حين تغيب الذئاب

4K 115 56
                                    

تلميح: لم يكن صعباً، إنّه يقف في منتصف الأشياء فحسب.


ألقى نظرةً عليه، لوهلة لم يعرفه... لا يعرف هذا الرجل القابع خلف تلك القضبان يقف وينظر حوله بنظرات ثاقبة كأنّه يبحث عن شيء ما.
هزل جسده، ذبلت روحه، شعر عمر حينها بقلبه يُقتلع ويداس عليه!
ليته مات قبل أن يرى صديق عمره بهذه الحال...
لقد انطفأ.. لوهلة تأكد أنّ أحمد انطفأ منذ اليوم الذي أخذوه بعيدا في ليلة زفافه، لم يبق منه سوى شبح روح لا جسد يسكنه ولا قبر!

لم يهتمّ للكلام الذي يقال ولا للقاضي الذي يتكلم مع المحاميين، كان يودّ أن يقتصّ المسافات ليصل إليه ويحتضنه.. أن يخبره بأنّ كل شيء سيزول... وسينتقم لأجله، سيذيقهم ليالٍ من حرمان وتشرّد وقلق وخوف... سيرونه في كوابيسهم!

أعاد نظره للقاضي الذي يعتلي منصة الحكم، حين لم ينظر له أحمد أبداً وثبّت نظره في الفراغ كأنّ قلبه فتر ومات منذ زمن في أقبيةِ التحقيق...
لم يعد يهمّ أحمد شيئا، ولا حكم القاضي حتى!
ابتلع ريقه وتمتم ليصحّح لفظ القاضي بِ/ جلّاد... ليس قاضيا إنما جلّاد!
وسمع صوته الحقير يقول بنبرةٍ ممزقة/ حكمت المحكمة بِ...

قبل يوم

وضع طاقيته جيدا وهو ينظر لنفسه بالمرآة.. كانت الليلة كئيبة صعبة ، ومؤلمة كاللعنة!
لم يشعروا بشعور العجز هكذا من قبل.. لم يكونوا متكتفي الأيدي بهذا الشكل ينظرون للأخبار على التلفاز!
تنهد وهو يحمل هاتفه وينزل للأسفل، كانت الساعة الواحدة ظهرا، نظر لأمه التي تكلمت معه لتوقفه/ وين رايح عمر؟
عمر/ لاحقهم يما..
أم يحيى بحزن/ دير بالك على حالك وعلى اخوانك.
اومأ عمر/ ولا يهمك
ارتدى حذاءه الرياضي وخرج للشارع مشيا، كان الجو كئيبا... الأطفال يجلسون قرفصاء أمام البيوت ساكنين لا يتحركون.
أوقفه صوت حسن من نافذة منزله/ عمر لوين؟
نظر له عمر وهو ينزل طرف طاقيته حتى يحمي عينيه من الشمس/ عند باب العمود.
حسن/ اصبر جاي معك

غاب حسن داخل المنزل وهو يبحث عن حذائه/ اسراء
خرجت اسراء من المطبخ وهي تجفف يدها/ نعم؟
نظر لها/ وين حطيتي البوت؟
إسراء بتردد/ ليه وين رايح؟
رفع حاجبه/ اعملي تحقيق كمان؟ خلصيني جيبيه
ابتلعت ريقها واختفت داخل غرفته وعادت تحمله/ خذ... بس احكيلي عشان الغدا قرب يجهز مش عشان اعمل تحقيق!
نظر لها كمّن يخنقه أحد/ لا حول ولا قوة الا بالله... نازل مع عمر ع باب العمود
شهقت وهي تضرب صدرها/ ويييين... لا ما بتروووح!!
ركضت للباب ووقفت أمامه/ ادخل جوا ما في روحة

اسودّت عيناه بغضب/ لا والله؟ اسراء امشي هيك خليني انزل الزلمة بستنا فيي!
اسراء بقهر/ ما بتنزل!! ليه بدكم تروحو ع باب العمووود وهوه مليان شرطة وجنوود؟!
حسن بانفعال/ ولك افهمي! القدس مسكرة! بوابها مسكرااات... ادخل معك جوا شو اعمل؟!
انضبي بمطبخك لا أشيلك يلا...
اسراء هبطت أكتافها بحزن/ وازا صرلك اشي
مشى نحوها وقال بلا اهتمام/ الي بصير عالناس بصير عليي... شو رأيك نسكت واحنا شايفين القدس مسكرة؟!
بكفي ما حدا حاس فينا من برا.. احنا ولاد البلد كمان بدنا نسكتلهم؟
تنهدت، لا تنكر انها اقتنعت لكنها خائفة
قالو بتردد/ طيب بس..بس لا تخليهم يعملولك اشي
حسن فجأة حبس ابتسامته وهو يزيحها عن الباب ويفتحه/ تمام بحكيلهم بتسلم عليكم مرتي وبتحكيلكم لا تصيبوني.
أمسكت بيده قبل أن يخرج وقالت بحزن/ لا تتخوث.. انا بحكي جد!
رفع يده ليزيح شعرها عن وجهها وقال ببساطة/ وانا بحكي جد!! مالك؟
إسراء/ لا يصير فيك اشي.. مهو حظي وبعرفو كل ما بنتصالح بصير اشي !!
ارتخت ملامحه وهو يشعر بقهرها فتقدم منها وقال/ اطلعي فيي..
نظرت له بتردد فأكمل/ ادخلي ع المطبخ كملي الغدا وبس تخلصي رني علي باجي بوكل. اما غير هيك لا تحكيلي انك خايفة منهم يعملولي اشي! هاد أولا، ثانيا حكيتلك هالمرة غير! ما في شي رح يصير حتى نرجع مثل المطلقين !!
رفعت أكتافها باعتراض/ احنا اصلا مثل المطلقيييين...
ابتسم/ تمام اذا رجعت وما كان صايرلي اشي بثبتلك انو احنا مش مثل المطلقين!
إسراء عبست/ اه لما تورجيني عقد الزواج ودفتر العيلة!!
حسن هز رأسه بيأس على غبائها/انا اذا ضليت هون رح أموتك يلا سلام
إسراء/ اه اهرب اهرب!! .... الله يحميك انت والي معك

قاب وطنين أو أدنىWhere stories live. Discover now