في العشق والهوي

By SaraElkhshab

351K 11.2K 2.3K

رواية/ غير مكتملة سلسلة عن العشق والهوي.. الجزء الثالت.. "إن القلوب رغم البعد تتصل" الرواية حصلت قبل اكتمله... More

المقدمة 🌱
💙الفصل الأول💙
💙الفصل الثاني💙
💙الفصل الثالث💙
💙الفصل الرابع💙
💓الفصل الخامس💓
💓الفصل السادس💓
💓الفصل السابع💓
💓الفصل الثامن💓
💓الفصل التاسع💓
🌱الفصل العاشر🌱
🌱الفصل الحادي عشر🌱
🌱الفصل الثاني عشر🌱
🌱الفصل الثالث عشر🌱
🌱الفصل الرابع عشر🌱
🌱الفصل الخامس عشر🌱
🌱الفصل السادس عشر🌱
🌷الفصل السابع عشر🌷
🌷الفصل الثامن عشر🌷
🤍الفصل التاسع عشر🤍
💙الفصل العشرون💙
❤️الفصل الواحد وعشرون❤️
💘الفصل الثاني والعشرون💘
💘الفصل الثالث والعشرون💘
🤍الفصل الرابع والعشرون🤍
❣️الفصل الخامس والعشرون❣️
🤍الفصل السادس والعشرون🤍
❣️الفصل السابع والعشرون❣️
💗الفصل الثامن والعشرون💗
🌷الفصل التاسع والعشرون🌷
🧡الفصل الثلاثون🧡
إعلان نوفيلا العيد 😘 🤗
❣️الفصل واحد وثلاثون❣️
الفصل الثاني والثلاثون ❣️
🌼الفصل الثلاث والثلاثون🌼
🌼الفصل الرابع والثلاثون🌼
🌼الفصل الخامس والثلاثون🌼
🌹الفصل السادس والثلاثون🌹
🌹الفصل السابع والثلاثون🌹
💞الفصل الثامن و الثلاثون💞
💘الفصل الأربعون💘
🌼الفصل واحد والأربعون🌼
🌷الفصل الثاني والاربعون🌷
🌷الفصل الثالث والاربعون🌷
🌷الفصل الرابع والاربعون🌷
هام جدا 😎
🌷 الفصل الرابع و الأربعون🌷
🍀اقباس☘️
يا ألف أهلا 🤗
يا ألف أهلا 🤗
تنويه 📢
🥀الفصل الخامس والأربعون🥀
للتوثيق 😚
شوية تهيس😂
أقتباس من الفصل 46😘
هالوووو 🤗
اقتباس مدمر 🤨
🍀الفصل السادس والأربعون🍀
تنويه 📢
تنويه 📢
🍂الفصل السادس والأربعون🍂
أقتباس من الفصل 47 💞
🌿الفصل السابع والأربعون 🌿
سؤال؟؟
🌷 الفصل الثامن و الأربعون 🌷
💗مشهد إضافى💗
سؤال مهم؟؟؟
🍀الفصل الثامن والأربعون🍀
تنبيه هام 🎤
اقتباس (من الفصل 49)
🍀الفصل التاسع و الأربعين🍀
تنويه هام 📢
🌷 الفصل التاسع و الأربعون 🌷
دمااااار 🙉
🌷الفصل الخمسون🌷
هام للمتابعين....
أقتباس ❤️
إعتذار 🙏
🍁الفصل الواحد وخمسون🍁
🌷الفصل الثاني والخمسون🌷
أقتباس 🥀
احمممممم 😊
🥀الفصل الثالث والخمسون🥀
أقتباس لذوذ 🤗
🌼الفصل الرابع والخمسون🌼
🌸الفصل الخامس والخمسون🌸
لمحة من الفصل الجاي 💕
🌸الفصل الخامس والخمسون🌸
فلوج الفصل 56
أقتباس ❤️
🌺الفصل السادس والخمسون🌺
صباح الخير
أقتباس متقدم 🌼
💜الفصل السابع والخمسون💜
💜أقتباس الفصل 58💜
💖الفصل الثامن والخمسون💖
🌷 الفصل التاسع و الخمسون🌷
🍃أقتباس الفصل 60🍃
🍃الفصل الستون🍃
إلاعلان الأول للفصل 61 🤭
🌱الفصل الواحد وستون🌱 ج1
🌱الفصل الواحد وستون 🌱 ج2
عضوة جديدة ❤️
🌿الإعلان الأول الفصل 62🌿
🍀الإعلان الثاني من الفصل 62🍀

💞الفصل التاسع والثلاثون💞

3.9K 83 1
By SaraElkhshab


"بيبو حبيبي وحشتني يا عظيم"
*هرول علي و صاح بصوت جهوري و هو يفتح ذراعيه على مصراعيها و يضم عنق فرسه بيبو الذي استقبل صاحبه و صديق عمره بطريقته الخاصة عندما ارتكز على قدميه الخلفيتين و رفع الأماميتين و أطلق صهيل و هو يحرك رأسه يميناً و يساراً احتفالا بصديقه العائد إليه...
اتسعت ابتسامة علي و هو يربت بحنو فوق ظهره ويقبله ثم مد يده في أحد العلب المعلقة ليأخذ منها مكعبات من السكر و فرد كفه أمام فم صديقه واليد الأخرى تداعب شعره الأسود كالليل قائلا:
"كل يا عظيم وحشتني ياض"
*و بالكشك المقابل كان حسن يرتكز فوق ركبتيه و هو يميل برأسه ليفحص الفخذ الأيسر لفرسه سكر الذي خضع لجراحه الشهر الماضي بعد أن اكتشف الطبيب رمزي ورم ليفي فى أعلى الفخد الأيسر..
تنهد حسن و هو يملس فوق جرحه الذي تماثل للشفاء:
"الحمد لله الچرح نضيف المضاد اللي كتبه الدكتور رمزي جفل الچرح بسرعه الله يباركله يده تتلف في حرير"
*ليرد عمر الذي يمشي بينهم بتوتر:
"مش معضله يعني مش شغلته أي ضاكتور هيعمل اللي عمله"
*قال علي دون أن يلتفت لشقيقه:
"مالك يابني مش طايجه اكديه"
"أنا خابر"
هتفت حسن مبتسم وهو ينفض التبن العالق بسرواله و يهم واقفاً..ليلتفت علي إليه و يقول هو الأخر بضحكة واسعة:
"و أنا كمان"
*توقف عمر عن الحركة ووقف في النصف بينهما وهتف بضيق متوترا:
"خابرين إيه إنتم التنين ان شاء الله"
*ضحك حسن ضحكة ليس لها صوت و أحنى رأسه بينما قال علي بصراحة واقعية لا تقبل أي نقاش:
"بتغير منه"
*قال عمر بنبرة قاتمه وهو ينظر إلى عينيه الساخرتين:
"اتحدت زين يا واعر أغير منه ليه"
*صحح حسن بهدوء:
"يقصد بتغير منه على بلسم"
و ربت فوق كتف شقيقه المتشنج يكمل:
"غيرتك على بلسم ياخوي واضحة للكل مش ليا ولا لعلي بس"
"يوووو جبر يلم العفش أنا غلطان اللي بتحدت وياكم"
*صاح عمر بسخط و تحرك يتركهما ليرحل و لكن حسن أمسك بذراعه قائلا وهو يكتم ضحكته:
"واه هو الحج بيزعل فيها إيه لما تكون بتغير على البنت اللي بتعشجها مانا بغير على نفيسة و أكيد علي بيغير هو كمان على مرته"
"مابغرش..." قال علي بسخط وهو يقطب حاجبيه ثم عاد ليقول لشقيقه المتوتر بخجل:
"أنت عاشج بلسم صوح"
*رفع عمر ذقنه بينما تسمر فكه بشعور غريب لم يعرفه من قبل الا انه تماسك و قال ببرود:
"إني معرفش حاچه اسمها عشج"
*دمدم علي و هو يضرب كفيه ببعضهما:
"لا حول ولا جوة الا بالله انت ليه محسساني إنك بتعمل حاچه غلط لا سمح الله هو العشج حرام ولا عيب ما بابا لحد دلوكت بيعشج ماما وعشجه ليها واضح زي الشمس بلاها مكابرة يا عمر اساسا بلسم بتحبك جوي"
*ابتلع عمر ريقه والتفت إلى شقيقه ليناظره بحدة وهو يقول من بين أسنانه بغضب:
"وانت مين خابرك إياك تكون اتحدت وياها في حديت العشج و المسخرة دهو كيف ت...."
*أوقفه حسن:
"عمر اهدا يا خوي"
*ضحك علي وقال ببساطة:
"سمعت كابر وهي بتتحدت وياها عنيك وكمان جالت لها لو زعلك مش راح أهمله"
*تلك المرة لم يستطع حسن كتم ضحكته وأطلقها بقوة
وهو يلاحظ تقلب ملامح عمر من هادئة غاضبه إلى غاضبة ساخطة وأنفه و أذنيه يشتعلان بالاحمرار ليهتف بعنف:
"مش راح تهملني راح تجوصني إياك"
*رفع علي أكتافه ببراءة دون أن يجيبه بينما قال حسن وهو يمسح فوق وجهه:
"أاها اعترفت لأختها كماني بحبك البنية ناجص تطلع تجول في ميكرفون الچامع أنها حباك وأنت حتى رافض تعترف بينك وبين حالك...المهم انت جولت انك عايز تتحدت ويانا جول اللي عنديك"
*ارتبك عمر و احمر وجهه وأخفض رأسه قليلا لتتهدل خصلات شعره البينه فوق جبهته المتعرقة برغم برودة الجو....
غمغم علي وهو يعاود سؤاله:"رايدنا في إيه اتحدت يابني"
"أنا..أنا..أنا رايد أتچوز بلسم هه اديني جولت"
"لا اله الا الله...كل ديه عشان تجول رايد أتچوز بلسم بسيطة أطلب يدها من الخالة عزة وعمي سلمان وأنا طبعا..وأنا عن نفسي موافج" قال علي بمرح...
و أكد حسن على حديت شقيقه بفرحة:
"علي عنديه حج أطلب يدها مستني إيه انت بتحبها وهي كماني"
*مرر عمر أصابعه بين خصلات شعره المبعثرة وهتف بتردد:
"المشكلة مش في اني أطلب يدها"
"أمال فين المشكله" تساءل حسن بحيرة...فأجابه عمر:
"سمعت كلام واعر عنيها"
*رمقه علي بنظرات حادة وهمس بحدة وبصوت غاضب:
"كلام واعر إيه اللي سمعته عن بلسم ومن مين عاد بلسم ست البنات و مفيش أي كلام عليها وعلى أخلاجها سواء هي أو كابر...و لو على موضوع خطبتها من عماد البكري ده كان من سنين كتير يا عمر و انت بنفسيك كنت شاهد انه خطفها هو و أبوه وكانوا راح يجبروها ع الچواز لولا أنت روحت بالصدفه و خلصتها من بين ايدهم الواعرة"
*نظر عمر حوله بنظرات الحيرة و الغيرة تأكل في قلبه كالنار التي تأكل ما حولها دون رحمة..ليطلق زفيرا قويا وهو يقول لشقيقه الحاد:
"الموضوع مش اكديه نهائي مالوش أي علاجة بعماد ولا بوهدان"
*هز حسن رأسه مستفهماً "آمال بمين ياعمر؟"
"مروة صاحبة بلسم و الضاكتورة بتاعت العلاج الطبيعي"
*صاح علي بسخط غاضب "أيوه سمعت كابر بتتحدت عليها مع بلسم و بتجولها هي ازاي تجول اكديه...."
"انا مش برتاح ليها" قال حسن بصراحة
"و أنا كمان و يظهر كده أن كابر كمان مش بترتاح ليها"
هتفت علي هو الآخر و أمسك بذراع عمر يسأله بضيق: "هي جالت إيه البت دي"
*أغمض عمر عينيه وهمس وهو يضم شفتيه بخط مستقيم:
"جالتلي أن بلسم كل يوم بتفكر بواحد شكل و ان هي ورمزي...."
"مالوش لزوم تكمل كفاية لحد اكديه البت دي كذابة وبتغير من بلسم و مش رايداكم لبعض لأنها خابره زين ان بلسم بتحبك و أنت كمان بتحبها"
قاطعه حسن وهو يصرح بما التمسه من كلمات خبيثة تحاول بها تلك المروة ابعاد شقيقه عن بلسم..
*أومأ علي برأسه يوافقه:
"كلام حسن كله صوح يا عمر من جبل ما دكتور رمزي يجي لاهنيه وبلسم واضح عليها انها عشجاك وبعدين لو بينها وبينته أيتها حاجه ليه هتديك أمل من الأساس فوج يا خوي لحالك...أنا خابرك و عارف انك مالكش تچارب كتير في المسائل دي ولا في ألاعيب البنات اللي كيف اللي اسمها مروة دي وإن بلسم هي أول بنت يدج ليها جلبك أنت الوحيد فينا ياعمر اللى مشيت على نهج بابا و چدك و عيلتنا كلاتها لا لافيت ولا درت بس الحب مش محتاچ اعتراف على جد ما محتاچ ثجة ده العيل الصغير بيحس بيه شيل كل الكلام ده من دماغك وتوكل على الله"
*أومأ عمر برأسه وقد اقتنع بكلام شقيقه الذي يصغره ببضع دقائق وكأنه كان ينتظر الدعم:
"ان شاء الله راح أتحدت و يا بابا بس يتم موضوع دهب على خير"
*التفت الشقيقان الأصغر مع بعضهما نحو شقيقهما وكلاهما فوق ملامحه يترسم الذهول..هز علي رأسه وسأل بملامحه المستغربة:
"تجصد إيه بموضوع دهب؟"
*دعك عمر عينيه المرهقتين وهو يقول:
"بكره بعد صلاة الچمعة راح يتم كتب كتاب دهب على واد عمنا حمزة ان شاء الله"
"نعم..." صاح حسن متفاجئ..
"انت بتجول إيه؟" تساءل علي في ذهول..
"اللي سمعتوه دلوكت" أجابهما عمر بهدوء..
"كيف يعني؟ وإحنا ماعندناش خبر..ودهب كيف متجولش"
"محديش عنده علم يا حسن حتى دهب"
*شخر علي وهو يضرب كفيه ببعضها ويشير من حوله في الفراغ:
"ازاي يعني دهب معرفاش حاچه واحنا كيف منعرفش في إيه احنا مش فاهمينه و انت فاهمه"
*زجر عمر بنبرة حازمة:
"جاسم البكري رايد دهب بالعافية ويظهر ان الموضوع أخطر بكتير من اللي بنتحدت فيه دلوكت عشان اكديه بابا أخد الجرار دهو"
*عبس حسن متساءل باستغراب:
"نفرض ان دهب مريداش تتچوز من واد عمها بالشكل دهو راح تبجي جدام الأمر الواجع..مش لازمن توافج"
*حك علي فروة رأسه وقال بتأكيد:
"وبعدين حمزة لساته متچوز هيعمل ايه مع مرته ومع دهب أني مش فاهم أيتها حاجه بصراحه حاسس ان الموضوع في حاجه أوعر من اكديه...وبعدين من ميتى وبابا بيعمل حساب للكلب واد البكري"
*رفع عمر وجهه وقال بنفس نبرة التساؤل المتحيرة:
"أني كماني استغربت زي زيكم لما عرفت وسألت بابا نفس السؤال وجالي انه بيعمل اكديه عشان حاچه جوات رأسه"
*فكرر حسن متسائلا "طيب و ندى ولو ندى جبلت أبوها مستحيل يوافق أن يبجى لبنته ضرة"
"راح يطلجها...."
*رعد صوت حمزة الأجش بقوة وهو يمشي ببطئ في الممر بين أكشاك الخيول التي أصدرت صهيل الترحيب عندما شعرت بوجوده
عاقداً ذراعيه خلف ظهره يمشي بخيلاء وعظمة الملوك بطلته المهيبة ثم توقف أمام أولاده وابتسم يكمل:
"حمزة راح يطلجها"
"علشان يتچوز من دهب" هتف علي بصوت خافت شديد الاحترام...رمقه والده بحنو يجيبه
"من ميتى يا علي ياولدي واحنا بنخرب البيوت العمرانه؟ واد عمكم رچال ميطلجش مرة عشان يتچوز من التانية..هو له أسبابه ونصيبه وياها خلص لحد اهنيه"
"بس فايز فخري مش راح يهمله الراچل دهو مش هين يا بابا"
قال عمر باستغراب...
هز حمزة رأسه و ارتسمت ملامح الحزن فوق وجهه وهو يقول:
"فايز فخري انجتل ليلة مبارح"
"انجتل..كيف..مين اللي جتله"
*تساءل الثلاثة أشقاء في نفس الوقت بذهول:
*مط والدهم شفتيه قائلا:
"واحدة من اللي كان يعرفهم قتلته بالسم هو وعشيجته ده اللي جاله واد عمكم لما اتحدت وياي علشان اكديه هو مجاش الليلة راح يجي بكره ان شاء الله"
*والتفت لعلي الشارد ووضع يده فوق كتفه وقال مبتسم:
"الفرسة بلبلة حامل يا علي يا ولدي ان شاء الله اللي في بطنها هيكون من نصيب ولدك"
*حدق علي في والده وهو فاغر شفتيه وفي مخيلته يدور شيء واحد...
'ماذا لو حملت كابر منه..لماذا لم يخطر في باله هذا الأمر؟..طفل أو طفلة من كابر و هو سوف يصبح أب'...
ليقطع سيل أفكاره صوت حسنين الذي هرول عليهم وهو يهتف:
"ياكبير..ياكبير"
*واقترب حسنين من حمزة واقترب من أذنه يهمس له بصوت خافت:
"الأمانة وصلت في مخزن الحبوب"
*هز حمزة رأسه بهدوء وربت على كتف حسنين بفخر:
"تسلم ياولدي تسلم انت و الرچالة...خدهم ع المجعد الغربي واتعشوا ..جول لهم يحضروا وكل زين"
"تسلم ياسيد الناس"
*تمتم حسنين و انصرف سريعاً..ليحدق عمر في والده بشك: "في حاچه حوصلت يا بوي"
*اتسعت ابتسامة حمزة وهو يدمدم بارتياح:
"حوصل كل الخير ياولدي...هم يا علي شوف مرتك بزياداك وجوف مع خواتك متهملش مرتك .. هم ياولدي الله يرضى عنيك"
*تابعت كابر بتركيز أحدي مشاهد المسلسل المكسيكي الذي تشاهده دهب و وداد معاً...بعد أن جذبتها وداد بود
خلفها قائله:
"تعالي اقعدي معانا بدل مانتي قعده لوحدك كده لحد علي ما يرجع إحنا بنتابع مسلسل حلو جدا"
*لتهتف دهب بابتسامة خجولة وصوت خافت:
"بس في شوية جلة أدب خدي بالك"
*قالت وداد بمرح وهي تفتح التلفاز الموصل بجهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بدهب:
"لما يبقى يجي مشهد كده ابقي غمي عيونك بصراحة الفرجة مع نفسفس متعة"
*قطبت دهب حاجبيها وهي تضع طبق حبوب الفشار أمامهم وقالت بنزق:
"ماهي أوس البلاوي كلاتها أنا خايفه على حسن منيها"
*ابتسمت كابر وسألت وهي تشاهد مقدمة الحلقة والتي بدأت بمشهد رومانسي ساخن بين البطلان وهما يقبلان بعضهما بحرارة جعلتها تتذكر قبلة أحدهم:
"اسم المسلسل إيه؟"
*أجابت دهب وخديها يحترقان من الخجل:
"من قتل سارا؟ who killed Sara "
*لتكمل وداد وهي تكبس فمها بحبوب الفشار:
"ده البطل اسمه أليكس و البطلة إسمها إليسا ديه الحلقة التانية ممكن تبقى تشوفي الأولى بعد كده عشان تفهمي الأحداث"
*وبتوتر تابعت كابر الحلقة و التي كانت تتابع لأول مرة إحدى المسلسلات برغم إلحاح بلسم عليها..بلسم أختها حبيبتها لقد اشتاقت إليها بشدة....
وبين ضحكات الخجل من بعض المشاهد الحميمية و الانبهار بالأحداث التي تتطور و خجل دهب التي تخفي عينيها من وقت لآخر بخجل..و انبهار وداد التي كانت تشاهد الحلقة بتركيز تابعت كابر وبدأت تتفاعل مع الأحداث المشوقة في الكشف عن القاتل؟ وهي تتناول حبات الفشار مع العصير و التمعت عينيها و ارتسمت الضحكة فوق شفتيها و الحلقة الثانية انتهت وبدأوا في مشاهدة الثالثة وهكذا مر الوقت مع فتيات كانت تشعرأنها غريبة عنهم بل كانت تكرههم بشدة....

*دخل علي إلى جناحهم الخاص بالسراي و الذي يدخله للمرة الثانية ففي المرة الأولى دخله عندما كان خالي من أي أثاث و عمال النقاشه يعملون به بجد تحت إشراف والدته...
والدته الجميلة صاحبة الذوق الرفيع ولكنه يعرف بأن زوجته أضافت عليه بعض اللمسات وقامت باختيار ألوان الحائط والأثاث والمفروشات أيضاً لاينكر أن ذوقها رفيع ناعم.. بالتأكيد ليس مثلها
"أمال هي فين؟"
*سأل وهو يبحث عنها بعينيه في الحجرة التي أعدت كحجرة للاستقبال بينما كانت غرفة نومهم يفصلها باب جرار بالإضافة إلى حمام خاص ومطبخ صمم على الطراز الأمريكي به مبرد صغير و بعض أدوات المطبخ.. صمم الجناح كمنزل صغير يكفي لشخصين فقط وربما لشخص صغير...
نفض رأسه بشدة من تلك الفكرة التي سيطرت على عقله بعد حديث والده عن حمل الفرسة بلبلة ولوى شفتيه وهو يبحث عنها وأخيراً فتح باب دورة المياه ربما بداخلها ولكنه لم يجدها أيضاً فقال وهو يحك مؤخرة رأسه: "هي راحت فين؟"
*لم يهتم وفكر بأنها ستعود إلى جناحهم بالأخير فأين ستذهب.. دلف إلى دوره المياه وبعد دقائق خرج منها وهو يلف المنشفة حول خصره بشعر مبتل ليأخذ ثمرة تفاح ويقضمها وهو يقفز فوق السرير أمام التلفاز الذي فتح إحدى قنواته على مباراة للدوري الإسباني...
*مر الوقت و مرت أكثر من ساعة وهو يشاهد المباراة ولكن عقله كان مشتت في مكان آخر..
زوجته المختفية!!
زم شفتيه وعينيه تتحرك نحو باب الجناح ليقول بنبرة يشوبها القلق:
"راحت فين كل ده معقول هتبات في أوضة تانيه؟ تبقى هبلة رسمي"
*وقبل أن يتحرك من فوق الفراش حتى يرتدي ملابسه ويخرج ليبحث عنها وجد باب الجناح يفتح وتدخل منه كابر بهدوء فوق أطراف أصابعها وهي تفكر أنه بالتأكيد قد خلد للنوم وسوف تنعم بالهدوء وهي تشاهد الحلقة الأولى من المسلسل و......
*انتفضت على صوت وهو يسألها بخشونة:
"كنتي فين؟"
*أغمصت كابر عينيها و رفعت كفيها و هي تقول:
"اهئ اهئ انت لسه صاحي"
*قال علي بهدوء:
"أاه صاحي عندك مشكلة"
*هدرت بنزق "أه عندي مشكلة مجرد اني أشوفك يبقى عندي مشكلة انت مش مكسوف من نفسك"
*هتف ببساطة "لا هتكسف ليه؟"
*تخاصرت واقتربت منه وهي تضيق عينيها وتقول بغضب خافت:
"اسأل نفسك عملت إيه وانت تعرف؟"
*عبس متساءل بإستغراب:
"عملت إيه؟"
*زامت بغضب وهي تضرب قدمها بالأرض:
"ييييييييييييي وكمان بتسأل عملت إيه؟"
*هز علي رأسه ببراءة وهو يغمغم:
"مش انتي قولتي لي اسأل نفسك عملت إيه..أنا سألت"
*أشارت باصبع السبابة في وجهه وهي تجز على أسنانها:
"علي بلاش استفزاز ولعبة حوريني يا كيكة دي انت عارف كويس عملت إيه لما كنا بنتعشى.. انت إزاي إزاي...أوف بقى أوف انت قليل الأدب ومش محترم أصلا ومش هتكلم معاك في أي حاجه"
"كابر..كنتي فين؟"
*تركها تثور و تصيح و تفيض بكل ما لديها حتى انتهت ثم عاد وسألها بنفس النبرة الهادئة الباردة كالصقيع ولكن بحزم شديد غريباً عليها...
قالت هي تلتفت عنه واتجهت نحو خزانة ملابسها لتخرج منامة قطنية حمراء:
"كنت بتفرج مع دهب و وداد على مسلسل فيها حاجه دي؟"
*عاد ليفرد جسده على الفراش وهو يضع ذراعيه خلف رأسه ليستند فوقهما ومازال يلف نصفه الأسفل بالمنشفة ليتابع المباراة التي أوشكت على الانتهاء...ليزجرها بنبرة حازمة تحوي الكثير من السلطة:
"بعد كده أول ما أدخل أوضتنا تيجي ورايا على طول مبقاش أنا هنا وانتي بره وكمان تبقي تاخدي بالك من لبسك ع الأقل في الوقت اللي هنكون فيه هنا"
"تاخد بالها من لبسها يقصد إيه بقى؟"
علقت على الجزء الأول من الجملة ولم تهتم بنصفها الأخير وهي تحدق بالمرآة وتسأل نفسها ما العيب بملابسها؟ انها ترتدي ثوب
لطيف زيتوني بنصف كم وزراير تصل إلى آخره ملتف حول جسدها بإعتدال ليس ضيق و ليس واسع يصل طوله إلى نص ساقيها بعد الركبة ليس هناك أي عيوب:
"ماله لبسي عشان تعترض عليه"
*أشار بعينيه للأسفل لقد كان هناك شق واسع بين أخر زر ونهاية الثوب يكشف عن ساقيها:
"رجلك كلها باينة وخصوصاً لما بتقعدي ابقي خدي بالك كويس"
*نفخت وتحركت من أمامه لتدخل إلى دورة المياه خلعت ملابسها ببطء ووضعتهم في المكان الخاص بالملابس التي سيتم غسلها بجانب غسالة الملابس لتلمح كنزته القطنية البيضاء جذبتها بعنف و دستها في أنفها لتستنشقها...ظلت تستنشق رائحة عطره الممزوجه برائحة جسده حتى شعرت بأن رأسها تلف حولها من تلك الرائحة التي يبدو أنها أدمنتها بقوة.."

*فرق كبير بيننا ياسيدي فأنا طفلة تتعلم حروف الهوى و أنت جسور..أنا مقيدة محتجزة بين أنياب الماضي و أنت حر تطير..وأنا مجهولة جداً وأنت في أمور العشق خبير*

رفعت أكتافها العارية وشفتيها تفترق بابتسامة جميلة لا تعرف سبباً لها وتركت الكنزة لتقف تحت رشاش الماء الدافئ بعد أن جمعت شعرها داخل قبعة الاستحمام....
*خرجت كابر بعد فترة وهي ترتدي منامتها الحمراء القطنية والتي يصل طول سروالها حتى ركبتيها مرت من أمامه وهو يناظرها من أسفل أهدابه بينما هي جلست أمام المرآة تمشط شعرها برقة وهي أيضاً تتأمله بمكر ..انه مثير ويشبه ممثلي المسلسلات التي تتابعها بلسم والتي كانت تتابعها منذ قليل ..أغمضت عينيها حتى لايكشفها وفكرت بتوتر هل ستنام بجانبه وهو بهذا الشكل؟ لماذا يجلس هكذا و لا يرتدي ملابسه؟
"عايزة أنام"
*اعتدل ليجلس فوق الفراش وابتسم باستفزاز قائلا بهدوء:
"عايزه تنامي جنبي أهلا و سهلا متحبيش قدامك المكان واسع نامي في أي حته تعجبك"
"محديش قالك قبل كده إنك قليل الذوق و بارد"
*هتفت كابر بعنف:
*ليقول بنفس النبرة الهادئة وهو يعود ليفرد جسده من جديد و يشبك ذراعيه خلف رأسه:
"أه انتي قولتيلي ميت مرة بس ديه هتكون آخر مرة تقلي أدبك فيها"
*عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت وهي ترفع حاجبيها ببرود يماثل بروده:
"نام انت ع الأرض أو على أي كنبه دا سريري و دي أوضتي أنا"
*اعتلت شفته العلوية بنزق وهز رأسه قائلا:
"وأنا ايه برطمان مخلل انتي عبيطة"
"متغلطش فيا وقوم البس حاجه بدل مانت نايم بالمنظر المقزز ده مش فاهمه انت بتحب تنام كده ليه"
"عشان بحب التقزز، متعود عليه، بحبه عجبك ولا مش عجبك"
"لا مش عاجبني"
*صاحت وهي تصعد من فوقه حتى تنتقل في الجهة الأخرى من الفراش كز على شفتيه بقوة وهو يتابعها وهو تخطو من فوقه بكل ببجاحة لذيذة و مثيرة، نامت ع الجانب الأخر من السرير بعيداً عنه و وضعت رأسها فوق الوسادة وهي توليه ظهرها...تنفس برفق و ظل يقلب في قنوات التلفاز حتى شعر بالملل وأغلقه ولف رأسه لينظر نحوها من جديد وهي تنام في وضع الجنين وشعرها الأسود منسدل فوق الوسادة بجانبها كفراش من حرير مخملي أسود....
حاول كبت جموح رغبته بها الآن وهو يفكر بعمق ماذا سيفعل اذا حدث حمل....نهض من مكانه ليرتدي سروال قطني قصير وعاد ليجلس على طرف الفراش وهو يناديها:
"كابر نمتي؟"
"اااه نمت"
"لما انتي نمتي بتردي ازاي"
*زفرت ونهضت تجلس وهي تربع ساقيها وتحتضن الوسادة:
"ايه..خير..عايز إيه"
*حدق فيها بتردد وعلى طرف لسانه تتجمع الكلمات هل يلفت نظرها إلى احتمالية الحمل منه أو يتركها ربما هي تأخذ الاحتياطات اللازمة..قلبت كابر بؤبؤتيها بتذمر وهي تقلب شفتيها مدمدمة بإمتعاض:
"علي انت مصحيني من النوم عشان تسكت في إيه"
*وبرطمت حين طال صمته...
"تعرفي إيه عن مروة ديه؟"
"مروة..تقصد مروة بتاعة دكتورة العلاج الطبيعي صاحبة بلسم"
*سألته باستغراب...فأجابها وهو يهز رأسه بنعم:
"أيوه هي.. تعرفي عنها ايه غير كده؟ يعني عيلتها..منين"
*علت ضجة من الانفجارات الغاضبة في داخلها تسمع دويها من الغيرة التي شبت في قلبها كحريق هائل..انها تغار ما هذا الغباء..
ألم غريب يضرب قلبها ويسبب غصة في حلقها، هل كل هذا بسبب سؤال؟ مجرد سؤال ولماذا تغار أساساً عليه؟ انها لا تحبه حتى تشعر بالغيرة !
بالتأكيد انها غازات داخل معدتها تسبب لها التوتر....
"كابر سرحتي في ايه؟ في مروة"
*قالت بتعصب و عنف:
"واضح ان مروه شغلاك أوي ؟ إيه مش قادر تصبر لحد ما كل واحد مننا يروح لحاله ومن دلوقتي بتفكر في واحدة تانيه و قذره زي مروه دي"
*تجعد أنف علي باستغراب وهو يبتسم:
"بتقولي ايه يابنتي..أنا بسأل سؤال عادي دماغك راحت لفين..إيه بتغيري عليا"
*شهقت وهي ترميه بالوسادة وارتكزت على ركبتيها تهتف:
"نعم أغير وعليك انت ليه يعني انت فاكر نفسك مين"
"جوزك..أنا جوزك يعني من حقك تغيري عليا وأنا كمان أغير عليكي ده العادي"
*ابتسم وهو يقول بهدوء وكأنه أمر واقع يفرض عليها.. تلبكت وهي تلعق شفتيها كقطة صغيرة ووجنتيها يلتهبان بالأحمر لترد عليه بتوتر:
"جواز مؤقت ولا نسيت اننا متفقين على كده"
*ضحك وقال بسخط وهي يرمي الوسادة بعيداً:
"اللي حصل بينا كان مبين انه جواز حقيقي وعن حب كمان...وشفايفك وكل حته فيكي تشهد على كلامي د..."
*قاطعته وهي تلهث من الخجل:
"خلينا في مروة بتسأل عنها ليه"
*مسح علي وجهه وهو يقول:
"عمر قالي ع الكلام اللي قالته على بلسم.. أساساً أنا مش برتاح للبنت دي من أول مرة شوفتها وأنا مرتحتش ليها أصلا"
"وأنا كمان بكرهها لله في لله بحسها بتكره بلسم وكل كلامها و ضحكها و صداقتها دي مجرد غلاف بتغطي وراه وش تاني"
"ليه محذرتيش بلسم منها؟"
"حذرتها كتير بس بلسم للأسف بتشوف كل الناس طيبين و أنا بشوفهم أشرار بس هي فعلا كده يا علي وأنا خايفه على بلسم منها خصوصاً بعد الكلام اللي قالته لعمر"
*دموع لسعت مقلتيها تشعر انها تريد البكاء ربما لأنها كشفت نفسها أمامه ودت البكاء بشدة ولكن فوق صدره تحتاجه لا تعرف لماذا...
*هز علي رأسه وهو مشتت قليلا:
"متخافيش على بلسم..هي بالنسبة لي زي دهب وكمان عمر بيحبها ومش هيسمح لحد يؤذيها أبدا"
"عمر بيحب بلسم..بجد يا علي"
*هتفت كابر بابتسامة متسعة سعيدة عمر يبادل شقيقتها الحب و ربما يطلبها للزواج قريباً وتصبح عروس جميلة..
"بلسم كمان بتحبه" قال علي وهو يحدق في عينيها بنظرة غريبة عليها..نظرة حنونة..دافئة..رائعة..عاشقة
أومأت رأسها بنعم وهي تخفض وجهها وشعرها ينسدل على جانبي وجهها:
"بتحبه جداً.. كنت خايفه لعمر ميكنش بيحبها ويكسر قلبها"
"عمر هيطلب ايدها قريب أوي" قال علي ببساطة وهو مبتسم...
رفعت كابر وجهها وعيونها تتسع على وسعهما بذهول ممزوج بالفرحة و الدموع:
"بجد يا علي بجد؟ احلف"
"والله العظيم"
رفعت يدها بالهواء وقفزت عليه تحتضنه وتضمه بقوة وهي تدفن وجهها في عنقه تبتسم و تبكي وهو يضم خصرها ويقربها منه أكثر حتى ارتاحت فوق ساقيه وهي تتشبث به كالذي يتشبث بالحياة
*رفعت رأسها عن عنقه وحاولت أن تبتعد ولكنه تمسك به حتى تبقى فوق ساقه رفعت وجهها ونظرت في عينيه اللامعتان... فهمس وهو يرفع ذقنها و يلثم شفتيها برقة:
"بلاش بلسم أو الخالة عزة يعرفوا دلوقتي لأن عمر مش هيفتح الموضوع مع بابا دلوقتي"
*همست بلهفة "ليه هو لسه مصدق كلام مروة دي؟"
*عاد علي ليلثم شفتيها من جديد وهي تستسلم له ذائبة كقطعة الزبد الناعمة:
"الموضوع ميخصيش بلسم ولا كلام مروة الغبي ده الموضوع تقريبا يخص دهب"
*وقبل أن تفترق شفتيها أوقفها قائلا:
"متسألنيش عن أي حاجه تانيه عشان أنا معرفش.. المهم اطمني من ناحية بلسم و عمر أنا مش هسمح للي اسمها مروة دي تفرق بينهم بأي شكل من الأشكال"
*هزت كابر أكتافها برقة وهي تميل برأسها قليلا وتهمس بنعومة:
"شكرا..تصبح على خير"
*جذبها من ذراعها قبل أن تبتعد عنه لتقع على صدره وقبل ان تفتح فمها لتعترض كان يسكتها بطريقته الخاصة وهو يلتهم شفتاها التي اعتاد على نعومتهما ومذاقهما و يخاف بشدة أن يعتاد عليهما و يصبح مدمنهم...

*زفر أنفاساً مشحونة بعذاب الانتظار فأيوب يكرهه..نظر في هاتفه بقلق شديد ثم أغلقه ليضعه بجانبه و هو يهز ساقه بعصبية شديدة نفخ في كفيه ثم فركهما ببعضهما البعض لينتفض واقفاً يمشي ذهابا و إيابا بتوتر دون توقف، يرتجف من هول ما يراه لأول مرة....
مجرمون مكبلين بالأصفاد يمرون من أمامه، منهم من يصطدم به ،ومنهم من يشعر بالحزن ،و الذي لا يبالي ،و نساء يبدو عليهن العهر الأخلاقي و أخريات يبدو عليهن البؤس و الظلم، تارة يسمع صوت الصراخ و العويل و تارة أخرى صوت الزغاريد و صيحات الفرحة، شتائم بذيئة و معاملة سيئة وصفعات...نفض رأسه و كأنه في كابوس شديد يود الخروج منه سريعاً....
*لماذا تأخر شقيقه كل ذلك الوقت اللعين داخل مكتب المحقق و ما علاقته بهذه السيدة؟ هل هو متهم بشيء أو ماذا؟..تساءل بحيرة شديدة و هو يحدق في السيدة التي تجلس أمامه بعد أن قدمت افادتها.. وتوقف أيوب بالقرب منها يسألها:
"بقولك ياست هي ناهد دي تعرف أخويا منين؟ أقصد كان متجوزها أو في بينهم أي حاجه؟"
*حدقت منيرة في أيوب الجاهل بالأحداث برغم أنه شقيق السيد حمزة و لكن يبدو أن الشاب ليس على علم بما يحدث..سوف تكتفي بالصمت لن تتحدث ربما يسبب حديثها أي أمر مزعج للسيد حمزة الرجل الذي تُكِن له كل الإحترام:
"معرفش حاجه يابني، الله أعلم بظروف الناس، أنا قولت كل اللي أعرفه جوه قدام البيه وكيل النيابة"
*ابتسم أيوب بتلبك قائلا:
"متقلقيش أنا أخو حمزة كل الموضوع اني بسافر كتير ومش عارف بيحصل إيه؟ بس هو الموضوع خطر على أخويا ؟أقصد ان الست الله يرحمها قتلت اتنين و ممكن....أووف ايه اللي بيحصل مش فاهم و اتأخر جوه كده ليه؟؟"
*صمت أيوب والقلق ينهش أحشائه..فقالت منيرة وهي تمسح دموعها:
"لا يابني البشمهندس مالوش دعوة كان بيساعد الست ناهد الله يرحمها كده لله في لله أصلها كانت غلبانه أوي و مقطوعة من شجرة و جابني عشان آخُد بالي منها و أشوف طلباتها بس هو حتى ماكنش بيخطي عتبة باب بيتها غير عشان يطمن عليها ويشوف هي محتاجه إيه"
*أومأ أيوب برأسه و هو يفخر بشقيقه الأكبر و بعمله الإنساني الذي بينه و بين الله..ولكنه مازال لا يشعر بالارتياح او بالاطمئنان ما هو رابط الصلة بين شقيقه و عشيقة هذا الحيوان فايز و ما الأمر الذي جعل حمزة يساعدها و يضع نفسه في قائمة المشاكل و.....
توقف أيوب عن التفكير و التساؤل للحظة ...
'الطفل نانا هي والدة الطفل الذي كان من المفترض أن يكون إبن شقيقه من ندى..إذاً هي المرأة التي تحدث عنها شقيقه التي كشفت الأمر كله برمته لذلك هو يساعدها.....
*وأثناء شروده في التفكير رفع أيوب رأسه ليتفاجئ بندى تقف أمامه بملابس سوداء و نظارة سوداء تغطي عينيها و كانت برفقة أحد الضابط و رجل آخر بيدو من هيئته أنه محاميها...و لكن ما آثار استغراب أيوب هو شموخها و ملامح وجهها الجامدة ..لا يبدو عليها أي ملامح للحزن أو البكاء!
مط أيوب شفتيه و أومأ برأسه لها من بعيد:
"البقاء لله يا ندى"
"توجهت ندى نحوه و هي تستوعب الأمر بالبداية أعتقد أنه شخص يشبه أيوب بدرجة كبيرة أو ربما كثرة تناول الشراب أفقد عقلها لدرجة أنها أصبحت تتخيل أشخاص يقربون له...و لكن عندما سمعت نبرة صوته التي تشبه نبرة صوت زوجها أو الرجل الذي كان زوجها تعرفت عليه في الحال:
"أيوب انت بتعمل إيه هنا؟ حمزة بخير"
*و من داخل مكتب المحقق بالواقعة 'وكيل النيابة' و بحضور كل من شهود الواقعة ضابط الواقعة و طبيب الإسعاف الذين قدموا افادتهم .. و في حضور السيد كمال مهران محامي حمزة الذي حضر على الفور عندما أخبره موكله بأن يحضر إلى سراي النيابة العامة و معه كل الأوراق و الاثباتات التي تخص الأمر...
*قدم كمال عقد تنازل و تبني مع اعتراف بصوت و الصورة مسجل للسيدة ناهد متولي فهيم وهي فيه تقر و تتنازل للسيد حمزة عمار أيوب الناجي عن طفلها في حالة حدوث أي مكروه لها و أكدت ناهد في الفيديو المسجل بأن السيد حمزة سيكون هو المسئول الأول و الأخير عن طفلها الذي لا ينتمي لفايز فخري بأي صلة فوالد طفلها شخص غير معروف و توفى في حادث و سوف يكون السيد حمزة هو صاحب المسئولية الكاملة لأنها ليس لها أي عائلة تهتم بالصغير اذا حدث أي مكروه لها:
*بعد أن انتهى المحقق من سماع الشهود و التسجيل بدأ يوجه الأسئلة إلى حمزة الذي تربطه صلة بالقتيل:
"بشمهندس حمزة كنت تعرف أن المتهمة كانت على علاقة بالقتيل اللي هو حماك و القتيلة كمان؟"
"فايز بيه أيوه لكن القتيلة لأ"
"وليه اختارتك أنت بالذات عشان تتبنى الطفل في حالة حدوث أي مكروه لها"
*أجاب حمزة بثبات دون أي إنكار:
"لأنها طلبت مساعدتي و لأنها هي كانت أم الطفل البيولوجية اللي كانت زوجتي ندى فخري هتبقى أمه"
"كنت عارف بموضوع الطفل ده"
"لا...في الحقيقة أنا كنت عامل حادثه كبيرة و عرفت ان زوجتي حامل وده طبعا كان بترتيب مع فايز بيه الله يرحمه"
*قال كمال محامي حمزة:
"دي يافندم أوراق تثبت ان السيدة ندى فخري شالت الرحم من أكتر من عشر سنين و كمان دي أوراق مزورة من عيادة الدكتور * ده دكتور اتقبض عليه من فترة واللي بلغ عنه موكلي لأنه كان بيزاول مهنة الطب بطرق غير مشروعة و اللي زور أوراق حمل السيدة ندى الكاذب طبعا بعد دفع مبلغ و قدره من المجني عليه...وكمان ده تسجيل كاميرات المستشفى اللي يثبت زيارة السيدة ناهد فهيم لموكلي أثناء مكوثه في المستشفى لتلقي العلاج"
"تمام يا أستاذ كمال يعني البشمهندس كان ضحية من ضحايا المجني عليه"
"أيوه يا فندم وبعد اعتراف السيدة ناهد بكل شيء لموكلي اضطر هو أنه يساعدها لأنها قررت الهروب من المجني عليه لأنه كان عايز طفلها و كان ممكن يقتلها لما يعرف أنها اعترفت لموكلي"
*هز و كيل النيابة رأسه باقتناع قائلا:
"موكلك يعتبر شاهد ملك و كمان المسئول عن الرضيع ولكن يبقى مواجهة أقوال موكلك بأقوال السيدة ندى فخري مجرد إثبات حالة مش أكتر"
"تمام يافندم اتفضل"
*وأمر المحقق باستدعاء ندى التي دخلت بعد ثواني برفقة محاميها لتتقابل عينيها مع عينا حمزة الصقرية الغاضبة و دون تفكير أخفضت ندى عيناها بخجل واستحقار لنفسها وكأنها ترى نفسها في مرآة عينيه عاهرة خائنه تستحق الرجم...
جلست ندى حتى تفيد بأقوالها هي الأخرى لتؤكد على كل كلمة أفاد بها حمزة باعتراف كامل منها أن و الدها هو العقل المدبر لكل شيء وأنه أيضاً و قبل قتله بساعات كان ينوي و يخطط لقتل زوجها مع أحد شركاه و يدعى قاسم وهدان البكري...
*اتسعت عينا حمزة بذهول و هو لا يصدق ما سمعه للتو من فم ندى و باعتراف مؤكد منها دون أي ضغوط!!
فايز الحيوان كان يخطط مع تابعه الشيطان لقتله ولكن الله حفظه (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)...
*وأمر وكيل النيابة العامة بإخلاء سبيل حمزة على الفور
من سراي النيابة و إرسال أحد الضابط معه إلى المشفى العام لاستلام الطفل الرضيع محل نزاع الواقعة...
نهض حمزة برفقة محاميه وتطلع إلى ندى التي رمقته بندم وتجمعت الدموع داخل عيناها لولا غبائها و أطماع فايز فخري لكان حمزة الآن بجانبها ..تعود معه و يبقى بجانبها ..لكنها الأن وحيدة وسوف تعيش وحيدة وأيضاً ترحل من هذه الدنيا وحيدة....
وداعاً يا قرة العين ستبقى دائماً في قلبي و ستبقى العين تهواك

*خرج حمزة برفقة شقيقه و محاميه و ودع السيدة منيرة وفي الخفاء وضع داخل كفها مبلغ مالي كبير قائلا لها:
"شكرا يا ست منيرة"
*مسحت السيدة دموعها و هي تودعه و تدعو له بدوام الصحة و العافية ووصته خير وصية بهذا الصغير الذي أصبح اليوم يتيماً لا أحد له و قد أرسله الله له ليكن هو كل شيء و أي شيء لهذا الصغير الذي أصبح في رقبته منذ أن وضعته والدته و رحلت في أمان الله....
*وتحركت السيدة منيرة و ازداد نحيبها و بكائها و خوفها من الله و من التفريط في الأمانة التي ائتمنت عليها و لكن ليس باليد حيلة لقد وضعها الله في أصعب المحن و أصعب الابتلاءات عندما رزقها بإبن عاق فاشل يمقتها و يضربها و يسرقها و يفعل كل الفواحش دون أن يرف له جفن أو يخشى الله فقد سرقها و سرق الشيء الذي ائتمنت عليه....
"أنا هخرج ياست ناهد و ان شاء الله ساعتين ولا تلاته و أرجع على طول"
"استني يا ست منيرة عايزه أديكي حاجه تخليها معاكي بس الحاجه دي أمانه فاهمه.. أمانه لو حصلي أي حاجه أي حاجه ان شالله حتى وقعت و دوخت..."
"بعد الشر عنك ياست ناهد ان شاء الله تقومي بألف سلامه"
"ان شاء الله ادعيلي ياست منيرة ادعيلي والنبي ان ربنا يسامحني ويغفرلي...ست منيرة الفلاشة ديه تخليها معاكي ،حطيها جوه عيونك، لو حصلي أي حاجه سلميها للبشمهندس حمزة في ايده ،ماشي ياست منيرة اوعي تفرطي فيها"
*شهقت منير بالبكاء لتلفت الأنظار إليها بسيارة الأجرة التي تركبها لتسمح دموعها و تهمهم بصوت خافت:
"سامحيني انتي ياست ناهد.. سامحني يارب مقدرتش أحافظ ع الأمانه أنت عالم يارب غصب عني، كان ناوي يقتلني لو مخدهاش لا حول ولا قوة الا بالله.. يارب ريحني منه يارب"

"حاضر يا بابا حاضر متقلقش كل حاجه عدت على خير الحمد لله فاضل حاجه صغيره أخلصها و هاجي أنا و أيوب ان شاء الله على طول..طمن عمي وحضرتك كمان اطمن"
*أغلق حمزة الهاتف مع والده ووقف في منتصف بهو المشفى العام حائراً ضائعاً لا يعرف ماذا يفعل و لمن يذهب بهذا الصغير الذي لم يفتح عينيه بعد على هذه الدنيا الواسعة الغادرة...ربت أيوب فوق كتفه يدعمه لقد مر شقيقه بساعات صعبة مريرة و مازال يمر بالمحنة الأكبر على الإطلاق:
"وبعدين ياحمزة هتعمل ايه؟"
"مش عارف يا أيوب مش عارف"
*فرك أيوب مؤخرة رأسه بتفكير ثم قال لشقيقه بشك:
"لو تعرف مين أهله سلمه ليهم دي مسئولية كبيرة"
*قال حمزة بتأكيد "أعرف مين أهله"
و تابع بصوت أجش متألم "بس مقدرش أسلمه ليهم لأنهم هيقتلوه"
*انصدم أيوب منصعق "يقتلوه ليه؟ ده ذنبه إيه أساسا هو مخترش أمه"
"المشكلة مش في أمه المشكلة في أبوه الله يرحمه و يسامحه"
"انت تعرف أبوه مين كمان؟"
*هز حمزة رأسه بنعم ليجيب شقيقه الأصغر على سؤاله
الذي لم ينطق به بعد:
"أبوه يبقى عماد البكري ابن وهدان و أخو المجرم قاسم
الولد ده لو عرف قاسم بوجوده هيقتله"
*ضرب أيوب فوق جبهته بصدمة عتية و ردد بنبرة باهتة:
"طبعا عشان محديش يشاركه في ميراثه طيب هتعمل ايه؟ هناخده معانا"
*هتف حمزة بتهجم واضح:
"لا طبعا مستحيل لو أخدناه معانا احتمال كبير الحيوان ده يعرف بوجوده.. عمي قالي لازم نبعده عن البلد بأي شكل لأن أول واحد هيفكر فيه قاسم هيكون أنا هو عرف من فايز الكلب اني عرفت كل حاجه من ناهد واتفق معاه على قتلي"
"قتلك..يا نهار أبيض..هو قاسم ده مافيش حد يوقفه عند حده.. ازاي عمي سامح لواحد حيوان زي ده يبرطع كده..حمزة انت في خطر خصوصاً لما يعرف بجوازك من دهب"
"لو فكر يقرب من دهب هقتله بإيدي مش هستنى اللي عمي ناوي يعمله فيه أنا خلاص فاض بيا منه"
*صرح حمزة بغضب قاتم و عينيه تشتعلان بنيران غاضبة...ليقول وهو يرفع كفيه ليمسد جانبي رأسه:
"المهم دلوقتي الولد ده هنعمل فيه ايه؟؟"
*وبنهاية كلماته الغاضبة خرجت إحدى الممرضات وهي تحمل لفة صغيرة بيضاء بطول ذراعها واقتربت من حمزة الذي تسمر في مكانه ينظر إلى اللفة الصغيرة:
"اتفضل يا أستاذ أنا لبسته من الهدوم اللي جابتها الست اللي كانت مع أم الولد بس خد بالك هو لازم يرضع احنا يادوب رضعناه بلبن صناعي و كان رفضه لو مرضعش من لبن صدر ممكن لقدر الله يموت ربنا يقدرك عليه"
*وحمل منها حمزة الصغير أحمر البشرة رقيق الجلد وصغير الحجم بين كفيه كان يرتجف بشكل ملحوظ وهو يحمله..وقلبه يهوي في صدره من الألم وهو يشعر بأن هناك علاقة قوية تربطه بهذا المخلوق البريء منذ أن عرف بحمل ندى فهذا الصغير كان من المفترض أن يصبح إبنه هو على إسمه و من دمه كما كان يعتقد
تبسم وهو ينظر إلى وجهه الملائكي وهو نائم في سلام...
"ده صغير جداً"
هتف أيوب وهو يرمقه بحذر شديد و فجأة دون أي مقدمات ظهر وجه إيسال أمامه وهي تغمض عينيها عندما وضع قرص منع الحمل في فمها...
لا يعرف لماذا تذكرها الآن عندما رأى هذا الصغير ورق قلبه له:
"ايه رأيك لو ناخده لايسال هي ممكن تهتم بيه لحد ما تشوف هتعمل ايه"
*فكر حمزة قليلا في اقتراح شقيقه و لكنه عاد ليتذكر بأن الصغير يحتاج إلى الرضاعة و الاهتمام فقال برفض خافت:
"مش هينفع انت سمعت الممرضة قالت إيه لازم يرضع وايسال ممكن متعرفش تتعامل معاه"
"طيب ايه الحل الوقت بيجري انت ناسي كتب الكتاب
والناس اللي في البلد و كمان الولد ممكن يعيط ولا يجوع"
*لم يتحمل حمزة هشاشة ساقيه و هو يحمل الصغير بين يديه فجلس على أقرب مقعد خشبي وهو يضمه في صدره بحرص...وصمت للحظات يفكر بحيرة و يدعو الله في سره أن يقف معه و يقدره على حماية الطفل الذي منحه الله له حتى يحميه من شرور من حوله..
وكأن السماء كانت تفتح أبوابها لدعوته الخفية حيث التقطت اذناه سماع الإسم الذي كان غائب عن ذاكرته في هذا الوقت:
"يا جماعة والدة الطفلة ملك اللي في حضانه سبعه يروح مكتب الخزينة قبل ما يقفلوا...والد ملك يا جماعة"
"ملك..هي ملك"
ردد حمزة وهو ينهض مبتسم وقال لأيوب الذي نهض معه مستغرب:"عرفت هنروح بيه لفين الحمد لله"
"أمسكه يا أيوب كويس لحد ما أعمل تليفون"
*تردد أيوب بفزع وهو يحمل عن شقيقه الصغير وهو يقول بخوف:
"مش هعرف يا حمزة ده صغير جدا"
حمله أيوب وجلس به بحذر وكأنه قطعة من الزجاج يخشى عليه من الكسر...بينما أخرج حمزة هاتفه حتى يتحدث مع صديقه الذي سينقذه بإذن الله:
"ألو أيوه يا فارس أنا محتاج منك خدمة أو بالأصح من ملك هقولك بسرعه..فاكر الموضوع اللي اتكلمت معاك فيه..أيوه أيوه موضوع الست الحامل اسمعني كويس"
*وبعد دقائق كان يخرج حمزة من المشفى برفقة أيوب الذي يحمل الصغير ويمشي به ببطئ شديد و حذر واستقلا معا سيارة الأجرة:
"حمزة احنا رايحين على فين بيه لاقيت حد؟"
*ابتسم حمزة و برفق حنون ملس على رأس الصغير وهو يقول:
"أيوه الحمد لله...رايحين بيت عمة فارس الحسيني لأن مراته ملك عندهم وهي اللي هتقدر تاخد بالها منه ان شاء الله"
*نزل حمزة و أيوب من سيارة الأجرة أمام منزل آل السلحدار منزل والد ملك التي كانت تقف في الحديقه تنتظرهم بعد أن أخبرها زوجها على الهاتف بإختصار وعندما لمحتهم توجهت ملك نحو البوابة وخلفها مودة تهرول...ليتوقف حمزة أمامها قائلا:
"أنا آسف جداً يا ملك بس ماكنش في حد قدامي غيرك انتي عشان ينقذني"
*تبسمت له ملك برقة و نظرت للصغير الذي مازال يحمله أيوب و كأن ذراعيه تيبست حوله .. همست وهي تمد يدها له حتى تأخذه و تحمله برفق:
"ماتقلقش يا حمزة..فارس قالي على كل حاجه في التليفون هاتوا بسرعة عشان أرضعه و اتفضلوا جوه ماما و بابا في انتظاركم"
*وحملت الصغير عن أيوب وهي تسمي بالله و تضمه لصدرها الحنون:
"بسم الله ،ماشاء الله ،تبارك الله أحسن الخالقين"
*استقبل يوسف و شمس ضيفا ابنتهما و زوجها .. جلس حمزة و أيوب و بعد دقائق مائدة الطعام التي أعدتها شمس ممتلئة لتستقبل عليها حمزة و شقيقه اللذان اعتذرا و لكن بعد إلحاح شديد من يوسف و شمس جلسا الشقيقان منهكين جائعين و متعبين بشدة بعد يوم عصيب مرا به.....

*انتهت ملك من ارضاع الصغير الذي التهم صدرها بنهم وكأنه يعرف طريق طعامه الذي كان يشتهيه ،و بعد أن أطعمته و بدلت له حفاضه و ملابسه أيضاً نظرت إلى جلال الذي كان يناغيه ويحرك يده المكتنزه مبتسماً وقالت له وهي تداعب أنفه الصغير:
"بقى عندك أخ في الرضاعه ياروحي هتاخد بالك منه لما يكبر هتبقوا اخوات مع بعض...حبيب أمه"
"مامي ده أخونا الجديد"
*قالت مودة و هي تملس فوق ساقه الصغيرة الناعمة.. تبسمت ورد و هي تناول والدتها الكريم المرطب الخاص بشقيقها الصغير تهمس:
"لا يا وده أخونا الجديد لسه في بطن مامي ده ابن أونكل حمزة صح يا مامي"
*هزت ملك رأسها لصغارها و همست لهم:
"صح ابن أونكل حمزة بس هيبقى أخوكم كمان"
"فين ماما بتاعته سفرت"
*سألتها مودة بابتسامة ناعمة وهي تداعبه:
*أومأت ملك برأسها وحملت الصغير من فوق المهد وهي تهمس لهم بما يناسب عقولهم الصغيرة الغير واعية:
"أيوه سفرت لمكان بعيد جميل...خليكم هنا خدوا بالكم من أخوكم"
*وجلست ملك أمام حمزة الذي كان يشرب قهوته بتعب لتستمع له حتى انتهى من حديثه المؤلم الذي يبدو أنه تأثر به، وغامت عينيه بطيف من الدموع وهو ينظر إلى الصغير الذي كان يحمله فوق ساقه ليودعه بقبلات ناعمة ثم ناوله لملك برفق و بحنو رقيق حملت ملك الصغير بين ذراعيها و ضمته لصدرها تستنشق رائحته العطرة و أدمعت عيناها و هي تقول بقلب ملتاع:
"ياروحي أنا ماتخفش أنا معاك"
*تبسم حمزة بارتياح و هتف بشكر عميق:
"مش عارف أقولك إيه يا ملك بجد انتي أنقذتيني لأني ماكنتش عارف هروح بيه فين"
*ضمته ملك برقة شديدة و هي ترى أصابع الصغير المنمنمه داخل فمه الصغير كالعصفور يبدو أنه شعر بالجوع من جديد:
"ماتقولش حاجه ويلا من غير مطرود قوم عشان تلحق طيارتك و تروح لعروستك عايزاك تبقى مبسوط يا حمزة ان شاء الله ربنا يسعدكم و أنا هقوم أرضع أ.....هو اسمه ايه؟"
*هز حمزة كتفيه مجيباً بحزن و هو يمسح فوق وجهه:
"للأسف أمه ملحقتش تشوفه حتى و ماقلتليش على اسم معين أسجله بيه..مش عارف أول مرة أتحط في موقف زي ده"
*لثمت ملك أنفه الصغير و عينيها تغيم بالدموع لترفع رأسها لحمزة و همست:
"ده هدية و هبة من ربنا سبحانه وتعالى لك و لينا كلنا.. إيه رأيك في عبد الوهاب"
*افترقت شفتا حمزة بتنهيدة مصحوبة بابتسامة و نظر للصغير القابع بحضن ملك في هدوء وكأن فطرتها الأمومية أشعرته بالأمان و الحنان:
"عبد الوهاب أسم جميل يبقى عبد الوهاب..."
*وتمتم بخفوت :"عبد الوهاب عماد وهدان البكري"

*منذ الصباح الباكر و السرايا تعج بالعاملات اللاتي يعملن على قدمٍ و ساق و حركة غير مريحة بكل أنحاء السرايا.. جدتها مختفية و أيضاً وداد.. تشعر بأن هناك شيء ما يحدث هنا و لكنها لا تعرفه....
*أغمصت عينيها بنزق.. هذه المرة الخمسون و ربما أكثر التي يرسل فيها هذا الوغد رسائله الغبية لها.. غير اتصالاته التي لا تتوقف فليبتعد عنها ويذهب إلى أي جحيم يبتلعه و يخلصها منه للأبد..
أي لعنه ألقيت عليها حتى تُبتلى بهذا الوباء المتمثل في هيئته! فليسخطه الله قرداً أو حماراً أو صرصوراً حتى تدعسه بحذائها و تتخلص منه..
أغلقت هاتفها ووضعته أسفل الوسادة حتى يختفي إسمه من أمام عينيها ، وقفت تفرد ذراعيها بكسل شديد أمام مرآتها صديقتها التي تحدثها بكل أسرارها..
مشطت خصلات شعرها و حدقت في وجهها باهت اللون و هي تضم شفتيها و تفكر فيه.. أين هو الآن ؟هل اشتاق لندى و عاد اليها؟ الغيرة نهشت صدرها وجثمت بشياطينها فوق أنفاسها الثائرة لتترك فرشاة شعرها بغل تسقط فوق زجاج تسريحتها:
"يعاود لها ولا ميعاودش مبجاش يفرج وياي"
*اندفعت مبتعدة عن المرآة بإرتياع وهي تجذب شعرها صارخة بجنون:
"مش فارج وياكي هه ده مجرد كلمتين جالهملك چريتي و رميتي نفسك جوه حضنه وجولتيلوا على كل حاچه كان ناجص تجوليلوا انك لساتك بتعشجي التراب اللي عميمشي عليه..غبية يا دهب غبية"
*مسحت دموعها بظهر يدها قبل أن تنزل فوق وجنتيها وهي تهز ساقيها بعصبية مفرطة حتى سمعت باب غرفتها يفتح و أمها تدخل بهدوء وملامح وجهها مبهمة لم تفهمها:
"دهب انتي كنتي بتعيطي"
*هزت رأسها نفياً وهي تخفض وجهها و تسمح لدموعها تلك المرة بالنزول فوق وجهها الرقيق
توقفت نيرة أمام ابنتها و انشق قلبها وجعاً لرؤيتها وهي تتألم و تبكي ،لكنها لم تضعف أمام دموعها واستمرت في معاملتها القاسية لها ..سألتها ببرود جليدي وهي ترفع وجهها:
"بتعيطي ليه؟ الزفت اللي كنتي بتعشميه هددك تاني ومش عايزه تقولي كالعاده"
*حملقت دهب بعيني أمها الغاضبة بملامح صارخة بالخوف و الندم و هزت رأسها:
"مش برد عليه والله زي ما وعدتك"
*تركت نيرة ذقنها بعنف وعقدت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول:
"أمال بتعيطي ليه ؟انطقي يابت انتي.. انطقي"
*أطلقت دهب تنهيدة حارة مقهورة وهي تهمس:
"حمزة لساته ماعوديش هو راح يرچع لمرته"
*عبست نيرة مدعية الاستياء وهي تقول:
"لا مش هيرجعها خلاص عشان هيتجوز"
*ابتلعت دهب ريقها وهي تشعر بدوار يلف برأسها استندت الى حافة فراشها قبل أن تسقط و همهمت وهي تشعر بغصة تسد حلقها:
"هيتچوز..حمزة..هيتچوز مي..مي..ن"
"هيتجوزك.. كتب كتابك عليه النهارده يادهب"
أطلقت نيرة الخبر في وجه ابنتها كالطلقة التي خرجت من فوهة مسدس محشو بطلقات لتستقر في قلبها......اتسعت عينا دهب و ظلت في مكانها تستند على حافة سريرها و كفيها يتمسكان به حتى لا تسقط.. ازدردت ريقها الجاف و تسارعت خفقاتها وكأنها في سباق للركض و داخلها تتموج مشاعر مختلطة لا توصف:
"يتچوزني أنا..كيف يعني؟ و أنا مش من حجي أعرف يا ماما حد يجولي و ياخد رأيي ولا أنا عنديكم كيف بهيمة هتعشروها لتور و خلاص"
*اندفعت أمها نحوها بغضب و جذبتها من ذراعها بقوة و هدرت نيرة من بين أسنانها محذرة:
"انتي تخرسي و تسكتي و تحمدي ربنا إني عديت اللي سمعته على خير و أبوكي معرفش بيه و إلا كان قتلك و قتل الكلب اللي كنتي بتدوري وياه"
*دمدمت دهب وهي تبكي بخفوت:
"أنا كنت بعمل اكديه عشـ....."
*صرخت نيرة توقفها بغضب:
"أوعي تنطقي كلمة كنت خايفه عليكم ديه تاني ولا أسمعها منك...فوقي لنفسك يابت انتي مش عارفه أبوكي مين!! مش حتة حشرة زي ده اللي يدوس لأبوكي على طرف، معاش ولا كان، بس انتي اللي جبانه و ضعيفة كنتي هتخلي المجرم الصايع ده يحط راس أبوكي في التراب بسببك لولا ستر ربنا"
*تركتها نيرة بقوة لتترنح في وقفتها من ضعف جسدها الذي نحل بشدة وقالت لها بأمر:
"جهزي نفسك جدتك و وداد راحو يشتروا فستان ليكي عشان تلبسيه وتفرحي زيك زي أي عروسة"
*شهقت دهب قائله:
"وداد كمان تعرف جبلي و خبت عليا"
"هو ده اللي همك ع العموم وداد متعرفش حاجه ولا أي حد يعرف.. أبوكي عايز كده..أنا حضرتلك كل حاجة عشان هتسافروا بكرة ان شاء الله مع أخوكي و مراته جهزي نفسك وشوفي هتعملي ايه وأنا هخلص شوية حاجات وآجي أشوف عملتي ايه"
*ارتشعت شفتيها و زمرديتها تبرق رفعت كتفيها ببراءة تسألها:
"هو مش كتب كتاب بس هسافر وياه ليه"
"عشان تسليه في السكه..عشان ده شهر عسل يا هبلة"
*ارتجفت دهب و ابتسمت عيونها وهما يلعمان برغم ان شفتيها مازالتا ترتعشان..
هي و حمزة معاً وحدهما هل أحلامها المستحيلة سوف تتحقق أم انها تتخيل إحدى خيالاتها الصغيرة التي كانت دائما ترافقها...
أفاقت على صوت أمها التي هزتها قائله:
"سرحتي في إيه ؟ يلا اتحركي يابنتي بدل مانتي وقفه كده زي الصنم ..اجهزي"
*أسبلت اهدابها تهمس بهيام:
أعمل ايه يعني؟"
*أمسكت نيرة برأسها وهي تغمض عينيها و قالت بنفاذ صبر:
"أاااخ ياني هتشل منك..والله هتشل واحده كتب كتابها الليلة و هتسافر مع عريسها لشهر عسل يبقى هتعمل ايه..انا عارفه انك على طول مهتمه بنفسك و بنظافتك الشخصية بس لازم تتأكدي أكتر و أنا هخلص و أجيلك لحد ما البنات بتوع الاسبا و الصالون ما يجوا"
*دبت الدماء الحارة في وجه دهب الذي كان منذ قليل يغزوه الشحوب و أصبح داكن الحمرة وهي تعض شفتها بخجل شديد وتفرك كفيها من التوتر و أمها تتحدث معها بوضوح في أشياء خاصة تعودت على فعلها بمفردها منذ أن أصبحت في سن البلوغ...
تبسمت نيرة عندما لاحظت خجلها و حمرة خديها .. هزت رأسها بقلة حيلة و جذبتها لتحتضنها و تربت فوق شعرها و تقبل وجهها وهمست بحنو:
"انتي عروسه النهارده افرحي ..و لازم تفرحي كان نفسي تتزفي انتي و حمزة والبلد كلها تشوفكم وتفرح بيكم.. بس هنعمل ايه في المجنون اللي داير وراكي ده.. بس أبوكي و اخواتك مش هيسكتوا على جنانه ده..و أنا المهم عندي اني أفرح بيكي انتي و اخواتك و أشوفك عروسة و تفرحي قلبي و قلب أبوكي بيكي يا دهب.. ده انتي الحيلة .."
قطع حديثها تنهيدة وكتمت نيرة فيض دموعها تأثراً ولكنها تماسكت وأكملت بمرح:
"أنا صممت تلبسي فستان أبيض و تنزلي بيه من أوضتك علشان أشوفك عروسة....أحلى عروسة في الدنيا و جهزت كل حاجه"
*ابتسمت دهب بفرحة و هي تهز برأسها موافقة و حاوطت خصر أمها بشدة ووضعت رأسها فوق صدرها لتقبل رقبتها كما كانت تقبلها منذ صغرها
وقالت:
"ربنا يخليكم ليا يا ماما أنتي و بابا روح جلبي بحبكم جوي جوي"
"دهب انتي هتتچوزززززي"
*انتفضت نيرة و دهب معاً على صرخة نفيسة التي دخلت مندفعه و هي تحمل ثوبها الذي سترتديه..لترميه فوق أريكة دهب الوردية و وضعت ذراعيها في خصرها و قالت بجنون:
"ماما جالتلي الصبح والله كان جلبي هيجف كيف ياخالتي نيرة محديش فينا يعرف إلا النهارده هي چوازة ولا سر حربي"
*ربتت نيرة وجنة نفيسة الصغيرة وهمست بسعادة و هي تغادر غرفة ابنتها :
"لا سر حربي..عقبالك ياحبيبتي يارب أفرح بيكي انتي وحسن"
"يارب يارب يارب بجى"
*ضحكت دهب بخجل و نفيسة تصيح بالدعاء و ترفع كيفها للسماء..احتضنتها نيرة و قبلت خدها الوردي:
"ان شاء الله ياحببتي قريب أنا قررت أجوز عيالي كلهم عشان أبقى حما"
"أحلي حما في الدنيا بس چوزني ولدك"
*هتفت نفيسة و هي تتنهد و تلمس الحرف الأول من أسم حبيبها الذي يستريح بجانب قلبها...
*ضربت نيرة رأسها بخفة و قالت وهي تغمض عينيها:
"فكرتني بنفسي..يوووو.. يلا ورانا مليون حاجه يلا ساعدي دهب الناس بتوع البيوتي سنتر قربوا يوصلو.. يلا بسرعة"
*خرجت نيرة..واندفعت نفيسة لتحتضن دهب وتقفز بها كطفلة صغيرة تلعب:
"مبروك يا دهبيتي مبروك مبروك مبروك أني مش مصدجة كنت هجع من طولي وأمي بتجولي و أخيراً انتي و حمزة .. انا فرحانه جوي جوي و رايده ارجص و...دهب انتي بتبكي"
*أومأت دهب لها برأسها و ابتسمت وسط دموعها و ارتمت فوق صدر نفيسة تتشبث بها و تتمسك بملابسها وهي تشهق و ترتجف و تضحك و تبكي شعور مختلط من الفرح و الحزن و الخوف و القلق ينتابها هل أصبحت سيكوباتيه:
"أنا خايفة جوي جوي يا نفيسة.. خايفة و حلجانة و فرحانه كله في وجت واحد معرفاش حوصلي إيه.. مرعوبة من جاسم خابره انه مش راح يسكت راح ينفذ انتجامه وهيولع الدنيا حريجة...
و بابا راح يعرف كل حاچه ده لو مكنش عرف لأني حاسه أنه متغير و ياي، مش بابا اللي ما بيحطش رأسه فوج المخدة غير لما يطمن عليه..خايفة يانفيسة جوليلي أعمل إيه؟..جوليلي"
*احتضنتها نفيسة و قد انتقل الخوف و القلق إلى قلبها! دهب معها كل الحق هذا المختل الغبي قاسم لن يمرر زيجة دهب من حمزة مرور الكرام أبداً.. أنه مچنون بها و بعشقها سوف يسفك الدماء و يفتح أبواب من النار تلك الكلمات قالتها أمها صباحاً وهو تتحدث مع والدها بخفوت و تشهق و تردد بقلبها المقبوض:
"سترك يارب عشان اكديه حمزة جال كتب الكتاب يتم في الخفى..واد الفرطوس دهو عايز منينا ايه؟ يارب ما يرجع خد بالك من حالك يا سلمان و كمان أكد على محمود يدير باله على حاله"
*ولكن والدها قال بنفاذ صبر وهو يعصب عمامته حول رأسه:
"لا حول ولا جوة الا بالله ربك يسترها يا سمية جولي يارب..وبعدين جاسم مين واد امبارح دهو اللي راح يجلجنا و يجلج راحتنا؟ حمزة مش راح يسيبه ده دبور و زن على خراب عشه.. ولو فكر يجرب بس يجرب منيكم راح أدبحه و أسلخه سلخ...بلاه الحديت ده يا سمية واد خالك و چوزك جدها و جدود"
"تسلملي ياحبيبي تسلملي يانور جلبي و داري"
*أفاقت نفيسة و أمسكت دهب بقوة من كتفيها وقالت بثقة قوية وهي ترفع ذقنها بشموخ:
"متخافيش يادهب مش هيجدر يعمل أي حاجه.. ماتجلجيش و افرحي كيف تبجي خايفه اكديه وانتي بنت الناجوية و بوكي كبير البلد كلاتها !!افرحي يا دهب حمزة راح يبجي چوزك"
*ضحكت دهب وقالت بصوت أكثر علواً وهي لا تصدق:
"ايوه راح يبجي چوزي يا نفيسة ملكي أنا وحدي"
*وقفزت مع نفيسة و تعالت صراخهتما...
وكانت الصرخة الأقوى لوداد التي دخلت تقول بعينين جاحظتين غاضبتين:
"الله الله ياست دهب .. سهرانين امبارح مع بعض أصحى الصبح على فستان أبيض و خبر جوازك! انتي كنتي تعرفي؟"
*سألت نفيسة بعنف..
*رفعت نفيسة كتفيها ببراءة وهي تمط شفتيها للأمام:
"لا لساتني عارفه دلوكت"
"وأنا كمان"
"وأنا كمان"
*وظلت وداد و نفيسة يثرثران فوق رأس دهب التي ضحكت أخيراً و اتسعت ضحكتها و هي تحاول ان تفرح برغم خفقان قلبها الشديد..

*خرجت روجي خلف زوجها الذي كان يكتم غضبه منها بشق الأنفس و هتفت من خلفه وهي تمسك بذراعه:
"عمار والله مكنتش أقصد ،انت عارف أنا ساعات الكلام بيخرج مني كده من غير ماخد بالي منه ،بس أنا فعلا انصدمت وزعلت أنكم كلكم خبيتوا عليا"
*التفت عمار وهو يجذب ذراعه من كتلة يدها بعنف شديد و هدر من بين أسنانه بخفوت حتى لايصرخ عليها وسط العاملين بحديقة السرايا:
"روجي أنا بعدي حاجات كتير بمزاجي و بتحمل منك حاجات اكتر بس لحد إبني ومش هعدي..بعد كده لما تحبي تتكلمي عن حمزة لازم تحسبي حساب كل كلمة بتقوليها عنه سواء كانت من قدامي او من ورا مني فاهمة؟ عقلك مستوعب اللي بقوله ده؟"
*قالت روجي وهي تنظر اليه كأنها تستعطفه:
"عمار اهدا شوية وبعدين أنا مقولتش حاجه تجرح حمزة، أنا كل اللي قولته...."
قاطعها بعنفوان غضبه:
"مقولتيش حاجه خالص انتي مفيش زيك في الكون مش بتجرحي حد أبداً ولا بتقولي كلام زي الدبش أبداً..كل ماتيجي تتكلمي عن أيوب لازم تقارنيه بأخوه و لازم تحطي الفرق المتخلف اللي في دماغك وترددي زي البغبغان إني دايماً بنحاز لحمزة.. دايماً باجي في صفه دايماً ..دايماً مش بتملي من كلمة دايماً ديه أبداً..ده ابني ياروجي فاهمه يعني ايه ابني.. ياشيخة حرام عليكي قدري ولو لمرة واحده أنه اتحرم من حنان أمه واهتمامها وانه اتربى بعيد عنها هي في قارة وهو في قارة تانية ميعرفش عنها حاجه غير اسمها وهي متعرفش حتى اسمه"
"خلاص يا عمار أنا أسفه..ليك عليا مش هفتح بقى مرة تانيه وأجيب سيرة ابنك"
*هتف عمار بنفاذ صبر ويأس وملامحه تتجهم بالغضب:
"شايفه طريقتك هتقوليلي ابنك تاني! فعلا مافيش أي فايدة فيكي مش هتتغيري..ماشي يا مدام أنا مقدر كويس انك حاولتي تكوني أم لابني ..حاولتي و ماعرفتيش.. شاكر أفضالك على المحاولة دي ع الاقل ابقي حنينه عليه حسسيه إنك مرات أب حنونه بتهتم بيه زي إبنها لكن انتي مش عايزة تحلى محل الأم ولا مرات الأب الطيبة حتى...نصيحة ليكي ياروجي ماتحاوليش وخصوصا قدام أيوب انك تقارنيه بأخوه عشان هتكوني انتي الخسرانه..... الحمد لله انا ولادي بيحبوا بعض وكل واحد فيهم بيخاف ع التاني أكتر من نفسه....وعشان أصحح الهبل اللي في دماغك ده عن حمزة واللي قولتيه فوق.. ابني مخباش عنك حاجه عشان انتي مرات أبوه ولا عشان انه بيشوف مرات عمه أقرب له منك...ماحديش كان عارف بالموضوع ده حتى دهب اللي هتتجوز كمان كام ساعه ماكنتش عارفة أي حاجه ومع ذلك حمزة سافر علشان يجيب اخوه وقاله عشان يشاركه فرحته.........اتمنى انك تكوني خلاص ارتحتي"
*أغمضت عينيها وهي تقول في صوت يرتعش خوفا من القلق:
"أرتاح ازاي وانت بتقول بنفسك ان اللي اسمه قاسم ده كان عايز دهب مش ممكن لما يعرف انها اتجوزت حمزة يتجنن ويعمل حاجه أنا خايفه أوي على أيوب"
*نفض عمار يديه يضرب جوانب ساقيه وقال وهو يلتفت عنها:
"انتي مافيش فايده فيكي، انا تعبت منك ومن كتر تفكيرك في أيوب وبس"
"مش ابني ياعمار ولازم أخاف عليه، مش كفاية صدمته في بنت خالته اللي كان بيحبها.. مش من حقي أخاف عليه"
"أنا ماشي رايح عند أخويا هسبلك السرايا كلها عشان تعبت من الكلام معاكي.. بس يكون في علمك انتي مش هترتاحي ولا يهدالك بال غير لما تلاقي أيوب اللي لسه شايفاه عيل صغير بيلعب قدامك خرج عن طوعك وعن تحكمك فيه.. أنا حذرتك أكتر من مرة وانتي حرة"
"ابني مستحيل يخرج عن طوعي..عمار استنى ع.. م.."
*ورحل عمار من أمامها قبل أن تنطق بكلمة أخرى تُثير غضبه أكثر ما هو غاضب منها و من حياته المملة معها و التي أصبحت لا تطاق...

*ومن بعيد كانت نيرة تقف بجانب والدتها تتابع الحوار الغاضب بين عمار و زوجته دون أن تسمع مايدور بينهما من حديث:
"يظهر أن روجي زعلت عشان معرفتش غير النهارده موضوع جواز دهب و حمزة"
*قالت سهيلة وهي تبتسم بهدوء لابنتها...أجابتها نيرة بنزق:
"هي عادتها ولا هتشتريها مش مكفيها اللي عملته في أختها و جوزها كمان بتنكد على جوزها !مش فاهمه هي اتحولت كده ليه ماكنتش كده أبداً"
*قلبت سهيلة شفتيها في امتعاض تقول:
"هي كانت كده من زمان بس انتم اللي ماكنتوش أخدين بالكم من يوم ما بدأت تفرق في المعاملة بين حمزة و أيوب وهي سقطت من نظري..المهم ايه رأيك في ترتيب المكان"
*قفزت نيرة كطفلة صغيرة سعيدة و دارت عينيها حولها..الحديقة الخلفية للسرايا تحولت في غضون ساعات إلى قاعة صغيرة ممتلئة بزهور الزنبق البيضاء و زهور النرجس و شجر الصفصاف و كوشة زفاف بسيطة للعروسين من دون ظهر مع زينة بسيطة من الزهور تحيط بها من كل مكان و ستائر من الحرير الأبيض المخملي تتطاير حولها بفعل الهواء...وأضواء ناعمة معلقة بالإضافة إلى طاولات صغيرة محدودة العدد بأغطية من الحرير الأبيض:
"أنا مش مصدقة الجمال ده كله حصل في كام ساعه ربنا يخليكي لينا يا ماما فرحتي قلبي بفكرتك الجميلة ديه"
*هزت سهيلة رأسها وعينيها تتابع المكان الذي أشرفت عليه بنفسها بعد أن استدعت بالهاتف إحدى الشركات المنظمة للحفلات و قامت بدفع مبلغ طائل لينفذ كل شيء بأقصى سرعة و كان لها ما تريد:
"أنا مكنتش هسمح ان فرح حفيدتي يتم من غير حفلة حتى لو كانت بسيطة و فستان عروسة أبيض دي دهب يا نيرة"
*هتفت نيرة والدموع تلمع بفيروزتيها:
"كنت خايفه لحمزة يرفض خصوصاً وهو غضبان كده على دهب بس الحمد لله انتي فضلتي وراه لحد ما وافق"
"كان لازم حمزة يعرف كل حاجه"
*قالت سهيلة بهدوء وهي تنظر إلى ابنتها التي اتسعت عينيها مصعوقة:
"هو حضرتك يا ماما قولتيلوا حاجه"
*أومأت سهيلة رأسها ببساطة بنعم:
"قولتله كل حاجه بس اتضح انه كان عارف تقريباً كل حاجه وعارف أن دهب بتقابل اللي اسمه قاسم ده وبتخطط وياه لأيه بس هو موضوع عايده اللي اتفاجئ بيه شوية...بس اتفجئت من هدوئه بصراحة وهو بيأكد لي انها لسه عايشة وهو عارف فين مكانها"
*لطمت نيرة فوق خدها لطمة خفيفة ودمدمت وهي تجلس على المقعد خلفها:
"عشان كده هو غضبان من دهب ومش فرحان من قلبه ربنا يستر ياماما من اللي جاي بس كنتي استنيتي لحد ما...."
*قاطعتها سهيلة بحدة:
"كنت استنيت لحد ما البنت تروح مننا ولا تروح و تجوز اللي اسمه قاسم وواحد من اخواتها ولا ابن عمها يقتله و يقتلها ويبقى الدم للركب! بالعكس أنا كنت غلطانه لما اترددت اني أقوله الحقيقة كلها في وقتها كان لازم يعرف اللي هو أساسا كان عارفه وحاسس بيه... مواجهة الحقيقة بتكون أقل تكلفة من مواجهة الهزيمة يانيرة و انك تقولي المصيبة و توجهيها بشجاعة أفضل من انك تكتميها وتتستري عليها"
*همست نيرة وهي تضم كفيها أسفل ذقنها:
"عندك حق طبعاً..بس قلبي بيقولي حمزة مش هيعدي الموضوع كده مع دهب على خير أبداً.. ربنا يستر"
*توهجت عينا نفيسة بالانبهار وهي تشاهد من شرفة غرفة دهب التي تطل على الحديقة الخلفية الترتيبات للزفاف لتخرج وداد و تقف بجانبها وهي تهمس بتنهيدة:
"المكان بقى حلو جدا"
"جداً ذوج ماما سهيلة و خالتي نيرة في كل حاچه رجيج حتى فستان دهب تحفة"
*رفعت وداد كتفها بفخر وهتفت بثقة:
"أنا اللي اخترته لدهب أصل من كام يوم شافت نفس الموديل ده ع الانستا و عجبها جداً ولما روحت محل الفساتين سبحان الله لاقيته قدام مني اخترته على طول"
*ابتسمت نفيسة تقول:
"الحمد لله ربنا مسهلها لدهب و حمزة جوي كأن ربنا رايد يعوضها عن الأيام السوده اللي شافتها بسبب الزفت جاسم الله يحرجه"
*ترددت وداد قليلا قبل أن تسأل نفيسة بحزن:
"محمود هيحضر ولا هو عند خطيبته"
"لا طبعا راح يحضر هو أصلآ عاود من كام يوم اكديه من عنديهم وبدأ في توضيب بيت چدتي و كمان فاطيما اختارت ألوان دهان البيت و......."
*وتوقفت نفيسة فجأة عن حديثها وهي تزم فمها بقوة عندما لاحظت دموع وداد التي تجمعت في حدقتيها الواسعتان:
*نهرت نفيسة نفسها ولسانها اللعين الذي لا يصمت أبداً:
"ماتزعليش يا وداد كل شيء جسمة و نصيب ان شاء الله ربنا يعوضك جريب بواحد يحبك و يكمل حياته معاكي"
*وانهمرت دموعها فجأة..دموع التعب..والضياع.. القهر..و ربما الندم ووجدت نفسها تدفن وجهها بين كفيها وتبكي بحرقة...حركت نفيسة كفيها برفق فوق ذراعي وداد التي ترتجف من شدة بكائها و
بؤسها وضياع كل أحلامها:
"بزيداكي بكى يا وداد ده في اللاول و الاخر جسمة و نصيب"
*رفعت اليها وداد عينيها و دموعها وقالت في توسل:
"كان لازم يديني فرصة تانية..لازم يتأكد من حبي له..لازم يحس اني مش هقدر أحب ولا أرتبط بغيره بس محمود حكم عليا بالإعدام بالموت وأنا حية..أنا بموت في كل لحظة يا نفيسة لما بعرف انه عندها و معاها و بيخطط وياها لحياتهم و بيتهم نفس الحاجات اللي كنا بنعملها مع بعض..بموت يا نفيسة والله بموت"
*مسحت نفيسة دموعها بنأملها الرقيقة وهي الأخرى عينيها الواسعه تترغرغ بالدموع:
"بعد الشر عليكي ياوداد ماتجوليش اكديه على روحك..محمود يوم ما وافج أنه يتچوز فاطيما..."
*قالت وداد تقاطعها بتشنج:
"ماتنطقيش اسمها قدامي يا نفيسة بالله عليكي"
*قالت نفيسة وهي تبتسم لها و تهز رأسها كأنها تشفق عليها:
"خلاص..مش هنطج..انا ما كنتش رايده أتحدت وياكي انما ما دام انتي فتحتي الكلام خليني اجولك جد إيه محمود اتعذب في غيابك جد إيه كانت حالته وحشه وهو ساكت مش بيتحدت ولا بياكل ولا بيشرب بجا إنسان تاني من يوم سفرك و من يوم ما بعدتي عنه كان لازمن هو كمان يختار زيك حياته يا وداد"
"انتي بتقولي كده عشان اللي ايده في المية مش زي اللي ايده في النار..يعني لو حسن رفض حاجه انتي بتحبيها وصمم على رأيه وكلامه وانتي كمان صممتي على رأيك وعلى اللي في دماغك يبقى كده خلاص...لحد هنا و بشكل ده حياتكم مع بعض تنتهي بسهولة وكل الحب اللي بينكم ينتهي في لمح البصر..انا ماتخلتش عن محمود يا نفيسة عشان حب تاني انا اختارت مستقبلي"
*همست نفيسة ولا تزال الابتسامة الهادئة عالقة فوق شفتيها:
"و خوي كمان اختار حياته يا وداد يعني كل واحد فيكم اختار ولازمن يرضى باللي اختاره واللي كان بردك في الاخر بترتيب من ربنا..تعالي وياي نشوف دهب ونبدأ نجهز احنا كماني"

وصل حمزة و شقيقه الى منزل ابو السعود بعد أن طلب منه سلمان أن يرتدي بدلة العرس و يجهز في منزلهم ويخرج منه أيضاً وكان محمود و زين شقيقه الأصغر في استقبالهم و أيضاً سمية التي عانقت حمزة بحب وقبلت خديه وهي تتمنى له السعادة...
أما الخالة غوايش فانطلقت تخرج من الداخل بالمبخرة التي تفوح منها رائحة العود والمسك و هي تطلق الزغاريط ابتهالا بالعريس الوسيم...
حضر بعد وقت قليل حسن برفقة شقيقه عمر ليخرجوا برفقة ابن عمهم و زوج شقيقتهم و أعدت سمية وليمة الغداء للعريس وهي في قمة سعادتها وتساءلت باستغراب:
"واااه وينه علي ياولاد؟"
*******
خرجت كابر من حمام غرفتها وهي متعجلة تزفر تجفف شعرها المبتل الذي تقطر منه قطرات المياه ثم وقفت خلف ستارة تبديل الملابس لتخلع عن جسدها الندي روب الاستحمام و ترتدي ملابسها الداخلية باستعجال....
من بعدها خرج علي من من دورة المياه يغني وهو يجفف خصلات شعره المبتل توقف في الجهة الأخرى من ستاره الملابس و مد رأسه يحدق في زوجته التي تتصارع مع مشبك صدريتها حتى تغلقه...
صرخت كابر صرخة مكتومة وهي تلتفت برأسها وتحدق في الواقف خلفها ارتجف جسدها عندما شعرت بأصابعه تلمس بشرة ظهرها وهو يساعدها في إغلاق مشبك صدريتها ثم انحني وقبل كتفها بنعومة....
*تنهدت كابر وهي تحرك كتفيها ليبتعد عنها متمتمة:
"عجبك كده اتخرنا الظهر آذن و العصر قرب يئذن واحنا لسه...."
"بنستحمى مع بعض" هتف بقلة حياء وهو يغمز لها..
*خرجت من خلف ستارة الملابس لترتدي عباءة الصلاة 'إسدال' فقال باستغراب وهو يضيق عينيه:
"انتي بتصلي"
"أيوه طبعا الحمد لله"
"ماكنتش أعرف"
"علشان أول مرة تشوفني بصلي قدامك وكمان لما كنا في الفندق ماكنش معايا إسدال و..ما..كنتش"
*ضحك بوسامة أذابتها وجعلت الدماء الحارة تتدفق في وجنتيها:
"ماكنتيش بتلحقي"
"احترم نفسك"
*زمت شفتيها بغيظ و انحنت لتفرد بساط الصلاة ووقفت في خشوع تصلي بجمال رباني جعله يقف بالقرب منها وهو يسند جانب جسده على الحائط ويطوي ذراعيه أمام صدره .. يراقبها ويشرد فيها وفي جمال وجهها و عينيها الخاشعتين،لقد أصبحت منه في داخله، يا له من أمر عجيب ما يمر عليه و يشعر به نحوها!! بالتأكيد هو ليس حب هو واثق من ذلك..ربما تعود؟!
أصبح كل شيء بها مجرد تعود فهو لا يبالي...
*ولكن هذا الاحساس باللامبالاة كان ستاراً شفافاً فوق الأسى والضياع والحيرة والتفكك الذي أحس به في دخيلة نفسه ..عندما امتصت شفتيه دموعها ليلة أمس وكأن هذا الستار ينزاح عن قلبه ببطئ لمجرد دموع رآها تنحدر برقه فوق خديها....
ليجد نفسه يتشبث بها مثل طفل صغير يتعلق بأمه يضمها بقوة يقبلها ولا يشبع.. ينهل العسل من فوق شفتيها ولا يرتوي يعانق جسدها ولا يهدأ يتخذها امرأته ولا يمل...
*الليل بطوله وهو ينهل من شهد رقتها و نعومة جسدها المسكر.. و الغريب الذي جذب انتباه برغم فورة مشاعره أنها لم تدفعه أو تبكي أو تتشنج أو تضربه وهي تغلق جسدها كعادتها بل كانت تذوب معه وبين يديه في أتون الحب السرمدي وهي تلهث بين قبله وأخرى،وكأن المكان هنا له سحر خاص طغى على خوفها و قسوتها...
وجد نفسه يفتح عينيه في الصباح وهو مازال يشعر انه جائع..نهم لتقبيلها وعطش حتى يرتوي منها ليقحتم عليها دوره المياه دون أي خجل أو مراعاة لخلوتها و يعاود لينهال عليها بالقبلات والعناق و ال.....
"علي..كابر..صحيتوا ياولدي"
*الطرق فوق باب الجناح وصوت نغم الخالة بهية مفسدة أحلامه أجفله و أخرجه من شروده وبنفس الوقت كانت كابر تكاد أن تنتهي من صلاتها فقالت وهي تقف و تنحني لتطوي بساط الصلاة:
"البس هدومك و أنا هفتح"
*فتحت كابر باب الجناح وهي تبتسم لبهية التي رفعت رأسها وقالت بابتسامة مبتهجة:
"صباحية مباركة يا عرو..سه..احمم..أجبلكم الوكل لاهنيه ولا راح تتغدوا ويا..نا"
*لاحظت كابر ارتباك بهية واحمرار وجهها فانتابها الاستغراب انها خرجت لها بثوب الصلاة نعم حلت الوشاح عن رأسها ولكنها لاتزال محتشمه:
"لا شكرا يا خالتي بهية إحنا هنخرج"
*ومدت كابر رأسها تحملق في الجلبة التي بالخارج
فقالت لبهية بفضول:
"هو في ايه..سامعه صوت دوشة و أغاني"
*تبسمت بهية وهي تقول ببساطة مبتهجة:
"واااه هو انتي معرفاش يا عروسة الليلة كتب كتاب دهب على واد عمها حمزة عجبال ما ربنا يكرمك وتشيلي عن جريب"
*في ذهول تساءلت كابر:
"أشيل إيه؟"
"تحبلي ياحبيبتي.. تحبلي عن جريب وتفرحينا"
*أخفضت كابر رأسها بخجل شديد و ارتشعت شفتها ثم عادت لتهمس لبهية التي تخفي ضحكتها بتشدد:
"محديش قالي ان النهارده كتب كتاب دهب هو علي يعرف؟"
*قال علي من خلفها وهو يشمر أكمام قميصه:
"أيوه عرفت امبارح بس نسيت أقولك صباح الورد يا خالتي"
وأزاح كابر ليقبل بهية فوق خدهاوهي احتضنته بقوة وقالت وهي تربت على وجهه الوسيم:
"أمك جالت دول عرسان خليهم براحتهم بس أني جولت أصحيكم عشان كابر تفرح مع البنتة فوج.. واااه يجطع عجلي ناسيت أخبرك أختك بلسم و الست عزة اهنيه لسه واصلين دلوكت"
*ابتهجت كابر و اتسعت ابتسامتها وهي تقول:
"هغير هدومي واجي على طول يا خالتي"
*و دلفت الى الداخل لتبدل ملابسها براحتها فقد خرج زوجها خلف الخالة بهية أخرجت سروال من الجينز الأسود و قميص ابيض كتان ووقفت أمام المرآة لتمشط شعرها وترفعه فوق رأسها في كعكة مستديرة...فاتسعت عيناها وهي تتفاجي بعلامات
حمراء تزين عنقها و جانب وجهها من أسفل ذقنها وشفتها العلوية مكدومة متورمة كتمت فمها حتى لا تصرخ..وقد أيقنت بفهم لماذا ارتبكت الخالة بهية وخجلت!!
ما الذي ستقوله عنها الآن؟ كزت على شفتها السفلى بغيظ فشفتها العلوية تؤلمها بشدة وقالت من بين أسنانها:
"انتي متخلفة يا كابر ازاي مخدتيش بالك هيقولوا ايه عليكي يا غبية كله منه هو...اااععععع ماشي يا علي"

*حركة خافته من حولها جعلتها تستيقظ سريعاً لتجلس مفزوعة وهي تطوي ساقيها العاريتين أسفل فخديها وترتجف قائله بلهاث:
"أنت بتعمل ايه هنا؟ دخلت هنا إزاي؟"
*قال وهو يلعق شفتيه وينظر لها بجشع:
"أنا بدخل من أي مكان و من أي ناحية المهم أدخلك"
*مال بجسده الضخم المقزز الممتلئ بالوشوم و والطعنات و البقع الزرقاء من أثر حقن المخدرات التي يتعاطها وحدق في نحرها المكشوف من فتحة جلبابها القطني:
"انتي جميلة..جميلة أوي أحلى من أمك و من كل النسوان و المومس اللي عرفتهم نفسي فيكي يا حلوة"
*و وضع أصبعه في فمه يعلقه ثم أخرجه ومرره فوق ساقها المطوية تحتها فصرخت بعنف تضرب فوق يده القذرة التي تحاول لمسها وهي تجذب طرف جلبابها حتى تخفي جسدها عن عيونه النهمة الشرسة التي تأكلها:
"هقولها..هقول لروبي لما تيجي انك فتحت عليا الأوضة و حاولت تلمسني وديه مش أول مرة"
*ضحك ضحكة عالية خشنة لتظهر من خلفها أسنانه الفضية المقززة كفمه:
"مش هتصدقك يا حلوه وهتصدقني أنا..انتي مش عارفه هي بتحبني ازاي..احسنلك تسلميني الكنزأنا أحق بيه من أي واحد من اللي تعرفيهم"
"أطلع بره هبلغ عنك البوليس هروح اقولهم انك بتتحرش بيا و كمان هقولهم على المخدرات اللي بتبعها ومكانها فين"
"يا* يابنت الكلب"
*و انحنى أكثر ليصفعها بقوة فوق وجهها الصغير..صفعة قوية شقت شفتها لم تصرخ..و لم تبكي ولم تنهار ظلت ملامحها جامدة وهي ترفع رأسها قائله له بغل:
"هدفعك تمن القلم ده غالي"
*شخر وهو يبصق عليها وعيونه تلمع بالشرار:
"بكره نشوف مين اللي هيدفع التاني التمن غالي يا بت الحرام"

*نبضات قلبها قوية تضرب بعنف هادرة بلا توقف تحت جلد صدرها..تركض..تركض..في ظلمات تلك المدينة الباردة بين أزقتها و تحت كباريها الجميع ينظر لها بتوحش كعيون هذا الحيوان الذي يريد أن يفترسها كوجبة كباب ساخنة كل العيون من حولها عينان جايدان...
وقفت أخيرا حتى تلتقط أنفاسها و حين شعرت أنها انتظمت رفعت رأسها تنظر حولها لهذا المكان المريب الذي وصلت إليه بعد هروبها من الكازينو..روبي سوف تقتلها هذه المرة....
*اقشعر جلدها الرقيق خائفه من هذا المكان الذي كأنه يسكنه الأشباح و العفاريت سوف ترحل من هنا و حالاً ،و بدأت تسير بحذر حتى تخرج من هذا المكان سريعاً قبل أن ينتهي بها الأمر جثة مغتصبة على قارعة الطريق مشقوق جسدها و منزوعة الأعضاء تحركت بخطوات رتيبة و لكن هناك صوت أقدام من خلفها تتابعها لن تتوقف..
لن تنظر خلفها..لن تخاف و أسرعت السير و تسارعت خطوات الأقدام من خلفها اذاً ليس لديها سوي الركض و الخروج على الطريق العام ربما تعثر على سيارة دورية شرطة تنقذها من القاتل الذي خلفها..
*وقبل أن تطلق ساقيها للريح و تركض صرخت صرخة مدوية و شخص ما خلفها يقبض بقوة على ذراعها و يلفها نحوه.....

انه ذلك الشاب ذو القامة الطويلة والشعر الأشقر الغامق المصفف بعناية الذي يخطف أبصار النساء في الكازينو ..رجل جذاب
رائحته نظيفه و عيونه جميلة:
"ان..أ..ن..أنت"
*قال الشاب برزانة وهو يبتسم:
"ماجتيش ليه انا دافع مقدماً لروبي..تمنك غالي أوي بس مش خساره فيكي"
*حك ذقنه الحليقة يكمل باعجاب:
"عيونك حلوة جدا..روبي قالتلي انك عندك 18 سنه"
*هزت رأسها وهمست:
"لا 17 سنه بس بتقول كده عشان السعر يزيد خد فلوسك منها و ابعد عني أنا ماخدتش منها حاجه"
مرر أصابعه في خصلات شعره الناعمة ليبعثرها...
"لا.. أرجوك لا تفعل شعرك مصفف بعناية يلمع كبريق
الذهب" كادت أن تصرخ بكلماتها الخافتة علناً...
*عينيه الزرقاء مثل البحر لا تفارق عينيها الذهبية الصافية كقرص الشمس:
"روبي وعدتني بيكي"
*قالت بتمهل وهي تمط شفتيها:
"هي دايماً بتوعد بيا.. أنت مش أول واحد ولا أخر واحد"
التوت شفتيه بابتسامة عابثة وهو يقترب منها خطوة..فابتعدت خطوتان للخلف لتصطدم بحجر كبير كادت أن تسقط فوقه ..
أغمضت عيناها و هي تستعد للوقوع ويدها تمتد في الهواء لتشعر فجأة بيده القوية تمسك بيدها و يجذبها اليه.....
فتحت عيناها لتتقابل مع عيناه كانت قريبة منه للغاية شفتيها تلمس شفتاه أنفاسهما الحارة تختلط في الهواء البارد لتبعث الدفء:
*سأل بهمس:"روبي تقربلك إيه؟"
*أجابت بضحكة ملتوية ساخرة:"أمي..."
*فقال وهو يبعد خصلة سوداء هاربه من شعرها عن عينيها:
"و جاد اقصد جايدان"
*زوت بين حاجبيها و هتفت باشمئزاز كأنها تراه أمامها بأسنانه الفضية القذرة:
"عشيقها..عشيق روبي"
*وأخيراً همس وشفتاه تقترب من شفتاها:
"أكيد بهار مش اسمك الحقيقي؟"
*هزت رأسها بنعم و همست:
"ده الإسم اللي اختاره جايدان القذر"
*لثم شفتها السفلى يسألها:
"أنا فاروق..فاروق الأغا و أنتي إسمك ايه؟"
*همست بنبرة ناعمة وهي تتشبث بقميصه الأسود
وتنظر في عينيه:
"اسمى إيسال..بيقولوا ان أبويا اسمه رشدي..يعني إيسال رشدي"
*"اووه إيسال..ايسو..تليفونك بيرن من بدري"
هتفت لبنى صديقة إيسال وهي تؤشر أمام وجه صديقتها الشاردة تماماً حتى أنها لم تسمع رنين الهاتف:
"يووو منصور بيه؟ هيفضل يزن و يسأل و أنا مش فيا دماغ أصلا"
"خلاص مترديش عليه" قالت لها لبنى ببساطة وهي تقضم تفاحتها الخضراء..
ليتها مثل لبنى تأخذ كل الأمور ببساطة و يسر.. تعيش الحياة بطولها وعرضها ليست خائفة من كشف الماضي و المستور!!
كم أرادت إيسال أن تفر و تختبئ كما كانت تفعل دائماً وهي صغيرة عندما تعاقبها أمها 'روبي'
*تأففت لبنى بضجر "أوف بجد يا إيسال انتي اتصلتي بيا وقولتلي تعالي عشان تسرحي كده طول الوقت..مالك..بتفكري في أيوب صح"
*بتوتر التفتت و نظرت إلى صديقتها التي تأمل أن يأتي يوما ما وتحكي لها عن كل شيء حتى تشعر بالراحة و تزيل العبء عن كاهلها...
*فركت إيسال خصلات شعرها الأسود كمنتصف الليل لتقول وهي تهز ساقها فيهتز معها خلخالها ذا الأجراس:
"كان عندك حق لما قولتلي خلي علبة حبوب منع الحمل عندك احتياطي...لانه طلب مني آخد الحبة قبل ما تحصل علاقة بينا"
*نفخت لبنى وهي تضرب فوق الطاولة:
"كنت واثقة انه هيطلب منك كده ..أصل صنف الرجالة ده كله دماغ واحده ..البيه جوزي بردك أول ماتجوزنا فضل يقولي مستقبلي وأقساط الشقة و العربية و مصاريف البيت و حطلي قايمه طويل وعريضة"
*فتحت إيسال عيونها بتركيز و سألتها مستغربه:
"طيب ازاي ده انتم جبتوا ياسين بعد سنه تقريبا"
*صاحت لبنى باللامبالاة:
"طبعا ماسمعتش كلامه لو مكنتش أجبلي عيل ولا اتنين دلوقتي هجيب امتى يعني؟ احنا بنكبر والعمر بيمر زي الهوا الراجل ممكن يجوز و يخلف لو بقي عنده 60 سنه إنما الست البريود انقطعت هوب باي باي"
*همست إيسال بنبرة صوت خفيضة حزينة:
"عندك حق في كل كلمة احنا بنكبر بسرعة الوقت بيسرقنا من غير ما نحس"
"عشان كده لازم تجبيلك حته عيل يملى حياتك حتى لو هيطلقك بعد كده يبقى وقتها ملزم يصرف على ابنه...قوليلوا باخذ الحبه و عملي نفسك بتاخديها قدامه"
*ضاقت عينان إيسال و قالت يتشتت:
"طيب لو حملت هيعرف اني كنت بضحك عليه"
*أشارت لبنى بيدها في حركه عابثة تقول:
"وقتها تقولي أن الحمل حصل ع الموانع ياما ستات بيحصل معاها كده..هيييييه سامح وصل قولتله لما ينزل هو والأولاد من عند المدعوقة حماتي يعدي عليا ياخدني...خدي بالك من نفسك يا ايسو ولما المحروس جوزك ياخدك ع البيت الجديد ابقي كلميني عشان أجيلك"
*خرجت إيسال مع صديقتها حتى باب الفيلا لتودعها وتركت هاتفها الذي كان يرن بالحاح وتلك المرة لم يكن منصور الزيني المتصل بل كان زوجها الذي تذكرها أخيرا"
*وبعد أن انتهى من ارتداء حلته و قبل أن يخرج مع شقيقه من منزل عمته سمية تذكر انه لم يتصل بزوجته منذ أن خرج من منزلها بالأمس..
تسحب أيوب ليخرج إلى الشرفة ليهاتفها...زفر بضيق وهو يحاول الاتصال بها للمرة الثانية قبض على راحة يده بغضب وهو يقسم و يتوعد لها بغضب لو خالفت أمره وخرجت لتتصرمح كعادتها دون علمه ..هتف من بين أسنانه:
"ماشي يا إيسال ماشي"
*وحاول الاتصال بها للمرة الثالثة الأخيرة قبل أن يخرج مع شقيقه الذي ينتظره...دلفت إيسال بعد أن أوصدت باب منزلها جيدآ لتسمع صوت هاتفها الذي يدق فقالت بملل وهي تمسك به:
"أنت عايز ايه انت كما..." ولكنها شهقت مفزوعة وهي تقرأ اسم زوجها الذي يملأ شاشة الهاتف فأجابت سريعاً:
"أيوب..."
"كنتي فين؟ كلمتك مرتين و ديه التالته" صرخ عليها بجدية صارمة دون سلام او تحية تذكر
*ردت بهمس وقد اشتاقت إلى صوته والى نبرة صوته الأجش:
"كنت بوصل لبنى لحد الباب و سايبه الفون جوه"
*هز أيوب رأسه كأنها تراه و سألها بتأكيد قاسي:
"متأكده انك مخرجتيش ولا روحتي هنا ولا هنا"
*أجابت بهمس رقيق وهي تجلس فوق الأريكة و ترفرف برموشها الناعسة وهي تتمطى بجسدها الصغير:
"أنت كمان وحشتني"
*ابتسمت بنشوة وهي تسمع تحشرج أنفاسه عبر الأثير...رفع يده يدلك رأسه الذي ينبض بألم وقال بلا اهتمام وهمي:
"إيسال انتي فين انطقي بسرعه عشان أقفل الزفت ده"
*ارتفع حاجبي إيسال بتسلية:
"في البيت والله ياروحي تحب تشوف؟ تحب تشوف"
*وقبل أن يرفض كانت تغلق الهاتف في وجهه جذب الهاتف من فوق أذنه ينظر إليه وعينيه تشتعل بالغضب...
الكاذبة الحقيرة أغلقت الهاتف في وجهه لأنها خارج المنزل تتصرمح كعادتها البذيئة وقبل أن يصب عليها اللعنات و الشتائم
كانت تعاود هي الاتصال عليه من جديد ولكن بخاصية الفيديو كول تفاجئ من اتصالها بالفيديو و التفت ينظر خلفه قبل ان يفتح الهاتف ليجيبها بغضب.......
ولكنه تجمد في مكانه وهو يراها عبر شاشة الهاتف تنام فوق الفراش بكل اغراء نساء العالم، جميلة كالبدر تلمع ذهبية عيناها باشتياق وهي ترفع الهاتف لتظهر أمام عينيه كاملة بقميص اسود قصير جداً يكشف عن جسدها الذي تذوقه لأول مرة..
مرة واحدة فقط للأسف ترسل له قبلات ناعمة وتغمز له بعينيها الجميلة وهي تبتسم برقة اتسعت حدقتا أيوب بدهشة ثم افلتت منه ضحكة مشدوهة بهذه المرأة العجيبة.. رغما عنه فقد أصبح مهووس بها..هو بالفعل مهووس!!
"كتب الكتاب انكتب ولا لسه" سألت برقة...
زفر أنفاساً مشحونة بعذاب الانتظار و فرك عينيه يقول:
"لسه كلها ساعة وينكتب ان شاء الله عشان كده مضطر أقفل دلوقتي وياريت تثبتي في مكانك وماتروحيش هنا ولا هنا"
*انتفضت تجلس قبل أن يغلق يجب أن تخبره بأنها سوف تذهب غدا إلى عملها فهي لاتستطيع أن تتغيب عن عملها حتى لا تلفت الانظار وتثيرالشكوك...هتفت:
"أيوب استنى عايزه أقولك على حاجه مهمة"
*هز رأسه برفض وهو يهتف باستعجال حتى يغلق ويرحل سريعاً:
"بعدين يا مهرة بعدين"
*تلاشت ابتسامة إيسال الواثقة و ارتبكت ذهبية عينيها وابتسمت بسخرية قاتمة وهي تكبح دموع عيناها الغالية التي لا يستحقها:
"أنا مش مهرة يا أيوب.. مبروك مقدماً لأخوك"
*وأغلقت الهاتف في وجهه تلك المرة دون عودة:
*الصدمة شلت أطرافه وجمدت عقله للحظات قبل أن يستوعب ما هتف به لسانه للتو...
وفي السيارة التي كانت تسير نحو سرايا الناجي أغمض عينيه مرخياً ظهره على المقعد وأصابعه تتقلص على مقبض باب السيارة وفي داخله يهتف بعنف وهو يلوم نفسه كيف نادها بإسمها؟؟لماذا لم ينساها ..لم يكرها ..لم ينزعها من قلبه حتى الآن؟ يراها في أحلامه وفي صحوته وخياله..
اللعنه على قلبه الذي مازال يعشقها ويتعلق بها ويجرح بإسمها...
"أيوب مالك؟"
*سأله علي الذي لاحظ شارده و تشنج عضلاته البارزة في قميصه وهو يجلس بجانبه:
*همس بخفوت وهو يبلع ريقه بارتجاف:
"أنا لسه بحب مهرة يا علي مش قادر أنساها ومش عايز أنساها مش عارف أعمل إيه؟ بسببها جرحت واحدة تانيه"
*قطب علي جبينه متسائلا:
"واحدة تانية!..انت تعرف واحدة تانيه؟"
*هز أيوب رأسه وقبل ان ينزل من السيارة التي توقفت داخل باحة السرايا قال له بخفوت جمده:
"أنا اتجوزت إيسال اللي حكيتلك عنها اتجوزتها في السر...ماحديش يعرف غير أخويا وبس"
*ربت علي فوق كتفه برفق وهو يلاحظ انقباض ملامحه وقتامة وجهه وهتف بخفوت:
"اهدا يا أيوب وخلينا نتكلم بعدين على روقان.. خد بالك عن وشك باين عليه أن في مصيبة ومرات عمي لو شافتك كده مش هتسكت"
*أومأ أيوب برأسه يهمس بحزن:
"عندك حق..نتكلم بعدين"

*وضعت نيرة عباءته السوداء فوق اكتافه ونفضت
فوقها بحنو رقيق وابتسامة مرتجفة تطفو فوق شفتيها لاحظها حمزة وهو يضع ساعته الفضية التي ورثها من والده حول معصمه:
"مالك يانيرة كأنك مش فرحانه ببتك"
*قالت نيرة وهي تزفر كل أنفاسها:
"كان نفسي بنتي يتعمل لها فرح كبير زي فرح اخوها و تتزف مع عريسها في البلد كلها"
*قال حمزة دون اهتمام وهو يعطر ذقنه ويمسح فوق وجهه:
"والهايصة والزايطة اللي تحت ديه اسمها ايه من فرح بردك اني نفذت كل حاجه طلبتوه مني يانيرة وجولت في عجلي بالي لازمن تفرحي ببتك زيك زي اي أم يبجي بزيدكي عاد نواح"
*ارتدت نيرة مصعوقة للخلف من طريقته الفظة في الحديث معاها ولكنها لم ترد وفضلت الصمت والسكوت لأنها تعرف جيدآ انه الآن في قمة غضبه و اي كلمة سوف تخرج منها ستكون بمثابة نار عظيمة تشتعل بينهما..ولكنها عادت لسألته بحزن:
"فيك ايه يا حبيبي"
*اجابها بحدة:
"مالوش لازوم عاد الحديث دلوكت عن أي حاجه خليني ساكت و جافل خشمي وانتي خابرة زين ليه وعشان إيه؟"
*نظرت إلى وجهه قاتم اللون و إلى تلك الخطوط
العميقة التي رسمها الحزن فوق جبهته فاجلست
بجانبه تهمس:
"ع الاقل افرح الليلة بدهب ياحمزة دهب عمرك و قلبك زي ما دايما بتقول..افرح بيها عروسة و بعد كده ابقى ح...."
*قاطعها بنبرة خافته حزينة وهو يخفض رأسه للمرة الأولى بمرارة:
"بتك كسرتني..افرح بيها كيف وهي كانت بتضحك عليا و عليكي وعلى خواتها واحد واحد"
*قالت نيرة ملهوفه وهي تمسك بكفيه:
"عملت كده عشانا..كانت خايفه و خوفها الاكتر كان عليك وعلى أخواتها وعلى حمزة"
*رفع عينه اليها وقال في حدة:
"كنتي راح تجولي اكديه بردك لو واحد من عيالك راح اتجاتل مع واد البكري عشان بتك وواحد فيهم جتل التاني..بتك غلطت غلطة واعرة مررت حلجي
ووچعت جلبي كنتي مستني انتي تيچي و تجولي
بس بردك أنتي كسرتني كيف بتك"
*ومال بظهره ليسند فوق ركبتيه حتى ينهض من مكانه شعرت نيرة لأول مرة بأنه مهزوم جسدياً
ونفسياً مكسور القلب والخاطر حبيبها نور عينيها
و دقات قلبها....ااهً و اه لو بيدها لكانت حملت عنه كل شئ ولكنها بكل غباء اقلقت راحته و افسدت
فرحته..سكتت..وسكت..
*حتى قال وهو يرفع ذقنها وينظر لعينيها الدامعة وهو يبتسم بهدوء حتى لو كانت ابتسامة كاذبة لا محل لها من الفرحة و كل ذلك كان من أجلها حتى يزيل عنها هذا الحزن القابع داخل عينيها:
"انتي عنديكي حج خلينا نفرح الليلة ببنتنا"

*كانت السرايا تعج بالصخب لقد أرادوا نيرة ووالدتها ان يتم كل شئ على أكمل وجه وخرج كل شئ جميلاً منظم حازا على أعجب الجميع وخاصة حمزة الذي لم يتوقع أنه سوف يجلس مع دهب في كوشة جميلة ممتلئة بالزهور...امتلأت حديقة السرايا بالأهل والمقربون من آل الناجي و آل أبو السعود و عزة البكري الوحيدة من عائلة البكري التي تدخل للسرايا وتصبح وحده من ال الناجي وتشاركهم افراحهم...
وبجانب خالتها التي كبلت حركتها جلست بلسم تراقب عمر حبيب قلبها الوسيم و هو يقف هناك بعيداً يتحرك بتلبك واضح خاصة عندما تقابلت عينيه بعيناها في لقاء عابر صغير مشطها فيه بداية من راسها حتى أصابع قدميها.....ساحرته بجمالها الناعم و رقتها وعيونها البراقة بالحب انتفض قلبه يرفرف بجناحين عندما رفعت عيناها وابتسمت له..وها هو الآن يقف بعيداً يتبادل معاها النظرات في صمت...
*وصل حسين مع زوجته خلود واولادهم ليستقبل سلمان ابنته و احفاده بفرحة كبيرة و اشتياق فقد نقل حسين فرع مكتبه الجديد لمدينة أخرى على بعد ثلاثة ساعات من بلدتهم وأصبح سلمان يشتاق لحفديه التوأم بجنون......محمد و أحمد صغار قلبه وبعد عناق قوي بين الأشقاء محمود و خلود و زين تعلقت خلود بشقيقيها وهي تسأل عن نفيسة ابنة قلبها ثم تحركت مع زوجها حيث تجلس والدته بجانب والده و بعد استقبال حافلاً بالقبلات و العناق مائل حسين علي والدته قائلا لها:
"عرفت حاجات كتير عن البت اللي اسمها مروة خلينا نتحدت بعد كتاب الكتاب"
*هزت سلمي رأسها بارتباك فانبرة إبنها لا تدل على الخير:

*نظرت نيرة الي ابنتها بانبهار وهي تراها عروس جميلة بل هي الجمال نفسه.....قبلتها امها تعانقها وهي تمنع دموعها من النزول وقالت لها بسعادة:
"بسم الله ماشاء الله ايه الجمال ده يا روح قلب أمك زي القمر واجمل من القمر"
*تجمعت غلالة من الدموع في عينان دهب فقالت لها نيرة وهي تحتضن وجهها:
"ابوكي مستنايكي بره عشان يوصلك لعريسك"
"بابا..."
*همهمت دهب كأنها تناديه من خلف باب غرفتها وقد استمع قلبه الواجف ملهوفا لرؤيتها في ثوب الزفاف فهي ذهبيته قطعته النادرة الغالية أغلى من عينيه من روحه و قلبه اليوم سوف يطمئن قلبه عليها و يراها عروس تزف إلى عريسها و سوف يترك غداً لناظره قريب....
*مد يده فوق مقبض باب غرفتها وقبل ان يفتحه اخاذ نفساً عميق يستنشق به الهواء الذي ينفذ من رئاتيه...تسمرت دهب عندما لمحت وجه ابيها يطل عليها من خلف الباب فارسها الأوحد..فارسها الأول
بطل أحلامها..بطل خيالها..ظهرها و سندها..و قلبها الذي ينبض..وعينيها التي ترى..واذانيها التي تسمع
والدها التي طارت معه في السماء تحلق وسط السحاب لتنقذ الناس من الاشرار فهو كان في خيالها سوبر مان...و الوحش الوسيم الذي ينقذ الاميرة...و هرقليز الذي حارب الوحوش من أجلها..أبيها..ثم..أبيها..ثم أبيها حتى آخر العمر:
*اتسعت ابتسامته الحقيقة التى لاتحمل خلفها الهموم ولا الإنتقام ابتسامة صافية خالية من الخوف وعينيه ترمق اميراته في الثوب الأبيض
المحتشم...أميرة من الخيال فاقت حبيبته التي تقف جانبها كشقيقتها الكبرى جمالاً...لن ترى عيناه أجمل من نساء بيته جمالاً:
*اقترب خطوة منها فاقتربت معه فقال وهو يلثم
جبهتها:
"اللهم صل على النبي..مبروك ياجلب بوكي الدهب
مبروك ياكنزي الغالي"
*اندفعت دهب نحو صدره تفترشه برأسها تحتضنه بقوة وتكبل خصره بذراعيها الصغيران تدس انفها الصغير في ملابسه لتستنشقه وتعبء
صدرها برائحته الذكية..كان غريباً تعلقها بوالدها بهذا الشكل المريب وكأنها تودعه مما جعل قلب نيرة يشتد انقباضاً..وكأنها كانت تشعر وهي تتعلق
به و يتعلق هو بها بأنها المرة الأخيرة التي سوف تشم فيها رائحته وتنعم فيها بدفء ذراعيه....

*و بأخر الدرج وقف حمزة بجانب والده ينتظرها
بشوق و لهفة حتى رآها تطل كالبدر في تمامه ذراعها بذراع والدها تخفي وجهها الجميل عنه
وهي تخفضه..دارت عينيه عليها صعودا و نزولا
لايصدق بأن هذه الملأك صغيرته التي احبها منذ
نعومة اظافرها تزف إليه الان وهي ترتدي له ثوب
الزفاف....ازداد لعابه الجاف داخل حلقه من روعة جمالها بينما هي اسبلت اهدابها عندما وصلت إليه
حتى يتسلمها من والدها.......قبل عمه و قبلت هي عمها ثم قبل حمزة زوجه عمه التي كانت كابنتها رائعة الجمال..
*أسبلت اهدابها عندما تعلق ذراعها بذراعه صدرها يعلو و يهبط وجهها يحترق وهي ترى كل الوجوه تشاهدها بانبهار تشعر انها في حلم سوف تستيقظ منه الان على صوت والدتها الحنون او صوت شقيقها على الذي يقتحم غرفتها دون استئذان او صوت صراخات عمر الغاضبة المتعصبة عندما يكون والدهم خارج البيت...
صوت زغاريد قوية انطلقت مع صوت إطلاق اعيرة نارية في الهواء فقد أمر كبيرهم رجاله بإعلان الاحتفال بزواج ابنته فقد قضى الأمر و ابنته الآن بجانب زوجها يعقد قرآنها...

*بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم*
*يقول المولى عز وجل سبحانه تعالي بسم الله الرحمن الرحيم*
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"
*صدق الله العظيم*
"أين بطاقة وكيل العروس..وكيل العروس/ والدها حمزة حسين أيوب الناجي"
"وأين بطاقة وكيل العريس / والده عمار حسين أيوب الناجي"
"بطايق الشهود..الشاهد الأول / مناع إبراهيم سعفان السوهاجي..و الشاهد الثاني / سلمان محمود أبو السعود"
"وبحضوري انا السيد عوف السيد مأذون منطقة **** تابع لقسم أول *****وأمام مسجد الخلفاء الراشدين نبدأ بسم الله في عقد قرآن العروس البكر الرشيد ذهب حمزة حسين أيوب الناجي والتي لم يسبق لها النكاح...علي العريس حمزة عمار حسين أيوب الناجي..
"وخير بدء الكلام فاتحة الكتاب...الفااااتحة"
*ساد الصمت الشديد في تلك اللحظات المباركة التي تهلل لها الملائكة و تعالت الهمسات ورفعت الكفوف ووسط ذلك المشهد المهيب وكانت هي جالسة في ذهول لا تصدق ولا تستوعب و كأن لاحول لها و لاقوة لاتعرف كيف؟ ومتى؟ حدث ذلك لا تعرف...كل ما تعرفه و تشعر به الآن انها ترفرف حتى انها تكاد تلمس نجوم السماء.......

*وعادت الزغريد لتتعالي وانطلقت الاعيرة النارية وسط تجمعات اهل البلدة الذي بدا رجال الناجوية
في توزيع حلوى العرس عليهم بسرور وبدأ الحفل البسيط وتوقف حمزة أمام ابنته ليضع في صدرها القلادة الذهبية هديه والدته دهب الكبيرة....
*بينما وضع حمزة في يدها اسورة و علق حول عنقها عقد من الذهب الأبيض المرصع بصوص من الياقوت مع حلقة ذهبية منقوش عليها اسمه زينت اصبعها الأيسر..ودست هي بقوة في أصبعه الأيسر الحلقة الفضية المنقوشة بأسمها وهي تنظر اليه إبتسم لها بعشق وهو يهمس:
"مبارك عليا الدهبية"
*همست وهي تمط شفتيها وكأنها تحولت:
"اه الدهبية اللي اتأخرت يوم فرحك عليها عشان تودع حبيبة القلب ندى"
"أودع ندى...."
*دمدم و اتسعت عيناه بذهول و هو يناظرها ولا يستوعب دهب أصبحت زوجته وتحاسبه بل أيضا بدأت سريعاً في بث جرعات النكد الزوجية ضحك بخفة ضحكة الجمتها من وسامته و التفتت هي على صوت نفيسة التي كانت تبارك لها بفرحة ثم انحنت وهي تغمز لحسن الواقف بالقرب منها لتقرص دهب في ركبتها ربما تستطيع ان تحصلها في جمعتها:

"محمود"
*التفت محمود الذي أغلق الهاتف للتو مع فاطيما
التي كانت تحدثه وتطمئن بأن قرآن دهب و حمزة تم على خير...التفت على صوت وداد التي كانت تقف خلفه مباشرة:
"وداد.."
*همس اسمها متفاجئ....اندفعت وداد نحوه بلا تفكير وقالت بغضب:
"نفيسة قالتلي انك خلاص بتجهز عش الزوجية مبروك"
*اوما راسه لها مبتسم:
"الله يبارك فيكي..عجبالك"
*غار قلب وداد في صدرها وصرخت عليه وهي تدفعه في صدره بقوة:
"عقبالي هه عقبالي ببساطة كده بتقولي عقبالك
انت إيه معندكش دم..معندكش قلب..تروح وداد تيجي وحده غيرها الست الشيخة اللي دارت ولفت عليك عشان تأخذك مني الملأك الب......
*قبض محمود على معصمها النحيف وهو يقاطها
بصوت غاضب عنيف:
"سدى خشمك الواعر وإياك تتحدتي عنها..مرتي لا لفيت ولا دارت اني اللي اختارتها بجلبي و عاجلي"
*ضحكت وداد باستهزاء وهي تترك معصمها بين قبضة يده قائله:
"اختارتها لكن مش بتحبها انت عمرك ما هتعرف تحب وحده غيري"
*وبيدها الحرة غرزت اصبعها في صدره:
"أنا هفضل هنا جوه قلبك عشان انت بتحبني أنا و لسه في قلبك"
*ترك محمود يدها بعنف وهز رأسه رافضاً غرورها
وثقتها التي في غير محلها:
"يمكن لساتني معشجتهاش كيف ما كنت بعشجك
بس اني واثج اني راح اعشجها راح تكون فاطيما هي كل حياتي مرتي و حبيبتي و شريكتي و أم ولادي...لكن انتي خلاص مبجاش ليكي مطروح في جلبي ولا عجلي انتي انتهيتي من حياتي يا
ضاكتوره"
*هزت رأسها برفض فتناثرت دموعها على وجهها الجميل وصرخت بقهر:
"أنا لسه بحبك ويمكن اكتر من الاول لسه يا محمود"
*ارتسمت ابتسامة متشفية على ثغره وهتف بحدة:
"بس اني خلاص مبجتش بحبك ولا حتى بفكر فيكي كل واحد منينا راح لحال سبيله يابت الناس
شوفي مصلحتك وكملي أحلامك لاني مش راح ابص لوراء مرة تانية"
*ليضرب كتفه صدرها بعنف وهو يتركها ويرحل من أمامها...يرحل للأبد بعد أن كتب بيده سطور النهاية في قصتهم بكلماته القاسية مع توقيع حاد النبرة ومن هنا قررت وداد الرحيل إلى مكان آخر بعيداً عنه وعن كل ذكرى كانت تجمعها معه فانها لن تتحمل ان تراه معاها بعد أن تصبح زوجته وتشهد عينيها على سعادتهم التي تتمنى من كل قلبها النازف ان تنتهي قبل حتى ان تبدأ:

*صار حمزة بجوار عمه يسأله:
"احنا رايحين على فين ياعمي"
"صبرك بالله ياولدي هما عشر دجايج وراح تعاود لمرتك خلاص ياواد جلبي دهب بيجت مرتك"
*هتف حمزة بقلق:
"عمي أنت بخير"
*اوما حمزة برأسه قائلا:
"بخير ياولدي بخير...جولي عملت اللي اتفجت وياك عليه"
*توقف حمزة مع ابن شقيقه أمام الباب الخشبي الكبير لمخزن الحبوب و الغلة والذى يحرسه رجلان من أشد رجاله...ليقول حمزة باستغراب وهو ينظر للرجلين:
"المحامي بتاعي قدم البلاغ بأخد تعهد بعدم التعرض و مع شهادة ندى قاسم البكري هيتقبض عليه اول ما ينزل في المطار...وبكره الصبح ورقة طلاق ندى هتكون عندها انا طلقتها غيابي"
*ربت حمزة فوق كتف ابن شقيقه بقوة قائلا بصوت قوي:
"اكديه زين همل الباجي بجا على عمك بس لازمن أجولك على حاچه مهمة كلمتين ياولدي اسمعهم جبل ما تشوف بعيونك اللي جوات المخزن"
"اتفضل ياعمي"
*ابتلع حمزة غصة مسننة تجرح حلقه وتذبحه دون ان ينزف الدماء فقط قلبه هو الذي ينزف
بلا توقف ولكنه اتخذ قراره ولن يتراجع عنه:
"لما تعاود مع مرتك من بره رايدك تعاود بيها على بيتك معيزيش اشوفها تاني اهنيه واصل انا بتي
ما..ما..ماتت...
*قالها بصوت متقطع والدموع تلمع في عينيه ثم اكمل بشدة:
" ماتت في جلبي من الليلة ديه استعوضت ربنا
فيها و حطيتها طوج حوالينا رجبتك طوج غالي تحافظ عليه...."
*ذهول عارم لاح على ملامح حمزة وهو يستمع الي عمه الذي يتبرئ من ابنته و يلفظها من قلبه
ومن حياته للأبد...قال هو يبتلع ريقه الجاف:
"عمي دهب بنتك مهما غلطت و اللي عملته ده كان الحيوان اللي اسمه قاسم السبب فيه انا هقلب الدنيا كلها وهثبتلك ان عايده ديه عايشه وانه كان بيهدد دهب"
*تنفس حمزة برفق وهو يناظر ابن شقيقه يدافع عن ابنته برغم انها كادت ان تتخلى عنه وتتركه ولكنه مثله عاشق ولهان وليس هناك على قلوب العاشقين حرجاً:
"جراري دهو مش راح اعاود فيه انت خابر عمك
اسمع حديتي ونفذه انت تيجي اهنيه وجت ما تريد هنا أرضك و دارك و عزوتك لكن هي خلاص مبجاش ليها مكان اهنيه...لما ربنا سبحانه وتعالى يأذن و ياخد أمانته وجتها تبجي تعاود من چديد"
*صاح حمزة بلهفة خوف:
"بعد الشر عنك ياعمي ربنا يديك الصحة وطولت العمر..بس ده هيكون قرار صعب اوي على دهب وكمان على مرات عمي"
*تقدم حمزة خطوات و ابن شقيقه بجانبه وأمر رجاله بأن يفتحوا باب المخزن ونظر الي ابن شقيقه دامع العينان حزين الملامح وقال له وهو يدخل الي داخل المخزن:
"مرتك عمك تجدر تشوف بتها وجت ما تحب في دارها اللي هي دارك..هم ياولدي..ادخل"
*دخل حمزة خلف عمه في مخزن الحبوب الواسع
حتى توقف أمام غرفة خشبية صغيرة فتحها عمه
برفق وهو يبتسم...وتجمد حمزة على باب الغرفة
والدماء تتجمد في عروقه وهو يرى بأم عينيه الجاحظتين فتاة مكبلة الساقين و اليدين تنام
فوق جنبها في زاوية الغرفة وعندما رفعت وجهها
المتسخ.....دمدم حمزة وهو ينظر إلى عمه الواقف في شموخ:
"مش ممكن انتي...عايدة"

*وبنفس الوقت وداخل المقعد الكبير وقف حسين أمام والدته التي لم تنتظر انتهاء حفل زفاف ابنة شقيقها فاجمعت داخل المقعد عزة البكري و سمية
وهدرت قائله:
"اتحدت ياحسين جول اللي عنديك"
*تخاصر حسين وهو يضم شفتيه ونظر الي والدته
الشاحبة و الاخرتين اللاتي كلاهما في حالة من القلق وقال وهو يهز رأسه:
"مروة تبجي بنت وحدة هربت من البلد من اهنيه من سنين اسمها صفية محروس البكري"
*شهقت عزة بذهول تهمس:
"صفية البكري"
*بينما ضربت سمية فوق صدرها بخفوت...ليكمل حسين وهو يناظر والدته التي كانت تنتظر النصف
الاخر من حقيقة تلك الفتاة:
"ابوها مسمهوش فتحي ابراهيم...فتحي دهو يبجا الراچل اللي رباها لما أتچوز صفية ابوها الحجيجي
اسمه....."
*قاطعته سلمي وهي تكمل بذهول:
"اسمه مهدي...مهدي الجناوي"
*شهقة عالية تعالت من خلفهم جعلتهم يلتفتوا جميعها.......فكانت نيرة..

تعريفات:
°الكشك: هو مأوى او غرفة داخلية للخيل يُبنى من الخشب أو المعدن ويتكوّن من ثلاثة جوانب وسقف.
°التبن او الدريس: هو العشب أو البقوليات أو غيرها من النباتات العشبية التي يتم تقطيعها وتجفيفها ليتم تخزينها لاستخدامها في الأعلاف الحيوانية للأبقار والخيول والماعز.

يتبع
صورة الغلاف (إيمان)

Continue Reading

You'll Also Like

91.3K 3K 17
"الجزء الثاني من رواية أسيرة عشقة" عادت له من جديد بعدما لم يَعد لها مأوي سوي قلبة.! البداية 9/1/2022 النهاية 3/4/2022
9.3K 164 9
تعشقة منذ نعومة اظافرها لا تريد أحد سواه فهو مالك أحلامها ولياليها ولكن هو قلبه لا يبالي ينتقل من زهره إلي زهره يمتص رحيقها ثم يتركها تهيم في محراب ه...
51.5K 1.1K 29
دراما رومانسيه ... مكتملة
44.9K 1.5K 13
كما قالت الست "أهل الحب صحيح مساكين" ف الحب الوحيد الذي قد يحول الشخص من اقصي القوة لأرذل الضعف والهوان..