عمرُ روحي

Oleh MayamShahid

30.7K 1K 458

لا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمر... Lebih Banyak

الشخصيات
الفصل 1 (حديثي مع النجوم)
الفصل 2 (مشاعر هشة)
الفصل 3 (انطفاء الروح)
الفصل 4 (دموع القلب)
الفصل 5 (فرصة أخرى)
الفصل 6 (كابوس مظلم)
الفصل 7 (رماد قلب)
الفصل 8 (هل هي بداية حب؟!)
الفصل 9 (عاصفة سوداء)
الفصل 10 (طريق النهاية)
الفصل 11 (تحت الركام)
الفصل 12 (روح حرة)
الفصل 13 (ملتقى القلوب)
الفصل 14 (روح خلقت لي)
تنويه هام
الفصل 15 (توأم روحي)
الفصل 16 (هل هو الفراق؟!)
الفصل 17 (ليلة وداع)
الفصل 18 (نتيجة اختيار)
الفصل 19 (لقاء الحبيب)
الفصل 20 (فرصة جديدة)
الفصل 21 (على موعد مع الحب)
الفصل 22 (النصيب الجميل)
الفصل 23 (حفل زفاف)
الفصل 24 (مع الشخص المناسب ستزهر)
الفصل 25 (للسعادة مذاق آخر)
الفصل 26 (ظلال من الماضي)
الفصل 27 (لآخر نفس)
الفصل 28 (ارتباك خوف ... أم عشق؟!)
الفصل29 (دقات قلب)
الفصل 30 (ما قبل الطوفان)
الفصل 31 (مزيج غريب)
الفصل 32 (أحتاج إليك)
الفصل 33 (خطوات الشيطان)
الفصل 34 (الكلب الأسود)
الفصل 35 (مكيدة شيطانية)
الفصل 36 (الشر بالمرصاد)
الفصل 37 (كشف المستور)
الفصل 38 (تسوقنا الأقدار)
الفصل 39 (على طريق الحب نلتقي)
الفصل 40 (قريب أم غريب؟)
الفصل 41 (قليل من الوقت بعد)
الفصل 42 (كيد الكائدين)
الفصل 43 (طيف نهاية)
الفصل 44 (الهدوء الذي يسبق العاصفة)
الفصل 45 (روح مهشَّمة)
الفصل 46 (ما بين عشق وظن)
الفصل 47 (دموع خذلان)
اقتباس
الفصل 48 (أزمة ثقة)
الفصل 49 (ما بين أمل وألم)
الفصل 50 (فرحة قلب)
الفصل 51 (دعوة قلب)
الفصل 52 (انهيار)
الفصل 53 (محنة)
الفصل 54 (أمل بالله لا يخيب)
الفصل 55 (رغم الألم)
الفصل 56 (فرصة ... اختيار)
الفصل 57 (معًا ... مهما طال الطريق)
الفصل 58 (أمان القلوب)
الفصل 59 (تقارب القلوب)
الفصل 60 (أمل قلب لا ييأس)
الفصل 61 (سندي وقوتي)
الفصل 62 (الوصال)
الفصل 63 (سحر العناق)
الفصل 64 (لنسرق من العمر ليلة)
الفصل 65 (طريق العودة)
الفصل 66 (قلب عاصف)
الفصل 67 (ملاك وشيطان)
الفصل ٦٨ (فخ محكم)
الفصل 69 (ما بين بداية ونهاية)
الفصل 70 (هدوء .. غضب)
الفصل 71 (الحمل والذئب)
الفصل 72 (نسمات باردة)
الفصل 73 (انتقام شيطاني)
الفصل 74 (جريمة زفاف)
الفصل 75 (ليلة عصيبة)
الفصل 76 (دوامة حيرة)
الفصل 77 (نهاية كابوس)
الفصل 78 (تحطم الجليد)
الفصل 79 (تساقط الأوراق)
الفصل 80 (طريق مسدود)
الفصل 81 (دقات على باب القلب)
الفصل 82 (انتظار وقرار)
الفصل 83 (الأمل في الحب لا ينتهي)
الفصل 84 (صاعقة الموت)
الفصل 86 (فرصة أخرى)
الفصل 87 (ظلال الماضي السوداء)
الفصل 88 (السقوط في وادي الظلام)
الفصل 89 (تلاحم القلوب)
حسابي على تيليجرام
الفصل 90 والأخير (وتستمر الحياة ... بحلوها ومُرّها)
الخاتمة ❤

الفصل 85 (أرواح حائرة)

207 16 6
Oleh MayamShahid

لا تنسوا التصويت فضلًا ⭐🙏

دخل جواد لمكتب الضابط وعرف بنفسه لينهض الآخر باحترام مرحبًا به؛ فالجميع يسمع باسمه حتى لو لم يحدث ويقابلوه من قبل. سأله جواد عن أوس وسبب القبض عليه، ليقول الضابط: لقد ضرب طبيبًا ضربًا مبرحًا وبالكاد استطاع الناس هناك إبعاده عنه. الطبيب في المستشفى الآن يتلقى العلاج وسنرى إن كان سيصر على توجيه التهم له أم لا.

همهم جواد وقال: هل يمكنني رؤية أوس؟

طلب الضابط من العسكري إحضار أوس، فأتى بعد دقائق بحال غريب وكأن عمره قد تضاعف وقد ذبلت عيونه الشاردة وملامحه بدا عليها الحزن والألم.

جلس أوس بشرود على الكرسي المقابل لجواد وتنبه لصوت جواد وهو يقول: أوصلت مرام لبيت وتين كي تبقيا معًا ريثما تخرج.

أومأ له أوس بصمت وقد بدأت الدموع تجتمع في مقلتيه، ليتساءل جواد: لماذا ضربت الطبيب؟

انسابت دموع أوس وغطى وجهه بكفيه، فاستغرب جواد حاله وقال: حالته جيدة وسأتحدث معه بنفسي كي يسقط التهم عنك وتخرج، لا تقلق.

رفع أوس رأسه وقال بحرقة: قال لي بأن مرام ستموت خلال أشهر ... السرطان منتشر في معدتها.

أغمض جواد عينيه للحظات مشفقًا على حال هذه الفتاة، ثم عقب قائلًا: دع الطبيب يقول ما يريده فالأمر في النهاية بيد الله وحده ... سنساعدك لتعالجها في أفضل المستشفيات في الخارج... لا تيأس ولا تنهار فهي بحاجتك في وقت كهذا لتقويها وتشد من أزرها وترفع معنوياتها ... لا تبكي أمامها بهذا الشكل وتنهار.

رد أوس بانهيار تام: لا يمكنني فقدانها ... لا يسعني العيش من دونها ... لا أستطيع.

أشفق جواد عليه رغم أنه لا يحبه كشخص، ولكنه جرب هذه المعاناة من قبل، ثم نهض وربت على كتفه قائلًا: تمالك نفسك وكن قويًا ... زوجتك بأمس الحاجة إليك الآن ... سأذهب إلى الطبيب وأترك المحامي هنا ليقوم بعمله.

أومأ له أوس بالموافقة، ثم خرج جواد وتحدث مع المحامي قليلًا وخرج متوجهًا إلى المستشفى ليتحدث مع الطبيب.

..........................

كانت مرام تجلس مع وتين في غرفتها وهي متوترة للغاية وبالكاد تحبس دموعها، ثم نظرت لوتين قائلة برجاء: هاتفي جواد واسأليه ماذا حدث.

ردت وتين قائلة: يا مرام لم يمضِ الكثير منذ أن كلمته ... قال بأنه محض شجار بسيط وسيتحدث مع الطرف الآخر ليسقط الشكوى.

طأطأت وتين رأسها تمسح دموعها قبل أن تسقط على وجنتيها، لتقول وتين بحيرة: لا أصدق بأنه تشاجر فقد كان دومًا يبدو هادئًا ومرحًا وليس من الرجال الذي يستعملون العنف.

لم تعقب مرام وهي تتذكر كيف كان يغضب وينفعل بسبب كلامها أو إهانتها له، ولكنه ما أن يراها تبكي أو تتألم يهدأ وينسى كل شيء على الفور وكأنه لم يكن غاضبًا منها منذ لحظات.

.............................

أقنع جواد الطبيب بإسقاط الشكوى طالبًا منه مراعاة حالة أوس النفسية، وتعهده بدفع تعويض له، ثم عاد إلى قسم الشرطة وبدأ المحامي بإجراءات خروج أوس بعد أن تأكد الضابط من إسقاط الطبيب للتهم عنه.

خرج أوس مع جواد والمحامي وقد كلم وتين لتخبر مرام بأنهما قادمين، ثم نظر لأوس متسائلًا: أين سيارتك؟

رد أوس بانطفاء: بقيت أمام المستشفى.

عقب جواد بهدوء: أعطني المفتاح وسأرسل أحدهم لإحضارها ووضعها أمام بيتك.

أعطاه أوس المفتاح وركب سيارة جواد وانطلقا إلى بيت وتين، ليقول جواد بجدية: هل ستبقى هكذا؟ هل ستدعها تراك بهذا الشكل؟ هذا سيدمرها وسينهي أي أمل لها بأنها من الممكن أن تكون بخير.

رد أوس بحرقة وألم: ماذا أفعل؟ أنا أحترق من الداخل.

عقب أوس بجدية وبعض الحدة: كن لها رجلًا وسندًا ... دعها ترى أن بوسعها الاتكاء عليك ... دعها تشعر بأن هناك أمل في شفائها ... كن قويًا لتستمد قوتها منك وتجابه مرضها ... انهيارك واستسلامك بهذا الشكل سيزيد حالتها سوءًا ... سنصل بعد قليل وخلال هذه الدقائق فكر جيدًا ... هل تريد أن تكون لها سندًا ومصدر قوة أم ستجلس وتبكي بجانبها كي تنهار هي الأخرى وتستسلم؟!

.......................

شكرت مرام أهل وتين على استقبالها دون موعد واعتذرت منهم على الإزعاج، ثم خرجت برفقة وتين لتنتظر وصول أوس أمام المبنى. ربتت وتين على كتفها وابتسمت قائلة: لقد مرَّ الأمر بسلام فاهدئي يا مرام.

ردت مرام بغيظ: سأحاسبه في البيت ... بقي أن يتشاجر ويذهب إلى أقسام الشرطة.

وصلت سيارة جواد وما أن رآها أوس حتى سارع بالخروج من السيارة مهرولًا نحوها، وباغتها بعناق قوي حتى شعرت بالألم.

وقف جواد يتحدث مع وتين مانحًا إياهما بعض الخصوصية أما أوس فقد كان يحاول تمالك نفسه حتى سمعها تهمس له قائلة: أوس! نحن في الشارع ... دعني.

تمالك نفسه أخيرًا وابتعد راسمًا ابتسامة على شفتيه وهو يقول: لقد اشتقت إليك بجنون بعد أن غبت عنكِ لبضع ساعات.

عقدت حاجبيها وقالت بحنق: حسابي معك في البيت ... هل أنت بلطجي أم مراهق كي تتشاجر بهذا الشكل وتقبض عليك الشرطة يا أوس؟

صمت ولم يعقب على كلامها، ثم ودعت وتين مرام وعادت إلى المبنى في حين قال جواد: هيا لأوصلكما.

انطلق جواد بسيارته وسط صمت مطبق من الثلاثة وما أن دخلت مرام المنزل بدأت بخلع نقابها وحجابها وهي تزرع الأرض غضبًا بخطواتها متوجهة لغرفة النوم أما هو فقد توقف ينظر في إثرها، ويحاول تمالك نفسه كي لا ينهار أمامها، ويفكر ماذا سيقول لها كي تهدأ. أخذ نفسًا عميقًا، ثم دخل الغرفة خلفها، فوجدها قد خلعت فستانها وبقيت أمامه بكنزة قطنية وسروال ضيق كانت ترتديهما أسفل الفستان. نظرت له بحدة وقالت بغضب: كيف لك أن تفعل هذا؟ هل بقي أن تتشاجر مع الناس وتضربهم يا أوس؟! ألم تفكر بي وبمدى قلقي عليك عندما أعلم؟! ماذا لو لم يتنازل الرجل عن الشكوى؟!

بقيت تفرغ غضبها وقلقها عليه في وجهه وهو لا يفعل سوى أنه يحدق بوجهها ويتذكر كلام الطبيب، وفكرة أنه قد يخسرها ولن يراها مجددًا تحرق روحه. لم يشعر بنفسه إلا وهو يقطع المسافة المتبقية بينهما بسرعة ويطبق على شفتيها بقوة ونهم، ويبث في قبلته كل المشاعر التي يختبرها الآن من حب وخوف وشوق وألم.

استغربت هي ردة فعله هذه، ولكن قربه منها بات له مفعول السحر فرغم التشتت والتخبط الذي تعيشه بسببه إلا أنها لا تستطيع إبعاده، ولم تدرك بأنها رفعت يديها لتطوق عنقه وتخلل أناملها في شعره مما جعله يفقد صوابه أكثر وهو يشعر باستجابتها له رغم أنها استجابة خجولة ومفتقرة للخبرة.

أبعد يديه عنها إلا أنه لم يترك شفتيها وشق قميصه فتناثرت أزراره، ثم ألقى به أرضًا، وفعل الشيء ذاته بكنزتها القطنية فاتسعت عيناها وأبعدته، لتتساءل بأنفاس متلاحقة: ماذا تفعل؟

طوق خصرها بذراعه وجذبها إليه قائلًا: لا تخافي ... لن نصل للنهاية ... لكنني أحتاج إليك بشدة ... أرجوكِ يا مرام.

نبرته الراجية الحزينة لامست قلبها وأصابتها بالحيرة ولم تترك لها مجالًا للرفض، فحملها مجبرًا ساقيها على تطويق خصره ووضعها على السرير برفق وشرع يجردها من ثيابها وهو مستمر بتقبيلها وإغداقها بكلمات الحب والغزل والاحتياج في حين كانت هي تغوص مستمتعة بهذه المشاعر التي يغمرها بها.

.............................................

كانا عائدين من إحدى جولاتهما على متن قارب ما إلى الفندق المطل على نهر النيل. ما أن دخلا الجناح حتى ألقت بجسدها على السرير بتعب وسعادة في الوقت ذاته. خلع سترته وحذاءه وهو يحدق بها مبتسمًا لرؤيتها سعيدة أما هي فقد اعتدلت بجلستها على السرير تخلع حجابها بكسل واضح، فقال محاولًا إغاظتها: هيا بدلي ملابسكِ لننزل إلى الصالة الرياضية.

اتسعت عيناها وهتفت باستنكار: أي رياضة هذه الآن؟ أنا منهكة يا زين ... لن أذهب لأي مكان.

رفع كتفيه وقال بعدم مبالاة: أنت حرة ... سأذهب وحدي ... بالتأكيد سأجد أحدًا يتمرن معي.

احتدت نظراتها وانتفضت من مكانها ووقفت أمامه وهي تخلع معطفها وتلقي به على السرير بغضب قائلة: تقصد تلك الصفراء الشمطاء التي تشبه عود تنظيف الأسنان، أليس كذلك؟

لم يتمالك زين نفسه وانفجر ضاحكًا على هذا التشبيه مما زاد غيظها، فضربته بقبضتها على صدره ليتأوه بخفوت قائلًا: باتت يدك ثقيلة يا حور.

ابتسمت بتهكم قائلة: بسبب التمارين التي تجبرني عليها ... ستبرز عضلاتي بعد قليل.

ابتسم بمكر وطوق خصرها قائلًا: لا تقلقي لديك مدرب ماهر ... ألم تلاحظي كيف بات جسدك مشدودًا وأكثر جمالًا وإغراءً من قبل؟!

ضمت شفتيها لتمنع ظهور ابتسامتها فهذا حقيقي وهي سعيدة بذلك خاصة بعد أن زاد وزنها قليلًا في الفترة التي كانت عاجزة فيها عن المشي إلا أنها تظاهرت بالضيق والحنق قائلة: هل هذا يعني بأنني لم أكن أعجبك من قبل يا سيد زين؟ كل هذا لأن وزني ازداد قليلًا؟!

ابتسم بمكر وهو يمرر يديه على جسدها بجرأة وقال: هل حقًا تصدقين بأن إعجابي بك قد يقل إن زاد وزنكِ يا حور؟!

ردت حور بتردد قائلة: كانت تمر فترات ويزداد فيها وزني رغم أنني لا آكل كثيرًا وليس لي عادات أكل سيئة ... ماذا لو حقًا زاد وزني مجددًا؟! ... أو حدث حمل ولم أستطع إنزال وزني بعد الولادة وبات هناك عيوبًا في جسدي؟!

طوق خصرها بذراعه وأمسك بذقنها لترفع رأسها وتنظر إليه، ثم قال: في حال نسيتِ ما قالته الطبيبة لكِ من قبل فإن نقص الحديد والفيتامينات الأساسية في جسمك هي سبب في نقص الحرق وزيادة الوزن وكذلك عدم حصولك على النسبة الكافية من الألياف وغيرها بما أن معظم الطعام الذي تأكلينه يعتمد على الكربوهيدرات. حاولت من قبل جعلك تلتزمين بوجبات صحية رغم أنكِ لا تحبينها وكانت النتيجة هي تعرضك للتسمم، ولكنني لا أريد فعل ذلك الآن، ولن أحرمكِ من أي شيء تحبينه، لكن في المقابل حاولي أكل الفواكه والسلطات والمكملات الغذائية التي يحتاجها جسمك. عدا عن هذا الرياضة كانت من أجل عضلاتك ومساعدتك على استعادة قدرتك على الحركة بشكل طبيعي يا حور وليس من أجل الوزن وأنتِ تعلمين هذا جيدًا، أليس كذلك؟

أومأت له بنعم، ثم أردف قائلًا: وقلنا بأن تمارين الدفاع عن النفس هي كي تتمكني من حماية نفسك في حالات الخطر، أليس كذلك؟

أومأت له من جديد بنعم، ثم قوست شفتيها بإحباط متسائلة: لقد بدأ الأمر بمزحة، فلم بات الحديث جديًا هكذا؟!

وضع يده على وجنتها قائلًا: ربما بدأته بمزحة يا حور، لكن في أعماقك شككتِ بالأمر. أنا لا يهمني سواكِ يا حبيبتي ولا أريد لموضوع الشكل ومعايير الجمال البالية التي وضعها الناس أن تؤثر بكِ.

طأطأت حور رأسها من جديد وقد أدرك ما دار في ذهنها، ليردف بجدية قائلًا: ولا أريد رؤية الحزن في عينيك مجددًا كلما عُرِض عليكِ أمر ما لا تستطيعين قبوله بسبب هذا.

أنهى جملته وهو يشير لندبتها فقد حدث وأن عرضت عليها موظفة في الفندق أن تجرب الذهاب لقسم التدليك، ولكنها رفضت ورغم الابتسامة التي رسمتها على شفتيها إلا أنه لاحظ حزنها بسبب ذلك فهي لا تستطيع الذهاب إلى مركز تجميل ولا إلى مركز تدليك أو التواجد بشكل مريح في أي تجمع أو مناسبة نسائية دون حجابها لكي تخفي ندبتها هذه.

بقيت صامتة على حالها، فأمسك بيدها وجذبها نحو الحمام قائلًا: لنأخذ حمامًا دافئًا ونصلي، ثم سأمنحك أفضل تدليك في العالم بأسره.

ابتسمت رغمًا عنها وتبعته وبعد أن جلس كلاهما في حوض الاستحمام يستمتعان بالمياه الساخنة قال بتردد وهو يجذبها لتسند ظهرها ورأسها على صدره:

- حوري! هل موضوع ندبتكِ يزعجكِ لهذا الحد؟

- سأكون كاذبة إن قلت "لا" ... أنا أتعايش معه وربما نسيته، ولكن هناك مواقف تجدد الألم بداخلي رغمًا عني ... سواء كانت مواقف عفوية مثل تلك الموظفة أو نظرات الشفقة وربما الشماتة من الناس.

- عندما كنا في ألمانيا اقترح طبيبك إجراء عملية تجميل لتحسين نفسيتك، لكنني رفضت لأنني كما تعلمين لا أكترث لهذا الأمر وظننتكِ تجاوزتِه أيضًا.

- في السابق كنت أفكر في الأمر ... أقصد قبل سنوات عديدة ... لكن بما أنها مكلفة وربما أحتاج لعدة عمليات صرفت النظر لأنني رأيت بأن تأسيس مشروع خاص بي أهم ولاحقًا عندما يتحسن الحال أجريها.

- لماذا لم تطلبي ذلك عقب زواجنا؟

- لا أدري ... ربما لأنني شعرت بأنني لا أحتاج إليها ... لأنك تراني جميلة رغم كل شيء.

- هذا صحيح وطالما أنكِ واثقة من ذلك فلا أريد رؤية الحزن في عينيكِ مجددًا بسبب موقف كهذا، اتفقنا؟

- اتفقنا.

..............................................

كانت مستكينة بين ذراعيه وهو لا زال يضمها بعد أن أوقف نفسه بصعوبة بالغة عن إتمام زواجهما وقد تملكه الذعر من ردة فعلها، ولكنها فاجأته بهدوئها على عكس المرة السابقة فهي لم تبكي، بل بقيت صامتة مغمضة العينين كأنها لا زالت تحاول استيعاب كمية المشاعر التي غمرها بها.

شعر بالقلق عليها خاصة أنها لا زالت تتنفس بشكل سريع، فتساءل بقلق: حبيبتي، هل أنتِ بخير؟ هل أنتِ نادمة وغاضبة مني؟ قولي شيئًا ... اشتميني واضربيني إن شئتِ ... قلت بأنني لن أضغط عليك، ولكنني فعلت ... أنا آسف جدًا.

همست وهي لا تزال تغمض عينيها: لا ... أنا فقط ... أشعر بالخجل.

ابتسم وقد تهلل وجهه بسعادة غامرة وفي هذه اللحظات سمعا صوت أذان العشاء، ففتحت عينيها وشهقت وهي تعتدل بجلستها، ليقول متسائلًا: ماذا؟ ماذا هناك؟

رمقته بغيظ وصفعته على كتفه قائلة: لم أصلِّ المغرب ... بسبب وقاحتك هذه.

تمسكت بالغطاء تواري به جسدها وانحنت تبحث عن ملابسها على الأرض -أو ما تبقى منها- بعد تمزيقه لها بينما كان هو يرمقها باستمتاع وهي تتذمر بصوت منخفض، لتتفاجأ به ينحني فوقها ويطبع قبلات رقيقة على ظهرها، فاستكانت من جديد وأغمضت عينيها وهي تقول بارتباك: أريد أن أغتسل ... وأصلي.

رد عليها برجاء من بين قبلاته المحمومة: دعينا هكذا ... لمزيد من الوقت ... وأعدكِ أن نغتسل ونصلي معًا.

استدارت بين يديه لتقابله وسألته باندهاش: حقًا؟ هل ستصلي معي يا أوس؟

ابتسم ليخفي حزنه وخوفه قائلًا: أجل يا حبيبتي ... سنصلي معًا.

دفن رأسه في عنقها وحاولت أن تقاوم المشاعر التي تغرقها في سيول عشقه، لتتساءل قائلة: هل تفعل هذا كي لا أسألك عن الشجار؟

رفع رأسه ونظر لها قائلًا: لا ... بالطبع لا ... أنا فقط كنت أحتاج إليك بشكل جنوني ولم أستطع السيطرة على نفسي، وبالكاد منعت نفسي من إتمام زواجنا فقط كي لا تحزني وتندمي.

تعلم هذا جيدًا فقد رأته كيف انتزع نفسه عنها بصعوبة بالغة رغم أنها كانت مستسلمة له بشكل تام، وتدرك مدى صعوبة الأمر على رجل مثله لم يحدث وأن قيد غريزته خاصة في مرحلة كهذه. صمتت للحظات، ثم قالت: أخبرني ماذا حدث إذًا؟

ابتعد عنها واعتدل بجلسته على السرير وجذبها هي الأخرى لتجلس مثله، ثم أمسك بيدها وقال: لقد خرجت من الشركة لأن طبيبك هاتفني ... ذهبت إليه وقال ... أنه حدثت مشكلة واختلطت عينات التحاليل خاصتك بعينات آخرين ... وهناك مشكلة كبيرة يحاولون حلها، لذا يردون إعادة إجراء جميع التحاليل وكذلك عملية المنظار من جديد ... غضبت بالطبع وضربته وحدث ما حدث.

دهشت مرام قائلة باستنكار: إنه مستشفى كبير ... كيف يمكنهم ارتكاب خطأ كهذا؟!

رفع كتفيه دلالة على عدم المعرفة، ثم قال: بعد أن ظننا أن معاناتك انتهت دمروا كل شيء ... سآخذك لأفضل مستشفى وأفضل أخصائي لأنني لن أحتمل رؤيتك تعانين لوقت أطول ... وكنت أفكر بأن نترك جميع الحمقى هنا ونذهب إلى مختص في الخارج ... سيكون ذلك أضمن وأسرع.

رمقته بحيرة قائلة: في الخارج؟! لكن هذا يحتاج إلى سفر ومال كثير وأيضًا لدينا عمل هام هذه الفترة يا أوس.

ازدرد ريقه ورسم ابتسامة مقتضبة على شفتيه قائلًا: لا شيء أهم منكِ يا حبيبتي ... كما أن البرنامج الذي أعمل عليه ليس له موعد معين، ولسنا ملزمين بأي عقود من أجله بعد أما بالنسبة لعملك يمكنهم أن يوظفوا المزيد من المصممين ... ما رأيكِ؟

أشاحت بوجهها عنه، ثم قالت: الأمر مكلف يا أوس ... يمكنني الذهاب لمستشفى أفضل ومتابعة العلاج ... لمَ عساك تتكبد دفع مبالغ طائلة؟!

ضم شفتيه محاولًا التحكم بانفعاله وقال: لنعتبره شهل العسل الذي لم نذهب إليه يا حبيبتي ... من ناحية تتعالجين بشكل أفضل ومن ناحية أخرى نتنزه ... ما رأيكِ؟

صمتت للحظات تفكر في الأمر، ثم قالت: ما دمت مصرًا ولن يسبب غيابنا ضرر في العمل فلا بأس ... لكن لا تلمني لاحقًا على ما ستدفعه من مال.

ضحك بخفوت وضمها إلى صدره وهو يقول في نفسه: لو كان بوسعي دفع عمري لتكوني بخير لفعلت يا حبيبتي.

.................................

في اليوم التالي وصل جواد إلى الشركة ودخل مكتب المصممات ليطمئن على وتين وليرى كيف حال مرام، فوجدها تعمل بشكل طبيعي. توجه إلى أوس وأخذه إلى مكتب حور بما أنها ليست متواجدة وتساءل بجدية قائلًا:

- ألم تخبرها بعد؟

- لا ... لم أستطع.

- وماذا قلت لها بشأن شجارك مع الطبيب؟

- كذبت ... قلت لها بأن العينات اختلطت بعينات أشخاص آخرين ويجب إجراء جميع الفحوصات من جديد، لذا غضبت وضربته.

- لمَ فعلت ذلك؟ كيف لك أن تكذب عليها وأنت تدرك حاجتها الماسة لبدء العلاج؟!

- ماذا أفعل؟ كيف سأخبرها بشيء ما زلت لا أستوعبه ولا أفهمه؟!

- وماذا ستفعل الآن؟ إلى متى ستخفي عنها أمر مرضها؟

- بدأت بإعداد الأوراق لجواز السفر لها وسأبحث عن أفضل مستشفى لنسافر.

- سأساعدك لتجهيز الأوراق بأسرع وقت ممكن، وسأسأل لك عن أفضل مستشفى.

- شكرًا لك.

غطى أوس وجهه بيديه وقد انسابت دموعه بصمت أما جواد فقد كان يتسائل في نفسه إن كان الحصول على فرصة الوداع أفضل من الفقد المفاجئ أم أنه أكثر صعوبة لأنه سيراها تموت أمامه بشكل بطيء؟! كلاهما مؤلم للغاية وهو يشعر بما يمر به أوس الآن.

......................................

في مساء اليوم وصل زين وحور إلى القصر يحملان الهدايا للجميع، ولم ينسيا حتى الطفلين المنتظرين. بينما كانوا يتناولون العشاء معًا قالت أم يزيد: ليتنا دعونا أوس وزوجته لتناول العشاء معنا ... لم نقم بدعوتهما منذ زواجهما.

ابتسم يزيد قائلًا: يوم الجمعة قريب يا أمي وسنتناول جميعنا الطعام هنا.

عقب زيد ممازحًا: أنا لا زلت أحاول تقبله بعد زواجه، ولكنه يغيظني في كل الأحوال. دمه ثقيل على قلبي.

ضحك الجميع عدا جواد في حين عقبت ليان: والله هو شخص حنون ولطيف لقد كان لي الأخ الكبير حقًا ... وسعيدة أنه بدأ يصلح من نفسه.

عقبت حنان: الحب يفعل المعجزات كما يقولون، فمن كان يصدق أن رجلًا مثل أوس يقع في حب فتاة مثل مرام ويتزوجها؟! لقد أحسنت تأديبه هذه الفتاة.

ترك جواد الشوكة والسكين من يده وقال بهدوء: البارحة أخرجت أوس من قسم الشرطة بعد أن ضرب طبيبًا.

تنبه الجميع لحديثه والتفتوا إليه، ليتساءل زين بقلق: ضرب طبيبًا؟! لماذا؟ ليس من عادته أن يستعمل العنف.

أخذ جواد نفسًا عميقًا وقال: لم يستطع التحكم بانفعاله عندما أخبره الطبيب بأن زوجته مريضة وبقي لها بضعة أشهر في هذه الحياة.

ذهل الجميع مما قاله وتباينت ردود أفعالهم التي عكست صدمتهم وحزنهم عليهما، ليكمل جواد: زوجته لا تعلم بشيء حتى الآن وأنا أساعده بالانتهاء من إجراءات السفر ليأخذها للعلاج في الخارج.

انسابت دموع حور، فربت زين على ظهرها ونظر لجواد قائلًا: سأجد أفضل مستشفى وسأتكفل بعلاجها كاملًا.

مسحت حور دموعها ونظرت لجواد متسائلة: ما مدى سوء حالتها؟

هز جواد رأسه بالنفي قائلًا: لا أعلم ولا أظنه هو يعلم كونه لم يناقش حالتها مع الطبيب. تعاملوا معها بشكل طبيعي ريثما يخبرها هو بنفسه.

بدأ الجميع يدعو لها بالشفاء والأكثر تأثرًا كانت حور بما أنها الأقرب لها منهم.

......................................

في اليوم التالي وصل زين وحور إلى الشركة حيث سأل الموظفة إن كان أوس ومرام قد وصلا لترد بالنفي، فعقب قائلًا: ما أن يصلا دعيهما يدخلا مكتبي.

ثم نظر إلى حور متجاهلًا رد الموظفة يدعوها لدخول مكتبه أما حور فقد اشتعلت عيناها بغضب عارم وهي تسمع صوت الموظفة المليء بالدلال المبالغ به، وابتسامتها ونظراتها لزين، فنظرت حور لزين وابتسمت بغضب قائلة: اسبقني وسأتبعك بعد لحظات.

بالكاد أخفى زين ابتسامته وهو يرى غيظها من هذه الموظفة نظرًا لشعورها بالغيرة عليه، ثم توجه إلى مكتبه بهدوء وتوراى خلف الحائط ليسمع ما سيحدث بينهما.

اقتربت حور من الموظفة بخطوات هادئة وهي ترمقها من رأسها حتى أخمص قدميها بنظرات مشتعلة، ثم تغيرت تعابير وجهها وتساءلت بجدية مصطنعة: في كل مرة كنت أكذب نفسي وأقول لنفسي أنني أتحدث بلهجة مختلفة، لذا أجد الأمر غريبًا، لكن على ما يبدو أنه حقيقي.

ارتبكت الموظفة وتساءلت قائلة: ماذا تقصدين سيدتي؟

عقدت حور ذراعيها أمام صدرها وأكملت بنفس الطريقة: هل لديكِ مشاكل بالنطق؟ أقصد أن مخارج الحروف لديك غريبة حقًا حتى شكل فمك أثناء الحديث ... لا أدري ... هل كنت تعانين من صعوبة بالنطق أثناء في طفولتك؟

عقدت الموظفة حاجبيها باستغراب وضيق في الوقت ذاته قائلة: لا ... لا شيء من هذا القبيل ... نطقي طبيعي للغاية.

هزت حور رأسها برفض تام وعقبت قائلة: ليس طبيعيًا على الإطلاق ... أنصحك بمراجعة أخصائي للنطق ليخلصك من مشكلة ... تمييع الحروف.

قالت حور كلمتها الأخيرة وقد اختلفت نبرة صوتها وتعابير وجهها لتتحول إلى شيء من الحدة والتحذير لدرجة جعلت الموظفة تشعر بالرهبة منها. اقتربت منها حور وقالت بحدة دون رفع صوتها وقد بدا الغضب واضحًا عليها: إن سمعتكِ تتحدثين بهذا الأسلوب مع زوجي خاصة أو أي أحد هنا عامة بهذه النبرة الرخيصة المقززة فأنا أؤكد لكِ بأنكِ لن تبقي بعدها دقيقة واحدة في هذه الشركة. كلامك يكون بحدود وبنبرة محترمة، وعيناك تكون في الأرض أمام زوجي، هل فهمتِ؟

همت الموظفة بالحديث، فقاطعتها حور بسرعة: يستحسن أن تكوني فهمتِ كي لا تخسري عملكِ.

استدارت حور لتغادر، ثم توقفت والتفتت للموظفة قائلة: لا تحتاجين إلى تنبيه آخر بشأن ملابسك فقد فعل ذلك زوجي من قبل وهذا الحديث لن يتكرر بيننا لأنه سيكون الأخير، مفهوم؟

أومأت الموظفة برأسها إيجابًا، ثم أكملت حور سيرها ليسارع زين بالوقوف خلف باب مكتبه المفتوح وما أن دخلت حور حتى أغلقه وانقض على شفتيها بقبلة قوية ومطوقًا خصرها بين ذراعيه ورغم أنها دهشت من فعلته هذه إلا أنها سرعان ما طوقت عنقه بذراعيها مستسلمة لطوفان مشاعره.

فرق قبلتهما أخيرًا وقال بأنفاس لاهثة: قطتي الشرسة.

أدركت من كلمته بأنه سمع حوارها مع الموظفة، فابتسمت وتساءلت بمكر: كنت تسترق السمع؟

همهم وقال بعبث: لنقل بأنني كنت فضوليًا تجاه ردة فعل زوجتي عندما تغار عليّ.

ضمت حور شفتيها، ثم تساءلت بدلال وهي تمرر يديها على ياقة قميصه: وهل أزعجك الأمر أم ماذا؟

ابتسم زين وغمزها قائلًا: لقد تأخرتِ في ردة فعلك ... توقعت منك نتف شعرها منذ أول يوم.

ضحكت حور، ثم قالت: سامحك الله يا زيني ... هل أبدو لك عنيفة لهذه الدرجة؟

قلب زين شفتيه وقال بمشاكسة لطيفة: لنقل بأنني كنت أود رؤيتك كيف ستتصرفين عندما تسيطر عليك الغيرة.

ردت حور وهي تداعب لحيته النامية بأناملها: لم أختبر هذا الشعور إلا معك، لذا فأنا كنت أحاول التحكم في نفسي كي لا أتسبب بأي مشكلة في الشركة، ولكن طفح الكيل. إنها مستفزة للغاية.

ضحك زين، ثم همس أمام شفتيها: ألن تدعينا نجرب الغرفة قبل أن نهدمها وننتقل للطابق الجديد.

ابتسمت حور ورفعت حاجبيها بمعنى النفي وقالت: لا تحلم بذلك.

ألصقها زين بالحائط وهو يهمس أمام شفتيها: لا تكوني واثقة لهذه الدرجة ... تعلمين بأنه لا يمكنك الصمود أمامي ... ولو كنت أريد ذلك حقًا فلن يكون بوسعكِ الاعتراض.

همت بالرد، لكنه ابتلع ردها في جوفه بعد أن التهم شفتيها من جديد. بعد لحظات أخرجهما من غيمتهما الوردية طرقات على الباب، فاضطرا لتفريق تلك القبلة الضارية وكل منهما يحاول هندمة نفسه قبل أن يأذن زين للطارق بالدخول.

جلست حور على الأريكة ووجهها يشتعل خجلًا فلا بد من أن يفقدا صوابهما في المكان والزمان غير المناسبين، ولا تدري الآن بأي وجه ستقابل أوس الذي لن يخفى على خبير مثله ما كانا يفعلانه. دخل أوس ومعه مرام واستقبلهما زين بحرارة في حين نهضت حور وعانقت مرام، وبالكاد تماسكت كي لا تذرف الدموع أمامها.

تبادل أربعتهم الحديث في مواضيع مختلفة وخاصة بشأن رحلة زين وحور الأخيرة إلى أسوان، ليعقب زين في النهاية طالبًا منهما الذهاب إلى هناك لأن المكان أجمل مما كان يتخيل، ليعقب أوس بجدية: بما أننا نتحدث عن السفر فأنا أردت إخباركما بأنني سأسافر مع مرام خلال أيام ... أعلم بأننا اتفقنا على المشروع الجديد، ولكن لا يوجد موعد نهائي لتسليمه بعد، ويمكنني العمل عليه من هناك ... وأيضًا ...

نظر أوس لحور وأردف قائلًا: لقد حضرت لكِ ملفات بعض المصممين الأكفاء لتختاري من بينهم بما أن مرام ... ستغيب لفترة عن العمل.

ارتعشت شفتا حور محاولة تمالك نفسها كي لا تبكي، فظنت مرام أنها غاضبة مما جعلها تقول بلطف: لقد فاجأني أوس بأمر السفر صدقيني ... أعلم بأننا نمر بفترة ضغط ... لكن إن شئتِ بوسعي العمل عن بعد إن كان هناك ما يستدعي ...

قاطعتها حور وهي تمسك بيدها وتربت عليها بلطف قائلة: لا داعي لتبرري يا مرام ... من حقك أخذ إجازة طويلة لترتاحي وتمرحي فأنا أعلم جيدًا ما يعنيه ضغط العمل وما يفعله بالشخص ... كما أنني كنت أفكر بتوظيف مصممين جدد على أي حال حالما نجهز المكان الجديد ... فليكن ذلك أبكر بقليل إذًا.

ابتسمت مرام ورغم أن نقابها يخفي ابتسامتها اللطيفة إلا أن حور رأتها في عينيها، لتبتسم هي الأخرى، ثم أردفت بمزاح: كلميني دائمًا عقب سفرك، وإن أزعجكِ أحدهم أو ضايقك ما عليكِ إلا إخباري وسأكون عندكِ على الفور لأاعاقبه بنفسي.

رد أوس على مزاحها بالمثل وهي ترمقه بطرف عينيها كونها تقصده بهذا الكلام:أنا بريء ولطيف لا يمكنني مضايقة نملة حتى ... هيا يا مرام لنذهب إلى عملنا ... لقد بدأت محاضرة المرأة الخارقة ضد الرجل المسكين.

ضحك الجميع، ثم نهض وأمسك يد مرام متوجهين إلى مكتبهما في حين انسابت دموع حور، فسارع زين للجلوس بجانبها: اهدئي يا حور ... لقد تعمدت أن نتقابل معًا كي لا تنفردي بها وحدكِ وتشك بتصرفاتك.

مسحت حور دموعها قائلة بحزن: بالكاد تمالكت نفسي ... أنا خائفة عليها يا زين ... لا أريد أن أفقدها.

ضمها زين بين ذراعيه وقبل رأسها قائلًا: ستكون بخير بإذن الله ... سندعو الله كثيرًا أن يشفيها.

...............................

ترك يدها لتدخل إلى مكتبها، فلاحظ عدم وجود وتين وسلمى مما جعله يدخل معها، ثم تفاجأت به يغلق الباب، فالتفتت له وتساءلت بريبة: لمَ أغلقت الباب؟

ابتسم بمكر وجذبها من يدها بقوة وألصق ظهرها بالباب، ثم أنزل نقابها وقال بعبث: لم أتناول طعام الفطور اليوم.

عقدت حاجبيها باستفهام، ثم باغتها بانقضاضه الشرس على شفتيها بطريقة مختلفة عما سبق بث فيها خوفه عليها وعشقه لها فكانت قاسية بعض الشيء. بدأت تشعر بالاختناق من قبلته، وتدفعه في صدره بيديها ليبتعد دون جدوى وهو غافل عما يدور في ذهنها، وما تذكرته من أفعاله مع الموظفات في ذلك المخزن. ابتعد عنها على مضض عندما شعر بحاجتها الماسة للهواء، فوجد دموعها منسابة على وجنتيها ووجهها الأبيض الجميل مخضب بالحمرة، فقال بلهفة وقلق: حبيبتي ... هل أنتِ بخير؟ ... تنفسي بهدوء.

رمقته بغضب وألم لتقول بحرقة وهي تضربه بقبضتها على صدره: أنا لست مثلهن ... لا تفعل ذلك مجددًا في مكان كهذا ... ابتعد عني.

دفعته بقوة ليبتعد عن طريقها، ثم خرجت مسرعة متوجهة إلى الحمام كي تهدئ نفسها قبيل وصول زميلتيها. أما هو فقد بقي يعنف نفسه ويصفها بالغباء وقد أدرك أنه بفعلته هذه ذكرها بما كانت قد بدأت تتناساه.

لم يعد يدري ماذا يفعل، ففضل الوقوف أمام الحمام بانتظار خروجها وبعد دقائق خرجت وجسدها بأكمله يرتعش، ولكن يبدو من عينيها ووجهها بأنها كانت تبكي. رمقته بحنق وتجاهلته متوجهة إلى مكتبها إلا أنه أوقفها وقال برجاء: سامحيني على غبائي ... لم أتخيل أن تفكري بهذه الطريقة ... مرام أنا أحبكِ وأعشقك بجنون ومن المستحيل أن أسمح لكِ بمقارنة نفسك بـ...

ضم شفتيه وصمت، فبمَ عساه يصف اللواتي كان يمضي معهن علاقات عابرة؟! وأي اشمئزاز ستشعر به هي عقب ذلك؟!

جذبت يدها من يده بوهن يتملك جسدها وهي تقول: دعني الآن من فضلك ... لا طاقة لي على الحديث والنقاش.

قطع طريقها وضمها إليه بقوة، ثم ألصق جبينه بخاصتها وهو يهمس برجاء وندم: أنا آسف ...سامحيني ... لا تحزني ولا تغضبي مني يا حبيبتي ... أرجوكِ.

انهمرت دموعها من جديد ولم يعد لديها طاقة حتى لدفعه أو إبعاده عنها، لتقول بألم وحرقة: ابتعد من فضلك يا أوس ... لا تدع أحدًا يرانا هكذا ... أرجوك.

اجتمعت الدموع في عينيه وابتعد عنها قليلًا يمسح دموعها وهو يقول بألم: حسنًا ... سأبتعد وأفعل كل ما تريدينه ... لكن اهدئي ولا تبكي ... لم يحدث شيء يستحق دموعكِ هذه يا روحي ... اهدئي وحسب.

حاولت أن تهدأ قليلًا وبدأت تأخذ أنفاسها بروية، ثم وضع النقاب على وجهها قائلًا: سأحضر لكِ شيئًا تأكلينه مع مشروب ساخن ... هل تريدين شيئًا معينًا يا حبيبتي؟

هزت رأسها نافية وقد ذبلت عيناها، فتنهد بتعب وضيق من نفسه، ثم خرج متوجهًا إلى كافتيريا الشركة.

..................................

أوقف حازم سيارته أمام مطعم رنا وسارعت صغيرته للخروج مهرولة للداخل وهي تنادي على رنا. تفاجأت رنا ووالدتها برؤية الطفلة ووالدها الذي لم يحضر منذ أيام إلا أن رنا سارعت بفتح ذراعيها لتعانق "آيسل"، وحملتها بين ذراعيها تقبلها بحنان حقيقي، ثم نظرت لحازم الذي كان يرمقها بجمود وربما حرجأو غضب، لا تدري، ولكنها ليست النظرات التي اعتادتها منه. دعته أمها للجلوس مرحبة به، ثم عاتبته على غيابه إلا أنه تعذر بانشغاله بعمله.

كل هذا تحت أنظار رنا التي كانت تتجاهل وجوده تمامًا وتركز على هذه الطفلة الجميلة التي بين يديها، وكلماتها اللطيفة التي تخبرها بها كم اشتاقت لها وماذا فعلت في الأيام الماضية، ليقول حازم أخيرًا بجمود كأنه يبرر قدومه إلى هنا: آيسل أصرت على رؤيتكِ فقد تعلقت بكِ في الفترة الماضية، لذا اضطررت لأخذ إذن لمدة ساعة من عملي كي أحضرها.

ردت الأم عندما لم ترد ابنتها على حازم وانشغالها بالحديث مع الطفلة قائلة: جيد أنك أحضرتها فقد اشتقنا لها نحن أيضًا.

ابتسم حازم باقتضاب وبدأ يرتشف قهوته التي أحضرته أم رنا بهدوء وهو يجاهد نفسه كي لا ينظر لرنا التي اشتاق إليها بشدة؛ فهو حتى الآن لم يحسم أمر الصراع الذي بداخله.

مضى بعض الوقت ونظر حازم لساعته، ثم هب واقفًا وهو يقول لآيسل بجدية: هيا بنا لنغادر ... سأعيدك إلى المربية وأعود لعملي.

التفتت نحوه الطفلة وقد كسا الحزن وجهها وقوست شفتيها، ثم تمسكت برنا بكل قوتها قائلة: لا أريد ... دعني أبقى هنا مع رنا.

هتف حازم بحدة: كفاكِ دلالًا ... بقيت تصرخين وتبكين، ولم تتناولي طعامكِ، وأزعجتِ مربيتك فقط كي تأتي إلى هنا وأحضرتكِ ... اتفقت معكِ على أنها ساعة فقط وقد انتهت، ويجب أن أعود لعملي ... هيا تعالي إلى هنا.

انسابت دموع الطفلة وهزت رأسها برفض قاطع وهي تتمسك بحضن رنا، فاقترب منهما وأمسك بيد ابنته ليجذبها من حضن رنا التي تجلس أمامه على الكرسي والطفلة بين ذراعيها. عند هذا الحد أمسكت بيده وهتفت بحدة وشراسة هي الأخرى كأنها أم تدافع عن ابنتها: دعها وشأنها ... كيف لك أن تتحدث مع طفلة صغيرة بهذه اللهجة وهذه الطريقة؟! ... هل تحسبها في عمرك أم ماذا؟!

احتدت نظراته أكثر وتفاقم الغضب الذي يحاول كبته بداخله تجاه كل شيء إلا أنه تجاهل رنا، وهم بأخذ ابنته من بين ذراعيها بالقوة وهو يأمرها بأن تطيعه إلا أن رنا انتفضت من مكانها وهي تتمسك بالطفلة بكل قوتها وصرخت به قائلة: ابتعد عنها ... هل جننت؟! ... أنت تخيفها.

سارعت رنا بإعطاء الطفلة لأمها، ثم جذبت حازم من ذراعه بقوة وسحبته خلفها نحو غرفة صغيرة ضيقة في زاوية المطعم الداخلية والتي يضعون فيها المؤونة اللازمة للطهي وإعداد الطعام. أدخلته وأغلقت الباب، ثم بدأت توجه له لكمات في صدره وهي تقول من بين أسنانها بغضب وحرقة وألم والدموع قد بدأت تنذر بالهطول من عينيها: كيف لك أن تتحدث بهذا الشكل مع طفلة في الرابعة من عمرها؟! كيف؟! إن كنت غاضبًا مني فواجهني ... لا تفرغ غضبك بابنتك الصغيرة ... إن لم تعد تريدني وأصبحت تشمئز مني فهذا حقك، ولكن لا ذنب للطفلة ... أفرغ غضبك بي وليس بها.

عند آخر جملة انهمرت دموعها وطأطأت رأسها، فأمسك بذراعيها ودفعها ليلتصق ظهرها بالحائط خلفها مثبتًا يديها إلى جانبي رأسها، ثم قال من بين أسنانه: أنا غاضب منكِ ومن نفسي ومن الظروف التي لم تجمعني بك قبل أن ترتكبي أكبر خطأ في حياتك ... أشعر بأن روحي تحترق لأنني لأول مرة أجرب الحب وعذابه بهذا الشكل ... تمنيتك كما لم أتمنى شيئًا من قبل ... أردتك أن تكوني زوجتي ولي وحدي ... كنت أنوي أن أجعلك ملكة وأقدم لك الحب والسعادة ... لكنكِ ... رضيتِ بزواج سري دمر حياتكِ وجعلكِ سلعة تباع وتشترى ... مهمتكِ إمتاع الرجال لتنفيذ مهام ذلك الوغد.

كانت كلماته كالأسهم التي تصيب قلبها مباشرة وتمزقه إربًا، فأجهشت بالبكاء غافلة عن ذلك الذي بات كالمجنون ولا يستطيع التحكم بنفسه، وشيطانه يوسوس له بأنه إن كانت قد سمحت لغيره الاستمتاع بها، فلمَ لا يستمتع هو أيضًا بجمالها الذي أسره من الوهلة الأولى؟!

تفاجأت به ينقض بغتة على شفتيها يلتهمهما بعنف وهمجية بحتة كأنه يصب جم غضبه عليها. ثبت يديها فوق رأسها بقبضته ويده الأخرى كانت تستبيح جسدها بهمجية وجنون محض كأنه يقول كان يجب أن يكون هذا حقي وحسب، فلمَ سمحت لغيري بلمسه؟!

بكاؤها وانهيارها وكذلك قوته الجسدية كانت تجعلها عاجزة عن الحراك بشكل تام، وما أن ترك شفتيها منحدرًا نحو عنقها ومقدمة صدرها كانت هي تطلب منه التوقف باكية حتى هتفت قائلة: توقف وابتعد عني قبل أن أصرخ وأفضحك.

عاد لوعيه ورفع رأسه عنها ونظر في عينيها بارتباك، وخفف قبضته عن يديها تدريجيًا وهو يقول بتلعثم: رنا ... أنا ...

ما أن تحررت يديها حتى صفعته بكل قوتها وقالت من بين أسنانها: ظننتك مختلفًا ... رجلًا بحق ... لكنك محض حيوان قذر مثلهم.

أحكمت سترتها على جسدها لتخفي آثار هجومه الضاري، ثم خرجت مسرعة نحو الحمام الذي يقع بجوار هذه الغرفة وأجهشت بالبكاء أما هو فقد كان يحاول استيعاب فعلته الشنيعة هذه، ولا يدرك كيف له أن يقدم على تصرف كهذا. أخذ أنفاسًا عميقة وهندم نفسه، ثم خرج من الغرفة، ليجد أم رنا جالسة وطفلته في حضنها وما أن رأته رمقته بعتاب وقالت: دع الطفلة تبقى هنا يا بني ... ليست أول مرة تبقى معنا ... إنها تمرح برفقة بناتي وتلعب معهن.

أومأ لها بالموافقة ورأسه منكس بخزي من فعلته، ثم اقترب من ابنته التي انكمشت في حضن أم رنا خوفًا من أن يأخذها، فمسح على رأسها وقال بحنان: آيسل ... يا قمري الجميل ... آسف لأنني صرخت عليكِ ... لا تغضبي مني اتفقنا ... سأترككِ هنا ريثما أنهي عملي.

التفتت له الطفلة وقد ابتسمت بحماس متسائلة: حقًا؟! سستمح ببقائي هنا؟

ابتسم حازم بحنان قائلًا: نعم يا حبيبتي ... لكن كوني فتاة عاقلة ... اتفقنا؟

أومأت له برأسها موافقة بحماس، فابتسم، ثم ودعهم وخرج مسرعًا وهو لا يريد أن يفكر بأي وجه سيقابل رنا عندما يعود لأخذ ابنته مساء اليوم.


......................................................

ترقبوا أحداث مثيرة ستكون تقريبًا الأحداث الأخيرة في الرواية

🔶 نزولًا عند رغبتكم لن تموت مرام 😇

⭐⭐⭐ لا تنسوا التصويت ⭐⭐⭐



Lanjutkan Membaca

Kamu Akan Menyukai Ini

28.7K 926 37
المقدمه.🖤 عنيده و قويه لا تهوي الرجال تعشق الحريه ول تحب التحكمات قوي قاسي غاضب دائما متملك لا يقدر يقف أحد امامه ابدا ي تري كيف هيجمعهم القدر و...
1.2M 19.6K 40
وحشٍ قاتل كالأسد مفترس لا يعرف إلا القسوة الجميع بالنسبة له ولا شيء، يشعر أنه ملك العالم وانتابه شعور أن الحياة أصبحت تحت أقدامه جعلها أسيرته منذ أ...
163K 3.7K 19
لماذا كل من احب يبتعد عني لماذا انا دائما سيئة الحظ لقد كرهت كرهت الحب انه من فعل بي هذا وانت لماذا اتيت ايضا هل تريد الموت انا لا اريد الاذيه لإحد...
31.6K 1.9K 51
هي :تعرضت لحادثة مؤلمة قلبت حياتها وغيرت شخصيتها. هو :تعرض لطفولة قاسية ، جعلته قاسي القلب بارد المشاعر . جمعهما القدر في الماضي لتتولد مشاعر الحب...