المُواجهة

4.2K 143 117
                                    

تلميح: " هو قلبٌ واحد، كم مرة سينكسر بعد يا الحوت؟ "

الأصوات التي في رأسه لا تهدأ
كأنّما مرّت ساحرة على طريق كان يمشي بها فألقت عليه لعنة ما.
وهو يريد فقط أن لا يُجنّ في نهاية المطاف.
كان منسياً قبل سنة من الآن، يحاول أن يشغل نفسه في أعماله أن لا يحنّ لوطن ولا لعائلة...
يوصي يحيى على أمه وزين وقصي ويعرف أنّ حاله لا تختلف أبدا، كانت حالة واحدة تلازمه... صمت.
لم يبُح أبداً بما فيه...
والآن بعد أن عاد اعتاد على ممارسة فنّ البوح بطريقة خاطئة لا تشبهه، اعتاد على رسم تفاصيلاً لا يعرف كيف يمارسها.
ذهب وعاد ومرّت سنة على وجوده في فلسطين، كيف يمكنه أن يحصر هذه السنة باسم واحد؟! وصفة واحدة؟
كان عام الحزن، والقهر، والشوق...
عام حبٍّ وحلمٍ نسيه فأحيته به حوريته...
كان عام الأمل المقتول على أبواب الشّر...

رفع كوب القهوة لشفتيه وارتشف منه ثم أعاده للأسفل
وهو يقف على شرفة منزله التي تطلّ على سور القدس وقبة الصخرة.

ملامحه باردة يبدو أنه هنا لكنّ عقله في مكانٍ آخر.
ماذا بعد؟ عليه أن يستمرّ... لإنّه لا مجال للتوقف، الحياة لا تعطي فرصاً كهذه أبداً.
يتألم... لكنه يجب أن يمضي. يجب أن يدفن ذلك الألم في قلبه ويضع عليه كومة حجارة لكي لا ينكشف.
لا يدري إلى أيّ مدى سيكون قادراً على المشي في هذا الدرب.

رفع رأسه للسماء وتنهد، أخرجه من خوض أفكاره صوت العصفور من ورائه...
ودبيب خطواتها نحوه
نظر لها وهي تضع القفص على السور وابتسم بسخرية مقصودة.
حور ابتسمت ولمعت عيناها/ صباح الخير
أومأ عمر دون أن يردّ
ثمّ قال وهو يراقبها تملأ الماء لعصفورها/ دخليه ، الجوّ برد
حور ابتسمت/ شايف إنّك صرت تهتم فيه!
عمر/ لساتك مصدقة إنو هاد عصفورك جد؟
نظرت له بعبوس/ لا تحكي هيك ! يعني مين بدو يكون؟ ضليت استنا فيه وفاتحلو باب القفص ورجع!
عمر/ ما برجع
حور بتحدّي/ شو بعرّفك؟
عمر/ لاني شاري هاد بإيدي، وحاطو بالقفص بإيدي كمان!

نظرت له بدهشة ثمّ للعصفور... ولم تتكلم.

تذكرت تلك الليلة التي جاء بها إليها

"" استدار ليذهب ولكنه توقف حين رأى ذلك القفص فقال بتذمّر/ اكسرو عشان ترتاحي!
قالت باعتراض/ خليييييه
عمر/ ما رح ييجي!!
حور بعناد/ رح يرجع! انااا عارفة!
رمش بذهول أمام ثقتها، ثمّ ابتلع ريقه وتمتم/ تمام، ما تزعلي! تصبحي على خير
حور/ وانت من أهلو... ""

/ جود حكالي انو مش هوه، ما بيشبهو... بس انا طنشتو، رغم إني كنت حاسة...

نظرت له بحزن/ ليه بتحكيلي هلأ؟ متى جبتو اصلا وحطيتو؟

قاب وطنين أو أدنىWhere stories live. Discover now