الفصل 10 (طريق النهاية)

381 10 8
                                    

كان زين يرهق نفسه في العمل كعادته كلما صعبت عليه الأمور وتزاحمت في صدره الهموم. كلما أراد أن ينسى ويتجاوز يحدث شيء ويجعله يستعيد ذكريات الماضي بكل ما فيها من سوء وألم. شعوره بأنه دائمًا هو الطرف الذي يبذل ويعطي ويتجاوز عن الكثير في أي علاقة يشعره بالسوء من نفسه أكثر من استيائه من الطرف الآخر. أدرك بأنه لن يستطيع تغيير طبيعته هذه، وبأنه قد لا يكون محظوظًا بإيجاد المرأة التي تمنحه الحب والاهتمام الذي يستحقه، لذا قرر التخلي حتى عن المحاولة ونسيان أمر الزواج برمته.

طرقت مساعدته زينة الباب ودخلت قائلة: سيد زين ... الجميع بانتظارك في قاعة الاجتماعات ... طلب مني السيد يزيد إبلاغك.

تنهد زين بتعب وقال: أخبريه أن يبدأ من دوني ... لن أتمكن من حضور هذا الاجتماع لأنني سأخرج بعد إنهاء مراجعة هذه الأوراق لأذهب إلى الشركة الأخرى.

أومأت زينة له باحترام وهمت بالخروج، فأوقفها وطلب منها بلطف فنجانًا من القهوة، فابتسمت وأومأت له بالموافقة. عادت زينة بعد دقائق ووضعت فنجان القهوة أمامه وقالت بتردد: سيد زين، هل يمكنني أن أسألك شيئًا؟

رفع زين نظره عن الأوراق نحوها وقال: تفضلي.

ردت زينة بحرج قائلة: هل قمت بتوظيف مساعدة أخرى لك في الشركة الجديدة أم أنك ستوظفني هناك؟

ألقى زين بثقل رأسه على الكرسي وقال: آه ... نحن لم نتحدث بشأن الشركة الجديدة بعد ... زينة أنا لم أوظف مساعدة لي هناك بعد ... بالطبع أتمنى لو كنتِ أنتِ لأنكِ ذكية وماهرة في عملك ... لكن إن فعلت فهذين الاثنين سيدمران الشركة في غضون أيام ... أنا أعتمد عليك لرعايتهما.

ابتسمت زينة وهي تراه يشبهها بجليسة أطفال لأخويه البالغين، ثم قطبت حاجبيها قائلة: هذا يعني بأنك ستوظف مساعدة غيري.

ضم زين شفتيه وقد شعر بأنها مستاءة من الأمر، فقال: الشركة جديدة ولست بحاجة لمساعدة في الوقت الحالي. أنا أقوم بالعمل بأكمله بنفسي. وظفت عددًا قليلًا جدًا من الموظفين للمناصب المهمة وحسب. ما رأيك بأن نحضر موظفة لتقومي بتدريبها؟

ابتسمت زينة قائلة: أدربها كي تبقى هنا وأنا آتي معك؟ أنا موافقة.

تفاجأ زين من اندفاعها وابتسم بتعجب يحاول إخفاءه، واكتفى بإيماءة من رأسه بالإيجاب، فبدا عليها الابتهاج والحماس حيث قالت: هل أجهز الإعلان؟

لم يستطع سوى موافقتها على ما تريده محرجًا، ثم توجهت نحو الباب مسرعة وإذا بها تتوقف في منتصف الطريق وتلتفت نحوه قائلة: إن أتت السيدة ندى مجددًا سأخبرها بأنك لست موجودًا طالما أن حضورها يزعجك ولا يجعلك تبتسم.

اتسعت عيناه بذهول فهذه أول مرة يلاحظ جرأتها التي ربما حتى هي لم تلاحظها لقوة مشاعرها نحوه. هي معجبة به منذ أن وقعت عيناها عليه في أول يوم لها في الشركة. حاولت ثني نفسها عن التفكير به كونه كان متزوجًا حينها، ولكن عندما علمت بطلاقه تغلغل الأمل إلى نفسها بأنه قد يكون لها يومًا ما رغم سوء حالته في تلك الفترة.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now