قلوب تبلغ الحناجر

3.1K 97 80
                                    

تلميح: لن ينقضي هذا الكابوس.

عاد نحو ذلك الرجل وساعده لصعود درجات باب العمود، ولكنّ جسده، لا ليس جسده فقط، بل كلّ المتواجدين تجمّدوا من فرط الصدمة على صراخ ذلك الجندي/ إنّه وطن... وطن

ارتفع صدر قصي ونزل بسرعة وهو يستدير ويهمس/ لا يارب... يارب.لا مش هو !! مش هو!!
ولكنّ الأمر كان واقعاً مُدمّراً، حين شاهد الجندي يمسك بيديه بقايا ذلك القناع ويحاول أن يصوّب بندقيته باتجاه وطن الذي يشق طريقه هارباً بين الجموع
ولا إراديا صرخ قصي/ احموووه! تجمّعوا !!

كانت الفطرة السليمة الشيء الوحيد الذي جمع كلّ الناس المتواجدين رغم تعبهم أمام الجنود، وتلقوا الضرب المبرح من بنادقهم لإفساح المجال لهم للحاق به ولكنّ الأزمة الخانقة هذه كلها من عمل أيديهم أولاً!

نظر قصي حوله للمنظر المهيب وهو على الدرجات الأخيرة من فوق، ماذا يحدث !
لوهلة ظنّ أنه يوم القيامة!
جُنّ الجنود !!

ابتلع ريقه ونظر باتجاه هروب وطن ثمّ تحسس جيابه يتأكد من وجود مفاتيحه في جيبه الأيمن، وسحب من جيبه الأيسر هاتفه ليلقيه على إحدى الدرجات ويركض!
لا يعرف لماذا ولكنّه ركض كمّن كانت حياته معتمدة على ذلك!!

وصل للشارع الذي ركن به دراجته النارية وقادها مسرعا يحاول تفادي الشرطة وسياراتهم التي انتشرت في غضون ثوانٍ !
كأنّ أحدهم ألقى سحراً أسود فتحوّلت القدس إلى بؤرة جنود، جنود في كلّ مكان وعلى كلّ طريق!!

نظر قصي حوله وهو يخفف السرعة بقهر وهمس/ ويييينك!
نظر خلفه وهو مستمرّ بالقيادة وشعر بالتعب والقهر لإنه لم يلحق به!
سيمسكونه! أولئك الشياطين سيعدمونه فور رؤيته!!

أوقف الدراجة النارية بصدمة وهو يسمع صوت إطلاق النار من جهة باب العمود خلفه!
ارتجف جسده وهو يتذكر منظر وطن الهارب... لن يجدوه! على جثته!

توقف في منطقة الشيخ جراح ونزل عن الدراجة يحاول التركيز/ المشكلة ما رح اتوقع وين رح يكون..
نظر حوله بضياع وسمع صوت وقع أقدام الجنود المشاة وأحدهم يصرخ باللغة العبرية لإملاء الأوامر!
اختبأ خلف أحد الأعمدة حتى لا يرونه وحين تأكد من مرورهم سمع صوتا آخر قادما من خلفه، صوت همس لا يكاد يتضح!
اتبع الصوت، ثم اختفى فحاول التركيز جيدا ورفع رأسه ليرى ظلّا يتحرك فتبعه بسرعة وهو يتأكد أنّ لا أحد وراءه
وحين وصل كانت مدرسة فتيات قديمة بالمنطقة، رفع رأسه ليرى الصفوف وتمتم بانتصار/ لقيتك!

ركض للداخل بخفة وصعد للطابق الثاني حيث شكّ بوجود وطن!
بحث بين الصفوف بلهفة وسرعة لإيجاده لكنّه فقد الأمل حين لفّ على كلّ الصفوف ولم يجده!
هل يتخيّل من فرط لهفته؟! ولكنه متأكد أنّه رأى ظلّاً !

قاب وطنين أو أدنىWhere stories live. Discover now