكن، علشان، علشان... "
قال بداخله وهو يضغط فوق أسنانه :
"ماحديش يعرف!! بقا كده، ماشي يا وداد المهم إنك دخلتي عرين الأسد برجلك"
أومأ برأسه موافقًا وهو يضحك :
"تمام اللي تشوفيه، بعد نص ساعة هتلاقيني واقف مستنيكي على أول الشارع، تمام"
هزت رأسها مبتسمة في حبور :
" تمام.. بعد نص ساعة"
*مقهى البورصة / منطقة وسط البلد
تطلعت حولها في ترقب شديد وهي مرتبكة تشعر بالخجل، ماذا إذا لمحها أحد طلابها داخل هذا المقهى الشعبي بوسط البلد تُجالس رجلاً وسيم؟! يا الله ستُصبح وليمة ساخنة، و وجبة دسمة في أفواه طلاب الجامعة.
وضعت نظارتها الشمسية الكبيرة فوق عينيها لتخفي نصف وجهها، ثم وضعت غطاء الرأس للكنزة الرياضية على رأسها بإحكام شديد لتصبح كعميلة سرية تتخفى من الأعداء في مهمة خاصة..
هكذا رآها صفوت الذي كان مشغولاً بطلب الطعام من عربة كبدة متجولة تقف بجانب مجمع المقاهي، الازدحام ماشاء الله على تلك العربة البسيطة من كافة جموع الشعب بالإضافة للسائحين الذين يعادل عددهم أضعاف الازدحام على عربات holland fries في شوارع هولندا...
الرائحة شهية تجذب الأنوف و تفتح الأفواه، إنها تعيش بالقاهرة منذ شهور ولم تجرؤ على المجيء إلى هنا خوفًا من مقابلة أحد طلابها الفاشلين التي تقسم بأن نصفهم يجلسون حولها الآن، ماما سهيلة تأتي دائمًا بصحبة بعضٍ من صديقاتها أو برفقة حسن و سراج أيضًا، فهي حريفة طاولة الخشب و الشطرنج...
المكان مكتظ، مزدحم بشدة، بأناس كثيرون من كل حدبِ و صوب، شباب من الجنسين ، رجال و نساء حتى أن أعداد السائحون و السائحات من كافة البلدان تفوق أعداد أهل المحروسة بالمكان، و البائعون المتجولون يتحركون بجد من حولهما و سبحان الرزاق الكريم...
نظرت إلى صفوت الذي انضم اليها أخيرًا..جلس أمامها يفرك كفيه:
"عم بيرم عليه زحمة كتير جدًا اللهم صلِ على سيدنا محمد، ربنا يباركله يارب، ااه بقولك جبت ستة كبده و ستة سدق اسكندراني و سته مخ مع اتنين كفته و..."
"ااايه كل ده مين هياكل كل الستات دي؟؟"
أوقفته وداد بذهول قبل أن يكمل باقي المنيو معترضة فقال صفوت وهو ينفخ في كفيه من البرد :
"احنا هناكل لو جوعنا نطلب تاني، جبت كمان مخلل لو عايزة شيبسي أو ليز أقوم أجيب من هنا"
رمقته وداد بتعجب وهي تكتم ضحكتها، فقال ضاحكًا وهو يغمز لها بطرف عينيه :
"ايه مالك كاتمة الضحكة ليه؟ اضحكي، اضحكي"
أخفت فمها بطرف أناملها قائلة بصوت تعدى مرحلة الخفوت حتى يسمعها وسط طرقعة و فرقعة كروت الدومينو، و قشاطات الطاولة:
"إحنا من ساعة تقريبًا كان قرارنا هنقعد في كافيه جنب البيت، مرة واحدة لاقيتك قومت زي اللي عليه عفريت حتى اللي طلبناه ماشربناش منه ولا شافطة وجيت بيا على هنا، في تاكسي"
قال ببساطة :
"وهنرجع في تاكسي، الدنيا حلوة يا أستاذة"
حرك حاجبيه في مرح قائلا :
"الدنيا هنا حلوة، ناس و حياة أصوات من كل مكان، أم كلثوم على حليم على فريد، داليدا، عمرو على الشاب خالد حاجة كده تطرب"
ضحكت قائلة وهي تسترق السمع :
"على حمزة نميره"
أكمل بإستياء :
"اما نظام الأمر*يكان كوفي و استيل أمريكن ده مش بيمشي معايا خالص، الناس كلها قاعدة في صمت و كل واحد حاطط سماعة أو لاب توب أو ماسك موبيل أو ماسك إيد البت بتاعته في هدوء، بصي هنا حتى الحب مختلف له طعم.. بُصي"
نظرت حيث أشار الى مجموعة من الشباب يجلسون حول طاولة فوقها قالب صغير من الجاتوه، مع عبوات الكانز، وجلس الشاب مقابل حبيبته يمسك جيتارًا ويغني لها بحب وكلاهما يعنقان بعضهما بالنظرات...
هتفت برقة :
"الله حلوين جدًا"
"مش بقولك الحب هنا مختلف، الأكل هنا مختلف، و اللعب هنا مختلف، ثم شرد في عينيها المتخفية خلف زجاج نظارة عسلي، حتى البدايات هنا مختلفة"
شاع التوتر في ملامحها الناعمة ثم ابتسمت بخجل وهي تهز رأسها :
"عندك حق كل حاجة هنا مختلفة"
لكن بينها وبين نفسها كان لها رأي آخر اكتشفته للتو :
"يظهر أن كل حاجة معاك مختلفة بس ياترى هقدر؟"
صدح صوت مرتفع من خلفهما نفض وداد الشاردة من مكانها  نفضًا :
"ابو الصفوات"
"حمااااادة بابلو حبيبي، الله كيكو حبيبي هنا كمان ايه الصدفة الحلوة ديه يا جدعان؟"
انهم أصدقاء صفوت أو بداية جموع الأصدقاء الذين ستلتقي بهم اليوم، ألقوا التحية على وداد ثم بدأوا في حديث قصير مع صفوت الذي تعالت ضحكاته مجلجلة لتحبس أنفاسها.. ثم انسحبوا حيث طاولتهم التي يجلس عليها بعض من صديقاتهم الاجنبيات...
وبعد قليل وصل الطعام ذو الرائحة الشهية الرائعة و اعتقدت وداد بكل ثقة أنها ستتناول ثلاثة شطائر فقط وليس أكثر ولكن يبدو أنها قد تناولت أغلب الشطائر اذا لم تكن جميعها، لأن صفوت ذهب لعمل طلب آخر من جديد..
ارتشفت من كوب الشاي بالنعناع و ابتسمت إليه وهو شارد يتابع أصدقائه الذين يهتفهون بحماس حتى هتف صديقه حمادة على حبيبته الأمريكية :
15/31 baby ،I'm winner
سجلت الفتاة نتيجة حبيبها الفائز على صديقه الآخر و عانقته أمام الجميع تقبله فوق وجنته برقة وهي تبرطم بالعربي المكسر :
"هبيبي اشطه يا مقلم"
قال صفوت لصديقه الذي يحتفل بالفوز على طريقته الخاصة مع صديقته الشقراء :
"مش وقته يا مقلم ولا يا مخطط إلعب إحبسه في 31 تانية"
فقال صديقه لحبيبته وهو يغمز لصفوت حتى يشاهد :
"Come on baby, this is your turn to play"
تهللت أسارير الفتاة الشقراء بسعادة عندما قرر حبيبها أن تلعب دورًا، صرخت وهي ترفع  ذراعيها في الهواء :
"okay ااااشطه يا مقلم"
إلتفت صفوت لوداد التي كانت تصب تركيزها على تلك الشقراء الدخلية عليهم وتلعب لعبتهم الأساسية بكل احترافية و ثقة فاقت كل الحدود وكأنها قد شعرت بالقليل من الغيرة :
"تعرفي تلعبي طاولة"
رفعت حاجبيها قائلة باستغراب :
"أنا؟ لا لا خالص"
هتف صفوت بجدية وهو قاطبًا حاجبيه :
"خلاص أعلمك"
هزت رأسها رافضة، ولكن كان السيف قد سبق العزل، نادي صفوت على نادل القهوة :
"بنننندق هات الطاولة و معاها شيشة نعناع"
هتفت وداد بخجل :
"لا مش هعرف خالص، صفوت هبقي غبية جدًا قدام أصحابك بلاش"
صمم صفوت وهو يحرك رأسه نحو طاولة صديقه حيث تلعب الشقراء وهي تهز رأسها على أنغام العود :
"عيب عليكي والله.. يعني مقلم تقلم عليكي؟ عيب"
إلتفت أصدقاء صفوت على ضحكة صاخبة عالية خرجت من وداد التي أطلقتها دون شعور، دون قيود تلقائية جميلة، عالية مثل بالونات ملونة تطير بالهواء، ضحكة خطفته، أخذته من عقال صوابه.
فتح الطاولة العثمانية أمامها قائلا وهو يضع داخل كفها الصغير فرد من الزهر حتى يرميا معًا، وبدأ يشرح بداية القواعد :
"بسم الله ارمي الزهر وصاحب أكبر رقم هو اللي هيلعب الأول، مستعدة؟"
تمتمت بحماس وهي تقبض كفها :
"مستعددددددة"

تُرى هل أنتِ مستعدة عزيزتي وداد إلى خوض تجربة الحب من جديد حيث سيصطحبك صفوت إلى عالمه هو.؟ وعالم جديد....
                        ***************

الحب هو...
ذلك الشعور الذي يجعلك تدرك أنك ولدت من جديد.
نظر مقطبًا إلى جهاز المسجل بالسيارة وابتسم ساخرًا
مخاطبًا نفسه :
"حب إيه و جطران إيه، يحرج الحب على اللي عيحبو"
بنبرة رائعة الشجن كاسمها همست شجن الشافعي مقدمة برنامج مع الحب، عبر أثير موجات إذاعة FM.
"صديقة البرنامج ص .. ص بعتتلي مسج كتبت فيها كلمات جميلة عن الحب فقالت :
الحب هو...
أن ترى في طريقك ألف شخص، ولا يروق لك إلا من أحببت.
دمدم بغيظ وهو يغلق زر المسجل بعنف كاد أن ينزعه من مكانه :
"تلاجيها بنتة عيارها فالت كيف بنات اليوم، وين بوها وأمها مهملنها اكديه تبعت كلام واعر عن الحب؟"
ابتسم حسن وهو يدلف إلى داخل السيارة جالسًا في مقعد السائق بجانب هذا الحانق :
"بتبرطم مع حالك عتجول إيه؟"
ازداد تجهم ملامح طاهر وغمغم بجفاء :
"ببرطم ع الحديت الواعر بتاع الحب و المسخرة كأن البنات كلاتهم بجوا عيارهم فالت، جبر يلمهم"
قطب حسن حاجبيه يسأله وهو يحرك السيارة :
"مين اللي جال كده ؟ياعم الحب مش واعر ولا حاچه"
ربت فوق كف طاهر المتشنج قائلا بهدوء :
"انساها يا صاحبي، أهي أخدت اللي تستحجه و راحت لحال سبيلها"
من بين أسنانه دمدم بقهر :
"يكش تنتن چوات السچن الفاچرة"
رمش حسن بعينيه من خلف زجاج نظارته الطبيبة ثم تنحنح مغيرًا دفة الحديث :
"جولي سمعت الحديت الواعر عن الحب وين؟"
أشار نحو المسجل بسخط :
"في الهباب ده ..ولية هتتحدت عن الحب و ديه جالت و
ديه مجالتش و حديت مالوش عازة"
ضحك حسن يقهقه :
"إسمها مذيعة ياولد لو جولت ولية جدام بنته اهنه دلوكت راح تنولك كف معتبر، ومش راح تلاجي واحدة تحبك وأنت كيف الدبش أكده"
تحركت شفتيه برجفة وعيناه تتقد بالشرر ناظرًا إلى حسن الذي يقود في هدوء :
"اباااي تناولني كف، والله العظيم اللي ترفع يدها بس في وچي لكون مطرم لها صف سنانها، ليه جالولك عني مَرة"
رفع حسن كفه مستسلمًا :
"حاشى لله ياعم أنت سيد الرچالة كلاتهم، تصدج وأنا وياك مش بفتجد عمر خوي أبدًا كأنك مستنسخ منه،انتو التنين ودنين لجفه واحده"
أبتسم طاهر أخيرًا بعد حالة من الغضب الحانق على قلبِه مهشم الجدران.. و انتبه عندما توقف حسن بالسيارة أمام أحد الفيَلات الفخمة بالحي الراقي قائلا :
"وه آني جولت إننا طالعين ع المطار، إحنا اهنيه عنعمل
إيه ؟"
رد حسن وهو يخرج من السيارة مسرعًا :
"هدخل بس جوه خمس دجايج أطمن على مريضة عندي و أچيلك طوالي، إسمع ياولد إياك تفتح الراديو و تسمع الحديت الماسخ بتاع العشج لأحسن تحرج عربية علي و إحنا مش چده، يدخلنا ع الحبس احنا التنين"
لوح طاهر بلا اهتمام وهو الآخر يخرج من السيارة حتى
يدخن سيجارة :
"لا مش راح افتح ولا اجفل راح استناك اهنيه يابوي
كأنها جصور اللهم صلِ على النبي، بس بلدنا أحلى"
تركه حسن يستند بظهره على السيارة يدخن سيجارته
بتمهل وهو يراقب ساكني الحي الراقي و الأبنية الحديثة
والسيارات الفارهة بشيء من عدم إلا إهتمام بهذا الثراء الفاحش...
لفتت أنظاره نحوها بفستانها الزهري الذي يلمس ما قبل كحليها ببعض السنتيمرات، يتحرك كنسمة الربيع الهفهافة بين ساقيها مع تراقص شعرها الناعم فوق كتفيها...
خرجت من نفس البوابة الكبيرة التي دخل منها حسن قبل قليل تهرول باستعجال ملتفته حولها متجهة نحو رجلاً بدين في بداية الخمسينات من عمره يجلس بكل ارتياح و ملامح عاصفة بالهجوم فوق موتور متهالك وقديم يصدر صوت فرقعة قوية مزعجة مصحوبة بدخانٍ أسود كثيف كالسخام يخرج من أسطوانة الهواء، ليلوث نسائم المكان الرائع من حوله.. ارتكزت عيناه دون سببٍ ليركز عليها و يراقبها تلوح بذراعها النحيف بوجه الرجل :
"عايز إيه؟ اللي جابك هنا"
قال فهيم مبتسمًا بسخرية :
"اش اش اش إيه يابنت علوية الألاجة دي كلها والله وبانت عليكي نعمة الناس الاكابر يابنت صابر"
ناظرته بغضب شديد وهي عاقدة حاجبيها أكثر وضربت قدمها بالأرض كالاطفال هاتفة :
"مالكش دعوة ببابا و اتكلم معايا على طول جيت لحد هنا ليه، عايز إيه؟"
مد فهيم يده القذرة نحو قبة فستانها يلمس سلسال ذهبي معلق بعنقها بآخره تتدلى دلاية على شكل نجمة البحر وهو يقول بجشع يملأ عينيه الطامعة :
"عايز من ده؟ من الدهب اللي مغطي صدرك المرمر"
ضربته فوق يده بقوة وهي تبعدها عنه غاضبة :
"أبعد إيدك عني وإياك تلمثني مرة تانية، و أمشي من هنا"
ضيق طاهر الذي يراقبهما عن قرب  قائلا :
"وه إيه اللي بيحوصل كأن الراچل بيمد يده في صدرها"
عكف حاجبيه بإستغراب يهز رأسه عندما أبعدت الفتاة يده بعنف مبتعدة عنه :
"امشي من هنا مش ناقثه مشاكل هنا كمان و قول لأمي هبقي أجي أشوفها يوم اجازتي"
ضحك فهيم ممتعض :
"وحياة امك ؟ عليا الكلام ده يابت، عشان تيجي ترمي لينا قرشين وترجعي تعيشي في العز ده لوحدك، بت أنا عارف كويس بتفكري في إيه الراجل صاحب البيت عجوز و عنده فلوس بالكوم و البت بنته رجل بره و رجل جوه انتي بقا عايزة تشيلي الجمل بما حمل و ترسمي على الراجل صح"
هبت من مكانها تهتف مختنقة من البكاء :
"اخرث، الحقير زيك بث هو اللي يفكر في كده، ثعادة البيه راجل محترم و الثت إيمان...."
قاطعها بغضب وهو يجذبها بقوة من قبة فستانها نحوه
صارخًا عليها :
"بلا الست بلا البيه انتى هتعملي نفسك شريفة عليا، اسمعيني كويس و حطي الكلام ده في رأسك، أنا عايزك تغرفي من هنا و تديني، تسرقي ولا تلعبي ع الراجل ولا توريلو حتة من جسمك المهم تجيبي فلوس، أنا عايز فلوس وإلا هقتلك أمك"
صرخت صبا وهي تحاول الفكاك من بين يديه :
"ابعد إيدك عني، والله هقول لثعادة البيه على كل حاجه، أبعد عني بقولك"
صرخ فهيم وسط بعض المارين الذين بدأوا في التجمع من حولهما :
"وأنا أبوكي وليا كلمة عليكي ومافيش شغل و قدامي على البيت، انجري"
نزعت نفسها من قبضته نزعًا لينقطع السلسال المعلق في عنقها ساقطًا داخل قبة فستانها دون أن تشعر :
"أنت مش أبويا، فاهم مش أبويا، هوديك في ثتين داهيه قبل ما تقرب مني أو من أمي"
تدخل بينهما بعض من رجال أمن الحراسة الخاصة بالفيَلات السكنية لفض الأشتباك و تلك المشكلة قبل أن يزعجوا بأصواتهم العالية بعض العائلات، ولكن فهيم ضخم الجثة بدين الجسد استطاع أن يفلت من بين أيديهم رافعًا ذراعه ليصفعها فوق خدها بقوة، لكنه فجأة توقف عندما شعر بتيبس ذراعه بسبب يد أقوى منعته و أوقفته بشدة قبل أن يأخذ طريقه نحو خدها الناعم...
"صل على سيدنا النبي يا واد العم ونزل يدك"
ضحك فهيم بغطرسة ملتفتًا للشاب النحيل جنوبي اللكنة :
"أبعد إيدك يا بلدينا و روح لحال سبيلك، أمشي يابت
**** عجبك كده يابت ****"
صرخت صبا على رجال الحراسة :
"اتثلوا على الشرطة أنا شغالة في فيلا كامل بيه الراجل ده عايز يقتلني أنا وأمي"
هز فهيم رأسه بتوتر عندما تجمع رجال الحراسة من حوله، وقذفها باحقر الشتائم البذيئة وهو يهجم عليها
قائلا بتهديد :
"طالما قتل بقتل اما شوهت وشك و قطعتك حتت
انتي و امك مبقاش أنا فهيم العجل"
شخر طاهر وهو يجذبه من قميصه الواسع قائلا له :
"وكماني إسمك العچل يعني اسم على مسمى نزل يدك عن البنته وبعد عنيها يا ولد العچل"
"مش قولتلك ابعد عني يا بلدينا، مناقصشي غيرك انت كمان يابن اللي اشتروا الترماي"
ترك فيهم شعر صبا التي ابتعدت صارخه لاستدعاء رجال الشرطة الذين كانوا في طريقهم بالفعل، قبل أن يق*تل
فهيم الشاب الذي دافع عنها والآن يدخل في مشادة بالأيدي مع هذا العجل :
"وه وكماني مش متربي، بعدوا عني يا خوانا لحد ما تهل الحكومه اكون علمته الأدب، اني راح اديك روسية من واد اللي اشتروا الترماي ابو دراين كماني"
ضحك فهيم ساخرًا من الشاب الضعيف :
"ده بيقلش كمان على نفسه يا جدعاااا....ننننن"
قطع فهيم اخر كلماته كشريط الكاسيت السافف وهو
يسقط مترنح فوق الأسفلت غارق في دما*ئه أثر ضربه
عدة روسيات متتالية بلا توقف من رأس طاهر الذي مسح جبهته المجروحة قائلا لصبا الباكية بذهول :
"انتى زينه؟"
بهذا السؤال البسيط اكتملت لدي صبا الصورة الكاملة
لفتى أحلامها، الزوج المثالي الشجاع الرجولي والوسيم
إنه هو الذي كانت تنتظره منذ رحل والدها عن عالمنا و
بقيت هي وحيدة، يتيمة، مقهورة لزوج أم متحرش حقير
وأم ضعيفة الشخصية لا تعرف إلا إرضاء هذا الحيوان
الممدد تحت قدميها...
"انتى مليحة يابت الناس"
رفرفت صبا أهدابها وضحكت وسط دموعها ضحكتها البريئة الناعمة قائله لطاهر القلق من حالتها الغير مستقرة :
"انت مرتبط يابن الثعيد"
وقبل ان يجيبها طاهر الذي تجهمت ملامحه و تراجع للخلف قليلا يبتعد عنها كانت الشرطة قد حضرت و
سيارة الإسعاف التي نقلت فهيم داخلها سائح الد*ماء
بينما صعد كلا من طاهر و صبا في عربة الشرطة حتى يتم التحقيق معهما...
وفي السيارة مسحت دموعها تمد يدها الصغيرة لطاهر الذي شك في قواها العقلية :
"أنا ثبا، اثمى ثبا ثابر"
تنحنح طاهر وهي يهز راسه دون أن بصافحها :
"و أنا طاهر الغريب من نجع الناجوية"
حركت تلك المحب على نفسها كتفها في رقة تهمس وهي تنظر بطرف عيناها للعسكري الجالس بجانبها :
"إثمك حلو، اااه نجع الناجي يبقا انت قريب دكتور حثن ثح"
تمتم طاهر وهو يحرك رأسه بلا فهم :
"حثن مين؟"
رفعت سبابتها أمام وجهه ضاحكة :
"ااه ثانية واحده اثمع كده، حثن، ثبا، ثابر، بثبوثه، ثكر ها فهمت؟"
صاح فيها طاهر باختناق :
"وه كأنك مچذوبة أعوذ بالله إيه اللي عتجوليه دهو يابت الناس، لا حول ولا قوة الا بالله، كان العچل ضربك فوج رأسك ياولداه"
صاح العسكري عليهما :
"بس يا رامبو أنت والست جولييت، تحبوا اجبلكم اتنين لمون"
تمتم طاهر ملوحًا له :
" خلاص يابوي ما يبجاش خلجك ضيج أكده، و كماني هي اللي عتتحدت وعتجول فوازير مفهمش عبيطة ولا هبلة ولا إيه"
ظلت صبا الناعمة كالوردة الحمراء تحدق في طاهر وهي تحتضن حقيبتها الصغيرة في صدرها مهمهمة من حين لآخر :
هممممم، هممممم طاهر"
وطاهر ينظر لها في ريبة هامسًا في سره :
"سلامًا قولاً من ربًا رحيم"

*انتهى الفصل*

_ holland fries
(البطاطس أو البطاطا المقلية بكافة أنواعها وتشتهر بها دولة هولندا وخاصةً بالعاصمة أمستردام)
_ السجق :
هو السدق بالاسكندراني

طاهر و صبا
 

Continue Reading

You'll Also Like

342K 18K 91
أتدري ما الألم ؟أن تجد تضحيتك ذهبت في الهباء ،عندما تضحي من اجل شخص فأنت تبذل قصارى جهدك من أجل سعادته هو فقط دون مقابل ،لتتفاجئ بمن ضحيت لأجله هو من...
9.1K 287 5
نوفيلا خفيفة 💜💗مكونة من ٣فصول وهو ده اللي أنتِ تعرفيه عني! تعرفى عني إنى ممكن أسيبك طب أزاي... وكل الحب اللي بينا هيروح فين
889K 19.2K 36
خرجت من عالم الترف والثراء لتدخل في عالم اخر بقوانينه هو فقط، تنتقضه وتنفر قوانينه وتلوم نفسها علي ماتبعثر بداخلها قبالته. اما هو كبير عائله القاضي...
72.5K 3.2K 30
كلما نظرت إلى عينيك أبصرت بك سلامي واماني، ولو كان للعشق اسمًا لكان اسمك، ولو كان له وجه فهو وجهك حتمًا...