شهقاتٌ محرومة

3.5K 110 174
                                    

تلميح: لم يكن أحد سيحمل كلّ هذا في صدره، لكنّني فعلت.

.
.

أجلس على أرض باردة صلبة، عضلات جسدي تيبّست ومفاصلي لا أستطيع تحريكها من الألم، قدماي منتفختان والسوائل تنحبس بهما بسبب الحمل.
أشعر بحركة جنيناي بداخلي، عيناي مغمضة أهرب من ظلامٍ إلى ظلامٍ آخر.
لا لم أنم… كنت سأموت في تلك اللّحظة حتى أنم ولو لدقيقة، أريد أن ترتاح، أن أهرب ، أن أنسى، وحتى هذا تركني، أحاول منذ ليلة البارحة أن أغفى ولكن عبث… الأفكار لم تدعني وشأني، تُركتُ معها وحيدة تهاجمني من كل صوبٍ كذئبٍ شرس لم يأكل منذ أسبوع!

لم يهمّني أنا، ولا سجني… كنت أفكّر به. كما فعلت طوال الوقت منذ اللحظة التي رأيتها به يقف على باب منزلهم بلمعة عينيه التي سلبت عقلي وقيّدته بعيداً حتى يصبح قلبي هو المُتحكّم الوحيد في الساحة.

فجأة، ومن حيث لا أدري، اشتممت رائحة بوظة الكاكاو، عقدت حاجباي بشدّة … ليس مُجدداً، أرجوكما… من أين سآتي بها الآن؟ لا تكونا مصدر ضعفٍ لي في هذه الحالة، ليس الآن… أعدكم، حين أخرج من هنا، حين يأتي والدكم سيحضرها سأخبره بهذا، أمّا الآن يجب علينا فقط أن لا نفقد عقولنا من هذا المكان الصغير ومن رائحته النتنة… فقط نبقي عقلنا سويّ يفكّر.
هذا كلّ ما علينا فعله.
يريدون إضعافنا يا صغاري، فأروهم من نحن… أروهم من أبناء عمر الجوهريّ وزوجته. هيّا… لنفكّر بشيءٍ آخر غير بوظة الكاكاو… بحقّ الله كيف خطرت على بالكما الآن نحن في فصل الشتاء لا تكونا مزعجين إلى هذا الحدّ ! نحن في مُصيبة ويجب أن تساعداني !

وحين فتحت عيناي اتضحت دموعي فيها. أمكم خائفة… خائفة جداً وترتجف.
أماني ليس هنا.
لم يقل كيف أتصرّف، لم يحسب حساب هذه اللّحظة… لم يُطلعني على الخُطّة !
تركوني هنا… فماذا عليّ أن أفعل حين يعودون؟
أصمت؟ أبكي؟ أتكلّم؟ ماذا أفعل؟

تمتمت بهمس أقرأ سورة الحِجر التي كنت دائما أقرأها عليه...
وحين انتهيت نظرت للطاقة الصغيرة في الباب ولمحت الحارس يتحرك أمامي.

انتابني شعورٌ غريب بالقوّة وأنا أسمعه مرّة أخرى يقول لي، كأنني عدتُ لتلك اللّيلة
" عمر/ بتوثقي إنو لو انتي... او اي حد من الي حواليي تأذى بسببي... اني بقدر أنقذكم؟
رفعت يدها الحرّة ومسحت على حاجبه
حور/ أنا ما وثقت بحدا بحياتي بالطريقة الي وثقت فيك فيها... وبوثق كمان إنك ما رح تخلي حدا يأذّينا.  "

ابتسمتُ وأنا احتضن بطني. صحيح... أنا أثق... أثق بقوّة.

.
.
.

تحذير  🔞 : المشاهد القادمة تحتوي على عنف جسدي ونفسي، إن كنت لا تقدر على قراءة هذا النوع : تجاوزها.

عشرون ساعة، وأربعة محقّقين يتناوبون عليه، لم يتركوه لحظة واحدة ليرتاح… عصف صراخهم وأسئلتهم جعلوه يريد الموت.
رغم رغبته بتفجير المكان، لكنّه التزم الصمت إلّا حينما يتوجب عليه الإجابة بكلمتين أو ثلاثة.

قاب وطنين أو أدنىWhere stories live. Discover now